مقالات وأراء

قيم روحية في حج بيت الله بقلم رئيس التحرير

فمما لا شك فيه أنه بحلول هذه الأيام الكريمة ، والتي هي معطرة برضوان الله ومغفرته ، تمتلئ القلوبُ شوقاً للذهاب إلى بيت الله الحرام ؛ لآداء هذه الفريضة السامية وتعظيم الشعائر والنسك في تلك الفريضة ، الأمر الذي يجعل الإنسانَ في هذه الرحلة يعيش متعةً رُوحية لا تعادلها متعة أخرى ؛ ذلك لأنه فيها يتصل بالله عز وجل ويقطع علاقته مع كل شئ ، ويكون مع مَن خلق كل شئ ، ويخرج من الحياة التي أَِلفها وتعوَّدَ عليها ليتقرب من الله في صلاة وطواف وتلبية وتهليل وتحميد وتسبيح . من هنا أردت أن نستنبط بعض هذه القيم الروحية في زيارة البيت الحرام من خلال النقاط التالية :

•     الحج بين الإيجاب والسلب :

أراد الله عز وجل منا أن تقوم أي عبادة على الإيجاب والسلب ، أي الأمر والنهي ، وفي الحج كذلك ، فالحج عبادة فيها الأمر والنهي ، وهذا نجده جلياً في كتاب الله عز وجل حين         قال :   الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ ( ) فهناك أمور منهي عنها في الحج كالرفث والفسوق والجدال ، وهناك ما هو مأمور به في الحج وهذا نجده في قوله تعالى : وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ  . والمعنى هنا أن نأتي بما يقابل الأمور المنهي عنها ، فمثلاً : الرفث وهو يطلق على الجماع أو كل مقدمة للجماع كالنظرة بالعين أو الكلمة باللسان أو غير ذلك ، وهذا أمر منهي عنه في الحج ، ويجب أن تأتي بما يقابله فيحدُث للإنسان العفةُ في أسلوبه ، في كلماته ، في نظراته ، في علاقته بزوجته الحلال له في الحج .

وكذلك الفسوق ، وهو الخروج عن منهج الله ، فالفسوق وإن كان محرماً في غير الحج فهو أولى وأحرى أن يكون محرماً في الحج ، فليس من الأدب أن يكون المسلم في بيت الله ويقع منه هذا الفسوق ، فالإنسان يذهب إلى البيت الحرام راجياً من الله مغفرة ذنوبه وتكفيرها عنه ، فهل من العقل أن يرتكب فيه ذنوباً ؟

والأمر أيضا في الجدال ، والذي يأتي نتيجة الضيق وغير ذلك ، وهو النزاع اللساني الذي يُغضب ويسيئ ، فحين يخرج الحاج إلى الحج فإنه يترك أهله وبيته وولده ونظام حياته كلها ، ويقابل آخرين يمكث معهم ، فربما من تغيير نظامه الحياتي الذي تعوّد عليه يأتي الضيق ويدخل في جدال مع غيره من الناس ، فهذا أمر مرفوض ومنهي عنه ، والواجب على الحاج أن يدع كل ذلك وينتهي عن الجدال ويتحمل كل ذلك في جناب الله عز وجل ، ويجعل جلّ وقته في أن يأنس بعبادة ربه جل وعلا .

وبناءًا على ذلك فإن الحاج في حجه يبلغ مقاصدَ وأسراراً طيبة من تربية النفس ومن معاني الخير كالعفة والصبر والتحمل وسعة الصدر ، والصفح والعفو ، والتأدب ، والدعوة للخير ، وصيانة نظره ولسانه وسائر جوارحه ، وغير ذلك ، فهذه أخلاق كريمة يورثها حج بيت الله الحرام ، ومن الحري بمن اكتسب هذه الأخلاق في الحج أن يحافظ عليها في غير حج ، فالله اصطفى هذا المكان ليشيع ما يحدث فيه في غيره من الأمكنة

اظهر المزيد

admin

مجلس إدارة الجريدة الدكتور أحمد رمضان الشيخ محمد القطاوي رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) تليفون (phone) : 01008222553  فيس بوك (Facebook): https://www.facebook.com/Dr.Ahmed.Ramadn تويتر (Twitter): https://twitter.com/DRAhmad_Ramadan الأستاذ محمد القطاوي: المدير العام ومسئول الدعم الفني بالجريدة. الحاصل علي دورات كثيرة في الدعم الفني والهندسي للمواقع وإنشاء المواقع وحاصل علي الليسانس من جامعة الأزهر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »