د. أحمد رمضان رئيس مجلس الإدارة
الماء له أهمية كبيرة في حياتنا وفي حياة كل الأحياء قال تعالي ( وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ) الأنبياء ، 30، وإن ما تمر به مصر الآن من مشكلة سد النهضة في أثيوبيا لهو شيء خطير فمصر طيلة تاريخها الطويل تعتمد علي نهر النيل في الشرب والزراعة وكل نواحي الحياة ، فالاعتماد الأساسي في مصر علي نهر النيل حيث لا توجد مصادر أخري في مصر غير نهر النيل ، فتعتمد مصر علي نهر النيل بنسبة تزيد علي 90% من احتياجها للماء .
ولابد من إتحاد جميع المصريين حول هدف واحد هو عدم الإضرار بنا في حصتنا من نهر النيل ونترك الخلافات جانبا وأن نثبت جميعا أننا وطنيون ونحب بلادنا ونعمل من أجلها .
وبين لنا القرآن الكريم أهمية الماء:
وردت كلمة ماء في القرآن الكريم نكرة ومعرفة أكثر من 50 مرة، وردت كلمات (الماء، المطر، الأنهار، العيون) أربع عشرة ومائتي مرة وقد تحتوي الآية نفسها على أكثر من صنف منها.
ولا شك أن ذكر الماء بهذا العدد الكبير إنما يدل على أهميّة الماء بالنسبة لكل الكائنات الحيّة وعلى رأسها الإنسان. فالماء هو أصل الحياة بل هو الحياة وهو أساس نشأة الحضارات والدول وهو أيضا سبب رئيسي من أسباب الصراعات والنزاعات بين الأفراد والقبائل وبين الدول والشعوب.
وقد وقف العلماء والمختصون طويلا أمام خصائص المياه وفوائده لصحة الإنسان ووجوده على قيد الحياة، وقد علم الإنسان منذ القدم أنه لا حياة بدون الماء؛ لذلك ظهرت الحضارات وازدهرت في أماكن تواجده. قال تعالى {وَاللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ} (النحل، 65) وقد لفتت الآية التالية الأنظار إلى هذه الحقيقة الظاهرة كآية دامغة على قدرة الله تعالى وأحقيته بأن يعبد دون غيره {أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ} (الأنبياء، 30) والماء هو المعروف أي خلقنا من الماء كل حيوان أي متصف بالحياة الحقيقية . ويؤيده قوله تعالى : { والله خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مّن مَّاء} (النور، 46}
ولما أصاب أيوب عليه السلام الضر دعا ربه الشفاء، قال الله تعالى {وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ. ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ} (ص،42) هل تمثل الآية معجزة للنبي أيوب عليه السلام؟ أم أن شرب الماء والاغتسال به في حالات معينة وظروف خاصة يعتبر علاجا من بعض الأمراض؟.
وللماء أهمية كبيرة في توازن جسم الانسان:
يقوم الماء بوظائف عديدة هامة وحيوية للمحافظة على استمرار الحياة وتتلخص فيما يلي :
1- يعتبر الماء هو الوسط الذي يذوب فيه وتنتقل بواسطته جميع عناصر الغذاء من عضو لآخر حيث تؤدي وظائفها .
2- يسهل عمليات الهضم والامتصاص والاخراج .
3- يحافظ على مستوى الضغط الأسموزي بداخل وخارج الخلايا عند الحد الطبيعي .
4- يقوم بعملية التوازن داخل الجسم (التوازن الالكتروني).
5- يقوم بدور هام في المحافظة على ثبوت درجة حرارة الجسم عند حدها الطبيعي
ففي الأجواء الحارة وعند شعور الشخص بارتفاع درجة الحرارة لإصابته بحمى مثلاً..
يحدث عملية التعرق التي ترطب الجلد وتوازن درجة حرارته وتؤدي إلى انخفاضها..
6- يحمل الماء المواد الضارة أو السامة للجسم والناتجة عن التمثيل الغذائي عن طريق الكليتين ليتخلص منها على هيئة بول مثل البولينا والحامض البولي وغيرها .
7- يقوم الماء بدور الملين للمواد الغذائية فيسهل عملية مضغها لوجوده باللعاب وبالتالي بلعها وهضمها .
8- بواسطة الماء داخل القناة الهضمية تسهل عملية الإخراج وتخلص الجسم من الفضلات .
9- يعتبر الماء عنصراً هاماً في عملية بناء الخلايا ويساعد على سرعة التئام الأنسجة عند إصابتها بالجروح أو الأمراض ..
والخلاصة أن الماء نعمة وثروة وهو سبيل لتحصيل الأجر والثواب سواء كان ذلك في الطهارة أو في الحفاظ على الحياة وجعلها تطيب وتهنأ، فالماء هو أصل الحياة وسبب بقائها لا بدّ من الحفاظ عليه وحمايته ووقايته من كل تلوث أو إفساد أو إسراف، فالإسلام دين الإعتدال والقصد وقد أجاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحابي الذي تساءل باستغراب أفي الوضوء إسراف؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقول ] نعـم ولو كنت علـى نهـر جـار[.
إن في المحافظة على المياه والإقتصاد في استعمالها ضمان لدوام الإستفادة منها وتجنّب للندرة في هذه المادة الأساسية وفي ذلك أيضا ضمان لتواصل بذل المعروف بالماء وابتغاء الأجر بالماء. فقد عدّ حفر بئر أو اتخاذ الماجن لري العطاش من الصدقة الجارية، كما أن الله تبارك وتعالى يعطي أجر الصائم لمن فطّر صائما على جرعة ماء وأخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه هنالك من استحق دخول الجنة لسقيه كلبا.
وأن التكاتف والاتحاد بين أبناء الشعب المصري الآن وفي هذه الظروف الحالكة واجب شرعي يحتم علينا أن نتفاني من أجل خدمة بلادنا وقضيتنا الوطنية وأن ننبذ الخلافات والصراعات السياسية ، وأن نجعل لنا هدفا واحدا هو إرضاء الله في أعمالنا وأن نخلص فيها لله رب العالمين.
والله ولي التوفيق
د. أحمد رمضان
رئيس مجلس الإدارة