أخبار مهمةالخطبة المسموعةخطبة الأسبوعخطبة الجمعةخطبة الجمعة القادمة ، خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف المصرية مكتوبة word pdfعاجل

وزارة الأوقاف تعلن رسميا عن زاد الأئمة والخطباء.. لـ خطبة الجمعة القادمة : الاِتِّحَادُ قُوَّةٌ

الاِتِّحَادُ قُوَّةٌ ، بتاريخ 23 محرم 1447هـ ، الموافق 18 يوليو 2025م

زاد الأئمة : وزارة الأوقاف تعلن رسميا عن زاد الأئمة والخطباء.. الدليل الإرشادي لـ خطبة الجمعة القادمة حول : الاِتِّحَادُ قُوَّةٌ ، بتاريخ 23 محرم 1447هـ ، الموافق 18 يوليو 2025م.

ننشر زاد الأئمة والخطباء.. الدليل الإرشادي لخطب الجمعة القادمة : الاِتِّحَادُ قُوَّةٌ بصيغة pdf

 

الإصدار التاسع من سلسلة ” زاد الأئمة والخطباء: الدليل الإرشادي لخطب الجمعة”
استمراراً لما انتهجته وزارة الأوقاف مؤخراً من التيسير على السادة الأئمة والخطباء ودعماً لنماء زادهم العلمي والفكري والمعرفي نقدم هذا الإصدار من تلك السلسلة التي هي عبارة عن بحث موسع يجمع الشواهد والمعاني التي يمكن للخطيب أن يديم النظر فيها طوال الأسبوع، لتعينه على الإعداد الجيد لخطبته، وإتقان تناوله للموضوع، وزيادة عمقه وأصالته، وربط نصوص الشريعة بالواقع المعيش، حتى إذا صدرت الخطبة في موعدها المعتاد يوم الأربعاء من كل الأسبوع في صورتها النهائية المركزة المختصرة، يكون الخطيب قد هضم موضوعه وخالطه وعايشه، بما يحقق استيعاب الخطبة النهائية وأداءها على النحو المأمول.
وتهيب وزارة الأوقاف بكل أبنائها إلى التوسع في القراءة الواعية المستوعبة لكل ميادين الحياة واهتماماتها، وامتلاك الثقافة الواسعة التي تعينهم على أداء دورهم الديني الوطني على أكمل وجه.

 

ولقراءة زاد الأئمة والخطباء.. لـ خطبة الجمعة القادمة : الاِتِّحَادُ قُوَّةٌ ، كما يلي:

 الحمد لله رب العالمين، من توكل عليه كفاه، ومن اعتصم به نجَّاه، ومن فوَّض الأمر إليه كفاه ووقاه، والصلاة والسلام على سيدنا وسندنا محمد رسول الله، ومصطفاه ومجتباه، وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه، أما بعد:

فإن قوة الأمة وعزتها تكمن في وحدتها وتماسكها، فالمجتمع المتحد يكون قويًّا عزيزًا أمام نفسه وفي عيون أعدائه، لا يستطيع الأعداء النيل منه، بينما التفرق يضعف الأمة ويوهنها ويجعلها عرضة للأخطار والفتن.

لقد أمرنا الله سبحانه وتعالى بالاعتصام بحبله المتين، ونبذ التفرق والاختلاف، يقول الله تعالى في محكم تنزيله: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} [آل عمران: ١٠٣].

كما أن الله تعالى قد تبرأ ممن يفرقون دينهم وأصبحوا شيعًا وأحزابًا، قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ} [الأنعام: ١٥٩].

  • الاتحاد شعار جميع الرسل والأنبياء عليهم الصلاة والسلام

لقد جاء جميع الرسل بقصد جمع تفرق الناس ولَمِّ شعثهم، ووحدة صفهم، وهذا المقصد من أعظم مقاصد بعثة الرسل عليهم الصلاة والسلام، قال تعالى مخاطبًا صفوته من خلقه: {أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ} [الشورى: ١٣].

فوصَّى الله تعالى جميع الأنبياء بدعوة الناس إلى توحيده تعالى وإقامة دينه، وكذا دعوتهم إلى الائتلاف والجماعة، ونهاهم عن الافتراق والاختلاف.

قال الإمام البَغَوي: “بَعَثَ اللَّهُ الْأَنْبِيَاءَ كُلَّهُمْ بِإِقَامَةِ الدِّينِ وَالْأُلْفَةِ وَالْجَمَاعَةِ وَتَرْكِ الْفُرْقَةِ وَالْمُخَالَفَةِ.[معالم التنزيل].

  • الاجتماع والوَحْدة مبدأ حياة

إن الاتحاد واجتماع الكلمة واجب من أعظم الواجبات، وركنٌ أساسٌ في بنيان الأمة لا تنهض إلا به، وقد رسم الله تعالى مبدأ الجماعة في كل شيء، وقدم مصلحة الجماعة على مصلحة الفرد دائمًا.

وليست الوحدة في الإسلام مأمورًا بها –فقط- عند الفتن والمشاق ومواجهة الضر والبلاء، بل إن الإسلام يحب الاجتماع والاعتصام في كل شيء من أمور الدين والدنيا، وكأن الشرع يدعوك إلى الوحدة في كلٍّ من الأمور التعبدية والأمور العادية -على حد سواء-.

فلا تعجب حين ترى ذلك حتى على الطعام، فعن وحشي بن حرب -رضي الله عنه-، أَنَّهُمْ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا نَأْكُلُ وَلَا نَشْبَعُ، قَالَ: «فَلَعَلَّكُمْ تَأْكُلُونَ مُتَفَرِّقِينَ؟» قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: «فَاجْتَمِعُوا عَلَى طَعَامِكُمْ، وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ، يُبَارَكْ لَكُمْ فِيهِ». [رواه ابن ماجه].

قال الإمام السِّنْدي: “قوْلُهُ: (فَاجْتَمِعُوا. . . إِلَخْ) فَبِالِاجْتِمَاعِ تَنْزِلُ الْبَرَكَاتُ فِي الْأَقْوَاتِ، وَبِذِكْرِ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى يَمْتَنِعُ الشَّيْطَانُ عَنِ الْوُصُولِ إِلَى الطَّعَامِ”. [حاشية السندي]

وفي الحديثأحبّ الطّعام إلى الله ما كَثُّرَت عليه الأيدي. [رواه أبو يعلى والطبراني].

وفي الاجتماع على الصلاة، جاء عَنْ سيدنا أَبِي الدَّرْدَاءِ -رضي الله عنه-، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ«مَا مِنْ ثَلَاثَةٍ فِي قَرْيَةٍ وَلَا بَدْوٍ لَا تُقَامُ فِيهِمُ الصَّلَاةُ إِلَّا قَدِ اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ، فَعَلَيْكَ بِالْجَمَاعَةِ فَإِنَّمَا يَأْكُلُ الذِّئْبُ الْقَاصِيَةَ»، قَالَ زَائِدَةُ: قَالَ السَّائِبُ: يَعْنِي بِالْجَمَاعَةِ: الصَّلَاةَ فِي الْجَمَاعَةِ» [رواه أبو داود والترمذي].

وكذا الجماعة عند فهم وتدبر قراءة القرآن الكريم؛ فعَنْ جُنْدَبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ -رضي الله عنه-، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «اقْرَءُوا القُرْآنَ مَا ائْتَلَفَتْ عَلَيْهِ قُلُوبُكُمْ، فَإِذَا اخْتَلَفْتُمْ فَقُومُوا عَنْهُ» [رواه البخاري].

وعَنْ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما-، قَالَ: خَطَبَنَا عُمَرُ بِالجَابِيَةِ فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنِّي قُمْتُ فِيكُمْ كَمَقَامِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِينَا، فَقَالَ: «..، عَلَيْكُمْ بِالجَمَاعَةِ وَإِيَّاكُمْ وَالفُرْقَةَ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ مَعَ الوَاحِدِ وَهُوَ مِنَ الِاثْنَيْنِ أَبْعَدُ، مَنْ أَرَادَ بُحْبُوحَةَ الجَنَّةِ فَلْيَلْزَمُ الجَمَاعَةَ، مَنْ سَرَّتْهُ حَسَنَتُهُ وَسَاءَتْهُ سَيِّئَتُهُ فَذَلِكَ الْمُؤْمِنُ» [رواه الترمذي].

  • قوة الأمة وعزتها في وَحْدتها

قال تعالى: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [الأنفال: ٤٦]. وجمهور المفسرين على أن “الريح”: هنا مستعارة، والمراد بها “النصر والقوة”، أو “الدولة”، شبهت في نفوذ أمرها وتمشيه بالريح وهبوبها، من كلامهم هبت رياح فلان: إذا دالت له الدولة، وجرى أمره على ما يريد، وركدت رياحه إذا ولت عنه وأدبر أمره”. [الكشاف للزمخشري، والمحرر الوجيز لابن عطية].

وقديمًا دعا رجلٌ حكيمٌ أولاده وجمع لهم عددًا من الرماح بـحُزْمة واحدة، وطلب من كل واحد منهم أن يكسرها مجتمعة، فعجزوا وما استطاعوا إليها سبيلًا، ولما فرَّقها عليهم استطاع كلُّ واحدٍ كسر رمحه بغير عناء ولا مشقة، فأنشد يقول:

       كونوا جميعًا يا بنيَّ إذا اعترى* خَطْبٌ ولا تتفرقوا آحادا

          تَأْبى الرِّمَاحُ إذا اجْتَمَعْنَ تَكَسُّرًا* وإِذَا افْتَرَقْنَ تَكَسَّرتْ أفْرَادا  

       [مجمع الحكم والأمثال].

ويذكر الحافظ ابن كثير -رحمه الله-: أنه لما رأى ملك الروم اشتغال سيدنا معاوية -رضي الله عنه-، بحرب سيدنا عليّ -رضي الله عنه-؛ تدانى إلى بعض البلاد في جنود عظيمة وطمع فيه، فكتب معاوية إليه: “والله لئن لم تنته وترجع إلى بلادك يا لعين؛ لأصطلحنَّ أنا وابن عمي عليك، ولأخرجنَّك من جميع بلادك، ولأضيقنَّ عليك الأرض بما رحبت، فعند ذلك خاف ملك الروم وانكفَّ، وبعث يطلب الهدنة”. [البداية والنهاية].

  • نسيان الخلاف ورأب الصدع لجمع الكلمة

ليس من الحكمة إحياء الخلاف في وقت يُحاك لنا فيه الكثير من الفتن، وليس من الحكمة أن نوسع الخلاف في وقت يتربص بنا عدونا، فيجب تغليب المصلحة العامة على الشخصية، والبعد عن إثارة الخلاف في الفرعيات المختلف فيها التي تجلب الجدل والفرقة، ومن قواعد الفقه: “لا إنكار في المختلف فيه”، فليعذر بعضنا بعضًا، ولنحرص على رأب صدع الخلاف وتدارك الفرقة من خلال أهل الإصلاح، وذلك بعقد جلسات الصلح والحوار، امتثالا لقوله تعالى {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} [الحجرات: ٩]، وقوله{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}[الحجرات: ١٠].

وقد أثمرت حوارات مصعب بن عمير -رضي الله عنه- البناءة والهادفة مع الأنصار، فتوحدت صفوفهم، واجتمعت كلمتهم، بعد أن كانت الصراعات قائمة بين الأوس والخزرج حيناً من الزمن، فدخلوا الإسلام وأصبحوا إخوةً مجتمعين.

  • التفرق مؤذن بذهاب الأمم وهلاكها.

قال تعالى: {وَلاَ تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} [الأنفال: ٤٦].

قال سيدنا ابن عباس -رضي الله عنهما لسِمَاك الحنفي: يا حنفي، الجماعة الجماعة!! فإنما هلكت الأمم الخالية لتفرقها، أما سمعت الله عز وجل يقول: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا}.

وعَنْ سيدنا النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ -رضي الله عنهما- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: «الْجَمَاعَةُ رَحْمَةٌ، وَالْفُرْقَةُ عَذَابٌ» [رواه أحمد] وفي رواية البزار «وَالْجَمَاعَةُ بَرَكَةٌ».

  • اعتزل تلك الفرق كلها

عن حذيفة بن اليمان -رضي الله عنهقال: كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْخَيْرِ، وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّا كُنَّا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ، فَجَاءَنَا اللهُ بِهَذَا الْخَيْرِ، فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ شَرٌّ؟ قَالَ: «نَعَمْ»، فَقُلْتُ: هَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ؟ قَالَ: «نَعَمْ، وَفِيهِ دَخَنٌ»، قُلْتُ: وَمَا دَخَنُهُ؟ قَالَ: «قَوْمٌ يَسْتَنُّونَ بِغَيْرِ سُنَّتِي، وَيَهْدُونَ بِغَيْرِ هَدْيِي، تَعْرِفُ مِنْهُمْ وَتُنْكِرُ»، فَقُلْتُ: هَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ؟ قَالَ: «نَعَمْ، دُعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا»، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، صِفْهُمْ لَنَا، قَالَ: «نَعَمْ، قَوْمٌ مِنْ جِلْدَتِنَا، وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا»، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، فَمَا تَرَى إِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ؟ قَالَ: «تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ»، فَقُلْتُ: فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلَا إِمَامٌ؟ قَالَ: «فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا، وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ عَلَى أَصْلِ شَجَرَةٍ حَتَّى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ». [صحيح مسلم].

قال صاحب فتح المنعم: “والحديث يشير إلى الحالات التي مرت بالأمة الإسلامية بعد النبي -صلى الله عليه وسلم- إذ كان الخير في عهده خالصا، ثم جاءت الفتنة الكبرى بمقتل عثمان، وقتال المسلمين في معركتي الجمل وصفين، فالظاهرة العامة حينئذ الشر، ثم كان الهدوء النسبي في عهد معاوية، ثم كثر شر حكام بني أمية، ثم جاء عدل عمر بن عبد العزيز، ثم طغى الشر، وتفرقت الأمة شيعا وأحزابا”.

وفي هذا الحديث الشريف وجوب لزوم جماعة المسلمين وإمامهم، ففي زمن الفتن يكون التمسك بالجماعة والإمام الشرعي هو طريق النجاة، لا التفرق ولا الخروج. [فتح المنعم]

  • الاتحاد مقصد شرعي جليل

قال الإمام الطاهر بن عاشور: “ومن المقاصد المعلن عنها في الكتاب أيضاً: التمسك بالوحدة، ومحاربة التفرُّق والانقسام؛ ومما يدل على هذا المقصد الجليل ورود آيات وأحاديث تدعو إلى “الاتحاد”؛ ليصبح لهم عنواناً ومكرمة، منها قوله تعالى: {وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ}، وقوله: {وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ}، وقول النبي -صلى الله عليه وسلم- يحرِّض معاذَ بنَ جبل وأبا موسى الأشعري –رضي الله عنهما- على الوفاء: وتطاوعا ولا تختلفا، والأمثلة على هذا المقصد وما يتفرَّع عنه متوافرة في الشريعة الإسلامية؛ لحرصها على حماية كل المصالح الأساسية: الضرورية والحاجية والتحسينية”.[مقاصد الشريعة الإسلامية].

  • ثمرات الاتحاد على المجتمعات والأمم

إن الاتحاد يجلب الخير والبركة على الأفراد والمجتمعات، فمن ثمرات الاتحاد:

القوة والعزة: المجتمع المتحد يكون قويًا عزيزًا، لا يستطيع الأعداء النيل منه.

الرخاء والازدهار: بالاتحاد والتعاون تتحقق التنمية والازدهار في جميع المجالات، فالموارد تستغل بكفاءة، والجهود تتضافر لتحقيق الأهداف المشتركة.

الأمن والاستقرار: المجتمع المتحد ينعم بالأمن والاستقرار، حيث تقل النزاعات والخلافات، ويسود التفاهم والمحبة بين أفراده.

  • إجراءات عملية لتطبيق مفهوم “الاتحاد قوة

فكرة “الاتحاد قوة” ليست مجرد شعار، بل مبدأ عملي يمكن تطبيقه في حياة الأفراد والمجتمعات؛ لبناء نهضة حقيقية وتحقيق الاستقرار والازدهار، وإليك مجموعة من الإجراءات العملية التي تُجسِّد هذا المعنى وتُفعِّله في واقع المجتمع:

تقسيم الأدوار داخل البيت بحيث يشارك الجميع في المهام (مثل تنظيف البيت وترتيبه).

تنفيذ أنشطة جماعية في المدارس والجامعات (مشاريع، مسرحيات، حملات تطوعية) لتدريب الطلاب على التعاون.

تشكيل لجان شعبية تطوعية لحل مشكلات الحي الذي تعيش فيه أو قريتك (النظافة – الأمن – المرافق).

تنظيم حملات تطوعية عامة موحدة مثل تنظيف الشوارع أو زرع الأشجار.

إقامة مبادرات جماعية مثل جمع التبرعات لمريض أو أسرة محتاجة.

نشر قصص نجاح جماعية تُبرز كيف أن الاتحاد قاد إلى النصر والتقدم.

التصدي للفرقة والشائعات التي تبث الكراهية بين أبناء المجتمع.

إطلاق حملات توعية على السوشيال ميديا حول خطورة الانقسام وأهمية التكاتف.

إن الاتحاد لا يكون بكثرة العدد فقط، بل بتوحيد القلوب، وتوزيع الجهود، وتقديم الأهداف العامة فوق الخاصة، فبالاتحاد تبنى الأوطان، وبالفرقة والاختلاف والتنازع تُهدم المجتمعات، وتكون عُرضة لنيل الأعداء منها.

فاللهم اجمع كلمتنا، ووحد صفنا، وهيئ لنا من أمرنا رشدًا، ووفق ولاة أمورنا لما فيه خير البلاد والعباد برحمتك يا أرحم الراحمين.

 

 

العنف الأسري

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد رحمة الله للعالمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فإن أول ما نبدأ به أمر وحدتنا، الوحدة في بيوتنا، بين الأزواج، وبين الأولاد مع آبائهم، والإخوة والأخوات، فإذا كانت بيوتنا مفككة فالمجتمع حينها سيكون أشد خطرًا وتفككا، ولذا من الحكمة أن نصلح بيوتنا فهي عماد صلاح مجتمعاتنا.

  • خطورة العنف الأسري

إن العنف الأسري ليس مجرد سلوك فردي خاطئ، بل هو جريمة لها آثارها المدمرة على الأسرة والمجتمع، وبسببه يتجه الطفل إلى إدمان وسائل التواصل الاجتماعي، ثم الانحراف نفسيا والتطرف نحو الإرهاب أو الإلحاد.

وهو عبارة عن أي سلوك مسيء أو عنيف يحدث داخل نطاق الأسرة، ويُمارس من أحد أفرادها ضد فرد آخر، سواء كان هذا العنف جسديًا، نفسيًا، لفظيًا، جنسيًا، مثل الإهانة، والتهديد، والتحقير، أو العزل عن الآخرين، أو السب والشتم والصراخ المستمر، أو ضرب الزوجة وشتمها، وتعنيف الأبناء نفسيًا أو بدنيًا، وإهمال حاجاتهم العاطفية والتربوية، أو التحكم والسيطرة القهرية باسم القوامة.

وهو يؤدي إلى القلق، والاكتئاب، وضعف الثقة بالنفس، وتدهور الصحة الجسدية بسبب التوتر المستمر، وإلى زيادة معدلات الجريمة في المجتمع، وإلى تفكك الأسرة، وتفكك الأواصر، وانتشار الكراهية والبغضاء، وتنشئة جيل معقد نفسيًا، يحمل في طياته بذور العنف والانحراف، كما أنه يضعف الوازع الديني والأخلاقي، ويفتح الباب أمام الكثير من المشكلات الاجتماعية.

  • خيركم خيركم لأهله

لقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم– خير قدوة في التعامل مع أهله، ولم يضرب امرأة قط.

عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي [رواه الترمذي].

هذا الحديث الشريف يبين أن معيار الخيرية في الرجل هو حسن معاملته لأهله، وأن النبي -صلى الله عليه وسلم– كان خير الناس لأهله.

وعن عائشة -رضي الله عنها- قالتما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئًا قط بيده، ولا امرأة، ولا خادمًا، إلا أن يجاهد في سبيل الله [رواه مسلم].

هذا الحديث يؤكد على أن النبي -صلى الله عليه وسلم لم يكن يمارس أي شكل من أشكال العنف الجسدي، لا على زوجاته ولا على خدمه، مما يدل على أن العنف ليس من هدي الإسلام.

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «أَكْمَلُ المُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا، وَخَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِنِسَائِهِمْ». [رواه الترمذي].

  • الحنان والأمان أساس العلاقة الأسرية

لقد جعل الله سبحانه وتعالى العَلاقة الزوجية قائمة على المودة والرحمة، وليس على العنف والقسوة.

يقول الله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الروم: ٢١].

هذه الآية الكريمة تبين أن الهدف من الزواج هو السكن النفسي والراحة، وأن أساس العلاقة الزوجية هو المودة والرحمة -لا العنف والشقاق- والحنان والأمان بين كل الأطراف.

وقد أمرنا الله تعالى بمعاشرة النساء بالمعروف، حتى وإن كره الرجل شيئًا منهن، فربما يكون فيه خير كثير.

يقول تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا} [النساء: ١٩].

هذه الآية تدعو إلى الصبر والحلم في التعامل مع الزوجات، وتنهى عن الظلم والإساءة، حتى في حالة الكراهية، فربما يكمن الخير في هذا الصبر والمعاملة الحسنة.

قال حجة الإسلام الإمام الغزالي: “واعلم أنه ليس حسن الخلق معها كف الأذى عنها، بل احتمال الأذى منها، والحلم عن طيشها وغضبها، اقتداء برسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقد كانت أزواجه تراجعنه الكلام، ومن آداب المعاشرة- أيضاً- أن يزيد على احتمال الأذى منها بالمداعبة، والمزح والملاعبة، فهي التي تطيب قلوب النساء، وقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يمزح معهن، وينزل إلى درجات عقولهن في الأعمال، وقال عمر -رضى الله عنه-: «ينبغي للرجل أن يكون في أهله مثل الصبي؛ فإذا التمسوا ما عنده وجدوه رجلاً»، وكان ابن عباس -رضى الله عنه- يقول: «إني لأتزين لامرأتي كما تتزين لي». [إحياء علوم الدين].

ولذا أرشد سيدنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم الأزواج ألا يبغض أحدهم الآخر؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً، إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ». [رواه مسلم]، فإذا كان منصفًا غض الطرف عن مثالبها؛ لقلتها في محاسنها، أما من ستر المحاسن، وأظهر العيوب، فلن تصفو له الحياة، بل سيظل في تعاسة أبد الدهر.

وحذَّر من العنف في التعامل مع الزوجة، وبين أنه ليس من مقومات الرجولة، بل دليل على الضعف والعجز، فلقد أَطَافَ بِآلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِسَاءٌ كَثِيرٌ يَشْتَكِينَ أَزْوَاجَهُنَّ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ«لَقَدْ طَافَ بِآلِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِسَاءٌ كَثِيرٌ يَشْتَكِينَ أَزْوَاجَهُنَّ، لَيْسَ أُولَائِكَ بِخِيَارِكُمْ» [رواه الحاكم].

وبناء على ذلك فلا بد من:

– ضرورة حل المشكلات الأسرية بالحوار، بدلا من أن يلجأ أحد الطرفين للعنف، مما يؤدي إلى تفاقم الخلافات وتراكم المشاعر السلبية.

– أهمية تعاون الزوجين في مواجهة ضغوط الحياة، حتى لا تؤدي إلى ازدياد العنف، أو الكره بين الزوجين، وأحيانا يلجأ أحد الأطراف إلى الانتحار للتخلص من الحياة الصعبة التي لا يستطيع مواجهتها.

– لا بد من اللجوء للمتخصصين في حالة عدم القدرة على معالجة العنف الأسري ومحو أثاره.

اللهم أصلح بيوتنا، وأزل الوحشة من بيوتنا، واملأ بيوتنا نورًا، وربِّ لنا أولادنا، وأصلح فساد قلوبنا، برحمتك يا أرحم الراحمين.

مراجع للاستزادة

– إحياء علوم الدين ، الغزالي

– حلية الأولياء ، أبو نعيم الأصبهاني

– الموسوعة في سماحة الإسلام ، محمد الصادق عرجون

 

 

 _____________________________________

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

وللإطلاع علي قسم خطبة الجمعة

 

تابعنا علي الفيس بوك

 

الخطبة المسموعة علي اليوتيوب

 

وللإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات

 

للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

وللمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

اظهر المزيد

كتب: د.أحمد رمضان

الدكتور أحمد رمضان حاصل علي الماجستير من جامعة الأزهر بتقدير ممتاز سنة 2005م ، وحاصل علي الدكتوراه بتقدير مع مرتبة الشرف الأولي من جامعة الأزهر الشريف سنة 2017م. مؤسس جريدة صوت الدعاة ورئيس التحرير وكاتب الأخبار والمقالات المهمة بالجريدة، ويعمل بالجريدة منذ 2013 إلي اليوم. حاصل علي دورة التميز الصحفي، وقام بتدريب عدد من الصحفيين بالجريدة. للتواصل مع رئيس التحرير على الإيميل التالي: ahmed_dr.ahmed@yahoo.com رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) للمزيد عن الدكتور أحمد رمضان رئيس التحرير أضغط في القائمة علي رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

زر الذهاب إلى الأعلى