أخبار مهمةخطبة الأسبوعخطبة الجمعةخطبة الجمعة القادمة ، خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف المصرية مكتوبة word pdfعاجل
خطبة الجمعة ، القرآن العظيم: منبعُ القيم، ودستورُ السعادة، وجامعُ الرسالات، ومُلهمُ الحضارات، د/ أحمد علي سليمان
خطبة الجمعة ، القرآن العظيم: منبعُ القيم، ودستورُ السعادة، وجامعُ الرسالات، ومُلهمُ الحضارات، بقلم المفكر الإسلامي الدكتور أحمد علي سليمان عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية الجمعة: 9 جمادي الأولي 1447هـ، الموافق 31 أكتوبر 2025م
لتحميل خطبة الجمعة القادمة بتاريخ 31 أكتوبر 2025م ، للدكتور أحمد علي سليمان بعنوان : القرآن العظيم: منبعُ القيم، ودستورُ السعادة، وجامعُ الرسالات، ومُلهمُ الحضارات :
لتحميل خطبة الجمعة القادمة بتاريخ 31 أكتوبر 2025م ، للدكتور أحمد علي سليمان بعنوان: القرآن العظيم: منبعُ القيم، ودستورُ السعادة، وجامعُ الرسالات، ومُلهمُ الحضارات ، بصيغة pdf أضغط هنا.
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 31 أكتوبر 2025م ، للدكتور أحمد علي سليمان ، بعنوان : القرآن العظيم: منبعُ القيم، ودستورُ السعادة، وجامعُ الرسالات، ومُلهمُ الحضارات : كما يلي:
خطبة، بعنوان: (مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَىٰ)
القرآن العظيم: منبعُ القيم، ودستورُ السعادة، وجامعُ الرسالات، ومُلهمُ الحضارات
القرآن غَيَّر مجرى التاريخ وأعاد للإنسان كرامته
كيف سيكون حالُ العالم لو لم يَمْتنَََََّ الله على البشرية بالقرآن العظيم؟
خمسون واجبًا على المسلم تجاه القرآن الكريم
بقلم الدكتور/ أحمد علي سليمان
عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية
الجمعة: 9 جمادى الأولى 1447هـ، الموافق 31 أكتوبر 2025م
الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب هدى ورحمة للعالمين، وجعله نورًا يبدِّد ظلمات الجهل، وشفاءً لما في الصدور، وفرقانًا بين الحق والباطل، وصراطًا مستقيمًا لا يزيغ عنه إلا هالك.
ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، رب كل شيء ومليكه، ونشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله، وصفيُّه من خلقه وخليله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.
والصلاة والسلام الأتمان الأكملان، الأشرفان الأنوران، الأعطران الأزهران، المزهران المثمران، على مَن جُمعت كلّ الكمالات فيه.. وعلى آله وصحبه وتابعيه.. اللهم صلِّ أفضل صلاة، على أسعد مخلوقاتك، سَيِّدِنَا محمد (ﷺ)، وعلى آله وصحبه؛ عدد معلوماتك، ومداد كلماتك، كلما ذكرك الذاكرون، وغفل عن ذكرك الغافلون، ورضي الله عن مشايخنا ووالدينا وأولادنا وأزواجنا، والصالحين من عبادك، وأولياء الله أجمعين.
اللهم صلِّ صلاة كاملة، وسلم سلامًا تامًّا، على نبىٍ تنحلُ به العُقد، وتنفرج به الكُرب، وتقضى به الحوائج، وتُنالُ به الرغائب، وحُسنُ الخواتيم، ويستسقى الغمامُ بوجه الكريم. ﻭﻋَﻠَﻰ ﺁﻟِﻪِ الطاهرين، وصحبِه الطيبين، ﻭسلِّم تسليمًا كثيرًا… اللهم آمين يا رب العالمين.
فَمَبْلَغُ العِلْــمِ فِيهِ أَنَّهُ بَشَرٌ… وَأَنَّهُ خَيْــرُ خَلْقِ اللهِ كُلِّهِــمِ
مولاي صلِّ وسلم دائما أبدًا… على حبيبك خير الخلق كلهم
اللهم رضِّه عنَّا، وارض عنَّا، برضاه عنَّا.. ووضئنا بأخلاقه العظيمة، وحقق أمانينا بزيارته، وافتح لنا أبواب رؤيته، ونيل شفاعته، اللهم آمين يا رب العالمين…
أيها المسلمون: أوصيكم ونفسي المقصرة بتقوى الله، فإنها وصية الله للأولين والآخرين، قال تعالى: (وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۗ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ ۚ وَإِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ غَنِيًّا حَمِيدًا ) (النساء: 131)، وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ) (آل عمران: 102)، وقال سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا. يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) (الأحزاب: 70-71)، وقال تعالى: (نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّىٰ شِئْتُمْ ۖ وَقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُمْ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُم مُّلَاقُوهُ ۗ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) (البقرة: 223)… أما بعد…
في البداية، نؤكِّدُ للعالَم كلِّه –نحنَ معاشرَ المسلمينَ في أنحاءِ الدنيا وفي شتى العصور– أننا مهما تكلَّمْنا عن جلالِ القرآنِ الكريم وجمالِه وكماله وعظمته وبيانِه وشموله وإعجازِه وإيجازِه وعطائه المتجدد، ومهما أفرغْنا من جهدٍ وبحث وبيانٍ في ذلك، فلن نستطيعَ أن نُوفِّيَه معشار معشار ما يستحقُّه من التبجيلِ والتعظيمِ؛ ولِمَ لا؟
• فهو كلامُ ربِّ العالمينَ،
• الدستورُ الإلهيُّ الدائمُ العطاءِ،
• الذي لا يَخْلَقُ على كثرةِ الرَّدِّ،
• ولا تنقضي عجائبُه،
• ولا يَشبعُ منه العلماءُ،
• ولا يَمَلُّه الأتقياءُ،
• وهو النورُ المبين الذي أضاء ظلماتِ الحياةِ، وأنارَ دروبَ الإنسانيَّةِ إلى يومِ الدِّين.
أعظمُ معجزةٍ خالدةٍ أنعمَ اللهُ بها على البشريَّةِ:
القرآن الكريم هو: كلامُ الله تعالى، المنزَّلُ على نبيِّه سيدنا محمدٍ (ﷺ)، بواسطةِ أمين الوحي سيدنا جبريلَ عليه السلام، المتعبَّدُ بتلاوتِه، المكتوبُ في المصاحف، المنقولُ إلينا بالتواتر، المعجِزُ بلفظِه ومعناه، المتحدَّى بأقصرِ سورةٍ منه، المفتتحُ بسورةِ الفاتحة، والمختتمُ بسورةِ الناس…
والقرآنُ الكريمُ هو أعظمُ معجزةٍ خالدةٍ أنعمَ اللهُ (سبحانه وتعالى) بها على خير البرية؛ بل وعلى البشريَّةِ، إنه كلام الله الخالد الذي خاطبَ به الخالقُ خلقَه، فكان هدايةً للقلوبِ، وتزكيةً للنفوسِ، وتشريعًا يُنظِّمُ حياةَ الإنسانِ في دينِه ودنياهُ وآخرتِه، ودستورًا إليهًّا نهائيا لإسعاد الكون والحياة.
القرآن: جامع الرسالات ومُلهِم الحضارات
وقد جمعَ الله (سبحانه وتعالى) في القرآنِ العظيم كلَّ معاني الكتب السماوية، ويقول العلماء بأن كل معاني القرآن تجمعت في سورة الفاتحة.
قد تضمَّن القرآن أرقى القيمِ الإنسانيَّةِ، ودعا إلى العلمِ والعملِ، والعدلِ والإحسانِ، والرحمةِ والسلامِ، والتفكُّرِ في آياتِ اللهِ في الكونِ والحياةِ والإنسانِ، فحو بحق ملهم الإنسان والحضارات وموجههم لكل خير ورشاد.
ومن تدبَّرَ القرآنَ، أيقن أنَّه ليس كتابَ تلاوةٍ وتدبر فحسبُ، بل هو مشروعُ حياةٍ متكاملٌ، يُعيدُ بناءَ الإنسانِ والمجتمعِ والحضارات على أُسُسٍ من الإيمانِ والعلمِ والكرامةِ والعدالةِ، ويُعينُ الأُمَّةَ على النهوضِ والتمكينِ.
القرآن مصدر الهداية
يقول الإمام الأكبر فضيلة أ.د/ عبد الحليم محمود (رحمه الله) : “… ولا بد هنا من كلمة إلى كل فرد وكل مواطن وكل مسئول في العالم الإسلامي: إن القرآن الكريم هو مصدر هدايتنا، وأساس نجاتنا، دنيا وأخرى، ومهما اختلفنا في أمر من الأمور، فإننا لا نختلف في النتيجة السعيدة التي تثمرها العناية بالقرآن الكريم: (للفرد، وللأسرة، وللمجتمع…)، إن هذا القُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقومُ… التي هي أقوم في العقيدة.. والتي هي أقوم في الأخلاق.. والتي هي أقوم في التشريع.. والتي هي أقوم في نظام المجتمع.
وإن مِن مفهوم الإيمان عند كل مؤمن اليقين بذلك، ولا يختلف المؤمنون في شيء من هذا أبدًا .
وتعاليم القرآن -في كل زاوية من زوايا الحياة- هي الصراط المستقيم: خذ مثلا العلم والحث عليه؛ العلم بالله، وبالكون، بالأرض وبالسماء، وبما بين الأرض والسماء، فستجد أروع ما قيل في الحث على طلب العلم. خذ مثلا الأمانة: تجد القرآنَ يُدخلها – كجزء لا يتجزأ– في مفهوم الإيمان… يقول صلوات الله وسلامه عليه: (لا إيمانَ لمنْ لا أمانةَ لَه، ولا دينَ لمنْ لا عهدَ لَه) ( ). خذ الشورى . خذ الجهاد . وخذ الإعداد للجهاد ماديًّا، ومعنويًّا ( ) .
ولقد حذَّر فضيلتُه من التهاونِ في حقِّ القرآنِ علينا، مشيرًا إلى أنَّ كثيرًا من الناسِ، من الأثرياءِ والمثقَّفين وغيرِهم، لا يؤدُّون للقرآنِ ما ينبغي له، وأنَّ الحياةَ ستنتهي، ولن ينفعَهم إلَّا ما قدَّمت أيديُهم من خيرٍ، ومن عنايةٍ بهذا الكتابِ (بذلًا، ونشرًا، وتحفيظًا، وتفهيمًا، وتمكينًا)، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ . وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ . لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ ۚ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ . لَوْ أَنزَلْنَا هَٰذَا الْقُرْآنَ عَلَىٰ جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ۚ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ . هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ ۖ هُوَ الرَّحْمَٰنُ الرَّحِيمُ . هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ ۚ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ . هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ ۖ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ ۚ يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ((الحشر: 18-24) ( ) .
المحاور العامة للقرآن الكريم
لقد أنزل الله (سبحانه وتعالى) القرآن الكريم لهداية البشرية جمعاء، وليكون دستورَ حياةٍ ومنهجَ نجاة، يجمع بين العقيدة والتشريع، والأخلاق والآداب، والعلم والإعجاز، في نسقٍ معجزٍ.
وقد تضمن القرآن محاورَ كبرى تشكل أساس رسالته العالمية، وتبرز شموليته وصلاحيته وكماله وجماله وجلاله.
المحاور الخمسة للقرآن الكريم
كتب أستاذنا العلامة الراحل الشيخ محمد الغزالي كتابه الماتع المحاور الخمسة للقرآن الكريم، وأنصح كل قارئ بمطالعته، وقد حددها في:
المحور الأول: الله الواحد
المحور الثاني: الكون الدال على خالقه
المحور الثالث: القصص القرآني
المحور الرابع: البعث والجزاء
المحور الخامس: التربية والتشريع ..
هذه المحاور الخمسة التي أفاض القرآن في ذكرها، وانتهى فضيلة أستاذنا الإمام محمد الغزالي إلى أنها أمهات لمسائل أخرى كثيرة تندرج تحتها .
فتصورنا الإسلامى لله ، هو التصور الذى يليق بعظمة الله ويُقدر الله حق قدره…
كما أن التصور القرآني للكون، هو أصدق تصور، وهو الدليل الأكبر على عظمة الخالق، وهو الآية العظمى بنسيجها البديع، ونظامها الدقيق، وحركتها المنضبطة التي لا تتخلف جزءًا من مائة من ثانية واحدة.
والقصص القرآني ليس المقصد منه أن يكون القرآن كتاب تاريخ؛ بل المقصد الأسمى أن يفهم المسلمون سنن الله الكونية والاجتماعية، وألا يحاولوا القفز من فوق سنن الله ، وأن يعوا أنهم لن يُمكَّنوا فى الأرض إلا إذا تفاعلوا التفاعل الصحيح مع هذه السنن …
وقد تحدث القرآن حديثا مستفيضا عن البعث والجزاء، وكأنهما حاضر يراه الناس.
وقد أراد الله من ذلك تربيتنا على (تمثل الغيب) في فكرنا وسلوكنا … لأننا المؤمنون (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ…) إيمانا لا يتزعزع ، إذ هو جزء من إيماننا بالله … وهو كذلك من وسائل التربية والتقويم
مسائل وقضايا قرآنية أخرى تندرج تحت المحاور السابقة
20 فريدة من فرائد القرآن الكريم
ماذا سيكون حال العالم إذا لم يمتن الله على البشرية بالقرآن العظيم؟
(مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَىٰ)
يقول الحق تبارك وتعالى لسيدنا محمد (ﷺ): (مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَىٰ) (طه: 2) .
تجلّت في هذه الآية الكريمة أعظمُ رسالةٍ ربانيةٍ إلى الإنسانيةِ جمعاء، وهي أنَّ القرآنَ الكريمَ لم يُنزَّل ليُثقِلَ كاهلَ الإنسانِ أو ليُرهقَ فكرَه، بل نزلَ ليُضيءَ له طريقَ الحياة، ويهديه إلى السعادةِ الحقّة، والأمنِ والسلامِ والوئامِ والتعايشِ البنّاء.
فالقرآنُ الكريمُ كتابُ رحمةٍ لا عذاب، وبناءٍ لا هدم، وهدايةٍ لا تيه، من تمسّك به سعد، ومن أعرض عنه شقي. وهي إشارة وبشارة للعالم كله أن القرآن الكريم ما نزل إلا للسعادة، والأمن والسلام والوئام والتعايس، فالقرآن لم يكن مصدرا للشقاء.
لذلك يؤكد النبي هذه الحقائق بقوله (ﷺ): (ترَكْتُ فيكم أَمرينِ، لَن تضلُّوا ما تمسَّكتُمْ بِهِما : كتابَ اللَّهِ وسنَّةَ رسولِهِ) ( ) .
1. فإذا أردت الشفاء فالقرآن يكفيك
2. إذا أردت السكينة فالقرآن يكفيك
3. إذا أردت الحفظ فالقرآن يكفيك
4. إذا أردت الغني فالقرآن يكفيك
5. إذا أردت لغة فالقرآن يكفيك
6. إذا أردت بلاغة فالقرآن يكفيك
7. إذا أردت حكمة فالقرآن يكفيك
8. إذا أردت تربية فالقرآن يكفيك
9. إذا أردت أخلاقا فالقرآن يكفيك
10. إذا أردت قيما فالقرآن يكفيك
11. إذا أردت السلام فالقرآن يكفيك
12. إذا أردت الوئاء فالقرآن يكفيك
13. إذا أردت السعادة فالقرآن يكفيك
14. إذا أردت الأنس بالله فالقرآن يكفيك
15. إذا أردت البركة في حياتك فالقرآن يكفيك
16. إذا أردت راحة البال فالقرآن يكفيك
17. إذا أردت التوفيق في الدنيا والأخرة فالقرآن يكفيك
أين المشكلة إذنْ؟
آلياتُ ومنهجيّاتُ التحريفِ والتأويلِ عند المتطرّفين
الغرب والقرآن
كيف نواجه الإسلاموفوبيا
ونصحح مفاهيم الغرب عن القرآن الكريم والإسلام؟
أيها الأخوة المؤمنون: أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على مَن لا نبي بعده، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن سيدنا محمدًا (ﷺ) رسولُ الله.. عباد الله: أوصيكم ونفسي بتقوى الله.. يقول الحق (تبارك وتَعَالَى): (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ) (آل عمران: 102).
بِسْمِ اللَّهِ مَا شَاءَ اللَّهُ، لَا يَسُوقُ الْخَيْرَ إِلَّا اللَّهُ. بِسْمِ اللَّهِ مَا شَاءَ اللَّهُ، لَا يَصْرِفُ السُّوءَ إِلَّا اللَّهُ. بِسْمِ اللَّهِ مَا شَاءَ اللَّهُ، مَا كَانَ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ. بِسْمِ اللَّهِ مَا شَاءَ اللَّهُ، لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ. أما بعد يا عباد الله…
خمسون واجبًا على المسلم تجاه القرآن الكريم
عودة الكتاتيب بشير خير
الكتاتيب هي الملاذ الآمن لفلذت القلوب والأكباد، وهي الأرض الخصيبة لزراعة القيم، والحاضنة التربوية المأمونة على العقول والقلوب، وهي الرَّحم المبارك الذي خرَّجَ النبلاء، والقُرَّاء، والأدباء، والعلماء، والفقهاء، والفلاسفة، والسياسيين، والدبلوماسيين، والعباقرة في شتى المجالات.
ودَرَسَ فيها لفيفٌ من إخوتنا شركائنا في الوطن؛ ليضرب الجميع أروع الأمثلة في التسامي والتسامح والتعددية وقبول الآخر والمحبة والسلام والوئام، في تجربة مصرية ملهمة للآخرين، وهذه الحالة الوطنية المصرية المتلاحمة صوَّرها أميرُ الشعراء أحمد شوقي (رحمه الله)، بقوله:
أَعَهِدْتَنَا والقِبْطَ إِلَّا أُمَّةً *** لِلأَرْضِ وَاحِدَةً تَرُومُ مَرَامًا؟
نُعْلِي تَعَالِيمَ المَسِيحِ لِأَجْلِهِمْ *** وَيُوَقِّرُونَ لِأَجْلِنَا الإِسْلَامَا
هَذِي رُبُوعُكُمُ، وَتِلْكَ رُبُوعُنَا *** مُتَقَابِلِينَ نُعَالِجُ الأَيَّامَا
قيم الكتاتيب:
الكُتَّاب كان له دور كبير جدًّا في تشكيل الوعي وبناء الشخصية، وترسيخ الثقافة والقيم، حيث كان أنموذجًا تربويًّا وتعليميًّا فريدًا ومؤثرًا، فلم يكن مجرد مكان لتحفيظ القرآن الكريم فقط، بل كان محضنًا تربويًّا وثقافيًّا واجتماعيًّا وعلميًّا للطفل، يتعلم فيه: القراءة، والكتابة، ومبادئ الرياضيات.. ومحضنًا لتعليم العادات والتقاليد والأصول المرعية (البروتوكول والإتيكيت والاحترام بطريقة فطرية)، وبوتقة لزراعة القيم النبيلة.
فطفل الكُتَّاب كان يحترم الشيخ، ويُقَدّر مَن هو أكبر منه سنًّا أو أكثر منه علمًا، وكان الكُتَّاب يشحذ همم الأطفال نحو التفوق والإبداع، وإضافة لما سبق كان مكانًا يضم مختلف الطبقات تحت هدف العلم والإيمان وحب الوطن وغرس القيم النبيلة، مثل: الصدق، الأمانة، الإخلاص، التقوى، الرفق، التكافل، والتكامل. فيه يحتوي الطفلُ الكبيرُ الصغيرَ، والصغيرُ يحترمُ الكبيرَ.
كما كان الكُتاب يعلم مبادئ الحلال والحرام، ويخرج الطفل إلى الحياة وهو مشبع بالقيم الدينية والاجتماعية، مثل قبول الآخر، احترام الكبير، وصون غيبة الصديق.
ومن هذه القيم التي كان يرسخها الكُتَّاب قيمة التنافس والتفوق، ونظرًا لأن القرآن ينمي المدارك والذكاءات، ويبني الوعي، ويزيد من المحصول اللغوي للطفل، لذلك فإننا نجد أن معظم طلاب كليات القمة في الأزهر الشريف، مثل: كليات الطب والهندسة والصيدلة… من حُفاظ القرآن الكريم.
شيوخ الكتاتيب ونماء الخبرة التربوية:
لقد تكوَّن في أروقة الكتاتيب فكرٌ تربويٌّ مفيد، أثرى الحياة على بساطتها وقتذاك. لقد كان المحفظون يمتلكون خبرة تربوية وتعليمية فطرية تراكمت عبر السنين، وقد ظهر مصطلح تربوي يفيد بأن لكل شيخ طريقة خاصة في التربية والتعليم، يمتاز بها ويتفرد عن الآخرين.
وشيوخ الكتاتيب الذين اصطفاهم الله لتعليم الأطفال كتاب الله، ومبادئ العلوم، كانت لهم مكانة، ومهابة، ومحبة في قلوب خلق الله، فقد عاشوا لله وبالله ومع الله، وعاش معظمهم على الكفاف في زهد قلَّ نظيره في دنيا الناس، بعيدًا عن مباهج الدنيا وزينتها وزخرفها.
والشيخ كان أمينًا على الأطفال، على عقولهم وأفكارهم وقلوبهم، فقد كانوا يخرجون للحياة من تحت يده بإيمان فطري سليم بعيد عن التطرف، يخرجون سالمين غانمين صالحين ونافعين.
وبالتالي، فإن الكتاتيب تؤهل هؤلاء الأطفال ليكونوا مواطنين صالحين يسهمون في بناء المجتمع والحفاظ عليه والدفاع عنه، والإسهام في تقدمه ورفعته.
رباط تاريم باليمن إلى أروقة الأزهر التي أسهمت في تفاعل الحضارات:
لقد مثَّلت الكتاتيب والأربطة عبر التاريخ الإسلامي محاضن التربية الصحيحة والسليمة والتعليم الآمن الذي يغذي أنهار التسامح والوسطية والاعتدال، حيث كانت استهلال رحلة طلاب جنوب شرق آسيا إلى الأزهر الشريف من قبل، تبدأ بأن يذهب الطالب من بلده إلى رباط تاريم باليمن، ليقضي هناك فترة من الزمن، يحفظ فيها القرآن الكريم، ويتعلم مبادئ اللغة العربية، ثم يتوجه بعد ذلك إلى الأزهر الشريف.
وكان الطلاب الجدد يعيشون مع أبناء جِلدتهم القدامى في رواق الجاوة بالأزهر، يتعلمون منهم وينهلون من خبراتهم وعلومهم التي تعلمونها ويمارسون العادات والقيم التي اكتسبوها في الأزهر وفي مصر.
وعندما يلتحق الطالب بالدراسة في الأزهر الشريف، يكون مفعمًا بحماسة وحيوية ونشاط، بعد أن تدرب هناك وهنا، فيتمكن من اللحاق بزملائه العرب والمصريين، وسرعان ما يجيد التعلم وتحصيل العلوم وإتقانها.
وبعد أن يتمكن من فهم مقاصد الإسلام واللغة العربية ويبرع فيها بعد سنوات من الجهد والتعب، يبدأ بترجمة علوم الإسلام إلى لغات بلاده والعكس؛ مما يسهم في إحداث التفاعل الحضاري بين الأمم والشعوب.
التحديات المترتبة على غياب الكتاتيب:
كانت الكتاتيب المحاضن الآمنة لصياغة العقول وتَسْيِيجِهَا ضد الشطط، وضد مخاطر التيارات الضالة، وأدّت دورها على أكمل وجه في: التربية، والتأديب، والتعليم، والتهذيب، والتنشئة، والرعاية، والتوجيه، والإعداد، والتطوير، والتدريس، والتلقين، والتثقيف، والتوعية، والتعلّم، والتشذيب، والتزكية، والصقل والترويض، وفي زراعة القيم في نفوس الأطفال الصغار.
وكانت بمثابة المرحلة التأهيلية للمدارس يتعلمون فيها القراءة والكتابة ومبادئ الحساب، ويتدربون على الالتزام والنظافة والنظام، حتى إذا ما التحق الطالب بالمدرسة يصبح مؤهلًا للنجاح والتفوق والنبوغ، بل ويصبح ممن يُشار إليه بالبنان… ولقد خسرنا كثيرًا بغيابها.
لقد ظلَّت الكتاتيب تعمل بجد ونشاط طيلة قرون مضت، باعتبارها مراكز التكوين المبكر للحصانة الفكرية والمناعة السلوكية، وترسيخ المنهج الأزهري، في مجابهة: الانحراف، والغلو، والتطرف، والكراهية، والاختراق.
وعندما انحسر دور الكُتَّاب وتراجع وتقلص، وانحصر وجوده في أماكن قليلة جدًّا، وحدث ما حدث من دخول التكنولوجيا كل البيوت، ثم تمكنها وسطوتها في شتى مناحي الحياة، وما أتت به من قيم وأفكار غريبة، كما طلَّ علينا فكرٌ متشدد لا يمكن أبدًا أن يعبر عن روح الرسالة ورحمة الرسول (ﷺ)، كما ظهرت تحديات فكرية وسلوكية، وقيم بعيدة عن ثقافتنا، ولهجات غريبة، واختراقات متوالية، وتطرف ديني، وتطرف لاديني، بعد أن فقدنا المنافع والقيم النبيلة التي كان يؤديها الكُتَّاب؛ الأمر الذي يجعل من عودة الكتاتيب وتمكينها في المجتمع بشير خير للجميع.
أهمية مبادرة عودة الكتاتيب ودورها في بناء الإنسان والمجتمع:
لما استشعر فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الراحل مولانا الشيخ/ عبدالحليم محمود (عليه رحمات الله) الخطرَ على الهُوية المصرية والعربية والإسلامية- بذل قصارى جهده، وواصل الليل بالنهار، واستثمر علاقاته الداخلية والخارجية، واستنفر الهمم، وبذل جهودًا تفوق الوصف، لإنشاء المعاهد الأزهرية في كل مكان على أرض مصر؛ لتكون منارات شامخة سامقة لنشر التسامح والوسطية، والمحافظة على الهُوية الوطنية والدينية، ولتكون بمثابة حائط الصد المنيع ضد التخلف والشطط والتحديات الخارجية…
وما أشبه الليلة بالبارحة، وسيرًا على الدرب المبارك الميمون، واقتفاء لنهج الأكابر أمثال شيخنا الولي التقي النقي المبارك أ.د/ عبدالحليم محمود (رحمه الله)، واستشعارًا للخطر على اللغة والهوية يطلق العلامة الفاضل أ.د/ أسامة السيد الأزهري وزير الأوقاف؛ مبادرته بالغة الأهمية، من العاصمة الإدارية الجديدة، لعودة الكتاتيب في ربوع مصر، مستهلا ومفتتحًا المسابقة العالمية للقرآن الكريم الحادية والثلاثين بـ”مسجد مصر الكبير”، بقوله: “أدعو جميع القرى والمدن في مصر إلى تبني مبادرة عودة الكتاتيب؛ لأنها ليست مجرد أماكن لتحفيظ القرآن الكريم، بل هي صروح تعليمية وتربوية، تزرع القيم النبيلة، وتحفظ الهُوية، وتبني الإنسان المصري على الأخلاق الرفيعة، والفهم العميق لمعاني الدين، والانتماء الصادق للوطن، وإحياء اللغة العربية السليمة في نفوس الأجيال الجديدة.”
في رسالة تحمل للعالم عدة مضامين، ورسائل، من بينها: أن مصر التاريخ والحضارة والمستقبل، مصر الأزهر.. في جمهوريتها الجديدة، تسير على نهج الآباء والأجداد في:
• حماية الدين واللغة والهُوية.
• حماية لواء الوسطية والسلام.
• رفع مشاعل النور والعلوم والآداب.
وإنها والله لمبادرة خير ورشد وصلاح وإصلاح وبناء وبشير نجاح وفلاح، وأيضًا إلهام للآخرين… إن شاء الله.. (ندعو الله تعالى أن يُكتب لها كامل التوفيق).
الدلالات الزمانية والمكانية للمبادرة:
تأتي هذه المبادرة في وقتها وأوانها، ولا ريب في أن اختيار الزمان والمكان والحال، له دلالات مهمة:
فالزمان: أمسى مليئًا بالتحديات المتعددة والمتنوعة والمتواترة، في عصر سطوة التكنولوجيا المتطورة وتطبيقيات الذكاء الاصطناعي، وما خلفته هذه التقنيات من تحديات تستهدف هُويتنا وشبابنا ولغتنا، والحرفَ العربي الشريف، وما “الفرانكو أراب” منا ببعيد، ولا عاصم لنا من الأخطار إلا بالتعلق بكتاب الله ودستور المسلمين.
والمكان: مصر التي حمت الإسلام وحضارته والمسلمين، وصدرت علوم الإسلام إلى كل بقعة من بقاع الأرض.
والحال: يعبر عنه بركات أهل القرآن الذين جاءوا إلى مصر من كل فج عميق…
مقاصد عودة الكتاتيب في هذا الوقت بالذات:
أولًا: إيجاد بيئة حاضنة للإيمان، والوسطية، والانتماء، والتسامح، والتعددية، والتعايش، على شتى التراب الوطني.
ثانيًا: إيجاد بيئة لافظة للتشدد، والغلو، والتطرف، والكراهية، في ربوع المحروسة.
ثالثًا: تمكين المنهج الأزهري الفريد الذي يستحيل معه الانجرار إلى التطرف أو التشدد أو الغلو، ونشر الاستنارة على نطاق واسع منذ الصغر، وبما يسهم في إيجاد جيل لديه مقومات التعايش والانتماء والتجديد، يلفظ التشدد والمتشددين.
رابعًا: لَمَّ شَمْلِ الهُوِيَّةِ الوطنية والعربية والإسلامية بعد التأثيرات والاختراقات التي حدثت بفعل العولمة الثقافية، ووسائل التواصل، وآليات التكنولوجيا الحديثة، وآخرها الذكاء الاصطناعي، وَضَبْطَ بُوصَلَةِ الفِكْرِ، وَإِحْيَاءَ اللُّغَةِ العربية، وَتَرْسِيخَ القِيَمِ، وَبِنَاءَ الإِنْسَانِ السَّوِيِّ، فِي عَصْرٍ شَدِيدِ التَّغَيُّرِ.
خامسا: تنمية الجوانب الروحية والمعرفية للأطفال، وبما يسهم في بنائهم وتكوينهم وإعدادهم لمواجهة تحديات الحياة.
سادسًا: تحصيل البركات من انتشار هذه الكتاتيب التي ستملأ آفاق مصر ودروبها وسهولها ذِكرًا وقرآنًا وإيمانًا، وسيعم خير الله فينا؛ فالقرآن يجلب البركات والخيرات والأنوار، قال الله تعالى: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ…) (الأعراف: 96).
الكُتَّاب.. نواة التجديد:
سعينا كثيرًا في مجال تجديد الخطاب الديني، وتجديد فهم الدين، ولكي تكتمل الدائرة، فعلينا أن نبدأ من اللبنة الأولى، وهي الأطفال، من خلال زراعة القيم النبيلة في قلوبهم، وتأهيلهم لتجديد فهم الدين، منذ نعومة أظافرهم.
فالقرآن العظيم يسهم في تشكيل وعي النشء، وتحسين نطقه، وزيادة محصوله اللغوي، وصياغة عقله، وضبط موازين فكره، وتنمية الإيمان الفطري في نفسه؛ مما يؤهله مستقبلا لفهم مقاصد الدين الحنيف، والإسهام -مستقبلا- في عمليات الاجتهاد المنضبط الذي يغذي أنهار التجديد.
آليات عملية لتنفيذ المبادرة:
ونظرًا لتطور الحياة، فإننا أصبحنا بحاجة ماسة إلى كتاتيب عصرية ثابتة ومتحركة وإلكترونية بالمساجد، وفي المكاتب المعتمدة. ويجب أن يكون القائمون عليها مِن أولي النهى، ومن أصحاب الرسالة، لديهم حكمة وبصر وبصيرة، واعين بمشكلات المجتمع والأمة، وأقترح عمل دراسات ميسرة في علوم النفس والاجتماع والطفولة، وفي إستراتيجيات التعليم والتعلم؛ لتدريب المحفظين عليها.
وإن الاستثمار في تأهيل المحفظين والمعلمين، وتشجيع الابتكار في منظومة عمل الكتاتيب، وتفعيل الشراكة مع المنظمات الخيرية والمجتمع المحلي لدعم البرامج وتوفير المرافق، وما يلزم لها، وتعزيز الأنشطة وتنظيم فعاليات ترفيهية تسهم في توفير بيئة تعليمية ملائمة ومحفزة وجاذبة للأطفال، وتوفير مساحات تعليمية مريحة وملهمة لهم، وتشجيع الصغار على الاستكشاف والتفكير النقدي، وحل المشكلات، هو الضمانة لنجاح مبادرة عودة الكتاتيب؛ لتكون منارات تجمع بين القيم الإسلامية والمعرفة الحديثة، وتبنيها، مما يسهم في بناء جيل متعلم وواعٍ ومبدع.
يمكن التحرك لإنجاح وإنفاذ هذه المبادرة المباركة، من خلال عدة محاور، على النحو التالي:
المحور الأول: من خلال مساجد الأوقاف المنتشرة في كل ربوع مصر، والسادة الأئمة ومقيمي الشعائر، بأن يكون في بعض المساجد ملحق خارجي أو داخلي، لإنشاء كُتَّاب فيه، إذا تعذر وجود المكان. مع إضافة مجال تحفيظ القرآن لعمل الإمام بأن يكون (إمام، وخطيب، ومدرس، ومحفظ)، وزيادة حوافزهم نظير العبء المضاف لهم. وهو مجال شريف جدًّا على أن يتم تدريبهم على منهجية العمل وفقًا لوثيقة عمل الكتاتيب ورؤية وزارة الأوقاف ورسالتها، مع الأخذ في الاعتبار أن قضية التحفيظ هي من أماني الكبار، حيث كانت أمنية لمولانا الإمام الأكبر فضيلة أ.د/ أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف (يحفظه الله)، حيث قال للعالم -خلال جولته في دول جنوب شرق آسيا في يوليو 2024- في لحظة صادقة تعكس روح البساطة والوفاء: [لا تزال أقصى أمانيَّ حتى اليوم أن أذهب وأفتح كُتَّابًا وأجلس على حصير، لأُعلم التلاميذ وأحفظهم القرآن الكريم، وأتمنى أن يحقق الله لي هذا الأمل قبل أن أموت]. وهذه الكلمات تحمل رسالة عظيمة عن قيمة الكتاتيب ودورها في بناء الإنسان.
المحور الثاني: تشجيع السادة المحافظين في شتى المحافظات المصرية على إنشاء الكتاتيب، وعمل مسابقات للقرآن الكريم على غرار مسابقة بورسعيد الدولية السنوية للقرآن الكريم، التي حققت نجاحات كبيرة وأصبحت محط الأنظار.
المحور الثالث: تشجيع رجال الأعمال والأثرياء على الدخول بفعالية في هذا المضمار، كأن يكون لكل مؤسسة قادرة عدد من الكتاتيب الحديثة، تخدم أولاد العاملين وغيرهم.
المحور الرابع: الاستفادة من خبرات الكتاتيب الناجحة، وتبادلها مع المؤسسات الأخرى، من خلال نسق إداري منظم.
المحور الخامس: تنظيم المسابقات بين المحافظات المصرية، لاختيار أكبر المحافظات إنشاء للكتاتيب، وكثيرة عدد حفاظ القرآن فيها.
المحور السادس: عمل معايير لجودة الكتاتيب؛ لضمان جودة المدخلات والعمليات والمخرجات.
المحور السابع: نقترح أن يدرج موضوع افتتاح الكتاتيب جنبًا إلى جنب مع افتتاح المساجد، ضمن خطة الأوقاف الدورية؛ لشحذ الهمم نحو إنشاء مزيد من الكتاتيب.
المحور الثامن: التنسيق بين الكتاتيب المنتشرة في كل ربوع مصر؛ لاكتشاف المواهب في شتى المجالات، وعمل قواعد بيانات بهم، والاستثمار في هذه الكنوز للمستقبل القريب والبعيد.
وفي النهاية سيشهد التاريخ أن هذه المبادرة التي تحظى بدعم السيد الرئيس/ عبدالفتاح السيسي رئيس الجمهورية، ستكون بشير خير وبركة لمصر الغالية، ومصدر إلهام للعالم، ومن ثم يجب علينا جميعًا أن نساند ونساعد وزارة الأوقاف ووزيرها الفاضل، ونسعى جميعًا بكل ما أوتينا من إمكانات، لتنفيذها، ودعمها، وإنجاحها؛ لتحقيق أهدافها النبيلة في صياغة عقول النشء والشباب، وبناء الإنسان بناء متوازنًا وواعيًا ومحصنًا فكريًّا وسلوكيًّا ضد الوافد العاتي، وقادرًا على الإسهام في بناء مجتمعه وحمايته وإسعاده وإمداده بكل خير.. وبالله تعالى التوفيق.
اللهم اجعلنا من أهل القرآن الذين هم أهلك وخاصتك، واجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا، ونور صدورنا، وجلاء أحزاننا، وذهاب همومنا وغمومنا، واجعلنا ممن يعيشون بالقرآن، ويُدافعون عنه، ويُبلّغونه للعالمين بحقٍّ وعدلٍ ورحمة.
اللهم اكتُب أسماءنا في سجلات المؤمنين الموحدين، وفي ديوان المرحومين، وارفع أقدارنا في علّيين، وأنزل علينا السكينة والطمأنينة، ونور اليقين
نسأل الله أن يبارك في أوطاننا ويحفظها من الفتن ما ظهر منها وما بطن، اللَّهُمَّ احفظها من كل سوء، وبارك لنا فيها، واجعلها دار أمنٍ وإيمان، وسلامٍ وإسلام. اللَّهُمَّ من أرادها بسوء فاجعل تدبيره تدميره، وردّ كيده إلى نحره.
اللهم احفظ مصر شرقها وغربها، شمالها وجنوبها، طولها وعرضها وعمقها، بحارها وسماءها ونيلها، ووفق يا ربنا قيادتها وجيشها وأمنها وأزهرها الشريف، وعلماءها، واحفظ شعبها، وبلاد المحبين يا رب العالمين.
اللهم اشف مرضانا وارحم موتانا اللهم طهّر قلوبنا من الكبر، وزيّنها بالتواضع،اللهم اجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وصلِّ اللهم وسلِّم وبارِك على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
(…رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ) (النمل: 19)، (..الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَٰذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ ۖ…) (الأعراف: 43)… اللهم تقبل هذا العمل من الجميع… وبالله تعالى التوفيق
خادم الدعوة والدعاة د/ أحمد علي سليمان
عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية
والحاصل على المركز الأول على مستوى الجمهورية في خدمة الفقه والدعوة (وقف الفنجري 2022م)
المدير التنفيذي السابق لرابطة الجامعات الإسلامية- عضو نقابة اتحاد كُتَّاب مصر
واتس آب: 01122225115 بريد إلكتروني: drsoliman55555@gmail.com
تم تدشين صفحة #معارج_الدعاة لللدكتور أحمد علي سليمان، للإسهام في إثراء العمل الدعوي والدعاة يرجى متابعتها ونشرها
https: //www.facebook.com/share/16u6EDacEw/?mibextid=LQQJ4d
لقراءة الخطبة أو تحميلها كاملا يرجي تحميل الخطبة من ملف pdf بالأعلي
_____________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
وللإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف
إتبعنا








