أخبار مهمةالأوقافعاجل

وزارة الأوقاف : ثورة ٣٠ يونيو بداية التطهير والتعمير

تعتبر ثورة ٣٠ يونيو نقطة التحول التي دونها المصريون في سجلات الكرامة، والعزة والشرف، حيث سطروا بأحرف من نور في كتب التاريخ أنهم شعب لا يعرف المستحيل، ولذلك وصف الخبراء الاستراتيجيون هذه الثورة بأنها: “ثورة الإنقاذ”؛ لأنها رسمت مسارًا جديدًا؛ للعمل الوطني المصري الخالص؛ لتنطلق مسيرة البناء والتنمية الحديثة على كافة الأصعدة، والمستويات، استنادًا إلى دعائم قوية، وأسس متينة، تتمثل في حالة التلاحم الشعبي، والاصطفاف الوطني خلف القيادة المصرية؛ لمجابهة كافة التحديات، ومن أهمها “محاربة الإرهاب”، والخلايا التكفيرية في أرض سيناء، واستعادة السيطرة الكاملة على ترابها المبارك، ثم العمل على تنميتها، وتطويرها، وتأمينها بما لا يجعلها مطمعًا لأحد، ولا مغنمًا لمعتدٍ.

تفاصيل المحتوى

  • الموقع الاستراتيجي لسيناء (مفتاح السيطرة عبر العصور)
  • رؤية الجماعات الإرهابيّة لأرض سيناء
  • ثورة ٣٠ يونيو، وتطهير سيناء
  • ثورة ٣٠ يونيو، وبداية التنمية في سيناء
  • الرؤية المستقبلية للدولة المصرية في سيناء
  • الخاتمة

الموقع الاستراتيجي لسيناء (مفتاح السيطرة عبر العصور)

تمتلك سيناء موقعًا استراتيجيًّا فريدًا جعلها على مر العصور، مسرحًا للصراعات، ومفتاحًا للسيطرة الإقليمية والدولية، فهي الجسر البري الذي يربط قارتي آسيا وإفريقيا، ونقطة التقاء البحر الأبيض المتوسط بالبحر الأحمر عبر قناة السويس.

هذا الموقع جعل من شبه جزيرة سيناء ممرًا حيويًّا للتجارة العالمية، وشريانًا رئيسًا للاتصالات والتبادلات الثقافية، فمنذ آلاف السنين عبرت الجيوش والغزاة سيناء في طريقهم للسيطرة على الشرق الأوسط، وشمال إفريقيا، تاركين وراءهم آثارًا وشواهد على حقب تاريخية متعاقبة.

وفي العصر الحديث ازدادت أهمية سيناء الاستراتيجية، بشكل كبير مع حفر قناة السويس، التي أصبحت أحد أهم الممرات الملاحية في العالم، ويضاف لذلك ثرواتها الطبيعية من معادن ومحاجر، ومورد محتمل للطاقة، كل ذلك يضيف إلى وزنها الجيوسياسي.

فالسيطرة على سيناء تعني: السيطرة على خطوط الملاحة الدولية، وتأمين الحدود، والتحكم في مفاصل الاقتصاد العالمي؛ لذا لم يكن غريبًا أن تكون محط أنظار القوى الكبرى، وساحة للعديد من الحروب والصراعات في القرن العشرين.

 

 رؤية الجماعات الإرهابيّة لأرض سيناء

لم تكن سيناء- بموقعها الاستراتيجي- بعيدًا عن أعين الجماعات الإرهابية، ومحط أنظارها، خاصة خلال فترة حكم الإخوان المسلمين (الجماعة الإرهابية) لمصر عام ٢٠١٣م، وذلك لعدة أسباب، منها:

– الفراغ الأمني، وعدم الاستقرار: بعد ثورة يناير ٢٠١١م – وما تبعها من ضعف سيطرة الدولة خاصة في المناطق الحدودية مثل: سيناء – وجدت الجماعات المتطرفة بيئة خصبة للنمو والنشاط، وازداد هذا الوضع خلال حكم الإخوان، حيث كانت هناك تحديات أمنية كبيرة، واضطراب عام في البلاد، مما أتاح لهذه الجماعات مساحة أكبر للحركة، والانتشار.

– طبيعة سيناء الجغرافية: تتميز سيناء بوعورة تضاريسها، ووجود مناطق جبلية، وصحراوية، يصعب السيطرة عليها بشكل كامل، مما يوفر ملاذًا آمنًا لهذه الجماعات؛ للتدريب، والتخطيط لعملياتها، كما أن قربها من الحدود الدولية – خاصة قطاع غزة، وإسرائيل – يسهل عمليات التهريب، وتسلل المقاتلين.

– العوامل الاجتماعية والاقتصادية: تعاني سيناء منذ فترة طويلة من التهميش التنموي، والبطالة والفقر، مما يخلق حالة من الاستياء واليأس لدى بعض الشباب، فيجعلهم عرضة؛ للاستقطاب من قبل الجماعات المتطرفة، التي تقدم لهم وعودًا أو بديلًا للوضع الراهن.

– الأهداف الأيديولوجية: تسعى الجماعات المتطرفة إلى إقامة إمارة إسلامية، وتطبيق أفكارها المتشددة، وقد رأت في سيناء منطقة مثالية؛ لتحقيق هذه الأهداف؛ نظرًا لظروفها الأمنية، والجغرافية.

 

 ثورة ٣٠ يونيو، وتطهير سيناء

شهدت مصر في الثلاثين من يونيو عام ٢٠١٣م، ثورة شعبية حاشدة، عكست إرادة المصريين في تصحيح المسار، واستعادة الدولة لمؤسساتها، وتحقيق الأمن والاستقرار، وعلى رأس ذلك تطهير سيناء من براثن الإرهاب، والتطرف.

وقد شهدت أرض سيناء نشاطًا واسعًا لبعض الجماعات المتطرفة سنة حكم الجماعة الإرهابية لمصر، إلا أن الأمر ازداد بشكل كبير بعد ثورة الثلاثين من يونيو، حيث استغلت هذه الجماعات حالة الفوضى، وعدم الاستقرار؛ لتعزيز وجودها، وشن هجمات إرهابية، متواصلة ضد المدنيين، وقوات الأمن.

وقد أدركت القيادة المصرية- بواسع رؤيتها، وثاقب نظرها- أن تطهير سيناء من الإرهاب، هو معركة وجودية لا يمكن التهاون فيها، وأن أمن مصر القومي، مرتبط ارتباطًا وثيقًا بأمن هذه البقعة الغالية من أرض الوطن، فانطلقت عمليات عسكرية واسعة النطاق، حملت أسماء مختلفة، مثل: (حق الشهيد) و (العملية الشاملة سيناء ٢٠١٨م) شاركت فيها كافة أفرع القوات المسلحة بالتعاون مع الشرطة المصرية، وكانت هذه العمليات تهدف إلى استئصال جذور الإرهاب، وتدمير بنيته التحتية، وتجفيف منابع تمويله، بالإضافة إلى تأمين الحدود، وفرض السيطرة الكاملة على كافة ربوع شبه جزيرة سيناء المباركة.

لقد قدمت القوات المسلحة، والشرطة المصرية تضحيات جسيمة في هذه المعارك، وسالت فيها دماء طاهرة من أبناء مصر البررة – من أفراد الجيش والشرطة – فداءً للوطن، قدرت بعض الإحصائيات عددهم بما يزيد على “ألفي” شهيدٍ، قال الله سبحانه وتعالى {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ ‌أَحْيَاءٌ ‌عِنْدَ ‌رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ} [آل عمران: ١٦٩-١٧١].

إن ثورة٣٠ يونيو، وعمليات تطهير سيناء، تمثلان صفحة مشرقة في تاريخ مصر الحديث، صفحة كتبت بدماء الشهداء، وتضحيات الأبطال، وتؤكد أن إرادة الشعب المصري، قادرة على مواجهة التحديات، وتحقيق المستحيل بعزيمة أبنائها الشجعان.

 

 ثورة ٣٠ يونيو، وبداية التنمية في سيناء

أدركتِ الدولة المصرية – بعد ثورة الثلاثين من يونيو- أهمية التنمية الشاملة، والمتكاملة لسيناء الحبيبة، ليس فقط لتعزيز استقرارها الأمني في مواجهة التحديات الإرهابية التي واجهتها المنطقة، بل لتحويلها إلى قاطرة للتنمية الاقتصادية، والاجتماعية، وقد تُرجم هذا الإدراك إلى رؤية استراتيجية طموحة، ومشاريع ضخمة تهدف إلى دمج سيناء بشكل كامل في نسيج الدولة المصرية، وقد تركزت خطة الدولة المصرية؛ لتنمية سيناء بعد الثلاثين من يونيو على ثلاثة محاور رئيسة متكاملة هي:

المحور الأول: التنمية العمرانية:

 وتهدف إلى بناء مجتمعات حضرية جديدة، وتطوير المدن القائمة؛ لتوفير حياة كريمة للمواطنين، وجذب المزيد من السكان، ومن أهم المدن الجديدة في شبه جزيرة سيناء بعد ثورة يونيو مدينة رفح الجديدة، ومدينة الإسماعيلية الجديدة، وإقامة آلاف الوحدات السكنية في مختلف مدن وقرى سيناء، مع توفير كافة الخدمات، والمرافق اللازمة.

كما تُوْلِي الدولة المصرية اهتمامًا كبيرًا بالتوسع في استصلاح الأراضي الزراعية في سيناء، مستفيدة من مشاريع المياه الضخمة، مثل: ترعة السلام، ومحطة معالجة بحر البقر، بهدف زيادة الرقعة الزراعية، وتوفير فرص عمل جديدة، كما تسعى إلى إنشاء تجمعات زراعية متكاملة، توفر فيها السكن، والخدمات للمزارعين، مما يشجع على الاستقرار، وزيادة الإنتاج الزراعي.

المحور الثاني: تحسين مستوى الخدمات الاجتماعية، ومن أهمها:

– البنية التحتية والمرافق: تم تنفيذ عدد كبير من محطات تحلية مياه البحر، ومعالجة مياه الصرف الزراعي، والصحي، ومنها: محطة معالجة مصرف بحر البقر، والتي تسهم في استصلاح مئات الآلاف من الأفدنة.

وشهدت سيناء بعد ثورة الثلاثين من يونيو تطوير شبكة طرق، وأنفاق ضخمة؛ لربطها بالوادي والدلتا، وتسهيل حركة الأفراد والبضائع، ومن أبرز هذه المشروعات: أنفاق قناة السويس (أنفاق تحيا مصر) التي أحدثت نقلة نوعية في ربط شرق القناة بغربها، وطريق العين السخنة – الزعفرانة، وطريق النفق – شرم الشيخ، وطريق الإسماعيلية – العوجة.

كذلك تم تعزيز قدرة الشبكة الكهربائية؛ وذلك بإنشاء محطات كهرباء جديدة؛ لتلبية احتياجات التنمية المتزايدة في المنطقة.

 – التعليم: شهد قطاع التعليم طفرة كبيرة؛ وذلك بإنشاء مدارس جديدة، وتطوير المدارس القديمة، وبناء مدارس متقدمة، مثل: المدارس المصرية اليابانية، ومدارس اللغات، والتعليم الفني، كما تم إنشاء جامعات جديدة – حكومية وأهلية – بالإضافة إلى جامعتي سيناء الخاصة وقناة السويس فرع العريش؛ لتصبح سيناء مركزًا تعليميًا، وبحثيًا هامًا.

– الصحة: وفي هذا الصدد تم تنفيذ المبادرات الصحية الرئاسية، وتطوير المستشفيات، والوحدات الصحية؛ لتقديم رعاية صحية متكاملة للمواطنين.

المحور الثالث: التنمية الاقتصادية، وجذب الاستثمارات:

– دعم وتمكين الشباب، والمرأة: بتوفير فرص العمل، وتمويل المشروعات الصغيرة، ومتناهية الصغر للشباب، وتقديم دورات تدريبية؛ لتأهيلهم لسوق العمل.

– تعزيز الأنشطة الاقتصادية المختلفة، مثل: الزراعة، والصناعة، والتجارة، والسياحة.

– تطوير المناطق السياحية، خاصة في مناطق الشيخ زويد، ورفح، وغرب العريش.

– الاهتمام بالمشاريع التراثية: كإحياء مسار العائلة المقدسة، ومشروع التجلي الأعظم في سانت كاترين، بهدف جذب السياحة الدينية، والثقافية.

 

 الرؤية المستقبلية للدولة المصرية في سيناء

إن جهود الدولة المصرية في تنمية سيناء بعد ثورة ٣٠ يونيو تعكس إيمانًا عميقًا بأهمية هذه الأرض المباركة، ورؤية استراتيجية واضحة؛ لتحويلها من منطقة واجهت تحديات أمنية إلى نموذج للتنمية الشاملة، والمستدامة.

وتنبع هذه الرؤية من إيمان الدولة المصرية أن تنمية سيناء هي معركة لا تقل أهمية عن مكافحة الإرهاب، وأن التنمية هي السلاح الحقيقي؛ لضمان عدم عودة الإرهاب مرة أخرى، وتسعى الخطة الاستراتيجية التي تتطلع إليها الدولة المصرية في سيناء إلى زيادة الكثافة السكانية فيها من خلال إيجاد بيئة جاذبة للاستثمار، والسكن، والعمل.

 

 الخاتمة

سيناء دائمًا في القلب، والعقل للشعب المصري، والقيادة السياسية، ولا يمكن بحال أن نتخلى عن ذرة منها، وقد عانت سيناء كثيرًا من التهميش، والإهمال، مما جعلها مرتعًا للجماعات الخارجة، والعناصر التكفيرية، خاصة في ظل حكم الجماعة الإرهابية لمصر سنة ٢٠١٣م، حتى أذن الله – تعالى- بميلاد فجر جديد، فكانت ثورة الثلاثين من يونيو ثورة تصحيح لأوضاع فاسدة، وقضاء على فكر بائد عَفِنٍ، ونهاية لجماعة إرهابية، طالما سعت لهدم الدولة، وضياع تاريخها، وحضارتها، وقد تغيرت الأحوال للأفضل في سيناء بعد ثورة الثلاثين، فكانت بداية للتطهير، والبناء والتعمير.

اظهر المزيد

كتب: د.أحمد رمضان

الدكتور أحمد رمضان حاصل علي الماجستير من جامعة الأزهر بتقدير ممتاز سنة 2005م ، وحاصل علي الدكتوراه بتقدير مع مرتبة الشرف الأولي من جامعة الأزهر الشريف سنة 2017م. مؤسس جريدة صوت الدعاة ورئيس التحرير وكاتب الأخبار والمقالات المهمة بالجريدة، ويعمل بالجريدة منذ 2013 إلي اليوم. حاصل علي دورة التميز الصحفي، وقام بتدريب عدد من الصحفيين بالجريدة. للتواصل مع رئيس التحرير على الإيميل التالي: ahmed_dr.ahmed@yahoo.com رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) للمزيد عن الدكتور أحمد رمضان رئيس التحرير أضغط في القائمة علي رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

زر الذهاب إلى الأعلى