خطبة الجمعة القادمة 9 فبراير 2024م بعنوان : جبر الخاطر وأثره في توثيق الروابط الاجتماعية ، للشيخ خالد القط ، بتاريخ 28 رجب 1445هـ ، الموافق 9 فبراير 2024م.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 9 فبراير 2024م بصيغة word بعنوان : جبر الخاطر وأثره في توثيق الروابط الاجتماعية ، للشيخ خالد القط
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 9 فبراير 2024م بصيغة pdf بعنوان : جبر الخاطر وأثره في توثيق الروابط الاجتماعية ، للشيخ خالد القط
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 9 فبراير 2024م ، بعنوان : جبر الخاطر وأثره في توثيق الروابط الاجتماعية ، للشيخ خالد القط ، كما يلي:
جبر الخاطر وأثره في توثيق الروابط الاجتماعية
“”””””””””””””””””””””””””””
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين.
وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيى ويميت، وهو على كل شيء قدير، القائل فى كتابه العزيز ((فَأَمَّا ٱلۡیَتِیمَ فَلَا تَقۡهَرۡ ٩ وَأَمَّا ٱلسَّاۤىِٕلَ فَلَا تَنۡهَرۡ)) سورة الضحى.
وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين حق قدره ومقداره العظيم
أما بعد
أيها المسلمون، فإن الإنسان منا أثناء حياته أحياناً ما يتعرض لانكسارات وعقبات، ووقتها يكون الإنسان في أمس الحاجة إلى من يمد اليه يد العون لينهض من عثرته ويقف على قدميه حتى تعود حياته إلى سيرتها الأولى، والإنسان بمعنى الكلمة لا ينسى أبدأ من أعانه ووقف معه لحظة عجزه أو ضعفه أو مرضه، ولأن بعض الناس لا يقدم معروفاً ولا يسعى في فك مكروب إلا وينتظر جزاء دنيوياّ ممن أحسن إليهم.
ومن هنا فقد جاءت دعوة ديننا الحنيف إلى إعلاء قيمة تقديم الخير والمعروف لمن يحتاجون إليه مع انتظار الأجر والثواب من الله تعالى، ولذلك كان جبر الخاطر من أعظم القربات التي يتقرب بها العبد لخالقه سبحانه وتعالى، ومن تأمل فلسفة العبادات والطاعات في الإسلام يجد أن أفضل العبادات إلى الله تعالى ما يعود بالنفع على الأخرين، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال ((أفضلُ الأعمالِ أن تُدْخِلَ على أخيكَ المؤمنِ سُروراً أو تقضيَ عنهُ دَيناً، أو تُطْعِمَهُ خُبزاً)) العجلوني، كشف الخفاء (١/١٧٢) • حسن لشواهده، ويروى بسند حسن لغيره كما عند الطبراني وغيره من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أيضاً ((أَحَبُّ الناسِ إلى اللهِ أنفعُهم للناسِ، وأَحَبُّ الأعمالِ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ سرورٌ تُدخِلُه على مسلمٍ، تَكشِفُ عنه كُربةً، أو تقضِي عنه دَيْنًا، أو تَطرُدُ عنه جوعًا، ولأَنْ أمشيَ مع أخٍ في حاجةٍ؛ أَحَبُّ إليَّ من أن اعتكِفَ في هذا المسجدِ يعني مسجدَ المدينةِ شهرًا، ومن كظم غيظَه ولو شاء أن يُمضِيَه أمضاه؛ ملأ اللهُ قلبَه يومَ القيامةِ رِضًا، ومن مشى مع أخيه في حاجةٍ حتى يَقضِيَها له؛ ثبَّتَ اللهُ قدمَيه يومَ تزولُ الأقدامُ)).
أيها المسلمون، ومن تتبع قصص الأنبياء والمرسلين في القرآن الكريم سيجد واضحاً وجلياً كيف جبر الله خاطرهم، وأعطاهم وأرضاهم ورزقهم من فضله الكريم، وأحاطهم بكنفه ورعايته، فهذا هو كليم الله موسى عليه السلام كما حكى القرآن الكريم يجبر رب العالمين بخاطره وبخاطر والدته كما قال تعالى ((وَأَصۡبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَىٰ فَـٰرِغًاۖ إِن كَادَتۡ لَتُبۡدِی بِهِۦ لَوۡلَاۤ أَن رَّبَطۡنَا عَلَىٰ قَلۡبِهَا لِتَكُونَ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ ١٠ وَقَالَتۡ لِأُخۡتِهِۦ قُصِّیهِۖ فَبَصُرَتۡ بِهِۦ عَن جُنُبࣲ وَهُمۡ لَا یَشۡعُرُونَ ١١ ۞ وَحَرَّمۡنَا عَلَیۡهِ ٱلۡمَرَاضِعَ مِن قَبۡلُ فَقَالَتۡ هَلۡ أَدُلُّكُمۡ عَلَىٰۤ أَهۡلِ بَیۡتࣲ یَكۡفُلُونَهُۥ لَكُمۡ وَهُمۡ لَهُۥ نَـٰصِحُونَ ١٢ فَرَدَدۡنَـٰهُ إِلَىٰۤ أُمِّهِۦ كَیۡ تَقَرَّ عَیۡنُهَا وَلَا تَحۡزَنَ وَلِتَعۡلَمَ أَنَّ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقࣱّ وَلَـٰكِنَّ أَكۡثَرَهُمۡ لَا یَعۡلَمُونَ ١٣﴾ القصص ١٠-١٣.
كما جبر الله بخاطر نبيه زكريا بعد طول انتظار واشتياق للولد كما قال تعالى ((وَزَكَرِیَّاۤ إِذۡ نَادَىٰ رَبَّهُۥ رَبِّ لَا تَذَرۡنِی فَرۡدࣰا وَأَنتَ خَیۡرُ ٱلۡوَ ٰرِثِینَ ٨٩ فَٱسۡتَجَبۡنَا لَهُۥ وَوَهَبۡنَا لَهُۥ یَحۡیَىٰ وَأَصۡلَحۡنَا لَهُۥ زَوۡجَهُۥۤۚ إِنَّهُمۡ كَانُوا۟ یُسَـٰرِعُونَ فِی ٱلۡخَیۡرَ ٰتِ وَیَدۡعُونَنَا رَغَبࣰا وَرَهَبࣰاۖ وَكَانُوا۟ لَنَا خَـٰشِعِینَ ٩٠﴾ سورة الأنبياء.
أيها المسلمون كما جبر الله بخاطر نبيه وحبيبه صلى الله عليه وسلم فى مواقف كثيرة مثل قوله تعالى ((وَلَسَوۡفَ يُعۡطِيكَ رَبُّكَ فَتَرۡضَىٰٓ (5) أَلَمۡ يَجِدۡكَ يَتِيمٗا فَـَٔاوَىٰ (6) وَوَجَدَكَ ضَآلّٗا فَهَدَىٰ) سورة الضحى.
وقال أيضاً ((أَلَمۡ نَشۡرَحۡ لَكَ صَدۡرَكَ (1) وَوَضَعۡنَا عَنكَ وِزۡرَكَ (2) ٱلَّذِيٓ أَنقَضَ ظَهۡرَكَ (3) وَرَفَعۡنَا لَكَ ذِكۡرَكَ (4) سورة الشرح.
كما أشار القرآن الكريم إلى أنه سبحانه وتعالى قد جبر بخاطر بعض من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد أخرج ابن ماجة وغيره بسند صحيح عن عائشة رضي الله عنها قالت ((تَبارَكَ الَّذي وَسِعَ سَمْعُه كلَّ شيءٍ، إنِّي لأَسمَعُ كَلامَ خَوْلةَ بِنْتِ ثَعْلبةَ، ويَخْفى علَيَّ بعضُه، وهي تَشْتَكي زَوْجَها إلى رَسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليه وعلى آلِه وسلَّمَ، وهي تَقولُ: يا رَسولَ اللهِ أكَلَ شَبابي، ونَثَرْتُ له بَطْني حتّى إذا كَبِرَتْ سِنِّي، وانْقَطَعَ وَلَدي، ظاهَرَ مِنِّي، اللَّهُمَّ إنِّي أَشْكو إليك، فما بَرَحَتْ حتّى نَزَلَ جِبْريلُ بهؤلاء الآياتِ: ﴿قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها وَتَشْتَكِي إِلى اللَّه)).
أيها المسلمون، ولقد كان سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم مضرب المثل في جبر الخواطر انظر ماذا تقول خديجه رضي الله عنها بعد ما نزل الوحي على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم كما هو مخرج في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها قالت ا((فَرَجَعَ بها رَسولُ اللَّهِ ﷺ يَرْجُفُ فُؤادُهُ، فَدَخَلَ على خَدِيجَةَ بنْتِ خُوَيْلِدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها، فقالَ: زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي فَزَمَّلُوهُ حتّى ذَهَبَ عنْه الرَّوْعُ، فقالَ لِخَدِيجَةَ وأَخْبَرَها الخَبَرَ: لقَدْ خَشِيتُ على نَفْسِي فقالَتْ خَدِيجَةُ: كَلّا واللَّهِ ما يُخْزِيكَ اللَّهُ أبَدًا، إنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وتَحْمِلُ الكَلَّ، وتَكْسِبُ المَعْدُومَ، وتَقْرِي الضَّيْفَ، وتُعِينُ على نَوائِبِ الحَقِّ))، يقول السعدى في تفسيره فكان صلى الله عليه وسلم سهلا لينا، قريبا من الناس، مجيبا لدعوة من دعاه، قاضيا لحاجة من استقضاه، جابرا لقلب من سأله، لا يحرمه، ولا يرده خائبا، وإذا أراد أصحابه منه أمرا وافقهم عليه، وتابعهم فيه إذا لم يكن فيه محذور، وإن عزم على أمر لم يستبد به دونهم، بل يشاورهم ويؤامرهم، وكان يقبل من محسنهم، ويعفو عن مسيئهم، ولم يكن يعاشر جليسا له إلا أتمّ عشرة وأحسنها، فكان لا يعبس في وجهه، ولا يغلظ عليه في مقاله، ولا يطوي عنه بِشْرَه، ولا يمسك عليه فلتات لسانه، ولا يؤاخذه بما يصدر منه من جفوة، بل يحسن إلى عشيره غاية الإحسان، ويحتمله غاية الاحتمال صلى الله عليه وسلم.
أيها المسلمون، إن لجبر الخواطر أثرا كبيراً في توثيق الروابط الاجتماعية بين أفراد المجتمع، وبث روح المحبة والإخاء بين كل أفراد المجتمع، وانظر معي إلى عظمة القرآن الكريم وهو يلفت أنظارنا لمثل هذه الروح التى يجب أن تسود بين أفراد المجتمع قال تعالى ((وَإِذَا حَضَرَ ٱلۡقِسۡمَةَ أُو۟لُوا۟ ٱلۡقُرۡبَىٰ وَٱلۡیَتَـٰمَىٰ وَٱلۡمَسَـٰكِینُ فَٱرۡزُقُوهُم مِّنۡهُ وَقُولُوا۟ لَهُمۡ قَوۡلࣰا مَّعۡرُوفࣰا)) سورة النساء (٨).
فالوقوف بجانب المحتاجين واليتامى والضعفاء والمرضى والأخذ بأيديهم والعمل على قضاء حوائجهم وتحقيق آمالهم وأحلامهم، والعمل على تخفيف آلامهم وأحزانهم من أجّل وأفضل الأعمال التي يتقرب بها الإنسان لخالقه جل في علاه.
وجبر الخاطر له صور عديدة وكثيرة بل ربما يكون بكلمة طيبة أو حتى مجرد ابتسامة في وجه مكروب أو حتى لمسة حانية على رأس يتيم.
الخطبة الثانية
اعلموا أمة رسول الله أن الجزاء من جنس العمل، فمن كان مع الناس وقت شدتهم وضعفهم كان الله سبحانه وتعالى معه كذلك، وكأن الله سبحانه وتعالى يقول لعبده، يا عبدى لست بأكرم ولا أرحم منى، فإذا رحمت عبادي رحمتك، وإذا أكرمت عبادي أكرمتك، وإذا كنت مع عبادي في ضعفهم وعجزهم كنت معك كذلك، وفى هذا المعنى يقول النبي صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه ((مَن نَفَّسَ عن مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِن كُرَبِ الدُّنْيا، نَفَّسَ اللَّهُ عنْه كُرْبَةً مِن كُرَبِ يَومِ القِيامَةِ، وَمَن يَسَّرَ على مُعْسِرٍ، يَسَّرَ اللَّهُ عليه في الدُّنْيا والآخِرَةِ، وَمَن سَتَرَ مُسْلِمًا، سَتَرَهُ اللَّهُ في الدُّنْيا والآخِرَةِ، واللَّهُ في عَوْنِ العَبْدِ ما كانَ العَبْدُ في عَوْنِ أَخِيهِ))، ولذلك قيل أيضاً: من سار بين الناس جابرًا للخواطر أدركه الله في جوف المخاطر.
نسأل الله تعالى أن يفك كرب كل مكروب ويقضى لكل ذي حاجة حاجته وأن يحفظ بلدنا مصر من كل سوء
_____________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف