خطبة الجمعة القادمة استرشادية : نعمةُ المياهِ مقوِّمٌ أساسٌ للحياة

خطبة الجمعة القادمة استرشادية بعنوان : نعمةُ المياهِ مقوِّمٌ أساسٌ للحياة ، بتاريخ 7 صفر 1447هـ ، الموافق 1 أغسطس 2025م.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة استرشادية بعنوان : نعمةُ المياهِ مقوِّمٌ أساسٌ للحياة بتاريخ 1 أغسطس 2025 بصيغة word
ولتحميل خطبة الجمعة القادمة استرشادية بعنوان : نعمةُ المياهِ مقوِّمٌ أساسٌ للحياة بتاريخ 1 إغسطس 2025 بصيغة pdf
عناصر خطبة الجمعة القادمة استرشادية بعنوان : نعمةُ المياهِ مقوِّمٌ أساسٌ للحياة ، كما يلي:
- الْمَاءُ نِعْمَةٌ كُبْرَى وَأَصْلُ الْحَيَاةِ وَبَهْجَتُهَا.
- : الْمَاءُ بَيْنَ التَّشْرِيعِ وَالسُّنَّةِ: تَرْشِيدٌ وَصَدَقَاتٌ وَمَسْؤُولِيَّةٌ.
- الْمَاءُ ثَرْوَةٌ مُشْتَرَكَةٌ، وَالتَّقْوَى وَالشُّكْرُ سَبِيلُ دَوَامِهَا، وَمَسْؤُولِيَّةٌ فَرْدِيَّةٌ وَمُجْتَمَعِيَّةٌ.
- الْمَاءُ بِقَدَرٍ وَنِظَامٍ؛ أَمَانَةٌ تُشْكَرُ وَمَسْؤُولِيَّةٌ تُصَانُ.
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة استرشادية بعنوان : نعمةُ المياهِ مقوِّمٌ أساسٌ للحياة ، بتاريخ 1 أغسطس 2025 ، كما يلي:
نِعْمَةُ الْمَاءِ مُقَوِّمٌ أَسَاسَ الْحَيَاةِ
7 صفر 1447هـ – 1 أغسطس 2025م
صوت الدعاة
المـــوضــــــــــوع
الْـحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ، الْمُنْعِمِ عَلَى عِبَادِهِ بِنِعَمٍ لَا تُحْصَى، وَأَجَلِّهَا نِعْمَةُ الْمَاءِ الَّتِي بِهَا تَحْيَا الْقُلُوبُ وَالأَبْدَانُ، وَتُبْنَى الْحَضَارَاتُ وَالأَوْطَانُ. نَحْمَدُهُ سُبْحَانَهُ حَمْدًا يَلِيقُ بِجَلَالِهِ، وَنَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، تَفَضَّلَ فَأَسْقَى، وَقَدَّرَ فَهَدَى، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، الدَّالَّ عَلَى مَعَادِنِ الْخَيْرِ، الْمُحَذِّرِ مِنْ بَطْشِ الإِسْرَافِ وَالتَّبْذِيرِ؛ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ اقْتَفَى أَثَرَهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ. أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ الْكَلَامَ عَنِ الْمَاءِ لَيْسَ كَلَامًا عَنْ مَادَّةٍ جَامِدَةٍ، بَلْ عَنْ سِرٍّ إِلَهِيٍّ وَمِفْتَاحِ عُمْرَانٍ، وَعَهْدٍ بَيْنَ الْخَلْقِ وَرَبِّهِمْ أَنْ يَشْكُرُوا النِّعْمَةَ وَيَحْفَظُوهَا، فَمَنْ شَكَرَ زِيدَ، وَمَنْ كَفَرَ عُوقِبَ، {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ}.
وبعد
عناصر الخطبة:
- الْمَاءُ نِعْمَةٌ كُبْرَى وَأَصْلُ الْحَيَاةِ وَبَهْجَتُهَا.
- : الْمَاءُ بَيْنَ التَّشْرِيعِ وَالسُّنَّةِ: تَرْشِيدٌ وَصَدَقَاتٌ وَمَسْؤُولِيَّةٌ.
- الْمَاءُ ثَرْوَةٌ مُشْتَرَكَةٌ، وَالتَّقْوَى وَالشُّكْرُ سَبِيلُ دَوَامِهَا، وَمَسْؤُولِيَّةٌ فَرْدِيَّةٌ وَمُجْتَمَعِيَّةٌ.
- الْمَاءُ بِقَدَرٍ وَنِظَامٍ؛ أَمَانَةٌ تُشْكَرُ وَمَسْؤُولِيَّةٌ تُصَانُ.
العُنصُرُ الأَوَّلُ: الْمَاءُ نِعْمَةٌ كُبْرَى وَأَصْلُ الْحَيَاةِ وَبَهْجَتُهَا.
الماءُ نعمةٌ كبرى، ومِنَّةٌ عظمى، عليه تقومُ الحياةُ، وهو أساسُ الحضارةِ والرقيِّ وعمادُ الاقتصادِ، ومن مصادرِ الرخاءِ وأصلِ النماءِ، وسببِ البقاءِ، فالماءُ أغلى ما تمتلكُ الإنسانيَّةُ، إنَّهُ الرزقُ النازلُ من السماءِ، يقولُ اللهُ تعالى: {… وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَّكُمْ ۖ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَادًا وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة: ۲۲]، ويقولُ تعالى: {… وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن رِّزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ آيَاتٌ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} [الجاثية : ٥]، فتارةً يسمِّي النازلَ من السماءِ ماءً وتارةً يسمِّيه رزقًا ليعلمَ العبادُ أنَّ هذا الماءَ النازلَ من السماءِ يحملُ الخيرَ والبركةَ والنماءَ والبهجةَ، فالأرضُ ميتةٌ والماءُ حياتُها، يقولُ اللهُ تعالى: {وَاللَّهُ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ} [النحل: ٦٥]، والأرضُ هامدةٌ يابسةٌ مقحلةٌ حتى إذا نزلَ عليها الماءُ تحرَّكتْ بالنباتِ وصارتْ مبهجةً، يقولُ اللهُ تعالى: {… وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ} [الحج: ٥]، فالماءُ إذا بهجةُ الحياةِ: … {وَالْأَرْضَ وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَّا كَانَ لَكُمْ أَن تُنبِتُوا شَجَرَهَا ۗ أَإِلَٰهٌ مَّعَ اللَّهِ ۚ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ} [النمل: ٦٠]، والماءُ اخضرارُ الأرضِ وجمالُها: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً ۗ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ} [الحج: ٦٣].
ورؤيةُ الماءِ ترطِّبُ النفوسَ، وهو بإذنِ اللهِ حياةُ الروحِ والبدنِ …. {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ۖ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ } [الأنبياء: ٣٠]، ويقولُ تعالى: {وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِّن مَّاءٍ ۖ فَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَىٰ بَطْنِهِ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَىٰ رِجْلَيْنِ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَىٰ أَرْبَعٍ ۚ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [النور: ٤٥]، عَنْ أبي هريرةَ (رضي اللهُ عنه) قالَ : قلتُ: يا رسولَ اللهِ،إنِّي إذا رأيتُكَ طابتْ نفسي وقرَّتْ عيني، فأَنبِئْني عن كلِّ شيءٍ. فقال: كُلُّ شيءٍ خُلِقَ مِن ماءٍ”. مسندُ الإمامِ أحمد، والمستدركُ للحاكمِ وصحَّحه الذهبيُّ.
فالماءُ هو العنصرُ الأهمُّ في حياةِ الأحياءِ، فالخلايا الإنسانيَّةُ والحيوانيَّةُ والنباتيَّةُ تحتوي على كميَّاتٍ كبيرةٍ من الماءِ، وإنْ نقصانُ هذه الكميَّةِ إلى حدودٍ حرجةٍ يعني الجفافَ والموتَ، فالماءُ يشكِّلُ ٩٠٪ من وزنِ بعضِ الكائناتِ الحيَّةِ، أمَّا الإنسانُ فيشكِّلُ الماءُ حوالي ٧١٪ من وزنِهِ، وهي تقريبًا نفسُ نسبةِ الماءِ في الكرةِ الأرضيَّةِ، فسبحانَ من هذا خلقُهُ، إنَّهُ الماءُ جعلَهُ اللهُ تعالى وسيلةً لحسنِ الثوابِ في الدنيا فقالَ: {وَأَن لَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاءً غَدَقًا} [الجن: ١٦]، كما جعلَهُ وسيلةَ عقابٍ على المكذِّبينَ والمذنبينَ فقالَ: { فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُّنْهَمِرٍ وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَىٰ أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ} [القمر: ۱۱، ۱۲]، بل جعلَهُ المولى جلَّ وعلا من أعظمِ نعيمِ أهلِ الجنَّةِ فقالَ: {مَّثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ ۖ فِيهَا أَنْهَارٌ مِّن مَّاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِّن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى} [محمد: ١٥].
ومِمَّا يدلُّ على العنايةِ الإلهيَّةِ بالماءِ أن ذكرَهُ اللهُ تعالى في القرآنِ الكريمِ في مواضعَ كثيرةٍ بلغتْ ثلاثةً وستِّينَ موضعًا، فهل بعدَ هذا دليلٌ على أهميَّتِهِ ووجوبِ الحفاظِ عليه؟!
العُنصُرُ الثَّانِي: الْمَاءُ بَيْنَ التَّشْرِيعِ وَالسُّنَّةِ: تَرْشِيدٌ وَصَدَقَاتٌ وَمَسْؤُولِيَّةٌ.
ولمَّا كانَ للماءِ هذه المكانةُ التي تساوي الحياةَ حثَّ الإسلامُ على الحفاظِ عليهِ وترشيدِ استهلاكِهِ، ولذا حرصَ سلفُنا الصالحُ على الماءِ حرصًا شديدًا، كما حرصوا على بقائهِ نقيًّا طاهرًا حتى يتمكَّنوا من شربِهِ والتطهُّرِ بهِ في صلاتِهم وسائرِ عباداتِهم التي تحتاجُ إلى طهارةٍ، كما حرصوا على توفيرِهِ للجميعِ فلا يُحرَمُ منه أحدٌ، بل إنَّ الإسلامَ اعتبرَ الماءَ ثروةً يمكنُ التصدُّقُ بها كالمالِ، وقد حثَّ الرسولُ صلى اللهُ عليه وسلم على ذلك كما فعلَ في بئرِ رومةَ الذي كان تحتَ يدِ يهوديٍّ وكان يمنعُ المسلمينَ من مائِهِ، فَعَنْ عُثْمَانَ رضي اللهُ عنه قالَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: «مَنْ يَشْتَرِي بِئْرَ رُومَةَ فَيَكُونُ دَلْوُهُ فِيهَا كَدِلَاءِ الْمُسْلِمِينَ» فاشْتَرَاهَا عُثْمَانُ رضي اللهُ [صحيح البخاري].
ومنَ الحفاظِ على الماءِ الاعتدالُ في استعمالِهِ وعدمُ الإسرافِ فيهِ، فالإسرافُ حرامٌ حرَّمَهُ اللهُ تعالى في كتابِهِ حيثُ يقولُ: {… وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} [الأعراف: ۳۱]، فالمسرفونَ يكرهُهُم اللهُ تعالى فهم عنهُ مبعدونَ، ومن نورِهِ وهدايتِهِ محرومونَ.
إنَّ أُخوَّةً تجمعُ بين المبذِّرِ وبين الشيطانِ لهي أشدُّ دليلٍ على قبحِ الإسرافِ والتبذيرِ، يقولُ تعالى:{.. وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ ۖ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا} [الإسراء: ٢٦، ٢٧]، فإذا كانَ الإسرافُ حرامًا على العمومِ فكيفَ بهِ في نعمةٍ عظيمةٍ كنعمةِ الماءِ بها تكونُ حياةُ كلِّ حيٍّ؟! ولكنَّنا نتساءلُ: هل نتعاملُ مع الماءِ فعلًا على أنه نعمةٌ؟! هل نُقدِّرُ لهذه النعمةِ العظيمةِ قدرَها؟! الماءُ الذي نُهدرُهُ في الحقولِ، وفي البيوتِ، وفي المدارسِ وفي الشوارعِ ولا ندري أنَّ اللهَ تعالى سيحاسبُنا على كلِّ نقطةٍ منه نهدرُها.
إنَّ النبيَّ صلى اللهُ عليه وسلم شدَّدَ في النهيِ عن الإسرافِ في الماءِ واعتبرَهُ تعدِّيًا وظلمًا، فهذا الصحابيُّ الذي جاء إلى النبيِّ صلى اللهُ عليه وسلم ليتعلَّمَ منه الوضوءَ فأراهُ الوضوءَ ثلاثًا ثلاثًا ثم قالَ: «هَذَا الْوُضُوءُ ، فَمَنْ زَادَ عَلَى هَذَا فَقَدْ أَسَاءَ ، أَوْ تَعَدَّى ، أَوْ ظَلَمَ [سنن ابن ماجة] فجعلَ الزيادةَ على قدرِ الحاجةِ تعدِّيًا وظلمًا، وإساءةً في استعمالِ النعمِ التي أنعمَ اللهُ تعالى بها علينا، ويقولُ رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم أيضًا: «إِنَّهُ سَيَكُونُ فِى هَذِهِ الأُمَّةِ قَوْمُ يَعْتَدُونَ فِي الطُّهُورِ وَالدُّعَاءِ“.
إنَّنا نُخالفُ سنَّةَ رسولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم في ذلكَ مخالفةً كبيرةً، فقد كان النبيُّ صلى اللهُ عليه وسلم يتوضَّأُ بمدٍّ، ويغتسلُ بصاعٍ، فعن أنسٍ رضي اللهُ عنه قالَ: “كَانَ النَّبيُّ صلى اللهُ عليه وسلم يَغْسِلُ – أَوْ كَانَ يَغْتَسِلُ – بِالصَّاعِ إِلَى خَمْسَةِ أَمْدَادِ وَيَتَوَضَّأُ بِالْمُدَّ “، والصاعُ أربعةُ أمدادٍ والمدُّ ملءُ كفَّيِ الرجلِ المتوسطِ] وكانَ عندَ جابرِ بنِ عبدِ اللهِ رضي اللهُ عنهما قومٌ فسألوهُ عن الغسلِ فقالَ: “يَكْفِيكَ صَاعٌ، فَقَالَ رَجُلٌ مَا يَكْفِينِي، فَقَالَ جَابِرٌ: كَانَ يَكْفِي مَنْ هُوَ أَوْفَى مِنْكَ شَعَرًا وَخَيْرٌ مِنْكَ“. وإنَّما كان هذا القدرُ القليلُ يكفي النبيَّ صلى اللهُ عليه وسلم لوضوئهِ أو اغتسالهِ لشدةِ حرصِهِ على الماءِ، أمَّا نحنُ فإنَّ ذلكَ لا يكفي أحدَنا لغسلِ يديهِ فقط، يا لنا من مسرفين!!!
يجبْ علينا أن نقتديَ برسولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم في الحرصِ على هذه النعمةِ العظيمةِ فلا نضيِّعَ منها ما يصلحُ لاستخدامٍ – أيِّ استخدامٍ- فما لا يصلحُ للشربِ قد يصلحُ للغسلِ، وما لا يصلحُ للغسلِ قد يصلحُ لإزالةِ القاذوراتِ، ولا يفعلُ ذلك إلا مؤمنٌ يخشى اللهَ تعالى ويدركُ أنَّ الماءَ نعمةٌ كبرى وأنهُ أغلى من المالِ، بل أغلى من الدمِ الذي يجري في العروقِ، فهلا حافظنا عليهِ قبلَ فواتِ الأوانِ؟! ، وقالَ تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ} [الملك ٣٠]، هذا الماءُ الذي أنزلهُ اللهُ بقدرتِهِ لَئِنْ لم نتقِ اللهَ فيهِ فماذا عسى ربُّنا أن يفعلَ بنا؟! {أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ أَأَنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنزِلُونَ لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ} [الواقعة: ٦٨ – ٧٠].
إنَّ الإسرافَ في الماءِ – – كما هو الإسرافُ في غيرِهِ حرامٌ وإن كان الماءُ كثيرًا، إذ إنهُ معصيةٌ في حدِّ ذاتِهِ، فهذا رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم ينهى عن الإسرافِ في الماءِ ولو كان في عبادةٍ كالوضوءِ! ولو كنتَ على نهرٍ جارٍ! فعن عبدِ اللهِ بنِ عمرو رضي اللهُ عنهما أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ مرَّ بسعدٍ وهو يتوضأُ، فقالَ : ما هذا السَّرَفُ يا سعدُ ؟ قالَ : أفي الوضوءِ سرفٌ؟ قالَ : نعم، وإن كنتَ على نهرٍ جارٍ»، وكذا وردَ عن هلالِ بنِ يسافٍ وهو تابعيٌّ جليلٌ رحمهُ اللهُ- أنَّهُ قالَ: “كانَ يُقالُ في كلِّ شيءٍ إسرافٌ حتى في الطهورِ وإنْ كانَ على شاطئِ النهرِ”.
العُنصُرُ الثَّالِثُ: الْمَاءُ ثَرْوَةٌ مُشْتَرَكَةٌ، وَالتَّقْوَى وَالشُّكْرُ سَبِيلُ دَوَامِهَا، وَمَسْؤُولِيَّةٌ فَرْدِيَّةٌ وَمُجْتَمَعِيَّةٌ.
لقد امتنَّ اللهُ تعالى علينا في كتابهِ الكريمِ بأن رزقنا ماءً فراتًا – أيْ صافيًا نقيًّا- فقالَ: {أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتًا أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ وَأَسْقَيْنَاكُم مَّاءً فُرَاتًا} [المرسلات: ٢٥ – ٢٧]، فما بالُ كثيرٍ من الناسِ يغيِّرون خلقَ اللهِ تعالى ويبدِّلون نعمتهُ ويلوثون ماءً أنزلهُ سبحانهُ صافيًا؟! إنَّ إلقاءَ القاذوراتِ والمخلَّفاتِ في النيلِ، وفي الترعِ ومجاري المياهِ دليلٌ على انعدامِ التقوى ومراقبةِ اللهِ تعالى، وكذا إلقاءُ الموادِّ السامةِ وكلِّ ما يسببُ ضررًا، يقولُ النبيُّ صلى اللهُ عليه وسلم: «لاَ ضَرَرَ وَلَا ضِرار»، فلا يجوزُ لمسلمٍ أن يفعلَ ما يضرُّ غيرَهُ، ومثلُ ذلك – أو أشدُّ – ما يفعلهُ بعضُهم من إطلاقِ الصرفِ الصحيِّ في مجاري المياهِ الصالحةِ للاستخدامِ، كيفَ يفعلونَ ذلك وقد نهى النبيُّ صلى اللهُ عليه وسلم عن البولِ في الماءِ، فعن جابرٍ رضي اللهُ عنه عن رسولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم أنَّهُ نهى أن يُبالَ في الماءِ الراكدِ، وما النهيُ عن ذلك إلا محافظةٌ على صحةِ الناسِ إذ إنَّ التبولَ في الماءِ من الوسائلِ التي تنقلُ العدوى وتؤدِّي إلى انتشارِ الأمراضِ.
إنَّ الذي يلوِّثُ الماءَ بأيِّ شيءٍ ضارٍّ يأثمْ بكلِّ كبدٍ فسدَ بسببِ هذا الضررِ ، ويأثمْ بكلِّ كليةٍ فشلتْ وبكلِّ داءٍ أصيبَ به إنسانٌ من قبلِ هذا الماءِ الملوَّثِ، فكيفَ نلوِّثُ ماءً أنزلهُ اللهُ تعالى طهورًا؟! يقولُ تعالى: {وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ ۚ وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا} [الفرقان: ٤٨].
ومن عنايةِ النبيِّ صلى اللهُ عليه وسلم بالحفاظِ على الماءِ أنَّ وجَّهَ المسلمينَ إلى تغطيةِ أواني الماءِ لحمايتِهِ من الملوثاتِ التي قد تنتقلُ إليه من الهواءِ أو الحشراتِ الناقلةِ للجراثيمِ والطفيليَّاتِ كالصراصيرِ والفئرانِ والنملِ والبعوضِ، فعن جابرٍ رضي اللهُ عنه عن رسولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم أنَّهُ قالَ: «غَطُّوا الإناءَ، وأَوْكُوا السِّقاءَ، وأَغْلِقُوا البابَ، وأَطْفِئُوا السِّراجَ؛ فإنَّ الشَّيْطانَ لا يَحُلُّ سِقاءً، ولا يَفْتَحُ بابًا، ولا يَكْشِفُ إناءً، فإنْ لَمْ يَجِدْ أحَدُكُمْ إلَّا أنْ يَعْرُضَ علَى إنائِهِ عُودًا، ويَذْكُرَ اسْمَ اللهِ، فَلْيَفْعَلْ؛ فإنَّ الفُوَيْسِقَةَ تُضْرِمُ علَى أهْلِ البَيْتِ بَيْتَهُمْ [وفي روايةٍ لم يَذْكُر قوله]: وأَغْلِقُوا البابَ. وفي رِوايةٍ: قالَ: وأَكْفِئُوا الإناءَ، أوْ خَمِّرُوا الإناءَ [صحيح مسلم]، وأوكوا السقاءَ أيْ اربطوا فوهاتِ أواني الماءِ لحمايتِها من التلوثِ والأوبئةِ.
بل إنَّ حرصَ النبيِّ صلى اللهُ عليه وسلم على طهارةِ الماءِ وسلامتِهِ بلغ حدًّا أكبرَ من ذلك إذ نهى عن النفخِ في الشرابِ ليحميَهُ من نفسِ شاربهِ ورائحةِ فمِهِ كي لا يتلوثَ ، لأنَّ الشاربَ الأوَّلَ قد لا يشربُ الماءَ كلَّهُ، يحتاجُ بقيَّتَهُ شخصٌ آخرُ، فعن ابنِ عباسٍ رضي اللهُ عنهما قال : نهى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن النفخِ في الطعامِ والشرابِ. [سنن أبي داود]، وبالمثلِ نهى صلى اللهُ عليه وسلم عن الشربِ من فمِ السقاءِ مباشرةً، وقد ذكروا لذلك سببينِ: الأوَّلُ عدمُ تلوثِ ماءِ السقاءِ برائحةِ فمِ الشاربِ، والثاني حمايةُ الشاربِ مما قد يكونُ في السقاءِ من شيءٍ مختلطٍ بالماءِ، فإذا وُضعَ الماءُ في كأسٍ عُلم ما به.
إنَّنا في ظلِّ ما ينتابُنا من خوفٍ على مياهِ النيلِ – وهي المصدرُ المائيُّ الرئيسُ لنا في مصرَ- لا خلاصَ لنا إلا بأن نتقيَ اللهَ تعالى فيما بين أيدينا من نعمةِ الماءِ، إذ إنَّ التقوى هي سبيلُ النجاةِ والخلاصِ من الأزماتِ، يقولُ اللهُ تعالى: {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ۚ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ ۚ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا} [الطلاق: ۲، ۳]، فلنحافظْ على الماءِ بألَّا نلوِّثَهُ ولا نسرفْ في استعمالِهِ حتى يؤمِّنَنا اللهُ تعالى فإنَّ الأمرَ بيدِ اللهِ تعالى وحدَهُ، عن قيسِ بنِ الحجاجِ عمَّن حدَّثَهُ قالَ: ” لما فتحَ عمرو بنُ عاصٍ مصرَ أتى أهلُها إليه حين دخل شهرُ بؤونةَ من أشهرِ العجمِ (القبطيَّةِ) فقالوا : (أيُّها الأميرُ إنَّ لنيلِنا هذا سنةً لا يجري إلا بها، فقالَ لهم وما ذاك؟ قالوا: إذا كان لثنتي عشرةَ ليلةً خلتْ من هذا الشهرِ عمدنا إلى جاريةٍ بكرٍ بين أبويها فأرضينا أبويها وجعلنا عليها من الحليِّ والثيابِ أفضلَ ما يكونُ ثم ألقيناها في هذا النيلِ، فقالَ لهم عمرو إنَّ هذا لا يكونُ في الإسلامِ، وإنَّ الإسلامَ يهدمُ ما قبلَهُ، فأقاموا بؤونةَ والنيلُ لا يجري لا قليلًا ولا كثيرًا، وفي روايةٍ: فأقاموا بؤونةَ وأبيبَ ومسرى وهو لا يجري حتى همُّوا بالجلاءِ، فكتبَ عمرو إلى عمرَ بنِ الخطابِ رضي اللهُ عنه بذلك فكتبَ إليه عمرُ إنَّك قد أصبتَ بالذي فعلتَ وإني قد بعثتُ إليكَ بطاقةً داخلَ كتابي هذا فألقِها في النيلِ، فلما قدم كتابُهُ أخذ عمرو البطاقةَ ففتحها فإذا فيها:
” من عبدِ اللهِ عمرَ أميرِ المؤمنين إلى نيلِ مصرَ (أما بعدُ فإن كنتَ تجري من قبلكَ فلا تجرِ، وإن كان اللهُ الواحدُ القهَّارُ هو الذي يجريكَ فنسألُ اللهَ أن يجريكَ فألقى عمرو البطاقةَ في النيلِ فأصبح يومَ السبتِ وقد أجرى اللهُ النيلَ ستةَ عشرَ ذراعًا في ليلةٍ واحدةٍ [ البداية والنهاية لابن كثير].
لقد وعدَ اللهُ تعالى من يؤدِّي حقَّ النعمةِ ويشكرْ ربَّهُ عليها بالزيادةِ فقالَ: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ۖ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} [إبراهيم: ۷]، فأعظمُ وسيلةٍ لضمانِ الإمداداتِ الإلهيةِ من الماءِ شكرُ النعمةِ والحفاظُ عليها.
الخطبة الثانية
الْـحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ، وَنَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، أما بعد: العنصر الرابع: الْمَاءُ بِقَدَرٍ وَنِظَامٍ؛ أَمَانَةٌ تُشْكَرُ وَمَسْؤُولِيَّةٌ تُصَانُ
إنَّ الماءَ أنزلهُ اللهُ في الأرضِ بقدرٍ وبنظامٍ محكمٍ دقيقٍ يقولُ اللهُ تعالى: {وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ ۖ وَإِنَّا عَلَىٰ ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ} [المؤمنون: ۱۸]، يقولُ ابنُ كثيرٍ -رحمهُ اللهُ- : وفي إنزالهِ القطرَ من السماءِ {بقدرٍ} أي: بحسبِ الحاجةِ، لا كثيرًا فيفسدَ الأرضَ والعمرانَ، ولا قليلًا فلا يكفيَ الزروعَ والثمارَ، بل بقدرِ الحاجةِ إليه من السقيِ والشربِ والانتفاعِ به… وقولُهُ تعالى : {فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ} أي: جعلنا الماءَ إذا نزلَ من السحابِ يخلدُ في الأرضِ، وجعلنا في الأرضِ قابليةً له، تشربُهُ ويتغذى به ما فيها من الحبِّ والنوى..” [تفسير ابن كثير].
إذا ففي جوفِ الأرضِ خزاناتٌ للمياهِ بقدرةِ الخلَّاقِ العليمِ سبحانهُ، وعندما نزلَ أحدُ العلماءِ إلى منجمٍ للفحمِ يبلغُ عمقُهُ تحت سطحِ الأرضِ أكثرَ من ألفِ مترٍ اكتشفَ وجودَ مياهٍ تعودُ إلى ملايينِ السنينَ فسبحانَ القائلِ: {وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ …} [عن كتاب: دورة المياه بين العلم والإيمان لعبد الدائم كحيل].
فالماءُ أنزلهُ اللهُ بقدرٍ فهو محدَّدٌ كالرزقِ، لكنَّ اللهَ تعالى أرادَ أن يُنزِّلَ في بلادٍ وينتفعَ به أهلُ بلادٍ أخرى تمامًا كالمالِ في أيدي الأغنياءِ، يقولُ سيِّدُنا عليٌّ رضي اللهُ عنه:” إنَّ اللهَ فرضَ على أغنياءِ المسلمينَ في أموالِهِم بقدرِ الذي يسعُ فقراءَهم ولن يجهدَ الفقراءُ إذا جاعوا وعروا إلا بما يضيِّعُ أغنياؤهم ـوفي روايةٍ ما يضيّعُ أغنياؤهم ألا وإنَّ اللهَ يحاسبُهم حسابًا شديدًا ويعذبُهم عذابًا أليمًا” [المعجم الصغير للطبراني]
إنَّ الواجبَ علينا أن نتقيَ اللهَ وأن نراعيَ هذه النعمةَ التي هي سببُ الحياةِ وليتحمَّلْ كلٌّ منَّا مسؤوليَّتَهُ أمامَ اللهِ عزَّ وجلَّ في الحفاظِ على ما أولانا من نهرٍ عظيمٍ وماءٍ عذبٍ ، فغيرُنا في أمسِّ الحاجةِ إلى قطرةِ ماءٍ تروي ظمأَهُ وتنبتُ كلأَهُ.
ألا فلتكنْ هبَةٌ مجتمعيَّةٌ تستهدفُ الحفاظَ على الحياةِ عن طريقِ الحفاظِ على هذه النعمةِ التي تستمدُّ منها حياةُ الإنسانِ، والحيوانِ، وكلِّ كائنٍ حيٍّ بإذنِ اللهِ تعالى : {… وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّن نَّبَاتٍ شَتَّىٰ كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعَامَكُمْ ۗ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّأُولِي النُّهَىٰ} [طه: ٥٣، ٥٤]
_____________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
وللإطلاع علي قسم خطبة الجمعة
وللإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
وللمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف