خطبة استرشادية بعنوان : المحافظة على نعمة الماء : رؤية فقهية تراثية عصرية

خطبة الجمعة القادمة استرشادية بعنوان : المحافظة على نعمة الماء : رؤية فقهية تراثية عصرية ، بتاريخ 7 صفر 1447هـ ، الموافق 1 أغسطس 2025م.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة استرشادية بعنوان : نعمةُ المياهِ مقوِّمٌ أساسٌ للحياة بتاريخ 1 أغسطس 2025 بصيغة word
ولتحميل خطبة الجمعة القادمة استرشادية بعنوان : نعمةُ المياهِ مقوِّمٌ أساسٌ للحياة بتاريخ 1 إغسطس 2025 بصيغة pdf
عناصر خطبة الجمعة القادمة استرشادية بعنوان : نعمةُ المياهِ مقوِّمٌ أساسٌ للحياة ، كما يلي:
- أهمية الماء
- اهتمام الفقه الإسلامي بالماء
- أقوال العلماء في الإسراف في الماء
- الرؤية الفقهية المعاصرة في ترشيد المياه
- الخلاصة
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة استرشادية بعنوان : نعمةُ المياهِ مقوِّمٌ أساسٌ للحياة ، بتاريخ 1 أغسطس 2025 ، كما يلي:
الإسراف في الماء بين علمي النفس والاجتماع والتربية الصوفية
7 صفر 1447هـ – 1 أغسطس 2025م
صوت الدعاة
المـــوضــــــــــوع
الماء نعمة عظيمة لا تقوم الحياة بدونها، وقد أولى الإسلام هذه النعمة اهتمامًا بالغًا، فشرّع لها أحكامًا تحفظها وتصونها من الضياع. ومن خلال رؤية فقهية تراثية عصرية، نستعرض كيف جسد الفقه الإسلامي وعيًا حضاريًا راقيًا في التعامل مع الماء، يدعو إلى الترشيد، ويحرّم التبذير، ويضمن العدالة في الانتفاع.
وبعد
العناصر:
- أهمية الماء
- اهتمام الفقه الإسلامي بالماء
- أقوال العلماء في الإسراف في الماء
- الرؤية الفقهية المعاصرة في ترشيد المياه
- الخلاصة
· أهمية الماء
- الماء هو عصب الحياة وسر الوجود، ونعمة لا تقدر بثمن، فلا بد لكل فرد أن يدرك قيمة قطرة الماء، وكيف أنها تمثل الفرق بين الحياة والفناء، لذلك لم يكن الفقه الإسلامي الواسع بمعزل عن هذه الحقيقة الكونية، بل أولى للماء عناية فائقة، فخصص له أبوابًا وفصولًا تشرح أحكامه، وتؤكد على ضرورة المحافظة عليه وترشيد استخدامه.
- فالمتتبع لأبواب الفقه الإسلامي يجد أن الماء يحتل مكانة محورية، فهو أساس الطهارة التي هي مفتاح العبادات، فتبدأ كتب الفقه غالبًا بـ “كتاب الطهارة”، الذي يفصل أنواع المياه وأحكامها، وكيفية استخدامها للوضوء والغسل وإزالة النجاسات، مما يرسخ في وعي المسلم أهمية الماء وقدسيته.
· اهتمام الفقه الإسلامي بالماء
- ولم يقتصر اهتمام الفقه على جانب الطهارة فحسب، بل امتد ليشمل أحكام استخدام الماء في كل مناحي الحياة، مع التركيز على منع الإسراف والتبذير. وقد استند الفقهاء في ذلك إلى نصوص قرآنية ونبوية صريحة، فالقرآن الكريم يقول: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ}[الأعراف: ٣١].
- أما عن السنة المطهرة فنجد توجيهات واضحة تنهى عن الإسراف في الماء. ففي الحديث الشريف الذي رواه الإمام أحمد في “مسنده”، وابن ماجه في “سننه” عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ،أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِسَعْد وَهُوَ يَتَوَضَّأُ، فَقَالَ: «مَا هَذَا السَّرَفُ يَا سَعْدُ؟ قَالَ: أَفِي الْوُضُوءِ سَرَفٌ ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَإِنْ كُنْتَ عَلَى نَهْرٍ جَارٍ» [رواه ابن ماجه]، فهذا الحديث الشريف هو العمدة في هذا الباب، وهو يمثل قاعدة فقهية عظيمة في ترشيد استهلاك الماء، ويدل على أن الإسراف مكروه حتى في العبادات.
- وقد تواردت النصوص الفقهية التي تخدم هذا المعنى، فمنها ما ذكره العلامة ابن عابدين في كلامه على مكروهات الوضوء (والإسراف) أي: بأن يستعمل منه فوق الحاجة الشرعية، لما أخرج ابن ماجه وغيره، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، أَنَّ النَّبِيَّصَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِسَعْدٍ وَهُوَ يَتَوَضَّأُ، فَقَالَ: «مَا هَذَا السَّرَفُ يَا سَعْدُ؟ قَالَ: أَفِي الْوُضُوءِ سَرَفٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَإِنْ كُنْتَ عَلَى نَهْرٍ جَارٍ» (قوله: ومنه) أي من الإسراف الزيادة على الثلاث؛ أي في الغسلات، مع اعتقاد أن ذلك هو السنة؛ لما قدمناه من الصحيح أن النهي محمول على ذلك] [رد المحتار على الدر المختار ١/ ١٣٢].
· أقوال العلماء في الإسراف في الماء
- وقال الإمام النووي في كتابه المجموع على شرح المهذب: “والكراهة ثلاثة: الإسراف في الماء ولو كان بشط البحر، والزيادة على ثلاث، وغسل الرأس بدل مسحه؛ والشرط واحد وهو الماء المطلق” [المجموع شرح المهذب ١/ ٤٦٦].
- وقال الإمام ابن قدامة في المغني: “ويكره الإسراف في الماء، والزيادة الكثيرة فيه؛ لما روينا من الآثار” [المغني لابن قدامة الحنبلي ١/١٦٥].
- وهناك مسألة هامة تناولها الفقهاء، وهي ملكية الماء والتصرف فيه، وميزوا بين أنواع المياه المختلفة، فمياه الأمطار والأنهار والبحار، وهي ما تُعرف بـ “المياه العامة”، لا يجوز لأحد أن يستأثر بها أو يمنعها عن الآخرين، وهذا ما أكد عليه الفقهاء في كتب مثل “المغني” لابن قدامة الحنبلي؛ حيث جاء فيه: “الناس شُرَكَاءُ فِي ثَلَاثٍ: الْمَاءِ وَالْكَلَإِ وَالنَّارِ” [المغني ٥/ ٤٢٣].
- وقال الإمام النووي في “المجموع شرح المهذب”: “المياه الجارية في الأنهار -كالفرات، ودجلة، وجيحون، والنيل، وغيرها من الأنهار الكبار والصغار- ليست مملوكة لأحد وجها واحدا؛ لأنها تنبع من المواضع التي ليست مملوكة كالجبال والشعاب، ومن استقى شيئا منها وحازه ملكه، وإذا جرى ماء من هذه الأنهار إلى ملك إنسان -كماء المد يدخل في أرضه- لم يملكه إلا بالحيازة، بل يكون أحق به. وإذا حفروا أنهارا فأجروا فيها من هذه الأنهار ماء فليس أيضا بمملوك، ولهذا يحل للعطشان أن يشرب منها بغير إذن مالك النهر” [المجموع شرح المهذب ١١/ ٢٨٨].
- وهذا يدل على حرص الفقه على توازن الحقوق بين الأفراد والمجتمع في الانتفاع بالماء، امتدادًا إلى الحقوق المائية بين الدول، في تأصيل شرعي محكم لقاعدة أن الماء ملك للجميع، وليس لدولة ولا قطر بعينه.
- كما أن الفقهاء نبهوا على حرمة تلويث الماء أو إفساده؛ لأنه يضر بالمجتمع ويمنع الانتفاع بهذه النعمة، وأوجبوا على من يملك آبارًا أو مصادر للمياه الخاصة أن يسمح للآخرين بالانتفاع منها عند الضرورة، خصوصًا في أوقات الحاجة الشديدة، وهذا ما أشار إليه ابن قدامة في “المغني” عند حديثه عن حكم منع فضل الماء [المغني لابن قدامة ٤/ ٢٠٣].
· الرؤية الفقهية المعاصرة في ترشيد المياه
- أما عن الرؤية الفقهية المعاصرة للماء، فهي تمتد لتشمل تطبيقات عملية في حياتنا المعاصرة، فالمسلم مدعو دومًا لترشيد استهلاك الماء في منزله، وفي وضوئه وغسله، وفي سقي حديقته، والفقيه المعاصر يرى أن التبذير في استخدام الماء، حتى لو كان المتوضئ في بيته والماء متوفرًا بكثرة، هو نوع من أنواع الإسراف المذموم شرعًا، استنادًا إلى عموم النصوص التي تنهى عن الإسراف.
- وفي مجال الزراعة والصناعة، تؤكد مبادئ الفقه الإسلامي على ضرورة استخدام التقنيات الحديثة لترشيد استهلاك الماء، وتجنب الهدر، والحفاظ على المصادر المائية من التلوث. وتعتبر هذه الجهود جزءًا لا يتجزأ من المحافظة على هذه النعمة، ويدخل في باب “المصالح المرسلة” التي أقرها الفقهاء، وهي كل ما يحقق نفعًا للأمة ولم يرد فيه نص صريح، كما هو مبين في كتب أصول الفقه.
· الخلاصة
- وأخيرًا… إن المحافظة على نعمة الماء ليست مجرد قضية بيئية أو اقتصادية، بل هي قضية فقهية وأخلاقية في الإسلام، لقد رسخ الفقه الإسلامي مبادئ سامية في التعامل مع الماء، تقوم على الشكر والتقدير، والترشيد والاعتدال، والعدل في التوزيع، والمنع من الإفساد، فكل قطرة ماء هي أمانة في أعناقنا، وسنحاسب عليها، فلنكن خير أمناء على هذه النعمة العظيمة، مستلهمين أحكام فقهنا الإسلامي الذي ما ترك خيرًا إلا دل عليه، ولا شرًّا إلا حذر منه.
_____________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
وللإطلاع علي قسم خطبة الجمعة
وللإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
وللمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف