أخبار مهمةخطبة الأسبوعخطبة الجمعةخطبة الجمعة القادمة ، خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف المصرية مكتوبة word pdfعاجل
خطبة الجمعة، بعنوان: إنَّ ما أتخوف عليكم رجلٌ آتاه اللهُ القرآنَ فغيّر معناه الشبهات.. د/أحمد علي سليمان
أخطارها، وأنواعها، وموقع الناس فيها، وكيف واجهها القرآن؟ بقلم الدكتور أحمد علي سليمان عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية الجمعة: 11 ذو القعدة 1446هـ 9 مايو 2025م

خطبة الجمعة، بعنوان: إنَّ ما أتخوف عليكم رجلٌ آتاه اللهُ القرآنَ فغيّر معناه الشبهات.. أخطارها، وأنواعها، وموقع الناس فيها، وكيف واجهها القرآن؟ بقلم الدكتور أحمد علي سليمان عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية الجمعة: 11 ذو القعدة 1446هـ 9 مايو 2025م
لتحميل خطبة الجمعة القادمة بتاريخ 9 مايو 2025م ، للدكتور أحمد علي سليمان بعنوان : إنَّ ما أتخوف عليكم رجلٌ آتاه اللهُ القرآنَ فغيّر معناه الشبهات.. أخطارها، وأنواعها، وموقع الناس فيها، وكيف واجهها القرآن؟ :
لتحميل خطبة الجمعة القادمة بتاريخ 9 مايو 2025م ، للدكتور أحمد علي سليمان بعنوان: إنَّ ما أتخوف عليكم رجلٌ آتاه اللهُ القرآنَ فغيّر معناه الشبهات.. أخطارها، وأنواعها، وموقع الناس فيها، وكيف واجهها القرآن؟ ، بصيغة pdf أضغط هنا.
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 9 مايو 2025م ، للدكتور أحمد علي سليمان ، بعنوان : إنَّ ما أتخوف عليكم رجلٌ آتاه اللهُ القرآنَ فغيّر معناه الشبهات.. أخطارها، وأنواعها، وموقع الناس فيها، وكيف واجهها القرآن؟ : كما يلي:
خطبة الجمعة، بعنوان: إنَّ ما أتخوف عليكم رجلٌ آتاه اللهُ القرآنَ فغيّر معناه
الشبهات.. أخطارها، وأنواعها، وموقع الناس فيها، وكيف واجهها القرآن؟
بقلم الدكتور أحمد علي سليمان
عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية
الجمعة: 11 ذو القعدة 1446هـ 9 مايو 2025م
الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجًا، قيّمًا لينذر بأسًا شديدًا من لدنه، ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرًا حسنًا.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمدًا عبد الله ورسوله، وصفيه من خلقه
وخليله، بلَّغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وكشف الله به الغمة، وتركنا على المحجة البيضاء، ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك.
والصلاة والسلام الأتمان الأكملان، الأشرفان الأنوران، الأعطران الأزهران، المنيران المبشّران، المطهّران المزكّيان، المباركان المكرّمان، الساطعان البَهيّان، العاليان الشامخان، الزاكيان الناميان، المزهران المثمران، على مَن جُمعت كل الكمالات فيه.. وعلى آله وصحبه وتابعيه..
فاللهم صل وسلم وبارك على مبعوث العناية الإلهية، وشمس الهداية الربانية، خير الخلق عندك، وأكرمهم لديك، وأحبهم إليك، سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) الذي اصطفيته للرسالة، وأيدته بالمعجزة، وآتيته من جوامع الكلم ما طوى به غزير المعاني في اليسير من الألفاظ، فكانت سنته أبلغ بيان عرفته العربية بعد كتاب الله -عزَّ وجلَّ- وبهما هدى اللهُ –عزَّ وجلَّ- الضَّالَّ، وعلَّم الجاهل، وأرشدَ الحائر.
يـارب بالمصطفى بلغ مقاصدنـا… واغفر لنا ما مضى يا واسع الكرم
مولاي صل وسلم دائما أبدا… على حبيبك خير الخلق كلهم
اللهم رضه عنا، وارض عنا، برضاه عنا.. ووضئنا يا ربنا بأخلاقه العظيمة وحقق أمانينا بزيارته، وافتح أبواب رؤيته، ونيل شفاعته، يا رب العالمين..
أيها المسلمون: أوصيكم ونفسي المقصرة بتقوى الله، فإنها وصيه الله للأولين والآخرين، قال تعالى: (…وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ ۚ…) (النساء: 131)، وقال (عزَّ وجلَّ): (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ) (آل عمران: 102). أما بعد:
المحور الأول
الشهبات أخطارها وأنواعها وكيف واجهها الإسلام
حديثنا اليوم يدور عن الشبهات ومخاطرها وكيف نواجهها في ضوء القرآن الكريم:
• هذا النور الإلهي الذي لا ينطفئ،
• والدستور العظيم الذي لا يبلى،
• والمعجزة الخالدة التي أنزلها الله هداية للعالمين، ونورًا في دياجير الظلمات، ومفتاحًا لعلاج أدواء النفس والفكر والروح والحياة.
حديثُنا يدور عن أمرٍ دقيقٍ وخطير، يتسلّل إلى العقول والقلوب فيفسدها من حيث لا يشعر الناس… “الشبهات”. ذلك النوع من الأفكار التي لا تُقدَّم صراحة ككذبٍ، بل تُغلَّف بظاهرٍ من الحق، فيختلط الحق بالباطل، ويظن الناس أن الباطل حق، أو يشكّون في الحق نفسه!.
أولًا: ما المقصود بالشبهات؟
الشبهة هي: فكرة أو قول يبدو في ظاهره صحيحًا أو معقولًا، لكنه في حقيقته باطل أو مضلِّل.
والسبب في خطورتها أنها تشبه الحق، فينخدع بها مَن لم يتسلح بالعلم واليقين.
والشبهة مثل العملة المزيفة، تشبه الأصلية في شكلها، لكنها تخدع مَن لا يدقق فيها.
مثال: لو قال قائل: “لماذا يُعطي الإسلام للذكر مثل حظ الأنثيين؟ أليس هذا ظلمًا للمرأة؟”
فهذا السؤال يبدو في ظاهِرِه منطقيًّا، لكنه في حقيقته شبهة؛ لأنه مبنيّ على جهلٍ بحكمة الله (تعالى) في تقسيم الميراث، وجهلٍ بالمسؤوليات المالية التي يتحملها الرجل في الحياة، وجهل بجملة قضايا الميراث وحالاته التي ترث المرأة في أحيانا كثيرة أكثر من الرجل، وأحيانا ترث ولا يرث الرجل….إلخ.
فالشُّبْهة إذًا ليست كِذْبةً مكشوفة، بل هي باطلٌ مُتَلَبِّسٌ بثوب الحق، وهذا ما يجعلها أشدَّ فتكًا، لأنها تَخترقُ عقولَ بعض الناس وقلوبَهم دون مقاومة!.ثانيًا: أنواع الشبهات
تنقسم الشبهات إلى نوعين كبيرين في الغالب:
النوع الأول: شبهات فكرية (عقدية):
وهي تتعلق بأساس الدين والعقيدة، مثل:
•الطعن في وجود الله (عز وجل).
•التشكيك في النبوة.
•الطعن في القرآن الكريم والسنة النبوية.
•ادعاء تعارض الدين مع العلم أو العقل. وغيرها.
وهذه الشبهات يثيرها الأعداء والمستشرقون غير المنصفين، والملحدون وغيرهم من أتباع العلمانية المتطرفة، بهدف التشكيك في الدين وزعزعة العقيدة في نفوس المسلمين.
النوع الثاني: شبهات تتعلق بالأحكام الشرعية
وتتعلق بالأحكام الشرعية والسلوك الديني، مثل:
•لماذا يُحرَّم كذا؟
•لماذا يبيح الإسلام تعدد الزوجات؟
•لماذا يحصل الذَّكر في الإرث مثل حظ الأنثيين؟
•لماذا شُرعت الحدود والعقوبات؟
ويرمي أصحابها إلىإسقاط هيبة العلماء والتشكيك في المؤسسات الدينية.
ثالثًا: خطورة الشبهات
• تشكك الناس في العقيدة وتزعزع اليقين.
• تُحدث بلبلة فكرية في المجتمع.
• تُضعف الثقة في الدين والعلماء.
• تمهّد الطريق للانحراف والتطرف والإلحاد.
• تزرع التردد وتُفقد الهوية الدينية.
• تُشغل الأوطان بقضايا تزرع الشقاق لإبعادها عن تحقيق أهدافها.
وقد حذر النبي (ﷺ) ومن غيرها ممن على شاكلتها.
فعن النعمان بن بشير (رضي الله عنه) أن رسول الله (ﷺ) قال: (الحَلَالُ بَيِّنٌ، والحَرَامُ بَيِّنٌ، وبيْنَهُما مُشَبَّهَاتٌ لا يَعْلَمُهَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى المُشَبَّهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وعِرْضِهِ، ومَن وقَعَ في الشُّبُهَاتِ: كَرَاعٍ يَرْعَى حَوْلَ الحِمَى ، يُوشِكُ أنْ يُوَاقِعَهُ، ألَا وإنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، ألَا إنَّ حِمَى اللَّهِ في أرْضِهِ مَحَارِمُهُ، ألَا وإنَّ في الجَسَدِ مُضْغَةً: إذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ، وإذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ، ألَا وهي القَلْبُ) ( ) .
فالشبهات منزلقٌ خطير، تهزُّ القلب، وتربك العقل، وقد تفتح الباب للحرام والضلال والعياذ بالله.
رابعًا: كيف تُثار الشبهات؟
الشبهات قديمة وجديدة ومتجددة، وتقف وراءها مؤسسات تخطط لها بليل ونهار، وتظهر وثثار من خلال:
1.أعداء الإسلام:
من المستشرقين والملحدين وأصحاب الأجندات الفكرية والسياسية.
2. الإعلام ومواقع التواصل:
تُبث بأسلوب ساخر أو مستفز، أو في صورة “نقاش عقلاني”.
3.الجهل أو التأويل الخاطئ:
قد يُثيرها من يظن أنه يدافع عن الدين، لكنه يفتقر للعلم.
4.وعبر اجتزاء النصوص:
يُؤخذ جزء من آية أو حديث ويُعرض خارج سياقه لتشويه المعنى.
الناس إزاءَ الشُّبهات أصنافٌ:
• صنفٌ عاقلٌ واعٍ، يعلم أنها تُحاك بليل، ويُدرك أهدافها الخبيثة ومراميها ومردودها وإنعكاساتها الخطيرة، فلا تؤثّر فيه، بل يزداد بها يقينًا وتمسكًا بدينه.
• وصنفٌ على النقيض من الأول، يُصدّقها بسهولة؛ لأنها تُصاغ بحبكةٍ منطقية ودهاءٍ شيطاني، فيقع في حبائلها دون وعي أو بصيرة.
• وصنفٌ باحثٌ مُنصف، يتأمّل فيها ليفنّدها بالحُجَّة والبرهان والبيان، فيردّها إلى أصلها، ويكشف زيفها بالأدلة العقلية والنقلية.
• وصنفٌ ضعيفُ الفهمِ والعلم، تُحدِثُ عنده الشبهةُ بلبلةً كبيرةً، فيتخبط ويتردد، ويُطلق عباراتٍ يجب أن نتوقف عندها وندرسها ونعالجها بما يتناسب مع عقولهم وطبيعة تفكيرهم وبيئتهم…
عبارات تُلغي العقل وتهدم الدين: حين يتحول الجهل إلى فتنة
كثيرًا ما نسمع عباراتٍ تتردَّد على ألسنة بعض الناس، تبدو للوهلة الأولى بسيطة أو عفوية، لكنها في حقيقتها تحمل دلالات خطيرة، وتكشف عن خلل في الفهم، وقصور في الإدراك، وضعف في الإيمان، وغياب للوعي الديني، ومن ذلك:
1. “هو أنا هشغّل دماغي ليه؟!”
2. “ما تفكرشي كتير، دماغك هتلف!”
3. “سيبك… ما تعيش وخلاص!”
4. “يا عم، ما تحطّش في دماغك!”
5. “هو كلّ ما حدّ يتكلّم، نرد؟!”
6. “ما تصدّعناش، إحنا ماشيين كده وخلاص!”
7. “هو أنا فاضي أدوّر في الكلام؟!”
8. “خليك في حالك!”
9. “ما تاخدش كل حاجة على صدرك!”
10. “ماليش دعوة!”
ثم تتطوّر هذه العبارات إلى ما هو أخطر، فتتعدى الجانب السلوكي لتطال أصول العقيدة وثوابت الدين، فنسمع مثلًا:
• “ما فيش حاجة اسمها عذاب القبر… دي خرافات!”
• “هو لازم نلبس كده عشان نكون متدينين؟! الدين في القلب يا عم!”
• “المشايخ دول بيحرّموا كل حاجة… خنقونا!”
• “كل الأديان بتدعو للخير… ليه نتمسك بدين واحد؟!”
• “الدين اتكتب من زمان… إحنا في عصر تاني خالص!”
• “هو ليه ربنا يسمح بالحروب والمصايب؟!”
• “أنا مؤمن بربنا، بس مش لازم ألتزم بكل حاجة!”
• “ليه المرأة مش زَيّ الرجل في كل حاجة؟!”
• “أنا حرّ… محدّش له دعوة بعلاقتي بربنا!”
• “طالما قلبي نظيف، يبقى ربنا راضي عني!”
• “الدين ده يخص زمن الصحابة… إحنا دلوقتي في زمن تاني.. إحنا في عصر الذكاء الاصطناعي!”
• “أنا ماشي بنيّة كويسة… وربنا مش هيحاسبنا على التفاصيل!”
• “الدين فيه حاجات مش مفهومة!”
• “هو ربنا ليه يعمل كده؟!”
• “هو مش ربنا غفور رحيم؟ خلاص بقى.. طيب أتعب نفسي ليه!”
• “الدين دايمًا بيشدّ… ليه؟ مش المفروض يسهّل؟!”
• “ما هو الزمن اتغيّر… المفروض الدين يتطوّر معاه!”
• “كل الأديان شبه بعض… المهم نكون كويسين!”
• “أنا بعبد ربنا على طريقتي!”
• “هو يعني اللي مش بيصلي هيدخل النار؟!”
وأصحاب هذا النمط من التفكير هم الأكثر عُرضةً للفتنة، لأنهم لم يتحصنوا بالعلم، ولم يتربَّوا على الفهم العميق للدين، فصاروا عرضةً لكل شبهة، يتقاذفهم الشك، وتزعزعهم الشبهات.
إن هذه العبارات تُجسّد أثر الشبهات حين لا تجد قلبًا محصنًا بالعلم، ولا عقلًا واعيًا مميّزًا بين الحق والباطل، وتُبرز بوضوح أهمية تحصين الناس بالعلم الشرعي، والتربية الإيمانية، والوعي الفكري السليم.
وعلينا أن ننتبه… ذلك أن الكلام الذي يُقال في وسائل الإعلام، وعلى منصات السوشيال ميديا ومطلاتها، وفي الشوارع، ليس دائمًا بسيطًا أو عابرًا.
فهناك كلمات تهدم العقيدة، وأخرى تُشكّك في الثوابت، وعلينا أن نتحلى بالوعي، وأن نُحسن الرد، وأن نتعلّم كيف نفكّر بعقولنا لا بعواطفنا، ونتدبّر منهج القرآن العظيم في الرد بالحكمة، والرحمة، والعلم، والمنطق.
فإذا كان الدين، وهو أغلى ما نملك، يتعرض للهجوم والتشويه، وتُبَثّ الأفكار التي تُفسد العقول وتُضل الشباب، فهل يليق أن نقول: “ما ليش دعوة”؟! لا والله! فأنت لك دعوة عالمية خالدة وخاتمة وصالحة لكل زمان ومكان وهي دعوة سيدنا محمد (ﷺ) .
والساكت عن الحق شيطان أخرس، وربنا سبحانه وتعالى أمرنا بالمواجهة، بالحكمة، بالعلم، بالبيان، وبجهاد الكلمة والحق فقال: (…وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا) (الفرقان: 52).
المحور الثاني
القرآن منهاج حياة
أهمية القرآن في حياة المسلمين:
تكمن أهمية القرآن فيما اشتمل عليه من هداية إلى العقيدة الصحيحة، والعبادات الحقة، والأخلاق الكريمة، والتشريعات العادلة، وما اشتمل عليه من تعاليم تبني الإنسان النافع الصالح المصلح، والمجتمع الفاضل، وتنظيم الدولة القوية.
وإنّ المسلمين لو جدّدوا إيمانهم بأهمية هذا الكتاب الكريم، وكانوا جادّين في الالتزام بما فيه من أوامر وتوجيهات إلهية حكيمة، فإنهم سييجدون كل ما يحتاجون إليه؛ قال تعالى: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَٰكِن كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) (الأعراف: ٩٦).
وإذا أراد المسلمون الخير والصلاح والعزّة لأنفسهم وأمتهم، فعليهم اتّباع هدي نبيّهم (صلّى الله عليه وسلّم) وصحابته الكرام (رضي الله عنهم) في حفظ القرآن وفهمه والعمل بما فيه؛ لأنه لن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أوّلها ( ).
واجبُنا نحوَ القرآنِ العظيمِ:
بعد أنْ تعرفنا على مكانة القرآنِ العظيمِ، وأهميته القصوى والبالغة والفائقة في حياةِ المسلمين، باعتبارهِ الدستورَ الإلهيَّ الخالد، الذي منَّ اللهُ (سبحانه وتعالى) به علينا، وجعله سبيلًا لصلاحِ أمرِنا، وفلاحِنا في الدنيا، ونجاحِنا في الآخرة، ونجاتِنا من الضلال، ورُشدِنا في الفكر، ورشادِنا في المسار؛ فإنه يجبُ علينا أمامَ هذا الفضلِ العظيمِ أن ننهضَ بحقوقِ القرآنِ الكريم علينا، وأهمُّها:
تعظيمُ القرآنِ العظيم
باعتبارهِ كلامَ اللهِ سبحانه وتعالى، لا يشبههُ كلام، ولا يدانيه قول، وهو الدستورُ الإلهيُّ الخالدُ، الصالحُ لكلِّ زمانٍ ومكان، والمُصلحُ لأحوالِ الإنسانِ في كل وقتٍ وحال، فعلينا أن نُجله في قلوبِنا، ونوقره في واقعِنا، فلا يُهمَلُ ولا يُؤخَّر، بل يُقَدَّمُ ويُصَدَّر.
تلاوةُ القرآنِ العظيم
آناءَ الليلِ وأطرافَ النهار، بتدبُّرٍ وخشوعٍ وحبذا لو حسَّنا أصواتنا به، فإن في تلاوته نورًا، وفي التعلق به أُنسًا وسكينةً، وفي الاستمرار عليه حياةً للقلوب.
تدبُّرُ مقاصده ومعانيه ومراميه
بحيثُ نعيشُ في رحابه، وفي أنواره، ويعيشُ القرآنُ فينا، فيتحولُ من كلماتٍ نتلوها إلى قيمٍ نعيشُ بها، ومنهاجٍ نسيرُ عليه، ودستور نحكم به، ونتحاكم إليه.
حفظُ القرآنِ العظيم وتحفيظهُ لأولادِنا
لأنه من أعظم أسبابِ تثبيتِ الدينِ في القلوب، ونشرِه في الأجيال، وعلينا أن نُنشئ أبناءَنا على حبِّه، حفظًا وفهمًا وعملاً ونشرا.
دراسةُ القرآنِ الكريم
دراسةً واعيةً، واستخراجُ الدروسِ والعبرِ والعظاتِ منه واستلهامها وتطبيقها، بما يُفيدُنا في دينِنا ودنيانا، ويُرشدنا في حياتِنا ويُنيرُ لنا طريقَنا.
نشرُ مقاصدِ القرآنِ الكريم ومعانيهِ
في كلِّ مكانٍ من أرضِ الله، بينَ المسلمين وغيرِ المسلمين، باللغةِ العربيةِ وباللغاتِ الحيَّة، وبما يُبرزُ عظمةَ كتابِ اللهِ الخالدِ، وأهميتَهُ، وقدرتَهُ على إصلاحِ الإنسان والكونِ والحياة.
ذلك لأنَّ غيرَ المسلمِ لهُ علينا حقٌّ في معرفةِ قدرٍ معيَّنٍ من رسالةِ الإسلامِ الخاتمةِ التي تساعده على التعرف على الدين الحق، الذي جاءَ به خيرُ الأنامِ ومسكُ الختامِ، سيِّدُنا محمدٌ، عليه أزكى الصلاةِ وأتمُّ السلام، وحتى نكونَ قد أدَّينا الأمانة، وبرَّأنا ذمَّتَنا أمامَ اللهِ من واجبِ البلاغ للناس أجمعين.
الخطبة الثانية
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن سيدنا محمدًا (ﷺ) رسولُ الله عباد الله: أوصيكم ونفسي بتقوى الله..يقول الحق (تبارك وتَعَالَى): (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ) (آل عمران: 102) أما بعد..
المحور الثالث
كيف تعامل القرآن مع الشبهات
تعامل القرآن الكريم مع الشبهات بمنهجية فريدة نوضحها فيما يلي:
1. بالبيان العلمي الواضح:
• قال تعالى: (أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ. أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ۚ بَل لَّا يُوقِنُونَ. أَمْ عِندَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ. أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ ۖ فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُم بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ. أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ. أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُم مِّن مَّغْرَمٍ مُّثْقَلُونَ. أَمْ عِندَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ. أَمْ يُرِيدُونَ كَيْدًا ۖ فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ. أَمْ لَهُمْ إِلَٰهٌ غَيْرُ اللَّهِ ۚ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ) (الطور: 35-43).
وقال تعالى: (…قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ) (البقرة: 111).
2. بالحوار الهادئ المقنع:
قال تعالى: (ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) (النحل: 125).
3. بكشف التناقض والتخبط في كلام الخصوم:
كما فعل سيدنا إبراهيم عليه السلام مع النمرود، وعبدة الكواكب والشمس.
• قال تعالى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ ۖ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (البقرة: 258).
• وقال جلَّ شأنه: (وَكَذَٰلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ. فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَىٰ كَوْكَبًا ۖ قَالَ هَٰذَا رَبِّي ۖ فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ. فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَٰذَا رَبِّي ۖ فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ. فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَٰذَا رَبِّي هَٰذَا أَكْبَرُ ۖ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ. إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا ۖ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (الأنعام: 75-79).
4. بالتحذير من الوقوع في براثن أهل الشبهات:
فعن أبي هريرة (رضي الله عنه)، أن رسول الله (ﷺ) قال: (سَتَكُونُ فِتَنٌ، القاعِدُ فيها خَيْرٌ مِنَ القائِمِ، والقائِمُ خَيْرٌ مِنَ الماشِي، والماشِي فيها خَيْرٌ مِنَ السَّاعِي، مَن تَشَرَّفَ لها تَسْتَشْرِفْهُ، فمَن وجَدَ مَلْجَأً أوْ مَعاذًا، فَلْيَعُذْ بهِ) ( ).
الواجبُ على المُسلمِ أنْ يَجتنِبَ مَواضِعَ الفِتنِ؛ لأنَّه لا أحَدَ يَأمَنُ على نفْسِه منها، والمَعصومُ مَن عَصَمَه اللهُ تعالَى، وقدْ أرشَدَ النَّبيُّ (ﷺ) أُمَّتَه إلى ما يَجِبُ فِعلُه في وَقتِ الفِتنِ، وحذَّرَها مِن سُوءِ عاقِبةِ الانخِراطِ فيها. وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ النَّبيُّ (ﷺ) أنَّه ستَحصُلُ وتَأْتي فِتنٌ على هذه الأُمَّةِ، والمُرادُ بهذه الفِتنِ: الَّتي يَختلِطُ فيها الحقُّ بالباطلِ؛ فلا يُعلَمُ المُحِقُّ فيها مِن المُبطِلِ، ويُقاتَلُ فيها على الدُّنْيا. «القاعِدُ فيها خَيرٌ مِن القائمِ، والقائمُ فيها خَيرٌ منَ الماشي، والماشي فيها خَيرٌ منَ السَّاعي»، والمَقصودُ بَيانُ عِظَمِ خَطَرِها، والحَثُّ على تَجنُّبِها، والهرَبِ منها، وعدَمِ التَّسبُّبِ في شَيءٍ منها؛ لأنَّ سَببَها وشَرَّها وفِتنتَها تكونُ على حسَبِ التَّعلُّقِ بها؛ فالقاعِدُ يكونُ أقلَّ مِن الماشي، والماشي أقلَّ مِنَ السَّاعي، وهكذا، «ومَن يُشرِفْ لها تَستَشْرِفْه»، أي: مَن يَتطلَّعْ إليها ويَتعرَّضْ لها تَغلِبْه وتُهلِكْه، «ومَن وجَدَ مَلْجأً، أو مَعاذًا فلْيَعُذْ به»، أي: مَن وَجدَ طَريقًا يَتِّقي به المُشارَكةَ في هذه الفِتَنِ فلْيفعَلْ، ولْيَعْصِمْ دِينَه ودُنْياه مِن الخَوضِ فيها. وفي الحَديثِ: عَلامةٌ مِن عَلاماتِ النُّبوَّةِ. وفيه: الإخْبارُ بوُقوعِ الفِتنِ للتَّحْذيرِ منها، وليَتأهَّبَ النَّاسُ لها، فلا يَخوضوا فيها، ويَسأَلوا اللهَ الصَّبرَ والنَّجاةَ مِن شَرِّها( ).
• وكان الصالحون يقولون: “لا تُعرض نفسك للشبهة فتقع فيها”.
5. بتقوية اليقين في النفوس:
•بالتربية الإيمانية، والعلم الصحيح، وتزكية النفس.
كيف نستفيد من منهاج القرآن في تفنيد الشبهات في عصرنا؟
1.طلب العلم الشرعي من مصادره الصحيحة ولدينا الأزهر الشريف العامر ملء السمع والبصر، وخريجوه في كل مكان من أرض الله.
2.الرجوع إلى العلماء الربانيين وأهل الذكر.
3.تدريب الشباب على التفكير النقدي الواعي.
4.صناعة خطاب ديني عقلي وعصري ومؤصَّل.
5.الرد العلمي والإعلامي الرصين على الشبهات.
6.عدم الدخول في جدال بلا علم.
7.الابتعاد عن منصات ومروجي الشبهات.
8.اللجوء إلى الله بالدعاء.
وهكذا نحن في زمن تُبث فيه الشبهات من كل ناحية، ولا نجاة إلا بالعلم، واليقين، والثقة في وحي الله، والرجوع إلى العلماء. قال تعالى: (… فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) (النحل: 43). فلنكن حماةً لديننا، نحمل نور الحق، ونردّ على الباطل بالحجة، ونثبت أمام الفتن كما ثبت الصادقون.
اللهم اجعلنا من عبادك الصالحين المصلحين النابهين على دينهم ومقدساتهم وأوطانهم، المحسنين لعباداتهم، الشاكرين لأنعمك، المتفكرين في آياتك.
اللهم زدنا لك خشية، ولك محبة، وعليك توكلًا، وإليك إنابة.
اللهم لك الحمد على نعمك الظاهرة والباطنة.
اللهم اجعلنا لك شاكرين، لك طائعين، لك مخلصين، وإليك منيبين.
اللهم يا مقلب القلوب، ثبّت قلوبنا على دينك،
اللهم احفظ عقولنا من الشبهات، واحفظ قلوبنا من الشهوات،
اللهم علِّمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علَّمتنا، وزِدْنا علمًا ويقينًا وبصيرة،
اللهم أرِنا الحق حقًا وارزقنا اتباعه، وأرِنا الباطل باطلًا وارزقنا اجتنابه.
اللهم اجعلنا هداةً مهتدين، غير ضالين ولا مضلين.
اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها معادنا، واجعل الحياة زيادة لنا في كل خير، واجعل الموت راحة لنا من كل شر.
اللَّهُمَّ أَنْزِلِ السَّكِينَةَ عَلَى مِصْرَ وَأَهْلِهَا وَافْتَحْ لَنَا البَرَكَاتِ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَبَارِكْ فِي مِصْرَ وَرِجَالِهَا وشَعْبِهَا وَجَيْشِهَا…
اللهم احفظ مصر شرقها وغربها، شمالها وجنوبها، طولها وعرضها وعمقها، بحارها وسماءها ونيلها، ووفق يا ربنا قيادتها وجيشها وأمنها وأزهرها الشريف، وعلماءها، واحفظ شعبها، وبلاد المحبين يا رب العالمين، اللهم اشف مرضانا وارحم موتانا اللهم طهّر قلوبنا من الكبر، وزيّنها بالتواضع،اللهم اجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وصلِّ اللهم وسلِّم وبارِك على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..وأقم الصلاة.
خادم الدعوة والدعاة د أحمد علي سليمان
عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية
والحاصل على المركز الأول على مستوى الجمهورية في خدمة الفقه والدعوة (وقف الفنجري 2022م)
المدير التنفيذي السابق لرابطة الجامعات الإسلامية- عضو نقابة اتحاد كُتَّاب مصر
واتس آب: 01122225115 بريد إلكتروني: drsoliman55555@gmail.com
يُرجي من السادة الأئمة والدعاة متابعة الصفحة الرسمية، وعنوانها:
(الدكتور أحمد علي سليمان)؛ لمتابعة كل جديد
لقراءة الخطبة أو تحميلها كاملا يرجي تحميل الخطبة من ملف pdf بالأعلي
_____________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
وللإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف
إتبعنا