خطبة الجمعة القادمة بعنوان : أيام الرحمة والمغفرة، لـ صوت الدعاة
أيام الرحمة والمغفرة، لـ صوت الدعاة ، بتاريخ 10 ذو الحجة 1446هـ ، الموافق 6 يونيو 2025م

خطبة الجمعة القادمة بعنوان : أيام الرحمة والمغفرة، لـ صوت الدعاة ، بتاريخ 10 ذو الحجة 1446هـ ، الموافق 6 يونيو 2025م.
لتحميل خطبة الجمعة اليوم لصوت الدعاة 6 يونيو 2025 بصيغة word بعنوان: أيام الرحمة والمغفرة، بصيغة word
ولتحميل خطبة الجمعة القادمة لصوت الدعاة 6 يونيو 2025 بصيغة pdf بعنوان : أيام الرحمة والمغفرة pdf
عناصر خطبة الجمعة القادمة لصوت الدعاة 6 يونيو 2025 بعنوان : أيام الرحمة والمغفرة، كما يلي:
أولًا: يومُ عرفةَ وما أدراكَ ما يومُ عرفةَ؟
ثانيـًا: فضل يوم النحر والرحمات فيه.
ثالثـــًا: الأضحيةُ سنةٌ مؤكدةٌ عن النبيِّ المختارِ ﷺ.
رابعــــًا: فضل أيام التشريق.
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 6 يونيو 2025 بعنوان :أيام الرحمة والمغفرة ، كما يلي:
أيامُ الرحمةِ والمغفرة
10 ذو الحجة 1446هـ – 6 يونيو 2025م
صوت الدعاة
المـــوضــــــــــوع
الحمدُ للهِ القائلِ في محكمِ التنزيلِ ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا﴾ المائدة:3، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَه أولٌ بلا ابتداء، وآخرٌ بلا انتهاء، الوترُ الصَّمَدُ الذي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ، وَأشهدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ القائلُ كما في حديثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ ﷺ: أَنَّهُ قَالَ: (ما من أيَّامٍ العملُ الصَّالحُ فيهنَّ أحبُّ إلى اللهِ من هذه الأيَّامِ العشرِ قالوا: يا رسولَ اللهِ ولا الجهادُ في سبيلِ اللهِ؟ فقال رسولُ اللهِ ﷺ: ولا الجهادُ في سبيلِ اللهِ إلَّا رجلٌ خرجَ بنفسِه ومالِه فلم يرجِعْ من ذلك بشيءٍ) رواه البخاري، فاللهم صلّ وسلمْ وزدْ وباركْ على النبيِّ المختارِ وعلى آلهِ وصحبهِ الأطهارِ وسلمْ تسليمًا كثيرًا إلى يومِ الدين.
أما بعد
وليس في الكون كله من هو أرحم من الله، فالله أحكم الحاكمين وأعدل العادلين وأرحم الراحمين. فمن عَجَائِبِ رَحْمَةِ اللهِ بِنَا مَا ذَكَرَهُ النَّبِيُّ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – لَنَا حِينَـمَا رَأَى امْرَأَةً وَجَدَتْ صَبِيًّا فِي السَّبْيِ، فَأَلْصَقَتْهُ بِبَطْنِهَا وَأَرْضَعَتْهُ، فَقَالَ: “أَتُرَوْنَ هَذِهِ طَارِحَةً وَلَدَهَا فِي النَّارِ»؟ قَالُوا: لاَ، وَهِيَ تَقْدِرُ عَلَى أَنْ لاَ تَطْرَحَهُ، فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَلَّهُ أَرْحَمُ بِعِبَادِهِ مِنْ هَذِهِ بِوَلَدِهَا» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
وقال النبيُّ المختارُ ﷺ: (أَفْضَلُ أَيَّامِ الدُّنْيَا الْعَشْرُ– يَعْنِي: عَشْرَ ذِي الْحِجَّةِ- قِيلَ: وَلَا مِثْلُهُنَّ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ قَالَ: وَلَا مِثْلُهُنَّ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، إِلَّا رَجُلٌ عَفَّرَ وَجْهَهُ فِي التُّرَابِ)) رواه البزار وابن حبان. وهي أيام الرحمات والبركات والفضل من الله سبحانه وتعالي.
العنصر الأول من خطبة الجمعة القادمة بعنوان : أيام الرحمة والمغفرة، لـ صوت الدعاة
أولًا: يومُ عرفةَ وما أدراكَ ما يومُ عرفةَ؟
أيّها المسلمون: يومُ عرفةَ شرفٌ عظيمٌ وفضلٌ كبيرٌ مِن اللهِ جلّ وعلا، فهو اليومُ الذي نالتْ فيه أمةُ النبيِّ ﷺ وسامَ الرفعةِ والشرفِ على سائرِ الأممِ أجمعين، يومُ عرفةَ وما أدراكُم ما يومُ عرفةَ؟!إنّه اليومُ الذي خصَّهُ اللهُ بالأجرِ الكبيرِ والثوابِ العظيمِ عن كلِّ أيامِ السنةِ، إنّه اليومُ الذي يعمُّ اللهُ عبادَهُ بالرحماتِ، ويكفرُ عنهُم السيئات ويمحُو عنهم الخطايا والزلات، ويعتقهُم مِن النار…اليومُ الذي يُرَى فيهِ إبليسُ صاغرًا حقيرًا… اليومُ الذي أكملَ اللهُ فيهِ الدينَ وأتمَّ النعمَ على المسلمين..
إنّهُ يومُ عرفةَ… يومُ التجلياتِ والنفحاتِ الإلهيةِ
يومُ العطاءِ والبذلِ والسخاءِ، يومُ عرفةَ وما أدراكُم ما يومُ عرفةَ؟! أفضلُ يومٍ طلعتْ عليهِ الشمسُ، وهو اليومُ الذي يخرجُ فيه حجاجُ بيتِ اللهِ الحرامِ شعثًا غبرًا لأداءِ ركنِ الحجِّ الأعظمِ وهو الوقوفُ بصعيدِ عرفةَ، رافعينَ أكفَّ التضرعِ للمولى عزّ وجلّ، راجين مغفرتَهُ وعتقَهُ مِن النارِ.
يومُ عرفةَ وما أدراكُم ما يومُ عرفةَ؟! إنّهُ موقفٌ مصغرٌ عن موقفِ الحشرِ ﴿يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾، إنّه يومٌ مشهودٌ، ويومٌ عظيمٌ، أقسمَ اللهُ به لمكانتهِ في الإسلامِ، والعظيمُ لا يقسمُ إلّا بعظيمٍ، قالَ جلّ وعلا: (وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ * وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ * وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ) [البروج:1-3]. وقد روى أبو هريرةَ -رضي اللهُ عنه- قال: قال رسولُ اللهَ ﷺ : “الْيَوْمُ الْمَوْعُودُ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، وَالْيَوْمُ الْمَشْهُودُ يَوْمُ عَرَفَةَ، وَالشَّاهِدُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ، وَمَا طَلَعَتْ الشَّمْسُ وَلا غَرَبَتْ عَلَى يَوْمٍ أَفْضَلَ مِنْهُ، فِيهِ سَاعَةٌ لا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُؤْمِنٌ يَدْعُو اللَّهَ بِخَيْرٍ إِلاَّ اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ، وَلا يَسْتَعِيذُ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ أَعَاذَهُ اللَّهُ مِنْهُ” رواه الترمذي. ويومُ عرفةَ هو الوترُ الذي أقسمَ اللهُ به في القرآنِ، فقالَ عزَّ مَن قال: ﴿وَالشَّفْعِ وَالْوَتْر﴾ [الفجر: 3]، قال ابنُ عباسٍ: “الشفعُ يومُ الأضحَى، والوترُ يومُ عرفةَ.
يوم الكمال: يومُ عرفةَ وما أدراكَ ما يومُ عرفةَ؟ إنّهُ يومُ التمامِ والكمالِ
فعن عمرَ بنِ الخطابِ أنَّ رَجُلًا مِنَ اليَهُودِ قالَ له: يا أمِيرَ المُؤْمِنِينَ، آيَةٌ في كِتَابِكُمْ تَقْرَؤُونَهَا، لو عَلَيْنَا مَعْشَرَ اليَهُودِ نَزَلَتْ، لَاتَّخَذْنَا ذلكَ اليومَ عِيدًا. قالَ: أيُّ آيَةٍ؟ قالَ: {اليومَ أكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وأَتْمَمْتُ علَيْكُم نِعْمَتي ورَضِيتُ لَكُمُ الإسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3] قالَ عُمَرُ: قدْ عَرَفْنَا ذلكَ اليَومَ، والمَكانَ الذي نَزَلَتْ فيه علَى النبيِّ ﷺ، وهو قَائِمٌ بعَرَفَةَ يَومَ جُمُعَةٍ. متفق عليه، إنَّهُ يومُ مغفرةِ الذنوبِ، ويومُ العتقِ مِن النارِ، ويومُ المباهاةِ بأهلِ الموقفِ، حيثُ يُباهِي اللهُ بأهلِ عرفةَ ملائكتَهُ، فعن أبي هريرةَ رضى اللهُ عنه قال: قال رسولُ اللهِ ﷺ: إنَّ اللهَ يُباهي بأهلِ عرفاتٍ ملائكةَ السماءِ، فيقولُ: انظُروا إلى عبادي هؤلاءِ، جاءوني شُعْثًا غُبْرًا، أنفقوا الأموالَ وأتعبوا الأبدانَ أشهدكُم يا ملائكتِي أنِّي قد غفرتُ لهم (صحيح ابن خزيمة).
يومُ عرفةَ يومٌ يغيظُ الشيطان، يومٌ يعمُّ اللهُ عبادَهُ بالرحماتِ ويُكفرُ عنهم السيئات، ويمحُو عنهم الخطايا والزلات، مِمّا يجعلُ إبليسَ يندحرُ صاغرًا، يقولُ حبيبُنَا مُحمدٌ ﷺ وهو يصفُ الشيطانَ وحالَهُ في ذلك الموقفِ: (مَا رُئِيَ الشَّيْطَانُ يَوْمًا هُوَ فِيهِ أَصْغَرُ وَلَا أَدْحَرُ وَلَا أَحْقَرُ وَلَا أَغْيَظُ مِنْهُ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِمَا رَأَى مِنْ تَنَزُّلِ الرَّحْمَةِ وَتَجَاوُزِ اللَّهِ عَنْ الذُّنُوبِ الْعِظَامِ إِلَّا مَا أُرِيَ يَوْمَ بَدْرٍ قِيلَ وَمَا رَأَى يَوْمَ بَدْرٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ أَمَا إِنَّهُ قَدْ رَأَى جِبْرِيلَ يَزَعُ الْمَلَائِكَةَ)، رواه مالك والبيهقي وعبدالرزاق وابن عبد البر. فأينَ المسلمُ الذي يدحرُ الشيطانَ ويجعلُهُ يتصاغرُ وذلك بتقديمِ الطاعاتِ للهِ تباركَ وتعالى في يومِ عرفةَ؟ فأين المؤمنُ الذي يحفظُ جوارحَهُ مِن المعاصي ليغيظَ الشيطان؟ فأين الموحدُ الذي يوحدُ الرحمنَ ويغيظُ الشيطان؟
العنصر الثاني من خطبة الجمعة القادمة بعنوان : أيام الرحمة والمغفرة، لـ صوت الدعاة
ثانيـًا: فضل يوم النحر والرحمات فيه.
وهو اليومُ العاشرُ من ذي الحجة، وهو يوم الحج الأكبر، ففيه كثير من أعمال الحج؛ من طواف، وسعي، ورمي جمرة العقبة، والهدي للقارن والمتمتِّع والحلق أو التقصير، ولغير الحجاج ذبح الأضاحي سنةُ أبينا إبراهيم عليه السلام الذي أُمِرْنا باتِّباع مِلَّتِه، وسنةُ نبينا محمدٍ صلى الله عليه وسلم، قال الإمام ابن كثير رحمه الله عن يوم النحر أول يوم من عيد الأضحى الذي سمَّاه الله تعالى يوم الحج الأكبر: “وهو يوم النحر الذي هو أفضل أيام المناسك، وأظهرُها وأكثرُها جمعًا“.
لهذا اليوم فضائل عديدة: فهو يوم الحج الأكبر. وهو أفضل أيام العام؛ لحديث: (إن أعظم الأيام عند الله (تبارك وتعالى): يوم النحر، ثم يوم القرّ)، وهو بذلك أفضل من عيد الفطر، ولكونه يجتمع فيه الصلاة والنحر، وهما أفضل من الصلاة والصدقة.
وقد اعتبرت الأعياد في الشعوب والأمم أيام لذة وانطلاق، وتحلل وإسراف، ولكن الإسلام صبغ العيدين بصبغة العبادة والخشوع إلى جانب الفسحة واللهو المباح. وقد شرع في يوم النحر من الأعمال العظيمة كالصلاة، والتكبير، ونحر الهدي، والأضاحي، وبعض من مناسك الحج ما يجعله موسماً مباركاً للتقرب إلى الله (تعالى)، وطلب مرضاته، لا كما هو حال الكثير ممن جعله يوم لهو ولعب فحسب، إن لم يجعله يوم أشر وبطر، والعياذ بالله.
مخلص فضائل يوم النحر كما يلي:
1- أنه خير الأيام عند الله :
قال ابن القيم – رحمه الله – في زاد المعاد ( 1/54 ) : ” خير الأيام عند الله يوم النحر، وهو يوم الحج الأكبر كما في سنن أبي داود (1765 ) عن النبي صلى الله عليه وسلم : “إنَّ أعظمَ الأيَّامِ عندَ اللَّهِ تبارَكَ وتعالَى يومُ النَّحرِ ثمَّ يومُ القَرِّ “ حديث صحيح، أخرجه أبو داود واللفظ له، وأحمد.
2- أنه يوم الحج الأكبر :
فعَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ وَقَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ النَّحْرِ بَيْنَ الْجَمَرَاتِ فِي الْحَجَّةِ الَّتِي حَجَّ وَقَالَ هَذَا يَوْمُ الْحَجِّ الأَكْبَرِ” رواه البخاري.
وذلك لأن معظم أعمال الحج تكون في هذا اليوم، ففيه يفعل الحجاج ما يلي:
- رمي جمرة العقبة.
- النحر.
- الحلق أو التقصير.
- الطواف.
- السعي .
3-أنه يوم عيد المسلمين :
قال صلى الله عليه وسلم : “إنَّ يومَ عرفةَ ويومَ النَّحرِ وأيَّامَ التَّشريقِ عيدُنا أَهْلَ الإسلامِ ، وَهيَ أيَّامُ أَكْلٍ وشربٍ” رواه الترمذي ، حديث صحيح في صحيح الترمذي .
العنصر الثالث من خطبة الجمعة القادمة بعنوان : أيام الرحمة والمغفرة، لـ صوت الدعاة
ثالثـــًا: الأضحيةُ سنةٌ مؤكدةٌ عن النبيِّ المختارِ ﷺ.
أيُّها السادة: اعلموا أنّ مِن نِعمِ اللهِ -تعالى- علينَا ما شرعَهُ لنَا مِن الأضاحِي، فهي سُنةُ أبينَا إبراهيمَ -عليه السلام-، وسنةُ ونبيِّنَا مُحمدٍ -عليه الصلاةُ والسلامُ-، وقد جعلَ اللهُ -تعالى- لنا حسنةً بكلِّ شعرةٍ أو صوفٍ منها، وإنَّ أفضلَ ما يقومُ بهِ المُسلمُ في يومِ العيدِ هو التقربُ إلى ربِّهِ بذبحِ الأضاحِي، جاء في مسندِ الإمامِ أحمدَ أنَّ الصحابةَ -رضوان اللهُ عليهم- سألُوا حبيبَ هذه الأُمةِ ﷺ قالوا: يا رسولُ اللهِ: ما هذه الأضاحي؟! قال: “سُنَّة أبيكُم إبراهيم”، قالوا: ما لنًا منها؟! قال: “بكلِّ شعرةٍ حَسَنة”، قالوا: يا رسولُ اللهِ: فالصوفُ؟! قال: “بكلِّ شعرةٍ مِن الصوفِ حَسَنة”.
والأُضْحِيَةُ: ما يُذْبَحُ من بهيمةِ الأنعامِ أيامَ الأضحَى بسببِ العيدِ، تَقَرُّبًا إلى اللهِ عَزَّ وجَل. وقد قُرِنَ الذبحُ بالصلاةِ لعِظَمِ شأنِه، قال تعالى: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ)، وقال تعالي🙁 قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ) وفي الصحيحين عن أنسِ بنِ مالكٍ -رضي اللهُ عنه- قال: “ضحَّى النبيُّ ﷺ بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ، ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ، وَسَمَّى وَكَبَّرَ، وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا”. ووقتُ ذَبْحِ الأُضْحيةِ: هو يومُ النحرِ بعدَ صلاةِ العيدِ، عن البَرَاءِ قال: سمعتُ رسولَ اللهِ ﷺ يخطبُ فقال: “إنَّ أوَّل ما نبدأُ بهِ في يومِنَا هذا أنْ نصلِّي، ثم نرجعُ فننحر، فمَن فعَلَ ذلك، فقد أصابَ سُنَّتَنَا، ومَن نَحَر قبلَ الصلاةِ، فإنَّما هو لحمٌ قدَّمَهُ لأهلهِ، ليس مِن النُّسُكِ في شيءٍ.) رواه البخاري والأضحيةُ شعيرةٌ مِن شعائرِ الدينِ، قالَ جلّ وعلا: ﴿وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ﴾ [الحج: 36]، وقال جلّ وعلا ﴿ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾ [الحج: 32].
العنصر الرابع من خطبة الجمعة القادمة بعنوان : أيام الرحمة والمغفرة، لـ صوت الدعاة
رابعــــًا: فضل أيام التشريق.
ما هي أيام التشريق؟ أيام التشريق هي الأيام الثلاثة التي بعد يوم النحر – يوم عيد الأضحى – ويقال لها أيام مِنَى لأن الحجاج يقيمون فيها بمِنَى وهي الأيام المعدودات التي قال الله عز وجل فيها: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} [البقرة: 203]، وسميت أيام التشريق لأن الحجاج يشرقون فيها لحوم الأضاحي والهدايا أي ينشرونها ويقددونها.
لكل يوم من هذه الأيام اسم خاص به؟، فاليوم (الأول) منها يقال له يوم القَرّ؛ لأن الحجاج يقرون فيه بمنى، (والثاني) يوم النّفْر الأول؛ لأنه يجوز النفر فيه لمن تعجل، (والثالث) يوم النّفْر الثاني.
من الأيام المباركة التي ذُكر فضلها في السنة المطهرة، وهي من أيام النفحات التي حثنا النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ على أن نتعرض لها ونغترف من خيراتها، وهي أيام أكل وشرب، والمسلم مأمور بتحري الشرع والمسابقة والتسارع في تحصيل الحسنات على أية حال، وفي كل وقت وزمان، يستوي في ذلك أيام الأفراح والأتراح، فكل أمر المسلم خير كما أخبر المعصوم ﷺ .
–أيام التشريق أيام ذكر الله تعالى وشكره
وإن كان الحق أن يذكر الله تعالى ويشكر في كل وقت وحين, لكن يتأكد في هذه الأيام المباركة. روي عن النبي ﷺ قال: (أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر الله) أخرجه مسلم وفي رواية للإمام أحمد (من كان صائماً فليفطر فإنها أيام أكل وشرب) صحيح مسلم. وتعد هذه الأيام فاضلة وعظيمة، وهي الأيام المعدودات التي ذكرها الله-عز وجل- في القراَن الكريم: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ ۚ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ ۚ لِمَنِ اتَّقَىٰ ۗ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ}، فضل أيام التشريق أنها أيام ذِكر لله تعالى، عقب الصلوات وفي كل الأوقات والأحوال، وذِكره تعالى على الأكل والشُرب بالتسمية في أوله، وحمده في أخره، وإن كان هذا عامًا في كل وقت لكنه متأكد فيها.
–أيام التشريق هي أيام أكل وشُرب كما جاء في الحديث الشريف: “لا تصوموا هذه الأيام، فإنها أيام أكل وشرب وذكر لله عز وجل”، كما أنها لإظهار الفرح والسُرور على الأهل والأولاد، بشرط أن لا يكون فرح شاغل عن طاعة الله تعالى، ولا مانع من التوسع في الأكل والشُرب دون أن يصل الأمر إلى حد الإسراف والتبذير أو التهاون بنعم الله تعالى.
تابع/ خطبة الجمعة القادمة بعنوان : أيام الرحمة والمغفرة، لـ صوت الدعاة
اغتنمُوا هذه الأيامَ والساعاتِ والأنفاسَ قبلَ أنْ يأتِيَ يومٌ لا ينفعُ فيه الندمُ. قبلَ أنْ يأتيَ يومٌ ويقولُ المرءُ منّا: أُريدُ أنْ أرجعَ إلى الدنيا فأعمل صالحًا، فالغنيمةَ الغنيمةَ قبلَ انقضاءِ الأعمارِ، والمبادرةَ المبادرةَ بالعملِ قبلَ انتهاءِ الأعمالِ، والعجلَ العجلَ قبلَ هجومِ الأجل، وقبلَ أنْ يندمَ المفرّطُ على ما فعلَ، وقبلَ أنْ يسألَ الرجعةَ فلا يُجابُ إلى ما سأل، قبلَ أنْ يحولَ الموتُ بينَ المؤمِّلِ وبلوغِ الأملِ، قبلَ أنْ يصيرَ المرءُ محبوسًا في حفرتهِ بمَا قدَّمَ مِن عملٍ، فبادرْ قبلَ أنْ تبادر، بادرْ بالتوبةِ والرجوعِ إلى علامِ الغيوبِ وستيرِ العيوبِ والتخلصِ مِنْ كُلِّ الْمَعَاصِي جُمْلَةً وَتَفْصِيلًا، فإذا اجتمعَ للمسلمِ توبةٌ نصوحٌ مع أعمالٍ فاضلةٍ في أزمنةٍ فاضلةٍ فهذا عنوانُ الفلاحِ. قال تعالى:
(فَأَمَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَعَسَىٰ أَن يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ) (القصص:67)، و بابُ التوبةِ مفتوحٌ لا يغلقُ أبدًا في كلِّ وقتٍ وحينٍ ما لم تطلعْ الشمسُ مِن مغربِهَا وما لم تصلْ الروحُ إلى الحلقومِ كما قالَ النبيُّ المختارُ ﷺ في حديثِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ:( إِنَّ اللَّهَ يَقْبَلُ تَوْبَةَ الْعَبْدِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ)، رواه الترمذي. وأبشرْ: فما دمتَ في وقتِ المهلةِ فبابُ التوبةِ مفتوحٌ لقولِ المصطفَي ﷺ: (إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا) رواه مسلم ، بل قال المختارُ ﷺ كما في صحيحِ مسلمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ فِيمَا يَحْكِي عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ:
تابع/ خطبة الجمعة القادمة بعنوان : أيام الرحمة والمغفرة، لـ صوت الدعاة
” أَذْنَبَ عَبْدٌ ذَنْبًا فَقَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي فَقَالَ تَبَارَكَ وَتعالى أَذْنَبَ عَبْدِي ذَنْبًا فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ ثُمَّ عَادَ فَأَذْنَبَ فَقَالَ أَيْ رَبِّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي فَقَالَ تَبَارَكَ وَتعالى :عَبْدِي أَذْنَبَ ذَنْبًا فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ ثُمَّ عَادَ فَأَذْنَبَ فَقَالَ أَيْ رَبِّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي فَقَالَ تَبَارَكَ وَتعالى أَذْنَبَ عَبْدِي ذَنْبًا فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ اعْمَلْ مَا شِئْتَ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكَ). قَالَ عَبْدُ الْأَعْلَى: لَا أَدْرِي أَقَالَ فِي الثَّالِثَةِ أَوْ الرَّابِعَةِ: اعْمَلْ مَا شِئْتَ)، فبابُ التوبةِ مفتوحٌ لا يغلقُ أبدًا.
اللهم اجعلنا في هذه الأيام من الطائعين ومن المستغفرين، وارحمنا يا أرحم الراحمين
تقبلَ اللهُ مِنَّا ومنكُم صالحٍ الأعمالِ، وكلُّ عامٍ وأنتم بخير
خُطبةُ صوتِ الدعاةِ
_____________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
وللإطلاع علي قسم خطبة الجمعة
وللإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
وللمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف