خطبة الجمعة بعنوان : حسن إدارة الوقت منهج إسلامي (إِدَارَةُ الْوَقْتِ مِفْتَاحُ بِنَاءِ الإِنْسَانِ النَّاجِحِ)

خطبة الجمعة بعنوان : حسن إدارة الوقت منهج إسلامي (إِدَارَةُ الْوَقْتِ مِفْتَاحُ بِنَاءِ الإِنْسَانِ النَّاجِحِ) ، بتاريخ 30 محرم 1447هـ ، الموافق 25 يوليو 2025م.
لتحميل خطبة جمعة استرشادية بعنوان : حُسْنُ إِدَارَةِ الْوَقْتِ مَنْهَجٌ إِسْلَامِيٌّ (إِدَارَةُ الْوَقْتِ مِفْتَاحُ بِنَاءِ الإِنْسَانِ النَّاجِحِ) بتاريخ 25 يوليو 2025 ، بصيغة word
ولتحميل خطبة جمعة استرشادية بعنوان : حُسْنُ إِدَارَةِ الْوَقْتِ مَنْهَجٌ إِسْلَامِيٌّ (إِدَارَةُ الْوَقْتِ مِفْتَاحُ بِنَاءِ الإِنْسَانِ النَّاجِحِ) بتاريخ 25 يوليو 2025 بصيغة pdf
عناصر خطبة جمعة استرشادية بعنوان : حُسْنُ إِدَارَةِ الْوَقْتِ مَنْهَجٌ إِسْلَامِيٌّ (إِدَارَةُ الْوَقْتِ مِفْتَاحُ بِنَاءِ الإِنْسَانِ النَّاجِحِ) ، كما يلي:
- الْوَقْتُ فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ: قِيمَةٌ لَا تُضَاهَى
- إِدَارَةُ الْوَقْتِ فِي الْإِسْلَامِ: مَنْهَجُ حَيَاةٍ مُتَكَامِلٍ
- مِنَ التَّنْظِيمِ الْيَوْمِيِّ إِلَى الْأَبْعَادِ الرُّوحِيَّةِ: مَفْهُومٌ شَامِلٌ
- دُرُوسٌ مِنَ الْحَضَارَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ: اسْتِثْمَارُ الْوَقْتِ لِبِنَاءِ الْمُسْتَقْبَلِ
- الْخِلَاصَةُ
ولقراءة خطبة جمعة استرشادية بعنوان : حُسْنُ إِدَارَةِ الْوَقْتِ مَنْهَجٌ إِسْلَامِيٌّ (إِدَارَةُ الْوَقْتِ مِفْتَاحُ بِنَاءِ الإِنْسَانِ النَّاجِحِ) ، بتاريخ 25 يوليو 2025 بعنوان، كما يلي:
خُطْبَةٌ بِعُنْوَانِ: حُسْنُ إِدَارَةِ الْوَقْتِ مَنْهَجٌ إِسْلَامِيٌّ
(إِدَارَةُ الْوَقْتِ مِفْتَاحُ بِنَاءِ الإِنْسَانِ النَّاجِحِ)
بتاريخ 30 محرم 1447هـ 30 يوليو 2025م
“الْوَقْتُ كَنْزٌ لَا يَفْنَى، وَمَنْهَجٌ إِسْلَامِيٌّ فَرِيدٌ يُعْلِي مِنْ قِيمَتِهِ، فَلَيْسَ مَجَرَّدَ دَقَائِقَ وَسَاعَاتٍ تَمُرُّ، بَلْ هُوَ عُمْرُ الْإِنْسَانِ الَّذِي سَيُسْأَلُ عَنْهُ. يَسْتَعْرِضُ هَذَا الْمَقَالُ كَيْفَ أَوْلَى الْقُرْآنُ وَالسُّنَّةُ أَهَمِّيَّةً قُصْوَى لِلْوَقْتِ، وَجَعَلَا مِنْهُ رَكِيزَةً أَسَاسِيَّةً فِي بِنَاءِ الْفَرْدِ وَالْمُجْتَمَعِ، لِنَكْتَشِفَ مَعًا الْأَبْعَادَ الْعَمِيقَةَ لِإِدَارَةِ الْوَقْتِ كَعِبَادَةٍ وَمَسْؤُولِيَّةٍ.”
“فَالْإِسْلَامُ لَمْ يَجْعَلِ الْوَقْتَ وَقْتًا لِلتَّسْلِيَةِ وَاللَّهْوِ، وَلَكِنَّهُ جَعَلَهُ مِضْمَارًا لِلسَّعْيِ، وَسُوقًا لِلتِّجَارَةِ مَعَ اللهِ، فَفِي كُلِّ لَحْظَةٍ تَمْضِي، فُرْصَةٌ لِلْقُرْبِ مِنَ اللهِ، وَفُرْصَةٌ لِخِدْمَةِ الْخَلْقِ، وَفُرْصَةٌ لِتَحْقِيقِ الْهَدَفِ. وَلِذَا قَالَ رَسُولُ اللهِ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ –: «لَا تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ… عُمْرِهِ فِيمَ أَفْنَاهُ» [رواه الترمذي]. فَكَيْفَ يَسْتَخِفُّ الْعَاقِلُ بِوَقْتِهِ، وَهُوَ يُسْأَلُ عَنْهُ بَيْنَ يَدَيِ الْمَلِكِ الْعَدْلِ؟!”
العناصر:
- الْوَقْتُ فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ: قِيمَةٌ لَا تُضَاهَى
- إِدَارَةُ الْوَقْتِ فِي الْإِسْلَامِ: مَنْهَجُ حَيَاةٍ مُتَكَامِلٍ
- مِنَ التَّنْظِيمِ الْيَوْمِيِّ إِلَى الْأَبْعَادِ الرُّوحِيَّةِ: مَفْهُومٌ شَامِلٌ
- دُرُوسٌ مِنَ الْحَضَارَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ: اسْتِثْمَارُ الْوَقْتِ لِبِنَاءِ الْمُسْتَقْبَلِ
- الْخِلَاصَةُ
الْوَقْتُ فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ: قِيمَةٌ لَا تُضَاهَى
لَقَدْ أَوْلَى الْقُرْآنُ الْكَرِيمُ، وَالسُّنَّةُ النَّبَوِيَّةُ الشَّرِيفَةُ، أَهَمِّيَّةً قُصْوَى لِلْوَقْتِ، وَجَعَلَا مِنْهُ عُنْصُرًا مِحْوَرِيًّا فِي بِنَاءِ شَخْصِيَّةِ الْمُسْلِمِ وَحَضَارَتِهِ.
فَالْقُرْآنُ الْكَرِيمُ يُقْسِمُ بِالْوَقْتِ فِي مَوَاضِعَ عَدِيدَةٍ، مُؤَكِّدًا عَلَى عَظَمَتِهِ، وَفَدَاحَةِ خَسَارَةِ مَنْ يُضَيِّعُهُ، فَقَالَ تَعَالَى: {وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} [سورة العصر: ١-٣].
هَذِهِ السُّورَةُ الْقَصِيرَةُ جَامِعَةٌ لِمَعَانٍ عَظِيمَةٍ، فَهِيَ تُقْسِمُ بِالْعَصْرِ – أَيْ: بِالدَّهْرِ أَوْ جُزْءٍ مِنَ الْوَقْتِ – لِتُنَبِّهَ إِلَى أَنَّ طَبِيعَةَ الْإِنْسَانِ فِي خَسَارَةٍ مُسْتَمِرَّةٍ، مَا لَمْ يَسْتَثْمِرْ وَقْتَهُ فِي الْإِيمَانِ، وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ، وَالتَّوَاصِي بِالْحَقِّ، وَبِالصَّبْرِ.
إِنَّهَا دَعْوَةٌ صَرِيحَةٌ لِاسْتِغْلَالِ الْوَقْتِ فِي كُلِّ مَا يُقَرِّبُ إِلَى اللَّهِ، وَيَنْفَعُ النَّاسَ.
أَمَّا السُّنَّةُ النَّبَوِيَّةُ، فَهِيَ مَلِيئَةٌ بِالتَّوْجِيهَاتِ الَّتِي تَحُثُّ عَلَى اغْتِنَامِ الْأَوْقَاتِ، وَعَدَمِ التَّفْرِيطِ فِيهَا، فَقَدْ رَوَى سَيِّدُنَا ابْنُ عَبَّاسٍ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا – أَنَّ رَسُولَ اللهِ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قَالَ: “نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ: الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ» [رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ].
فَهَذَا الْحَدِيثُ يُبَيِّنُ بِوُضُوحٍ أَنَّ الصِّحَّةَ وَالْوَقْتَ الْفَارِغَ، هُمَا كَنْزَانِ ثَمِينَانِ، يُضَيِّعُهُمَا الْكَثِيرُونَ، مَعَ أَنَّهُمَا مِفْتَاحُ النَّجَاحِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.
الْوَقْتُ فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ: قِيمَةٌ لَا تُضَاهَى
لَقَدْ أَوْلَى الْقُرْآنُ الْكَرِيمُ، وَالسُّنَّةُ النَّبَوِيَّةُ الشَّرِيفَةُ أَهَمِّيَّةً قُصْوَى لِلْوَقْتِ، وَجَعَلَا مِنْهُ عُنْصُرًا مَحْوَرِيًّا فِي بِنَاءِ شَخْصِيَّةِ الْمُسْلِمِ، وَحَضَارَتِهِ، فَالْقُرْآنُ الْكَرِيمُ يُقْسِمُ بِالْوَقْتِ فِي مَوَاضِعَ عَدِيدَةٍ، مُؤَكِّدًا عَلَى عَظَمَتِهِ، وَفَدَاحَةِ خَسَارَةِ مَنْ يُضَيِّعُهُ، فَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾ [سورة العصر: ١–٣].
هٰذِهِ السُّورَةُ الْقَصِيرَةُ جَامِعَةٌ لِمَعَانٍ عَظِيمَةٍ، فَهِيَ تُقْسِمُ بِالْعَصْرِ – أَيْ: بِالدَّهْرِ أَوْ جُزْءٍ مِنَ الْوَقْتِ –؛ لِتُنَبِّهَ إِلَى أَنَّ طَبِيعَةَ الْإِنْسَانِ فِي خَسَارَةٍ مُسْتَمِرَّةٍ، مَا لَمْ يَسْتَثْمِرْ وَقْتَهُ فِي الْإِيمَانِ، وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ، وَالتَّوَاصِي بِالْحَقِّ، وَالصَّبْرِ.
إِنَّهَا دَعْوَةٌ صَرِيحَةٌ لِاسْتِغْلَالِ الْوَقْتِ فِي كُلِّ مَا يُقَرِّبُ إِلَى اللهِ، وَيَنْفَعُ النَّاسَ.
أَمَّا السُّنَّةُ النَّبَوِيَّةُ، فَهِيَ مَلِيئَةٌ بِالتَّوْجِيهَاتِ الَّتِي تَحُثُّ عَلَى اغْتِنَامِ الْأَوْقَاتِ، وَعَدَمِ التَّفْرِيطِ فِيهَا، فَقَدْ رَوَى سَيِّدُنَا ابْنُ عَبَّاسٍ – رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا – أَنَّ رَسُولَ اللهِ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قَالَ:
«نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ: الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ» [رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي “صَحِيحِهِ“].
فَهٰذَا الْحَدِيثُ يُعَكِّسُ بِصُورَةٍ جَلِيَّةٍ أَنَّ الصِّحَّةَ وَالْوَقْتَ الْفَارِغَ، هُمَا كَنْزَانِ ثَمِينَانِ، يُضَيِّعُهُمَا الْكَثِيرُونَ بِلا مُبَالَاةٍ، رَغْمَ أَنَّهُمَا مِفْتَاحُ النَّجَاحِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. فَكَمْ مِنْ فُرَصٍ تَضِيعُ؟! وَكَمْ مِنْ أَعْمَالٍ تَفُوتُ؟! بِسَبَبِ الْغَفْلَةِ عَنْ قِيمَةِ هَاتَيْنِ النِّعْمَتَيْنِ.
إِدَارَةُ الْوَقْتِ فِي الْإِسْلَامِ: مَنْهَجُ حَيَاةٍ مُتَكَامِلٍ
إِنَّ إِدَارَةَ الْوَقْتِ فِي الْمَنْظُورِ الْإِسْلَامِيِّ لَيْسَتْ مُجَرَّدَ تِقْنِيَةٍ أَوْ مَجْمُوعَةٍ مِنَ الْأَدَوَاتِ؛ لِزِيَادَةِ الْإِنْتَاجِيَّةِ، بَلْ هِيَ مَنْهَجُ حَيَاةٍ مُتَكَامِلٍ، يَرْبِطُ بَيْنَ تَنْظِيمِ الدَّقَائِقِ، وَالسَّاعَاتِ، وَبَيْنَ الْغَايَةِ الْأَسْمَى مِنَ الْوُجُودِ الْإِنْسَانِيِّ – عِبَادَةِ اللهِ وَعِمَارَةِ الْأَرْضِ –. إِنَّهُ إِدْرَاكٌ عَمِيقٌ لِقِيمَةِ كُلِّ لَحْظَةٍ، وَأَنَّهَا إِمَّا أَنْ تَكُونَ حُجَّةً لَنَا أَوْ عَلَيْنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
مِنَ التَّنْظِيمِ الْيَوْمِيِّ إِلَى الْأَبْعَادِ الرُّوحِيَّةِ: مَفْهُومٌ شَامِلٌ
إِنَّ مَفْهُومَ إِدَارَةِ الْوَقْتِ فِي الْإِسْلَامِ، يَتَجَاوَزُ مُجَرَّدَ التَّنْظِيمِ الْيَوْمِيِّ؛ لِيُلَامِسَ أَبْعَادًا رُوحِيَّةً، وَأَخْلَاقِيَّةً عَمِيقَةً.
فَهُوَ يَبْدَأُ مِنْ إِدْرَاكِ الْمُسْلِمِ أَنَّ حَيَاتَهُ كُلَّهَا وَقْتٌ مُسْتَقْطَعٌ مِنَ الْأَجَلِ، وَأَنَّ كُلَّ لَحْظَةٍ هِيَ فُرْصَةٌ لِلتَّقَرُّبِ إِلَى اللهِ.
هذَا الْإِدْرَاكُ يَدْفَعُ الْمُسْلِمَ نَحْوَ التَّخْطِيطِ الْوَاعِي لِلْأَهْدَافِ، فَلَا تُصْرَفُ الْأَوْقَاتُ سُدًى فِي اللَّهْوِ أَوِ الْكَسَلِ، كَمَا يَدْفَعُهُ إِلَى تَحْدِيدِ الْأَوْلَوِيَّاتِ بِنَاءً عَلَى الْمَبَادِئِ الشَّرْعِيَّةِ؛ فَالصَّلَاةُ – مَثَلًا – وَهِيَ رُكْنٌ أَسَاسِيٌّ، مُوَزَّعَةٌ عَلَى أَوْقَاتٍ مُحَدَّدَةٍ مِنَ الْيَوْمِ، تُعَلِّمُنَا الانضباط، وَالتَّخْطِيطَ، وَتَقْسِيمَ الْيَوْمِ.
وَيَتَطَلَّبُ الْأَمْرُ كَذَلِكَ الْمُوَازَنَةَ بَيْنَ الْحُقُوقِ، وَالْوَاجِبَاتِ؛ فَلَيْسَ الْمُؤْمِنُ مَنْ يُفَرِّطُ فِي جَانِبٍ عَلَى حِسَابِ جَانِبٍ آخَرَ، بَلْ هُوَ الَّذِي يُعْطِي كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ.
قَالَ الْجَنَابُ الْمُعَظَّمُ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ –: «إِنَّ لِرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، فَأَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ» [رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي «صَحِيحِهِ»].
وَإِضَافَةً إِلَى ذَلِكَ، يَشْمَلُ الْمَفْهُومُ الِانْتِفَاعَ بِكُلِّ لَحْظَةٍ، حَتَّى أَوْقَاتِ الْفَرَاغِ أَوِ الرَّاحَةِ لَا تُهْدَرُ، بَلْ يُمْكِنُ اسْتِثْمَارُهَا فِي الذِّكْرِ، أَوِ التَّفَكُّرِ، أَوِ الْقِرَاءَةِ، أَوْ صِلَةِ الرَّحِمِ.
وَأَخِيرًا، يَتَضَمَّنُ الْمَفْهُومُ الْمُبَادَرَةَ، وَالْمُسَارَعَةَ إِلَى الْخَيْرَاتِ؛ فَالْأَمْرُ لَيْسَ مُجَرَّدَ تَنْظِيمٍ، بَلْ هُوَ سِبَاقٌ نَحْوَ الْخَيْرَاتِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ﴾ [سورة البقرة: آية ١٤٨]، فَهذَا الِاسْتِبَاقُ يَتَطَلَّبُ اغْتِنَامَ الْفُرَصِ، وَعَدَمَ التَّأْجِيلِ، وَالتَّسْوِيفِ.
دُرُوسٌ مِنَ الْحَضَارَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ: اسْتِثْمَارُ الْوَقْتِ لِبِنَاءِ الْمُسْتَقْبَلِ
إِنَّ الْحَضَارَةَ الْإِسْلَامِيَّةَ الَّتِي أَشْرَقَتْ عَلَى الْعَالَمِ فِي عُصُورٍ مَضَتْ، لَمْ تَكُنْ لِتُبْنَى، وَتَزْدَهِرَ، لَوْلَا إِدْرَاكُ الْمُسْلِمِينَ الْأَوَائِلِ لِقِيمَةِ الْوَقْتِ، وَاسْتِغْلَالُهُمُ الْأَمْثَلَ لَهُ، فَقَدْ كَانُوا يُوَزِّعُونَ أَوْقَاتَهُمْ بَيْنَ الْعِبَادَةِ، وَطَلَبِ الْعِلْمِ، وَالْجِهَادِ، وَالتِّجَارَةِ، وَالْفَلَاحَةِ، وَالْإِبْدَاعِ فِي شَتَّى الْمَجَالَاتِ، كَانَتْ أَوْقَاتُهُمْ مَعْمُورَةً بِالْإِنْتَاجِ، وَالْعَطَاءِ، لَا تَضِيعُ فِي التَّكَاسُلِ أَوِ الْعَبَثِ.
فِي عَصْرِنَا الْحَالِيِّ، حَيْثُ تَتَسَارَعُ وَتِيرَةُ الْحَيَاةِ، وَتَكْثُرُ الْمُشَتِّتَاتُ، يُصْبِحُ مَفْهُومُ إِدَارَةِ الْوَقْتِ فِي الْإِسْلَامِ أَكْثَرَ إِلْحَاحًا، وَأَهَمِّيَّةً، إِنَّهُ يَدْعُونَا إِلَى وَقْفَةِ تَأَمُّلٍ؛ لِمُرَاجَعَةِ كَيْفِيَّةِ اسْتِثْمَارِنَا لِأَعْمَارِنَا، هَلْ نُضَيِّعُ سَاعَاتِنَا فِيمَا لَا يَنْفَعُ؟! هَلْ نُؤَجِّلُ أَعْمَالَ الْيَوْمِ إِلَى الْغَدِ؟! هَلْ نَعِيشُ بِلَا هَدَفٍ وَاضِحٍ؟!
الإِسْلَامُ يُقَدِّمُ لَنَا الإِجَابَةَ وَالْحَلَّ فِي مَنْهَجٍ مُتَكَامِلٍ لِتَحْوِيلِ الْوَقْتِ مِنْ مُجَرَّدِ دَقَائِقَ تَمُرُّ إِلَى جِسْرٍ يَعْبُرُ بِنَا نَحْوَ النَّجَاحِ فِي الدَّارَيْنِ، فَإِذَا أَرَدْنَا النُّهُوضَ وَالتَّقَدُّمَ، فَعَلَيْنَا أَنْ نَسْتَلْهِمَ مِنْ تَعَالِيمِ دِينِنَا الْحَنِيفِ قِيمَةَ الْوَقْتِ، وَأَنْ نَجْعَلَ كُلَّ لَحْظَةٍ اسْتِثْمَارًا حَقِيقِيًّا فِي بِنَاءِ مُسْتَقْبَلٍ أَفْضَلَ لِأَنْفُسِنَا، وَلِأُمَّتِنَا، مُسْتَحْضِرِينَ قَوْلَ النَّبِيِّ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ –: «اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ: شَبَابَكَ قَبْلَ هَرَمِكَ، وَصِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ، وَغِنَاكَ قَبْلَ فَقْرِكَ، وَفَرَاغَكَ قَبْلَ شُغْلِكَ، وَحَيَاتَكَ قَبْلَ مَوْتِكَ» رَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي «الْمُسْتَدْرَكِ»، وَصَحَّحَهُ، وَوَافَقَهُ الذَّهَبِيُّ].
فَهِيَ دَعْوَةٌ شَامِلَةٌ لِلْوَعْيِ بِقِيمَةِ الْوَقْتِ، وَاسْتِغْلَالِهِ بِحِكْمَةٍ قَبْلَ فَوَاتِ الْأَوَانِ.
الْخِلَاصَةُ
يُعَدُّ الْوَقْتُ فِي الْإِسْلَامِ كَنْزًا عَظِيمًا، وَقَدْ أَوْلَاهُ الْقُرْآنُ وَالسُّنَّةُ النَّبَوِيَّةُ أَهَمِّيَّةً قُصْوَى، دَاعِيَيْنِ إِلَى اسْتِثْمَارِهِ فِي الْإِيمَانِ، وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ، وَكُلِّ مَا يُقَرِّبُ إِلَى اللهِ، وَيَنْفَعُ النَّاسَ.
إِنَّ إِدَارَةَ الْوَقْتِ فِي الْمَنْظُورِ الْإِسْلَامِيِّ لَيْسَتْ مُجَرَّدَ تَنْظِيمٍ، بَلْ هِيَ مَنْهَجُ حَيَاةٍ مُتَكَامِلٍ، يَرْبِطُ تَنْظِيمَ الدَّقَائِقِ بِغَايَةِ الْوُجُودِ الْإِنْسَانِيِّ، وَيَدْفَعُ الْمُسْلِمَ لِتَحْدِيدِ الْأَوْلَوِيَّاتِ، وَالْمُبَادَرَةِ لِلْخَيْرَاتِ، وَالِاسْتِفَادَةِ مِنْ كُلِّ لَحْظَةٍ، مُسْتَحْضِرًا أَنَّ الْوَقْتَ إِمَّا حُجَّةٌ لَهُ أَوْ عَلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
_____________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
وللإطلاع علي قسم خطبة الجمعة
وللإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
وللمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف