أخبار مهمةالأوقافعاجل

ثورة ٣٠ يونيو..بين الحقيقة والمغالطات

مع حلول ذكرى الثلاثين من يونيو، نتذكر هذه الثورة العظيمة، والملحمة الشعبية الكبرى، حيث خرجت جموع حاشدة من الشعب المصري إلى الشوارع والميادين، مطالبين بإنهاء حكم جماعة الإخوان المسلمين، معتبرين ذلك تصحيحًا لمسار ثورة يناير ٢٠١١، واستعادة لهوية الدولة المدنية.

     وبسبب الكذب الممنهج  لجماعة الإخوان فهناك من يرى أن ما حدث كان انقلابًا عسكريًا على السلطة، وهناك من وصفها بأنها مؤامرة، وقد تعدت هذه الأكاذيب المستوى الداخلي لتصل إلى دول وكيانات كبرى كانت داعمة للتطرف.

      لذلك نحاول في السطور الآتية تسليط الضوء على ثورة الثلاثين من يونيو ؛ لمعرفة الحقائق وما أثير حولها من مغالطات.

تفاصيل المحتوى

  • حقائق حول ثورة ٣٠ يونيو
  • مغالطات حول ثورة ٣٠ يونيو
  • ثورة يونيو خطوة جديدة وأمل جديد
  • الخلاصة

حقائق حول ثورة ٣٠ يونيو

حالة المجتمع قبل الثورة

     لقد شهدت البلاد قبل ثورة يونيو استقطابًا وغضبًا شعبيًا حادًا، أثّر على المجتمع المصري كله، وذلك بسبب الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية المتردية التي عاشتها البلاد قبل انطلاق الثورة.

     فعلى الصعيد السياسي، شكّلت السياسات التي تبنتها جماعة الإخوان المسلمين في الحكم مصدرًا رئيسيًا للاستقطاب والتوتر السياسي، حيث شعرت قطاعات واسعة من الشعب المصري بأن جماعة الإخوان المسلمين تسعى إلى “أخونة الدولة”، والسيطرة على مفاصلها، من خلال تعيين عناصرها في المناصب الرئيسية بالوزارات والمؤسسات الحكومية، وإقصاء الكفاءات من غير المنتمين للجماعة.

كذلك مما أثار غضب الشارع المصري، إقرار دستور ٢٠١٢ م، حيث اعتبره الكثيرون لا يمثل توافقًا وطنيًا، وأنه يعكس رؤية جماعة الإخوان المسلمين فقط، مما أدى إلى انقسامات حادة في المجتمع.

     كذلك أيضًا مما أثار حفيظة الشارع المصري الخلافات المتكررة بين جماعة الإخوان ومؤسسات الدولة المختلفة، بما في ذلك القضاء والإعلام، مما أضعف الثقة في قدرة الحكومة على إدارة شؤون البلاد بشكل متوازن.

   وعلى الصعيد الاجتماعي والاقتصادي، كانت هناك تحديات كثيرة، كالبطالة والفقر، ونشر الشائعات، وتدهور الخدمات الصحية والتعليمية، ونشر الفوضى، وزيادة معدلات الجريمة، من سرقة وقتل وتخريب وغير ذلك مما نهى عنه الحق – سبحانه وتعالى.

      فالله تعالى يقول في كتابه: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ۚ ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا ۖ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ}، [سورة المائدة: الآية ٣٣]

      وجاء في الحديث الصحيح أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال في خطبة الوداع: [إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا] [رواه البخاري ومسلم].

مما أثار مخاوف المواطنين بشأن سلامتهم الشخصية والحفاظ على ممتلكاتهم.

     ويضاف إلى ذلك الانفلات الأمني في سيناء: حيث تصاعدت وتيرة العمليات الإرهابية، مما أظهر ضعفًا في السيطرة الأمنية، وتسبب في سقوط العديد من الضحايا، الأمر الذي يستوجب من الدولة التصدي لهذه الفئات المتطرفة، فالحق -سبحانه وتعالى- أمر بقتال المعتدين المفسدين في الأرض فقال: {وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا ٱسۡتَطَعۡتُم مِّن قُوَّةٖ وَمِن رِّبَاطِ ٱلۡخَيۡلِ تُرۡهِبُونَ بِهِۦ عَدُوَّ ٱللَّهِ وَعَدُوَّكُمۡ}، [سورة الأنفال، جزء من الآية: ٦٠]

      هذا الانفلات زاد من حدة التوتر، وأدى بصورة واضحة لعدم الرضا والغضب الشعبي المتزايد، وخلق حالة من التوتر، والذي أشعل فتيل هذه الثورة المباركة.

٣٠ يونيو: إرادة شعب وصوت لا يُقهر

      جاءت ٣٠ يونيو لتكون تعبيرًا صادقًا عن إرادة شعبية عارمة، فلقد شهدت مصر حشدًا شعبيًا عظيمًا، خرجت فيه أعداد غفيرة من جموع الشعب المصري، شبابًا ونساءً، ورجالًا إلى الشوارع والميادين، مطالبين بالرحيل المبكر للنظام، وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، وتغيير الدستور، بسبب   تدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، وزيادة الأزمات مثل انقطاع الكهرباء ونقص الوقود، مما يعكس طموحات الشعب ورغبته في التغيير والإصلاح حيث أظهر الشعب المصري قدرته على الانتفاض في وجه التحديات والمؤامرات التي استهدفت أمنه واستقراره.

 مغالطات حول ثورة ٣٠ يونيو

مما نأسف له ما قام به بعض الأطراف من العمل على تشويه ٣٠ يونيو، من خلال نشر مغالطات تتنافى مع الأهداف العظيمة التي حققتها هذه الثورة المباركة، هذه المغالطات نذكر منها ما يلي:

أ – مغالطة “الانقلاب العسكري”.

     هناك من الناس من يري أن ما حدث في ثورة ٣٠ يونيو كان انقلابًا عسكريًا، ولكن الحقيقة هي أنها ثورة شعبية قام بها جموع الشعب المصري، الذي خرج ينادي بضرورة التغيير والإصلاح، فقيام هذه الثورة جاء بناءً على إرادة شعبية صريحة وواسعة، وليس فرضًا عسكريًا.

موقف القوات المسلحة من الثورة المصرية

      في تلك اللحظة التاريخية، ومع تزايد حدة المظاهرات، كان موقف المؤسسات الوطنية حاسمًا، فـالقوات المسلحة المصرية، والتي هي جزء أصيل من الشعب، استجابت لنداء الملايين، وساندت هذه الثورة، مما يؤكد على أن ما حدث لم يكن انقلابًا عسكريًا، بل كان انحيازًا حاسمًا للإرادة الشعبية التي عبرت عن نفسها، وسعت للتغيير، والمطالبة بحقها في تحقيق العدالة الاجتماعية، والحياة الكريمة التي يجب أن يعيش الإنسان عليها، فالحق – سبحانه وتعالى – كرم الإنسان ، وحفظ له حياة كريمة ، يقول تعالى:{ وَلَقَدۡ كَرَّمۡنَا بَنِيٓ ءَادَمَ وَحَمَلۡنَٰهُمۡ فِي ٱلۡبَرِّ وَٱلۡبَحۡرِ وَرَزَقۡنَٰهُم مِّنَ ٱلطَّيِّبَٰتِ وَفَضَّلۡنَٰهُمۡ عَلَىٰ كَثِيرٖ مِّمَّنۡ خَلَقۡنَا تَفۡضِيلٗا} [سورة الإسراء ، الآية:٧٠].

ب – مغالطة “المؤامرة الخارجية”.

  كذلك من المغالطات التي أثيرت حول هذه الثورة المباركة، الزعم بأن ٣٠ يونيو كانت مؤامرة مدبرة من الخارج، وهذه مغالطة؛ لأنه سبق وأوردنا أن الثورة كانت نتاجا لغضب شعبي، وكذا لتردي الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

ج – مغالطة “عدم شرعية” النظام الجديد:

       هذا الادعاء يتجاهل تمامًا خارطة الطريق التي وضُعت عقب الثورة، والتي شهدت استفتاءً شعبيًا عظيمًا، وقد تضمنت: تعطيل العمل بالدستور مؤقتًا – تكليف رئيس المحكمة الدستورية العليا بإدارة شؤون البلاد خلال المرحلة الانتقالية – إجراء انتخابات رئاسية مبكرة – تشكيل حكومة كفاءات وطنية – تشكيل لجنة لمراجعة التعديلات الدستورية.

     وقد أكدت القوات المسلحة في هذا البيان، أنها لن تكون طرفًا في دائرة السياسة أو الحكم، وأن دورها ينبع من مسؤوليتها الوطنية والتاريخية في حماية أمن وسلامة الوطن وإرادة شعبه.

 

 ثورة يونيو خطوة جديدة وأمل جديد

مثلت ثورة يونيو في مصر تحولًا كبيرًا في الشارع المصري، وذلك لما ترتب عليها من الإنجازات والتغيرات التي غيرت مسار البلاد، حيث شكَّلت هذه الثورة مسارًا جديدًا لجمهورية جديدة، فقد بدأت مصر بعد أحداث هذه الثورة في إعادة بناء مؤسسات الدولة وتعزيز قوتها، والعمل على تحقيق الاستقرار السياسي، وذلك بإنهاء حكم جماعة الإخوان المسلمين، وإقرار دستور جديد للدولة، تم التصويت عليه بموافقة من جموع فئات الشعب، هذا الدستور عمل على تأكيد مدنية الدولة والحفاظ على حقوق المواطنين.

      كما قامت الدولة أيضًا بجهودٍ مكثفة لتحسين الخدمات الصحية والتعليمية، وتطوير البنية التحتية في كافة القطاعات، مع استمرار التعامل مع التحديات الاجتماعية القائمة.

      وعلى الصعيد الأمني: قامت الدولة المصرية بجهود عظيمة في مكافحة الإرهاب والقضاء على الجماعات المتطرفة التي تهدد أمن البلاد، مما ساهم في استعادة الأمن والاستقرار، وتم تثبيت دعائم الدولة، والحفاظ على قوتها ومقدرات شعوبها.

 الخلاصة

من خلال ما سبق يتضح أن ثورة يونيو لم تكن مجرد حدث عابر أو تبديل لسلطة، بل كانت تعبيرًا عن إرادة شعبية، حيث خرج الملايين من الشعب المصري، لتصحيح مسار وطن كانوا يرونه يبتعد عن هويته ومبادئه الراسخة.

      إن تفنيد المغالطات التي وصفت ٣٠ يونيو بـ “الانقلاب العسكري”، أو “المؤامرة الخارجية”، يصبح من الضرورة بمكان، لقد كانت ثورة يونيو لحظة مفصلية أعادت لمصر استقرارها السياسي، وعززت من قدرة الدولة على مكافحة الإرهاب، وتثبيت دعائم الأمن في الوطن.

       إنها تذكرنا بأن قوة بلادنا وأوطاننا تكمن في وعي أبنائه ووحدتهم، وقدرتهم على التمييز بين الحقائق والمغالطات، والمضي قدمًا نحو مستقبل أفضل يصنعه أبناء هذا الوطن الأبي.

اظهر المزيد

كتب: د.أحمد رمضان

الدكتور أحمد رمضان حاصل علي الماجستير من جامعة الأزهر بتقدير ممتاز سنة 2005م ، وحاصل علي الدكتوراه بتقدير مع مرتبة الشرف الأولي من جامعة الأزهر الشريف سنة 2017م. مؤسس جريدة صوت الدعاة ورئيس التحرير وكاتب الأخبار والمقالات المهمة بالجريدة، ويعمل بالجريدة منذ 2013 إلي اليوم. حاصل علي دورة التميز الصحفي، وقام بتدريب عدد من الصحفيين بالجريدة. للتواصل مع رئيس التحرير على الإيميل التالي: ahmed_dr.ahmed@yahoo.com رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) للمزيد عن الدكتور أحمد رمضان رئيس التحرير أضغط في القائمة علي رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

زر الذهاب إلى الأعلى