خطبة الجمعة القادمة 13 سبتمبر 2024م بعنوان : وُلِـدَ الـهُـدى فَـالكائِناتُ ضِياءُ ، للشيخ كمال المهدي ، بتاريخ 10 ربيع الأول 1446هـ ، الموافق 13 سبتمبر 2024م.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 13 سبتمبر 2024م بصيغة word بعنوان : وُلِـدَ الـهُـدى فَـالكائِناتُ ضِياءُ ، للشيخ كمال المهدي
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 13 سبتمبر 2024م بصيغة pdf بعنوان : وُلِـدَ الـهُـدى فَـالكائِناتُ ضِياءُ ، للشيخ كمال المهدي
عناصر خطبة الجمعة القادمة 13 سبتمبر 2024م ، بعنوان : وُلِـدَ الـهُـدى فَـالكائِناتُ ضِياءُ ، للشيخ كمال المهدي.
١– ميلادُ النبيِّ ﷺ منّةٌ مِن اللهِ على عبادِهِ.
٢ – قدرُ النبيِّ ﷺ عندَ ربِّهِ..
٣ – واجبُنَا تجاهَ نبيِّنَاﷺ..
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 13 سبتمبر 2024م ، بعنوان : وُلِـدَ الـهُـدى فَـالكائِناتُ ضِياءُ ، للشيخ كمال المهدي ، كما يلي:
(وُلِـدَ الـهُـدى فَـالكائِناتُ ضِياءُ)
10 ربيع الأول 1446هـ -13 سبتمبر 2024م
إنّ الحمدَ للهِ، نحمدُهُ ونستعينُهُ ونستهديهِ ونستغفرُهُ، ونعوذُ باللهِ مِن شرورِ أنفسِنَا ومِن سيئاتِ أعمالِنَا، مَن يهدهِ اللهُ فلا مُضلَّ لهُ، ومَن يُضْلِلْ فلا هاديَ لهُ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ، وأشهدُ أنَّ مُحمدًا عبدُهُ ورسولُهُ. إلهي :-
ومــِــمَّــــــا زادنِي فـــخراً وتـيــهـــــــاً * وكــــــدتُ بأخمـــــــصِي أطأُ الـثريَّا..
دخولِي تحتَ قولِكَ يا عبادِي * وأنْ صـيَّرتَ أحــمدَ لِي نـبيَّــا..
فصلواتُ اللهِ عليهِ وعلى آلِهِ وصحبِهِ أجمعين..
أمَّا بعدُ :-
أحبتِي في الله: كلمَا هَلَّ علينَا هلالُ شهرِ ربيعٍ الأولِ ذكرنَا بأعظمِ ذكرَى وأنبلِ حدثٍ غَيَّرَ مجرَى التاريخِ، كان له أكبرُ الأثرِ في تغييرِ حياةِ البشريةِ … تُرَي أيّ حدثٍ هذَا ؟ !!
إنَّهُ ميلادُ سيدِ الخلقِ وحبيبِ الحقِّ سيدِنَا مُحمدٍ ﷺ… ذلكم الميلادُ الذي يُعدُّ ميلادَ أمةٍ.. ذلكم الميلادُ الذي يعدُّ بمثابةِ منّةٍ مِن اللهِ وفضلٍ، قالَ تعالى: – {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ} (آل عمران: ١٦٤).
تابع / خطبة الجمعة القادمة 13 سبتمبر 2024م : وُلِـدَ الـهُـدى فَـالكائِناتُ ضِياءُ
نعمْ واللهِ إنَّهُ نعمةٌ بل أعظمُ نعمةٍ فبهِ أنارَ لنَا الطريقَ وأخرجنَا مِن الظلماتِ إلى النورِ وهدانَا الصراطِ المستقيمِ.” فتعالُوا بنَا في هذه الدقائقِ المعدودةِ لنتحدثَ عن ميلادِ النبيِّ ﷺ وما أجملَ الحديثَ إذا كان عن رسولِ اللهِ وما أطيبَ اللقاءَ إذا كان مع رسولِ اللهِ ﷺ
وأبدأُ وأقولُ يعلمُ اللهُ إنِّي في حيرةٍ مِن أمرِي.. ماذا أقولُ عن حبيبِي وحبيبِكُم ﷺ.. مِن أينَ أبدأُ.. وعن ماذا أحدثُكُم.
هل أحدّثُكُم عن حَسَبِهِ ونَسَبِهِ؟
أم هل أحدّثُكُم عن صدقِهِ وأمانتِهِ؟
أم هل أحدّثُكُم عن حلمِهِ وعفوِهِ؟
أم هل أحدّثُكُم عن جودِهِ وكرمِهِ؟
أم هل أحدّثُكُم عن صبرِهِ وتضحيتِهِ؟
أم هل أحدّثُكُم عن زُهدِهِ وورعِهِ؟
أم هل أحدّثُكُم عن طُهرِهِ وعفافِهِ؟
أم هل أحدّثُكُم عن وفائِهِ وحيائِهِ؟
أم هل أحدِّثُكُم عن تواضعِهِ؟
فو اللهِ مهمَا تكلمتُ ومهمَا مدحتُ في رسولِ اللهِ ﷺ فلن أوفِي رسولَ اللهِ ﷺ حقَّهُ؛ لأنَّ الذي مدحَهُ هو اللهُ الذي زكَّى بصرَهُ فقالَ: (ما زاغَ البصرُ وما طغَى).
وزكَّى فؤادَهُ فقالَ:(ما كذبَ الفؤادُ ما رأَى).
وزكَّى منطقَهُ فقالَ:(وما ينطقُ عن الهوَى) .
وزكَّى عقلَهُ فقالَ: (ما ضلَّ صاحبُكُم وما غوَى) .
وزكَّى صدرَهُ فقالَ : (ألم نشرحْ لكَ صدرَكَ) .
وزكَّى ذكرَهُ فقالَ : (ورفعنَا لكَ ذكرَكَ) .
* وزكَّاُه “كلَّهُ” فقالَ : “إنّكَ لعلَى خُلقٍ عظيم”..
سيدِي يا رسولَ اللهِ:
يا مُصْطَفَى منْ قبْلِ نشْأةِ آدَمٍ والكوْنُ لمْ تُفْتَحْ لهُ أغْلاقُ
أيَرومُ مخْلوقٌ ثَناءَكَ بعْدَما أثْنَى علَى أخْلاقِكَ الخلاّقُ..
تابع / خطبة الجمعة القادمة 13 سبتمبر 2024م : وُلِـدَ الـهُـدى فَـالكائِناتُ ضِياءُ
وها هو رسولُ اللهِ ﷺ يذكرُ لنَا فضلَ اللهِ عليهِ وتكريمِهِ إيَّاهُ ،فقالَ كما جاءَ في سننِ الترمذِي «إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى مِنْ وَلَدِ إِبْرَاهِيمَ إِسْمَاعِيلَ وَاصْطَفَى مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ بَنِى كِنَانَةَ وَاصْطَفَى مِنْ بَنِى كِنَانَةَ قُرَيْشًا وَاصْطَفَى مِنْ قُرَيْشٍ بَنِى هَاشِمٍ وَاصْطَفَانِي مِنْ بَنِى هَاشِمٍ». ولهذا قال ابنُ عباسٍ: لم يكن بطنٌ مِن بطونِ قريشٍ إلّا ولرسولِ اللهِ ﷺ نسبٌ يتصلُ بهِم.. كما روي البيهقيُّ في سننِهِ والطبرانيُّ في معجمِهِ: أنَّ النبيَّ ﷺ قالِ: (خرجتُ مِن نكاحٍ ولم أخرجْ مِن سفاحٍ مِن لدن آدمَ إلى أنْ ولدَنِي أبي وأمي لم يصبْنِي مِن سفاحِ الجاهليةِ شيءٌ).. وفي صحيح البخاري عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «بُعِثْتُ مِنْ خَيْرِ قُرُونِ بَنِى آدَمَ قَرْنًا فَقَرْنًا، حَتَّى كُنْتُ مِنَ الْقَرْنِ الَّذِى كُنْتُ فِيهِ”.
سيدِي يا رسولَ اللهِ:
وأَحسنُ منكَ لم ترَ قطُّ عيني ** وَأجْمَلُ مِنْكَ لَمْ تَلِدِ النّسَاءُ..
خلقتَ مبرأً منْ كلّ عيبٍ ** كأنكَ قدْ خلقتَ كما تشاء..
أحبتي في اللهِ : لم يكنْ ميلادُ النبيِّ ﷺ ميلادًا عاديًّا كبقيةِ البشرِ، بل حدثتْ عندَهُ إرهاصاتٌ ومعجزاتٌ أظهرتْ قدرَ هذا المولودِ ومكانتِهِ ..
تابع / خطبة الجمعة القادمة 13 سبتمبر 2024م : وُلِـدَ الـهُـدى فَـالكائِناتُ ضِياءُ
فقد روى الحاكمُ في مستدركِهِ عن حسانِ بنِ ثابتٍ قال: (وَاَللَّهِ إنِّي لَغُلَامٌ يَفَعَةٌ، ابْنُ سَبْعِ سِنِينَ أَوْ ثَمَانٍ، أَعْقِلُ كُلَّ مَا سَمِعْتُ، إذْ سَمِعْتُ يَهُودِيًّا يَصْرُخُ بِأَعْلَى صَوْتِهِ عَلَى أَطَمَةٍ بِيَثْرِبَ: يَا مَعْشَرَ يَهُودِ، حَتَّى إذَا اجْتَمَعُوا إلَيْهِ، قَالُوا لَهُ: وَيلك مَالك؟ قَالَ: طَلَعَ اللَّيْلَةَ نَجْمُ أَحْمَدِ الَّذِي وُلِدَ بِهِ) وروى ابنُ إسحاق ، والحاكمُ في مستدركهِ : عن نفرٍ مِن أصحابِ رسولِ اللهِ ﷺ قالُوا لهُ: يا رسولَ اللهِ أخبرنَا عن نفسِكَ فقال: (دعوةُ أبي إبراهيمَ وبُشرى عيسَى عليهمَا السلامُ ورأَتْ أمِّي حينَ حملتْ بي أنَّهُ خرجَ منها نورٌ أضاءتْ لهُ قصورُ الشامِ واستُرضِعْتُ في بنِي سعدِ بنِ بكرٍ) ..ثم يحكِي رسولُ اللهِ ﷺ ما حدثَ لهُ مِن شقِّ صدرِهِ وهو عندَ مرضعتِهِ حليمةَ فيقولُ كما في صحيحِ السيرةِ النبويةِ، روى ابنُ إسحاق عن نفرٍ مِن أصحابِ رسولِ اللهِ ﷺ قالُوا لهُ: يا رسولَ اللهِ أخبرنَا عن نفسِكَ فقال: ( فبينا أنا في بَهمٍ أتاني رجلان عليهما ثيابٌ بِيضٌ معهما طَستٌ من ذهبٍ مملوءٍ ثلجًا فأضجعاني فشقَّا بطني ثم استخرجا قلبي فشقَّاه فأخرَجا منه علقةً سوداءَ فألقَياها ثم غسلا قلبي وبطني بذلك الثلجِ حتى إذا أَلقياه ردَّاه كما كان ثم قال أحدُهما لصاحبه زِنْه بعشرةٍ من أمَّتِه فوزنَني بعشرةٍ فوزنتُهم ثم قال زِنْه بمائةٍ من أمَّتِه فوزنني بمائةٍ فوزنتُهم ثم قال زِنْه بألفٍ من أمتِه فوزنني بألفٍ فوزنتُهم فقال دَعْه عنك فلو وزنتَه بأمَّتِه لوزنَهم).
ومِن تلكَ الإرهاصاتِ والدلائلِ: وجودُ معالمِ النبوةِ عليهِ، وكذلك وجودُ الختمِ على كتفِهِ ﷺ، يقولُ جابرُ بنُ سمرةَ: رأيتُ الخاتمَ عندَ كتفِهِ مثلَ بيضةِ الحمامةِ يشبهُ جسدَهُ”، وجاء ذكرُهُ في قولِ بحيرا الراهبِ لأبي طالبٍ عن النبيِّ ﷺ “وإنِّي أعرفُهُ بخاتمِ النبوةِ في أسفلِ مِنْ غُضْروفِ كَتِفِهِ مثل التفاحة“.
وفي سننِ الترمذِي..(خَرَجَ أَبُو طَالِبٍ إِلَى الشَّامِ وَخَرَجَ مَعَهُ النَّبِيُّ ﷺ فِي أَشْيَاخٍ مِنْ قُرَيْشٍ فَلَمَّا أَشْرَفُوا عَلَى الرَّاهِبِ هَبَطُوا فَحَلُّوا رِحَالَهُمْ فَخَرَجَ إِلَيْهِمُ الرَّاهِبُ وَكَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ يَمُرُّونَ بِهِ فَلاَ يَخْرُجُ إِلَيْهِمْ وَلاَ يَلْتَفِتُ. قَالَ فَهُمْ يَحُلُّونَ رِحَالَهُمْ فَجَعَلَ يَتَخَلَّلُهُمُ الرَّاهِبُ حَتَّى جَاءَ فَأَخَذَ بِيَدِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ هَذَا سَيِّدُ الْعَالَمِينَ هَذَا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ يَبْعَثُهُ اللَّهُ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ. فَقَالَ لَهُ أَشْيَاخٌ مِنْ قُرَيْشٍ مَا عِلْمُكَ فَقَالَ إِنَّكُمْ حِينَ أَشْرَفْتُمْ مِنَ الْعَقَبَةِ لَمْ يَبْقَ شَجَرٌ وَلاَ حَجَرٌ إِلاَّ خَرَّ سَاجِدًا وَلاَ يَسْجُدَانِ إِلاَّ لِنَبِيٍّ وَإِنِّي أَعْرِفُهُ بِخَاتَمِ النُّبُوَّةِ أَسْفَلَ مِنْ غُضْرُوفِ كَتِفِهِ مِثْلَ التُّفَّاحَةِ. ثُمَّ رَجَعَ فَصَنَعَ لَهُمْ طَعَامًا فَلَمَّا أَتَاهُمْ بِهِ وَكَانَ هُوَ فِي رِعْيَةِ الإِبِلِ قَالَ أَرْسِلُوا إِلَيْهِ فَأَقْبَلَ وَعَلَيْهِ غَمَامَةٌ تُظِلُّهُ فَلَمَّا دَنَا مِنَ الْقَوْمِ وَجَدَهُمْ قَدْ سَبَقُوهُ إِلَى فَيْءِ الشَّجَرَةِ فَلَمَّا جَلَسَ مَالَ فَيْءُ الشَّجَرَةِ عَلَيْهِ فَقَالَ انْظُرُوا إِلَى فَيْءِ الشَّجَرَةِ مَالَ عَلَيْهِ. قَالَ فَبَيْنَمَا هُوَ قَائِمٌ عَلَيْهِمْ وَهُوَ يُنَاشِدُهُمْ أَنْ لاَ يَذْهَبُوا بِهِ إِلَى الرُّومِ فَإِنَّ الرُّومَ إِذَا رَأَوْهُ عَرَفُوهُ بِالصِّفَةِ فَيَقْتُلُونَهُ فَالْتَفَتَ فَإِذَا بِسَبْعَةٍ قَدْ أَقْبَلُوا مِنَ الرُّومِ فَاسْتَقْبَلَهُمْ فَقَالَ مَا جَاءَ بِكُمْ قَالُوا جِئْنَا أَنَّ هَذَا النَّبِيَّ خَارِجٌ فِي هَذَا الشَّهْرِ فَلَمْ يَبْقَ طَرِيقٌ إِلاَّ بُعِثَ إِلَيْهِ بِأُنَاسٍ وَإِنَّا قَدْ أُخْبِرْنَا خَبَرَهُ بُعِثْنَا إِلَى طَرِيقِكَ هَذَا فَقَالَ هَلْ خَلْفَكُمْ أَحَدٌ هُوَ خَيْرٌ مِنْكُمْ قَالُوا إِنَّمَا أُخْبِرْنَا خَبَرَهُ بِطَرِيقِكَ هَذَا. قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ أَمْرًا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَقْضِيَهُ هَلْ يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ رَدَّهُ قَالُوا لاَ. قَالَ فَبَايَعُوهُ وَأَقَامُوا مَعَهُ قَالَ أَنْشُدُكُمُ اللَّهَ أَيُّكُمْ وَلِيُّهُ قَالُوا أَبُو طَالِبٍ فَلَمْ يَزَلْ يُنَاشِدُهُ حَتَّى رَدَّهُ أَبُو طَالِبٍ وَبَعَثَ مَعَهُ أَبُو بَكْرٍ بِلاَلاً وَزَوَّدَهُ الرَّاهِبُ مِنَ الْكَعْكِ وَالزَّيْتِ).
تابع / خطبة الجمعة القادمة 13 سبتمبر 2024م : وُلِـدَ الـهُـدى فَـالكائِناتُ ضِياءُ
حبيبِي يا رسولَ اللهِ:
ربَّاكَ ربُّكَ.. جلَّ من ربَّاكا *** ورعاكَ في كنفِ الهدى وحماكا
سبحانهُ أعطاكَ فيضَ فضائلٍ** لم يُعْطهَا في العالمين سواكا
سوّاك في خلقٍ عظيمٍ وارتقى**فيك الجمالُ.. فجلّ من سوَّاكا
سبحانهُ أعطاكَ خيرَ رسالةٍ *** للعالمينَ بهَا نشرْتَ هُداكا
وحباكَ في يومِ الحسابِ شفاعةً ***محمودةً.. ما نالها إلاّكا
اللهُ أرسلكُم إلينَا رحمةً ***ما ضلَّ مَن تَبِعتْ خطاهُ خُطاكا..
أحبتِي في اللهِ :
هذا هو رسولُنَا… هذا هو حبيبُنَا.. هذا هو قدوتُنَا.. هذا هو الذي أرسلَهُ اللهُ رحمةً للعالمين فهو الذي لم يرضَ ضررًا لأعدائِهِ الذين آذوهُ وهمُّوا بقتلِهِ بل قال: اللهُمَّ اهدِ قومِي فإنّهُم لا يعلمون.. فما بالكُم بحالِهِ مع أتباعِهِ وأحبابِهِ..
فينبغِي علينَا أنْ نُجِلَّهُ ﷺ ونقدرَهُ وأنْ نحبَّهُ أكثرَ مِن حبِّنَا لأنفسِنَا حتى يكتملَ إيمانُنَا فهو القائلُ في الحديثِ الذي رواهُ عنهُ أنسٌ رضي اللهُ عنه قال: قال رسولُ اللهِ ﷺ: (لا يُؤْمِنُ أحدُكم حتى أكونَ أحبَّ إليه من ولدِهِ ، ووالدِهِ ، والناسِ أجمعينَ) رواه البخاري، أي لا يكتملُ ولا يصحُّ إيمانُ الإنسانِ إلَّا بهذا القدرِ مِن الحبِّ.
فهذا عمرُ بنُ الخطابِ رضي اللهُ عنه يقولُ للرسولِ ﷺ: “لأَنْتَ أَحَبُّ إِلَىَّ مِنْ كُلِّ شَىْءٍ إِلاَّ مِنْ نَفْسِى “، فقال ﷺ: “وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ نَفْسِكَ”، ففكرَ عمرُ مليًّا ثم جاءَ لرسولِ اللهِ ﷺ فقال له: “فَإِنَّهُ الآنَ وَاللَّهِ لأَنْتَ أَحَبُّ إِلَىَّ مِنْ نَفْسِى“ فقالَ لهُ الرسولُ عليهِ السلامُ: “الآنَ يَا عُمَرُ”، أي الآنَ كَمُلَ إيمانُكَ.
ولقد ضربَ أصحابُ رسولِ اللهِ أروعَ الأمثلةِ في حبِّ رسولِ اللهِ ﷺ، فهذا ثوبانُ مولَى رسولِ اللهِ ﷺ كان شديدَ الحبِّ لهُ قليلَ الصَّبرِ عَنْهُ، فأتاه ذاتَ يومٍ وقد تغيَّر لونُهُ ونحلَ جسمُهُ، يُعرَفُ في وجهِهِ الحزنُ، فقالَ لهُ رسولُ اللهِ: «يَا ثَوْبَانُ مَا غَيَّرَ لَوْنَكَ»؟ فقالَ: يا رسولَ اللهِ ما بِي مِن ضُرٍّ ولا وجعٍ غير أنِّي إذا لم أَرَكْ اشتقتُ إليكَ واستوحشتُ وحشةً شديدةً حتى ألقاكَ، ثم ذكرتُ الآخرةَ وأخافُ ألَّا أراكَ هناك؛ لأنِّي أعرفُ أنَّك تُرْفَعُ مع النبيينَ، وأنِّي وإنْ دخلتُ الجنَّة كنتُ في منزلةٍ أدنَى مِن منزلتِكَ، وإنْ لم أدخلْ الجنَّةَ فذاكَ أحرَى ألَّا أركَ أبدًا، فأنزلَ اللهُ تعالَى: (وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقًا).
تابع / خطبة الجمعة القادمة 13 سبتمبر 2024م : وُلِـدَ الـهُـدى فَـالكائِناتُ ضِياءُ
وهذه امرأة مِنْ بَنِي دِينَارٍ، وَقَدْ أُصِيبَ زَوْجُهَا وَأَخُوهَا وَأَبُوهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِأُحُدٍ، فَلَمَّا نُعُوا لَهَا، قَالَتْ: فَمَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ؟ قَالُوا: خَيْرًا يَا أُمَّ فُلَانٍ، هُوَ بِحَمْدِ اللَّهِ كَمَا تُحِبِّينَ، قَالَتْ: أَرُونِيهِ حَتَّى أَنْظُرَ إلَيْهِ؟ قَالَ: فَأُشِيرَ لَهَا إلَيْهِ، حَتَّى إذَا رَأَتْهُ قَالَتْ: كُلُّ مُصِيبَةٍ بَعْدَكَ جَلَلٌ! ـ ” .
أحبتِي في اللهِ :
قُولُوا مَعِي فَخْرَاً لأَعْظَمِ مُرْسَلٍ بِالشَّرِّ نَدَّدْ *
إِنَّا نُحِبُّكَ يَا رَسُولَ الله حُبَّاً لا يُبَدَّدْ ..
فَلْتَشْهَدِي يَا أَرْضُ هَذَا وَالسَّمَا وَالكَوْنُ يَشْهَدْ…
واعلمُوا أحبتِي في الله : إنَّ المحبةَ الحقيقيةَ لرسولِ اللهِ ﷺ ليستْ مجردَ كلماتٍ يرددُهَا اللسانُ، أو دروسًا وخطبًا يتلوهَا الوعاظُ والخطباءُ، ولا يكفِي فيهَا الادعاءُ فحسب، بل لابدَّ أنْ تكونَ محبتُهُ عليهِ الصلاةُ والسلامُ ـ حياةً تُعاشُ، ومنهجاً يتبعُ، فكلُّنَا يدّعِي محبةَ اللهِ تعالى ، لكن هذه دعوةٌ تحتاجُ إلى دليلٍ، وقد كَثُرَ المُدَّعون ، والدليلُ على محبةِ اللهِ تعالى اتباعُ سنةِ رسولِ اللهِ ﷺ وهديهِ، قالَ تعالى: ( قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ) “[سورة آل عمران: ٣١] . فلا دعوى إلَّا بدليلٍ، ودعوى محبةِ اللهِ دعوى عريضةٌ يدَّعيهَا كلُّ إنسانٍ، لكنَّ الفَيْصَلَ الدقيقَ، والبرهانَ الساطعَ هو: اتباعُ هديِ النبيِّ ﷺ ، فإيَّاكَ أنْ توهِمَ نفسَكَ أنّكَ محبٌّ للهِ وأنت لا تتبعُ هديَ رسولِهِ ﷺ..
وإنِّي سائلٌ نفسِي وإيَّاكُم أينَ تلك المحبةُ في قلوبِ المسلمينَ والمسلماتِ اليوم؟ فشتانَ بينَ المحبةِ الصادقةِ وبينَ المحبةِ المزيفةِ المزعومةِ، فإنَّ المحبةَ الصادقةَ تقتضِي تحقيقَ المتابعةِ لرسولِ اللهِ وموافقتَهُ في ما يحبُّ وما يكرَهُ، فمَن أحبَّ الرسولَ محبةً صادقةً مِن قلبهِ وجبَ عليهِ أنْ يحبَّ بقلبهِ ما يحبُّهُ الرسولُ ويكرَهَ ما يكرهُهُ، أمَّا مَن ادعَى المحبةَ ثم هو مخالفٌ للهدىِ النبويِّ في واقعِ حياتِهِ فهو كاذبٌ فيمَا ادعَاهُ …
لَوْ كانَ حُبُّكَ صَادِقاً لأَطَعْتَهُ إنَّ الْمُحِبَّ لِمَنْ يُحِبُّ مُطِيعُ
تابع / خطبة الجمعة القادمة 13 سبتمبر 2024م : وُلِـدَ الـهُـدى فَـالكائِناتُ ضِياءُ
وفي الختامِ: أقولُ لكُم أحبتِي في الله : ينبغِي علينَا في هذه الأيامِ أيامِ مولدِ حبيبِنَا ﷺ أنْ نقبلَ على سيرتهِ العطرةِ نقرأُهَا ونعلمُهَا لأبنائِنَا حتى يعرفُوا نبيَّهُم فيكونُ ذلك أدعَي لاتباعِهِ والاقتداءِ بهديهِ .. لأنّنَا للأسفِ الشديدِ ابتعدنَا عن منهجِ نبيِّنَا والتخلقِ بأخلاقِهِ بسببِ فرطِ جهلِنَا بسيرتِهِ فكثيرٌ مِن الشبابٍ اليوم إلّا مَن رحمَ ربُّكَ لو سألتهُ عن نسبِ نبيِّهِ وعن سيرتِهِ وعن أخلاقِهِ وعن أعمامِهِ وآلِ بيتِهِ وعمَّا حدثَ معهُ لتَهْتَهَ في الكلامِ، وحارَ في الجوابِ، فكيفَ يقتدِي بمَن لا يعرفهُ؟
فالبدارَ البدارَ لنقبلَ في هذه الأيامِ على سيرةِ خيرِ الأنامِ نتدارسُهَا ونطبقُ ما فيهَا في حياتِنَا في بيوتِنَا في عملِنَا في شوارعِنَا مع جيرانِنَا وأصدقائِنَا وبهذا نكونُ احتفلنَا احتفالًا يليقُ بحبيبِنَا ويرضيهِ عنَّا ويرضَى عنَّا ربُّنَا…
***
أسألُ اللهَ تعالى أنْ يجعلنَا مِن الذينَ يستمعونَ القولَ فيتبعونَ أحسنَهُ، وأنْ يرزقَنَا المحبةَ الصادقةَ لحبيبِنَا ﷺ، وأنْ يجعلَنَا لسنتِهِ مِن المتبعين، ولهديهِ مِن المهتدين، اللهُمَّ آمين ياربَّ العالمين..
كتبه : الشيخ كمال السيد محمود محمد المهدي
إمام وخطيب بوزارة الأوقاف المصرية
_____________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف