web analytics
أخبار عاجلة

الدكتور خالد بدير من علماء الأوقاف يتحدث عن أنواع الشهداء

الدكتور خالد بدير من علماء الأوقاف يتحدث عن أنواع الشهداء

قال الدكتور خالد بدير : كثير من الناس يعتقد أن الشهادة في سبيل الله مقتصرة على الموت في محاربة الكفار فقط ، ولكن شهداء أمة محمد صلى الله عليه وسلم كثيرون، ففي الحديث المتفق عليه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ” الشُّهَدَاءُ خَمْسَةٌ: الْمَطْعُونُ؛ وَالْمَبْطُونُ؛ وَالْغَرِقُ؛ وَصَاحِبُ الْهَدْمِ؛ وَالشَّهِيدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.”  ؛  وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” الشُّهَدَاءُ سَبْعَةٌ سِوَى الْقَتْلِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ: الْمَطْعُونُ شَهِيدٌ؛ وَالْغَرِقُ شَهِيدٌ؛ وَصَاحِبُ ذَاتِ الْجَنْبِ شَهِيدٌ؛ وَالْمَبْطُونُ شَهِيدٌ؛ وَالْحَرِقُ شَهِيدٌ؛ وَالَّذِي يَمُوتُ تَحْتَ الْهَدْمِ شَهِيدٌ؛ وَالْمَرْأَةُ تَمُوتُ بِجُمْعٍ شَهِيدٌ.”  ( أخرجه مالك وأبو داود  والنسائي وابن ماجه) والمبطون كما يقول  النووي : هو صاحب داء البطن. وقيل: هو الذي يموت بداء بطنه مطلقًا. وقوله: المرأة تموت بجمع شهيد.  أي تموت وفي بطنها ولد، لأنها ماتت مع شيء مجموع فيها غير منفصل وهو الحمل.

هذا وخصال الشهادة أكثر من هذه السبع، قال الحافظ ابن حجر: ” وقد اجتمع لنا من الطرق الجيدة أكثر من عشرين خصلة..  وذكر منهم: اللديغ، والشريق، والذي يفترسه السبع، والخار عن دابته، والمائد في البحر الذي يصيبه القيء، ومن تردى من رؤوس الجبال.  قال النووي : وإنما كانت هذه الموتات شهادة يتفضل الله تعالى بسبب شدتها وكثرة ألمها…. وقال ابن التين: هذه كلها ميتات فيها شدة تفضل الله على أمة محمد صلى الله عليه وسلم بأن جعلها تمحيصًا لذنوبهم وزيادة في أجورهم يبلغهم بها مراتب الشهداء. أ.ه ـ( فتح الباري).

ويدخل في ذلك الدفاع عن المال والوطن فعن سعيد بن زيد قال صلى الله عليه وسلم: “مَنْ قُتِلَ دُونَ مالِهِ فهوَ شَهيدٌ، ومَنْ قُتِلَ دُونَ دِينِهِ فهوَ شَهيدٌ، ومَنْ قُتِلَ دُونَ دَمِهِ فهوَ شَهيدٌ، ومَنْ قُتِلَ دُونَ أهلِهِ فهوَ شَهيدٌ”( الترمذي وحسنه)، وعن أبي هريرة قال:” جاءَ رجلٌ إلى رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ. فقالَ: يا رسولَ اللَّهِ! أرأيتَ إن جاءَ رجلٌ يريدُ أخذَ مالي؟ قالَ: فلا تُعطِهِ مالَكَ. قالَ: أرأيتَ إن قاتَلَني؟ قالَ: قاتِلهُ. قالَ: أرأيتَ إن قتَلَني؟ قالَ: فأنتَ شهيدٌ. قالَ: أرأيتَ إن قَتلتُهُ؟ قالَ:  هوَ في النَّارِ.”(مسلم).

ويدخل في ذلك أيضا الجنود المرابطون الذين يسهرون ليلهم في حراسة الوطن والدفاع عنه وحماية منشآته؛ وقد ذكرهم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقوله:” عَيْنَانِ لَا تَمَسُّهُمَا النَّارُ: عَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ؛ وَعَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ” ( الترمذي والطبراني ).

 ويتحصل مما ذكر من هذه الأحاديث أن الشهداء ثلاثة أنواع: شهيد الدنيا فقط؛ وشهيد الآخرة فقط، وشهيد الدنيا والآخرة معا .

فشهيد الدنيا والآخرة معاً: هو الذي يقتل في الجهاد في سبيل الله مقبلاً غير مدبر لا لغرض من أغراض الدنيا ، فعَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الرَّجُلِ يُقَاتِلُ شَجَاعَةً وَيُقَاتِلُ حَمِيَّةً وَيُقَاتِلُ رِيَاءً أَيُّ ذَلِكَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:” مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ.” ( البخاري ).

أما شهيد الدنيا فقط: فهو من قتل في الجهاد لكن قتاله كان رياء أو لغرض من أغراض الدنيا.. أي لم يكن في سبيل الله، فهو في الدنيا يعامل معاملة الشهيد فلا يغسل ولا يصلى عليه، وينتظره في الآخرة ما يستحق من عقوبة جزاء سوء قصده وخبث طويته؛ فهو أحد الثلاثة الذين أول من تسعر بهم جهنم والعياذ بالله . فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إنّ أَوّلَ النّاسِ يُقْضَىَ يَوْمَ القِيَامَةِ عَلَيْهِ، رَجُلٌ اسْتُشْهِدَ، فَأُتِيَ بِهِ فَعَرّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا، قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ: قَاتَلْتُ فِيكَ حَتّىَ اسْتُشْهِدْتُ، قَالَ: كَذَبْتَ، وَلَكِنّكَ قَاتَلْتَ لأَنْ يُقَالَ جَرِيءٌ، فَقَدْ قِيلَ، ثُمّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَىَ وَجْهِهِ حَتّىَ أُلْقِيَ فِي النّارِ، وَرَجُلٌ تَعَلّمَ العِلْمَ وَعَلّمَهُ وَقَرَأَ القُرْآنَ، فَأُتِيَ بِهِ، فَعَرّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا، قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ: تَعَلّمْتُ العِلْمَ وَعَلّمْتُهُ وَقَرَأْتُ فِيكَ القُرْآنَ، قَالَ: كَذَبْتَ وَلََكِنّكَ تَعَلّمْتَ العِلْمَ لِيُقَالَ عَالِمٌ، وَقَرَأْتَ القُرْآنَ لِيُقَالَ هُوَ قَارِىءٌ، فَقَدْ قِيلَ، ثُمّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَىَ وَجْهِهِ حَتّىَ أُلْقِيَ فِي النّارِ، وَرَجُلٌ وَسّعَ الله عَلَيْهِ وَأَعْطَاهُ مِنْ أَصْنَافِ المَالِ كُلّهِ، فَأُتِيَ بِهِ فَعَرّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا، قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ: مَا تَرَكْتُ مِنْ سَبِيلٍ تُحِبّ أَنْ يُنْفَقَ فِيهَا إلاّ أَنْفَقْتُ فِيهَا لَكَ، قَالَ: كَذَبْتَ، وَلََكِنّكَ فَعَلْتَ لِيُقَالَ هُوَ جَوَادٌ، فَقَدْ قِيلَ، ثُمّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَىَ وَجْهِهِ، ثُمّ أُلْقِيَ فِي النّارِ». ( مسلم ).

أما شهيد الآخرة فقط: فهو من يُعطى يوم القيامة أجر الشهيد ولكنه لا يعامل معاملته في الدنيا؛ بل يغسل ويصلى عليه.. ومنهم السبعة المذكورون في الحديث آنفاً .

ومما تقدم نعلم أن المسلم الذي يموت بإحدى هذه الميتات التي فيها شدة وألم نرجو أن يكون من الشهداء.

ويدخل في الشهداء كل من مات وهو يسعي على رزقه وأولاده وأهله والعمل من أجل بناء أسرته ووطنه؛ إذ يعد سعيه على معيشته جهاداً في سبيل. وأكد القرآن ذلك في قوله تعالى: {عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآَخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآَخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} ( المزمل: 20) ،قال الإمام القرطبي: “سوى الله تعالي في هذه الآية بين درجة المجاهدين والمكتسبين المال الحلال ، فكان هذا دليلاً على أن كسب المال بمنزلة الجهاد لأنه جمعه مع الجهاد في سبيل الله”.

وعَنْ كَعْبِ بن عُجْرَةَ، قَالَ: مَرَّ عَلَى النَّبِيِّ رَجُلٌ، فَرَأَى أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ مِنْ جِلْدِهِ وَنَشَاطِهِ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ: لَوْ كَانَ هَذَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ :”إِنْ كَانَ خَرَجَ يَسْعَى عَلَى وَلَدِهِ صِغَارًا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَإِنْ كَانَ خَرَجَ يَسْعَى عَلَى أَبَوَيْنِ شَيْخَيْنِ كَبِيرَيْنِ فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَإِنْ كَانَ يَسْعَى عَلَى نَفْسِهِ يُعِفُّهَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَإِنْ كَانَ خَرَجَ رِيَاءً وَمُفَاخَرَةً فَهُوَ فِي سَبِيلِ الشَّيْطَانِ”. (الهيثمي في المجمع وقال: رواه الطبراني في الثلاثة ورجال الكبير رجال الصحيح ).

وتابع حالد بدير : يتلخص مما سبق أن ضابط الشهادة هو النية؛ فقد يكون في الظاهر مجاهدا في سبيل الله ومصيره جهنم والعياذ بالله؛ وكذلك من يموت بسبب معصية كمن دخل دارًا ليسرق فانهدم عليه الجدار فمات بالهدم فلا يقال له شهيد؛  وكذلك الميتة بحملٍ من الزنا. وقد سئل الإمام ابن تيمية: عن رجل ركب البحر للتجارة فغرق فهل مات شهيدًا؟ أجاب: نعم مات شهيدًا إذا لم يكن عاصيًّا بركوبه، وقال في موضع آخر: ومن أراد سلوك طريق يستوي فيها احتمال السلامة والهلاك وجب عليه الكف عن سلوكها، فإن لم يكف فيكون أعان على نفسه فلا يكون شهيدًا. أ . ه

فمدار الأمر على النية، فقد يكون في الظاهر في سبيل الله وفي الباطن غرضه الدنيا أو منصب أو جاه أو غير ذلك.

أما من فجر نفسه ؛ أو قام بعمليات انتحارية ؛ أو قام بالتخريب والتدمير فقتل فلا يعتبر شهيداً  كما يُدعَى؛ بل يعد منتحراً ومصيره جهنم وبئس المصير؛ كما أصدر الأزهر الشريف ودار الإفتاء بياناً بحرمة ذلك وعد انتحاراً ؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ؛ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:” مَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ ؛ فَهُوَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ يَتَرَدَّى فِيهِ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا ؛ وَمَنْ تَحَسَّى سُمًّا فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَسُمُّهُ فِي يَدِهِ يَتَحَسَّاهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا ؛ وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ فَحَدِيدَتُهُ فِي يَدِهِ يَجَأُ بِهَا فِي بَطْنِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا “. ( متفق عليه ).

 بل إن كل الدماء – التي استشهدت بسبب فعلته – في رقبته يوم القيامة . فقد روى أحمد والترمذي عن ابن عباس عن النبي صلى الله علبه وسلم قال:” يجيء المقتول بالقاتل يوم القيامة ناصيته ورأسه بيده، وأوداجه تشخب دماً يقول: يا رب سل هذا فيم قتلني حتى يدنيه من العرش”. فماذا عسى أن يكون الجواب عند سؤال رب الأرباب ؟!!.

عن كتب: د.أحمد رمضان

الدكتور أحمد رمضان حاصل علي الماجستير من جامعة الأزهر بتقدير ممتاز سنة 2005م ، وحاصل علي الدكتوراه بتقدير مع مرتبة الشرف الأولي من جامعة الأزهر الشريف سنة 2017م. مؤسس جريدة صوت الدعاة ورئيس التحرير وكاتب الأخبار والمقالات المهمة بالجريدة، ويعمل بالجريدة منذ 2013 إلي اليوم. حاصل علي دورة التميز الصحفي، وقام بتدريب عدد من الصحفيين بالجريدة. للتواصل مع رئيس التحرير على الإيميل التالي: [email protected] رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) للمزيد عن الدكتور أحمد رمضان رئيس التحرير أضغط في القائمة علي رئيس التحرير

شاهد أيضاً

سلسلة الدروس الرمضانية، الدرس السابع والعشرون: الاستقامة علي الطاعة، للدكتور خالد بدير

الدرس السابع والعشرون: الاستقامة علي الطاعة، للدكتور خالد بدير

سلسلة الدروس الرمضانية، الدرس السابع والعشرون: الاستقامة علي الطاعة، للدكتور خالد بدير. لتحميل الدرس بصيغة word …

سلسلة الدروس الرمضانية، الدرس السادس والعشرون: الأعمال بالخواتيم، للدكتور خالد بدير

الدرس السادس والعشرون: الأعمال بالخواتيم، للدكتور خالد بدير

سلسلة الدروس الرمضانية، الدرس السادس والعشرون: الأعمال بالخواتيم، للدكتور خالد بدير. لتحميل الدرس بصيغة word أضغط …

سلسلة الدروس الرمضانية، الدرس الخامس والعشرون: العظة والعبرة من مرور الأيام والأعوام، للدكتور خالد بدير

الدرس الخامس والعشرون: العظة والعبرة من مرور الأيام والأعوام، للدكتور خالد بدير

سلسلة الدروس الرمضانية، الدرس الخامس والعشرون: العظة والعبرة من مرور الأيام والأعوام، للدكتور خالد بدير. لتحميل …

سلسلة الدروس الرمضانية، الدرس الرابع والعشرون: ليلة القدر فضائل وخصائص، للدكتور خالد بدير

الدرس الرابع والعشرون: ليلة القدر فضائل وخصائص، للدكتور خالد بدير

سلسلة الدروس الرمضانية، الدرس الرابع والعشرون: ليلة القدر فضائل وخصائص، للدكتور خالد بدير. لتحميل الدرس بصيغة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

Translate »