حيرة المرأة بين الزواج والحب
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئا ت أعمالنا, من يهده الله فهو المهتدي ومن يضلل فلا هادي له , و أشهد أن لا أله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .
أما بعد..
العلاقة بين الرجل والمرأة وما طبع الله تعالى في كل منهما من صفات وخصائص تجعل لا غنى للرجل عن المرأة ولا غنى للمرأة عن الرجل لأن كل منهما يكمل الآخر , ويكون ذلك بالزواج الشرعي وليس عن طريق الحب والرومانسية بين شاب وشابة في الجامعات والمعاهد وأماكن العمل التي يكثر فيها الاختلاط بين الجنسيين ,ويقولون في العلاقة الحميمة جدا بينهما زمالة أو صداقة بريئة أو ماأشبه ذلك ؟ وما هو إلا من تلبيس إبليس ؟
ونري في دنيا الناس مئات من الأفلام والقصص والراويات التي تمجد هذا الحب بين رجل وامرأة وتحث عليه فضلاً عن مئات الأشعار والأغاني التي تدعوا إلى الحب والعشق !أو قل الإباحية والفسق .
نعم..لقد صار التقاء رجل بامرأة أجنبية عنه تحت عنوان الحب أمر عادي لا يثير العجب والدهشة ! بل هو رومانسية وشجن ولحظات سمو وعاطفة نبيلة ومشاعر جميلة إلى آخر هذه الهلوسة العقلية .
فإذا ماخلا المحبوب بمحبوبته كان ثالثهما الشيطان ,وعندما تفوح رائحة الخطيئة وتنتفخ بطون النساء بالحرام فالحجة هي الحب , والله تعالي يقول :
( وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّك تَتَّقُونَ {153( ( الأنعام 153 )
فهل هذا ما أوصانا به ربنا أن ندعوا للحب والرومانسية والفجور والإباحية .. الخ..,
ومن ثم فإن الزواج آية من آيات الله وقهراً لكيد إبليس في الوقوع فيما حرم الله.
ولكن قبل أن يمن الله علي المراة بالزواج له-لعنه الله -عشرات من المكائد التي يلبس فيها علي المراة حتي يترسب في عقلها جهلاً حجج لا أساس لها من الشرع من ذلك:
– قولها مازالت صغيرة علي الزواج …
– وقولها لابد من تكميل تعليمي أولاً…
– وقولها أريد رجلاً بمواصفات خاصة…
– وأيضا قولها لا أحب من تقدم لي وأحب غيره, وما شبه ذلك..
وكل هذه المعاذير والحجج من تلبيس إبليس ولا تسمح مساحة هذه المقالة في بيانها و الرد عليها ولكن كلها من الممكن رد تلبيس إبليس بشأنها في أمرين أجمالاً:
الأمر الأول: طاعة النبي صلي الله عليه وسلم في قوله” إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد قالوا يا رسول الله وإن كان فيه قال إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه ثلاث مرات “- أخرجه الترمذي وحسن الألباني إسناده في غاية المرام ح/219 وهو في الإرواء ح/1868
أختاه.. إن كانت هذه هي وصية النبي صلي الله عليه وسلم فلا ريب أن الدين والخلق الحسن أساس كل اختيار ومن لا دين له ولا خلق فلا مكان له في حياتك .ز وما أجمل ما قاله الحسن لرجل سأله فقال : إن لي بنتا فمن تري أن أزوجها , قال : زوجها ممن يتقي الله فإن أحبها أكرمها وان ابغضها لم يظلمها .
نعم يا أختاه.. الدين ثم الدين ثم الدين ..عندئذٍ يتحسر الشيطان وتردين تلبيسه في نحره وحذار مما يفعله بنات جنسك اللواتي غرهن المال والحسب والنسب والحب عن الدين وكلها صفات تسعد المراة ولاشي فيها ولكن إن لم يهيمن علي هذه الصفات دين يردعه عن الزهو بماله ,ويردعه عن الكبر لحسبه ونسبه ,ويردعه عن استغلال وسامته في التغرير بالنساء فلا خير فيه ,ولا تعيري طلبه أو التفكير فيه ادني اهتمام فهو قطعاً لا يريدك كزوجة وإنما كوجهة اجتماعية
وسوف يحيل حياتك معه فيما بعد إلي عذاب يومي دائم.
فضعي نصب عينيك الدين والخلق الحسن, وتذكري دوماً إنه سيكون أباً لأبنائك وفرداً من عائلتك يختلط بهم ويعيش معهم في السراء والضراء ويطلع علي مشاكلهم وربما أسرارهم وقد يتصرف بحكمة وعقلانية لحل هذه المشكلة أو تلك فيعود لك الفضل وتفخرين به أمام اهلك , أو يتصرف برعونة وعصبية فيزيد المشاكل تعقيدا فينقلب الأمر عليك ويضرك تصرفاته , والأمر في النهاية راجع لاختيارك أياً كان ..
-الأمر الثاني : أن الزواج نعمة من الله تعالي وتأجيله دعوة لفتنة النفس وهلاكها والكلام والقول أن الزواج المبكر خطأ بشرط الدخول بعد البلوغ وليس قبله قول يرده ما ثبت في الصحيحين من قصة زواج عائشة –رضي الله تعالي عنها..قالت :
أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم تزوجها وهي بنت ست سنين وأدخلت عليه وهي بنت تسع سنين ومكثت عنده تسعا -“أخرجه البخاري في النكاح ح/5133, ومسلم نحوه ح/1422 واللفظ للبخاري
وأنتِ ليس أفضل من عائشة رضي الله عنهاومن يتقدم للزواج منك ليس كالنبي صلي الله عليه وسلم في طاعته لله تعالي ,مع العلم أن بعض النساء في ذلك الوقت وفي هذه البيئة تبلغ الحيض وهي بنت تسع سنين أي امرأة بالغة حتي لا تظني أن النبي دخل بطفلة وحاشاه صلي الله عليه وسلم أن يفعل ذلك-
– قال الشوكاني في -نيل الأوطار (6/179): وفي الحديث أيضا دليل على أنه يجوز تزويج الصغيرة بالكبير وقد بوب لذلك البخاري وذكر حديث عائشة وحكى في الفتح الإجماع على جواز ذلك . قال ولو كانت في المهد لكن لا يمكن منها حتى تصلح للوطء.اهـ
ثم يجوز أن أردت تكميل تعليمك بعد الزواج فليس هناك ما يمنع البتة ولك أن تشترطي ذلك قبل الزواج وهذا جائز شرعاً لقوله – صلى الله عليه وسلم – : (إن أحق الشرط أن يوفى به ما استحللتم به الفروج ) –أخرجه أبي داود و صححه الألباني في الإرواء ح/1892
وأضيف لذلك أن اشتراطك تكميل تعليمك يجب الوفاء به لأنه لا يخالف الشرع البتة لا في القران ولا في السنة بل فيهما الحث علي طلب العلم ويكفي ويشفي للتدليل علي ذلك قوله تعالي: ( وقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً (114) –طه
وبعد أختاه…أن الإسلام لا يحرم ما يجيش في صدرك من مشاعر الحب تجاه الجنس الأخر ولهذا يبيح الإسلام للمرأة كما أباح للرجل أن تبين لوليها رغبتها بالزواج بمن تحبه وتشعر تجاهه بالراحة ولكن يردعها دينها وحياءها من معصية الله بالخلوة به أو الكلام معه ونحو ذلك ..
وإنما هو شعور داخلي لا يعلم به إلا الله تعالى وليس هذا عيباً وأن خالف العادات والتقاليد التي تعارف عليها الناس لأنها مردودة أن خالفت تعاليم الدين والدليل علي ذلك ما رواه البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما قال 🙁 عندما مات زوجها – يقصد أخته
حفصة أم المؤمنين رضي الله عنها – خنيس بن حذافة في بدر أراد أبوها عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن يزوجها قال : ” فلقيت عثمان بن عفان فعرضت عليه حفصة فقلت إن شئت أنكحك حفصة ؟ فقال : سأنظر في ذلك , فلبثت ليالي فلقيني فقال : ما أريد أن أتزوج يومي هذا , قال عمر : فلقيت أبا بكر فقلت إن شئت أنكحك حفصة . فلم يرجع إلى شيئاً فكنت أوجد عليه منى على عثمان , فلبث ليالي فخطبها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنكحتها إياه فلقيني أبو بكر فقال : لعلك وجدت علي حين عرضت علي حفصة فلم أرجع إليك شيئاً ؟ قال : نعم .
قال : فإنه لم يمنعني أن أرجع إليك شيئاً حين عرضتها علي إلا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكرها ولم أكن لأفشي سر رسول الله صلى الله عليه وسلم لو تركها لنكحتها ) – أخرجه البخاري فى المغازى ح/ 4005
أختاه ..هل زالت حيرتك بين الحب والزواج وأصبحت علي يقين بالحق وما بعد الحق إلا الضلال أحسبك كذلك والله حسيبك
والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل
وكتبه/ الكاتب والداعية الإسلامي المصري سيد مبارك