أخبار مهمةالخطبة المسموعةخطبة الأسبوعخطبة الجمعةخطبة الجمعة القادمة ، خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف المصرية مكتوبة word pdfعاجل

خطبة الجمعة القادمة بعنوان :  الاِتِّحَادُ قُوَّةٌ ، لـ صوت الدعاة

بتاريخ 23 محرم 1447هـ ، الموافق 18 يوليو 2025م

خطبة الجمعة القادمة بعنوان :  الاِتِّحَادُ قُوَّةٌ ، لـ صوت الدعاة ، بتاريخ 23 محرم 1447هـ ، الموافق 18 يوليو 2025م.

لتحميل خطبة الجمعة اليوم لصوت الدعاة 18 يوليو 2025 بصيغة word بعنوان: الاِتِّحَادُ قُوَّةٌ ، بصيغة word

ولتحميل خطبة الجمعة القادمة لصوت الدعاة 18 يوليو 2025 بصيغة pdf بعنوان : الاِتِّحَادُ قُوَّةٌ  pdf

عناصر خطبة الجمعة القادمة 18 يوليو 2025 بعنوان :  الاِتِّحَادُ قُوَّةٌ ، كما يلي:

 

أولاً: مَفْهُومُ الِاتِّحَادِ وَفَضْلُهُ

ثانيـًا: الاِتِّحَادُ فِي حَيَاةِ السَّلَفِ وَالصَّحَابَةِ

ثالثـًا: عَوَاقِبُ التَّفَرُّقِ وَخُطُورَةُ النِّزَاعِ عَلَى الأُمَمِ

رابعـًا: سُبُلُ الِاتِّحَادِ فِي زَمَانِنَا

 

ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 18 يوليو 2025 بعنوان : الاِتِّحَادُ قُوَّةٌ ، كما يلي:

 

 الاِتِّحَادُ قُوَّةٌ

23 محرم 1447هـ – 18 يوليو 2025م

صوت الدعاة

المـــوضــــــــــوع

اَلْـحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ، وَجَعَلَ التَّآلُفَ نِعْمَةً، وَالِاخْتِلَافَ نِقْمَةً، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، أَمَرَ بِالِاجْتِمَاعِ، وَنَهَى عَنِ الْفُرْقَةِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، بَلَّغَ الرِّسَالَةَ، وَجَمَعَ اللهُ بِهِ الْقُلُوبَ الْمُتَنَافِرَةَ، وَالْأَلْسِنَةَ الْمُخْتَلِفَةَ، وَالْأَهْوَاءَ الْمُتَشَاحِنَةَ. صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ الَّذِينَ كَانُوا لِلِاتِّحَادِ مِثَالًا، وَلِلْوَحْدَةِ أُنْمُوذَجًا، وَعَلَى مَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

أمّا بعدُ:

فَأُوصِيكُمْ أَيُّهَا المسلمون وَنَفْسِيَ الْمُقَصِّرَةَ الْخَاطِئَةَ بِتَقْوَى اللهِ؛ فَالتَّقْوَى سَبِيلُ الْمَحَبَّةِ، وَرَافِدُ الْوِدَادِ، وَمِرْجَعُ كُلِّ خَيْرٍ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ * وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا﴾ [آل عمران: 102–103].

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ، حَدِيثُنَا الْيَوْمَ عَنْ مَبْدَإٍ عَظِيمٍ مِنْ مَبَادِئِ الْإِسْلَامِ، وَعَنْ خُلُقٍ كَرِيمٍ أَمَرَ اللهُ بِهِ فِي كِتَابِهِ، وَرَغَّبَ فِيهِ النَّبِيُّ ﷺ فِي سُنَّتِهِ، إِنَّهُ “الاِتِّحَادُ”، ذَلِكَ السِّرُّ الْعَجِيبُ الَّذِي تُبْنَى بِهِ الْحَضَارَاتُ، وَتُصَانُ بِهِ الْأُمَمُ، وَتُرْهَبُ بِهِ الْأَعْدَاءُ، وَتُكْسَرُ بِهِ شَوْكَةُ الْبَاطِلِ.

وَمَا فَشِلَتْ أُمَّةٌ، وَلَا تَسَلَّطَ عَلَيْهَا عَدُوٌّ، وَلَا تَمَزَّقَ شَمْلُهَا، إِلَّا يَوْمَ أَنْ افْتَرَقَتْ كَلِمَتُهَا، وَتَشَتَّتَ صَفُّهَا، وَرَفَعَتْ رَايَاتِ الْحِزْبِيَّةِ وَالْعَصَبِيَّةِ، وَتَنَكَّبَتْ طَرِيقَ “الاِتِّحَادِ” الَّذِي هُوَ سِرُّ الْقُوَّةِ، وَالنَّصْرِ، وَالْعِزَّةِ، وَالْمَجْدِ.

وَسَوْفَ نَقِفُ الْيَوْمَ مَعَ هَذَا الْمَوْضُوعِ الْعَمِيقِ مِنْ خِلَالِ أَرْبَعَةِ عَنَاصِرَ:

أولاً: مَفْهُومُ الِاتِّحَادِ وَفَضْلُهُ

ثانيـًا: الاِتِّحَادُ فِي حَيَاةِ السَّلَفِ وَالصَّحَابَةِ

ثالثـًا: عَوَاقِبُ التَّفَرُّقِ وَخُطُورَةُ النِّزَاعِ عَلَى الأُمَمِ

رابعـًا: سُبُلُ الِاتِّحَادِ فِي زَمَانِنَا

الله أَمَرَنَا بِالِاجْتِمَاعِ، وَنَهَانَا عَنِ التَّفَرُّقِ وَالنِّزَاعِ، وَشَهِدَ لِلْمُتَّحِدِينَ بِالْفَلاحِ وَالنَّجَاحِ، وحَرَّمَ الشِّقَاقَ وَالْعَدَاوَةَ.

العنصر الأول خطبة الجمعة القادمة بعنوان :  الاِتِّحَادُ قُوَّةٌ ، لـ صوت الدعاة

العُنْصُرُ الأَوَّلُ: مَفْهُومُ الِاتِّحَادِ وَفَضْلُهُ

أيّها الإخوةُ المؤمنون:

الاتحادُ ليس مجردَ كلمةٍ تُردَّد، بل هو رابطةٌ وأخوّةٌ شرعيّة، ووحدةُ صفٍّ تُبتغى بها وجه الله، وتُبنى بها المجتمعات، وتُصلح بها النفوس، ويُقام بها ميزان العدل والرحمة.

الاتحادُ هو أن نتناصرَ على الحقّ، ونتعاون على البرّ، ونجتمع على منهجٍ واحد، ومنطلقٍ واحد، وغايةٍ واحدة: ﴿إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ﴾ [الأنبياء: 92].

إِنَّهُ ٱلْوَحْدَةُ فِي ٱلصَّفِّ، وَٱلْمَوْقِفِ، وَٱلْغَايَةِ، وَٱلْفِكْرَةِ، وَٱلْهَدَفِ.

وَقَدْ عُنِيَ ٱلْقُرْآنُ ٱلْكَرِيمُ بِهٰذَا ٱلْمَعْنَى ٱلْعَظِيمِ، فَأَكَّدَ عَلَيْهِ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ، فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾ [الحجرات: 10]، ﴿وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ﴾ [الأنفال: 46].

وما أجملَ ما قاله الإمام الشافعيّ رحمه الله:

“إذا تفرّق القومُ هلَكوا، وإذا اجتمعوا نَجَوا”

وقد رُوِيَ عن النبي ﷺ أنه قال:

“مَثَلُ القائِمِ علَى حُدُودِ اللَّهِ والواقِعِ فيها، كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا علَى سَفِينَةٍ، فأصابَ بَعْضُهُمْ أعْلاها وبَعْضُهُمْ أسْفَلَها، فَكانَ الَّذِينَ في أسْفَلِها إذا اسْتَقَوْا مِنَ الماءِ مَرُّوا علَى مَن فَوْقَهُمْ، فقالوا: لو أنَّا خَرَقْنا في نَصِيبِنا خَرْقًا ولَمْ نُؤْذِ مَن فَوْقَنا، فإنْ يَتْرُكُوهُمْ وما أرادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا، وإنْ أخَذُوا علَى أيْدِيهِمْ نَجَوْا، ونَجَوْا جَمِيعًا“. أخرجه البخاري.

وقال الحبيب صلي الله عليه وسلم: “إنَّ اللَّهَ يَرْضَى لَكُمْ ثَلاثًا، ويَكْرَهُ لَكُمْ ثَلاثًا، فَيَرْضَى لَكُمْ: أنْ تَعْبُدُوهُ، ولا تُشْرِكُوا به شيئًا، وأَنْ تَعْتَصِمُوا بحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا ولا تَفَرَّقُوا، ويَكْرَهُ لَكُمْ: قيلَ وقالَ، وكَثْرَةَ السُّؤالِ، وإضاعَةِ المالِ”. مسلم

حيث قال تعالي: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا﴾ [آل عمران: 103].

“وقال صلي الله عليه وسلم: يَدُ اللهِ مَعَ الجَمَاعَةِ، وَمَنْ شَذَّ شَذَّ فِي النَّارِ» [رواه الترمذي].

وفي الاتحادِ – عبادَ الله – نَجَاةٌ في الدنيا، وسلامةٌ في الدين، ورفعةٌ في المقام، وهيبةٌ أمام الأعداء.

العنصر الثاني خطبة الجمعة القادمة بعنوان :  الاِتِّحَادُ قُوَّةٌ ، لـ صوت الدعاة

العُنْصُرُ الثَّانِي: الاِتِّحَادُ فِي حَيَاةِ السَّلَفِ وَالصَّحَابَةِ

تَأَمَّلُوا – رَحِمَكُمُ اللهُ – فِي حَالِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ بَعْدَ أَنْ وَحَّدَهُمُ الإِسْلَامُ، وَجَمَعَهُمْ مِنْ شَتَاتِ الْقَبَائِلِ، وَاخْتِلَافِ الأَنْسَابِ، وَتَنَاحُرِ الأَهْوَاءِ؛ فَجَعَلَهُمْ جَسَدًا وَاحِدًا، وَصَفًّا مَرْصُوصًا، وَأُمَّةً وَاحِدَةً مُتَآخِيَةً مُتَرَاحِمَةً.

كَانَ فِي الْمَدِينَةِ قَبِيلَتَا الأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ، يَتَقَاتَلَانِ مُنْذُ أَكْثَرَ مِنْ مِئَةِ عَامٍ، وَكَانَ آخِرُهَا “يَوْمُ بُعَاثٍ”، قُتِلَ فِيهِ الْمِئَاتُ.

فَلَمَّا جَاءَ الإِسْلَامُ، وَهَاجَرَ النَّبِيُّ ﷺ إِلَى الْمَدِينَةِ، جَمَعَهُمْ رَايَةُ “لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ”، وَصَارُوا إِخْوَانًا، يُصَلُّونَ خَلْفَ إِمَامٍ وَاحِدٍ، وَيُجَاهِدُونَ صَفًّا وَاحِدًا.

وَذَاتَ يَوْمٍ، جَاءَ يَهُودِيٌّ خَبِيثٌ أَرَادَ أَنْ يُوقِظَ الْفِتْنَةَ، فَقَالَ: “أَلَا تَذْكُرُونَ يَوْمَ بُعَاثٍ؟! يَوْمَ نَصْرِ الأَوْسِ؟!”

فَتَكَلَّمَ آخَرُ: “بَلْ يَوْمُ افْتِخَارِ الْخَزْرَجِ!” فَارْتَفَعَتِ الأَصْوَاتُ، وَتَهَيَّأَ الْقَوْمُ لِلْقِتَالِ! وَكَادَتِ الْحَرْبُ تَعُودُ مِنْ جَدِيدٍ! فَبَلَغَ الأَمْرُ النَّبِيَّ ﷺ، فَخَرَجَ مُسْرِعًا، وَقَالَ:

يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ! اللَّهَ اللَّهَ! أَبِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ وَأَنَا بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ؟! دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ!”

ثُمَّ قَرَأَ عَلَيْهِمْ قَوْلَ اللهِ تَعَالَى:

﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا﴾ [آلِ عِمْرَانَ: ١٠٣]

فَبَكَى الْقَوْمُ، وَعَانَقَ الأَوْسِيُّ الْخَزْرَجِيَّ، وَسَقَطَتِ الأَسْلِحَةُ، وَانْتَهَى كُلُّ شَيْءٍ بِكَلِمَةٍ مِنَ اللهِ.

قال الله تعالى في وصفهم:

﴿وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ، لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَّا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ﴾ [الأنفال: 63].

انْظُرُوا إِلَى الْأَنْصَارِ وَالْمُهَاجِرِينَ كَيْفَ كَانُوا، وَكَيْفَ قِيلَ فِيهِمْ يَوْمَ بَدْرٍ:

“هَذِهِ قُرَيْشٌ قَدْ جَاءَتْ بِبَغْيِهَا وَكِبْرِهَا، تُحَادُّ اللهَ وَرَسُولَهُ، فَبِالِاتِّحَادِ نَصَرَنَا اللهُ عَلَيْهَا”.

وَفِي غَزْوَةِ أُحُدٍ لَمَّا اشْتَدَّ الْأَمْرُ، وَاشْتَعَلَتِ الْفِتْنَةُ، قَالَ النَّبِيُّ ﷺ:

“الْزَمُوا صُفُوفَكُمْ، وَتَمَاسَكُوا“.

وَهَكَذَا كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يَقُولُ فِي وَصِيَّتِهِ: “عَلَيْكُمْ بِالْجَمَاعَةِ، فَإِنَّمَا يَأْكُلُ الذِّئْبُ مِنَ الْغَنَمِ الْقَاصِيَةَ“.

أَيُّهَا الْأَحِبَّةُ، لَقَدْ فَهِمَ الصَّحَابَةُ أَنَّ الِاتِّحَادَ عِبَادَةٌ، لَا مُجَرَّدُ خُلُقٍ، فَاجْتَهَدُوا فِي الْمُحَافَظَةِ عَلَيْهِ، وَبَذَلُوا مِنْ أَجْلِهِ الدِّمَاءَ وَالْأَرْوَاحَ.

قَالَ الشَّاعِرُ فِي وَصْفِ حَالِهِمْ:

تَجَمَّعُوا فِي دِينِهِمْ فَسَمَوا *** حَتَّى الْجِبَالُ لِهَيْبَتِهِمْ تَنْحَنِي

وَعِنْدَمَا خَرَجَ طَارِقُ بْنُ زِيَادٍ لِفَتْحِ الأَنْدَلُسِ سَنَةَ ٩٢هـ، كَانَ جَيْشُهُ صَغِيرًا، وَمُعْظَمُهُ مِنَ الْبَرَابِرَ الْمُسْلِمِينَ، وَكَانَ الْبَحْرُ وَرَاءَهُمْ، وَعَدُوُّهُمْ أَمَامَهُمْ، وَعَدَدُهُمْ لَا يُقَارَنُ بِجُيُوشِ الْقُوطِ.

لَكِنَّ طَارِقًا جَمَعَهُمْ تَحْتَ رَايَةٍ وَاحِدَةٍ، وَقَالَ خُطْبَتَهُ الْمَشْهُورَةَ:

“أَيُّهَا النَّاسُ، أَيْنَ الْمَفَرُّ؟ الْبَحْرُ مِنْ وَرَائِكُمْ وَالْعَدُوُّ أَمَامَكُمْ، وَلَيْسَ لَكُمْ وَاللهِ إِلَّا الصِّدْقُ وَالصَّبْرُ”.

فَاشْتَعَلَتْ قُلُوبُهُمْ حَمَاسَةً، وَتَوَحَّدُوا، وَانْتَصَرُوا عَلَى جَيْشٍ يَزِيدُ عَلَى مِئَةِ أَلْفٍ، مَعَ أَنَّهُمْ كَانُوا أَقَلَّ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا.

العنصر الثالث خطبة الجمعة القادمة بعنوان :  الاِتِّحَادُ قُوَّةٌ ، لـ صوت الدعاة

العُنْصُرُ الثَّالِثُ: عَوَاقِبُ التَّفَرُّقِ وَخُطُورَةُ النِّزَاعِ عَلَى الأُمَمِ

أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ، إِذَا كَانَ الِاتِّحَادُ قُوَّةً، فَإِنَّ الْفُرْقَةَ ضَعْفٌ وَذُلٌّ وَهَوَانٌ، وَمَا سَقَطَتْ أُمَّةٌ مِنْ عِزٍّ إِلَى ذُلٍّ، وَمِنْ تَمْكِينٍ إِلَى تَبَعِيَّةٍ، إِلَّا حِينَ تَنَازَعَتْ قُلُوبُهَا، وَتَنَاحَرَتْ أَطْيَافُهَا، وَتَفَرَّقَتْ كَلِمَتُهَا.

قال تعالى محذرًا:

﴿وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ﴾ [آل عمران: 105].

أَلَمْ تَرَوْا إِلَى الْأَنْدَلُسِ، تِلْكَ الْجَنَّةِ الَّتِي كَانَتْ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ؟! كَيْفَ تَمَزَّقَتْ مَمَالِكُهَا، وَتَفَرَّقَتْ رَايَاتُهَا، حَتَّى قِيلَ:

“كَانَ فِيهَا ثَلَاثُونَ أَمِيرًا، كُلٌّ مِنْهُمْ يَدَّعِي الْحَقَّ وَالْقِيَادَةَ، وَكُلٌّ مِنْهُمْ يَسْتَعِينُ عَلَى أَخِيهِ بِعَدُوِّهِ!”
فَكَانَتِ النَّتِيجَةُ أَنْ سَقَطَتْ مَمَالِكُ الْإِسْلَامِ وَاحِدَةً تِلْوَ الأُخْرَى، حَتَّى ضَاعَتِ الْأَنْدَلُسُ، وَذَهَبَ الْمَجْدُ، وَبَقِيَ الْبُكَاءُ عَلَى الْأَطْلَالِ!

قَالَ أَحَدُ شُعَرَائِهِمْ فِي رِثَاءِ ذَلِكَ الْعَصْرِ:

بَكَيْتُ كَمَا يَبْكِي الْأَسِيرُ مُقَيَّدًا، * وَنَادَيْتُ: يَا وَيْلَى! وَمَا مِنْ مُجِيبِ

تَنَازَعْتُمُ الدُّنْيَا، فَمَزَّقْتُمْ الحِمَى، * فَأَصْبَحْتُمُ فِي الْأَرْضِ أَذَلَّ قَرِيبِ

وَفِي عَصْرِنَا الْحَدِيثِ، كَمْ رَأَيْنَا مِنْ قَضَايَا أُمَّتِنَا الَّتِي تَمَزَّقَتْ وَتَفَرَّقَتْ وَتَلَاعَبَتْ بِهَا الْقُوَى الْكُبْرَى؟!، كُلُّهَا جِرَاحٌ تَنْزِفُ، بِسَبَبِ التَّمَزُّقِ وَالتَّشَتُّتِ.

وَكَمْ مِنْ مُؤْتَمَرَاتِ أَعْدَائِنَا لَا تَقُومُ إِلَّا عَلَى خُطَّةٍ:

“فَرِّقْ تَسُدْ”

وَصَدَقَ الْقَائِلُ:

إِذَا اِخْتَلَفَ السُّفُنَاءُ غَرِقَ السَّفِينَةُ، * وَإِنِ اجْتَمَعُوا نَجَتْ عَلَى تَفَاوُتِهِمْ

فَاحْذَرُوا – عِبَادَ اللهِ – التَّفَرُّقَ؛ فَإِنَّهُ بَابُ كُلِّ شَرٍّ، وَمَدْخَلُ كُلِّ عَدُوٍّ، وَمِفْتَاحُ كُلِّ نَكْبَةٍ.

العنصر الرابع خطبة الجمعة القادمة بعنوان :  الاِتِّحَادُ قُوَّةٌ ، لـ صوت الدعاة

العُنْصُرُ الرَّابِعُ: سُبُلُ الِاتِّحَادِ فِي زَمَانِنَا

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ، إِنَّنَا فِي هَذَا الزَّمَانِ الَّذِي اشْتَدَّتْ فِيهِ الْفِتَنُ، وَكَثُرَتْ فِيهِ الدَّعَوَاتُ إِلَى التَّحَزُّبِ وَالتَّعَصُّبِ، وَتَفَرَّقَ النَّاسُ شِيَعًا وَأَحْزَابًا، بِحَاجَةٍ مَاسَّةٍ إِلَى أَنْ نَرْجِعَ إِلَى أَصْلِنَا وَمَنْهَجِنَا، إِلَى مَنْهَجِ الْإِسْلَامِ الَّذِي يَدْعُو إِلَى الْوَحْدَةِ.

كَيْفَ نُحَقِّقُ الِاتِّحَادَ الْيَوْمَ؟

بِأَنْ نُعِيدَ الِاعْتِبَارَ لِحَبْلِ اللهِ الْمَتِينِ، الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ، فَنَجْعَلَهَا مَرْجِعَنَا وَفَصْلَنَا وَمِيزَانَنَا.

قَالَ تَعَالَى: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا﴾ [آل عمران: 103].

وَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ لَمَّا قَالَ أَحَدُهُمْ: “يَا لَلْأَنْصَارِ!”، وَقَالَ آخَرُ: “يَا لِلْمُهَاجِرِينَ!”، فَقَالَ:
«دَعُوهَا؛ فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ!» [مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ].

وَبِأَنْ نُرَبِّي أَبْنَاءَنَا عَلَى مَحَبَّةِ الْوَحْدَةِ، وَأَنْ نُعْلِيَ مِنْ شَأْنِ الْجَمَاعَةِ، وَأَنْ نُنَزِّلَ مَنْ يُشَتِّتُ الصَّفَّ مَنْزِلَتَهُ.

قَالَ الشَّاعِرُ:

دَعُوا فِتْنَةَ التَّشْتِيتِ إِنَّهَا، * كَمَا النَّارُ تَأْكُلُ غَابَةَ الزَّرْعِ

وَسِيرُوا عَلَى نَهْجِ الْجَمَاعَةِ إِنَّهُ، * طَرِيقُ النُّهَى وَمَنَارُ كُلِّ فَتًى حُرِّ

 

الْخَاتِمَةُ:

يَا عِبَادَ اللهِ، إِنَّ الِاتِّحَادَ لَيْسَ خِيَارًا ثَانَوِيًّا، بَلْ هُوَ فَرِيضَةٌ رَبَّانِيَّةٌ، وَضَرُورَةٌ إِنْسَانِيَّةٌ، وَرَكِيزَةٌ حَضَارِيَّةٌ.
بِهِ نَنْجُو، وَبِدُونِهِ نَهْلِكْ.

بِهِ نُهَابُ، وَبِدُونِهِ نُذَلُّ.

بِهِ نَنْتَصِرُ، وَبِدُونِهِ نَنْهَارُ.

فَلْنَكُنْ صَفًّا وَاحِدًا، وَلْنُطَهِّرْ قُلُوبَنَا مِنَ الْأَحْقَادِ، وَلْنَكُنْ كَمَا قَالَ رَبُّنَا: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَّرْصُوصٌ﴾ [الصَّفِّ: 4].

اللَّهُمَّ أَلِّفْ بَيْنَ قُلُوبِنَا، وَوَحِّدْ صُفُوفَنَا، وَاجْمَعْ كَلِمَتَنَا عَلَى الْحَقِّ، وَانْصُرْنَا بِاتِّحَادِنَا، وَارْفَعْ عَنَّا فُرْقَتَنَا، وَارْزُقْنَا لَذَّةَ الْجَمَاعَةِ وَبَرَكَةَ الْوَحْدَةِ.

آمِينَ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَصَلِّ اللَّهُمَّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.

خُطبةُ صوتِ الدعاةِ

 

 _____________________________________

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

وللإطلاع علي قسم خطبة الجمعة

 

تابعنا علي الفيس بوك

 

الخطبة المسموعة علي اليوتيوب

 

وللإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات

 

للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

وللمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

اظهر المزيد

كتب: د.أحمد رمضان

الدكتور أحمد رمضان حاصل علي الماجستير من جامعة الأزهر بتقدير ممتاز سنة 2005م ، وحاصل علي الدكتوراه بتقدير مع مرتبة الشرف الأولي من جامعة الأزهر الشريف سنة 2017م. مؤسس جريدة صوت الدعاة ورئيس التحرير وكاتب الأخبار والمقالات المهمة بالجريدة، ويعمل بالجريدة منذ 2013 إلي اليوم. حاصل علي دورة التميز الصحفي، وقام بتدريب عدد من الصحفيين بالجريدة. للتواصل مع رئيس التحرير على الإيميل التالي: ahmed_dr.ahmed@yahoo.com رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) للمزيد عن الدكتور أحمد رمضان رئيس التحرير أضغط في القائمة علي رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

زر الذهاب إلى الأعلى