أخبار مهمةخطبة الأسبوعخطبة الجمعةخطبة الجمعة القادمة ، خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف المصرية مكتوبة word pdfعاجل
خطبة الجمعة : نموت ونرحل ويبقى الأثر.. قيمة المسؤولية د/ أحمد علي سليمان
نموت ونرحل ويبقى الأثر.. قيمة المسؤولية: مفتاح الفعل الحضاري وصناعة الأثر النافع

خطبة الجمعة : نموت ونرحل ويبقى الأثر.. قيمة المسؤولية: مفتاح الفعل الحضاري وصناعة الأثر النافع بقلم المفكر الإسلامي الدكتور/ أحمد علي سليمان عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية ، الجمعة: 20 ربيع الأول 1447هـ، الموافق 12 سبتمبر 2025م
لتحميل خطبة الجمعة القادمة بتاريخ 12 سبتمبر 2025م ، للدكتور أحمد علي سليمان بعنوان : نموت ونرحل ويبقى الأثر.. قيمة المسؤولية: مفتاح الفعل الحضاري وصناعة الأثر النافع :
لتحميل خطبة الجمعة القادمة بتاريخ 12 سبتمبر 2025م ، للدكتور أحمد علي سليمان بعنوان: نموت ونرحل ويبقى الأثر.. قيمة المسؤولية: مفتاح الفعل الحضاري وصناعة الأثر النافع ، بصيغة pdf أضغط هنا.
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 12 سبتمبر 2025م ، للدكتور أحمد علي سليمان ، بعنوان : نموت ونرحل ويبقى الأثر.. قيمة المسؤولية: مفتاح الفعل الحضاري وصناعة الأثر النافع : كما يلي:
الحمد لله الذي جعل هذه الدنيا ممرًّا لا مقرًّا، وجعل أعمارنا ليست بما نعدُّ من السنين، بل بما نزرع من آثار تبقى ما بقي الزمان. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، كتب البقاء لأعمال الصالحين، ورفع ذكر المخلصين، وجعل آثارهم نورًا يهدى الناس والحيارى في هذه الحياة. وأشهد أن سيدنا محمدًا (ﷺ)عبدُه ورسولُه، ترك أعظم أثرٍ في التاريخ، صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
والصلاة والسلام الأتمان الأكملان، الأشرفان الأنوران، الأعطران الأزهران، المزهران المثمران، على مَن جُمعت كلّ الكمالات فيه. . وعلى آله وصحبه وتابعيه. اللهم صلِّ صلاة كاملة، وسلم سلامًا تامًا، على نبىٍ تنحلُ به العُقد، وتنفرج به الكُرب، وتقضى به الحوائج، وتُنالُ به الرغائب، وحُسنُ الخواتيم، ويستسقى الغمامُ بوجهه الكريم، ﻭﻋَﻠَﻰ ﺁﻟِﻪِ الطاهرين، وصحبِه الطيبين، ﻭسلِّم تسليمًا كثيرًا… اللهم آمين يا رب العالمين.
فَمَبْلَغُ العِلْــمِ فِيهِ أَنَّهُ بَشَرٌ… وَأَنَّهُ خَيْــرُ خَلْقِ اللهِ كُلِّهِــمِ
مولاي صلِّ وسلم دائما أبدًا… على حبيبك خير الخلق كلهم
اللهم رضِّه عنَّا، وارض عنَّا، برضاه عنَّا. . ووضئنا بأخلاقه العظيمة، وحقق أمانينا بزيارته، وافتح لنا أبواب رؤيته، ونيل شفاعته، اللهم آمين يا رب العالمين…
أيها المسلمون : أوصيكم ونفسي المقصرة بتقوى الله، فإنها وصية الله للأولين والآخرين، قال تعالى : (… وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ ۚ… ) (النساء : 131)، وقال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ) (آل عمران : 102) ، وقال سبحانه : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا. يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) (الأحزاب : 70-71).
وقال تعالى : (… وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُم مُّلَاقُوهُ ۗ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) (البقرة : 223). أما بعد
يقول الحق تبارك وتعالى : (إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَىٰ وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ ۚ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُّبِينٍ) (يس : 12) .
قال (ﷺ): (إِذَا مَاتَ الإنْسَانُ انْقَطَعَ عنْه عَمَلُهُ إِلَّا مِن ثَلَاثَةٍ : إِلَّا مِن صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو له) ( ).
وعن جرير بن عبد الله (رضي الله عنه) قال: جَاءَ نَاسٌ مِنَ الأعْرَابِ إلى رَسولِ اللهِ (ﷺ) عليهمِ الصُّوفُ فَرَأَى سُوءَ حَالِهِمْ قدْ أَصَابَتْهُمْ حَاجَةٌ ، فَحَثَّ النَّاسَ علَى الصَّدَقَةِ، فأبْطَؤُوا عنْه حتَّى رُئِيَ ذلكَ في وَجْهِهِ. قالَ: ثُمَّ إنَّ رَجُلًا مِنَ الأنْصَارِ جَاءَ بصُرَّةٍ مِن وَرِقٍ -أي فضة-، ثُمَّ جَاءَ آخَرُ، ثُمَّ تَتَابَعُوا حتَّى عُرِفَ السُّرُورُ في وَجْهِهِ، فَقالَ رَسولُ اللهِ (ﷺ): (مَن سَنَّ في الإسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً، فَعُمِلَ بهَا بَعْدَهُ، كُتِبَ له مِثْلُ أَجْرِ مَن عَمِلَ بهَا، وَلَا يَنْقُصُ مِن أُجُورِهِمْ شيءٌ، وَمَن سَنَّ في الإسْلَامِ سُنَّةً سَيِّئَةً، فَعُمِلَ بهَا بَعْدَهُ، كُتِبَ عليه مِثْلُ وِزْرِ مَن عَمِلَ بهَا، وَلَا يَنْقُصُ مِن أَوْزَارِهِمْ شيءٌ) ( ) .
ويقول الإِمَامِ الشَّافِعِيِّ (رضي الله عنه):
دَقَّاتُ قَلْبِ الْمَرْءِ قَائِلَةٌ لَهُ * إِنَّ الْحَيَاةَ دَقَائِقٌ وَثَوَانِ
فَارْفَعْ لِنَفْسِكَ بَعْدَ مَوْتِكَ ذِكْرَهَا * فَالذِّكْرُ لِلْإِنْسَانِ عُمْرٌ ثَانِ
تأملات : نموت ونرحل ويبقى الأثر
عندما نسير في دنيا الناس، ونرفع أبصارنا إلى السماء، ونتأمل في الأرض والحياة، نجد آثارًا باقية حيّة، صنعتها أيادي السابقين، وطوّرها اللاحقون، فانتفع بها الجميع.
• هذه الطائرات التي تحلّق في السماء، لم تأتِ صدفة، بل هي ثمرة إبداع المبتكرين الأوائل، وتطوير العلماء المعاصرين.
• وتلك الأشجار المثمرة التي تظلّل طرقاتنا وتمنحنا الثمار الطيبة والأكسجين، ما كان لنا أن نقطف ثمارها لولا مَن غرس، وسقى، ورعى، حتى آتت أُكلها بعد سنين.
• والخبرات والتجارب، والمخترعات والإبداعات في شتى مجالات الحياة، هي ميراث متراكم تناقلته الأجيال جيلاً بعد جيل.
• والقيم والأخلاق، وما يندرج تحتها من قوى روحية ومبادئ سامية، وعادات وتقاليد وأعراف، وضع لبِناتها السابقون، ثم حرسوها وطوّروها، حتى غدت سياجًا يحمي الحقوق، وقوة ذاتية للحق والعدل والخير، ودعامةً للتعايش والتسامح، وسندًا للقوانين، وأرضًا خصبة للسلام والوئام بين الناس.
• والآثار العلمية والحضارية، التي بُذل فيها الغالي والنفيس، لتكون منارات تهدي الحاضر وتبني المستقبل.
وهكذا في كل مجال نجد بصمات مَن رحلوا، وجهود مَن سبقونا، وتطوير من أتي من بعدهم…
ولطالما تأملت : كيف سيكون شكل الحياة لو لم يُخلّف لنا السابقون هذه الآثار في العلم والعمل، والفكر والعمران، والأخلاق والقيم؟ إنها الحقيقة التي تتجلى حولنا : أن ما يبقى بعد رحيل الأجساد هو الأثر النافع. آثار أيادٍ عملت، وأموالٍ أُنفقت، وجهودٍ بُذلت، وأعمارٍ أُفنيت… لتبقى ثمارها شاهدة.
إنها سُنّة الله في هذا الكون : نموت ونرحل… ويبقى الأثر.
الإنسان وآثاره بعد الرحيل
حين يرحل الإنسان من هذه الحياة، لا يخرج حاله عن واحدة من ثلاث حالات:
الحالة الأولى : أن يترك أثرًا طيبًا مباركًا.
وقد يكون هذا الأثر ماديًّا محسوسًا كالزرع والبناء والعلم المكتوب، أو معنويًّا روحيًّا كالأخلاق والقيم والتربية. وقد يطول أثره فيمتد عبر الأجيال، أو يظل مؤقتًا محدودًا، لكنه في كل الأحوال يبقى شاهدًا على خيرٍ قدمه صاحبه.
الحالة الثانية : أن يترك أثرًا سيئًا غير محمود.
كمن يخلف وراءه فكرًا منحرفًا، أو عادة سيئة، أو أثرًا يضر الناس في دينهم أو دنياهم. وقد يطول هذا الأثر فيفسد به أجيالًا، وقد يزول سريعًا لكنه يبقى وزرًا على صاحبه.
الحالة الثالثة : أن يعيش ويموت نكرة، فلا يُذكر له أثر، ولا يُحفظ له ذكر، مرَّ في الدنيا مرور العابرين، كأن لم يكن.
وهكذا، فإن قيمة الإنسان لا تُقاس بما عاشه من سنين، بل بما تركه من أثر. فالأثر هو العلامة الفارقة، وهو الامتحان الحقيقي الذي يُظهر قيمة المرء بعد غيابه.
• فالعلم النافع أثر طيب مبارك، أما العلم المفسد فهو أثر سيئ خبيث.
• والخبرة إذا نُقلت وتوارثتها الأجيال، وطُوِّعت لخدمة الناس، فهي أثر طيب.
• والأخلاق الكريمة أثر طيب، بينما الانحراف الخلقي أثر سيئ يفسد الحياة.
• والولد الصالح أثر طيب مبارك، بينما الولد الفاسد أثر مذموم يجر الويلات.
• والصدقات الجارية أعظم الآثار المباركة، فهي تجري على صاحبها بعد موته، وتبقى ذخيرة له عند ربه.
إنها سنّة الله في خلقه : الناس يموتون، والأجساد تفنى، لكن ما يبقى حيًّا في الدنيا هو الأثر…
ما الذي يُبقي الأثر؟
بناء الإنسان… وصناعة الأثر
أنواع الآثار التي يتركها الإنسان:
أفضل الآثار
من أعظم الآثار الخالدة التالدة التي تركها النبي (ﷺ)
خطوات عملية لتربية الأولاد على صناعة الأثر:
نماذج مضيئة من شباب الصحابة
(أعمار قصيرة، وصُحبة قليلة، وسن صغير، ولكن آثار خالدة في الإسلام)
(سعد بن معاذ، وأبو هريرة، وابن عباس)
آثار خالدة في عمر قصير… دروس من حياة سعد بن معاذ (رضي الله عنه)
أثر عظيم على الرغم من قِصَر الصحبة: دروس من حياة أبي هريرة (رضي الله عنه)
آثار عظيمة في الإسلام رغم صِغَر سنه في حياة النبي ﷺ… عبد الله بن عباس (رضي الله عنهما)
الأثر الحضاري الإسلامي: التحديات والفرص أمام الأمة اليوم
دروس من التاريخ الإسلامي
قيمة المسؤولية
مفتاح الفعل الحضاري وصناعة الأثر النافع
الأوقاف الإسلامية
شاهد عيان على آثار المسلمين الخالدة ومسؤوليتهم في ترقية الحياة
نماذج مضيئة من الأوقاف
تفرد الإسلام بفكرة الوقف
نماذج من الأوقاف في مصر
إبداعات الحضارة الإسلامية في مصارف الأوقاف (الدولة العثمانية أنموذجا)
أيها الأخوة المؤمنون : أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمدُ لله ربِّ العالمين، نحمدُه ونَستعينُه ونَستهْديه، نتوكَّل عليه، ونُثني عليه الخيرَ كلَّه، نَشكرُه ولا نَكفُره، ونَخلعُ ونَتركُ مَن يَفجُره، نَرجو رحمتَه ونَخشى عذابَه. ونَدْعوه على الدَّوام، ونَرْجوه على الدَّوام، ونَتعلَّق بحبالِه على الدَّوام. فاللهمَّ يا مَن لا تَراه في الدُّنيا العيون، ولا تُخالِطُه الظُّنون، ولا يصِفُه الواصفون.
وأشهد ألا لا إله إلا الله، وأن سيدنا محمدا رسول الله، والصلاةُ والسَّلام الأتمّانِ الأكْمَلان، الأشْرَفانِ الأنْوَران، الأعْطَرانِ الأزْهَران؛ على مَن جُمعَتْ كلُّ الكَمالاتِ فيه. . وعلى آلِه وصحبِه وتابعيه.
عباد الله : أوصيكم ونفسي بتقوى الله. . يقول الحق (تبارك وتَعَالَى) : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ) (آل عمران : 102). أما بعد يا عباد الله…
نماذج ملهمة من أصحاب الأثر النافع الباقي
فلنسأل أنفسنا : ما هو الأثر الذي سنتركه بعد رحيلنا؟ أهو أثر طيب يُذكر بخير، أم فراغ يُنسى مع الأيام؟
اللهم اجعلنا من الذين يتركون بعدهم علمًا نافعًا، وصدقة جارية، وولدًا صالحًا يدعو لهم، ولا تجعلنا من الغافلين المفرطين، واجعل آثارنا شاهدة لنا لا علينا، يوم نلقاك.
اللهم احفظ مصر شرقها وغربها، شمالها وجنوبها، طولها وعرضها وعمقها، بحارها وسماءها ونيلها، ووفق يا ربنا قيادتها وجيشها وأمنها وأزهرها الشريف، وعلماءها، واحفظ شعبها، وبلاد المحبين يا رب العالمين.
اللهم اشف مرضانا وارحم موتانا اللهم طهّر قلوبنا من الكبر، وزيّنها بالتواضع،اللهم اجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وصلِّ اللهم وسلِّم وبارِك على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
(… رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ) (النمل : 19) ، (. . الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَٰذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ ۖ… ) (الأعراف : 43)… اللهم تقبل هذا العمل من الجميع… وبالله (تعالى) التوفيق
خادم الدعوة والدعاة د/ أحمد علي سليمان
عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية
والحاصل على المركز الأول على مستوى الجمهورية في خدمة الفقه والدعوة (وقف الفنجري 2022م)
المدير التنفيذي السابق لرابطة الجامعات الإسلامية- عضو نقابة اتحاد كُتَّاب مصر
واتس آب : 01122225115 بريد إلكتروني : drsoliman55555@gmail. com
تم تدشين صفحة #معارج_الدعاة لللدكتور أحمد علي سليمان، للإسهام في إثراء العمل الدعوي والدعاة يرجى متابعتها ونشرها
https : //www. facebook. com/share/16u6EDacEw/؟mibextid=LQQJ4d
والصلاة والسلام الأتمان الأكملان، الأشرفان الأنوران، الأعطران الأزهران، المزهران المثمران، على مَن جُمعت كلّ الكمالات فيه. . وعلى آله وصحبه وتابعيه. اللهم صلِّ صلاة كاملة، وسلم سلامًا تامًا، على نبىٍ تنحلُ به العُقد، وتنفرج به الكُرب، وتقضى به الحوائج، وتُنالُ به الرغائب، وحُسنُ الخواتيم، ويستسقى الغمامُ بوجهه الكريم، ﻭﻋَﻠَﻰ ﺁﻟِﻪِ الطاهرين، وصحبِه الطيبين، ﻭسلِّم تسليمًا كثيرًا… اللهم آمين يا رب العالمين.
فَمَبْلَغُ العِلْــمِ فِيهِ أَنَّهُ بَشَرٌ… وَأَنَّهُ خَيْــرُ خَلْقِ اللهِ كُلِّهِــمِ
مولاي صلِّ وسلم دائما أبدًا… على حبيبك خير الخلق كلهم
اللهم رضِّه عنَّا، وارض عنَّا، برضاه عنَّا. . ووضئنا بأخلاقه العظيمة، وحقق أمانينا بزيارته، وافتح لنا أبواب رؤيته، ونيل شفاعته، اللهم آمين يا رب العالمين…
أيها المسلمون : أوصيكم ونفسي المقصرة بتقوى الله، فإنها وصية الله للأولين والآخرين، قال تعالى : (… وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ ۚ… ) (النساء : 131)، وقال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ) (آل عمران : 102) ، وقال سبحانه : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا. يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) (الأحزاب : 70-71).
وقال تعالى : (… وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُم مُّلَاقُوهُ ۗ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) (البقرة : 223). أما بعد
يقول الحق تبارك وتعالى : (إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَىٰ وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ ۚ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُّبِينٍ) (يس : 12) .
قال (ﷺ): (إِذَا مَاتَ الإنْسَانُ انْقَطَعَ عنْه عَمَلُهُ إِلَّا مِن ثَلَاثَةٍ : إِلَّا مِن صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو له) ( ).
وعن جرير بن عبد الله (رضي الله عنه) قال: جَاءَ نَاسٌ مِنَ الأعْرَابِ إلى رَسولِ اللهِ (ﷺ) عليهمِ الصُّوفُ فَرَأَى سُوءَ حَالِهِمْ قدْ أَصَابَتْهُمْ حَاجَةٌ ، فَحَثَّ النَّاسَ علَى الصَّدَقَةِ، فأبْطَؤُوا عنْه حتَّى رُئِيَ ذلكَ في وَجْهِهِ. قالَ: ثُمَّ إنَّ رَجُلًا مِنَ الأنْصَارِ جَاءَ بصُرَّةٍ مِن وَرِقٍ -أي فضة-، ثُمَّ جَاءَ آخَرُ، ثُمَّ تَتَابَعُوا حتَّى عُرِفَ السُّرُورُ في وَجْهِهِ، فَقالَ رَسولُ اللهِ (ﷺ): (مَن سَنَّ في الإسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً، فَعُمِلَ بهَا بَعْدَهُ، كُتِبَ له مِثْلُ أَجْرِ مَن عَمِلَ بهَا، وَلَا يَنْقُصُ مِن أُجُورِهِمْ شيءٌ، وَمَن سَنَّ في الإسْلَامِ سُنَّةً سَيِّئَةً، فَعُمِلَ بهَا بَعْدَهُ، كُتِبَ عليه مِثْلُ وِزْرِ مَن عَمِلَ بهَا، وَلَا يَنْقُصُ مِن أَوْزَارِهِمْ شيءٌ) ( ) .
ويقول الإِمَامِ الشَّافِعِيِّ (رضي الله عنه):
دَقَّاتُ قَلْبِ الْمَرْءِ قَائِلَةٌ لَهُ * إِنَّ الْحَيَاةَ دَقَائِقٌ وَثَوَانِ
فَارْفَعْ لِنَفْسِكَ بَعْدَ مَوْتِكَ ذِكْرَهَا * فَالذِّكْرُ لِلْإِنْسَانِ عُمْرٌ ثَانِ
تأملات : نموت ونرحل ويبقى الأثر
عندما نسير في دنيا الناس، ونرفع أبصارنا إلى السماء، ونتأمل في الأرض والحياة، نجد آثارًا باقية حيّة، صنعتها أيادي السابقين، وطوّرها اللاحقون، فانتفع بها الجميع.
• هذه الطائرات التي تحلّق في السماء، لم تأتِ صدفة، بل هي ثمرة إبداع المبتكرين الأوائل، وتطوير العلماء المعاصرين.
• وتلك الأشجار المثمرة التي تظلّل طرقاتنا وتمنحنا الثمار الطيبة والأكسجين، ما كان لنا أن نقطف ثمارها لولا مَن غرس، وسقى، ورعى، حتى آتت أُكلها بعد سنين.
• والخبرات والتجارب، والمخترعات والإبداعات في شتى مجالات الحياة، هي ميراث متراكم تناقلته الأجيال جيلاً بعد جيل.
• والقيم والأخلاق، وما يندرج تحتها من قوى روحية ومبادئ سامية، وعادات وتقاليد وأعراف، وضع لبِناتها السابقون، ثم حرسوها وطوّروها، حتى غدت سياجًا يحمي الحقوق، وقوة ذاتية للحق والعدل والخير، ودعامةً للتعايش والتسامح، وسندًا للقوانين، وأرضًا خصبة للسلام والوئام بين الناس.
• والآثار العلمية والحضارية، التي بُذل فيها الغالي والنفيس، لتكون منارات تهدي الحاضر وتبني المستقبل.
وهكذا في كل مجال نجد بصمات مَن رحلوا، وجهود مَن سبقونا، وتطوير من أتي من بعدهم…
ولطالما تأملت : كيف سيكون شكل الحياة لو لم يُخلّف لنا السابقون هذه الآثار في العلم والعمل، والفكر والعمران، والأخلاق والقيم؟ إنها الحقيقة التي تتجلى حولنا : أن ما يبقى بعد رحيل الأجساد هو الأثر النافع. آثار أيادٍ عملت، وأموالٍ أُنفقت، وجهودٍ بُذلت، وأعمارٍ أُفنيت… لتبقى ثمارها شاهدة.
إنها سُنّة الله في هذا الكون : نموت ونرحل… ويبقى الأثر.
الإنسان وآثاره بعد الرحيل
حين يرحل الإنسان من هذه الحياة، لا يخرج حاله عن واحدة من ثلاث حالات:
الحالة الأولى : أن يترك أثرًا طيبًا مباركًا.
وقد يكون هذا الأثر ماديًّا محسوسًا كالزرع والبناء والعلم المكتوب، أو معنويًّا روحيًّا كالأخلاق والقيم والتربية. وقد يطول أثره فيمتد عبر الأجيال، أو يظل مؤقتًا محدودًا، لكنه في كل الأحوال يبقى شاهدًا على خيرٍ قدمه صاحبه.
الحالة الثانية : أن يترك أثرًا سيئًا غير محمود.
كمن يخلف وراءه فكرًا منحرفًا، أو عادة سيئة، أو أثرًا يضر الناس في دينهم أو دنياهم. وقد يطول هذا الأثر فيفسد به أجيالًا، وقد يزول سريعًا لكنه يبقى وزرًا على صاحبه.
الحالة الثالثة : أن يعيش ويموت نكرة، فلا يُذكر له أثر، ولا يُحفظ له ذكر، مرَّ في الدنيا مرور العابرين، كأن لم يكن.
وهكذا، فإن قيمة الإنسان لا تُقاس بما عاشه من سنين، بل بما تركه من أثر. فالأثر هو العلامة الفارقة، وهو الامتحان الحقيقي الذي يُظهر قيمة المرء بعد غيابه.
• فالعلم النافع أثر طيب مبارك، أما العلم المفسد فهو أثر سيئ خبيث.
• والخبرة إذا نُقلت وتوارثتها الأجيال، وطُوِّعت لخدمة الناس، فهي أثر طيب.
• والأخلاق الكريمة أثر طيب، بينما الانحراف الخلقي أثر سيئ يفسد الحياة.
• والولد الصالح أثر طيب مبارك، بينما الولد الفاسد أثر مذموم يجر الويلات.
• والصدقات الجارية أعظم الآثار المباركة، فهي تجري على صاحبها بعد موته، وتبقى ذخيرة له عند ربه.
إنها سنّة الله في خلقه : الناس يموتون، والأجساد تفنى، لكن ما يبقى حيًّا في الدنيا هو الأثر…
ما الذي يُبقي الأثر؟
بناء الإنسان… وصناعة الأثر
أنواع الآثار التي يتركها الإنسان:
أفضل الآثار
من أعظم الآثار الخالدة التالدة التي تركها النبي (ﷺ)
خطوات عملية لتربية الأولاد على صناعة الأثر:
نماذج مضيئة من شباب الصحابة
(أعمار قصيرة، وصُحبة قليلة، وسن صغير، ولكن آثار خالدة في الإسلام)
(سعد بن معاذ، وأبو هريرة، وابن عباس)
آثار خالدة في عمر قصير… دروس من حياة سعد بن معاذ (رضي الله عنه)
أثر عظيم على الرغم من قِصَر الصحبة: دروس من حياة أبي هريرة (رضي الله عنه)
آثار عظيمة في الإسلام رغم صِغَر سنه في حياة النبي ﷺ… عبد الله بن عباس (رضي الله عنهما)
الأثر الحضاري الإسلامي: التحديات والفرص أمام الأمة اليوم
دروس من التاريخ الإسلامي
قيمة المسؤولية
مفتاح الفعل الحضاري وصناعة الأثر النافع
الأوقاف الإسلامية
شاهد عيان على آثار المسلمين الخالدة ومسؤوليتهم في ترقية الحياة
نماذج مضيئة من الأوقاف
تفرد الإسلام بفكرة الوقف
نماذج من الأوقاف في مصر
إبداعات الحضارة الإسلامية في مصارف الأوقاف (الدولة العثمانية أنموذجا)
أيها الأخوة المؤمنون : أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمدُ لله ربِّ العالمين، نحمدُه ونَستعينُه ونَستهْديه، نتوكَّل عليه، ونُثني عليه الخيرَ كلَّه، نَشكرُه ولا نَكفُره، ونَخلعُ ونَتركُ مَن يَفجُره، نَرجو رحمتَه ونَخشى عذابَه. ونَدْعوه على الدَّوام، ونَرْجوه على الدَّوام، ونَتعلَّق بحبالِه على الدَّوام. فاللهمَّ يا مَن لا تَراه في الدُّنيا العيون، ولا تُخالِطُه الظُّنون، ولا يصِفُه الواصفون.
وأشهد ألا لا إله إلا الله، وأن سيدنا محمدا رسول الله، والصلاةُ والسَّلام الأتمّانِ الأكْمَلان، الأشْرَفانِ الأنْوَران، الأعْطَرانِ الأزْهَران؛ على مَن جُمعَتْ كلُّ الكَمالاتِ فيه. . وعلى آلِه وصحبِه وتابعيه.
عباد الله : أوصيكم ونفسي بتقوى الله. . يقول الحق (تبارك وتَعَالَى) : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ) (آل عمران : 102). أما بعد يا عباد الله…
نماذج ملهمة من أصحاب الأثر النافع الباقي
فلنسأل أنفسنا : ما هو الأثر الذي سنتركه بعد رحيلنا؟ أهو أثر طيب يُذكر بخير، أم فراغ يُنسى مع الأيام؟
اللهم اجعلنا من الذين يتركون بعدهم علمًا نافعًا، وصدقة جارية، وولدًا صالحًا يدعو لهم، ولا تجعلنا من الغافلين المفرطين، واجعل آثارنا شاهدة لنا لا علينا، يوم نلقاك.
اللهم احفظ مصر شرقها وغربها، شمالها وجنوبها، طولها وعرضها وعمقها، بحارها وسماءها ونيلها، ووفق يا ربنا قيادتها وجيشها وأمنها وأزهرها الشريف، وعلماءها، واحفظ شعبها، وبلاد المحبين يا رب العالمين.
اللهم اشف مرضانا وارحم موتانا اللهم طهّر قلوبنا من الكبر، وزيّنها بالتواضع،اللهم اجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وصلِّ اللهم وسلِّم وبارِك على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
(… رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ) (النمل : 19) ، (. . الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَٰذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ ۖ… ) (الأعراف : 43)… اللهم تقبل هذا العمل من الجميع… وبالله (تعالى) التوفيق
خادم الدعوة والدعاة د/ أحمد علي سليمان
عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية
والحاصل على المركز الأول على مستوى الجمهورية في خدمة الفقه والدعوة (وقف الفنجري 2022م)
المدير التنفيذي السابق لرابطة الجامعات الإسلامية- عضو نقابة اتحاد كُتَّاب مصر
واتس آب : 01122225115 بريد إلكتروني : drsoliman55555@gmail. com
تم تدشين صفحة #معارج_الدعاة لللدكتور أحمد علي سليمان، للإسهام في إثراء العمل الدعوي والدعاة يرجى متابعتها ونشرها
https : //www. facebook. com/share/16u6EDacEw/؟mibextid=LQQJ4d
لقراءة الخطبة أو تحميلها كاملا يرجي تحميل الخطبة من ملف pdf بالأعلي
_____________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
وللإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف
إتبعنا