أخبار مهمةخطبة الجمعةخطبة الجمعة القادمة ، خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف المصرية مكتوبة word pdfخطبة الجمعة خطبة الأسبوع ، خطبة الجمعة القادمة، خطبة الاسبوع، خطبة الجمعة وزارة الأوقافعاجل

خطبة الجمعة بعنوان : الاتحاد أساس بناء الانسان وصناعة الحضارة (الاِتِّحَادُ قُوَّةٌ)

الاتحاد أساس بناء الانسان وصناعة الحضارة

خطبة الجمعة بعنوان : الاتحاد أساس بناء الانسان وصناعة الحضارة (الاِتِّحَادُ قُوَّةٌ) ، بتاريخ 23 محرم 1447هـ ، الموافق 18 يوليو 2025م.

لتحميل خطبة جمعة استرشادية بعنوان : الاتحاد أساس بناء الانسان وصناعة الحضارة (الاِتِّحَادُ قُوَّةٌ)  بتاريخ 18 يوليو 2025 ، بصيغة word

ولتحميل خطبة جمعة استرشادية بعنوان : الاتحاد أساس بناء الانسان وصناعة الحضارة (الاِتِّحَادُ قُوَّةٌ) بتاريخ 18 يوليو 2025 بصيغة pdf

عناصر خطبة جمعة استرشادية بعنوان : الاتحاد أساس بناء الانسان وصناعة الحضارة (الاِتِّحَادُ قُوَّةٌ) ، كما يلي:

 

  • مفهوم الاتحاد، وعناصره
  • قيمة الاتحاد في الوحيين الشريفين
  • مقاصد الاتحاد من نصوص الوحيين الشريفين
  • الاتحاد أساس بناء الانسان
  • أثر الاتحاد في صناعة الحضارات
  • التحديات والآفاق المستقبلية
  • الخلاصة

ولقراءة خطبة جمعة استرشادية بعنوان : الاتحاد أساس بناء الانسان وصناعة الحضارة (الاِتِّحَادُ قُوَّةٌ) ، بتاريخ 18 يوليو 2025 بعنوان، كما يلي:

خُطْبَةٌ بِعُنْوَانِ: الِاتِّحَادُ أَسَاسُ بِنَاءِ الْإِنسَانِ وَصِنَاعَةِ الْحَضَارَةِ

(الاِتِّحَادُ قُوَّةٌ)

بتاريخ 23 محرم 1447هـ 18 يوليو 2025م

الِاتِّحَادُ لَيْسَ مُجَرَّدَ كَلِمَةٍ عَابِرَةٍ، وَلَا شِعَارًا يُرْفَعُ، أَوْ هُتَافًا يُنَادَى بِهِ، إِنَّهُ الْقُوَّةُ الْخَفِيَّةُ الَّتِي تَدْفَعُنَا نَحْوَ الْأَفْضَلِ، وَتَصْنَعُ الْمَعْجِزَاتِ، فَعِنْدَمَا تَجْتَمِعُ الْأَيْدِي، وَالْقُلُوبُ، وَالْعُقُولُ، تَزُولُ الْحَوَاجِزُ، وَتَتَلَاشَى الصُّعُوبَاتُ، وَنَكْتَشِفُ فِي أَنْفُسِنَا قُدُرَاتٍ هَائِلَةً لَمْ نَكُنْ لِنَحْلُمَ بِهَا.

إِنَّ أَثَرَ الِاتِّحَادِ لَا يَقْتَصِرُ عَلَى بِنَاءِ صُرُوحٍ ضَخْمَةٍ، أَوِ اخْتِرَاعَاتٍ مُذْهِلَةٍ فَحَسْبُ، إِنَّهُ يَبْدَأُ مِنْ دَاخِلِ الْإِنسَانِ نَفْسِهِ، يُشَكِّلُ شَخْصِيَّتَهُ، وَيُعَزِّزُ ثِقَتَهُ بِنَفْسِهِ، وَيُعَلِّمُهُ أَنَّ قِيَمَ التَّعَاوُنِ، وَالتَّآزُرِ هِيَ الْأَسَاسُ لِكُلِّ نَجَاحٍ حَقِيقِيٍّ، وَبِهَذَا التَّكَاتُفِ، تَتَوَالَى الْإِنْجَازَاتُ، وَتُبْنَى الْحَضَارَاتُ الَّتِي تَقِفُ شَاهِدَةً عَلَى عَظَمَةِ مَا يُمْكِنُ لِلْبَشَرِ أَنْ يُحَقِّقُوهُ حِينَمَا يَتَوَحَّدُونَ.

العناصر:

    مَفْهُومُ الِاتِّحَادِ، وَعَنَاصِرُهُ

  قِيمَةُ الِاتِّحَادِ فِي الْوَحْيَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ

  مَقَاصِدُ الِاتِّحَادِ مِنْ نُصُوصِ الْوَحْيَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ

  الِاتِّحَادُ أَسَاسُ بِنَاءِ الْإِنْسَانِ

  أَثَرُ الِاتِّحَادِ فِي صِنَاعَةِ الْحَضَارَاتِ

  التَّحَدِّيَاتُ وَالْآفَاقُ الْـمُسْتَقْبَلِيَّةُ

  الْخُلَاصَةُ

مَفْهُومُ الِاتِّحَادِ، وَعَنَاصِرُهُ

الِاتِّحَادُ فِي جَوْهَرِهِ هُوَ الْتِقَاءُ أَفْرَادٍ أَوْ مَجْمُوعَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ نَحْوَ هَدَفٍ مُشْتَرَكٍ، مُتَجَاوِزِينَ الْفُرُوقَاتِ الْفَرْدِيَّةَ؛ لِتَحْقِيقِ قُوَّةٍ جَمَاعِيَّةٍ، وَهَدَفُهُ: دَمْجُ الْجُهُودِ، وَالْمَوَارِدِ، وَالْأَفْكَارِ، بِحَيْثُ يُصْبِحُ الْكُلُّ أَكْبَرَ وَأَقْوَى مِنْ مَجْمُوعِ الْأَجْزَاءِ، وَيَمْتَدُّ لِيَشْمَلَ كَافَّةَ جَوَانِبِ الْحَيَاةِ الِاجْتِمَاعِيَّةِ، وَالثَّقَافِيَّةِ، وَالْإِنْسَانِيَّةِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الِاتِّحَادُ بَسِيطًا كَتَعَاوُنِ أَفْرَادِ الْأُسْرَةِ، أَوْ مُعَقَّدًا كَاتِّحَادٍ دَوْلِيٍّ أَوْ تَحَالُفٍ عَالَمِيٍّ، وَيَقُومُ عَلَى عَنَاصِرَ، مِنْهَا:

  • التَّعَاوُنُ وَالتَّآزُرُ: يَعْتَمِدُ الِاتِّحَادُ عَلَى مَبْدَإِ الْعَمَلِ الْمُشْتَرَكِ، حَيْثُ يَتَشَارَكُ الْأَفْرَادُ فِي الْمَهَامِّ، وَالْمَسْؤُولِيَّاتِ؛ لِتَحْقِيقِ غَايَةٍ وَاحِدَةٍ، وَهَذَا يَخْلُقُ بِيئَةً مِنَ الدَّعْمِ الْـمُتَبَادَلِ، وَيُعَزِّزُ الشُّعُورَ بِالْمَسْؤُولِيَّةِ الْجَمَاعِيَّةِ.
  • الْوَحْدَةُ وَالتَّكَامُلُ: لَا يَعْنِي الِاتِّحَادُ ذَوَبَانَ الْهُوِيَّاتِ الْفَرْدِيَّةِ، بَلْ هُوَ تَكَامُلٌ، وَتَنَاغُمٌ بَيْنَهَا، كُلُّ طَرَفٍ يُحَافِظُ عَلَى خُصُوصِيَّتِهِ مَعَ الِالْتِزَامِ بِالرُّؤْيَةِ، وَالْأَهْدَافِ الْـمُشْتَرَكَةِ، مِمَّا يُؤَدِّي إِلَى نَسِيجٍ اجْتِمَاعِيٍّ، أَوْ كِيَانٍ أَقْوَى، وَأَكْثَرَ تَمَاسُكًا.
  • تَبَادُلُ الْخِبْرَاتِ، وَالْمَوَارِدِ: يُتِيحُ الِاتِّحَادُ لِلْأَفْرَادِ وَالْمَجْمُوعَاتِ، تَبَادُلَ الْمَعْرِفَةِ، وَالْمَهَارَاتِ، وَالْمَوَارِدِ الْـمَادِّيَّةِ وَالْبَشَرِيَّةِ، هَذَا التَّبَادُلُ يُسْهِمُ فِي تَعْظِيمِ الِاسْتِفَادَةِ مِنَ الْإِمْكَانِيَّاتِ الْـمُتَاحَةِ، وَتَجَاوُزِ التَّحَدِّيَاتِ الَّتِي قَدْ يَصْعُبُ عَلَى الْفَرْدِ الْوَاحِدِ مُوَاجَهَتُهَا.
  • الْهَدَفُ الْـمُشْتَرَكُ: جَوْهَرُ الِاتِّحَادِ هُوَ وُجُودُ هَدَفٍ أَوْ مَجْمُوعَةٍ مِنَ الْأَهْدَافِ الْوَاضِحَةِ، يَتَّفِقُ عَلَيْهَا الْجَمِيعُ، هَذَا الْهَدَفُ هُوَ مَا يُوَجِّهُ الْجُهُودَ، وَيُوَحِّدُ الصُّفُوفَ، وَيَمْنَحُ الِاتِّحَادَ مَعْنَاهُ، وَوُجُودَهُ.

قِيمَةُ الِاتِّحَادِ فِي الْوَحْيَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ

تُشَكِّلُ قِيمَةُ الِاتِّحَادِ فِي نُصُوصِ الْوَحْيِ، وَمَقَاصِدِهِ رَكِيزَةً أَسَاسِيَّةً فِي الْإِسْلَامِ، وَتُعَدُّ مِنْ أَهَمِّ الْـمَبَادِئِ الَّتِي يَدْعُو إِلَيْهَا، وَلَا يَقْتَصِرُ مَفْهُومُ الِاتِّحَادِ عَلَى التَّجَمُّعِ الشَّكْلِيِّ، بَلْ يَتَجَاوَزُهُ إِلَى التَّآلُفِ الْقَلْبِيِّ، وَالتَّعَاوُنِ الْعَمَلِيِّ؛ لِتَحْقِيقِ الْأَهْدَافِ الْـمُشْتَرَكَةِ، وَمِمَّا يُوَضِّحُ قِيمَةَ الِاتِّحَادِ فِي نُصُوصِ الْوَحْيَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ مَا يَلِي:

  • الدَّعْوَةُ لِلِاعْتِصَامِ بِحَبْلِ اللهِ تَعَالَى، وَنَبْذُ الْفُرْقَةِ، قَالَ تَعَالَى:
    {َاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا} [آلِ عِمْرَانَ: ١٠٣].
    وَيَقُولُ النَّبِيُّ ﷺ: «يَدُ اللَّهِ مَعَ الْجَمَاعَةِ» [رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ].
  • التَّأْكِيدُ عَلَى مَبْدَإِ الْأُخُوَّةِ الشَّامِلَةِ بَيْنَ الْـمُؤْمِنِينَ، وَالدَّعْوَةُ إِلَى الْإِصْلَاحِ بَيْنَ الْـمُتَخَاصِمِينَ، قَالَ تَعَالَى: {إِنَّمَا الْـمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الْحُجُرَاتِ: ١٠].

وَيَقُولُ النَّبِيُّ ﷺ: «مَثَلُ الْـمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ، مَثَلُ الْجَسَدِ، إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ، تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى» [مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ].

  • التَّحْذِيرُ مِنَ التَّفَرُّقِ، وَالِاخْتِلَافِ، قَالَ تَعَالَى: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ ۚ وَأُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [آلِ عِمْرَانَ: ١٠٥].
    وَيَقُولُ النَّبِيُّ ﷺ: «الْـمُؤْمِنُ لِلْـمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ، يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا» وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ [مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ].
  • التَّعَاوُنُ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى، قَالَ تَعَالَى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [الْمَائِدَةِ: ٢].

مَقَاصِدُ الِاتِّحَادِ مِنْ نُصُوصِ الْوَحْيَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ

يَهْدِفُ الِاتِّحَادُ فِي الْإِسْلَامِ إِلَى تَحْقِيقِ عِدَّةِ مَقَاصِدَ سَامِيَةٍ، مِنْهَا:

  • حِفْظُ الدِّينِ، وَصِيَانَةُ الْأُمَّةِ: الْوَحْدَةُ تَحْمِي الْأُمَّةَ مِنَ التَّفَكُّكِ، وَالضَّعْفِ، وَتَجْعَلُهَا قَادِرَةً عَلَى مُوَاجَهَةِ التَّحَدِّيَاتِ الدَّاخِلِيَّةِ وَالْخَارِجِيَّةِ، قَالَ تَعَالَى: {وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} [الْأَنْفَالِ: ٤٦].
  • تَحْقِيقُ الْعَدْلِ، وَإِقَامَةُ الْحَقِّ: عِنْدَمَا تَكُونُ الْأُمَّةُ مُتَّحِدَةً، تُصْبِحُ أَقْوَى فِي إِقَامَةِ الْعَدْلِ بَيْنَ أَفْرَادِهَا، وَمُنَاهَضَةِ الظُّلْمِ، وَنُصْرَةِ الْـمَظْلُومِينَ، قَالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ} [النِّسَاءِ: ١٣٥].
  • التَّعَاوُنُ عَلَى الْخَيْرِ، وَالنَّفْعِ الْعَامِّ: الِاتِّحَادُ يُمَكِّنُ الْـمُسْلِمِينَ مِنَ التَّعَاوُنِ فِي كُلِّ مَا يَعُودُ بِالنَّفْعِ عَلَى الْفَرْدِ وَالْـمُجْتَمَعِ، مِثْلَ نَشْرِ الْعِلْمِ، وَتَحْقِيقِ التَّنْمِيَةِ الِاقْتِصَادِيَّةِ، وَالِاجْتِمَاعِيَّةِ، وَتَقْدِيمِ الْـمُسَاعَدَاتِ الْإِنْسَانِيَّةِ، قَالَ تَعَالَى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [الْمَائِدَةِ: ٢].
  • إِظْهَارُ قُوَّةِ الْإِسْلَامِ، وَهَيْبَتِهِ: الْوَحْدَةُ تُظْهِرُ الْـمُسْلِمِينَ كَقُوَّةٍ وَاحِدَةٍ وَمُتَمَاسِكَةٍ، مِمَّا يُزِيدُ مِنْ هَيْبَتِهِمْ، وَيُقَلِّلُ مِنَ الْأَطْمَاعِ فِيهِمْ، قَالَ تَعَالَى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [التَّوْبَةِ: ٧١].
  • الْقَضَاءُ عَلَى أَسْبَابِ الْفُرْقَةِ، وَالتَّنَازُعِ: الِاتِّحَادُ يَدْعُو إِلَى تَجَاوُزِ الْـخِلَافَاتِ الْجُزْئِيَّةِ، وَالتَّرْكِيزِ عَلَى الْـمُشْتَرَكَاتِ الَّتِي تَجْمَعُ الْـمُسْلِمِينَ، وَالتَّعَامُلِ مَعَ الِاخْتِلَافَاتِ بِرُوحِ التَّسَامُحِ، وَالْحِوَارِ الْبَنَّاءِ، قَالَ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ} [الْأَنْعَامِ: ١٥٩].
  • بِنَاءُ مُجْتَمَعٍ مُتَمَاسِكٍ، وَمُتَرَاحِمٍ: يُؤَدِّي الِاتِّحَادُ إِلَى تَرْسِيخِ قِيَمِ الْـمَوَدَّةِ، وَالرَّحْمَةِ، وَالتَّعَاوُنِ بَيْنَ أَفْرَادِ الْـمُجْتَمَعِ، مِمَّا يَخْلُقُ بِيئَةً صِحِّيَّةً، وَمُسْتَقِرَّةً.
  • الِانْتِصَارُ، وَتَحْقِيقُ الْعِزَّةِ: التَّارِيخُ الْإِسْلَامِيُّ يَشْهَدُ بِأَنَّ الْأُمَّةَ كَانَتْ فِي أَوْجِ عِزِّهَا، وَقُوَّتِهَا عِنْدَمَا كَانَتْ مُتَّحِدَةً، بَيْنَمَا أَصَابَهَا الْوَهْنُ وَالضَّعْفُ كُلَّمَا دَبَّ فِيهَا التَّفَرُّقُ، وَهَذَا مَا حَذَّرَ مِنْهُ الْقُرْآنُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} [الْأَنْفَالِ: ٤٦].

الِاتِّحَادُ أَسَاسُ بِنَاءِ الْإِنْسَانِ

الِاتِّحَادُ هُوَ حَجَرُ الزَّاوِيَةِ فِي بِنَاءِ الْإِنْسَانِ، وَتَطَوُّرِهِ، فَالْإِنْسَانُ كَائِنٌ اجْتِمَاعِيٌّ بِطَبْعِهِ، وَلَا يُمْكِنُهُ أَنْ يُحَقِّقَ أَقْصَى إِمْكَانَاتِهِ بِمَعْزِلٍ عَنِ الْآخَرِينَ، فَبِالِاتِّحَادِ تَتَوَحَّدُ الْجُهُودُ، وَتَتَكَامَلُ الْـخِبْرَاتُ، مِمَّا يُتِيحُ لِلْأَفْرَادِ تَجَاوُزَ الْعَقَبَاتِ، وَتَحْقِيقَ الْأَهْدَافِ الَّتِي تَبْدُو مُسْتَحِيلَةً بِمُفْرَدِهِمْ، وَعِنْدَمَا يَعْمَلُ النَّاسُ مُتَّحِدِينَ، تَتَضَاعَفُ الْقُوَى، وَتَتَنَوَّعُ الْأَفْكَارُ، مِمَّا يُثْرِي التَّجَارِبَ، وَيُسْرِعُ وَتِيرَةَ التَّطَوُّرِ، وَالنُّمُوِّ.

وَمِنْ خِلَالِ التَّفَاعُلِ، وَالتَّعَاوُنِ، يَكْتَسِبُ الْفَرْدُ مَهَارَاتٍ اجْتِمَاعِيَّةً حَيَوِيَّةً مِثْلَ: الِاسْتِمَاعِ، وَالتَّفَاوُضِ، وَحَلِّ الْـمُشْكِلَاتِ، وَالتَّعَاطُفِ، وَهِيَ كُلُّهَا صِفَاتٌ ضَرُورِيَّةٌ؛ لِتَكْوِينِ شَخْصِيَّةٍ مُتَوَازِنَةٍ، وَمُؤَثِّرَةٍ، كَمَا أَنَّ الِاتِّحَادَ يَبْنِي جُسُورَ الثِّقَةِ وَالْتَّفَاهُمِ، وَيُقَلِّلُ مِنَ الْأَنَانِيَّةِ، وَيُعَزِّزُ الشُّعُورَ بِالِانْتِمَاءِ لِلْـمُجْتَمَعِ، مِمَّا يَنْعَكِسُ إِيجَابًا عَلَى الصِّحَّةِ النَّفْسِيَّةِ، وَالْجَسَدِيَّةِ لِلْفَرْدِ، إِنَّهُ أَسَاسُ الْحَضَارَاتِ، وَمِفْتَاحُ التَّقَدُّمِ الْبَشَرِيِّ، وَبِدُونِهِ تَبْقَى الطَّاقَاتُ الْفَرْدِيَّةُ مُبَعْثَرَةً وَغَيْرَ فَعَّالَةٍ.

أَثَرُ الِاتِّحَادِ فِي صِنَاعَةِ الْـحَضَارَاتِ

لَطَالَمَا كَانَتِ الْـحَضَارَاتُ الْعَظِيمَةُ عَلَى مَرِّ التَّارِيخِ، نَتَاجًا لِلْوَحْدَةِ وَالتَّعَاوُنِ بَيْنَ أَفْرَادِهَا، فَالِاتِّحَادُ قُوَّةٌ دَافِعَةٌ، تُحَفِّزُ التَّقَدُّمَ، وَتُعَزِّزُ الِابْتِكَارَ، وَتُمَكِّنُ الْـمُجْتَمَعَاتِ مِنَ التَّغَلُّبِ عَلَى التَّحَدِّيَاتِ، وَبِنَاءِ إِرْثٍ يَدُومُ لِأَجْيَالٍ، وَعِنْدَمَا تَتَّحِدُ الْـجُهُودُ، وَتَتَوَحَّدُ الرُّؤَى، يُصْبِحُ مِنَ الْـمُمْكِنِ تَحْقِيقُ إِنْجَازَاتٍ هَائِلَةٍ، تَبْدُو مُسْتَحِيلَةً فِي ظِلِّ التَّفَرُّقِ، وَالصِّرَاعِ.

يَبْدَأُ أَثَرُ الِاتِّحَادِ فِي صِنَاعَةِ الْـحَضَارَاتِ مِنَ الْـمُسْتَوَى الْأَسَاسِيِّ لِلْـمُجْتَمَعِ، فَالْـمُجْتَمَعَاتُ الْـمُوَحَّدَةُ، تَتَمَتَّعُ بِاسْتِقْرَارٍ سِيَاسِيٍّ، وَاجْتِمَاعِيٍّ أَكْبَرَ، مِمَّا يُهَيِّئُ بِيئَةً خَصْبَةً لِلِازْدِهَارِ، فَعِنْدَمَا يَشْعُرُ الْأَفْرَادُ بِالِانْتِمَاءِ، وَالْأَمَانِ، يَكُونُوا أَكْثَرَ اسْتِعْدَادًا لِلْمُسَاهَمَةِ بِفَاعِلِيَّةٍ فِي حَيَاتِهِمُ الْـمِهَنِيَّةِ، وَالْعَامَّةِ، هَذَا الِاسْتِقْرَارُ يَسْمَحُ بِتَرْكِيزِ الْـمَوَارِدِ، وَالطَّاقَاتِ نَحْوَ الْأَهْدَافِ الْـمُشْتَرَكَةِ، وَالْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ. وَعِنْدَمَا تَتَشَارَكُ الدُّوَلُ أَوِ الْـمَنَاطِقُ فِي مَوَارِدِهَا، وَخِبْرَاتِهَا، يُمْكِنُهَا تَحْقِيقُ كَفَاءَاتٍ لَمْ تَكُنْ مُمْكِنَةً بِشَكْلٍ فَرْدِيٍّ، مِمَّا يُؤَدِّي إِلَى زِيَادَةِ الْإِنْتَاجِيَّةِ، وَتَحْسِينِ مُسْتَوَى الْمَعِيشَةِ، وَيَمْتَلِئُ التَّارِيخُ بِأَمْثِلَةٍ سَاطِعَةٍ تُبَرْهِنُ عَلَى الدَّوْرِ الْـمَحْوَرِيِّ لِلِاتِّحَادِ فِي بِنَاءِ الْـحَضَارَاتِ.

التَّحَدِّيَاتُ وَالْآفَاقُ الْـمُسْتَقْبَلِيَّةُ

بَيْنَمَا يُمَثِّلُ الِاتِّحَادُ رَكِيزَةً أَسَاسِيَّةً؛ لِبِنَاءِ الْإِنْسَانِ، وَصِنَاعَةِ الْـحَضَارَاتِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ بِالْأَمْرِ الْهَيِّنِ تَحْقِيقُهُ، أَوِ الْـحِفَاظُ عَلَيْهِ، حَيْثُ تَتَطَلَّبُ الْوَحْدَةُ التَّنَازُلَ عَنْ بَعْضِ الْـمَصَالِحِ الْفَرْدِيَّةِ مِنْ أَجْلِ الصَّالِحِ الْعَامِّ، وَتَجَاوُزَ الِاخْتِلَافَاتِ الثَّقَافِيَّةِ، وَالْعِرْقِيَّةِ، وَالْعَمَلَ عَلَى بِنَاءِ الثِّقَةِ، وَالْتَّفَاهُمِ الْـمُتَبَادَلِ.

وَفِي عَالَمِنَا الْـمُعَاصِرِ، حَيْثُ تَتَزَايَدُ التَّحَدِّيَاتُ الْعَالَمِيَّةُ مِثْلَ: تَغَيُّرِ الْـمُنَاخِ، وَانْتِشَارِ الْأَوْبِئَةِ، وَاحْتِدَامِ الصِّرَاعَاتِ، يُصْبِحُ الِاتِّحَادُ أَكْثَرَ أَهَمِّيَّةً مِنْ أَيِّ وَقْتٍ مَضَى؛ لِأَنَّ قُدْرَةَ الْبَشَرِيَّةِ عَلَى مُوَاجَهَةِ هَذِهِ التَّحَدِّيَاتِ، وَبِنَاءِ مُسْتَقْبَلٍ مُسْتَدَامٍ، تَعْتَمِدُ بِشَكْلٍ كَبِيرٍ عَلَى تَوْحِيدِ جُهُودِنَا، وَالْعَمَلِ مَعًا. وَالدُّرُوسُ الْـمُسْتَفَادَةُ مِنَ الْـحَضَارَاتِ الْقَدِيمَةِ تُؤَكِّدُ أَنَّ الْوَحْدَةَ هِيَ الْـمِفْتَاحُ لَيْسَ فَقَطْ لِلْبَقَاءِ، بَلْ لِلِازْدِهَارِ، وَبِنَاءِ حَضَارَاتٍ عَظِيمَةٍ جَدِيدَةٍ، تَتَّسِمُ بِالسَّلَامِ، وَالتَّقَدُّمِ، وَالِازْدِهَارِ لِلْجَمِيعِ.

الْـخِلَاصَةُ

الِاتِّحَادُ ضَرُورَةٌ حَتْمِيَّةٌ، وَسُنَّةٌ مِنْ سُنَنِ اللَّهِ الْكَوْنِيَّةِ، فَبِدُونِهِ لَا تَتَقَدَّمُ الْـجَمَاعَاتُ، وَلَا تَتَحَقَّقُ الْإِنْجَازَاتُ، وَلَا تَقُومُ الدُّوَلُ، وَلَا تُبْنَى الْـحَضَارَاتُ، وَلَا تُحَلُّ الْـمُعْضِلَاتُ. وَلِذَلِكَ أَمَرَ اللَّهُ -تَعَالَى- عِبَادَهُ بِالِاعْتِصَامِ، وَالْوَحْدَةِ، وَنَهَاهُمْ عَنِ الْفُرْقَةِ وَالتَّشَرْذُمِ؛ لِأَنَّ الِاتِّحَادَ هُوَ الْقُوَّةُ الدَّافِعَةُ وَرَاءَ كُلِّ تَقَدُّمٍ بَشَرِيٍّ، سَوَاءٌ عَلَى مُسْتَوَى الْفَرْدِ، أَوِ الْـمُجْتَمَعِ، أَوِ الْـحَضَارَةِ. إِنَّهُ الْـمَبْدَأُ الَّذِي يُحَوِّلُ الطَّاقَاتِ الْـمُتَفَرِّقَةَ إِلَى قُوَّةٍ مُوَجَّهَةٍ، تُبْنَى بِهَا الْأُمَمُ، وَتُصْنَعُ بِهَا الْإِنْجَازَاتُ الَّتِي تُخَلَّدُ فِي صَفَحَاتِ التَّارِيخِ.

 

 

 

 _____________________________________

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

وللإطلاع علي قسم خطبة الجمعة

 

تابعنا علي الفيس بوك

 

الخطبة المسموعة علي اليوتيوب

 

وللإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات

 

للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

وللمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

 

اظهر المزيد

كتب: د.أحمد رمضان

الدكتور أحمد رمضان حاصل علي الماجستير من جامعة الأزهر بتقدير ممتاز سنة 2005م ، وحاصل علي الدكتوراه بتقدير مع مرتبة الشرف الأولي من جامعة الأزهر الشريف سنة 2017م. مؤسس جريدة صوت الدعاة ورئيس التحرير وكاتب الأخبار والمقالات المهمة بالجريدة، ويعمل بالجريدة منذ 2013 إلي اليوم. حاصل علي دورة التميز الصحفي، وقام بتدريب عدد من الصحفيين بالجريدة. للتواصل مع رئيس التحرير على الإيميل التالي: ahmed_dr.ahmed@yahoo.com رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) للمزيد عن الدكتور أحمد رمضان رئيس التحرير أضغط في القائمة علي رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

زر الذهاب إلى الأعلى