أخبار مهمةخطبة الأسبوعخطبة الجمعةخطبة الجمعة القادمة ، خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف المصرية مكتوبة word pdfعاجل

خطبة الجمعة بعنوان: الوسطية روح الإسلام، د/ أحمد علي سليمان

خطبة الجمعة، بعنوان: الوسطية روح الإسلام حُبُّ التناهي شطط.. خيرُ الأمور الوسط

خطبة الجمعة بعنوان: الوسطية روح الإسلام حُبُّ التناهي شطط.. خيرُ الأمور الوسط بقلم المفكر الإسلامي الدكتور/ أحمد علي سليمان عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية الجمعة: 18 ذو القعدة 1446هـ 16 مايو 2025م

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة بتاريخ 16 مايو 2025م ، للدكتور أحمد علي سليمان بعنوان : الوسطية روح الإسلام حُبُّ التناهي شطط.. خيرُ الأمور الوسط :

لتحميل خطبة الجمعة القادمة بتاريخ 16 مايو 2025م ، للدكتور أحمد علي سليمان بعنوان: الوسطية روح الإسلام حُبُّ التناهي شطط.. خيرُ الأمور الوسط ، بصيغة  pdf أضغط هنا.

ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 16 مايو 2025م ، للدكتور أحمد علي سليمان ، بعنوان : الوسطية روح الإسلام حُبُّ التناهي شطط.. خيرُ الأمور الوسط : كما يلي:

 

خطبة الجمعة، بعنوان:
الوسطية روح الإسلام
حُبُّ التناهي شطط.. خيرُ الأمور الوسط
بقلم المفكر الإسلامي الدكتور/ أحمد علي سليمان
عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية
الجمعة: 18 ذو القعدة 1446هـ / 16 مايو 2025م

الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونسترضيه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يُضلِل فلن تجد له وليًّا مرشدًا. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له،
• الكمالُ كمالُه، • والجلالُ جلالُه، • والجمالُ جمالُه (جلَّ وعلا).
وأشهد أن سيدنا محمدًا (ﷺ) عبدُ الله ورسوله، أرسله الله رحمةً للعالمين، وهاديًا إلى الاعتدال في كل شيء وفي كل حال، وفي كل أمر من أمور الدنيا والدين، وعلى آله وصحبه ومَن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أيها المسلمون: أوصيكم ونفسي المقصرة بتقوى الله، فإنها وصيه الله للأولين والآخرين، قال تعالى: (…وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ ۚ…) (النساء: 131)، وقال عز وجل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ) (آل عمران: 102).. أما بعد،،،
أيها المؤمنون:
نعيش اليوم في رحاب موضوع بالغ الأهمية، يتعلق بجوهر الإسلام الحنيف ورحمته، نعيش مع وسطية الإسلام؛ وقد قال العرب قديما: “حُبُّ التناهي شطط… خيرُ الأمور الوسط”. والسعي وراء الكمال المطلق وَهْم ٌيُرهق النفس والجسم والعقل ويُفسد السعي؛ لأن الكمال لله وحده.
تأمـــلات
من مظاهر الوسطية واليسر والرحمة في العبادات والشعائر
ففي الوضوء والطهارة: شُرع لنا الوضوء إذا وُجد الماء، فإن لم يُوجد، أو وُجد مع عذر شرعي يمنع استعماله، وعندئد يشُرع التيمم. قال تعالى: (…فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ ۗ….) (النساء: 43) .
وفي الصلاة: وهي عماد الدين- إن استطعت أن تصلي قائمًا، فصلِّ قائمًا، فإن عجزت فصلِّ قاعدًا، فإن لم تستطع فمضطجعًا، فإن لم تقدر فصلِّ بعينيك، فإن لم تستطع فأجرِ الصلاة على قلبك.كل ذلك من رحمة الله، حتى لا تنقطع صلتك به في أي حال من الأحوال.
بل راعى الإسلام وقت الصلاة أيضًا، فأباح الجمع بين الصلوات عند العذر، في السفر أو المرض أو المطر، فتصلي الظهر والعصر جمع تقديم أو تأخير، وتصلي المغرب والعشاء كذل
وفي الحج:
رسخ النبي العظيم معاني الوسطية ومعالم التيسير، فعن عبد الله بن عمرو (رضي الله عنهما) أنَّهُ شَهِدَ النبيَّ (ﷺ) يَخْطُبُ يَومَ النَّحْرِ، فَقَامَ إلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ: كُنْتُ أحْسِبُ أنَّ كَذَا قَبْلَ كَذَا، ثُمَّ قَامَ آخَرُ فَقَالَ: كُنْتُ أحْسِبُ أنَّ كَذَا قَبْلَ كَذَا، حَلَقْتُ قَبْلَ أنْ أنْحَرَ، نَحَرْتُ قَبْلَ أنْ أرْمِيَ، وأَشْبَاهَ ذلكَ، فَقَالَ النبيُّ (ﷺ): (افْعَلْ ولَا حَرَجَ، لهنَّ كُلِّهِنَّ، فَما سُئِلَ يَومَئذٍ عن شيءٍ إلَّا قَالَ: افْعَلْ ولَا حَرَجَ)
معنى: حبُّ التناهي شطط
يقول العرب في حكمتهم الخالدة: “حبُّ التناهي شطط”
ومعناها باختصار:
• حبُّ التناهي: أي طلب الوصول إلى أقصى النهاية في كل شيء، والسعي وراء الكمال المطلق.
• شطط: أي مجاوزة الحدّ، الإفراط، والميل عن الحق.
أي إن من أراد الكمال المطلق في حياته، أو سعى لبلوغ غاية الغايات دون حدود أو قيود، خرج من حد الاعتدال إلى الإفراط، ومنه إلى الهلاك.
فالكمال لله وحده، وكل من طلب الكمال المطلق في الجمال، أو المال، أو العلم، أو العبادة، وقع في الإفراط والخلل.
الكمال لله وحده
والإنسان بطبعه ناقص
كمال الله (تعالى) كمالٌ مطلق لا يعتريه نقصٌ بوجهٍ من الوجوه، فهو (سبحانه) الكامل في أسمائه، وصفاته، وأفعاله، لا يُشبهه شيء، ولا يلحقه عيب.
كماله (جلَّ وعلا) ذاتيّ أزليّ أبدي، لا يسبقه عدم، ولا يلحقه فناء، وهو الغني عن الخلق، الكامل في عدله، وحكمته، وعلمه، ورحمته.
وقد أثنى الله (تعالى) على نفسه بالكمال في مواضع كثيرة من القرآن، منها قوله: (وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ . ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ . فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ) (البروج: 14–16).
وَهْمُ الكمال البشري:
ومِن غرق من البشر في وَهْمِ الكمال؛ أصابه التعب والاضطراب، وانقلب سعيه إلى ضده:
• فمن طلب الكمالَ في الجمال، أسرف ماله وصحته ووقته حتى صار إلى القبح.
• ومن طلب الكمالَ في المال، استباح الحرام ونسى الحلال.
• ومن طلب الكمالَ في العلم، أهلك نفسه وأهله ولم ينتفع الناس منه.
• ومن بالغ في العبادة بلا فهم، أهمل غيره، وشقّ على نفسه.
ووسطية الإسلام سر جماله، وجلاله،…
الوسطية روح الإسلام
والغلو والتشدد مصادرةٌ لخصائصِ الإسلام
الوسطية ليست مجرد شعار، بل هي أسلوب حياة، وسلوك نمارسه في كل جوانب حياتنا، تُوازن بين العمل والعبادة، بين القول والفعل، وتؤسس لشتى أنواع العلاقات على أسس رشيدة…
والوسطية ضرورية تجابه الغلو والتطرف بما ينطويان عليه من أخطار واعتداء ليس على طبيعة الإنسان فحسب، بل اعتداء على روح الإسلام.
التشددُ في الدِّينِ خطيرٌ، خطيرٌ، خطيرٌ على الأفراد، وعلى المجتمعات وعلى صورة الدين نفسه الذي جاء أساس لنشر اليسر والرحمة… والتفريطُ والإفراطُ عدوانٌ على الوسطيةِ، يقول الدكتور/ محمد بكر إسماعيل: والتشددُ على النفسِ مصادرةٌ لخصائصِ الإسلامِ المتمثلةِ في: اليسرِ، ورفعِ الحرجِ، ودفعِ المشقةِ، وقلَّةِ التكاليفِ.
والتشددُ على الناسِ ظلمٌ لهم وعدوانٌ عليهم، ومخالفةٌ لميزانِ العدلِ الذي جاء به هذا الدِّينُ في تشريعاتِه كلِّها.
يقولُ النبيُّ (ﷺ): (لا تُشَدِّدُوا على أنفُسِكم؛ فيُشَدِّدَ اللهُ عليْكُمْ، فإِنَّ قومًا شدَّدُوا على أنفُسِهم، فشدَّدَ اللهُ عليهم) ([() أخرجه أبو داود في سننه.]) .
وكان من أحبِّ الأشياء إلى سيدنا رسولِ اللهِ (ﷺ) العمل الدائم وإنْ قَلَّ، ولكي يكونَ العملُ دائمًا، لا بدَّ أن يكونَ محتمَلًا، وفي حدودِ الطاقةِ واليُسرِ.
ولهذا قال (ﷺ) لأصحابِه البررةِ في هذه الوصيةِ الجامعةِ: “لا تُشَدِّدُوا على أنفسِكم”.
وهو نهيٌ عامٌّ عن التشددِ في كلِّ شيءٍ، يتناولُ بعمومِه التشددَ على النفسِ، وكذا على الغير، في أمورِ الدينِ وفي أمورِ الدنيا، إلا أنَّ الوصيةَ محذِّرةٌ لهم عن التشددِ في الدينِ بالدرجةِ الأولى.
العمل عبادة:
ودينُنا يأمرُنا بأن نسيرَ في الأرضِ، ونمشيَ في مناكبِها، ونتخذَ لنا فيها مستقرًّا كريمًا نجدُ فيه ما نشبعُ به رغباتِنا المحمودةَ من الكسبِ الحلالِ، بالعملِ المتواصلِ، والجدِّ المشكورِ، فنجمعُ بين مطالبِ الدِّينِ والدنيا معًا، فما أحسنَ الدينَ والدنيا إذا اجتمعا، ولا باركَ اللهُ في دنيا بلا دينٍ.
وظيفة الإنسان في الأرض معروفة؛
oفقد خلقه الله لعمارتها،
oوإصلاحها،
oواستخراج ما يحتاج إليه منها.
وهذه الأعمال تمثل جانبًا من جوانب العبادة؛ إذ إن العبادة ليست مقصورة على الصلاة، والصيام، والزكاة، والحج، والذكر، بل تتسع في مفهومها اللغوي والديني لتشمل كل ما يتعلق بشؤون الحياة، في حدود ما أمر الله به ورضيه لعباده ([() د/ محمد بكر إسماعيل: وصايا الرسول وأثرها في تقويم الفرد وإصلاح المجتمع، الجزء الثاني، القاهرة: دار المنار، 1999، ص 108-110 بتصرف.]) (د/ محمد بكر إسماعيل: وصايا الرسول وأثرها في تقويم الفرد وإصلاح المجتمع، الجزء الثاني)ـ.
خير الأمور الوسط
الاعتدال سرّ السعادة ومفتاح النجاح، «وخير الأمور أوسطها» قاعدة تجمع بين الدين والدنيا.
وفي الاعتدال يتحقق التوازن، وتزدهر الحياة، ويهتدي الإنسان إلى سواء السبيل.
إنّ التمسك بالوسطية لهو نهجُ العقلاء، ودربُ الحكماء، وسرُّ الفلاح في الدنيا والآخرة.
ومَن سار في طريق الاعتدال، نجا من الانحراف، وبلغ برّ الأمان.
وفيما يلي الإشارة إلى بعض مواضع الوسطية…
أولًا: في العبادات والعقيدة والسلوك الروحي
– خير الأمور الوسط في العبادة.
– خير الأمور الوسط في الزهد.
– خير الأمور الوسط في التوازن بين الدين والدنيا.
– خير الأمور الوسط في العزة والتواضع.
ثانيًا: في طلب العلم والمعرفة
– خير الأمور الوسط في طلب العلم، والتأمل.
– خيرُ الأمورِ الوسطُ في السَّهرِ لطلبِ العلم، لا إفراطَ يُنهِك، ولا تفريطَ يُطفِئ.
ثالثًا: في المال والعمل والإنفاق
– خير الأمور الوسط في العمل.
– خير الأمور الوسط في الكسب.
– خير الأمور الوسط في النفقة.
– خير الأمور الوسط في الادخار.
– خير الأمور الوسط في الصدقة.
– خير الأمور الوسط في العطاء.
– خير الأمور الوسط في الأخذ.
– خير الأمور الوسط في الإنفاق على الأهل.
رابعًا: في العلاقات الاجتماعية والتعامل مع الناس
– خير الأمور الوسط في مساعدة الناس.
– خير الأمور الوسط في الضيافة.
– خير الأمور الوسط في التعامل مع الناس.
– خير الأمور الوسط في القرب من الناس.
– خير الأمور الوسط في البعد عن الناس.
– خير الأمور الوسط في الكلام مع الآخرين.
– خير الأمور الوسط في النصيحة.
– خير الأمور الوسط في الثناء.
– خير الأمور الوسط في النقد.
– خير الأمور الوسط في المزاح.
خامسًا: في الأقوال والأفعال والسلوك اليومي
– خير الأمور الوسط في الكلام.
– خير الأمور الوسط في الصمت.
– خير الأمور الوسط في الجد.
– خير الأمور الوسط في الحزم.
– خير الأمور الوسط في اللين.
– خير الأمور الوسط في العفو.
– خير الأمور الوسط في الرحمة.
– خير الأمور الوسط في الشدة.
سادسًا: في المشاعر والانفعالات النفسية
– خير الأمور الوسط في الحلم.
– خير الأمور الوسط في الغضب.
– خير الأمور الوسط في الحزن.
– خير الأمور الوسط في الفرح.
– خير الأمور الوسط في الحب.
سابعًا: في الصحة والراحة والبدن
– خير الأمور الوسط في المأكل.
– خير الأمور الوسط في المشرب.
– خير الأمور الوسط في النوم.
– خير الأمور الوسط في الرياضة.
– خير الأمور الوسط في الترفيه.
ثامنًا: في تربية الأولاد وتطوير الذات
– خير الأمور الوسط في تربية الأولاد.
– خير الأمور الوسط في الطموح.
– خير الأمور الوسط في الثقة بالنفس.
– خير الأمور الوسط في التخطيط للمستقبل.
تاسعًا: في السفر والتوازن العام
– خير الأمور الوسط في السفر.
– خير الأمور الوسط في كل أمرٍ من أمور الدنيا والدين.
القرآن يؤسس الوسطية والاعتدال وينهى عن الإفراط
القرآن الكريم زاخر بكثير من الآيات القرآنية التي تدعو إلى الوسطية والاعتدال، نقطف منها:
قال تعالى: (وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ۗ…) (البقرة: 143).
 وقال تعالى: (…يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ…) (البقرة: 185).
وقال الحق تبارك وتعالى: (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ۚ…) (البقرة: 286).
وقال عز وجل: (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ ۚ….) (النساء: 171).
وقال تعالى: (…وَلَا تُسْرِفُوا ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) (الأنعام: 141).
 وقال الله تبارك وتعالى: (يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) (الأعراف: 31).
 وقال تعالى: (وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا) (الإسراء: 29).
 وقال عز وجل: (وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَٰلِكَ قَوَامًا) (الفرقان: 67).
وقال تعالى: (وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ ۖ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا ۖ وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ ۖ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ) (القصص: 77).
وقال سبحانه: (لِّكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ) (الحديد: 23).
الرسول يعلمنا الاعتدال في كل شيء
قصة الثلاثة الذين أرادوا أن يشددوا على أنفسهم
ديننا دين الوسطية، ورسولنا رسول الوسطية، وأمتنا أمة وسطا، وقد جاء الرسول العظيم لينثر الرحمة والوسطية والاعتدال في كل مكان وزمان، بعيدا عنِ التَّعقيد والجمود والتشدُّد والتزمُّت والإفراط أو التفريط.
ومن دواعي فخرنا وعزنا، وشكرنا لربنا أنه مَنَّ علينا بالإسلام الحنيف، وهو دين واضحٌ لا غموضَ فيه، ولا لبسَ فيه، ولا تَناقضَ فيه، وتَعاليمُه سَهلة ميسَّرة، تناسبُ الإنسان في كلِّ زمان ومكان، قال تعالى: (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ…) (الحج: 78).
فعنْ أنس بن مالك (رضي الله عنه) قال: جَاءَ ثَلَاثَةُ رَهْطٍ إلى بُيُوتِ أزْوَاجِ النبيِّ (ﷺ) ، يَسْأَلُونَ عن عِبَادَةِ النبيِّ (ﷺ)، فَلَمَّا أُخْبِرُوا كَأنَّهُمْ تَقَالُّوهَا، فَقالوا: وأَيْنَ نَحْنُ مِنَ النبيِّ (ﷺ)؟ قدْ غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ وما تَأَخَّرَ.
قالَ أحَدُهُمْ: أمَّا أنَا فإنِّي أُصَلِّي اللَّيْلَ أبَدًا.
وقالَ آخَرُ: أنَا أصُومُ الدَّهْرَ ولَا أُفْطِرُ.
وقالَ آخَرُ: أنَا أعْتَزِلُ النِّسَاءَ فلا أتَزَوَّجُ أبَدًا.
فَجَاءَ رَسولُ اللَّهِ (ﷺ) إليهِم، فَقالَ: (أنْتُمُ الَّذِينَ قُلتُمْ كَذَا وكَذَا، أما واللَّهِ إنِّي لَأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وأَتْقَاكُمْ له، لَكِنِّي أصُومُ وأُفْطِرُ، وأُصَلِّي وأَرْقُدُ، وأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فمَن رَغِبَ عن سُنَّتي فليسَ مِنِّي)( راجع كتابنا: كيف نتوضأ بأخلاق النبوة؟، القاهرة: دار إشراقة، 2024م).
وهكذا وضعَ النبيُّ الكريم النقاطَ على الحروف، ليرسِّخَ مَنهجيةَ التَّيسير ورَفع الحرَج والمشقَّة، ويقضي على التشدُّد والتزمُّت، والإفراط والتفريط.
مظاهرُ الاعتدالِ في عباداتِه (ﷺ) وحياتِه
مظاهر الاعتدال في طعامِه (ﷺ):
مظاهر الاعتدال في شرابه (ﷺ):
مظاهر الاعتدال في كلامه وسكوتُه وضحكُه وبكاؤه (ﷺ):
مظاهر الاعتدال في نومه (ﷺ):
مظاهر الاعتدال في لباسه (ﷺ):
مظاهر الاعتدال في عطره (ﷺ):
خطورة الإفراط
الإفراط -أي تجاوز الحد والوقوع في الزيادة غير المنضبطة- خطير من عدة نواحي، سواء في الدين أو الصحة أو المعاملات أو حتى المشاعر.
يمكن تلخيص خطورته في النقاط التالية:
فقدان التوازن: فالإفراط يخلّ بتوازن النفس والجسد والمجتمع.
أضرار صحية: الإفراط على سبيل المثال في الأكل، أو النوم، أو العمل يؤدي إلى أمراض جسدية ونفسية، مثل السمنة، وأمراض القلب، والإرهاق، والقلق.
 أضرار تتعلق بالتدين: الإفراط والمبالغة القصوى في العبادة تؤدي إلى التقصير في حقوق الناس. فعن النبي (ﷺ): أنَّه قال لعبْدِ اللهِ بنِ عَمرِو بنِ العاصِ (رَضِي اللهُ عنهما): (إنَّ لِرَبِّك عليك حقًّا، ولنفْسِك عليك حقًّا، ولأهْلِك عليك حقًّا، فأعْطِ كلَّ ذي حقٍّ حقَّه)..
 المعاناة النفسية: الإفراط في المشاعر، كالحبّ أو الغضب أو الحزن، يجعل الشخص عرضة للاضطرابات النفسية ويفقده القدرة على اتخاذ قرارات صائبة.
 تدمير العلاقات: الإفراط في الإنفاق، أو السيطرة، أو التدخل في شؤون الآخرين، يُفسد العلاقات ويخلق العداوات.
ضياع الوقت والمال: الإفراط في الترفيه أو الاستهلاك يضيّع الموارد التي كان يمكن استثمارها في شيء مفيد.
القاعدة الذهبية في الإسلام وفي الحياة عمومًا هي الاعتدال. قال تعالى: (…وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) (الأعراف: 31).
هل الوسطية تتعارض مع فريضة الإتقان؟
الإتقان: هو إتمام أي أمر على أكمل وجه، وأفضل صورة ممكنة، في حدود الطاقة البشرية.
والإفراط والتناهي: هي المبالغة المفرطة في أيّ أمر بهدف الوصول إلى الكمال، والكمال لله وحده، والتناهي شطط وانحراف عن الجادة، وتحميل النفس ما لا تطيق…
والسؤال الجوهري: هل مبدأ الوسطية والاعتدال يتعارض مع فريضة الإتقان؟
الجواب: لا، بل هما متكاملان ومتعاضدان، لأن الإتقان في الإسلام يقوم على الإحسان المنضبط الذي لا يرهق النفس ولا يُفسد سائر شؤون الحياة.
مع الأخذ في الاعتبار أن:
🔸الوسطية لا تعني الفتور، بل بذل الجهد بإخلاص دون إهمال للصحة والحقوق.
🔸 الإتقان لا يعني الكمال المطلق، بل بذل الوسع دون الوقوع في فخ الكمالية المَرَضية.
🔸 الإفراط قد يفسد الإتقان: فمراجعة العمل البسيط لساعات بذريعة الإتقان إهدارٌ للوقت والطاقة.
🔸 الاعتدال يُوازن الحقوق: عملٌ متقَن، وعناية بالنفس والأهل، وقيام بحقّ الله دون إخلال.
🔸 الإتقان الحقيقي يحتاج اعتدالًا: فلا إنتاج دون راحة، ولا إبداع مع إنهاك.
وهكذا، فإن “خير الأمور الوسط” إطارٌ يحمي من الغلو والتقصير، والإتقان جوهر العمل المسؤول. فإذا حُفَّ الإتقان بسياج الوسطية، تحقق التوازن بين الجودة والرحمة.
🔹 الوسطية: توازن لا إفراط فيه ولا تفريط، وليست فتورًا ولا كسلًا.
🔹 الإتقان: بذل الوسع لإتمام العمل بأفضل صورة، وهو عبادة قلبية قبل أن يكون جهدًا عضليًّا.
🔸 كثيرون يظنون أن الإتقان = الإفراط، والوسطية = التراخي، فيقعون في وهم التعارض.
والحق أن الإتقان وسطٌ بين الإهمال والتكلّف، وأن الوسطية تهذّب الإتقان ولا تنقضه.
أمثلة تطبيقية:
إتقان الصلاة: بخشوع، لا بإطالة ترهق النفس.
إتقان العمل: بجودة وإبداع وبراعة متوازنة، لا بإرهاق مدمر.
إتقان الإنفاق: بالجود الحكيم، لا إسراف ولا بخل.
والإتقان في الإسلام وسطٌ بين الإهمال والتكلّف. الوسطية لا تقتل الإتقان، بل تهذّبه وترشّده ليكون نافعًا ودائمًا ومستدامًا. من ظنّ أن الإتقان هو الذوبان في التفاصيل إلى حد الجنون، فقد أخلّ بالإتقان. ومن ظنّ أن الوسطية هي الفتور، فقد ظلم معناها.
أيها الأخوة المؤمنون: أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن سيدنا محمدًا (ﷺ) رسولُ الله عباد الله: أوصيكم ونفسي بتقوى الله..يقول الحق (تبارك وتَعَالَى): (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ) (آل عمران: 102) أما بعد..
كيف نجعل الوسطية منهاج حياة؟
وكيف نرسخها عمليًّا في حياتنا؟
الوسطية هي منهاج حياة شامل؛ تضبط السلوك، وتهذب الفكر، وتقوِّم العمل. وليست الوسطية حلًّا مؤقتًا، بل هي أساس ثابت لكل حضارة راشدة، ومجتمع مستقر.
وإن السعي لجعلها منهاج حياة يتطلب وعيًا وممارسة تبدأ من الذات، ثم تمتد إلى الأسرة، فالمدرسة، فالمجتمع، ثم إلى العالم بأسره. فكلما كان الإنسان أكثر توازنًا، كان أقرب إلى روح الإسلام.
والوسطية من الفرائض الحضارية للإسلام، وقد امتدح الله أمتنا بقوله تعالى: (وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا..) (البقرة: 143)، وهكذا فالمسلم الحق لا هو مُفرِّط ولا مُفرِط، لا غالٍ في دينه ولا متساهل فيه، بل هو متزن الفكر، معتدل السلوك، راجح العقل.
ولكي نحققها عمليًّا في حياتنا
فلا بد أن نغرسها في النفوس منذ الصغر،
وأن نرسّخها في السلوك اليومي.
وحتى نُحقق الوسطية منهجًا عمليًّا، نحتاج إلى غرسها في جميع جوانب الحياة، على النحو الآتي:
الوسطية في العبادة:
الوسطية في الأخلاق والمعاملات:
الوسطية بالابتعاد عن التطرف في الآراء
الوسطية في التربية والتعليم:
الوسطية في الدعوة إلى الإسلام:
الوسطية في الحياة الشخصية:
الوسطية في الإعلام ووسائل التواصل:
الوسطية في مواجهة الإسلاموفوبيا:
الوسطية في مواجهة الفتن:
الوسطية في التربية على القيم الإنسانية:
اللَّهُمَّ أَنْزِلِ السَّكِينَةَ عَلَى مِصْرَ وَأَهْلِهَا
وَافْتَحْ لَنَا البَرَكَاتِ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ
وَبَارِكْ فِي مِصْرَ وَرِجَالِهَا وشَعْبِهَا وَجَيْشِهَا
اللهم احفظ مصر شرقها وغربها، شمالها وجنوبها، طولها وعرضها وعمقها، بحارها وسماءها ونيلها، ووفق يا ربنا قيادتها وجيشها وأمنها وأزهرها الشريف، وعلماءها، واحفظ شعبها، وبلاد المحبين يا رب العالمين، اللهم اشف مرضانا وارحم موتانا اللهم طهّر قلوبنا من الكبر، وزيّنها بالتواضع،اللهم اجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وصلِّ اللهم وسلِّم وبارِك على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..وأقم الصلاة.
خادم الدعوة والدعاة د/ أحمد علي سليمان
عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية
والحاصل على المركز الأول على مستوى الجمهورية في خدمة الفقه والدعوة (وقف الفنجري 2022م)
المدير التنفيذي السابق لرابطة الجامعات الإسلامية- عضو نقابة اتحاد كُتَّاب مصر
واتس آب: 01122225115 بريد إلكتروني: drsoliman55555@gmail.com
يُرجي من السادة الأئمة والدعاة متابعة الصفحة الرسمية، وعنوانها:
(الدكتور أحمد علي سليمان)؛ لمتابعة كل جديد

 

 

لقراءة الخطبة أو تحميلها كاملا يرجي تحميل الخطبة من ملف pdf بالأعلي

_____________________________________

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

وللإطلاع علي قسم خطبة الجمعة

 

تابعنا علي الفيس بوك

 

الخطبة المسموعة علي اليوتيوب

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات

 

وللإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

 

اظهر المزيد

كتب: د.أحمد رمضان

الدكتور أحمد رمضان حاصل علي الماجستير من جامعة الأزهر بتقدير ممتاز سنة 2005م ، وحاصل علي الدكتوراه بتقدير مع مرتبة الشرف الأولي من جامعة الأزهر الشريف سنة 2017م. مؤسس جريدة صوت الدعاة ورئيس التحرير وكاتب الأخبار والمقالات المهمة بالجريدة، ويعمل بالجريدة منذ 2013 إلي اليوم. حاصل علي دورة التميز الصحفي، وقام بتدريب عدد من الصحفيين بالجريدة. للتواصل مع رئيس التحرير على الإيميل التالي: ahmed_dr.ahmed@yahoo.com رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) للمزيد عن الدكتور أحمد رمضان رئيس التحرير أضغط في القائمة علي رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

زر الذهاب إلى الأعلى