web analytics
أخبار عاجلة
خطبة الجمعة القادمة 15 يوليو 2022م : فرائض الإسلام غاياتها ومقاصدها ، للدكتور محروس حفظي ، بتاريخ: 16 ذو الحجة 1443هـ – الموافق 15 يوليو 2022م
خطبة الجمعة القادمة 15 يوليو 2022م : فرائض الإسلام غاياتها ومقاصدها ، للدكتور محروس حفظي

خطبة الجمعة القادمة 15 يوليو 2022م : فرائض الإسلام غاياتها ومقاصدها ، للدكتور محروس حفظي

خطبة الجمعة القادمة

خطبة الجمعة القادمة 15 يوليو 2022م : فرائض الإسلام غاياتها ومقاصدها ، للدكتور محروس حفظي ، بتاريخ: 16 ذو الحجة 1443هـ – الموافق 15 يوليو 2022م.

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 15 يوليو 2022م ، للدكتور محروس حفظي : فرائض الإسلام غاياتها ومقاصدها.

ولتحميل خطبة الجمعة القادمة 15 يوليو 2022م ، للدكتور محروس حفظي : فرائض الإسلام غاياتها ومقاصدها، بصيغة word  أضغط هنا.

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 15 يوليو 2022م ، للدكتور محروس حفظي : فرائض الإسلام غاياتها ومقاصدها ، بصيغة  pdf أضغط هنا.

 

 

___________________________________________________________

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

و للمزيد عن مسابقات الأوقاف

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

و للمزيد عن الدروس الدينية

عناصر خطبة الجمعة القادمة: فرائض الإسلام غاياتها ومقاصدها ، للدكتور محروس حفظي :

 

(1) خيطٌ رفيعٌ يجمعُ بينَ فرائضِ الإسلامِ .

(2) أهمُّ المقاصدِ التي اشتملتْ عليها فرائضُ الإسلامِ .

 

ولقراءة خطبة الجمعة القادمة فرائض الإسلام غاياتها ومقاصدها ، للدكتور محروس حفظي : كما يلي:

 

خطبة بعنوان «فرائضُ الإسلامِ غاياتُها ومقاصدُها» بتاريخ 16 ذي الحجة 1443 هـ = الموافق 15 يوليو 2022 م

العنصر الأول من خطبة الجمعة القادمة

(1) خيطٌ رفيعٌ يجمعُ بين فرائضِ الإسلامِ:

المستقرىءُ لفرائضِ الإسلامِ عمومًا يجدُ أنَّ ثمةَ علةٍ مشتركةٌ بينها مِن ذلك:

*التخفيفُ ورفعُ الحرجِ: مِن نعمِ اللهِ عزَّ وجلَّ علينَا أنْ جعلَ التخفيفَ، ورفعَ الحرجِ مِن مقاصدِ العباداتِ قالَ ربُّنَا: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا﴾، ففي الصلاةِ: إذا سافرَ الإنسانُ قصرَ في صلاتهِ الرباعيةِ وجمعَ، وإذا كان مريضًا، أونزلَ مطرٌ ونحوه، يجوزُ له الجمعُ بينَ الصلواتِ. وفي الزكاةِ: لا تجبُ الزكاةَ إلَّا إذا بلغتْ النصابَ وحالَ عليها الحولُ. وفي الصومِ: جوازُ الإفطارِ للمريضِ والمسافرِ، وفي الحجِّ: جُعِلَ على القادرِ بدنيًّا وماليًّا ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا﴾ .

إنَّ رفعَ الحرجِ مقصدٌ شرعيٌّ حثَّنَا عليه دينُنَا بوجهٍ عام، ونصتْ عليه الأدلةُ قال تعالى: ﴿ومَا جَعَلَ عَلَيكُم فِي الدِّين مِن حَرَجٍ﴾ وعن أبي هريرةَ عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلم قال: «إنَّ الدينَ يسرٌ، ولن يشادَ الدينَ أحدٌ إلَّا غلبَه، فسددُوا وقاربُوا، وأبشرُوا، واستعينُوا بالغدوةِ والروحةِ وشيءٍ مِن الدلجةِ» (البخاري) .

*استشعارُ العبادِ بالافتقارِ الدائمِ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ: ليراقبُوه فيحققُوا العبوديةَ، فدائمًا يستشعرُ العبادُ وهم يؤدُّون عبادتِهم أنَّهم مفتقرُون إلى اللهِ تعالى، وهل قُبلتْ أعمالُهُم فيحمدُون اللهَ، أم رُدَّت عليهم؟! وهذا يحققُ مقصدَ العبوديةِ الخالصةِ للهِ عزَّ وجلَّ فعَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ﴿وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ﴾ أَهُوَ الَّذِي يَزْنِي، وَيَسْرِقُ، وَيَشْرَبُ الْخَمْرَ؟ قَالَ: «لَا، يَا بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ أَوْ يَا بِنْتَ الصِّدِّيقِ وَلَكِنَّهُ الرَّجُلُ يَصُومُ، وَيَتَصَدَّقُ، وَيُصَلِّي، وَهُوَ يَخَافُ أَنْ لَا يُتَقَبَّلَ مِنْهُ» (الترمذي، وابن ماجه) .

إنَّ العباداتِ في الإسلامِ محاطةٌ بسياجِ المراقبةِ للهِ تعالى، ومراعاةِ الضميرِ الإنسانيِّ بحيثُ يكونُ حاضرًا، فالزكاةُ والحجُّ مثلًا يتحرَّى المسلمُ فيهما أنْ يكونَ الإنفاقَ فيهما مِن مالٍ حلالٍ قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ﴾ وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ اللهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا، وَإِنَّ اللهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ، فَقَالَ: ﴿يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا، إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ﴾، وَقَالَ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ﴾ ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ، يَا رَبِّ، يَا رَبِّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ؟” (مسلم) .

*الاحساسُ بالآخرين، والرفقُ بالمحتاجين: عندَ التأملِ في بعضِ العباداتِ التي كلفنَا اللهُ بها تجدُ أنَّ فيها معنى الاحساسِ بمعاناةِ الآخرين مما يستوجبُ العطفَ عليهم، والرحمةَ بهم، وتفقدَ أحوالِهِم وإلَّا حقتْ كلمةُ اللهِ على مَن يتجاهلُهُم، ويُعرضُ عنهم قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«لَا تُنْزَعُ الرَّحْمَةُ إِلَّا مِنْ شَقِيٍّ» (أبو داود).

العنصر الثاني من خطبة الجمعة القادمة

(2) أهمُّ المقاصدِ التي اشتملتْ عليها فرائضُ الإسلامِ:

مِن خلالِ استقراءِ نصوصِ الشريعةِ قامَ العلماءُ – عليهم سحائبُ الرحمةِ – بتجليةِ بعضِ مقاصدِ الفرائضِ الكليةِ للإسلامِ، وفيما يلي عرضٌ لبعضِ تلك الغاياتِ العامةِ للعباداتِ:

(1) مقصدُ الصلاةِ: المتتبعُ لحديثِ القرآنِ الكريمِ عن الصلاةِ يجدُ أنَّهُ قد نصَّ على الغايةِ العُظمَى مِن فرضيتِهَا والمقصدِ الأسمَى مِن تشريعِهَا، فهي ليستْ حركاتٌ أو أفعالٌ تُؤدَّى بالبدنِ دونَ أنْ يُرى أثرُهَا على سلوكِ المسلمِ مع نفسهِ ومع الآخرين، ومِن أعظمِ مقاصدِهَا أنَّها تهذبُ السلوكَ وتصححُ ما علقَ بالنفوسِ مِن أمراضٍ قلبيةٍ قال تعالى: ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ﴾،  ولذا كان جزاءُ مَن لم يحققْ مقصدَ الصلاةِ في حياتهِ وفي تعاملاتهِ اليوميةِ أنَّه محرومٌ مِن قربِ الرحمنِ، فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: مَنْ لَمْ تَأْمُرْهُ صَلَاتُهُ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَهُ عَنِ الْمُنْكَرِ لَمْ يَزْدَدْ مِنَ اللَّهِ إِلَّا بُعْدًا» (رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ)، فما فائدةُ أداءِ الصلاةِ ومُؤديهَا يأكلُ الحقوقَ، ويتفلتُ مِن الواجباتِ، ويؤذِي الناسَ قولًا وعملًا، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ فُلَانَةَ يُذْكَرُ مِنْ كَثْرَةِ صَلَاتِهَا، وَصِيَامِهَا، وَصَدَقَتِهَا، غَيْرَ أَنَّهَا تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا، قَالَ: هِيَ فِي النَّارِ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَإِنَّ فُلَانَةَ يُذْكَرُ مِنْ قِلَّةِ صِيَامِهَا، وَصَدَقَتِهَا، وَصَلَاتِهَا، وَإِنَّهَا تَصَدَّقُ بِالْأَثْوَارِ مِنَ الْأَقِطِ، وَلَا تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا، قَالَ: «هِيَ فِي الْجَنَّةِ» (أحمد، وإسناده صحيح) .

 كما أنَّها تمحُو الذنوبَ والخطايَا قال رَسُول اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ تَحْضُرُهُ صَلَاةٌ مَكْتُوبَةٌ فَيُحْسِنُ وُضُوءَهَا وَخُشُوعَهَا وَرُكُوعَهَا، إِلَّا كَانَتْ كَفَّارَةً لِمَا قَبْلَهَا مِنَ الذُّنُوبِ مَا لَمْ يُؤْتِ كَبِيرَةً وَذَلِكَ الدَّهْرَ كُلَّهُ» (مسلم)، وبها يحققُ المسلمُ الصبرَ في أبهَى صورهِ، وأعظم حللِهِ، فهي تنيرُ الطريقَ فلا يتخبطُ في أمواجِ الظلماتِ، وتقلبِ رياحِ الشكوكِ، وبها يُعاذُ المسلمُ مِن همزاتِ الشياطين، قال ربُّنَا: ﴿وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخاشِعِينَ﴾، وقال أيضًا: ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾، ولذا كان رسولُنَا صلَّى اللهُ عليه وسلم يجأرُ إلى اللهِ بها عندما تشتدُّ عليه المحنُ وتتراكمُ عليه البلايا والخطوبُ، فعَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «حُبِّبَ إِلَيَّ مِنَ الدُّنْيَا النِّسَاءُ وَالطِّيبُ، وَجُعِلَ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلَاةِ» (النسائي) .

كما أنَّ الصلاةَ وسيلةٌ مِن وسائلِ التعليمِ فمِن خلالِهَا يتعلمُ الجاهلُ مِن العالِمِ ما يخفَى عليه مِن أحكامِ الطهارةِ والصلاةِ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللهِ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَدَخَلَ رَجُلٌ فَصَلَّى، ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ عَلَى رَسُولِ اللهِ، فَرَدَّ رَسُولُ اللهِ السَّلَامَ قَالَ: ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ فَرَجَعَ الرَّجُلُ فَصَلَّى كَمَا كَانَ صَلَّى، ثُمَّ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ: «وَعَلَيْكَ السَّلَامُ» ثُمَّ قَالَ: ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَقَالَ الرَّجُلُ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا أُحْسِنُ غَيْرَ هَذَا عَلِّمْنِي، قَالَ: إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلَاةِ فَكَبِّرْ، ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ، ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْدِلَ قَائِمًا، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا، ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلَاتِكَ كُلِّهَا» (مسلم) .

 (2) أداءُ الزكاةِ: إنَّ فريضةَ الزكاةِ تُحقّقُ التعاونَ والتراحمَ بينَ أفرادِ المجتمعِ، وذلك بما تقومُ بهِ مِن توفيرِ الحاجاتِ الأساسيةِ للفقراءِ والمحتاجين، وسدادِ الديونِ، وفكِّ الرقابِ، وتنقيةِ المجتمعِ مِن الآفاتِ الخطيرةِ كالحسدِ، والكراهيةِ، والبغضاءِ قال ربُّنَا: ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾، وبما يكفلُ صيانةَ رأسِ المالِ وحفظهِ وتنميتهِ، فيتحققُ في المجتمعِ قولَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ “مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ، وَتَرَاحُمِهِمْ، وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى” (مسلم) .

 (3) صومُ رمضانَ: ليس المقصدُ مِن الصومِ هو الحرمانُ مِن الأكلِ والشربِ بل الهدفُ منه أسمَى بكثيرٍ ألًا وهو استشعارُ معاناةِ الفقراءِ والمحتاجين الذين يعانُون الجوعَ والحرمانَ طوالَ أيامِ السنةِ حتى تتولدَ في نفوسِنَا الرغبةُ في الإحسانِ إليهم، والرفقِ بهم ومراعاتِهِم دائمًا، كما أنَّ الإمساكَ عن الطعامِ يجعلُنَا ندركُ قيمةَ النعمِ المنزلةِ إلينَا مِن ربِّنَا، فلا نذمُّهَا ولا نقللُ منها عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: “مَا عَابَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَعَامًا قَطُّ إِنِ اشْتَهَاهُ أَكَلَهُ وَإِنْ كَرِهَهُ تَرَكَهُ” (البخاري) .

كما أنَّ الصيامَ يحققُ مقصدَ كفِّ النفسِ عن الرفثِ وما فيهِ إيذاءٌ للنفسِ والغيرِ قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾  وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالعَمَلَ بِهِ، فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ بِأَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ» (البخاري)، فالصيامُ يضبطُ المسلمَ، ويحفظُ توازنَهُ، ويهذبُ شهواتِهِ الماديةِ والمعنويةِ ، ويعودُ نفسَهُ الصبرَ والتحملَ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: “إِذَا أَصْبَحَ أَحَدُكُمْ يَوْمًا صَائِمًا، فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَجْهَلْ، فَإِنِ امْرُؤٌ شَاتَمَهُ أَوْ قَاتَلَهُ، فَلْيَقُلْ: إِنِّي صَائِمٌ، إِنِّي صَائِمٌ” (متفق عليه) .

 (4) مقاصدُ الحجِّ: تَحْمِلُ فريضةُ الحجِّ في طياتِهَا الكثيرَ مِن المقاصدِ والمعاني ما يجعلُ المسلمين أشدَّ حرصًا على أدائِهَا، ومِن تلك المقاصدِ:

*تحقيقُ التوحيدِ، وإعلانُ العبوديةِ للهِ تعالى: إنَّ المسلمَ يخرجُ مِن بيتهِ تاركًا أهلَهُ ووطنَهُ ومالَهُ يرجو رحمةَ ربِّهِ، ويخشى عذابَهُ، يجأرُ إلى اللهِ بالدعاءِ والتهليلِ، والذكرِ والشكرِ، شعارُهُ: “لبيكَ اللهمَّ لبيكَ، لبيكَ لا شريكَ لكَ لبيكَ، إنَّ الحمدَ والنعمةَ لك والملك، لا شريكَ لك”، وبهذا تصيرُ نفسُهُ في حالةٍ مِن الشفافيةِ والنقاءِ والصفاءِ لاسيَّمَا وقد رجعَ مِن حجِّهِ كيومِ ولدتهُ أمُّهُ كما أخبرَ الصادقُ المعصومُ صلَّى اللهُ عليه وسلم، فالحجُّ بهذه الصورةِ وتلك الأعمالِ يجددُ الإيمانَ، ويحققُ التوحيدَ، ويظهرُ كمالَ صدقِ العبدِ في العبوديةِ المطلقةِ للهِ تعالى قال ربُّنَا: ﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ﴾

إنَّ تحقيقَ الطاعةِ للهِ تعالى، والانقيادُ لأمرهِ لهو مِن أبرزِ مقاصدِ الحجِّ، ويتجلَّى ذلك في شعائرِه ربَّمَا تبدُو غيرَ معقولةٍ لدى البعضِ كتقبيلِ الحجرِ، أو السعيِ بينَ الصفَا والمروةِ، أو الطوافِ بالبيتِ … إلخ لكن لا شكَّ أنَّ لكلِّ هذه الأعمالِ حِكَمِهَا ومقاصدِهَا عَلِمَهَا مَن علمهَا، وجهلَهَا مَن جهلهَا، ويجمعُهَا كلّهَا تحقيقُ العبوديةِ للهِ عزَّ وجلَّ، والسمعُ والطاعةُ لما يأمرُ بهِ عبادَهُ ابتلاءً لهم واختبارًا، وفي هذا اختبارٌ للعبادِ في مدى طاعتِهِم للهِ، فقد كلفَهُم بما يعقلُون سرَّهُ ويدركُون مقصدَهُ، فها هو يبتليَهُم بما لا يعقلُون أو يدركُون أسرارَهُ، فهل يطيعُون أم يتمردُون ؟

*وحدةُ الأمةِ ووحدةُ الصفِّ، خاصةً في وقتِ الأزماتِ: أمرنَا ربُّنَا في كتابهِ بضرورةِ عدمِ التفرقِ والتنازعِ قال تعالى: ﴿وَأَنَّ هَذَا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾، وتتجلَّى مظاهرُ الوحدةِ والاعتصامِ في فريضةِ الحجِّ، إذا الكلُّ يعبدُ ربًّا واحدًا، وقبلتُهُم واحدةٌ، وكتابُهُم واحدٌ، ورسولُهُم واحدٌ، يؤدُّون الحجَّ في أشهرٍ معلومةٍ، ويُحْرِمُون مِن مواقيتَ محددةٍ غيرَ مجهولةٍ.

*مقاصدٌ إنسانيةٌ واجتماعيةٌ واقتصاديةٌ: تتمثلُ في التعارفِ والالتقاءِ مِن أجلِ تبادلِ الخبراتِ، وتحقيقِ المنافعِ الدنيويةِ والأخرويةِ، فاللهُ خلقَ البشريةَ وجعلَهَا شعوبًا وقبائلَ مِن أجلِ تحقيقِ هذا المقصدِ فقالَ ربُّنَا: ﴿يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾، وفي فريضةِ الحجِّ الكلُّ يُلبِّي نداءَ الرحمنِ ﴿وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجالاً وَعَلى كُلِّ ضامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُوماتٍ عَلى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْبائِسَ الْفَقِيرَ﴾، وقد جاءتْ كلمةُ “مَنافِعَ” نكرةً لتفيدَ العمومَ والشمولَ، فالحجُّ يتيحُ الفرصةَ أمامَ جموعِ المسلمينَ لممارسةِ أنواعِ النشاطاتِ، وأصنافِ الصفقاتِ الاقتصاديةِ، وقد ذكرتْ كتبُ أسبابِ النزولِ أنَّ بعضَ المسلمينَ في زمنِ النبوةِ تحرّجُوا مِن ممارسةِ التجارةِ والبيعِ والشراءِ حالَ الحجِّ فأنزلَ اللهُ تعالى: ﴿لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ﴾، فاستبشرُوا بهذا التيسيرِ الإلهِي لهم فباعّوا واشتروا، وعلى ذلك درجَ المسلمون، وهذا يدلُّ على أنَّ الإسلامَ دينُ عدلٍ ووسطيةٍ، فهو لا يأمرُ بأمرٍ فيه ضررٌ أو إجحافٌ بل كلُّ أوامرهِ ونواهيهِ تصبُّ في مصلحةِ الإنسانِ، فالحجُّ يجمعُ بين مصالحِ الفردِ الدنيويةِ مِن بيعٍ وشراءٍ … الخ وبيَّنَ مقاصدَ هذه العبادةِ من ذكرٍ ودعاءٍ … الخ، وبهذا يعيشُ المسلمُ متوازنًا في حياتهِ بلا إجحافٍ ولا تقصيرٍ.

كما أنَّ الحجَّ يحققُ معنى المساواةِ بينَ الجميعِ حيثُ يجتمعُ المسلمون مِن كلِّ جنسٍ ولغةٍ ولونٍ ووطنٍ في صعيدٍ واحدٍ لباسُهُم واحدٌ، وعملُهُم واحدٌ، ومكانُهُم واحدٌ، ووقتُهُم واحدٌ، وحدةٌ في المشاعرِ، ووحدةٌ في الشعائرِ, وحدةٌ في الهدفِ, ووحدةٌ في القولِ والعملِ، فالغنيُّ والفقيرُ، والملكُ والمملوكُ، الكلُّ يرتدِي لباسًا واحدًا لا خيطَ فيهِ، ولا ألوانَ مختلفة له، فلا يعرفُ فيهم عظيمٌ من حقيرٍ، الكلُّ أمامَ اللهِ سواسيةٌ، ومِن ثمَّ تتراجعُ هنا كلُّ الموازينِ والمعاييرِ، ولا يبقَى إلا مقياسٌ واحدٌ: ﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ﴾ وعَنْ أَبِي نَضْرَةَ حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ خُطْبَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَسَطِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَقَالَ:«يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَلَا إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ، وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ، أَلَا لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى عَجَمِيٍّ، وَلَا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ، وَلَا أَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ، وَلَا أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ، إِلَّا بِالتَّقْوَى أَبَلَّغْتُ»(أحمد، وإسناده صحيح)، وعلى هذا يتربَّى المترفون أنَّهُ مهما كثرتْ أموالُهُم، ومهما ارتفعَ رصيدُهُم، فليس المالّ هو المقياسُ الحقيقيُّ للتفاضلِ والتفاخرِ بل تقوى اللهِ وإخلاصُ العبادةِ لهُ هي المقياسُ, فما فاقَ بلالٌ الحبشيُّ وصهيبٌ الروميُّ وسلمانُ الفارسيُّ أبا جهلٍ وأبا لهبٍ بالنسبِ ولا بالمنصبِ بل بإيمانِهِم باللهِ وحدَهُ، فتأملْ وانتبهْ.

نسألُ اللهَ أنْ يرزقنَا حسنَ العملِ، وفضلَ القبولِ، إنَّهُ أكرمُ مسؤولٍ، وأعظمُ مأمولٍ، وأنْ يجعلَ بلدَنَا مِصْرَ سخاءً رخاءً، أمنًا أمانًا، سلمًا سلامًا وسائرَ بلادِ العالمين، وأنْ يوفقَ ولاةَ أُمورِنَا لما فيه نفعُ البلادِ والعبادِ.

كتبه: د / محروس رمضان حفظي عبد العال

عضو هيئة التدريس بجامعة الأزهر

_____________________________________

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

وللإطلاع علي قسم خطبة الجمعة

 

تابعنا علي الفيس بوك

 

الخطبة المسموعة علي اليوتيوب

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات

 

وللإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

وللمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

 

عن كتب: د.أحمد رمضان

الدكتور أحمد رمضان حاصل علي الماجستير من جامعة الأزهر بتقدير ممتاز سنة 2005م ، وحاصل علي الدكتوراه بتقدير مع مرتبة الشرف الأولي من جامعة الأزهر الشريف سنة 2017م. مؤسس جريدة صوت الدعاة ورئيس التحرير وكاتب الأخبار والمقالات المهمة بالجريدة، ويعمل بالجريدة منذ 2013 إلي اليوم. حاصل علي دورة التميز الصحفي، وقام بتدريب عدد من الصحفيين بالجريدة. للتواصل مع رئيس التحرير على الإيميل التالي: [email protected] رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) للمزيد عن الدكتور أحمد رمضان رئيس التحرير أضغط في القائمة علي رئيس التحرير

شاهد أيضاً

اختبار صرف بدل التميز العلمي : الأسماء ومواعيد الاختبارات والكتب والاختبارات السابقة

اختبار صرف بدل التميز العلمي : الأسماء ومواعيد الاختبارات والكتب والاختبارات السابقة

اختبار صرف بدل التميز العلمي : الأسماء ومواعيد الاختبارات والكتب والاختبارات السابقة أولاً : الإعلان …

سلسلة الدروس الرمضانية، الدرس الثامن عشر: أوصاف وأنواع النفس في القرآن، للدكتور خالد بدير

الدرس الثامن عشر: أوصاف وأنواع النفس في القرآن، للدكتور خالد بدير

سلسلة الدروس الرمضانية، الدرس الثامن عشر: أوصاف وأنواع النفس في القرآن، للدكتور خالد بدير. لتحميل …

سلسلة الدروس الرمضانية، الدرس السابع عشر: الدروس المستفادة من غزوة بدر الكبرى ، للدكتور خالد بدير

الدرس السابع عشر: الدروس المستفادة من غزوة بدر الكبرى ، للدكتور خالد بدير

سلسلة الدروس الرمضانية، الدرس السابع عشر: الدروس المستفادة من غزوة بدر الكبرى ، للدكتور خالد بدير. …

سلسلة الدروس الرمضانية، الدرس السادس عشر: قيمة الوقت في الإسلام ، للدكتور خالد بدير.

الدرس السادس عشر: قيمة الوقت في الإسلام ، للدكتور خالد بدير

  لتحميل درس قيمة الوقت في الإسلام بصيغة word أضغط هنا لتحميل درس قيمة الوقت …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

Translate »