أخبار مهمةخطبة الأسبوعخطبة الجمعةخطبة الجمعة القادمة ، خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف المصرية مكتوبة word pdfعاجل

زاد الأئمة : وزارة الأوقاف تعلن رسميا عن زاد الأئمة والخطباء.. لـ خطبة الجمعة القادمة 20 يونيو 2025

ننفرد بنشر زاد الأئمة والخطباء.. الدليل الإرشادي لخطب الجمعة القادمة إذا أردت السلامة من غيرك فاطلبها في سلامة غيرك منك

زاد الأئمة : وزارة الأوقاف تعلن رسميا عن زاد الأئمة والخطباء.. الدليل الإرشادي لـ خطبة الجمعة القادمة حول : إذا أردت السلامة من غيرك فاطلبها في سلامة غيرك منك ، بتاريخ 24 ذو الحجة 1446هـ ، الموافق 20 يونيو 2025م.

 

الإصدار الخامس من سلسلة “زاد الأئمة والخطباء: الدليل الإرشادي لخطب الجمعة”

استمراراً لما انتهجته وزارة الأوقاف حديثًا من التيسير على السادة الأئمة والخطباء، ودعمًا لنماء زادهم العلمي والفكري والمعرفي؛ نقدم هذا الإصدار من تلك السلسلة التي هي عبارة عن بحث موسع يجمع الشواهد والمعاني التي يمكن للخطيب أن يديم النظر فيها طوال الأسبوع، لتعينه على الإعداد الجيد لخطبته، وإتقان تناوله للموضوع، وزيادة عمقه وأصالته، وربط نصوص الشريعة بالواقع المعيش، حتى إذا صدرت الخطبة في موعدها المعتاد يوم الأربعاء من كل الأسبوع في صورتها النهائية المركزة المختصرة، يكون الخطيب قد هضم موضوعه وخالطه وعايشه، بما يحقق استيعاب الخطبة النهائية وأداءها على النحو المأمول.
وتدعو وزارة الأوقاف كل أبنائها إلى التوسع في القراءة الواعية المستوعبة لكل ميادين الحياة واهتماماتها، وامتلاك الثقافة الواسعة التي تعينهم على أداء دورهم الديني الوطني على أكمل وجه.

ننفرد بنشر زاد الأئمة والخطباء.. الدليل الإرشادي لخطب الجمعة القادمة : إذا أردت السلامة من غيرك فاطلبها في سلامة غيرك منك بصيغة WORD

لتحميل زاد الأئمة والخطباء.. الدليل الإرشادي لخطب الجمعة القادمة : إذا أردت السلامة من غيرك فاطلبها في سلامة غيرك منك بصيغة pdf

 

 

زاد الأئمة والخطباء (5)

الدليل الإرشادي لخطب الجمعة

إذا أردت السلامة من غيرك

فاطلبها في سلامة غيرك منك

24 ذو الحجة 1446هـ = 20 يونيو 2025م

الخطبة الأولى: إذا أردت السلامة من غيرك فاطلبها في سلامة غيرك منك.

 

 الهـدف المـراد توصيلـه: توعيـة الجمهـور بضـرورة احـرام الحيـاة الخاصـة وعـدم التدخـل في شـؤون الآخريـن.

 الخطبـة الثانيـة: إيجابيات وسـلبيات مواقع التواصل الاجتماعي، وسـبل مواجهة السلبيات.

 

***

إذا أردت السلامة من غيرك فاطلبها في سلامة غيرك منك

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمدٍ وآله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فحديثنـا اليـوم عـن خلـق عظيـم، وأدب رفيع، وهو احتـرام خصوصيـة الآخرين، فمن يريد السـلامة من ألسـنة النـاس وأيديهـم، فليبدأ بسـلامة الناس من لسـانه ويده، ومـن يبحث عن الاحتـرام، فليُعطِه أولًا، ومن يطلـب راحـة البـال، فليتجنبِ التدخل في أسـرار الآخريـن، وأحوالهم، وقراراتهم، وأسـبابهم التي لا تعنيه.

قـال تعالـى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّىٰ تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَىٰ أَهْلِهَا ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾ [النـور: ]27، هـذا في الدخـول، فكيـف بمـن يخـرق البيـوت بالفضـول، ويقتحـم الخصوصيـات بالتجسـس والـكلام؟

ولكي يحقق المسلم هذا المبدأ الذي رسخه الإسلام، عليه أن يراعي عدة أمور منها:

لا تتكلم فيما لا يعنيك

قَالَ رَسُولُ الله ﷺ: “مِنْ حُسْنِ إِسْلامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَ يَعْنِيهِ” رواه الترمذي.

هـذا الحديـث قاعـدة ذهبيـة في الأخـلاق، ومِفْتاحٌ للسـعادة النفسـية والاجتماعيـة، وهو دعوةٌ للسـكينة، والبعـد عـن التطفل، والاشـتغال بمـا ينفع.

والمعنـى: أن مـن علامـات إسـلامك الحقيقـي، أنك لا تتدخـل فيما لا يخصك، ولا تتكلـم إلا بما يعود عليـك أو علـى النـاس بالنفـع، وأن كثـرة التدخـل في شـؤون النـاس تُـورث العـداوة، وكثـرة الأسـئلة تُـورث الضيـق والحـرج، والسـكوت عمـا لا يعنينا يُـورث الهيبة.

  فقبـل أن تتكلـم، سـل نفسـك: هـل هـذا الكلام يفيدني؟ هـل هذا الشـأن يعنيني فعلًا؟ هـل صاحب الأمر راضٍ بسـؤالي أو تدخلي؟

اجتناب الظن السيء

قـال تعالـى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ۖ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا ۚ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ﴾ [الحجـرات: .]12

قـال الإمـام الطاهـر ابـن عاشـور: في قولـه تعالـى: ﴿اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ﴾ تأديـبٌ عظيـمٌ يُبطـل مـا كان فاشـيًا في الجاهليـة مـن الظنـون السـيئة والتهـم الباطلـة، وأن الظنون السـيئة تنشـأ عنهـا الغَيْـرة المفرطةُ، والمكائـد، والاغتيـالات، والطعـن في الأنسـاب[.» التحريـر والتنوير]

أخرج ابن أبي حاتم عن السدي أن سلمان الفارسي رضي الله تعالى عنه كان مع رجلين في سفر يخدمهما وينال من طعامهما وأنه نام يوما فطلبه صاحباه فلم يجداه فضربا الخباء وقالاما يريد سلمان شيئا غير هذا أن يجيء إلى طعام معدود وخبار مضروب فلما جاء سلمان أرسلاه إلى رسول الله يطلب لهما إداما فانطلق فأتاه فقال: يا رسول الله بعثني أصحابي لتؤدمهم إن كان عندك قال: ما يصنع أصحابك بالإدام؟ لقد ائتدموا فرجع رضي الله تعالى عنه فخبرهما فانطلقا فأتيا رسول الله ﷺ فقالا: والذي بعثك بالحق ما أصبنا طعاما منذ نزلنا قال: إنكما قد ائتدمتما بسلمان فنزلت ﴿أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً﴾.

بـل دعـا الإسـلام إلـى حسـن الظـن بالآخريـن عند سـماع مـا يقدح فيهـم، قـال تعالـى: ﴿لَّوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَٰذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ﴾ [النـور: .]12

المسلم من سلم الناس من لسانه ويده

قـال الله تعالـى: ﴿وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا﴾ [الأحـزاب: .]58

قـد يكـون الإيـذاءُ الصـادر منـك في حـق النـاس حسـيًّا كالظلـم أو شـهادة الـزور، أو أكل أموالهـم بالباطـل، وقـد يكـون معنويًّـا كالتنمـر والاسـتهزاء، وتقليـل الاحتـرام، وكل مـن النوعيـن حرام شـرعا.

قـال العلامـة عبـد الرحمـن الأخضـري المالكـي في مختصـر العبـادات: «ولا يحـل لمسـلم أن ينظـر إلـى مسـلم بنظـرة تؤذيـه» فمجـرد النظـرة المؤذيـة حـرام شـرعا.

قـال الفُضيـل بـن عيـاض: «لا يحـل لـك أن تـؤذي كلبًـا أو خنزيـرًا بغيـر حـق، فكيـف بإيـذاء المؤمنيـن والمؤمنـات.» [تفسـير الزمخشـري.]

قال رسول الله ﷺ”: الـمُسلمُ من سَلِمَ المسلمونَ من لسانِه ويدِه» [متفق عليه.]

وعـن عَبْـد الِله بْـنَ عَمْـرٍو رضي الله عنه، سَـمِعْتُ رَسُـولَ الِله ﷺ يَقُـولُ: “الْمُسْـلِمُ مَـنْ سَـلِمَ النَّـاسُ مِـنْ لِسَـانِهِ وَيَـدِهِ، وَالْمُهَاجِـرُ مَـنْ هَجَـرَ مَـا نَهَـى الله عَنْـهُ” رواه أحمد.

قـال العلامـة الدكتـور موسـى شـاهين لاشـين: «خيـر المسـلمين هو الذي يمسـك لسـانه عن طعـن الناس، ويحفـظ مـا بيـن فكَّيـه عـن الإسـاءة للمسـلمين بالقـول أو بالإشـارة، وهو الذي يمسـك يـده وجميـع جوارحه، ويحبـس شـرورها وأذاهـا، فـلا يمـد يـده لحق الغير، ولا تمشـي رجلـه للإضرار بأحـد، ولا يتحرك فكـره وقلبه للإيقـاع أو الظلـم أو الإيلام.

المسـلم الكامـل هـو الـذي يسـلم النـاس مـن شـروره وأذاه، والمؤمـن الكامـل هـو الـذي يأمنه النـاس على دمائهـم وأموالهـم وأعراضهـم.» [فتـح المنعـم شـرح صحيح مسـلم.]

وعـن أَبـي سَـعيدٍ الخُـدْرِيِّ رضي الله عنه، عـن النَّبـيّ ﷺ قَـالَ: إِذَا أَصْبـح ابْـنُ آدَمَ، فَـإنَّ الأعْضَـاءَ كُلَّهَا تُكَفِّـرُ اللِّسـانَ، تَقُـولُ: اتِّـقِ الله فينَـا، فَإنَّمـا نحـنُ بِـكَ؛ فَـإنِ اسْـتَقَمْتَ اسَـتقَمْنا، وإنِ اعْوججـت اعْوَججْنَـا» [رواه الترمذي.]

وعَـنْ مُعَـاذِ بْـنِ جَبَـلٍ رضي الله عنه، عـن النَّبِـيِّ ﷺ أنـه قـال: ألا أُخبِرُك بِرأسِ الأمرِ ، وعمودِه، وذِروَةِ سَنامِه؟ قلت: بلَى، يا رسولَ اللهِ، قال: رأسُ الأمرِ الإسلام، وعمودُه الصَّلاةُ، وذِروةُ سَنامِهِ الجِهادُ، ثمَّ قال: ألا أخبرُك بمِلاكِ ذلِك كلِّه؟ قلتُ: بلَى، يا نبيَّ اللهِ، فأخذَ بلسانِهِ، وقال: كُفَّ عليكَ هذا، فقُلتُ: يا نبيَّ اللهِ، إِنَّا لمؤاخَذونَ بما نتَكلَّمُ بِه؟ قال: ثَكلتكَ أمُّكَ يا معاذُ، وَهل يَكبُّ النَّاسَ في النَّارِعلَى وجوهِهِم، أوعلَى مناخرِهم، إلَّا حصائدُ ألسنتِهم.» [رواه الترمـذي.

 وقـال سـيدنا عبـدُ الله بـن مسـعود رضي الله عنه «وَالَّـذِي لَا إلَهَ غَيْرُهُ مَا عَلَى ظَهْرِ الَْأرْضِ شَـيْءٌ أَحْـوَجُ إلَى طُولِ سِـجْنٍ مِـنْ لِسَـانٍ مَـعَ صِغَـرِ حَجْمِـهِ، لِكِبَـرِ جُرْمِـهِ وَكَثْـرَةِ جِنَايَتِـهِ وَصُعُوبَـةِ حِفْظِـهِ» لـذا كان يقـول: «يا لسـان قل خيـرًا تنعم، واسـكت عن شـرٍ تسـلم، قبـل أن تندم.» وقال سيدنا علي رضي الله عنه «من لانت كلمته، وجبت محبته.»

قـال الــمُزَني: سـمعني الشـافعي يومًـا وأنـا أقول: «فـلان كذاب، فقـال: يا إبراهيـم، اُكْسُ ألفاظك أحسـنها! لا تقـل: فـلان كـذاب، ولكن قـل: حديثه ليس بشـيء.»

وقـد مـرّ يهـودي – يجـر وراءه كلبًـا – بإبراهيـمَ بـنِ أدهـم فـأراد أن يَسـتفِزَّه فقـال لـه: يـا إبراهيـم أَلِحْيتـك أطهـر مـن ذَنَـب هـذا الكلـب أم ذنَبُـه أطهر منها؟ فـرد عليه إبراهيـم بهدوء المؤمـن وأدبه وقوة حجتـه: إن كانت لِحْيتـي في الجنـة فهـي أطهـرُ مـن ذَنَب كلبك، وإن كانـت في النار لَذَنب كلبـك أطهرُ منها، فمـا كان من اليهودي إلا أن قـال: ديـنٌ يأمـر بهـذه الأخـلاق حريّ بـي أن أتّبعـه، ونطق الشـهادتين.

وقـال يحيـى بـن معـاذ الـرازي: «ليكـن حظُّ المؤمـن منك ثلاثـة: إنْ لم تنفعْه فـلا تضرَّه، وإنْ لـم تُفرحْه فلا تَغُمَّـه، وإنْ لـم تمدحْه فلا تَذُمَّه» [الرسـالة القشـيرية.]

وكتـب رجـل إلـى ابـن عمـر رضي الله عنه أنِ اكتـب إلـيَّ بالعلـم كلـه، فكتـب إليـه: «إِنَّ العِلـمَ كَثِيْـرٌ، وَلَكِـنْ إِنِ اسْـتَطَعْتَ أَنْ تَلقَى الَله خَفِيفَ الظَّهْرِ مِنْ دِمَاءِ النَّاسِ، خَمِيْصَ البَطنِ مِنْ أَمْوَالِهِم، كَافَّ اللِّسَـانِ عَنْ أَعْرَاضِهِم، لَازمـا لَأمـرِ جَمَاعَتِهِـم، فَافعَلْ» [كنـز العمال.]

إن أذى النـاس ديـون تـؤدى لا محالـة؛ فعَـنْ عَائِشَـةَ رضي الله عنها، قَالَـتْ: قال رسول الله ﷺ: الدَّواوينُ عِندَ اللهِ عزَّ وجلَّ ثَلاثةٌ: ديوانٌ لا يَعْبأُ اللهُ به شَيئًا، وديوانٌ لا يَترُكُ اللهُ منه شَيئًا، وديوانٌ لا يَغفِرُه اللهُ، … وأمَّا الديوانُ الذي لا يَترُكُ اللهُ منه شَيئًا: فظُلمُ العِبادِ بَعْضِهم بَعْضًا، القِصاصُ لا مَحالةَ.» [مسـند أحمد.]

احترام خصوصية الآخرين

قـال تعالـى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ۚ مِّن قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُم مِّنَ الظَّهِيرَةِ وَمِن بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ۚ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَّكُمْ﴾ النور: 58.

إن احتـرام خصوصيـة الآخريـن واجـب دينـي حـث عليـه القـرآن الكريـم، وأرشـد إليـه النبـي الكريـم صلي الله عليه وسلم، قـال تعالـى: ﴿وَلا تَجَسَّسُوا﴾ [الحجـرات: ]12، والتجسـس هـو البحـث بوسـيلة خفيـة عـن المتجسـس عليـه، ووجـه النهـي عنـه أنـه ضـرب مـن الكيـد والتطلـع علـى العـورات.

قـال ابـن قدامـة: “واعلـم: أن مـن ثمـرات سـوء الظـن التجسـسَ، فـإن القلـب لا يقنـع بالظـن، بـل يطلـب التحقيـق فيشـتغل بالتجسـس، وذلـك منهـي عنـه، لأنـه يوصـل إلـى هتـك سـر المسـلم، ولـو لم ينكشـف لك، كان قلبـك أسـلم للمسـلم” مختَصـر منهـاج القَاصدِيـن.

إن هـذا السـلوك بـاب للفسـاد والإفسـاد، فعـن معاويـة رضي الله عنه، أن رسـول الله صلي الله عليه وسلم قـال: “إِنَّـكَ إِنِ اتَّبَعْـتَ عَـوْرَاتِ النـاسِ؛ أَفْسَـدْتَهُمْ، أوْ كِـدْتَ أنْ تُفْسِـدَهُمْ” رواه أبـو داود وابـن حبان.

روي أن عمـر رضي الله عنه كان يَعُـس بالمدينـة مِـنَ اللَّيْـلِ، فَسَـمِعَ صَـوْتَ رَجُـلٍ فِـي بَيْـتٍ يتغنـى، فتسـوَّر عليـه فوجـد عِنْـدَهُ امْـرَأَةً، وَعِنْـدَهُ خَمْـرٌ، فَقَـالَ يَـا عَـدُوَّ الِله أَظْنَنْـتَ أَنَّ الَله يَسْـتُرُكَ، وَأَنْـتَ عَلَـى معصيتـه، فقـال: وأنت يـا أميـر المؤمنيـن فـلا تعجل، فـإن كنتُ قد عَصَيْـتُ الَله وَاحِدَةً، فَقَدْ عَصَيْـتَ الَله فِيَّ ثلاثا قـال الله تعالى: ﴿وَلا تَجَسَّسُوا﴾ الحجـرات: 12، وَقَـدْ تَجَسَّسْـتَ، وَقَـالَ الُله تَعَالَـى: ﴿وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَن تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِن ظُهُورِهَا﴾ البقرة 189، وَقَـدْ تَسَـوَّرْتَ عَلَـي، وَقَـدْ قَـالَ الُله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّىٰ تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَىٰ أَهْلِهَا ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾ النور 127، وَقَـدْ دَخَلْتَ بَيْتِـي بِغَيْرِ إِذْنٍ وَلَا سـلام، فقال عمر: هَـلْ عِنْدَكَ مِنْ خَيْـرٍ إِنْ عَفَـوْتُ عَنْـكَ، قـال: نعـم والله يـا أميـر المؤمنيـن لَئِـنْ عَفَـوْتَ عَنِّـي لَا أَعُـودُ إِلَـى مِثْلِهَـا أبـداً، فعفـا عنـه، وخـرج وتركـه” إحياء علـوم الدين.

جزاء عدم احترام الخصوصيات

إن تتبـع حيـاة الآخريـن بهـدف نشـر مثالبهـم، والعـزم علـى ارتكاب القبيـح، منكـر يعاقب عليـه فاعله؛ لأنه يشـيع الفوضـى في المجتمعـات، ويعلـن المنكـرات؛ وقد علق الله الوعيد الشـديد في الدارين على محبة انتشـار الفاحشـة في الذيـن آمنـوا، فقـال تعالـى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۚ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ النور 19.

 وقـد توعـده الله بـأن يفضحـه ويكشـف سـره هـو، ولـو كان في جـوف بيتـه، كمـا جـاء في حديـث رسـول الله ﷺ: يَـا مَعْشَـرَ مَـنْ آمَـنَ بِلِسَـانِهِ وَلَـمْ يَدْخُلِ الِْإيمَـانُ قَلْبَـهُ: لَ تَغْتَابُوا الْمُسْـلِمِينَ، وَلَ تَتَّبِعُـوا عَوْرَاتِهِمْ، فَإِنَّـهُ مَـنِ اتَّبَـعَ عَوْرَاتِهِـمْ يَتَّبِـع الُله عَوْرَتَـهُ، وَمَـنْ يَتَّبِـعِ الُله عَوْرَتَـهُ يَفْضَحْـهُ فِـي بَيْتِـه” رواه أحمد وأبـو داود وابـن حبّان.

 وعَـنْ أَبِـي هُرَيْـرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُـولَ الِله ﷺ قَـالَ: لَـوْ أَنَّ رَجُـلًا اطَّلَـعَ عَلَيْـكَ بِغَيْـرِ إِذْنٍ، فَخَذَفْتَـهُ بِحَصَـاةٍ، فَفَقَـأْتَ عَيْنَـهُ مَـا كَانَ عَلَيْـكَ مِـنْ جُنَاحٍ” رواه مسلم.

وعَنْـه، أنَّ رَسُـولَ الِله ﷺ قَـالَ: “الْمُؤْمِـنُ مِـرْآةُ الْمُؤْمِـنِ، وَالْمُؤْمِـنُ أَخُـو الْمُؤْمِـنِ، يَكُـفُّ عَلَيْـهِ ضَيْعَتَـهُ، وَيَحُوطُـهُ مِـنْ وَرَائِـهِ” رواه أبـو داود.

وعَنِ سَهْل بْن سَعْدٍ رضي الله عنه، “أنَّ رَجُلًا اطَّلَعَ مِن جُحْرٍ في بَابِ رَسولِ اللهِ ﷺ، وَمع رَسولِ اللهِ ﷺ مِدْرًى يُرَجِّلُ به رَأْسَهُ، فَقالَ له رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: لو أَعْلَمُ أنَّكَ تَنْظُرُ، طَعَنْتُ به في عَيْنِكَ، إنَّما جَعَلَ اللَّهُ الإذْنَ مِن أَجْلِ البَصَرِ” رواه مسلم.

فالمسـلم كمـا يؤجـرُ علـى فعـلِ الطاعـاتِ، كذلـك يؤجـرٌ علـى كـفِّ الأذَى، قـال أبـو ذر رضي الله عنه: قُلْـتُ: يَـا رَسُـولَ الِله أَرَأَيْـت إنْ ضَعُفْـتُ عَـنْ بَعْـضِ الْعَمَـلِ؟ قَـالَ: «تَكُـفُّ شَـرَّكَ عَـنْ النَّـاسِ فَإِنَّهَـا صَدَقَـةٌ مِنْـك عَلَـى نَفْسِـك” متفـق عليـه.

فقـد حـذَّرَ النبـيُّ ﷺ مـن أذيةِ الغير أشـدَّ التحذيـرِ، فعَنْ أَبِي شُـرَيْحٍ الْكَعْبِيِّ، أَنَّ رَسُـولَ الِله صلي الله عليه وسلم قَـالَ: “والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، قيل: من يا رسول الله؟ قالالذي لا يأمن جاره بوائقه متفق عليه. وفي رواية لمسلم: لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه.

فعـن عبـدالِله بـن مَسـعودٍ رضي الله عنه، قـالَ: كُنَّـا مـعَ رسـولِ الِله ﷺ في سـفَرٍ؛ فانطلـقَ لحاجتِـهِ، فرأَينـا حُمَّـرةً معَهـا فرخـانِ، فأخذنَـا فَرخَيهـا، فجـاءتِ الحُمَّـرةُ فجعلـتْ تَفـرِشُ، فجـاءَ النَّبـيُّ صلي الله عليه وسلم فقـالَ: «مـن فجـعَ هـذِهِ بولدِهـا؟، ردُّوا ولدَهـا إليهَـا“. ورأىَ قريـةَ نمـلٍ قـد حرَّقنَاهَـا فقـالَ: “مَـنْ حـرَّقَ هذِهِ؟» قُلنًـا: نحنُ، قـالَ: “إنَّهُ لا ينبَغـي أن يعـذِّبَ بالنَّـارِ إلّاَ ربُّ النَّـارِ” رواه أبـو داود والحاكـم وصححـه.

وعَـنِ ابْـنِ عَبَّـاسٍ رضي الله عنهما، قَـالَ: قَـالَ رَسُـولُ الِله ﷺ :”لا يتَناجى اثنانِ دونَ الثالثِ، فإنَّ ذلك يؤذي المؤمنَ واللهُ يَكرَهُ أذى المؤمنِ” الترمذي.

كف الأذى عن الناس طريقٌ إلى الجنة

فكمـا أن إيـذاء النـاس طريـقٌ إلـى النـار، فـإن كـف الأذى عـن النـاس طريـقٌ إلـى الجنـة؛ قال رجلٌ: يا رَسولَ اللهِ، إنَّ فُلانةَ يُذكَرُ مِن كَثرةِ صَلاتِها وصَدقَتِها وصيامِها، غيرَ أنَّها تُؤذي جيرانَها بِلِسانِها؟ قال: هيَ في النَّارِ، قال: يا رَسولَ اللهِ، فإنَّ فُلانةَ يُذكَرُ مِن قِلَّةِ صيامِها وصَدقَتِها وصَلاتِها، وإنَّها تَتَصدَّقُ بالأَثوارِ مِن الأَقِطِ، وَلا تُؤذي جيرانَها بِلسانِها؟ قال: هيَ في الجنَّةِ” رواه أحمـد وابـن حبـان والحاكـم وصححـه.

وعَـنْ أَبِـي هُرَيْـرَةَ رضي الله عنه قَـالَ: قَـالَ رَسُـولُ الِله ﷺ: “مَـرَّ رَجُـلٌ بِغُصْـنِ شَـجَرَةٍ عَلَـى ظَهْـرِ طَرِيـقٍ فَقَـالَ وَالِله لُأنَحِّيَـنَّ هَـذَا عَـنِ الْمُسْـلِمِينَ لَا يُؤْذِيهِـمْ فَأُدْخِـلَ الْجَنَّـةَ» [رواه مسـلم.]

وكان ابـن عبـاس رضي الله عنهما يأخـذ بلسـانه ويقـول: “ويحـك قـل خيـرا تغنـم، واسـكت عـن سـوء تسـلم، وإلا فاعلم أنك ستندم”.

وقـد جـاءَ أعرابـيٌّ إلـى النبـيِّ ﷺ صلي الله عليه وسلم فقـال: “دُلَّنـي على عَمـلٍ يُدخلُنـي الجَنَّةَ»، قَـالَ: «أَطْعِـمِ الجَائعَ، وَاسْـقِ الظَمـآنَ، وأمُـر بالمعـروفِ، وَانْـهَ عـن المنكـرِ، فَـإِنْ لَمْ تُطِقْ فَكُـفَّ لِسَـانَكَ إلَّا مِنْ خَيْـرٍ» [رواه ابنُ أبـي الدنيا بإسـنادٍ جيّد.

وَقَـالَ عَمَّـارٌ رضي الله عنه “ثَـلَاثٌ مَـنْ جَمَعَهُنَّ فَقَدْ جَمَعَ الِإيمَانَ: الِإنْصَافُ مِنْ نَفْسِـكَ، وَبَذْلُ السَّـلَامِ لِلْعَالَمِ، وَالِإنْفَـاقُ مِنَ الِإقْتَارِ”.

قـال ابـن رجـب: “تَضَمَّنَـتْ النُّصُـوص كُلُّهَـا أَنَّ الْمُسْـلِمَ لَا يَحِـلُّ إِيصَـالُ الَْأذَى إِلَيْـهِ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُـوهِ، مِنْ قَـوْلٍ أَوْ فِعْـلٍ بِغَيْـرِ حَـقٍّ، وَقَـدْ قَـالَ تَعَالَـى: ﴿وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا﴾ [الأحـزاب: ]58، وَإِنَّمَا جَعَـلَ الُله الْمُؤْمِنِيـنَ إِخْـوَةً لِيَتَعَاطَفُـوا وَيَتَرَاحَمُوا” جامع العلـوم والحكم.

إجراءات عملية لاحترام الحياة الخاصة

وتجنّب التدخل في شؤون الآخرين

* لا تسـأل النـاس عـن خصوصيـات لا تعنيـك؛ فـلا تسـأل: “كـم راتبـك؟» / «لمـاذا لـم تتـزوج بعـد؟/» «متـى تنجبـون؟/» «لمـاذا لـم تشتـرِ بيتًـا؟» فالأسـئلة الشـخصية تدخـل في دائـرة الفضـول وليـس النصيحـة.

* امسـح مـن هاتفـك عـادات التطفـل، فلا تتصفـح هواتف الآخريـن ولو أعـاروك إياهـا، ولا تلتقط صورًا للنـاس دون إذنهـم، ولا تراقـب «آخـر ظهور» أو تقـرأ الرسـائل الخاصة لغيرك.

* لا تعلـق علـى مـا لا يعنيـك، فإذا سـمعت شـخصًا يشـتكي أو يمر بمشـكلة ولـم يطلب رأيك، فاسـكت، وإن أردت الخيـر لـه، فـادعُ لـه، أو قـدم النصيحة بلُطـف وبخصوصية.

* لا تتبـع عـورات النـاس؛ فـلا تبحـث عـن أسـرارهم، ولا تُظهـر فرحًا بزلاتهم، واسـر كما تحب أن يُسـر عليك.

* اضبـط لسـانك ومواقعـك؛ فـلا تَنقُلْ أخبار الناس في المجالس، ولا تُشـارك صورًا أو تسـجيلات صوتية مـن حياتهـم الخاصـة، ولا تكتب تعليقات جارحة أو ملاحظات فيها سـخرية أو تجسـس.

* ربِّ أبنـاءك علـى أدب الخصوصيـة، وعلّمهـم ألا يقتحموا غرف الآخرين دون اسـتئذان، وعوِّدهم على احترام أسـرار الأسـرة وأحاديث الكبار.

* تذكّـر أنـك كمـا تديـن تُـدان؛ فما تفعله بالناس، سـيعود إليك، ومن يَفضح الناس يُفضح، ومن يتجسـس يُتجسّـس عليـه، واحفظ حُرمة الناس في غيابهـم، يحفظ الله حُرمتك في غيابك.

* ولا يسـأل الأب ابنـه المتـزوج لمـاذا تأخـرت عـن الانجاب بصورة تعـبر عن التدخل الشـديد والإلحاح الضاغـط علـى الأعصـاب والمـؤذي، بخـلاف اطمئنـان الأب علـى ابنـه في تأخـر إنجابـه وتفقـده لحالـه برفـق ولطـف ممـا يـدل علـى الاهتمـام والعناية.

* لا تتدخل في قرارات زملائك، لا تُراقب الناس كيف ينفقون، أو لماذا اشتروا كذا، أو لبسوا كذا.

 

الخطبة الثانية

إيجابيات وسلبيات

مواقع التواصل الاجتماعي

الحمد لله والصلاة والسلام علي سيدنا رسول الله ﷺ وأله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:

فقـد غـدا العالـم اليـوم قريـةً صغيـرة بفضـل التقـدم التكنولوجـي الهائـل، ومـن إيجابيـات هـذا التطـور التكنولوجـي، ووسـائل التواصـل الاجتماعـي خصوصـا:

* توسيع دائرة المعارف والعلاقات الاجتماعية عير المسافات البعيدة. * سرعة الوصول إلى المعلومة.

* التعبير عن الرأي.

* المشاركة الاجتماعية الهادفة. * التعليم والتعلم والتطوير الذاتي.

وعلـى الرغـم مـن أهميـة وسـائل التواصـل الاجتماعـي وإيجابياتهـا الكثيـرة؛ فـإن لهـا سـلبيات في منتهـى الخطـورة.

إنّ من أخطر ما جلبته السوشيال ميديا من سلبيات ما يلي:

* ضياع الأوقات فيما لا ينفع.

* الغيبـة والنميمـة الإلكترونية؛ فالتعليقـات السـلبية علـى صـور النـاس، أو فضح أخطائهم، أو إعادة نشـر فضائحهم: غيبـة ونميمة.

* نشـر الفواحـش والمجاهـرة بالمعاصـي؛ فبعض المسـتخدمين ينشـرون مـا يغضب الله تعالـى، وهذا من المجاهـرة التـي قـال عنهـا صلي الله عليه وسلم: “كل أمتي معـافى إل المجاهريـن” رواه البخاري.

 * التجسـس وتتبـع العـورات؛ مثـل تصفّـح الصـور الخاصـة للنـاس، والدخـول لحسـاباتهم والتلصـص عليهـم.

* تفـكك العلاقـات الأسـرية؛ حيـث يجلـس الأب والأم والأبنـاء على مائدة واحدة، لكـن كلٌّ منهم غارق في هاتفـه، فـلا حـوار، لا تواصل، لا مودة.

* نقـل الإشـاعات وتفـكك المجتمـع؛ فبنقرة واحدة يُنشـر خبر كاذب، فتقوم فتنة، أو يتهـم بريء، أو تُفزع الناس دون داعٍ.

* العَلاقـات الوهميـة؛ حيـثُ العَلاقـاتُ القائمـةُ علـى الإعجابات والتعليقـات، لكنها بلا وفـاءٍ ولا عمقٍ، وتنتهـي لأتفه الأسـباب.

* القلـق والاكتئـاب بسـبب المقارنـات؛ فحين يرى الشـاب صور الأثرياء، والسـفر، والزينـة، فيحزن على حالـه، ويظـن أنه فاشـل، مـع أن ما يراه ربمـا يكون «واجهـة مزيفة.»

* حـب الظهـور وطلـب الشـهرة؛ حيـث إن بعـض النـاس لا يعيش لنفسـه، بل لأجـل ما يرضـي المتابعين، يفـرح بعـدد الإعجابـات أكثـر مـن فرحه بأي شـيء آخر.

* العزلـة والانفصـال عـن الواقـع؛ فرغـم أنـه ربما يظـن المرء أنه محـاط بالناس، لكنه يشـعر بالوحدة، لأن تواصلـه مجرد «شاشـة» لا روح فيها.

* تصـدُّر رؤوسٍ جهـال للفتـوى، والتخـوض في الأمـور العلميـة ممـن ليسـوا أهلًا للتخصـص، ودون فهم لآليـات النـص، ومعرفـة إسـقاطه علـى الواقـع المعيـش، والإحاطـة بـ»فقـه المـآلات»، والإحاطـة بالجهـات الأربـع في الفتـوى «تغيـر الزمـان والمـكان والأحـوال والأشـخاص.»

سبل مواجهة سلبيات مواقع التواصل الاجتماعي:

* العنايـة والمتابعـة والاهتمام الأبـوي: قـال تعالـى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَّا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾ [التحريـم:  6.

وعـن عَمْـرِو بْـنِ أُمَيَّـةَ رضي الله عنه، قَـالَ: قَـالَ رَجُـلٌ لِلنَّبِـيِّ صلي الله عليه وسلم أُرْسِـلُ نَاقَتِي وَأَتَـوَكَّلُ؟، قَـالَ: «اعْقِلْهَا وَتَـوَكَّلْ» [رواه ابـن حِبَّان.]

فعليـك بتفعيـل العنايـة الأبوية في أجهزة الأبناء باسـتخدام برامج رقابة، لحجـب المحتوى الضار، ويجب أن تكـون المراقبة بلطف.

* التثبـت مـن الأخبـار: قـال تعالـى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ﴾ [الحجـرات: .]6 وقـال سـبحانه: ﴿وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ۚ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا﴾ [الإسـراء: .]36

– وَعَنْ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ – رَضِيَ اللَّهُ عنه ، قَـالَ: سَـمِعْتُ رَسُـولَ الِله ﷺ يَقُـولُ: “وَيْـلٌ لِلَّـذِي يُحَدِّثُ فَيَكْـذِبُ لِيُضْحِـكَ بِـهِ الْقَـوْمَ، وَيْـلٌ لَهُ وَيْلٌ لَـهُ” رواه أبـو داود.

* مراقبـة الله تعالـى في كل حركاتـك وسـكناتك: قـال تعالـى: ﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ [النسـاء: ]1، وقـال: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ ۚ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ﴾ [البقـرة: .]235

قـال الإمـام ابـن جُـزَيّ: “إذا تحقـق العبد بهذه الآية وأمثالها اسـتفاد مقـام المراقبة، وهو مقام شـريف أصله علـم وحـال، ثـم يثمـر حاليـن: أمـا العلـم: فهـو معرفـة العبد بـأنّ الله مطلـع عليـه، ناظر إليه يـرى جميـع أعماله، ويسـمع جميـع أقوالـه، ويعلـم كل مـا يخطـر علـى بالـه. وأمـا الحـال: فهـي ملازمـة هـذا العلـم للقلـب بحيـث يَغلِـب عليـه، ولا يَغفُـلُ عنـه، ولا يكفـي العلـم دون هـذه الحـال، فـإذا حصل العلـم والحال: كانـت ثمرتها عند أصحـاب اليميـن: الحيـاء مـن الله، وهـو يوجب بالضـرورة ترك المعاصـي، والجِد في الطاعـات، وكانت ثمرتها عنـد المقرّبيـن: الشـهادة التـي توجـب التعظيم والإجلال لـذي الجلال” التسـهيل لعلـوم التنزيـل، .]176/1

* استشـعار أمانـة الكلمـة: قـال تعالـى: ﴿وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَٰذَا حَلَالٌ وَهَٰذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [النحـل: :116 .]117

وعـن أَبِـي هُرَيْـرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عنه، عَـنِ النَّبِيِّ ﷺ قال: “إِنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّـمُ بِالكَلِمَةِ مِنْ رِضْـوَانِ الِله، لاَ يُلْقِي لَهَـا بَـالًا، يَرْفَعُـهُ الُله بِهَـا دَرَجَـاتٍ، وَإِنَّ العَبْـدَ لَيَتَكَلَّـمُ بِالكَلِمَـةِ مِـنْ سَـخَطِ الِله، لاَ يُلْقِـي لَهَـا بَـالً، يَهْـوِي بِهَـا فِـي جَهَنَّـمَ” رواه البخاري.

الالتـزام بحـدود التواصـل بيـن الرجـال والنسـاء: فيجـب أن يكـون التواصـل لغـرض مشـروع وليـس بدافـع التسـلية أو الفضـول، كمـا لا يجـوز اسـتخدام ألفـاظ لينـة أو عبـارات فيهـا ميوعـة أو تلميحـات عاطفيـة، وكذلـك الاقتصـار علـى قـدر الحاجـة فقط، دون اسـتطراد أو الدخـول في خصوصيات. كما لا يجـوز أن تكون المحادثـة متكـررة بشـكل دائـم يـؤدي إلـى تعلـق القلب أو نشـوء علاقـة محرمة، وكذلـك عدم إرسـال صور أو رمـوز تعبيريـة )إيموجـي) غيـر مناسـبة، مثـل القلـوب والوجـوه التـي تحمـل دلالات عاطفية.

* تحـري أكل الحـلال عبـر مواقـع التواصـل الاجتماعـي: فليحـذر كل مـن يتصـدر علـى مواقـع التواصـل الاجتماعـي مـن التكسـب مـن وراء البرامـج والمقاطـع التـي تسـتهدف أعـراض النـاس، فـإن مـن يفعـل ذلـك يـأكل حرامـا، ولا تغرنـه الشـهرة وكثـرة المتابعـات والمشـاهدات، فهـو أمـر -لـو علمـه- عظيـم!

فعَـنْ وَقَّـاصِ بْـنِ رَبِيعَـةَ عَـنِ الْمُسْـتَوْرِدِ رضي الله عنه، أَنَّـهُ حَدَّثَـهُ أَنَّ النَّبِـيَّ ﷺ قال: “مَـنْ أَكَلَ بِرَجُـلٍ مُسْـلِمٍ أَكْلَـةً فَـإِنَّ الَله يُطْعِمُـهُ مِثْلَهَـا مِـنْ جَهَنَّـمَ، وَمَـنْ كُسِـيَ ثَوْبًـا بِرَجُـلٍ مُسْـلِمٍ فَـإِنَّ الَله يَكْسُـوهُ مِثْلَهُ مِـنْ جَهَنَّمَ.» [رواه أبـو داود.]

والمعنـى أن المـال والطعـام والكسـوة وسـائر مـا يملكـه الإنسـان، إذا كان ناتجـا بسـبب الاسـتهزاء بالناس والسـخرية منهـم، أو الغيبـة والنميمـة، أو إيغـار صـدور النـاس بعضهـم علـى بعـض، فـإن مصيـر كل ذلـك إلـى جهنـم والعيـاذ بـالله تعالى.

إجراءات عملية للتعامل مع مواقع التواصل الاجتماعي:

* اضبـط أوقـات اسـتخدام الهاتـف بـأن تحـدد لنفسـك وأولادك أوقاتًا يومية لاسـتخدام الهاتـف، وتكون هنـاك فتـرات «صيـام رقمي» للأسـرة كلها.

* احذف الحسابات التي تنشر منكرًا أو تضيع وقتك.

* اسـتخدام تطبيقـات تقنيـن الوقـت؛ فهنـاك تطبيقـات تحـدد عـدد دقائـق الاسـتخدام، وتغلـق التطبيقـات تلقائيًـا بعدها.

 * لا تنشر صورك أو حياتك الخاصة بسهولة، ولا تفتح الكاميرا في كل وقت ومكان.

* لا تتابع الناس في كل تفاصيلهم، ولا تراقب حياة الآخرين ثم تشتكي من حياتك

. * تذكّر أن الناس ينشرون لحظات «منتقاة»، وليست الحقيقة الكاملة.

* اسـتخدم السوشـيال ميديـا: للخيـر والعلـم، وللتواصـل البنّـاء، ولتقويـة القيـم والــهُويَّة الدينيـة والوطنية والأخلاقيـة، وابتعـد عـن: تضييـع الوقـت، والعَلاقـات المحرمـة، ومتابعـة التافهيـن ومروّجـي الفسـاد. واجعل السوشـيال ميديـا وسـيلةً لا غايـةً، واجعلهـا تُقرّبـك مـن الله لا أن تُبعـدك عنـه.

مراجع للاستزادة:

– إحياء علوم الدين، أبو حامد الغزالي.

 – الرسالة القشيرية للقشيري.

– التسهيل لعلوم التنزيل، ابن جُزيّ المالكي.

 

 

 _____________________________________

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

وللإطلاع علي قسم خطبة الجمعة

 

تابعنا علي الفيس بوك

 

الخطبة المسموعة علي اليوتيوب

 

وللإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات

 

للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

وللمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

اظهر المزيد

كتب: د.أحمد رمضان

الدكتور أحمد رمضان حاصل علي الماجستير من جامعة الأزهر بتقدير ممتاز سنة 2005م ، وحاصل علي الدكتوراه بتقدير مع مرتبة الشرف الأولي من جامعة الأزهر الشريف سنة 2017م. مؤسس جريدة صوت الدعاة ورئيس التحرير وكاتب الأخبار والمقالات المهمة بالجريدة، ويعمل بالجريدة منذ 2013 إلي اليوم. حاصل علي دورة التميز الصحفي، وقام بتدريب عدد من الصحفيين بالجريدة. للتواصل مع رئيس التحرير على الإيميل التالي: ahmed_dr.ahmed@yahoo.com رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) للمزيد عن الدكتور أحمد رمضان رئيس التحرير أضغط في القائمة علي رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

زر الذهاب إلى الأعلى