أخبار مهمةالخطبة المسموعةخطبة الأسبوعخطبة الجمعةخطبة الجمعة القادمة ، خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف المصرية مكتوبة word pdfعاجل

خطبة الجمعة القادمة بعنوان : إذا اردت السلامة من غيرك فاطلبها في سلامة غيرك منك (3)، لـ صوت الدعاة

خطبة الجمعة القادمة بعنوان : إذا اردت السلامة من غيرك فاطلبها في سلامة غيرك منك (3)، لـ صوت الدعاة ، بتاريخ 24 ذو الحجة 1446هـ ، الموافق 20 يونيو 2025م.

لتحميل خطبة الجمعة اليوم لصوت الدعاة 20 يونيو 2025 بصيغة word بعنوان: إذا اردت السلامة من غيرك فاطلبها في سلامة غيرك منك (3)، بصيغة word

ولتحميل خطبة الجمعة القادمة لصوت الدعاة 20 يونيو 2025 بصيغة pdf بعنوان : إذا اردت السلامة من غيرك فاطلبها في سلامة غيرك منك (3) pdf

عناصر خطبة الجمعة القادمة 20 يونيو 2025 بعنوان : إذا اردت السلامة من غيرك فاطلبها في سلامة غيرك منك (3) ، كما يلي:

 

العنصر الأول: الإِسْلَامُ يَضْمَنُ الْخُصُوصِيَّةِ

العنصر الثاني: الحثُّ على سَتْر العيوب والبعد عن الإيذاء

العنصر الثالث: قِصَصٌ ومواقف مِنْ حَيَاةِ السَّلَفِ فِي حِفْظِ الخُصُوصِيَّةِ وَكَفِّ الْأَذَى

العنصر الرابع: دَوْرُ وَسَائِلِ التَّوَاصُلِ فِي هدم الحَيَاةِ الشَّخْصِيَّةِ

 

ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 20 يونيو 2025 بعنوان : إذا اردت السلامة من غيرك فاطلبها في سلامة غيرك منك (3)، كما يلي:

 إذا اردت السلامة من غيرك فاطلبها في سلامة غيرك منك (3)

24 ذو الحجة 1446هـ – 20 يونيو 2025م

صوت الدعاة

المـــوضــــــــــوع

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ الإِنْسَانَ، وَفَضَّلَهُ بِالْعَقْلِ وَالْكَرَامَةِ، وَجَعَلَ لَهُ حُرُمَاتٍ لَا تُنْتَهَكُ، وَسِتْرًا لَا يُكْشَفُ، وَحَيَاةً خَاصَّةً لَا تنتهك، نَحْمَدُهُ حَمْدًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ، وَنَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، أَمَرَ بِالسِّتْرِ وَنَهَى عَنِ التَّجَسُّسِ، وَأَثْنَى عَلَى الْمُؤْمِنِ الَّذِي يَحْفَظُ لِغَيْرِهِ حُرُمَاتِهِ.

وَنَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَنَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، نَهَى عَنِ التَّطَفُّلِ، اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَمَنْ سَارَ عَلَى نَهْجِهِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

أَمَّا بَعْدُ

العنصر الأول من خطبة الجمعة القادمة بعنوان : إذا اردت السلامة من غيرك فاطلبها في سلامة غيرك منك (3)، لـ صوت الدعاة

العنصر الأول: الإِسْلَامُ يَضْمَنُ الْخُصُوصِيَّةِ

إِنَّ الإِسْلَامَ جَاءَ لِيَضْمَنَ لِكُلِّ إِنْسَانٍ حَقَّهُ فِي السَّتْرِ وَالسَّكِينَةِ وَالْكَرَامَةِ، فَحَفِظَ لَهُ خُصُوصِيَّتَهُ وَصَانَ عِرْضَهُ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا﴾ [النور: 27]، فَالْآيَةُ تُؤَسِّسُ لِمَبْدَإِ عَظِيمٍ فِي حِفْظِ خُصُوصِيَّةِ الْبُيُوتِ وَالأُسَرِ.

وَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [النور: 19]، وَهَذِا تَحْذِيرٌ لِكُلِّ مَنْ يَنْشُرُ أَخْبَارَ النَّاسِ أَوْ يَخُوضُ فِي أَسْرَارِهِمْ أَوْ يَسْعَى فِي فَضْحِهِمْ.

وَقَدْ ضَرَبَ النَّبِيُّ ﷺ أَرْقَى الْأَمْثِلَةِ فِي حِفْظِ الْخُصُوصِيَّاتِ، فَكَانَ يَسْتُرُ الْمُذْنِبَ، وَيَقُولُ: «لَوْ سَتَرْتَهُ بِثَوْبِكَ لَكَانَ خَيْرًا لَكَ» (رواه أَحْمَد). وَكَانَ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ يَتَأَدَّبُونَ بِذَلِكَ، فَلَا يَسْأَلُونَ عَمَّا لَا يَعْنِيهِمْ، وَلَا يَتَجَسَّسُونَ، وَإِذَا عَلِمُوا سَتَرُوا، وَلَا يَفْضَحُونَ أَحَدًا.

فَحَقُّ الْخُصُوصِيَّةِ فِي الإِسْلَامِ حَقٌّ ثَابِتٌ، وَمِنْ أَسَاسَاتِ الْمُجْتَمَعِ، وَإِهْمَالُهُ يُفْسِدُ الْقُلُوبَ وَيُزْعْزِعُ الثِّقَةَ وَيَكْشِفُ الْعَوْرَاتِ. فَلْنَحْذَرْ مِنَ التَّطَفُّلِ، وَلْنَكُنْ مِمَّنْ يَسْتُرُونَ وَلَا يَفْضَحُونَ، وَيُصْلِحُونَ وَلَا يُفْسِدُونَ.

الإسلام يجرم السُّخْرِيَةُ وَالاِسْتِهْزَاءُ والتَّجَسُّسِ.

إِنَّ السُّخْرِيَةَ وَالِاسْتِهْزَاءَ مِنْ أَخْطَرِ أَنْوَاعِ الْأَذَى النَّفْسِيِّ وَالْمَعْنَوِيِّ الَّذِي يَتَعَرَّضُ لَهُ الْإِنْسَانُ، وَهِيَ مَظَاهِرُ لِانْتِهَاكِ الْخُصُوصِيَّةِ وَالتَّجَنِّي عَلَى حُرُمَاتِ الْآخَرِينَ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ﴾ [الحجرات: 11].

وَهَذِهِ الْآيَةُ تَحْمِلُ فِي طَيَّاتِهَا أَدَبًا رَفِيعًا وَتَأْدِيبًا نَبِيلًا، فَالسُّخْرِيَةُ تَكْشِفُ مَا فِي النُّفُوسِ مِنْ كِبْرٍ وَاحْتِقَارٍ لِلآخَرِينَ، وَتَفْضَحُ الْأَسْرَارَ، وَتَنْشُرُ الْعُيُوبَ، فَتُشِيعُ الْفُرْقَةَ وَتُفْسِدُ الْأُخُوَّةَ وَتُزْعْزِعُ بُنْيَانَ الْمُجْتَمَعِ.

وَقَدْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَنْ الْغِيبَةِ وَالسُّخْرِيَةِ، وَشَبَّهَ الْغِيبَةَ بِأَكْلِ لَحْمِ الْمَيْتِ، فَقَالَ: ﴿وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ﴾ [الحجرات: 12].

كما إِنَّ التَّجَسُّسَ مِنْ أَخْطَرِ أَبْوَابِ الْعُدْوَانِ عَلَى الحَيَاةِ الخَاصَّةِ، وَقَدْ جَاءَ النَّهْيُ عَنْهُ صَرِيحًا فِي كِتَابِ اللَّهِ، فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿وَلَا تَجَسَّسُوا﴾ [الحجرات: 12]. فَالتَّجَسُّسُ سُلُوكٌ مَذْمُومٌ، يُفْسِدُ الْقُلُوبَ، وَيَزْرَعُ الشُّكُوكَ، وَيُشْعِلُ الْفِتَنَ، وَيُزَعْزِعُ أَمْنَ الْمُجْتَمَعِ.

وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ تَسَمَّعَ عَلَى قَوْمٍ وَهُمْ يَكْرَهُونَهُ، أَوْ يَفِرُّونَ مِنْهُ، صُبَّ فِي أُذُنِهِ الْآنُكُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» (رواه البخاري)، وَالْآنُكُ: هُوَ الرَّصَاصُ الْمُذَابُ. مَشْهَدٌ مُرْعِبٌ يُبَيِّنُ مَقْتَ اللَّهِ لِهَذَا الْفِعْلِ.

وَقَالَ ﷺ: «يَا مَعْشَرَ مَنْ آمَنَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يَدْخُلِ الْإِيمَانُ قَلْبَهُ! لَا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنَّهُ مَنْ يَتَّبِعْ عَوْرَاتِهِمْ يَتَّبِعِ اللَّهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ يَتَّبِعِ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ وَلَوْ فِي جَوْفِ رَحْلِهِ» (رواه أَبُو دَاوُدَ).

 آثَارُ التَّدَخُّلِ فِي شُؤُونِ الآخَرِينَ عَلَى الْأُسَرِ وَالْمُجْتَمَعِ

إِنَّ التَّدَخُّلَ فِي شُؤُونِ الآخَرِينَ يُعَدُّ دَاءً خَفِيًّا يَنْخَرُ فِي جَسَدِ الْمُجْتَمَعِ، يُفْسِدُ الْعَلَاقَاتِ، وَيَذْهَبُ بِالثِّقَةِ، وَيُفْضِي إِلَى الشِّقَاقِ وَالنِّزَاعِ. وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُصُومَاتِ بَيْنَ الأُسَرِ، وَحَتَّى بَيْنَ الْجِيرَانِ وَالزُّمَلَاءِ، كَانَ مَبْدَؤُهَا كَلِمَةٌ قِيلَتْ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا، أَوْ نَقْلُ خَبَرٍ، أَوْ تَدَخُّلٌ فِي مَا لَا يَعْنِي.

وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ» (رواه الترمذي). فَالتَّرْكُ هُنَا لَيْسَ ضَعْفًا، بَلْ هُوَ قُوَّةٌ وَوَعْيٌ وَفِقْهٌ، يُؤَسِّسُ وَيَحْفَظُ الْمَحَبَّةَ وَالْوِئَامَ.

فَلْيَتَّقِ اللَّهَ كُلُّ امْرِئٍ، وَلْيَحْفَظْ لِغَيْرِهِ مَا يُحِبُّ أَنْ يُحْفَظَ لَهُ. وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ.

العنصر الثاني من خطبة الجمعة القادمة بعنوان : إذا اردت السلامة من غيرك فاطلبها في سلامة غيرك منك (3)، لـ صوت الدعاة

العنصر الثاني: الحثُّ على سَتْر العيوب والبعد عن الإيذاء

إِنَّ مِنْ أَجَلِّ أَخْلَاقِ الْإِسْلَامِ وَأَعْظَمِ مَقَاصِدِهِ: سَتْرَ الْعَوْرَاتِ وَكَفَّ الْأَذَى، وَحِفْظَ الْخُصُوصِيَّاتِ، وَعَدَمَ التَّجَسُّسِ أَوِ التَّتَبُّعِ لِعَوْرَاتِ الْمُسْلِمِينَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا﴾ [الحجرات: 12].

وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «يَا مَعْشَرَ مَنْ آمَنَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يَدْخُلِ الْإِيمَانُ قَلْبَهُ، لَا تَغْتَابُوا الْمُسْلِمِينَ، وَلَا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ، فَإِنَّهُ مَنْ يَتَّبِعْ عَوْرَاتِهِمْ يَتَّبِعِ اللَّهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ يَتَّبِعِ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ فِي بَيْتِهِ» (رواه أبو داود).

إِنَّ الْإِسْلَامَ يُرَبِّي أَتْبَاعَهُ عَلَى سَتْرِ الْعُيُوبِ، وَيَعِدُ مَنْ يَسْتُرُ أَخَاهُ بِأَنْ يَسْتُرَهُ اللَّهُ، قَالَ ﷺ: «وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا، سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ» (رواه مسلم).

فَلْنَكُنْ سِتْرًا لِإِخْوَانِنَا، وَلْنَتَخَلَّقْ بِخُلُقِ النَّبِيِّ ﷺ الَّذِي كَانَ يُعَرِّضُ وَلَا يُصَرِّحُ، وَيُصْلِحُ وَلَا يُفْضَحُ، وَيَسْتُرُ وَلَا يَشْهِّرُ.

الإِيذَاءُ النَّفْسِيُّ وَالْمَعْنَوِيُّ وَآثَارُهُ فِي الْمُجْتَمَعِ

إِنَّ الْإِيذَاءَ، بِجَمِيعِ أَنْوَاعِهِ، مَرْفُوضٌ فِي شَرِيعَةِ الْإِسْلَامِ، وَمَحْظُورٌ بِنَصِّ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ، وَيَكُونُ أَعْظَمَ إِثْمًا إِذَا تَعَلَّقَ بِخُصُوصِيَّةِ الْإِنْسَانِ، وَكَانَ ذَلِكَ الْأَذَى نَفْسِيًّا أَوْ مَعْنَوِيًّا يُوَرِّثُ الْمَرَضَ وَالْخَوْفَ وَالِاضْطِرَابَ.

قَالَ تَعَالَى: ﴿وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا﴾ [الأحزاب: 58]، فَمَنْ يَخُوضُ فِي أَعْرَاضِ النَّاسِ، أَوْ يَنْشُرُ أَخْبَارَهُمْ، أَوْ يَتَجَسَّسُ عَلَيْهِمْ، فَهُوَ مُؤْذٍ آثِمٌ، قَدْ احْتَمَلَ إِثْمًا كَبِيرًا.

وَقَدْ قَالَ ﷺ: «الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ» (رواه البخاري)، فَهَذَا تَعْرِيفٌ لِلْمُسْلِمِ الْحَقِيقِيِّ، أَلَّا يَكُونَ سَبَبًا فِي أَذَى غَيْرِهِ لَا قَوْلًا وَلَا فِعْلًا.

وَلَمْ يَكُنِ السَّلَفُ يُجَاوِرُونَ مَنْ يُؤْذِيهِمْ، وَكَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ مَنْ يَكْشِفُ سِتْرَ أَخِيهِ أَوْ يَفْضَحُهُ أَسْقَطَ نَفْسَهُ، قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: “كَانُوا يَكْرَهُونَ الذِّكْرَ لِلشَّخْصِ فِيمَا لَا يُحِبُّ، حَتَّى فِي غِيَابِهِ، فَكَيْفَ بِمَنْ يُؤْذِيهِ أَمَامَ النَّاسِ وَيَنْشُرُ خَبَرَهُ عَلَى الْمَلَإِ؟!”

العنصر الثالث من خطبة الجمعة القادمة بعنوان : إذا اردت السلامة من غيرك فاطلبها في سلامة غيرك منك (3)، لـ صوت الدعاة

العنصر الثالث: قِصَصٌ ومواقف مِنْ حَيَاةِ السَّلَفِ فِي حِفْظِ الخُصُوصِيَّةِ وَكَفِّ الْأَذَى

إِنَّ سِيرَةَ السَّلَفِ الصَّالِحِ تُشِعُّ بِنُورِ الْأَدَبِ وَحُسْنِ الْخُلُقِ، وَمِنْ أَعْظَمِ ذَلِكَ: حِفْظُهُمْ لِخُصُوصِيَّةِ النَّاسِ، وَتَوَرُّعُهُمْ عَنِ التَّجَسُّسِ وَالْغِيبَةِ وَنَقْلِ الْكَلَامِ.

الأُولَى: عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَحُرْمَةُ التَّجَسُّسِ، رُوِيَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ صَعِدَ فِي اللَّيْلِ يَتَفَقَّدُ أَحْوَالَ النَّاسِ، فَسَمِعَ صَوْتَ رَجُلٍ يَغَنِّي فِي دَاخِلِ بَيْتِهِ وَعِنْدَهُ خَمْرٌ، فَاقْتَحَمَ عَلَيْهِ الْبَيْتَ، فَلَمَّا رَآهُ الرَّجُلُ قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ! إِنْ كُنْتُ قَدْ عَصَيْتُ اللَّهَ فِي وَاحِدَةٍ، فَأَنْتَ قَدْ عَصَيْتَهُ فِي ثَلَاثٍ: دَخَلْتَ دُونَ إِذْنٍ، وَتَجَسَّسْتَ، وَدَخَلْتَ فِي غَيْرِ وَقْتٍ. فَبَكَى عُمَرُ، وَقَالَ: صَدَقْتَ.

الثَّانِيَةُ: كَانَ الإمام أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ إِذَا سَمِعَ شَيْئًا عَنْ أَحَدٍ لَا يَنْقُلُهُ، وَلَا يُذِيعُهُ، وَإِذَا سُئِلَ عَنْ فِعْلِ فُلَانٍ، قَالَ: «نَسْتُرُ الْمُسْلِمَ وَنَتَمَسَّكُ بِظَاهِرِهِ».

الثَّالِثَةُ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُفْتَضَحَ فَلْيُظْهِرْ مِنْ نَفْسِهِ كُلَّ مَا يَعْرِفُ»، وَكَانَ يُوَصِي طُلَّابَهُ بِكَفِّ الْكَلَامِ عَنِ النَّاسِ، وَعَدَمِ نَقْلِ أَسْرَارِهِمْ، حَتَّى فِي الْمَجَالِسِ.

الرَّابِعَةُ: جَاءَ رَجُلٌ إلي الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ يَقُولُ: إِنَّ فُلَانًا يَغْتَابُكَ. فَقَالَ لَهُ الْفُضَيْلُ: “جِئْتَ بِرِسَالَةِ الشَّيْطَانِ؟! لَا نُرِيدُ أَنْ نَسْمَعَ السُّوءَ وَلَا نَنْقُلَهُ.”

الْخَامِسَةُ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ كَانَ إِذَا سَمِعَ أَحَدًا يَتَكَلَّمُ فِي النَّاسِ قَالَ: “إِنَّ مَنِ اشْتَغَلَ بِخُصُوصِيَّاتِ الْخَلْقِ نَسِيَ عُيُوبَ نَفْسِهِ، وَمَنْ سَتَرَ عَلَى النَّاسِ سَتَرَ اللَّهُ عَلَيْهِ.

السَّادِسَةُ: سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ كَانَ إِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَرَأَى أَحَدًا يَنقِلُ كَلَامَ النَّاسِ، قَالَ: “هَذَا رَجُلٌ لَا أَمَانَ لَهُ، فَإِيَّاكُمْ أَنْ تَثِقُوا بِمَنْ يَتَتَبَّعُ الْخُصُوصِيَّاتِ.”

السَّابِعَةُ: مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ كَانَ يَقُولُ: “مَا سَتَرْتُ عَلَى أَحَدٍ فِي الدُّنْيَا إِلَّا سَتَرَ اللَّهُ عَلَيَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.”

فَهَذِهِ النَّمَاذِجُ النَّيِّرَةُ تَدُلُّ عَلَى فِقْهِ السَّلَفِ فِي حِفْظِ الأَعْرَاضِ وَصَوْنِ الْخُصُوصِيَّاتِ، وَهُوَ مَا نَحْنُ أَشَدُّ مَا نَكُونُ فِي حَاجَةٍ إِلَيْهِ الْيَوْمَ.

وَمِنْ هُنَا، يَجِبُ أَنْ نُرَبِّيَ أَبْنَاءَنَا وَنُوَجِّهَ أُسَرَنَا وَنُثَقِّفَ أَجْيَالَنَا، عَلَى مَعَانِي: الِاسْتِئْذَانِ، وَالتَّوَاضُعِ، وَكَظْمِ الْغَيْظِ، وَصَوْنِ اللِّسَانِ، فَهِيَ الْمُقَوِّمَاتُ الَّتِي تَجْعَلُ مِنَ الْإِنْسَانِ بَنَّاءً فِي مُجْتَمَعِهِ، لَا هَدَّامًا لِلْقِيَمِ وَالْعِلَاقَاتِ. وَفِي زَمَنٍ تَفَشَّتْ فِيهِ الْمُرَاقَبَةُ الرَّقْمِيَّةُ، وَصَارَتِ الْخُصُوصِيَّةُ عُرْضَةً لِلتَّجَاوُزِ بِضَغْطَةِ زِرٍّ، تَأَكَّدَتْ حَاجَتُنَا إِلَى نَشْرِ وَعْيٍ مُجْتَمَعِيٍّ، يُرَسِّخُ حُرْمَةَ الْخُصُوصِيَّةِ وَيُحَذِّرُ مِنَ التَّجَسُّسِ وَالتَّصَيُّدِ وَالِافْتِرَاءِ.

فَكَمْ مِنْ نَفْسٍ تَأَلَّمَتْ، وَكَمْ مِنْ بَيْتٍ تَفَكَّكَ، وَكَمْ مِنْ زَوَاجٍ تَدَمَّرَ، بِسَبَبِ عَدَمِ فَهْمِ هَذِهِ الْمَبَادِئِ، وَالْخَوْضِ فِي سِرِّ غَيْرِهِ، أَوِ التَّفَتُّشِ فِي مَا يُرِيدُ أَنْ يُخْفِيَهُ.

وَلِذَلِكَ، كَانَتِ الثَّقَافَةُ الْوَاعِيَةُ وَالْفِكْرُ الرَّاشِدُ، مِنْ أَهَمِّ أَسْبَابِ سَلَامَةِ الْمُجْتَمَعِ وَتَمَاسُكِ نَسِيجِهِ، وَبِهَا نَبْنِي حَضَارَةً تَحْتَرِمُ الْإِنْسَانَ، وَتُقَدِّرُ حُرِّيَّتَهُ، وَتُؤَسِّسُ لِلتَّعَايُشِ الْآمِنِ بَيْنَ أَفْرَادِهِ

العنصر الرابع من خطبة الجمعة القادمة بعنوان : إذا اردت السلامة من غيرك فاطلبها في سلامة غيرك منك (3)، لـ صوت الدعاة

العنصر الرابع: دَوْرُ وَسَائِلِ التَّوَاصُلِ فِي هدم الحَيَاةِ الشَّخْصِيَّةِ

يَا عِبَادَ اللَّهِ، لَقَدْ جَاءَتْ وَسَائِلُ التَّوَاصُلِ الْمُعَاصِرَةُ – مِثْلُ الفَيْسْبُوكْ، وَالتِّيكْ تُوكْ، وَالإِنْسْتَغْرَامْ، وَالْوَاتْسَآبْ – بِفَوَائِدَ عَظِيمَةٍ، فِي تَبَادُلِ الْمَعْرِفَةِ وَتَسْهِيلِ التَّوَاصُلِ، وَلَكِنَّهَا – وَاللَّهِ – أَصْبَحَتْ سِكِّينًا فِي صَدْرِ الْخُصُوصِيَّةِ، وَبَابًا وَاسِعًا لِلتَّجَسُّسِ وَالِافْتِرَاءِ وَنَشْرِ أَسْرَارِ الْعِبَادِ.

فِي هَذِهِ الْمَنَصَّاتِ، تَجِدُ مَنْ يُصَوِّرُ النَّاسَ فِي مَجَالِسِهِمْ، أَوْ يُسَجِّلُ مَكَالِمَاتِهِمْ، ثُمَّ يَنْشُرُ ذَلِكَ لِجَمْعِ الإِعْجَابَاتِ وَالْمُتَابِعَاتِ، بِلَا إِذْنٍ، بَلْ وَبِلَا وَازِعٍ مِنْ ضَمِيرٍ أَوْ دِينٍ!

إِنَّهُ لَذَنْبٌ عَظِيمٌ، فَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «مَنْ تَسَمَّعَ عَلَى قَوْمٍ وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ، صُبَّ فِي أُذُنِهِ الآنُكُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» (رواه البخاري)، وَالآنُكُ: هُوَ الرَّصَاصُ الْمُذَابُ.

فَكَيْفَ إِذَا كَانَ ذَلِكَ عَلَى مَلَإٍ مِنَ الْعَالَمِ، وَأَضْحَى الْإِنْسَانُ فِي كُلِّ لَحْظَةٍ مُعَرَّضًا لِفَضْحِ سِرِّهِ أَوْ نَشْرِ خَبَرِهِ؟

أَيْنَ ذَهَبَتِ الْأَعْرَافُ الْكَرِيمَةُ؟! وَأَيْنَ قِيمَةُ الِاسْتِئْذَانِ؟! وَمَاذَا بَقِيَ مِنْ جُدْرَانِ السِّتْرِ الَّتِي كَانَتْ تَصُونُ الْأُسَرَ وَتَحْفَظُ الْأَسْرَارَ؟!

قَالَ تَعَالَى: ﴿وَلَا تَجَسَّسُوا﴾ [الحجرات: 12]، وَهِيَ كَلِمَةٌ قَاطِعَةٌ، تَشْمَلُ كُلَّ صُورِ التَّجَسُّسِ وَالتَّتَبُّعِ وَالتَّسَلُّلِ إِلَى مَا لَا يَحِلُّ، وَهِيَ الْيَوْمَ تُنْتَهَكُ بِأَسْهَلِ مَا يُمْكِنُ عَبْرَ تِلْكَ الْمِنَصَّاتِ.

وَلَا يَغْفَلَنَّ أَحَدٌ أَنَّ نَشْرَ الْخَبَرِ الْخَاصِّ أَوِ الصُّورَةِ الشَّخْصِيَّةِ بِلَا إِذْنٍ، لَهُ أَثَرٌ نَفْسِيٌّ قَاتِلٌ، قَدْ يُؤَدِّي إِلَى انْهِيَارِ الْمَسَارِ الدِّرَاسِيِّ، أَوْ تَفَكُّكِ الْعَلَاقَاتِ، أَوْ الطَّلَاقِ، أَوْ حَتَّى الِانْتِحَارِ!

وَهُوَ ذَنْبٌ يَسْتَوْجِبُ التَّوْبَةَ، وَإِذَا كَانَ فِيهِ إِضْرَارٌ، فَفِيهِ ضَمَانٌ وَحُكْمٌ قَضَائِيٌّ وَتَحَمُّلٌ لِلْعُقُوبَةِ.

وَإِنَّ الْوَاجِبَ الْيَوْمَ عَلَى كُلِّ أَبٍ وَأُمٍّ وَمُرَبٍّ وَإِمَامٍ وَمُوَجِّهٍ: أَنْ يُحَذِّرَ، وَيُرَبِّي، وَيُنَبِّهَ، فَإِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُدْرِكُونَ أَنَّهُمْ يُخَالِفُونَ أَحْكَامَ اللهِ فِي كُلِّ نَشْرَةٍ، وَكُلِّ تَصْوِيرَةٍ، وَكُلِّ تَعْلِيقٍ عَلَى حَيَاةِ غَيْرِهِمْ.

فَصِيَانَةُ الْخُصُوصِيَّةِ فَرِيضَةٌ، وَالِاسْتِئْذَانُ أَدَبٌ، وَالسُّتْرُ مَسْؤُولِيَّةٌ، وَوَسَائِلُ التَّوَاصُلِ مَحْكَمَةٌ سَتُفْتَحُ دَفَاتِرَهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى.

خُطبةُ صوتِ الدعاةِ

 _____________________________________

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

وللإطلاع علي قسم خطبة الجمعة

 

تابعنا علي الفيس بوك

 

الخطبة المسموعة علي اليوتيوب

 

وللإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات

 

للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

وللمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

اظهر المزيد

كتب: د.أحمد رمضان

الدكتور أحمد رمضان حاصل علي الماجستير من جامعة الأزهر بتقدير ممتاز سنة 2005م ، وحاصل علي الدكتوراه بتقدير مع مرتبة الشرف الأولي من جامعة الأزهر الشريف سنة 2017م. مؤسس جريدة صوت الدعاة ورئيس التحرير وكاتب الأخبار والمقالات المهمة بالجريدة، ويعمل بالجريدة منذ 2013 إلي اليوم. حاصل علي دورة التميز الصحفي، وقام بتدريب عدد من الصحفيين بالجريدة. للتواصل مع رئيس التحرير على الإيميل التالي: ahmed_dr.ahmed@yahoo.com رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) للمزيد عن الدكتور أحمد رمضان رئيس التحرير أضغط في القائمة علي رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

زر الذهاب إلى الأعلى