أخبار مهمةالخطبة المسموعةخطبة الأسبوعخطبة الجمعةخطبة الجمعة القادمة ، خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف المصرية مكتوبة word pdfعاجل

وزارة الأوقاف تعلن رسميا عن زاد الأئمة والخطباء.. لـ خطبة الجمعة القادمة : لله دَرُّكَ يا ابن عباس

لله دَرُّكَ يا ابن عباس ، بتاريخ 16 محرم 1447هـ ، الموافق 11 يوليو 2025م

زاد الأئمة : وزارة الأوقاف تعلن رسميا عن زاد الأئمة والخطباء.. الدليل الإرشادي لـ خطبة الجمعة القادمة حول : لله دَرُّكَ يا ابن عباس ، بتاريخ 16 محرم 1447هـ ، الموافق 11 يوليو 2025م.

ننشر زاد الأئمة والخطباء.. الدليل الإرشادي لخطب الجمعة القادمة : لله دَرُّكَ يا ابن عباس بصيغة pdf

 

الإصدار الثامن من سلسلة ” زاد الأئمة والخطباء: الدليل الإرشادي لخطب الجمعة”
استمراراً لما انتهجته وزارة الأوقاف مؤخراً من التيسير على السادة الأئمة والخطباء ودعماً لنماء زادهم العلمي والفكري والمعرفي نقدم هذا الإصدار من تلك السلسلة التي هي عبارة عن بحث موسع يجمع الشواهد والمعاني التي يمكن للخطيب أن يديم النظر فيها طوال الأسبوع، لتعينه على الإعداد الجيد لخطبته، وإتقان تناوله للموضوع، وزيادة عمقه وأصالته، وربط نصوص الشريعة بالواقع المعيش، حتى إذا صدرت الخطبة في موعدها المعتاد يوم الأربعاء من كل الأسبوع في صورتها النهائية المركزة المختصرة، يكون الخطيب قد هضم موضوعه وخالطه وعايشه، بما يحقق استيعاب الخطبة النهائية وأداءها على النحو المأمول.
وتهيب وزارة الأوقاف بكل أبنائها إلى التوسع في القراءة الواعية المستوعبة لكل ميادين الحياة واهتماماتها، وامتلاك الثقافة الواسعة التي تعينهم على أداء دورهم الديني الوطني على أكمل وجه.

 

ولقراءة زاد الأئمة والخطباء.. لـ خطبة الجمعة القادمة : لله دَرُّكَ يا ابن عباس ، كما يلي:

بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ

الخطبة الأولى: لله دَرُّكَ يا ابن عباس

الهدف المراد توصيله للجمهور: دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس رضي الله عنهما، ثم مناظرته لمن كفَّروا الناس، وكيف واجه التطرف في زمانه؟.

الخطبة الثانية: مفهوم الضمير

الهدف المراد توصيله للجمهور: مواجهة أزمة غياب الضمير

لِلَّــــــه دَرُّك يا ابـــــنَ عبـــــاس

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين؛ أما بعد:

فلقد كان دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لسيدنا عبد الله بن عباس رضي الله عنهما سببًا في فتح أبواب العلم، والفَهم، والحكمة، حتى صار نموذجًا للعلماء العاملين، وشاهدًا حيًّا على بركة دعاء النبي صلى الله عليه وسلم، وكيف يؤتي الله العلم لمن يشاء.

  • معنى “لِلَّــــــه دَرُّك”

عبارة “لله درك” من أساليب المديح والثناء في اللغة العربية، وهي تعبير قديم يُستخدم لإظهار الإعجاب بشخص ما، والثناء عليه لما أظهره من فضل أو شجاعة أو فصاحة أو علم أو غير ذلك من الصفات الحميدة.

  • سيدنا عبد الله بن عباس

هو سيدنا عبد الله بن العباس بن عبد المطلب، ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، يكنى أبا العباس، ولد قبل الهجرة بثلاث سنين، ولد في الشِّعْب الذي حوصر فيه بنو هاشم. أمه أم الفضل لُبَابة بنت الحارث الهلالية.

كان أبيضَ طويلًا جسيمًا وسيمًا صبيحَ الوجه، حج بالناس سنة قتل عثمان بأمر من عثمان، ولَّاه على البصرة، وحارب مع علي بن أبي طالب الجمل وصِفّين والنَّهْروان، وظل واليًا على البصرة حتى قُتل علي، فمضى إلى الحجاز، وكان يغشى الناسَ في رمضان وهو أميرُ البصرة فما ينقضي الشهر حتى يُفقههم.

ومات بالطائف سنة ثمان وستين، وكان من علماء الصحابة، حتى كان عمر يقدمه مع الأشياخ وهو شاب. [الإصابة في تمييز أسماء الصحابة].

  • مِن دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لسيدنا عبد الله بن عباس:

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَخَلَ الْخَلاَءَ فَوَضَعْتُ لَهُ وَضُوءًا. قَالَ: مَنْ وَضَعَ هَذَا؟ فَأُخْبِرَ، فَقَالَ: «اللَّهُمَّ فَقِّهْهُ فِي الدِّينِ». [البخاري]

وعنه قَالَ: ضَمَّنِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَالَ: «اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ الْكِتَابَ». وفي لفظ: علمه الحكمة. [البخاري]، وأخرجها البزار بلفظ: اللهم علمه تأويل القرآن، وعند أحمد والترمذي: «اللَّهُمَّ فَقِّهْهُ في الدِّينِ، وَعَلِّمْهُ التَّأْوِيلَ»،

وفي رواية ابن عمر عند البغوي في معجم الصحابة مسح رأسه وقال «اللهمّ فقّهه في الدينِ وعلّمْهُ التأويلَ».

وعند أحمد: «اللهم أعط ابن عباس الحكمة وعلمه التأويل».

وعند النسائي والترمذي: قال: «دعا لي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أوتى الحكمةَ مرتين».

وفي رواية: «اللهمّ علّمْهُ الحكمةَ وتأويلَ الكتابِ». [فتح الباري].

  • أثر هذه الدعوات:

وقد تحققت إجابته -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فقد كان ابن عباس بحر العلم وحبر الأمة ورئيس المفسرين وترجمان القرآن.

وكان ابنُ عباس من أعلم الصحابة بتفسير القرآن. روى أبو زرعة الدمشقي في تاريخه عن ابن عمر قال: هو أعلم الناس بما أنزل الله على محمد.

والفقه هو الفهم، والفهم فطنة يفهم بها صاحبها من الكلام ما يقترن به من قول أو فعل.

واختلف في المراد بالحكمة في دعوة ابن عباس؛ فقيل: القرآن وهو المراد بالكتاب الوارد في بعض الروايات أي: فهم المراد من آياته. وقيل: العمل بالقرآن. وقيل: السنة. وقيل: الإصابة في القول. وقيل: الخشية. وقيل: الفَهْم عن الله. وقيل: العقل. وقيل: ما يشهد العقل بصحته. وقيل: نور يُفرق به بين الإلهام والوسواس. وقيل: سرعة الجواب مع الإصابة. [فتح الباري].

  • من آثار علم وفقه وحكمة حبر الأمة:

لما خرج الناس على علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ذهب إليهم ابن عباس وحاورهم بمنتهى الحكمة والعلم، فرجع معه ٢٠٠٠ رجل بعد أن أقنعهم بالحجة.

لقد كانت فتنة المتطرفين الأوائل أن خرجوا على الإمام علي لما وافق على تحكيم الرجال حقنا لدماء المسلمين فكفروه ورفعوا شعارا أعلنوا به الفهم الأوحد لكتاب الله وأنهم الذين يمتلكونه فقط دون غيرهم من المسلمين؛ قالوا: ﴿إن الحكم إلا لله﴾!

عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما اجتمعت الخوارج في دارها، وهم ستة آلاف أو نحوها، قلت لعلي: يا أمير المؤمنين أبرد بالصلاة لعلِّي ألقى هؤلاء، فإني أخافهم عليك، قال: كلا، قال: فلبس ابن عباس حُلتين من أحسن الحلل، وكان جهيرا جميلا، قال: فأتيت القوم، فلما رأوني، قالوا: مرحبا بابن عباس وما هذه الـحُلة؟ قلت: وما تنكرون من ذلك؟ لقد رأيت على رسول الله صلى الله عليه وسلم حُلة من أحسن الحلل، قال: ثم تلوت عليهم: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ} [الأعراف: ٣٢]، قالوا: فما جاء بك؟ قلت: جئتكم من عند أمير المؤمنين، ومن عند أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أرى فيكم أحدا منهم، ولأبلغنكم ما قالوا، ولأبلغنهم ما تقولون، فما تنقمون على ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وخَتَنِه، وأول من آمن به، وأصحاب رسول الله معه؟

قالوا: ننقم عليه ثلاثاً، قال: وما هنّ؟

قالوا: أولهن أنه حكّم الرجال في دين الله، وقد قال الله: {إِنِ ٱلۡحُكۡمُ إِلَّا لِلَّهِۖ}، فما شأن الرجال والحكم بعد قول الله عز وجل. قلت: وماذا؟ قالوا: وقاتل ولم يَسْبِ ولم يغنم، لئن كانوا كفارًا لقد حلت له أموالهم، ولئن كانوا مؤمنين لقد حرمت عليه دماؤهم، قلت: وماذا؟ قالوا: محا نفسه من أمير المؤمنين، فإن لم يكن أمير المؤمنين فهو أمير الكافرين، قلت: أعندكم سوى هذا؟ قالوا: حسبنا هذا، قلت: أرأيتم إن قرأت عليكم من كتاب الله المحكم، وحدثتكم من سنة نبيه -صلى الله عليه وسلم- ما لا تنكرون وينقض قولكم أترجعون؟ قالوا: نعم.

قلت: أما قولكم: حكّم الرجال في دين الله، فإن الله تعالى يقول: {يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَقۡتُلُواْ ٱلصَّيۡدَ وَأَنتُمۡ حُرُمٞۚ} إلى قوله: {يَحۡكُمُ بِهِۦ ذَوَا عَدۡلٖ مِّنكُمۡ} [المائدة: ٩٥]، وقال في المرأة وزوجها: {وَإِنۡ خِفۡتُمۡ شِقَاقَ بَيۡنِهِمَا فَٱبۡعَثُواْ حَكَمٗا مِّنۡ أَهۡلِهِۦ وَحَكَمٗا مِّنۡ أَهۡلِهَآ} [النساء: ٣٥]، أنشدكم الله أَحُكم الرجال في حقن دمائهم وأنفسهم، وإصلاح ذات بينهم أحق، أم في أرنب ثمنها ربع درهم، وفي بضع امرأة، وأن تعلموا أن الله لو شاء لحكم ولم يصير ذلك إلى الرجال، قالوا: اللهم في حقن دمائهم، وإصلاح ذات بينهم، قلت: أخرجت من هذه؟ قالوا: اللهم نعم.

قلت: وأما قولكم قاتل ولم يَسْب ولم يغنم، أتسبون أمكم عائشة، أم تستحلون منها ما تستحلون من غيرها فقد كفرتم، وإن زعمتم أنها ليست أم المؤمنين فقد كفرتم وخرجتم من الإسلام، إن الله يقول: {ٱلنَّبِيُّ أَوۡلَىٰ بِٱلۡمُؤۡمِنِينَ مِنۡ أَنفُسِهِمۡۖ وَأَزۡوَٰجُهُۥٓ أُمَّهَٰتُهُمۡۗ} [الأحزاب: ٦] فأنتم مترددون بين ضلالتين، فاختاروا أيهما شئتم، أخرجت من هذه؛ فنظر بعضهم إلى بعض، قالوا: اللهم نعم.

قلت: وأما قولكم محا نفسه من أمير المؤمنين، فأنا آتيكم بما ترضون، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا قريشًا يوم الحديبية أن يكتب بينه وبينهم كتابًا فكاتب سهيل بن عمرو وأبا سفيان، فقال: اكتب يا علي هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله، فقالوا: والله لو كنا نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت، ولا قاتلناك، ولكن اكتب محمد بن عبد الله، فقال: والله إني لرسول الله حقًا وإن كذبتموني، اكتب يا على: محمد بن عبد الله، فرسول الله صلى الله عليه وسلم كان أفضل من علي رضي الله عنه، وما أخرجه من النبوة حين محا نفسه، أخرجت من هذه؛ قالوا: اللهم نعم. فرجع منهم ألفان، وبقي منهم أربعة آلاف فقتلوا على ضلالة) [رواه البيهقي والحاكم].

لله درك يا بن عباس! لقد وضعت لنا قواعد راسخة ما زلنا نتعلم منها لمجابهة كل فكر متطرف يخرج ليلبس الحق بالباطل:

  • القاعدة الأولى: المبادرة لتفنيد الفكر المتطرف بعد الرصد والمتابعة

وقد ظهر هذا جليا في سعي سيدنا عبدالله بن عباس إليهم دون انتظاره أن يسألوه، وهو ما يجب أن تقوم به المؤسسات والعلماء والباحثون في زماننا بالمبادرة وتتبع ورصد ما يثار من أفكار لتفنيدها، وعدم الانتظار حتى تنتشر وتقوى وتجابه الحق وتلبس على الناس دينهم.

وهو ما كان يفعله النبي صلى الله عليه وسلم وعلمه أصحابه رضوان الله عليهم، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: بينما النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يخطُبُ إذا هو برجُلٍ قائمٍ في الشَّمْسِ، فسأَل عنه، قالوا: هذا أبو إسرائيلَ نذَر أن يقومَ ولا يقعُدَ ولا يستظِلَّ ولا يتكلَّمَ ويصومَ، قال: «مُرُوهُ فليتكلَّمْ وليستظِلَّ وليقعُدْ وليُتِمَّ صومَه» [رواه البخاري].

فقد رصد النبي حالة الرجل العجيبة، فجمع المعلومات عنه ثم بادر بتصحيح أخطائه حتى لا يتمادى أو يفتن به أحد من الناس فيفعل مثل فعله.

  • القاعدة الثانية: حسن اختيار المدخل لمناقشة المتطرفين

وجاء هذا المدخل بلفت انتباههم لمّا لبس حُلتين من أجود حُلل اليمن، فظهر أمامهم بأبهى مظهر، وهذا تصرف حكيم منه رضي الله عنه؛ لأنهم كانوا يرفعون شعارات التقشف ويظهرون الزهد في الدنيا ويشقون على أنفسهم، فاستفزَّ سيدنا عبدالله بن عباس فيهم ما يحرك عندهم الفكر ويدعوهم للتأمل، ويستثير فيهم الحس الجمالي والذوق حتى يتدرج للفكر وطرائق الفهم والنظر.

فإن أصحاب الكهف على ما كان بهم من حال بعثهم من رقاد استمر ثلاثمائة سنة وتسع سنوات، إلا أنهم جُبلوا على الرقي والذوق الرفيع، فقد طلبوا الطعام الأزكى رغم كل هذا، قال تعالى: {فَلۡيَنظُرۡ أَيُّهَآ أَزۡكَىٰ طَعَامٗا فَلۡيَأۡتِكُم بِرِزۡقٖ مِّنۡهُ وَلۡيَتَلَطَّفۡ وَلَا يُشۡعِرَنَّ بِكُمۡ أَحَدًا} [الكهف: ١٩].

وقد نجح هذا المدخلُ معهم فاستثار فيهم السؤال عن مظهره، قال: “فلما نظروا إليَّ قالوا: مرحبا مرحبا يا ابن عباس، فما هذه الـحُلة؟! قال قلت: وما تنكرون من ذلك؟، لقد رأيت على رسول الله – صلى الله عليه وسلم – من أحسن الحلل، قال: ثم تلوت عليهم: {قُلۡ مَنۡ حَرَّمَ زِينَةَ ٱللَّهِ ٱلَّتِيٓ أَخۡرَجَ لِعِبَادِهِۦ} [الأعراف: ٣٢].

إن من مظاهر المتطرفين ضعفَ الذوق أو انعدامه، وفهم الدين على أنه مظاهر وتعذيب للنفس وحرمانها من المباحات التي أحلها الله تعالى لها، وهو ما فَطِن إليه ابن عباس حبر الأمة وترجمان القرآن كما وصفه النبي صلى الله عليه وسلم.

  • القاعدة الثالثة: إظهار مواضع القوة في المنهج المعتدل

وهذا ما قام به سيدنا عبدالله بن عباس لما بين عوارَ منهجهم وما ذهبوا إليه، وبين قوة منهجه بقوله: “جئتكم من عند أمير المؤمنين، ومن عند أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن عند المهاجرين والأنصار، ولا أرى فيكم أحد منهم، وعليهم نزل القرآن فهم أعلم بتأويله منكم، وليس فيكم منهم أحد”

وهي قاعدة هامة في مواجهة التيارات المتطرفة اليوم، حيث يخرجون على فهم الأمة سلفا وخلفا مستأثرين بأحادية فهمهم، فهم يرفضون في زماننا اتباع مناهج علماء الأمة في فهم الكتاب والسنة، ويقولون: مذهبنا أن نرجع للكتاب والسنة مباشرة! يضربون بذلك عُرض الحائط بجموع علماء الأمة ومناهجهم العلمية في فهم الكتاب والسنة، ويظنون أنهم وحدهم يمتلكون الفهم المباشر للكتاب والسنة.

  • القاعدة الرابعة: حصر المقولات المركزية التي تتبناها التيارات المتطرفة

فقد سأل ابن عباس الخوارج عن سبب نقمتهم على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، قال: “ما تنقمون على ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وختنِه، وأول من آمن به، وأصحاب رسول الله معه؟” فقد دفعهم لحصر مقولاتهم المركزية ورؤوس قضاياهم التي دفعتهم لما هم عليه، ثم أغلق عليهم باب التشعب بعد أن ذكروها، فقال لهم: “هل غير هذا؟ قالو: حسبنا هذا””، ثم بدأ يفندها واحدة تلو الأخرى ويستنطقهم بعد كل قضية يفندها لهم، فيقول لهم: “أخرجت من هذه؟، فيقولون: اللهم نعم”.

إن التيارات المتطرفة تسلك في كل زمان نفس مسلك الخوارج الأُول في فهمهم الأحادي لكتاب الله تعالى، وخروجهم على الأمة وادعائهم امتلاك الحق المطلق. ولو تمكن هؤلاء من الخلق؛ لعاثوا في الأرض فساداً، وباتوا سيفًا مسلطاً على رقاب الخلق.

قال وَهْب بن مُنَبِّه: “وَلَوْ مَكَّنَ اللهُ لَهُم مِنْ رَأْيِهِم، لَفَسَدَتِ الأَرْضُ، وَقُطِعَتِ السُّبُلُ وَالحَجُّ، وَلَعَادَ أَمْرُ الإِسْلاَمِ جَاهِلِيَّةً، وَإِذاً لَقَامَ جَمَاعَةٌ كُلٌّ مِنْهُم يَدْعُو إِلَى نَفْسِهِ الخِلاَفَةَ، مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُم أَكْثَرُ مِنْ عَشْرَةِ آلاَفٍ، يُقَاتِلُ بَعْضُهُم بَعْضاً، وَيَشْهَدُ بَعْضُهُم عَلَى بَعْضٍ بِالكُفْرِ، حَتَّى يُصْبِحَ المُؤْمِنُ خَائِفاً عَلَى نَفْسِهِ وَدِيْنِهِ وَدَمِهِ وَأَهْلِهِ وَمَالِهِ، لاَ يَدْرِي مَعَ مَنْ يَكُوْنُ” [سير أعلام النبلاء].

وإذا كان سيدنا عبدالله بن عباس رضي الله عنه قد واجه الخوارج الأول، فإن منهجه ما زال بيننا وقد نهل منه العلماء وفرعوا منه حسب احتياجات كل عصر وكل ظرف.

  • دروس من مناظرة سيدنا عبدالله بن عباس:

إن قصة سيدنا عبدالله بن عباس ودعاء النبي صلى الله عليه وسلم له، ومناظرته للخوارج، تحمل في طياتها دروساً عظيمة لنا. فهي تؤكد على أهمية رعاية الأجيال الناشئة، والاهتمام بتعليمهم وتربيتهم على الفقه في الدين، كما تؤكد على أن العلم والحجة هما السبيل الأمثل لمواجهة الشبهات والانحرافات الفكرية. فلنحرص على أن نكون خير خلف لخير سلف، وأن نقتدي بنبينا صلى الله عليه وسلم في اهتمامه بالعلم والعلماء؛ لنُسْهم في بناء أمة قوية راسخة على أساس العلم والإيمان.

  • صفات الخوارج

هذه الصفات مأخوذة من الأحاديث النبوية الشريفة، والآثار عن الصحابة والسلف رضي الله عنهم

١- تكفير مخالفيهم من أهل الإسلام.  ٢- تكفير مرتكب الكبيرة.  ٣- الخروج على الحاكم المسلم اذا جار.

٤- يقتلون أهل الإسلام. ٥- يدَعون أهل الأوثان.  ٦- عدم توقير النبي صلى الله عليه وسلم.  ٧-تتبع ما تشابه من القرآن.

٨- تشبيه الله بخلقه.   ٩- حدثاء الأسنان.   ١٠- سفهاء الأحلام والعقول.  ١١- الفهم الأعوج للدين.

١٢- سيماهم التحليق أي: حلق الرؤوس.  ١٣- استمرار خروجهم الى آخر الزمان.   ١٤- إنكار الدجال، ولذا يقاتلون مع الدجال آخر الزمان.

 ١٥- المروق من الدين باسم الدين.   ١٦- احتقار أعمال المسلمين.  ١٧- استعظامهم لأعمالهم.  ١٨- يخرجون في وقت فرقة المسلمين. 

١٩- التشدد والتنطع والغلو.    ٢٠- الغلظة والعنف في التعامل. ٢١- يحسنون القول ويسيئون العمل.

٢٢- اهتمامهم بتلاوة القرآن دون العمل به.  ٢٣- البغضاء في قولهم وفعلهم.   ٢٤- يحملون آيات الكافرين على المسلمين.

٢٥- إعجابهم بأنفسهم.   ٢٦- يريدون الباطل بكلمة الحق.  ٢٧- استحلال الدماء المعصومة. ٢٨- الجرأة في دين الله بجهل.

 ٢٩- خروجهم عن السواد الأعظم من المسلمين.  ٣٠- معاداتهم لعلي رضي الله عنه وأهل بيته. ٣١- معاداتهم الصحابة.     

٣٢- كثرة العبادة مع الاغترار والكبر.  ٣٣- الانتقائية في الأخذ بالشريعة.

  • إجراءات عملية لمواجهة التطرف
  • سؤال المتخصصين

قال تعالى: {وَلَوۡ رَدُّوهُ إِلَى ٱلرَّسُولِ وَإِلَىٰٓ أُوْلِي ٱلۡأَمۡرِ مِنۡهُمۡ لَعَلِمَهُ ٱلَّذِينَ يَسۡتَنۢبِطُونَهُۥ مِنۡهُمۡۗ} [النساء: ٨٣]، وقال تعالى: {فَسۡـَٔلُوٓاْ أَهۡلَ ٱلذِّكۡرِ إِن كُنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ} [النحل: ٤٣].

وعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قال: سُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الْقُرْآنَ لَمْ يَنْزِلْ يُكَذِّبُ بَعْضُهُ بَعْضًا، بَلْ يُصَدِّقُ بَعْضُهُ بَعْضًا، فَمَا عَرَفْتُمْ مِنْهُ، فَاعْمَلُوا بِهِ، وَمَا جَهِلْتُمْ مِنْهُ، فَرُدُّوهُ إِلَى عَالِمِهِ» [رواه أحمد].

قال حجة الإسلام الغزالي: “والعامي يَفْرَحُ بِالْخَوْضِ فِي الْعِلْمِ؛ إِذِ الشَّيْطَانُ يُخَيِّلُ إليه أنك مِنَ الْعُلَمَاءِ، وَأَهْلِ الْفَضْلِ، وَلَا يَزَالُ يُحَبِّبُ إليه ذلك حتى يتكلم في العلم بما هو كفر وهو لا يدري، وكل كبيرة يرتكبها العامي فهي أسلم له من أن يتكلم في العلم لا سيما فيما يتعلق بالله وصفاته”. [إحياء علوم الدين].

  • تواجد المؤسسات الدينية على شبكات التواصل الاجتماعي

وذلك بملء مساحة منصات التواصل الاجتماعي بالوعي والعلم الصحيح، وإعادة تشغيل مصانع الحضارة في عقل الإنسان المسلم بحيث يُحَول آيات القرآن الكريم إلى مراصد فلكية، ومدارس تعليم لرعاية الإنسان، ومنهج سيدنا عبدالله بن عباس يعلمنا كيف يستعمل هؤلاء نصوص الوحيين في غير موضوعهما خاصة مع الشباب والسذج من العوام، حيث استدل الخوارج على ترك السماع منه رضي الله عنهما؛ لأنه قريشي، واللهَ يَقُولُ عن قريش: {بَل هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ} [الزخرف: ٥٨]، [رواه البيهقي في السنن الكبرى]، فالآية نازلة في “مشركي قريش” الذين خاصموا النبي – صلى الله عليه وسلم- بالباطل، وابن عباس إنما جاء ليردهم إلى حظيرة الإسلام، وآلية الرد عنده “الكتاب والسنة”، فكيف يُسقطون هذه الآية عليه؟!

  • عدم الاغترار بصلاح السمت أو الحال

فالدين مبناه على العلم والفهم والعمل جميعاً لا العمل فحسب كما هو سمة “الخوارج”؛ فسيدنا عبدالله بن عباس قال عنهم: “لَمْ أَرَ قَوْمًا قَطُّ أَشَدَّ اجْتِهَادًا مِنْهُمْ، أَيْدِيهِمْ كَأَنَّهَا ثَفِنُ الْإِبِلِ – يابسة من العمل، وثفن الإبل ركبها وما يلاقي منها الأرض عند ركوبها، فتغلظ وتخشن-، وَوُجُوهُهُمْ مُعَلَّبَةٌ مِنْ آثَارِ السُّجُودِ” [رواه الطبراني في “المعجم الكبير”]، وكما قال صلى الله عليه وسلم: «قَوْمٌ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ رَطْبًا، لاَ يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ» [رواه البخاري].

الخطبة الثانية (مفهوم الضمير)

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين؛ وبعد:

إن الضمير الحيّ هو أساس الأمانة، وإذا مات الضمير، هلكت القلوب، وضاعت الحقوق، وانتشر الفساد، وتفكك المجتمع.
قال الله تعالى: {إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَيۡكُمۡ رَقِيبٗا} [النساء: ١]؛ أي: راقبوا الله في أعمالكم، فهو مُطّلع على الضمائر والسرائر. وقال: {مَّا يَلۡفِظُ مِن قَوۡلٍ إِلَّا لَدَيۡهِ رَقِيبٌ عَتِيدٞ} [ق: ١٨].

وقال صلى الله عليه وسلم: «أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ، كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ». [متفق عليه].

وقال: «اتَّقِ اللَّهَ حَيْثُمَا كُنْتَ». [رواه الترمذي وحسّنه].

وقال: «إنّ اللهَ يحبُّ إذا عَمِل أحدُكُمْ عَمَلًا أن يُتْقِنَهُ» [رواه البيهقي].

  • مواجهة أزمة غياب الضمير

إن عدم الإخلاص في العمل وانعدام الضمير مشكلة مجتمع؛ وتزداد هذه المشكلة كلما زادت الأنانية حين يصبح الإنسان على استعداد أن يفعل أيّ شيء من أجل مصلحته الشخصية، مما يعود بالسلب على المجتمع بأكمله؛ فيعوق مسيرة التنمية ويؤثر على حياة الآخرين.

  • نماذج سلبية من الواقع تدل على انعدام الضمير في العمل:

– حاث انفجار خط الغاز: فقد جاء الحادث نتيجة قيام إحدى شركات المقاولات بأعمال حفر دون تنسيق مسبق مع شركة الغاز الطبيعي، مما تسبب في وقوع عدة إصابات وَوَفَيَات وخسائر بالممتلكات.

– المعلم الذي لا يشرح بضمير: يدخل الفصل متأخرًا، يشرح بلا اهتمام، أو يعتمد على الدروس الخصوصية فقط.

– الطبيب الذي يُهمل في تشخيص المرضى: يتعامل بلا مبالاة، أو يطلب تحاليل وأدوية غير ضرورية لمجرد الربح. وقد يكون سببًا في ضياع أرواح.

– الموظف الذي لا يلتزم بوقته أو يتقاعس: يترك مكتبه، أو يتعامل بجفاء مع الناس، أو يتعمد تعطيل المصلحة.

– الصانع أو العامل الذي يُسلّم عملاً رديئًا: يأخذ الأجرة، ويُفسد البناء أو يُنقص الجودة.

 مراجع للاستزادة:

–  إحياء علوم الدين، حجة الإسلام الغزالي.

– الإصابة في تمييز أسماء الصحابة، الحافظ ابن حجر.

– الحق المبين في الرد على من تلاعب بالدين، د. أسامة الأزهري.

 

 

 _____________________________________

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

وللإطلاع علي قسم خطبة الجمعة

 

تابعنا علي الفيس بوك

 

الخطبة المسموعة علي اليوتيوب

 

وللإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات

 

للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

وللمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

اظهر المزيد

كتب: د.أحمد رمضان

الدكتور أحمد رمضان حاصل علي الماجستير من جامعة الأزهر بتقدير ممتاز سنة 2005م ، وحاصل علي الدكتوراه بتقدير مع مرتبة الشرف الأولي من جامعة الأزهر الشريف سنة 2017م. مؤسس جريدة صوت الدعاة ورئيس التحرير وكاتب الأخبار والمقالات المهمة بالجريدة، ويعمل بالجريدة منذ 2013 إلي اليوم. حاصل علي دورة التميز الصحفي، وقام بتدريب عدد من الصحفيين بالجريدة. للتواصل مع رئيس التحرير على الإيميل التالي: ahmed_dr.ahmed@yahoo.com رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) للمزيد عن الدكتور أحمد رمضان رئيس التحرير أضغط في القائمة علي رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

زر الذهاب إلى الأعلى