خطبة الجمعة القادمة 8 أغسطس 2025 : لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ.. ومَا كَانَ الرِّفْقُ فِي شَيْءٍ إِلَّا زَانَهُ ، للشيخ خالد القط

خطبة الجمعة القادمة 8 أغسطس 2025 بعنوان : لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ.. ومَا كَانَ الرِّفْقُ فِي شَيْءٍ إِلَّا زَانَهُ ، للشيخ خالد القط ، بتاريخ 14 صفر 1447هـ ، الموافق 8 أغسطس 2025م.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 8 أغسطس 2025 بصيغة word بعنوان : لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ.. ومَا كَانَ الرِّفْقُ فِي شَيْءٍ إِلَّا زَانَهُ، بصيغة word للشيخ خالد القط
ولتحميل خطبة الجمعة القادمة 8 أغسطس 2025 بصيغة pdf بعنوان : لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ.. ومَا كَانَ الرِّفْقُ فِي شَيْءٍ إِلَّا زَانَهُ ، للشيخ خالد القط
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 8 أغسطس 2025 بعنوان : لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ.. ومَا كَانَ الرِّفْقُ فِي شَيْءٍ إِلَّا زَانَهُ ، للشيخ خالد القط ، كما يلي:
لا تغلوا في دينكم، فإن الرفق ما كان فى شىء إلا زانه
بتاريخ 14 صفر 1447هـ – 8 أغسطس 2025م
الحمد لله رب العالمين، نحمده تعالى حمد الشاكرين، ونشكره شكر الحامدين. وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت، وهو على كل شيء قدير، القائل في كتابه العزيز: ((فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ۖ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ)) سورة آل عمران (159)
وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وحبيبه، اللهم صل وسلم وزد وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، حق قدره ومقدره العظيم.
أما بعد
أيها المسلمون، فإن للنفس البشرية طبيعة خاصة، وطريقة متفردة، وذلك حتى يمكنك أن تؤثر فيها، وأن تستولى على القلوب، وأن تهواك النفوس، فهذه الأمور الثمينة لا يمكن أبداً أن تشترى بكنوز الدنيا، ولا يمكن لك أبداً أن تحصل عليها بالعنف ولا بالقوة، وإنما هو سبيل واحد يجعلك قريباً من قلوب العباد، ومن قبل العباد رب العباد، ألا وهو الرفق واللين والإحسان إلى الناس، ولله در القائل:
أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهُمُ * فطالما استعبد الإنسانَ إحسانُ
أيها المسلمون، إن المتأمل في كتاب الله تعالى، سيجد الرفق متجسداً في أبهى الصور وأزكاها، وذلك في أمثلة عديدة في القرآن الكريم، وذلك أن الرفق هو الشعار الذى يتمثل به جميع الأنبياء والمرسلين، فبالرفق واللين أمر الله نبيه موسى، أن يدعو فرعون، قال تعالى: ((فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَىٰ)) سورة طه (44)، بل تأمل معي جيداً أسلوب الخطاب، من خليل الرحمن إبراهيم مع أبيه، وهو يدعوه إلى عبادة الله الواحد الأحد، فبأسلوب رقيق لطيف محبب إلى النفس، هكذا يخاطب الابن إبراهيم أباه بكل رفق ولين، وقفت طويلاً أمام كلمة ( يَٰٓأَبَتِ ) التي تكررت أربع مرات /
((إِذۡ قَالَ لِأَبِيهِ يَٰٓأَبَتِ لِمَ تَعۡبُدُ مَا لَا يَسۡمَعُ وَلَا يُبۡصِرُ وَلَا يُغۡنِي عَنكَ شَيۡـٔٗا (42) يَٰٓأَبَتِ إِنِّي قَدۡ جَآءَنِي مِنَ ٱلۡعِلۡمِ مَا لَمۡ يَأۡتِكَ فَٱتَّبِعۡنِيٓ أَهۡدِكَ صِرَٰطٗا سَوِيّٗا (43) يَٰٓأَبَتِ لَا تَعۡبُدِ ٱلشَّيۡطَٰنَۖ إِنَّ ٱلشَّيۡطَٰنَ كَانَ لِلرَّحۡمَٰنِ عَصِيّٗا (44) يَٰٓأَبَتِ إِنِّيٓ أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٞ مِّنَ ٱلرَّحۡمَٰنِ فَتَكُونَ لِلشَّيۡطَٰنِ وَلِيّٗا (45) سورة مريم.
أيها المسلمون، إن كان الله سبحانه وتعالى قد ذكر لنا في كتابه العزيز أنه دعا موسى وهارون الى الرفق واللين مع فرعون، وصوًر لنا مشهداً من مشاهد الرفق واللين من خليل الرحمن إبراهيم مع أبيه، فإنه سبحانه وتعالى، حين وصف حبيبه المصطفى صلى الله عليه وسلم، وصفه بعبارات الرحمة والرفق واللين، كما في قوله تعالى ((فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ۖ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ )) سورة آل عمران (159)، وقال أيضاً سبحانه وتعالى في وصفه ((وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ )) سورة الأنبياء (107 ).
أيها المسلم الكريم إذا أردت أن ترى الرفق متجسداً في شخص أحد
أو إذا أردت أن ترى الرفق حياً يسير بين الناس، فمن غيره؟ إنه الحبيب المصطفى والنبي المجتبى صلوات ربي وسلامه عليه، فقد كان الرفق لا يفارقه أبداً لا في بيته ولا في المسجد، ولا بين أصحابه، ولا حتى مع المخالفين له في الدين، ولم لا يكون ذلك وهو القائل، كما في صحيح مسلم وغيره، من حديث عائشة، رضي الله عنها: ((إنَّ الرِّفْقَ لا يَكونُ في شَيءٍ إلّا زانَهُ، ولا يُنْزَعُ مِن شَيءٍ إلّا شانَهُ. [وفي رواية]: رَكِبَتْ عائِشَةُ بَعِيرًا، فَكانَتْ فيه صُعُوبَةٌ، فَجَعَلَتْ تُرَدِّدُهُ، فقالَ لها رَسولُ اللهِ ﷺ عَلَيْكِ بالرِّفْقِ… ثُمَّ ذَكَرَ بمِثْلِهِ)) جَملٍ «فيه صُعوبةٌ» يعني أنَّه غيرُ مُذلَّلٍ ومُطيعٍ لِصاحبهِ الرَّاكبِ عليه، «فجَعَلَتْ تُرَدِّدُه» أي: تَمنَعُه وتَدفَعُه بشِدَّةٍ وعُنفٍ وتُحاوِلُ معه للرُّكوبِ، وقد ورد في الصحيحين سبب أخر لهذا الحديث وهو :
((اسْتَأْذَنَ رَهْطٌ مِنَ اليَهُودِ على النبيِّ ﷺ، فقالوا: السّامُ عَلَيْكَ، فَقُلتُ: بَلْ عَلَيْكُمُ السّامُ واللَّعْنَةُ، فقالَ: يا عائِشَةُ، إنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ في الأمْرِ كُلِّهِ قُلتُ: أوَلَمْ تَسْمَعْ ما قالُوا؟ قالَ: قُلتُ: وعلَيْكُم))، وهو القائل أيضاً، كما في صحيح مسلم من حديث جرير بن عبد الله: ((مَن يُحْرَمِ الرِّفْقَ، يُحْرَمِ الخَيْرَ))، وفى مسند الامام أحمد بسند صحيح عن عائشة رضي الله عنها، ((أنَّ النَّبيَّ ﷺ قال لها: إنَّه مَن أُعطيَ حَظَّه مِنَ الرِّفقِ، فقد أُعطيَ حَظَّه مِن خَيرِ الدُّنيا والآخِرةِ، وصِلةُ الرَّحِمِ وحُسنُ الخُلُقِ وحُسنُ الجِوارِ يَعمُرانِ الدِّيارَ، ويَزيدانِ في الأعمارِ)).
أيها المسلمون، كم تعانى بيوتنا من تفشى القسوة والجفاء بين أفراد الأسرة
ولذلك بيّن حبيبنا المصطفى صلى الله عليه وسلم أن بيوتنا بحاجة ماسة إلى أن يسود فيها جو من الرحمة والمودة والرفق ففي مسند أحمد بسند صحيح من حديث عائشة أنه قال صلى الله عليه وسلم ((يا عائشةُ ارفُقي فإنَّ اللهَ إذا أراد بأهلِ بيتٍ خيرًا أدخل عليهم الرِّفقَ))، وهكذا كان الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم في بيته، ففي صحيح مسلم من حديث عائشة أيضاً قالت: ((ما ضَرَبَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ شيئًا قَطُّ بيَدِهِ، وَلَا امْرَأَةً، وَلَا خَادِمًا؛ إلَّا أَنْ يُجَاهِدَ في سَبيلِ اللهِ، وَما نِيلَ منه شَيءٌ قَطُّ، فَيَنْتَقِمَ مِن صَاحِبِهِ؛ إلَّا أَنْ يُنْتَهَكَ شَيءٌ مِن مَحَارِمِ اللهِ، فَيَنْتَقِمَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ)).
أيها المسلمون، حين وصل الإسلام إلى مشارق الأرض ومغاربها في القرون الماضية، إنما كان ذلك باتباع المسلمين لأخلاق المصطفى صلى الله عليه وسلم، خاصة خلق الرفق واللين، وهم يبلغون دين الله، أو وهم يتعاملون مع الناس مما جعل الناس يتسابقون في اعتناق الدين الإسلامي، إن منهج التشديد على الناس، وجلد الذات وتخويف الناس لدرجة أن البعض يصدّر للناس اليأس في علاقته بربه، ما هكذا كان الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، فقد كان أرفق الناس بالناس، وأرحم الناس بالناس، وأحرص الناس على الناس، وأقرب الناس إلى الناس، وكم كان يحبب الناس في رب الناس، واترك هنا أنس بن مالك خادمه وصاحبه ليصف لنا أكثر وأكثر، ففي الصحيحين، يقول أنس بن مالك رضي الله عنه: ((خدَمْتُ رسولَ اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلَّمَ عشْرَ سنينَ، فلَمْ يَقُلْ لشيءٍ فعلْتُهُ: ما لَكَ فعلْتَ كذا وكذا؟ أو لشيءٍ لم أفعلْهُ: لِمَ لَمْ تَفْعَلْ كذا وكذا؟)).
وهكذا فإن الرِّفقُ ممَّا وهَبَه اللهُ تعالَى برَحْمتِه لنَبيِّه محمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في دَعوتِه إلى الإسلامِ، فكان سَهلًا رَقيقًا في تَعامُلِه مع النَّاسِ ومع أصحابِه، بل كان الرفق هو خلق أصحابه فيما بينهم كذلك، كما وصفهم ربهم ((رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ۖ)) سورة الفتح (29).
الخطبة الثانية
“”””””””””””””
أيها المسلمون،
وهكذا
فإن الرفق هو أمر يلازم المسلم في كل أحواله،
حتى في علاقته بربه وخالقه،
فحبيبنا المصطفى صلى الله عليه وسلم، كان دائماً يميل ويجنح إلى التيسير على الناس والرأفة بهم،
ففي الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها قالت:
((ما خُيِّرَ رَسولُ اللهِ ﷺ بيْنَ أَمْرَيْنِ، أَحَدُهُما أَيْسَرُ مِنَ الآخَرِ، إلّا اخْتارَ أَيْسَرَهُما، ما لَمْ يَكُنْ إثْمًا، فإنْ كانَ إثْمًا، كانَ أَبْعَدَ النّاسِ منه))،
فالإسلام دين الوسطية والاعتدال لا غلو فيه مغالاة،
ففي الصحيحين من حديث أنس بن مالك قال: ((دخَل رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم المسجدَ وحبلٌ ممدودٌ بينَ ساريتَيْنِ فقال: ما هذا ؟ قالوا: لزينبَ تُصلِّي فإذا كسِلَتْ أو فتَرَتْ أمسكت به قال: حُلُّوه ثمَّ قال: لِيُصَلِّ أحدُكم نشاطَه فإذا كسِل أو فتَرَ فليقعُدْ)).
اللهم احفظ مصر وأهلها من كل سوء وشر
بقلم: الشيخ خالد القط
_____________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
وللإطلاع علي قسم خطبة الجمعة
وللإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
وللمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف