أخبار مهمةالخطبة المسموعةخطبة الأسبوعخطبة الجمعةخطبة الجمعة القادمة ، خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف المصرية مكتوبة word pdfعاجل

خطبة الجمعة القادمة بعنوان : إذا استنار العقل بالعلم أنار الدنيا ، لـ صوت الدعاة

بتاريخ 19 شوال 1446هـ ، الموافق 19 أبريل 2025م

خطبة الجمعة القادمة 18 أبريل 2025 م بعنوان : إذا استنار العقل بالعلم أنار الدنيا ، لـ صوت الدعاة بتاريخ 19 شوال 1446هـ ، الموافق 19 أبريل 2025م.

لتحميل خطبة الجمعة القادمة لصوت الدعاة 18 أبريل 2025 بصيغة word بعنوان: إذا استنار العقل بالعلم أنار الدنيا، بصيغة word

ولتحميل خطبة الجمعة القادمة لصوت الدعاة 18 أبريل 2025 بصيغة pdf بعنوان : إذا استنار العقل بالعلم أنار الدنيا pdf

خطبة الجمعة القادمة 18 أبريل 2025 م بعنوان : إذا استنار العقل بالعلم أنار الدنيا ، لـ صوت الدعاة بتاريخ 19 شوال 1446هـ ، الموافق 19 أبريل 2025م
خطبة الجمعة القادمة 18 أبريل 2025 م بعنوان : إذا استنار العقل بالعلم أنار الدنيا ، لـ صوت الدعاة

عناصر خطبة الجمعة القادمة لصوت الدعاة 18 أبريل 2025 بعنوان : إذا استنار العقل بالعلم أنار الدنيا ، كما يلي:

 

1- قيمةُ العلمِ في الإسلامِ .

2- فضلُ العلمِ والعلماءِ.

3- الحثُّ على طلبِ العلمِ والعملِ بهِ .

4- دورُ العلمِ في نهضةِ الدولِ وتقدمِ الأممِ.

 

ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 18 أبريل 2025 بعنوان : إذا استنار العقل بالعلم أنار الدنيا ، كما يلي:

 

إِذَا اسْتَنَارَ العَقْلُ بِالعِلْمِ أَنَارَ الدُّنْيَا

19 شوال 1446هـ – 18 أبريل 2025م

صوت الدعاة

المـــوضــــــــــوع

 

إنَّ العلمَ هو القوةُ الدافعةُ للأممِ نحوَ التقدمِ، وهو الأداةُ القويةُ التي تُبنَى بها الحضاراتُ، وهو سفينةُ الحائرينَ إلى برِّ الهدايةِ والنورِ، ولأهميتهِ ومكانتهِ جعلَ الإسلامُ لهُ فضلاً عظيمًا ولطالبهِ شرفًا ونبلاً، فهو أفضلُ ما رغبَ فيهِ الراغبُ وجدَّ في طلبهِ الطالبُ، فاللهُ تباركَ وتعالى شهدَ لنفسِهِ بالوحدانيةِ وثنّى بالملائكةِ وأولِي العلمِ، قال تعالى: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ ۚ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [آل عمران: 18.

فمَا مِن شكٍّ أنَّ العلمَ لهُ مكانةٌ عاليةٌ في الإسلامِ؛ لأنّهُ حياةُ القلوبِ ونورُ الأبصارِ، به يبلغُ الإنسانُ منازلَ الأبرارِ، وبهِ يُطاعُ اللهُ، وبهِ يُعبدُ، وبهِ يُوحَّدُ، وبهِ يُمَجَّدُ، وبهِ توصلُ الأرحامُ، وبهِ تُرفعُ الأممُ أعلَى الدرجاتِ، فالإسلامُ دينُ العلمِ، لا يُعرَفُ دينٌ مثلهُ أشادَ بالعلمِ وحثَّ عليهِ، ورغّبَ في طلبهِ، ونوهَ بمكانةِ أهلهِ، وأعلَى مِن قدرِهِم، وبيّن فضلَ العلمِ وأثرَهُ في الدنيا والآخرةِ، وحضَّ على التعلمِ والتعليمِ، وحسبنَا أنَّ أولَ آياتٍ نزلت مِن الوحي على قلبِ رسولِ اللهِ ﷺ أشارت إلى فضلِ العلمِ، حيثُ أمرت بالقراءةِ وهي مِفتاحُ العلمِ، ونوّهت بالقلمِ وهو أداةُ نقلِ العلمِ، وذلك في قولِهِ تعالى: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} ،العلق: 1-5.

تابع / خطبة الجمعة القادمة بعنوان : إذا استنار العقل بالعلم أنار الدنيا ، لـ صوت الدعاة

فهذه أولُ صيحةٍ تنوِّهُ بقيمةِ العلمِ، وتعلنُ الحربَ على الأميةِ الغافلةِ، وتجعلُ اللبنةَ الأولَى في بناءِ كلِّ إنسانٍ عظيمٍ أنْ يقرأَ وأنْ يتعلّمَ، فهذا إنْ دلَّ على شيءٍ فإنّمَا يدلُّ على أنَّ مكانةَ العلمِ في الإسلامِ لا تدانيهَا مكانة، وقد دلَّ على ذلكَ أنّهُ المنحةُ الإلهيةُ التي رفعَ اللهُ بهَا مقامَ آدمَ على ما دونهِ مِن الملائكةِ (عليهمُ السلامُ)، قال تعالى: {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَٰؤُلَاءِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (31) قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا ۖ إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (32) قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَائِهِمْ ۖ فَلَمَّا أَنبَأَهُم بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ} [البقرة: ۳۱ – ۳۳.

ولقد عنَي الإسلامُ بالعلمِ عنايةً فائقةً، وحثَّ أتباعَهُ على طلبِهِ والبحثِ والتفكيرِ في كلِّ ميدانٍ مِن ميادينِ المعرفةِ، وكلِّ مجالٍ مِن مجالاتِ الحياةِ، والقرآنُ الكريمُ بهِ الكثيرُ مِن الآياتِ التي تشيرُ إلى هذا، قال تعالى: {بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ۚ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ [العنكبوت: ٤٩.

إنَّ العلمَ يثمرُ لصاحبِهِ الخيرَ والهدايةَ، وفضلهُ يزدادُ عندَ طالبهِ، وقد شرّفَ الحقُّ سبحانه وتعالى العالمَ وميزَهُ عن غيرِه، وأخبرَ أنّهُ لا يعقلُ آياتِهِ ويفهمهَا حقَّ فهمِهَا وينزلهَا المكانةَ اللائقةَ بهَا إلّا العالمون، فقالَ سبحانه: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ۗ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ} [الزمر: ٩]، فالعلمُ في ذاتهِ غايةٌ، يدلُّ على ذلكَ ما جاءَ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ (رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ) قَالَ: «تعلَّموا العلمَ فإنَّ تعلمَهُ للهِ خشيةٌ وطلبَه عبادةٌ ومذاكرتَه تسبيحٌ والبحثَ عنه جهادٌ وتعليمَه لمن لا يعلمُه صدقةٌ وبذلَه لأهلِه قربةٌ لأنّهُ معالمُ الحلالِ والحرامِ ومنارُ سُبلِ أهلِ الجنَّةِ وهو الأنيسُ في الوحشةِ والصاحبُ في الغربةِ والمُحدِّثُ في الخلوةِ والدليلُ على السراء والضرَّاءِ والسلاحُ على الأعداءِ والزينُ عند الأخلاءِ .. وَقَالَ عُمَرُ بنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: تَعَلَّمُوا الْعِلْمَ وَتَعَلَّمُوا لِلْعِلْمِ السَّكِينَةَ وَالْحِلْمَ وَتَوَاضَعُوا لِمَنْ تُعَلِّمُونَ وَلْيَتَوَاضَعْ لَكُمْ مَنْ تُعَلِّمُونَهُ ، وَلَا تَكُونُوا مِنْ جَبَابِرَةِ الْعُلَمَاءِ فَلَا يَقُومُ عِلْمُكُمْ بِجَهْلِكُمْ ). (أدب الدنيا والدين).

تابع / خطبة الجمعة القادمة بعنوان : إذا استنار العقل بالعلم أنار الدنيا ، لـ صوت الدعاة

فطبيعةُ الإسلامِ تفرضُ على الأمةِ المسلمةِ أنْ تكونَ أمةً متعلمةً ترتفعُ فيهَا نسبةُ المثقفين، وتهبطُ أو تنعدمُ نسبةُ الجاهلين، فإنَّ قيمةَ العلمِ في الإسلامِ كقيمةِ الحياةِ بالنسبةِ للإنسانِ.

وكذلك أعلَى القرآنُ الكريمُ مِن شأنِ العلمِ، فعبّرَ عنهُ بالسلطانِ، فقالَ تعالى: {الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ ۖ كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ وَعِندَ الَّذِينَ آمَنُوا ۚ } [غافر: ٣٥]، وقالَ تعالى: { ِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ ۙ إِن فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَّا هُم بِبَالِغِيهِ ۚ} [غافر: ٥٦.

وللهِ درُّ سيدِنَا عليٍّ رضي اللهُ عنهُ حينَ قالَ: (العلمُ خيرٌ من المالِ؛ العلمُ يَحرسُك وأنت تَحرُسُ المالَ، والعلمُ حاكمٌ والمالُ محكومٌ عليه، والمالُ تَنقُصُه النفقةُ والعِلمُ يزكو على الإنفاقِ).

فالعلمُ ضرورةٌ ملحةٌ، وحاجةٌ ماسةٌ، عليها تتوقفُ سعادةُ الإنسانِ في الدنيا والآخرةِ، ومِن هنا كان طلبُ العلمِ فريضةً، كما روى ابنُ ماجةَ عَن أَنَسِ بْنِ مَالِكِ (رضي الله عنه) قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (طلبُ العِلمِ فريضةٌ على كلِّ مسلمٍ).

وأمّا عن فضلِ العلماءِ ومنزلتِهِم، فقد مدحَ اللهُ أهلَ العلمِ وأثنَى عليهِم وشرّفَهُم، ورفعَ منازلَهُم وقدرَ جهودَهُم، وسمَا بدرجاتِهِم حتى قرنَهُم الحقُّ سبحانَهُ بنفسِهِ وملائكتِهِ في الشهادةِ بوحدانيتِهِ والإقرارِ بعدالتِهِ، قالَ تعالى: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [آل عمران: ۱۸، وقالَ عزَّ وجلَّ: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} [المجادلة:١١]. وما ذلكَ إلّا لأنَّ العلماءَ أكثرُ الناسِ معرفةً بربِّهِم، وأحرصُ الناسِ على تبليغِ كلامِ خالقِهِم، بل هم أكثرُ الناسِ خشيةً للهِ بما أدركُوا مِن آثارِ قدرتهِ وعظمتهِ، فقالَ سبحانَهُ: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ} [فاطر: ۲۸.

ومِن ثَمَّ فإنّ للعلماءِ مكانةً عظيمةً حفظهَا لهُم الشرعُ الحنيفُ لعظمِ قدرهِم في الأمةِ، فهم ورثةُ الأنبياءِ وهم المفضلونَ بعدَ الأنبياءِ على سائرِ البشرِ، فعَنْ أَبِي أُمَامَةَ البَاهِلِي (رضي اللهُ عنه) قَالَ: ذكِرَ لرَسولِ اللهِ ﷺ رجُلانِ؛ أحدُهُمَا عابدٌ، والآخَرُ عالِمٌ، فقالَ رسولُ اللهِ ﷺ: فضلُ العالمِ على العابدِ كفضلِي على أدناكُم ثمَّ قالَ رسولُ اللَّهِ ﷺ إنَّ اللَّهَ وملائِكتَهُ وأَهلَ السَّماواتِ والأرضِ حتَّى النَّملةَ في جُحرِها وحتَّى الحوتَ ليصلُّونَ على معلِّمِ النَّاسِ الخيرَ) (سنن الترمذي)، لذلكَ أمرَ سبحانَهُ وتعالَى بسؤالِ أهلِ العلمِ والرجوعِ إليهِم فيمَا يُشكلُ، فقالَ: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النحل: ٤٣].

تابع / خطبة الجمعة القادمة بعنوان : إذا استنار العقل بالعلم أنار الدنيا ، لـ صوت الدعاة

وأمَّا عن الحثِّ على طلبِ العلمِ والعملِ بهِ، فإنَّ طلبَ العلمِ والسعيَ في تحصيلِهِ واجبٌ على كلِّ مسلمٍ ومسلمةٍ، ولقد أوضحَ رسولُ اللهِ ﷺ فضيلةَ طلبهِ في حديثٍ يدفعُ كلَّ مَن قرأَهُ بتدبرٍ إلى المسارعةِ في طلبِ العلمِ، وإفناءِ العمرِ في سبيلِ تحصيلِهِ، فقَالَ : (مَن سلَكَ طريقًا يلتَمِسُ فيهِ علمًا، سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ طريقًا إلى الجنَّةِ، وإنَّ الملائِكَةَ لتَضعُ أجنحتَها لطالِبِ العلمِ رضًا بما يصنعُ وإنَّ العالم ليستغفِرُ لَهُ مَن في السَّمواتِ ومن في الأرضِ، حتَّى الحيتانِ في الماءِ، وفضلُ العالمِ على العابدِ كفَضلِ القمرِ على سائرِ الكواكبِ، وإنَّ العُلَماءَ ورثةُ الأنبياءِ إنَّ الأنبياءَ لم يورِّثوا دينارًا ولا درهمًا إنَّما ورَّثوا العلمَ فمَن أخذَهُ أخذَ بحظٍّ وافرٍ) سنن أبي داود.

وقد جاءَ عن سلفِ الأمةِ الصالحِ رضي اللهُ عنهُم وأرضاهُم عدةُ معانٍ جديرةٌ بالذكرِ والعنايةِ، تبيّنُ حقيقةَ الطلبِ الشرعِي للعلمِ والهمةَ التي ينبغِي أنْ يكونَ عليهَا طالبُ العلمِ، مِن ذلك: ما روي عن ابنِ مسعودٍ رضي اللهُ عنه قال: ليس العلمُ بكثرةِ الروايةِ، وإنّمَا العلمُ الخشيةُ، وكان الحسنُ البصريُّ رحمَهُ اللهُ يقولُ: اعملُوا ما شئتم أنْ تعملُوا فو اللهِ لا يؤجركُم اللهُ تعالى عليه حتى تعملُوا، فإنَّ السفهاءَ همتهُم الروايةُ، وإنَّ العلماءَ همتهُم الرعايةُ، وقال مالكٌ رحمَهُ اللهُ: العلمُ نورٌ يجعلُهُ اللهُ حيثُ يشاءُ وليس بكثرةِ الروايةِ، ولذلك قال الشافعيُّ رحمَهُ اللهُ: إذا ذُكرَ العلماءُ فمالكٌ النجمُ الثاقبُ، وما أحدٌ أمنُ عليَّ مِن مالكٍ .

فالعلمُ نورٌ وهدى، يعطيه اللهُ تعالى لِمَن اتقاهُ واتبعَ رضاهُ، يقولُ الإمامُ الشافعيُّ :

 شكوتُ إلى وكيعٍ سوءَ حفظِي … فأرشدنِي إلى تركِ المعاصِي

وَأَخبَرَنِي بِأَنَّ العِلمَ نورٌ ….. ونورُ اللهِ لا يُهدَى لِعاصِي

ولقد كان في الأمةِ الإسلاميةِ نماذجُ مِن العلماءِ الذين أثرُوا الحياةَ بعلمِهِم وأخلاقِهِم، وإعمالِ فكرهِم، منهم على سبيلِ المثالِ: عبدُ اللهِ بنُ عباسٍ (رضي اللهُ عنهما) حبرُ الأمةِ وترجمانِ القرآنِ، عُرفَ بشيخِ المفسرين، وعبدُ اللهِ بنُ عمرَ (رضي اللهُ عنهما) مِن السبعةِ المكثرينَ لروايةِ الحديثِ، ومعاذُ بنُ جبلٍ (رضي اللهُ عنه) حاملُ لواءِ العلماءِ يومَ القيامةِ، وأتى مِن بعدِهِم أئمةٌ أعلامٌ ملؤوا الأرضَ علمًا منهُم:

ابنُ النفيس الدمشقي الذي نبغَ في الطبِّ، وأولُ مَن اكتشفَ الدورةَ الدمويةَ، وأبو بكرٍ الرازي ، وابنُ سينا، وغيرُهُم كثيرٌ مِمّن أفادُوا البشريةَ بعلمهِم وكانوا مثلاً يُحتذَى بهم، فالواجبُ على شبابِ الأمةِ أنْ يحذُوا حذوَهُم وأنْ ينهلُوا مِن العلمِ حتى ينهضُوا بالأمةِ، على أنَّ مِن الخطورةِ بمكانٍ أنْ يتصدَّى الإنسانُ للفتوَى بدونِ علمٍ، فيضلَّ الناس، يقولُ النبيُّ ﷺ: «إنَّ اللهَ لا يقبضُ العلمَ انتزاعًا ينتزعُهُ منَ النَّاسِ ، ولَكن يقبضُ العلمَ بقبضِ العُلماءِ ، حتَّى إذا لم يترُك عالمًا اتَّخذَ النَّاسُ رؤوسًا جُهَّالًا ، فسُئلوا فأفتوا بغيرِ عِلمٍ فضلُّوا وأضلُّوا» [ صحيح مسلم ].

تابع / خطبة الجمعة القادمة بعنوان : إذا استنار العقل بالعلم أنار الدنيا ، لـ صوت الدعاة

ومِن هذا يتضحُ أنَّ الإسلامَ يدعُو إلى العلمِ ويُحررُ العقلَ، ويحثُّ على النظرِ في الكونِ، ويُنشئُ العقليةَ العلميةَ التي تُبدعُ وتبتكرُ، ويرفضُ العقليةَ الجاهلةَ المستسلمةَ لكلِّ ما يتوارثهُ الناس، دونَ مناقشةٍ له، فالأمةُ الإسلاميةُ لا يمكنُ لها أنْ تنهضَ إلّا بالعلمِ، ولا يمكنُ لها أنْ تتبوأَ مكانَ الصدارةِ إلّا بالعلمِ، ولا يمكنُ لهَا أنْ تقضيَ على التخلفِ والأمراضِ والفقرِ إلّا بالعلمِ، ولا يمكنُ لها أنْ تقودَ غيرَهَا إلّا بالعلمِ، فالعلمُ هو الأساسُ لوحدتِهَا، هو الأساسُ لفلاحِهَا أفرادًا وجماعات ، فالعلمُ مأمورٌ بهِ قبلَ العملِ؛ لأنّهُ أساسٌ له، قال اللهُ تعالى : {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ } [محمد: ۱۹.

فالعلم ُيبنِي الأفرادَ وينهضُ بالمجتمعاتِ، وبه تقوَى الدولُ وتتقدمُ الأممُ، والواقعُ خيرُ شاهدٍ على أنَّ الأممَ والدولَ التي اعتمدت العلمَ سبيلاً لنهضتِهَا صارت في مقدمةِ الأممِ، وأنَّ غيرَهَا مِمّن تقاعستْ بقيتْ في ذيلِ الأممِ، ومِن ثَمّ رأينَا الحقَّ سبحانَهُ حينَ ذكرَ العلومَ جملةً وتفصيلاً قدّمَ العلومَ التجريبيةَ على العلومِ الدينيةِ؛ لأنَّ عمارةَ الأرضِ إنّمَا تكونُ بتطبيقِ نظرياتِ الكتابِ على واقعِ الحياةِ والأحياءِ، قالَ عزَّ وجلَّ: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا ۚ وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ (27) وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَٰلِكَ ۗ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ (28) إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ (29) لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ ۚ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ} [فاطر: ۲۷ – ۳۰] فلنعدْ إلى العلمِ؛ فالعلمُ ينبغِي أنْ يكونَ أولاً وثانياً، وعاشراً، على أنْ يتبعَهُ العملُ باعتبارِهِ الترجمةَ الحرفيةَ لقوانينِ العلمِ ونظرياتِهِ؛ ليتمَّ بذلكَ التفاعلُ بينَ النظريةِ والتطبيقِ.

ولابدَّ لطالبِ العلمِ مِن آدابٍ يجبُ أنْ يتحلَّى بها، نتعلمُهَا مِمّا فعلَهُ سيدُنَا موسي كليمُ اللهِ (عليهِ السلامُ) – وهو نبيٌّ مرسلٌ مِن أُولِي العزمِ مِن الرسلِ – مع عبدٍ مِن عبادِ اللهِ يتعلمُ منهُ، كما حكى القرآنُ الكريمُ ذلك في قولِهِ تعالى: {قَالَ لَهُ مُوسَىٰ هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَىٰ أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا (66) قَالَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (67) وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَىٰ مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا (68) قَالَ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا} (الكهف٦٦ – ٦٩، كما أنّ على العالمِ أنْ يكونَ متزينًا بجميلِ الأخلاقِ، فالعلمُ إنْ لم يرافقْهُ أخلاقٌ وقيمٌ لا وزنَ لهُ ولا اعتبار، ولا أثرَ له في سلوكِ صاحبهِ ولا في تغييرِ الآخرين، وصدق الشاعرُ حينَ قال :

 لا تَحْسَبَنَّ العِلمَ يَنفَعُ وَحدَهُ *** ما لَمْ يُتَوَّجُ رَبُّهُ بخَلاقٍ

تابع / خطبة الجمعة القادمة بعنوان : إذا استنار العقل بالعلم أنار الدنيا ، لـ صوت الدعاة

فلابد إذًا للعالمِ ولطالبِ العلمِ أنْ يتحليَا بكريمِ الأخلاقِ وأنْ يكونَ عملهُمَا متفقًا مع قولهِمَا حتى يؤثرَ ذلك في المجتمعِ، فعندما ربطت الأمةُ بينَ العلمِ والأخلاقِ، عاشت في عزةٍ ورفعةٍ بينَ الأممِ، وحيث كان الخُلقُ والعلمُ توأمين، كان الرقيُّ، وكان الازدهارُ، ولم يعرف في التاريخِ مثلُ حضارةِ أمتِنَا العظيمةِ، التي كان أساسُهَا العلمُ والأخلاقُ الفاضلةُ المستقاةُ مِن الإسلامِ، وصدقَ النبيُّ الكريمُ ﷺ حيثُ قال: (إنما بُعِثْتُ لأُتَمِّمَ مكارمَ)  رواه الحاكم في المستدرك.

والعلمُ النافعُ هو العلمُ الذي يقودُ صاحبَهُ إلى الفضائلِ، ويحملُهُ على التحلِّي بالأخلاقِ العاليةِ، ويوجهُهَا ويرشدُهَا ويحافظُ عليها، فمِن ثمراتِ العلمِ النافعِ أنّهُ يساعدُ على البناءِ والتعميرِ، لا الهدمِ والتخريبِ، يساعدُ في الإصلاحِ لا الإفسادِ، فعلى كلِّ طالبِ علمٍ أنْ يتخلّقَ بأخلاقِ الإسلامِ، وأنْ يتأدّبَ بآدابِ العلماءِ، وأنْ يسخرَ العلمَ الذي تعلمَهُ لخدمةِ البشريةِ وبناءِ القيمِ في النفوسِ، حتى لا تنتشرَ الفوضَى ويعمَّ الفسادُ، فهمَّةُ طالبِ العلمِ الابتكارُ والإبداعُ والتفوقُ، لا الهدمُ والتخريبُ والإفسادُ، فالعلمُ يدفعُ صاحبَهُ إلى البناءِ لا الهدمِ وإلى استخدامِ العقلِ لا إلى إهمالِهِ ولا إلى تعطيلِهِ. إنّنَا بحاجةٍ إلى تذكيرِ أبنائِنَا وبناتِنَا في المدارسِ والمعاهدِ والجامعاتِ بفضلِ العلمِ، وحثّهِم على طلبِهِ خدمةً لأنفسِهِم ومجتمعاتِهِم ورفعةً لأهليهِم وأوطانهِم.

نسألُ اللهَ تعالى أنْ يرزقنَا العلمَ النافعَ، وأنْ يجعلنَا مِن السعداءِ العاملينَ بهِ، إنّهُ وليُّ ذلكَ والقادرُ عليهِ، وصلَّى اللهُ علي سيدِنَا مُحمدٍ وعلى آلِهِ وصحبِهِ وسلِّم.

خطبة صوت الدعاة

 _____________________________________

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

وللإطلاع علي قسم خطبة الجمعة

 

تابعنا علي الفيس بوك

 

الخطبة المسموعة علي اليوتيوب

 

وللإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات

 

للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

وللمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

اظهر المزيد

كتب: د.أحمد رمضان

الدكتور أحمد رمضان حاصل علي الماجستير من جامعة الأزهر بتقدير ممتاز سنة 2005م ، وحاصل علي الدكتوراه بتقدير مع مرتبة الشرف الأولي من جامعة الأزهر الشريف سنة 2017م. مؤسس جريدة صوت الدعاة ورئيس التحرير وكاتب الأخبار والمقالات المهمة بالجريدة، ويعمل بالجريدة منذ 2013 إلي اليوم. حاصل علي دورة التميز الصحفي، وقام بتدريب عدد من الصحفيين بالجريدة. للتواصل مع رئيس التحرير على الإيميل التالي: ahmed_dr.ahmed@yahoo.com رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) للمزيد عن الدكتور أحمد رمضان رئيس التحرير أضغط في القائمة علي رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

زر الذهاب إلى الأعلى