خطبة الجمعة القادمة 29 أغسطس 2025 : سَمَاحَةُ الإِسْلَامِ ، للشيخ خالد القط

خطبة الجمعة القادمة 29 أغسطس 2025 بعنوان : سَمَاحَةُ الإِسْلَامِ ، للشيخ خالد القط ، بتاريخ 6 ربيع الأول 1447هـ ، الموافق 29 أغسطس 2025م.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 29 أغسطس 2025 بصيغة word بعنوان : سَمَاحَةُ الإِسْلَامِ ، بصيغة word للشيخ خالد القط
ولتحميل خطبة الجمعة القادمة 29 أغسطس 2025 بصيغة pdf بعنوان : سَمَاحَةُ الإِسْلَامِ ، للشيخ خالد القط
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 29 أغسطس 2025 بعنوان : سَمَاحَةُ الإِسْلَامِ ، للشيخ خالد القط ، كما يلي:
سماحة الإسلام
بتاريخ 6 ربيع الأول 1447هـ – 29 أغسطس 2025م
الحمد لله رب العالمين، نحمده تعالى حمد الشاكرين، ونشكره شكر الحامدين.
وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت، وهو على كل شيء قدير، القائل في كتابه العزيز: ((وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133) الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134) سورة آل عمران
وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وحبيبه، اللهم صل وسلم وزد وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، حق قدره ومقدره العظيم.
أما بعد
أيها المسلمون، ألا ما أروعك وأجملك وأكملك من دين عظيم، ومنهج قويم، إنها الرسالة المحمدية، ديننا الإسلامي، حيث ما من أمر أو خلق كريم، إلا ويدعونا أن نتبع طريقه المستقيم، وما من شر أو أمر ذميم، إلا ونهانا عنه بلطفه وكرمه الحكيم العليم.
والتسامح منهج إسلامي وركيزة أساسية، بنى عليه عماد هذا الدين، فما من جانب من جوانب العبادات أو المعاملات في الإسلام، إلا والتسامح متأصل فيه.
أيها المسلمون، إن التسامح والإسلام هما فى حقيقة الأمر، وجهان لعملة واحدة، ألم تسمع حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم، وهو يعبر عن الدين الإسلامي بمصطلح السماحة، فعند الإمام أحمد وغيره بسند صحيح أنه قال صلى الله عليه وسلم: ((بُعِثتُ بالحنيفيةِ السمحةِ)).
كما تجلّت سماحة الإسلام في كل الطاعات والعبادات التي يؤدها المسلم، فعلى سبيل المثال، في فريضة الصلاة، من تعذر عليه الوضوء تيمم، قال تعالى ((وَإِن كُنتُم مَّرْضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ ۚ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَٰكِن يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)) سورة المائدة (6). وبعد الحديث عن الصيام، قال تعالى: ((يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)) سورة البقرة (185)، وعلى هذا المعنى العظيم أكد القرآن الكريم فى مناسبات عديدة مثل قوله تعالى ((وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ۚ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ ۚ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَٰذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ ۚ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ ۖ فَنِعْمَ الْمَوْلَىٰ وَنِعْمَ النَّصِيرُ)) سورة الحج (78)، وعلى هذا المعنى أيضاً أكد الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، فقد أخرج الشيخان من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أنه قال صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ الدِّينَ يُسْرٌ، ولَنْ يُشادَّ الدِّينَ أحَدٌ إلّا غَلَبَهُ، فَسَدِّدُوا وقارِبُوا، وأَبْشِرُوا، واسْتَعِينُوا بالغَدْوَةِ والرَّوْحَةِ وشيءٍ مِنَ الدُّلْجَةِ)).
أيها المسلمون، لقد جاء الإسلام بالدعوة إلى التسامح في كل ما يخص المسلم في سائر تعاملاته في هذه الحياة، من بيع أو شراء، أو حتى عندما يحدث خلاف أو شقاق ، قال تعالى ((وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133) الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134) سورة آل عمران، وقال: ((وَأَن تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ ۚ وَلَا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ )) سورة البقرة (237). وأخرج الإمام البخاري في صحيحه، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال صلى الله عليه وسلم: ((رَحِمَ اللَّهُ رَجُلًا سَمْحًا إذا باعَ، وإذا اشْتَرى، وإذا اقْتَضى)).
أيها المسلمون، ونحن في شهر مولده صلى الله عليه وسلم ترى السماحة وقد تجسدت في أسمى صورها، وأبهى معانيها في شخص حبيبنا المصطفى صلى الله عليه وسلم، فكان النبي صلى الله عليه وسلم هو السماحة بعينها تمشى على الأرض، فكان صلى الله عليه وسلم متسامحاً مع أصحابه، ومع أهل الكتاب، وحتى مع الذين آذوه من المشركين، انظر إلى تسامحه صلى الله عليه وسلم مع رجل كان له دين عند سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكم كان يطالب بقسوة وشدة، فتأمل كيف كان تسامحه صلى الله عليه وسلم في الأداء وفى تعامله مع هذا الرجل، فقد أخرج الشيخان من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: ((كانَ لِرَجُلٍ علَى رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ دَيْنٌ، فَهَمَّ به أصْحَابُهُ، فَقالَ: دَعُوهُ؛ فإنَّ لِصَاحِبِ الحَقِّ مَقَالًا، وقالَ: اشْتَرُوا له سِنًّا، فأعْطُوهَا إيَّاهُ، فَقالوا: إنَّا لا نَجِدُ سِنًّا إلَّا سِنًّا هي أفْضَلُ مِن سِنِّهِ، قالَ: فَاشْتَرُوهَا، فأعْطُوهَا إيَّاهُ؛ فإنَّ مِن خَيْرِكُمْ أحْسَنَكُمْ قَضَاءً)).
كما كان صلى الله عليه وسلم في قمة التسامح مع أهل الكتاب، يرسل إليهم بالهدايا، ويقبل هداياهم، وذلك كله انطلاقاً من قوله تعالى: ((لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ)) سورة الممتحنة (8).
* وما أكثر صور تسامحه صلى الله عليه وسلم مع المشركين الذين آذوه وحاربوه، وما يوم مكة عنا ببعيد، حين عفا عنهم وسامحهم جميعاً، بل قمة التسامح تجدها جلية واضحة في هذين الموقفين العظيمين، فقد أخرج الإمام مسلم في صحيحه، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ((قِيلَ: يا رَسُولَ اللهِ، ادْعُ على المُشْرِكِينَ قالَ: إنِّي لَمْ أُبْعَثْ لَعّانًا، وإنَّما بُعِثْتُ رَحْمَةً))، كما أخرج الشيخان من حديث عائشة رضي الله عنها ((أنَّها قالَتْ للنَّبيِّ صلّى اللهُ عليه وسلَّمَ: هلْ أتى عَلَيْكَ يَوْمٌ كانَ أشَدَّ مِن يَومِ أُحُدٍ؟ قالَ: لقَدْ لَقِيتُ مِن قَوْمِكِ ما لَقِيتُ، وكانَ أشَدَّ ما لَقِيتُ منهمْ يَومَ العَقَبَةِ، إذْ عَرَضْتُ نَفْسِي على ابْنِ عبدِ يالِيلَ بنِ عبدِ كُلالٍ، فَلَمْ يُجِبْنِي إلى ما أرَدْتُ، فانْطَلَقْتُ وأنا مَهْمُومٌ على وجْهِي، فَلَمْ أسْتَفِقْ إلّا وأنا بقَرْنِ الثَّعالِبِ، فَرَفَعْتُ رَأْسِي، فإذا أنا بسَحابَةٍ قدْ أظَلَّتْنِي، فَنَظَرْتُ فإذا فيها جِبْرِيلُ، فَنادانِي فقالَ: إنَّ اللَّهَ قدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ، وما رَدُّوا عَلَيْكَ، وقدْ بَعَثَ إلَيْكَ مَلَكَ الجِبالِ لِتَأْمُرَهُ بما شِئْتَ فيهم، فَنادانِي مَلَكُ الجِبالِ فَسَلَّمَ عَلَيَّ، ثُمَّ قالَ: يا مُحَمَّدُ، فقالَ ذلكَ فِيما شِئْتَ، إنْ شِئْتَ أنْ أُطْبِقَ عليهمُ الأخْشَبَيْنِ، فقالَ النَّبيُّ صلّى اللهُ عليه وسلَّمَ: بَلْ أرْجُو أنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِن أصْلابِهِمْ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ وحْدَهُ لا يُشْرِكُ به شيئًا)).
أيها المسلمون، وعلى دربه ونهجه الشريف صلى الله عليه وسلم، سار أصحابه الكرام، فهذا أبوبكر الصديق الذى كان مثالا يحتذى به في التسامح والعفو، وقيه نزل قوله تعالى ((وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۖ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا ۗ أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)) سورة النور (22) حدث ذلك مع أبى بكر الصديق إبان حادثة الإفك، وأن الرجل الذى كان يحسن إليه الصديق، كان ممن يشيع الفاحشة على السيدة عائشة بنت الصديق.
الخطبة الثانية
“””””””””
أيها المسلمون، شأن المسلم دائماً أن يكون متسامحاً هيناً ليناً، أسوة واقتداء بالحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، وإياك أن تظن أنك بتسامحك هذا أنك ضعيف أو أن ذلك ينقصك شيئاً من قدرك ومكانتك، فهذا قول حبيبك المصطفى صلى الله عليه وسلم ((ثلاثٌ أُقسمُ علَيهنَّ: ما نقصَ مالٌ من صدقةٍ، وما زادَ اللَّهُ عبدًا بعفوٍ إلّا عزًّا، ومَن تَواضعَ للَّهِ رفعَهُ اللَّهُ))، ولله در الشافعي حين قال:
وَعاشِر بِمَعروفٍ وَسامِح مَنِ اِعتَدى
وَدافِع، وَلَكِن بِالَّتي هِيَ أَحسَنُ
اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق، لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عنا سيئها، لا يصرف عنا سيئها إلا أنت.
واحفظ مصرنا الحبيبة من كل سوء وشر
بقلم: الشيخ خالد القط
_____________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
وللمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف