web analytics
أخبار عاجلة
خطبة الجمعة القادمة، الأوقاف، الأزهر الشريف، خطبة وزارة الأوقاف،خطبة الجمعة 27/6/2014 بعنوان كيف نستقبل رمضان ؟ بقلم د / خالد بدير ، خطبة الجمعة القادمة ، خطبة الجمعة ، عنصر خطبة الجمعة القادم ، خطب الجمعة لوزارة الأوقاف
الدكتور خالد بدير

خطبة بعنوان: عظمة الإسلام وخطورة المتاجرة بالدين ، للدكتور خالد بدير

خطبة بعنوان: عظمة الإسلام وخطورة المتاجرة بالدين ، للدكتور خالد بدير

لتحميل الخطبة أضغط هنا

ولقراءة الخطبة كما يلي:

عناصر الخطبة:

العنصر الأول: عظمة الإسلام في الجانب الأخلاقي

العنصر الثاني: عظمة الإسلام في عيون الغربيين

العنصر الثالث: خطورة المتاجرة بالدين

العنصر الرابع: عظمة الإسلام في دعوته إلى الأمن وحقن الدماء.

المقدمة:                                                            أما بعد:

عباد الله: حينما طالعت الكتب والمؤلفات، وبحثت في محرك البحث ” جوجل ” على شبكة الانترنت عن هذا الموضوع؛ وجدت مؤلفات عديدة وموسوعات ضخمة عن عظمة الإسلام العريقة بجوانبها المختلفة، مما جعل القلم يتحير عن أي عظمة يكتب؟! عظمة الرسول؟! أم عظمة القرآن؟! أم عظمة الأخلاق؟!! أم عظمة العبادات؟!! أم عظمة المعاملات؟!! أم عظمة العقيدة والتوحيد؟!! أم عظمته في مجالات الحياة الدينية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية والفكرية والعسكرية والقضائية……….إلخ

وفي البداية أعتذر لحضراتكم عن تكرار بعض العناصر أو المواقف والقصص ؛ وهذا من باب التذكير وليس من باب التكرير؛ فهذا الموضوع لا تسعفه هذه الوريقات في هذه الدقائق السريعة؛ ولكني أقف مع حضراتكم حول مقتطفات عن عظمة الإسلام من خلال العناصر التالية:

العنصر الأول: عظمة الإسلام في الجانب الأخلاقي

للأخلاق أهمية كبرى في الإسلام، ولو نظرنا إلى الدين الإسلامي لوجدناه ينقسم إلى ثلاثة أقسام: عقيدة وتتمثل في توحيد الله تعالى، وشريعة: وتتمثل في العبادات من صلاة وصيام وزكاة وحج وغيرها، وأخلاق: وتتمثل في الأخلاق الفاضلة في التعامل مع الآخرين. وكل قسم من هذه الأقسام الثلاثة يمثل ثلث الإسلام، فالعقيدة تمثل ثلث الإسلام، لذلك كانت سورة الإخلاص تعدل ثلث القرآن لاشتمالها على الجانب العقدي، فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ: أَنَّ رَجُلًا سَمِعَ رَجُلًا يَقْرَأُ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ يُرَدِّدُهَا ، فَلَمَّا أَصْبَحَ جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ وَكَأَنَّ الرَّجُلَ يَتَقَالُّهَا ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهَا لَتَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ” (متفق عليه )، وكذلك العبادات تعدل ثلث الإسلام، والأخلاق- التي يظن البعض أن لا علاقة لها بالدين – تعدل ثلث الإسلام، بل الإسلام كله كما سيأتي مفصلاً.  بل إن النبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا أن الهدف من بعثته هو غرس مكارم الأخلاق في أفراد المجتمع حيث قال:” إنَّما بُعِثْتُ لأُتَمَّمَ صالحَ  الأخلاقِ” [السلسلة الصحيحة للألباني]. قال المناوي:  أي أُرسلت لأجل أن أكمل الأخلاق بعد ما كانت ناقصة، وأجمعها بعد التفرقة. وقد وقف العلماء عند هذا الحديث قائلين: لماذا حصر النبي بعثته في مكارم الأخلاق مع أنه بعث بالتوحيد والعبادات وهي أرفع منزلة وأهم من الأخلاق؟!!

والجواب: أن التوحيد والعبادات شرعت من أجل ترسيخ مكارم الأخلاق بين أفراد المجتمع، فالغاية والحكمة الجليلة من تشريع العبادات هي غرس الأخلاق الفاضة وتهذيب النفوس؛ كما هو معلوم في الصلاة والزكاة والصوم والحج وغيرها كما يأتي مفصلاً في العنصر الثاني.

ولأهمية الأخلاق أصبحت شعاراً للدين ( الدين المعاملة ) فلم يكن الدين صلاة ولا زكاة ولا صوم ولا غير ذلك.

قال الفيروز آبادي -رحمه الله تعالى-: “اعلم أن الدين كله خلق، فمن زاد عليك في الخلق؛ زاد عليك في الدين”.

لذلك عد حسن الخلق من كمال الإيمان فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا، وخياركم خياركم لنسائهم خلقا[صحيح سنن الترمذي للألباني]. قال المباركفوري: ( أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا ): لأن كمال الإيمان يوجب حسن الخلق والإحسان إلى كافة الإنسان، ( وخياركم خياركم لنسائهم ): لأنهن محل الرحمة لضعفهن.

ولأهمية الأخلاق كان حسن الخلق طريقاً إلى الجنة كما أن سوء الخلق طريق إلى النار، وفي السنة شواهد كثيرة على ذلك:

فعَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:” إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إِلَيَّ وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَحَاسِنَكُمْ أَخْلَاقًا، وَإِنَّ أَبْغَضَكُمْ إِلَيَّ وَأَبْعَدَكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ الثَّرْثَارُونَ وَالْمُتَشَدِّقُونَ وَالْمُتَفَيْهِقُونَ، قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ: قَدْ عَلِمْنَا الثَّرْثَارُونَ وَالْمُتَشَدِّقُونَ فَمَا الْمُتَفَيْهِقُونَ؟ قَالَ: الْمُتَكَبِّرُونَ” [ السلسلة الصحيحة – الألباني ] وعَنْ أَبِي الدرداء – رضي الله عنه – قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ – صلى الله عليه وسلم  ” مَا مِنْ شَيْءٍ فِي اَلْمِيزَانِ أَثْقَلُ مِنْ حُسْنِ اَلْخُلُقِ” ( أَبُو دَاوُدَ) ، وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَكْثَرِ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ الْجَنَّةَ؟ فَقَالَ:” تَقْوَى اللَّهِ وَحُسْنُ الْخُلُقِ” وَسُئِلَ عَنْ أَكْثَرِ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ النَّارَ؟ فَقَالَ:” الْفَمُ وَالْفَرْجُ” [ السلسلة الصحيحة – الألباني ]، كما أن خلقاً واحداً من بين سائر الأخلاق قد يكون سبباً في دخولك الجنة، فعَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ قَالَ: اجْتَمَعَ حُذَيْفَةُ وَأَبُو مَسْعُودٍ فَقَالَ حُذَيْفَةُ: رَجُلٌ لَقِيَ رَبَّهُ فَقَالَ مَا عَمِلْتَ؟ قَالَ: مَا عَمِلْتُ مِنْ الْخَيْرِ إِلَّا أَنِّي كُنْتُ رَجُلًا ذَا مَالٍ فَكُنْتُ أُطَالِبُ بِهِ النَّاسَ فَكُنْتُ أَقْبَلُ الْمَيْسُورَ وَأَتَجَاوَزُ عَنْ الْمَعْسُورِ، فَقَالَ: تَجَاوَزُوا عَنْ عَبْدِي” (مسلم) فهذا الرجل لم يعمل خيراً قط سوى خلقٍ واحدٍ فكان طريقاً له إلى الجنة فما بالك لو تحليت بمكارم الأخلاق كلها؟!!

لذلك اهتم الصحابة بحسن الخلق وطلبه من الله، فعَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ قَالَتْ : بَاتَ أَبُو الدَّرْدَاءِ اللَّيْلَةَ يُصَلِّي فَجَعَلَ يَبْكِي وَيَقُولُ : ” اللَّهُمَّ أَحْسَنْتَ خَلْقِي فَأَحْسِنْ خُلُقِي، حَتَّى أَصْبَحَ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا الدَّرْدَاءِ، مَا كَانَ دُعَاؤُكَ مُنْذُ اللَّيْلَةِ إِلا فِي حُسْنِ الْخُلُقِ، قَالَ: يَا أُمَّ الدَّرْدَاءِ، إِنَّ الْعَبْدَ الْمُسْلِمَ يَحْسُنُ خُلُقُهُ حَتَّى يُدْخِلَهُ حُسْنُ خُلُقِهِ الْجَنَّةَ، وَيَسُوءُ خُلُقُهُ حَتَّى يُدْخِلَهُ سُوءُ خُلُقِهِ النَّارَ” (شعب الإيمان للبيهقي)

ولا يقتصر حسن الخلق مع الناس وحسب، بل إحسانك إلى البهائم كذلك يكون سبباً في غفران ذنوبك ودخولك الجنة: فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “بَيْنَمَا كَلْبٌ يُطِيفُ بِرَكِيَّةٍ كَادَ يَقْتُلُهُ الْعَطَشُ؛ إِذْ رَأَتْهُ بَغِيٌّ مِنْ بَغَايَا بَنِي إِسْرَائِيلَ فَنَزَعَتْ مُوقَهَا فَسَقَتْهُ فَغُفِرَ لَهَا بِهِ” (البخاري)

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:” بَيْنَا رَجُلٌ يَمْشِي فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ الْعَطَشُ فَنَزَلَ بِئْرًا فَشَرِبَ مِنْهَا ثُمَّ خَرَجَ؛ فَإِذَا هُوَ بِكَلْبٍ يَلْهَثُ يَأْكُلُ الثَّرَى مِنْ الْعَطَشِ. فَقَالَ: لَقَدْ بَلَغَ هَذَا مِثْلُ الَّذِي بَلَغَ بِي، فَمَلَأَ خُفَّهُ ثُمَّ أَمْسَكَهُ بِفِيهِ ثُمَّ رَقِيَ فَسَقَى الْكَلْبَ فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ فَغَفَرَ لَهُ. قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَإِنَّ لَنَا فِي الْبَهَائِمِ أَجْرًا؟! قَالَ: فِي كُلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ” ( البخاري)

انظر إلى هؤلاء الأفراد جميعاً، ما فعلوا كثير صلاة أو صيام أو صدقة، ولكن كانت حسناتهم الأساسية هي حسن خلقهم الذي أدى لمغفرة الله لهم، ومن ثم دخولهم الجنة. وعلى النقيض من ذلك، انظر إلى عاقبة سوء الخلق: فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:” عُذِّبَتْ امْرَأَةٌ فِي هِرَّةٍ سَجَنَتْهَا حَتَّى مَاتَتْ فَدَخَلَتْ فِيهَا النَّارَ ، لَا هِيَ أَطْعَمَتْهَا وَلَا سَقَتْهَا إِذْ حَبَسَتْهَا وَلَا هِيَ تَرَكَتْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الْأَرْضِ” (متفق عليه) ، وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَجُلٌ: “يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ فُلَانَةَ يُذْكَرُ مِنْ كَثْرَةِ صَلَاتِهَا وَصِيَامِهَا وَصَدَقَتِهَا غَيْرَ أَنَّهَا تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا. قَالَ: هِيَ فِي النَّارِ. قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَإِنَّ فُلَانَةَ يُذْكَرُ مِنْ قِلَّةِ صِيَامِهَا وَصَدَقَتِهَا وَصَلَاتِهَا وَإِنَّهَا تَصَدَّقُ بِالْأَثْوَارِ مِنْ الْأَقِطِ وَلَا تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا. قَالَ: هِيَ فِي الْجَنَّةِ” [ صحيح الترغيب والترهيب – الألباني ] فانظر كيف لم تُجدِ كثرة العبادة مع انعدام حسن السلوك!! بل انظر ماذا فعل حسن الخلق رغم قلة العبادة!!!

قال الجنيد: أربع ترفع العبد إلى أعلى الدرجات وإن قل عمله وعلمه، الحلم والتواضع والسخاء وحسن الخلق .

ويقول ابن حبان – رحمه الله تعالى – : “الواجب على العاقل أن يتحبب إلى الناس بلزوم حسن الخلق، وترك سوء الخلق، لأن الخلق الحسن يذيب الخطايا كما تذيب الشمس الجليد، وإن الخلق السيء يفسد العمل كما يفسد الخل العسل، وقد تكون في الرجل أخلاق كثيرة صالحة كلها، وخلق سيئ، فيفسد الخلق السيئ الأخلاق الصالحة كلها” ، إن حسن الخلق يرفع العبد منزلة عند الله حتى يبلغ درجة الصائم القائم، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:”إِنَّ الْعَبْدَ لَيَبْلُغُ بِحُسْنِ خُلُقِهِ دَرَجَةَ الصَّائِمِ الْقَائِمِ” [ السلسلة الصحيحة – الألباني ]، وكما أن حسن الخلق يوجب الجنة فكذلك يحرم صاحبه على النار. فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:” أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِمَنْ يَحْرُمُ عَلَى النَّارِ أَوْ بِمَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ النَّارُ؟! عَلَى كُلِّ قَرِيبٍ هَيِّنٍ سَهْلٍ” [ السلسلة الصحيحة – الألباني ]، وهكذا تظهر أهمية الأخلاق وعظمتها ومكانتها حتى أصبحت شعاراً للدين تمثله كله.

العنصر الثاني: عظمة الإسلام في عيون الغربيين

عباد الله: تعالوا لنقف مع حضراتكم في هذا العنصر مع أقوال الغربيين عن عظمة الإسلام وسماحته ويسره وشموله لكل زمان ومكان.

فعن الفجوة بين النظرية والتطبيق لتعاليم الإسلام السمحة يقول ليوبولد فايس: كنت كلما ازددتُ فهماً لتعاليم الإسلام وعظيم أحكامه ومبادئه، ازددت رغبة في التساؤل عمّا دفع المسلمين إلى هجر تطبيقها تطبيقاً تامّاً في حياتهم اليومية… لقد ناقشت هذه المشكلة مع كثير من المسلمين المفكرين في جميع البلاد، ثم زادت رغبتي في ذلك بشدة، حتى أني وأنا غير المسلم أصبحت أتكلم إلى المسلمين مشفقاً على دين الإسلام من إهمال المسلمين أنفسهم وتراخيهم.

ويقول اللورد هدلي ذاكراً بعض التعبيرات التي ترشد القارئ إلى سبب رفضه للمسيحية، وبالتالي سبب اعتناقه للدين الإسلامي:

عندما كنت أقضي الزمن الطويل من حياتي الأولى في جو المسيحية، كنت أشعر دائماً أن الدين الإسلامي به الحسن والسهولة، وأنه خلو من عقائد الرومان والبروتستانت….وثبتني على هذا الاعتقاد زيارتي للشرق التي أعقبت ذلك، ودراستي للقرآن المجيد.

….ثم  يقول: يجب أن أعترف أن زيارتي للشرق ملأتني احتراما عظيماً للدين المحمدي السلس، الذي يجعل الإنسان يعبد الله حقيقة طوال مدة الحياة لا في أيام الآحاد فقط.

ويبدي دهشته من عالمية الإسلام الذي يدعو الناس كافة إلى عبادة إله واحد ، هو الله الواحد الأحد ، فيقول: أيمكن أذن، أن يوجد دين يمكن العالم الإنساني من أن يجمع أمره على عبادة الله الواحد الحقيقي، الذي هو فوق الجميع ، وأمام الجميع بطريقة سهلة خالية من الحشو والتلبيك ؟.

ويدعو البشرية إلى التفكير الصحيح لكي تصل إلى الحقيقة التي وصل إليها بدلا من الافتراءات والأكاذيب التي يروجها الكثيرون عن الإسلام فيقول : ليس في وسع الإنسان في الحقيقة إلا أن يعتقد أن مدبحي وناسجي هذه الافتراءات لم يتعلموا حتى ولا أول مبادئ دينهم وإلا لما استطاعوا أن ينشروا في جميع أنحاء العالم تقارير معروف لديهم أنهم محض كذب واختلاق .

وعن يسر الإسلام وعظمته في تلبيته للفطرة يقول المستشرق ماكدونالد: الإسلام دين سهل يلبي متطلبات الفطرة .

والإقبال على الإسلام في الغرب يرجع بصورة عامة إلى عاملين اثنين :

الأول : أن المجتمع الغربي فقد إلى حد كبير معاني الدين، فأصبح مجتمعا لا يدين بأي دين، لا بالنصرانية ولا بغيرها، ومن طبيعة الإنسان أن يكون مقتنعاً بدين، ومعتقداً بعقيدة.

الثاني : إن الإسلام دين سهل يلبي متطلبات الفطرة التي خلق الله الإنسان عليها، فلهذا يقبل الناس في الغرب على الإسلام أكثر من أي ديانة أخرى، سواء كانت سماوية كالنصرانية واليهودية، أو وضعية كالبوذية وما شاكلها .

وعن عظمة الشريعة وشمولها لكل زمان ومكان يقول أحد كبار فقهاء القانون الغربي ” إن فقه الإسلام واسع إلى درجة أنني أتعجب كل العجب كلما فكرت في أنكم لتستنبطوا منه الأنظمة والأحكام الموافقة لزمانكم وبلادكم “!!.

هذه الكلمة أو هذه الشهادة من أحد أعلام الفقه القانوني الوضعي الغربي، وقد انبهر بعظمة الشريعة وسموها وكمالها فقال ما قال ، والشريعة الإسلامية بعظمتها وسموها وكمالها لا تحتاج شهادة ” صلاحية ” من أحد ، لأنها شريعة الله العليم الخبير وكفى …

ويقول برتراند راسل وهو أحد فلاسفة بريطانيا الكبار والحاصل على جائزة نوبل للسلام عام 1950، قال: “لقد قرأت عن الإسلام ونبي الإسلام فوجدت أنه دين جاء ليصبح دين العالم والإنسانية، فالتعاليم التي جاء بها محمد والتي حفل بها كتابه مازلنا نبحث ونتعلق بذرات منها وننال أعلى الجوائز من أجلها”.

وعن أثر الإسلام في نهضة الغرب العلمية يقول ليوبولد وايس: لسنا نبالغ إذ قلنا إن العصر العلمي الحديث الذي نعيش فيه ، لم يُدشّن في مدن أوربة ، ولكن في المراكز الإسلامية في دمشق وبغداد والقاهرة وقرطبة …نحن مدينون للمسلمين بكل محامد حضارتنا في العلم والفن والصناعة ، وحسب المسلمين أنهم كانوا مثالاً للكمال البشري ، بينما كنا مثالاً للهمجية.

وعن عظمة علماء المسلمين يقول جورج سارتون:“المسلمون عباقرة الشرق ، لهم مأثرة عظمى على الإنسانية ، تتمثل في أنهم تولّوا كتابة أعظم الدراسات قيمة ، وأكثرها أصالة وعمقاً ، مستخدمين اللغة العربية التي كانت بلا مراء لغة العلم للجنس البشري… لقد بلغ المسلمون ما يجوز تسميته: معجزة العلم العربي”

ويقول تومبسون: “إن انتعاش العلم في العالم الغربي نشأ بسبب تأثر شعوب غربيِّ أوربا بالمعرفة العلمية العربية وبسبب الترجمة السريعة لمؤلفات المسلمين في حقل العلوم ونقلها من العربية إلى اللاتينية لغة التعليم الدولية آنذاك.” ويقول في مكان آخر: “إن ولادة العلم في الغرب ربما كان أمجد قسم وأعظم إنجاز في تاريخ المكتبات الإسلامية.”0

إن هذه الأقوال وأقوال كثيرة غيرها-لا يتسع المقام لذكرها- لأعداء الإسلام حول عظمة الإسلام، لتؤكد لنا بوضوح ما انطوي عليه الإسلام من عظمة وسماحة وقوة دفع حضارية وإشراقة نور علمية ليس للغرب فقط؛ بل للعالم كله.

وصدق القائل:

وشمائلٌ شهدَ العدوُّ بفضلها……….والفضلُ ما شهدت به الأعداء

العنصر الثالث: خطورة المتاجرة بالدين

حذر الإسلام من استخدام الدين مطية ووسيلة من أجل كسب منصب أو شهرة أو شهوة ؛ أو من أجل حزب سياسي ؛ أو لإرضاء سدنة الساسة والقادة؛ كما حارب الإسلام هذه الحيل الخبيثة الماكرة المداهنة والمزيفة والتي تحمل في طياتها المظهرية الجوفاء.

وقد تضافرت نصوص القرآن والسنة في تحريم ذلك وشنعت فعلتهم أيما تشنيع.

فقد أشار القرآن إلى هؤلاء بقوله: { أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآَخِرَةِ فَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ} (البقرة: 86)؛ وقال تعالى: { اشْتَرَوْا بِآَيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ }( التوبة: 9)؛ وقال في أهل الكتاب: { وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ } ( آل عمران: 187)

ومن السنة ما رواه أَبُو دَاوُد عَنْ أَبِي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ”مَنْ تَعَلَّمَ عِلْمًا مِمَّا يُبْتَغَى بِهِ وَجْه اللَّه عَزَّ وَجَلَّ لا يَتَعَلَّمهُ إِلا لِيُصِيبَ بِهِ عَرَضًا مِنْ الدُّنْيَا لَمْ يَجِد عَرْف الْجَنَّة يَوْم الْقِيَامَة”.

وعن أبي هريرة – رضي الله عنه –؛ قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -:”يخرج في آخر الزمان رجالٌ يَختِلون الدنيا بالدِّين، يَلبَسون للناس جلودَ الضأن من اللِّين، ألسنتهم أحلى من السُّكَّر، وقلوبهم قلوب الذِّئاب؛ يقول الله – عز وجل -: أَبِيَ يَفترون؟ أم عليَّ يجترئون؟ فَبي حلفتُ لأبعثنَّ على أولئك منهم فتنة تَدَعُ الحليم منهم حيرانَ” ( رواه الترمذي وضعفه الألباني)

وقال ابن مسعود – رضي الله عنه -: “إن الرجل لَيدخلُ على السلطان ومعه دِينُه، فيخرج ولا دينَ له، قيل له: ولِمَ؟ قال: لأنه يرضيه – أي: السلطانَ – بسَخَط الله”.

أحبتي في الله: أسوق لكم بعض القصص والمواقف والتي تبين زهد السابقين الأولين وعدم متاجرتهم بالدين مع إتاحة الفرص لهم؛  وأترك لكم التعليق والتعقيب والمقارنة بين هؤلاء وواقعنا المعاصر:

– قال عيسى بن يونس : أرسل الأمير عيسى بن موسى إلى الأعمش بألف درهم وصحيفة ليكتب فيها حديثا ، فكتب فيها : بسم الله الرحمن الرحيم وقل هو الله أحد ووجه بها إليه . فبعث إليه : يا ابن الفاعلة ، ظننت أني لا أحسن كتاب الله ؟ . فبعث إليه : أظننت أني أبيع الحديث ؟ ( سير أعلام النبلاء )

– في السنة السابعة  والتسعين للهجرة, شد خليفة المسلمين الأموي سليمان بن عبد الملك الرحال إلى الديار المقدسة فلما بلغ المدينة, وحط رحاله فيها, أقبل وجوه الناس  وذوو الأقدار للسلام عليه والترحيب به ولما فرغ سليمان بن عبد الملك من استقبال المرحبين به قال لبعض جلسائه: إن النفوس لتصدأ  كما تصدأ المعادن إذا لم تجد من يذكرها الفينة بعد الفينة، ويجلو عنها صدأها. فقالوا: نعم يا أمير المؤمنين.

فقال: أما في المدينة رجل أدرك طائفة من  صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكرنا؟ فقالوا: بلى يا أمير المؤمنين ها هنا أبو حازم  الأعرج. فقال: ومن أبو حازم الأعرج؟ فقالوا: سلمة بن دينار عالم المدينة وإمامها، وأحد التابعين الذين أدركوا عدداً من الصحابة الكرام. فقال: ادعوه لنا، وتلطفوا في دعوته. فذهبوا إليه ودعوه. فلما أتاه.. رحب به وأدنى مجلسه، وقال له عظني. فوعظه أبو حازم موعظة بليغة؛ فبكى الخليفة حتى علا نحيبه،  واشتد بكاؤه؛ ودار بينهما حوار طويل لا يتسع المقام لذكره؛ ثم قال الخليفة: عزمت عليك أن توصيني يا أبا حازم. فقال: نعم.. سوف أوصيك وأوجز: عظم ربك عز وجل ونزهه أن يراك حيث نهاك.. وأن يفقدك حيث أمرك. ثم سلم  وانصرف. فقال له الخليفة: جزاك الله خيراً من عالم ناصح.

وما كاد أبو حازم  يبلغ بيته، حتى وجد أن أمير المؤمنين قد بعث إليه بصرة ملئت دنانير، وكتب إليه يقول: أنفقها, ولك مثلها كثير عندي. فردها وكتب إليه يقول: يا أمير المؤمنين, أعوذ بالله أن يكون سؤالك إياي هزلاً، وردي عليك باطلاً. فو الله ما أرضى ذلك – يا أمير المؤمنين – لك… فكيف أرضاه لنفسي؟ يا أمير المؤمنين, إن كانت هذه الدنانير لقاء حديثي الذي حدثتك به, فالميتة ولحم الخنزير في حال الاضطرار أحل منها… وإن كانت حقاً لي في بيت مال المسلمين  فهل سويت بيني وبين الناس جميعاً في هذا الحق ؟!

– دخل جبار الشام إبراهيم باشا بن محمد علي حاكم مصر المسجد الأموي في وقت كان فيه عالم الشام الشيخ سعيد الحلبي يلقي درسا في المصلين . ومر إبراهيم باشا من جانب الشيخ ، وكان مادا رجله فلم يحركها ، ولم يبدل جلسته ، فاستاء إبراهيم باشا، واغتاظ غيظاً شديداً ، وخرج من المسجد ، وقد أضمر في نفسه شراً بالشيخ .

وما أن وصل قصره حتى حف به المنافقون من كل جانب ، يزينون له الفتك بالشيخ الذي تحدى جبروته وسلطانه ، وما زالوا يؤلبونه حتى أمر بإحضار الشيخ مكبلا بالسلاسل .

وما كاد الجند يتحركون لجلب الشيخ حتى عاد إبراهيم باشا فغير رأيه ، فقد كان يعلم أن أي إساءة للشيخ ستفتح له أبواباً من المشاكل لا قبل له بإغلاقها.

وهداه تفكيره إلى طريقة أخرى ينتقم بها من الشيخ، طريقة الإغراء بالمال ، فإذا قبله الشيخ فكأنه يضرب عصفورين بحجر واحد، يضمن ولاءه، ويسقط هيبته في نفوس المسلمين ، فلا يبقى له تأثير عليهم .

وأسرع إبراهيم باشا فأرسل إلى الشيخ ألف ليرة ذهبية ، وهو مبلغ يسيل له اللعاب في تلك الأيام ، وطلب من وزيره أن يعطي المال للشيخ على مرأى ومسمع من تلامذته ومريديه .

وانطلق الوزير بالمال إلى المسجد ، واقترب من الشيخ وهو يلقي درسه ، فألقى السلام ، و قال للشيخ بصوت عال سمعه كل من حول الشيخ : هذه ألف ليرة ذهبية يرى مولانا الباشا أن تستعين بها على أمرك . ونظر الشيخ نظرة إشفاق نحو الوزير ، وقال له بهدوء وسكينة: يا بني، عد بنقود سيدك وردها إليه، وقل له: إن الذي يمد رجله، لا يمد يده.

– روي عن مالك بن دينار أنه كان يمشي في سوق البصرة فرأى التين فاشتهاه ولم يكن معه نقود؛ فخلع نعله وأعطاه لبائع التين؛ فقال : لا يساوي شيئا ؛ فأخذ مالك نعله وانصرف. فقيل للرجل: إنه مالك بن دينار؛ فملأ الرجل طبقا من التين وأعطاه لغلامه ثم قال له : الحق بمالك بن دينار فإن قبله منك فأنت حر…. فعدا الغلام وراءه فلما أدركه قال له: اقبل مني فإن فيه تحريري . فقال مالك : إن كان فيه تحريرك فإن فيه تعذيبي . فألح الغلام عليه فقال : أنا لا أبيع الدين بالتين ولا آكل التين إلى يوم الدين.

العنصر الرابع: عظمة الإسلام في دعوته إلى الأمن وحقن الدماء.

عباد الله! إن توفر الأمن ضرورة من ضرورات الحياة، قد تفوق ضرورة الغذاء والكساء، بل إنه لا يستساغ طعام إذا فُقد الأمان، والأمان في حقيقته ومعناه لا يكون إلا مع الإيمان، والسلام في ماهيته لا يكون إلا مع الإسلام، قال الله – تعالى-:{الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ} (الأنعام: 82).

أيها المسلمون! إننا وفي هذه الأزمنة المتأخِّرة التي أخبرنا النبي – صلى الله عليه وسلم-: ” أن فيها يكثر الهَرْج قالوا: يا رسول الله وما الهرج؟ قال:” القتل” وهذا ما قد رأيناه واقعاً في حياة كثير من المسلمين – والعياذ بالله- فلقد سمعنا وقرأنا في كثير من وسائل الإعلام عن انتشار مثل هذه الظاهرة الخطيرة – ألا وهي القتل والاقتتال وسفك الدماء بدون حق، كما سمعنا وشاهدنا ما حدث لأبنائنا وجنودنا البواسل الشرفاء الذين هم في حراستنا وحراسة وطننا، بل وامتدت هذه الخديعة حتى كانت في حلنا وترحالنا، فلربما قتل الجارُ جارَهُ لأتفه الأسباب، ولربما قتل الأبُ ابنه لأنه لم يمتثل أوامره والابن أباه- والعياذ بالله – ولربما قتل المسلم أخاه المسلم على قطعة من الأرض، ولربما قتل…- ولا حول ولا قوة إلا بالله-.

أمة الإسلام! لتعلموا أن الله – عز وجل- أكرم عبده المؤمن أيما إكرام، فلقد جعل له حرمة عظيمة، ومكانة عالية، وحرم التعرض له بأي نوع من أنواع الأذى، فقال نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم: “كل المسلم على المسلم حرام، دمه وماله وعرضه”. فكما أنه لا يحل إيذاء المسلم في عرضه بالانتهاك والانتقاص وغير ذلك، فكذلك لا يحل سفك دمه  وإهراقه بغير إذن شرعي ولا التسبب في ذلك، بل إن دم المسلم من أعظم وأجل ما ينبغي أن يُصان ويُحفظ، قال القرطبي- رحمه الله-: والدماء أحق ما احتيط لها؛ إذ الأصل صيانتها في أهبها، فلا نستبيحها إلا بأمرٍ بين لا إشكال فيه.

وتعظيماً لأمر قتل النفس بغير حق، وبياناً لشدة خطره، والتحذير منه، وتوعد من أقدم عليه، جاءت الآيات الكريمات، والأحاديث الصحيحة بالنهي عن ذلك، قال الله تعالى: {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} (النساء: 93) قال الإمام العلامة السعدي- رحمه الله-: وذكر هنا وعيد القاتل عمداً وعيداً ترجف له القلوب، وتنصدع له الأفئدة، وينزعج منه أولو العقول، فلم يرد في أنواع الكبائر أعظم من هذا الوعيد، بل ولا مثله، ألا وهو الإخبار بأن جزءاه جهنم، أي فهذا الذنب العظيم قد انتهض وحده أن يجازى صاحبه بجنهم بما فيها من العذاب العظيم، والخزي  المهين، وسخط الجبار، وفوات الفوز والفلاح، وحصول الخيبة والخسار، فيا عياذاً بالله من كل سبب يُبعد عن رحمته…

وقال تعالى: {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاء تْهُمْ رُسُلُنَا بِالبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَلِكَ فِي الأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ}(المائدة: 32) قال ابن عباس – رضي الله عنه -: {من أحياها فكأنما أحيا  الناس جميعاً}. فإحياؤها لا يقتل نفساً حرمها الله، فذاك أحيا الناس جميعاً، يعني أنه من حرم قتلها إلا بحق حيي الناس منه جميعاً. رواه البخاري معلقاً بصيغة الجزم، ووصله الطبري وابن أبي حاتم.

وقال سعيد بن جبير: مَن استحل دم مسلم فكأنما استحل دماء الناس جميعاً، ومن حرَّم دم مسلم فكأنما حرم دماء الناس جميعاً.

وعن سليمان بن علي الربعي قال: قلت للحسن: من أ جل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفساً بغير نفس .. } الآية أهي لنا يا أبا سعيد كما كانت لبني إسرائيل؟ فقال: أي والذي لا إله غيره؛ كما كانت لبني إسرائيل، وما جعل دماء بني إسرائيل أكرم على الله من دمائنا.

لذلك كانت الدماء أول ما يقضي في الآخرة، قال – صلى الله عليه وسلم -: ” أول ما يُقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء” (البخاري ومسلم)

أيها المسلمون! لقد أكد نبيكم – صلى الله عليه وسلم – في خطبته المشهورة – حرمة سفك دماء المسلمين وأموالهم وأعراضهم فعن أبي بكرة – رضي الله عنه- قال: خطبنا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يوم النحر فقال: ” أي يوم هذا؟” قلنا: الله ورسوله أعلم، حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه، فقال: ” أليس ذو الحجة؟” قلنا: بلى، قال: “أتدرون أي بلد هذا؟” قلنا: الله ورسوله أعلم، قال: فسكت حتى ظننا أن سيسميه بغير اسمه، فقال: “أليس بالبلدة؟” قلنا: بلى، قال: ” فإن دماءكم وأموالكم حرام كحرمة يومكم هذا، وفي شهركم هذا، في بلدكم هذا إلى يوم تلقون ربكم، إلى يوم تلقون ربكم، ألا هل بلغت؟” قالوا: نعم، قال: “اللهمّ اشهد، ليبلغ الشاهد الغائب، فرب مبلغٍ أوعى من سامع، ألا فلا ترجعُن بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض” (البخاري ومسلم)

وعن أبي هريرة عن النبي – صلى الله عليه وسلم- قال:” اجتنبوا السبع الموبقات” قالوا: يا رسول الله وما هن؟ قال:” الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق…” (البخاري ومسلم)

أمة محمد – صلى الله عليه وسلم -! لقد نظر ابن عمر إلى الكعبة حيث الجمال والجلال والكمال والهيبة والحرمة فقال: ما أعظمك! وما أشد حرمتك، ووالله للمسلم أشد حرمة عند الله منك.

وقال ابن عمر: إن من ورطات الأمور التي لا مخرج لمن أوقع نفسه فيها سفك الدم الحرام بغير حله. (البخاري)

وعند البخاري – أيضاً – عن ابن عمر قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم-:” لن يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يُصب دماً حراماً”.

وأعظم من ذلك كله  ما جاء عند أحمد والترمذي عن ابن عباس عن النبي صلى الله علبه وسلم قال:” يجيء المقتول بالقاتل يوم القيامة ناصيته ورأسه بيده، وأوداجه تشخب دماً يقول: يا رب سل هذا فيم قتلني حتى يدنيه من العرش”.فماذا عسى أن يكون الجواب عند سؤال رب الأرباب ؟!!.

وعن عبد الله بن مسعود – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: ” يجيء المقتول متعلقاً بقاتله يوم القيامة آخذاً رأسه بيده، فيقول: يا رب! سل هذا فيم قتلني؟ قال فيقول: قتلته لتكون العزة لفلان، قال: فإنها ليست له بؤ بإثمه، قال: فيهوى في النار سبعين خريفاً”.

فإياك قتل النفس ظلماً لمؤمن *** فذلك بعد الشرك كبرى التفسد

كفى زاجراً عنه توعدُ والتقى *** بنفي متاب القاتل المتعمد

اللهم عليك بكل من قتل جنودنا , ورمل نساءنا , ويتم أطفالنا , وأباح دماءنا , ومزق مجتمعنا , وأهان كريمنا , وأذل عزيزنا, ونجس أرضنا , ونكس علمنا , وحطم منشآتنا، وأهدر حقوقنا , واستباح مالنا وديارنا ونسائنا , وهتك أعراضنا , وكرم سفهائنا , وحقر علمائنا , واغتصب حقوقنا , وفرق جمعنا  .

كتبه : خادم الدعوة الإسلامية

د / خالد بدير بدوي

عن admin

مجلس إدارة الجريدة الدكتور أحمد رمضان الشيخ محمد القطاوي رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) تليفون (phone) : 01008222553  فيس بوك (Facebook): https://www.facebook.com/Dr.Ahmed.Ramadn تويتر (Twitter): https://twitter.com/DRAhmad_Ramadan الأستاذ محمد القطاوي: المدير العام ومسئول الدعم الفني بالجريدة. الحاصل علي دورات كثيرة في الدعم الفني والهندسي للمواقع وإنشاء المواقع وحاصل علي الليسانس من جامعة الأزهر.

شاهد أيضاً

خطبة الجمعة القادمة 26 أبريل 2024م بعنوان : تطبيقات حُسن الخلق ، للدكتور عمر مصطفي، بتاريخ 17 شوال 1445هـ ، الموافق 26 أبريل 2024م

خطبة الجمعة القادمة 26 أبريل 2024م بعنوان : تطبيقات حُسن الخلق ، للدكتور عمر مصطفي

خطبة الجمعة القادمة 26 أبريل 2024م بعنوان : تطبيقات حُسن الخلق ، للدكتور عمر مصطفي، بتاريخ 17 …

خطبة الجمعة بعنوان : تطبيقات حُسن الخلق ، للدكتور خالد بدير، بتاريخ 17 شوال 1445 هـ ، الموافق 26 أبريل 2024م

خطبة الجمعة بعنوان : تطبيقات حُسن الخلق ، للدكتور خالد بدير

خطبة الجمعة بعنوان : تطبيقات حُسن الخلق ، للدكتور خالد بدير، بتاريخ 17 شوال 1445 …

خطبة الجمعة القادمة 26 أبريل 2024 م بعنوان : تطبيقات حُسن الخلق ، للدكتور محروس حفظي ، بتاريخ 17 شوال 1445هـ ، الموافق 26 أبريل 2024م

خطبة الجمعة القادمة 26 أبريل : تطبيقات حُسن الخلق ، للدكتور محروس حفظي

خطبة الجمعة القادمة خطبة الجمعة القادمة 26 أبريل 2024 م بعنوان : تطبيقات حُسن الخلق ، …

خطبة الجمعة القادمة 26 أبريل 2024م من الأرشيف : تطبيقات حسن الخلق ، بتاريخ 17 شوال 1445هـ – الموافق 19 أبريل 2024م

خطبة الجمعة القادمة 26 أبريل 2024م من الأرشيف : تطبيقات حسن الخلق

خطبة الجمعة القادمة خطبة الجمعة القادمة 26 أبريل 2024م من الأرشيف : تطبيقات حسن الخلق …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

Translate »