خطبة الجمعة القادمة 17 نوفمبر 2023م بعنوان : التمسك بالأمل والاجتهاد في العمل وقت الأزمات ، للشيخ عمر مصطفي، بتاريخ 3 جمادي الأولي 1445هـ ، الموافق 17 نوفمبر 2023م.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 17 نوفمبر 2023م بصيغة word بعنوان : التمسك بالأمل والاجتهاد في العمل وقت الأزمات ، للشيخ عمر مصطفي
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 17 نوفمبر 2023م بصيغة pdf بعنوان : التمسك بالأمل والاجتهاد في العمل وقت الأزمات ، للشيخ عمر مصطفي
عناصر خطبة الجمعة القادمة 17 نوفمبر 2023م ، بعنوان : التمسك بالأمل والاجتهاد في العمل وقت الأزمات ، للشيخ عمر مصطفي.
أولًا: أهميةُ العمــــلِ وارتباطُهُ بالأملِ.
ثانيًا: اعملْ لدنياكَ كأنَّكَ تعيشُ أبدًا.
ثالثًا: الإســــلامُ يحـــــاربُ الكســـلَ.
وأخيرًا: كنْ راهبًا، صومعتـُـــك الحياةُ.
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 17 نوفمبر 2023م ، بعنوان : التمسك بالأمل والاجتهاد في العمل وقت الأزمات ، للشيخ عمر مصطفي ، كما يلي:
التمسكُ بالأملِ والاجتهادُ في العملِ وقتُ الأزماتِ
3 جمادي الأولي 1445هـ – 17 نوفمبر 2023م
الموضوع
إنَّ الحمدَ للهِ نحمدُهُ ونستعينُهُ ونستغفرُهُ ونستهديهِ ونؤمنُ بهِ ونتوكلُ عليهِ، ونُثنِي عليهِ الخيرَ كلَّهُ، ونعوذُ باللهِ مِن شرورِ أنفسِنَا ومِن سيئاتِ أعمالِنَا، مَن يهدهِ اللهُ فلا مضلَّ لهُ، ومَن يضللْ فلا هادِيَ لهُ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ، وأشهدُ أنّ مُحمدًا عبدُ اللهِ ورسولُهُ، بعثَهُ بالهدَى ودينِ الحقِّ ليظهرَهُ على الدينِ كلِّهِ، وكفى باللهِ شهيدًا، صلّى اللهُ وسلمَ وباركَ عليهِ وعلى آلهِ وصحبهِ ومَن تبعَهُم بإحسانٍ إلى يومِ الدينِ.
سبحانَك لا علمَ لنَا إلّا ما علمتَنَا إنّك أنتَ العليمُ الحكيمُ، اللهُمّ علمنَا ما ينفعُنَا، وانفعنَا بمَا علمتَنَا إنّك أنتَ السميعُ العليمُ، اللهُمّ إنَّا نسألُكَ العلمَ النافعَ والعملَ الصالحَ والإخلاصَ في القولِ والعملِ، ونعوذُ بكَ مِن علمٍ لا ينفع، ومِن قلبٍ لا يخشع، ومِن عينٍ لا تدمع، ومِن نفسٍ لا تشبع، ومِن دعوةٍ لا يُستجابُ لهَا، اللهُمَّ اجعلنَا مِمّن يستمعونَ القولَ فيتبعونَ أحسنَهُ: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ} [الزمر:18].أمّا بعدُ:
العنصر الأول من خطبة الجمعة القادمة بعنوان : التمسك بالأمل والاجتهاد في العمل وقت الأزمات
أولًا: أهميةُ العملِ وارتباطُهُ بالأملِ.
عبادَ الله: إنَّ للعملِ أهميةً كبيرةً في الإسلامِ، لذلك كرَّم اللهُ العاملينَ والمنتجينَ واعتبرَ العملَ شرفًا وجهادًا، فبالعملِ يعبرُ الإنسانُ عن ذاتِهِ، ويؤدِّي رسالتَهُ في الحياةِ بإعمارٍ الأرضِ قالَ تعالَي: { هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا (61) } (هود).
ولقد حظَي العملُ في الإسلامٍ بمنزلةٍ خاصةٍ واحترامٍ كبيرٍ، ويكفِي في ذلك أمرُ اللهِ عزَّ وجلَّ بالسعيِ في الأرضِ والابتغاءِ مِن فضلِ اللهِ، بمختلفِ الأساليبِ والوسائلِ التي شرعَهَا، قالَ تعالي :{ هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ (15) }(الملك).
والعملُ خيرٌ للإنسانِ مِن سؤالِ الناسِ أعطوهُ أو منعوهُ؛ لأنَّ تركَ العملِ يؤدِّي إلي الفقرِ والبطالةِ، عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ العَوَّامِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «لَأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُكُمْ حَبْلَهُ، فَيَأْتِيَ بِحُزْمَةِ الحَطَبِ عَلَى ظَهْرِهِ، فَيَبِيعَهَا، فَيَكُفَّ اللَّهُ بِهَا وَجْهَهُ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ النَّاسَ أَعْطَوْهُ أَوْ مَنَعُوهُ».(صحيح البخاري).
ولم يأمرْ اللهُ سبحانَهُ وتعالَي بالانصرافِ عن تحصيلِ المعاشِ إلّا للعبادةِ، فإذا قُضيَتْ الصلاةُ فعليهِ أنْ يسعَي في الأرضِ طلبًا للرزقِ وابتغاءً مِن فضلِ اللهِ، قالَ تعالي : {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (10)}(الجمعة).
والعملُ الصالحُ يؤجرُ عليهِ المسلمُ علي كلِّ حالٍ، حتي ما يأكلهُ الطيرُ والحيوانُ يؤجرُ عليهِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا، أَوْ يَزْرَعُ زَرْعًا، فَيَأْكُلُ مِنْهُ طَيْرٌ أَوْ إِنْسَانٌ أَوْ بَهِيمَةٌ، إِلَّا كَانَ لَهُ بِهِ صَدَقَةٌ».(صحيح البخاري).
ولقد ضربَ لنَا النبيُّ ﷺ وكذلك سائرُ الأنبياءُ عليهمُ الصلاةُ و السلامُ مِن قبلِهِ، و الصحابةُ الكرامُ رضي اللهُ عنهم مِن بعدهِ ضربُوا لنَا أروعَ الأمثلةِ في الجدِّ والاجتهادِ والعملِ، فالعملُ ضربٌ مِن ضروبِ العبادةِ، لكن إذا أدَّي العبدُ ما عليهِ مِن فرائض ، وكان العملُ وفقَ منهجِ اللهِ الذي وضعَهُ لعبادِهِ.
عبادَ الله: إنَّ العملَ والأملَ مرتبطانِ ارتباطًا وثيقًا، فالأملُ وقودُ العملِ، والعملُ والأملُ هما مطيةُ الراحلينَ إلى اللهِ، فالحياةُ مفعمةٌ بالأملِ، فلا يأسَ مع الحياةِ، ولا حياةَ مع اليأسِ، فلا ييأسُ مذنبٌ مِن العفوِ؛ لأنَّ اللهَ عزّو جلّ فتحَ بابَ التوبةِ واسعًا، ولا ييأسُ مريضٌ مِن عدمِ الشفاءِ مهما كان مرضُهُ عضالًا، فعليهِ أنْ يأخذَ بأسبابِ التداوِي مع التعلقِ بحبلِ اللهِ في الشفاءِ، وإنْ كنتَ عقيمًا لا تنجب فلا تيأسْ مِن رحمةِ اللهِ وفيضِ عطائِه، وإنْ كنتَ في حالةٍ مِن ضيقِ اليدِّ فاعلمْ أنَّ فقيرَ اليومِ قد يكونُ غنيَّ الغدِ، وغنيُّ اليومِ قد يكونُ فقيرَ الغدِ، والأيامُ دولٌ، ومهما تكنْ اللحظاتُ العصيبةُ فعلينَا أنْ نتمسكَ بحبلِ اللهِ ( عزَّ وجلَّ ) .
ومِن رحمةِ اللهِ ( عزَّ وجلَّ ) بنَا أنَّهُ يحاسبُنَا على الأخذِ بالأسبابِ، أمَّا النتائجُ فمردُّهَا إليهِ (سبحانَهُ وتعالي ) ، فإنْ أحسنّا الأخذَ بالأسبابِ وأحسنّا التوكلَ على اللهِ (عزَّ وجلَّ ) فتحَ لنَا أبوابَ رحمتِهِ في الدنيا والآخرةِ ، قالَ رسولُ اللهِ ﷺ: ” لَوْ أَنَّكُمْ تَتَوَكَّلُونَ عَلَى اللهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ، لَرَزَقَكُمْ كَمَا يَرْزُقُ الطَّيْرَ، تَغْدُو خِمَاصًا وَتَرُوحُ بِطَانًا “(مسند أحمد).
غيرَ أنَّ الأملَ بلا عملٍ أملٌ أجوفٌ، فعلينَا أنْ نعملَ وقلوبُنَا مليئةٌ بالأملِ.
العنصر الثاني من خطبة الجمعة القادمة بعنوان : التمسك بالأمل والاجتهاد في العمل وقت الأزمات
ثانيًا: اعملْ لدنياكَ كأنَّكَ تعيشُ أبدًا.
إنَّ الإسلامَ لا يأمرُ بمجردِ العملِ إنَّمَا يأمرُ بالعملِ المتقنِ فعَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُحِبُّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلًا أَنْ يُتْقِنَهُ».(المعجم الأوسط للطبراني).
وقالَ سبحانَهُ و تعالَي في كتابِهِ: { إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا (30)} (الكهف).فالعملُ المتقنُ دعا إليه الإسلامُ وأمرَ بهِ ووعدَ صاحبَهُ بأنَّ أجرَهُ لن يضيعَ، وهذا وعدُ اللهِ لهُ ، جزاءً لإتقانهِ العملَ .
ولقد أمرَنَا أنْ نعملَ في كلِّ الأوقاتِ خاصةً في أوقاتِ الأزماتِ، وإنْ كان للعملِ قيمةٌ وأهميةٌ في الإسلامِ ففي الأزماتِ تزدادُ أهميتُهُ وتعلُو قيمتُهُ، فعلي المسلمِ أنْ يجتهدَ في مثلِ هذه الأوقاتِ، بل إنَّ النبيَّ ﷺ أمرنَا بالعملِ لآخرِ لحظةٍ مِن حياتِنَا حتي لو كانتْ ثمرةُ العملِ لا ندركُهَا، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «إِنْ قَامَتِ السَّاعَةُ وَفِي يَدِ أَحَدِكُمْ فَسِيلَةٌ، فَإِنِ اسْتَطَاعَ أَنْ لَا تَقُومَ حَتَّى يَغْرِسَهَا فَلْيَغْرِسْهَا» (الأدب المفرد).
ومِمّا يعينُ علي الإتقانِ أنْ تراقبَ اللهَ في السرِّ والعلنِ، وهذا هو مقامُ الإحسانِ، فعندما سألَ جبريلُ عليه السلامُ سيدَنَا مُحمدًا ﷺ عن الإحسانِ قَالَ: مَا الإِحْسَانُ؟ قَالَ: «أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ)(صحيح البخاري).
وكذلك مِمّا يعينُ علي الإتقانِ أنْ تعملَ لدنياكَ كأنَّكَ تعيشُ أبدًا، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَيْزَارِ قَالَ: لَقِيتُ شَيْخًا مِنَ الْأَعْرَابِ كَبِيرًا فَقُلْتُ لَهُ: لَقِيتَ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَقُلْتُ: مَنْ؟ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، فَقُلْتُ لَهُ: فَمَا سَمِعْتَهُ يَقُولُ؟ قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: «احْرِزْ لِدُنْيَاكَ (اعْمَلْ لِلدُّنْيَا)كَأَنَّكَ تَعِيشُ أَبَدًا، وَاعْمَلْ لِآخِرَتِكَ كَأَنَّكَ تَمُوتُ غَدًا».(مسند الحارث).
العنصر الثالث من خطبة الجمعة القادمة بعنوان : التمسك بالأمل والاجتهاد في العمل وقت الأزمات
ثالثًا: الإسلامُ يحاربُ الكسلَ.
عبادَ الله: إذا كان الإسلامُ يدعُو إلي العملِ والإنتاجِ فإنّهُ يرفضُ البطالةَ والكسلَ والتسولَ؛ لأنَّ ذلك مِن أسبابِ تأخرِ البلادِ وهلاكِ العبادِ، وقد كان رسولُ اللهِ ﷺ يستعيذُ باللهٍ مِن العجزِ والكسلِ، عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ العَجْزِ وَالكَسَلِ، وَالجُبْنِ وَالهَرَمِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ المَحْيَا وَالمَمَاتِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ»(صحيح البخاري).
فالعجزُ والكسلُ قرينانِ، أمَّا العجزُ فعجزُ القدرةِ، وأمَّا الكسلُ فعجزُ الإرادةِ، يقولُ ابنُ القيّمِ رحمَهُ اللهُ : الذَّنْبُ إِمَّا يُمِيتُ الْقَلْبَ، أَوْ يُمْرِضُهُ مَرَضًا مُخَوِّفًا، أَوْ يُضْعِفُ قُوَّتَهُ وَلَا بُدَّ حَتَّى يَنْتَهِيَ ضَعْفُهُ إِلَى الْأَشْيَاءِ الثَّمَانِيَةِ الَّتِي اسْتَعَاذَ مِنْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ: « [الْهَمُّ، وَالْحَزَنُ، وَالْعَجْزُ، وَالْكَسَلُ، وَالْجُبْنُ، وَالْبُخْلُ، وَضَلَعُ الدَّيْنِ، وَغَلَبَةُ الرِّجَالِ] » وَكُلُّ اثْنَيْنِ مِنْهَا قَرِينَانِ.
فَالْهَمُّ وَالْحَزَنُ قَرِينَانِ: فَإِنَّ الْمَكْرُوهَ الْوَارِدَ عَلَى الْقَلْبِ إِنْ كَانَ مِنْ أَمْرٍ مُسْتَقْبَلٍ يَتَوَقَّعُهُ أَحْدَثَ الْهَمَّ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَمْرٍ مَاضٍ قَدْ وَقَعَ أَحْدَثَ الْحَزَنَ.
وَالْعَجْزُ وَالْكَسَلُ قَرِينَانِ: فَإِنْ تَخَلَّفَ الْعَبْدُ عَنْ أَسْبَابِ الْخَيْرِ وَالْفَلَاحِ، إِنْ كَانَ لِعَدَمِ قُدْرَتِهِ فَهُوَ الْعَجْزُ، وَإِنْ كَانَ لِعَدَمِ إِرَادَتِهِ فَهُوَ الْكَسَلُ.
وَالْجُبْنُ وَالْبُخْلُ قَرِينَانِ: فَإِنَّ عَدَمَ النَّفْعِ مِنْهُ إِنْ كَانَ بِبَدَنِهِ فَهُوَ الْجُبْنُ، وَإِنْ كَانَ بِمَالِهِ فَهُوَ الْبُخْلُ.
وَضَلَعُ الدَّيْنِ وَقَهْرُ الرِّجَالِ قَرِينَانِ: فَإِنَّ اسْتِعْلَاءَ الْغَيْرِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ بِحَقٍّ فَهُوَ مِنْ ضَلَعِ الدَّيْنِ، وَإِنْ كَانَ بِبَاطِلٍ فَهُوَ مِنْ قَهْرِ الرِّجَالِ.(الداء والدواء).
ومِن ثمَّ كان ترغيبُ النبيِّ ﷺ في العملِ ونهيهُ عن الكسلِ عن أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال : قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَأَنْ يَحْتَطِبَ أَحَدُكُمْ حُزْمَةً عَلَى ظَهْرِهِ، خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ أَحَدًا، فَيُعْطِيَهُ أَوْ يَمْنَعَهُ»(صحيح البخاري).
فالإسلامُ يدعُو إلي العملِ الصالحِ العملِ الجادِّ المتقنِ وينهَي عن البطالةِ والكسلِ، فالكسلُ داءٌ فتاكٌ إذا تمكنَ مِن صاحبهِ ضيّعَ دنياهُ وأخراهْ، بل ويفقدُ الكسولُ بمرورِ الوقتِ إنسانيتَهُ، وينهَي الإسلامُ أيضًا عن مدِّ الأيدِي للسؤالِ لأنَّهُ ذلٌ لصاحبهِ وتعطيلٌ لمهمتِهِ في الحياةٍ وتضييعٌ لِمَا أعطاهُ اللهُ مِن مقوماتٍ تعينُهُ علي هذه المهمةِ مِن عبادةِ اللهٍ وإعمارٍ للكونِ.
العنصر الرابع من خطبة الجمعة القادمة بعنوان : التمسك بالأمل والاجتهاد في العمل وقت الأزمات
وأخيرًا: كنْ راهبًا، صومعتُكَ الحياةُ.
عبادَ الله: إنَّ المسلمَ الحقَّ هو الذي يعيشُ في الدنيا لا يطلبُ سوي رضَا اللهِ، فحياتُهُ كلُّهَا منضبطةٌ بمنهجِ اللهِ، فإذا أمرَهُ اللهُ امتثلَ الأمرَ، وإذا نهاه امتثلَ وابتعدَ عمَّا نهاهُ اللهٌ عنه، فيعملُ ويأكلُ مِن كدِّ يدهِ ولا يتكاسلُ أو يتسولُ ويكونُ عالةً علي غيرِهِ، سُئِلَ النَّبِىُّ ﷺ عَنْ أَفْضَلِ الْكَسْبِ فَقَالَ « بَيْعٌ مَبْرُورٌ وَعَمَلُ الرَّجُلِ بِيَدِهِ »(مسند أحمد).
وعن المِقْدَامِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، قَالَ: «مَا أَكَلَ أَحَدٌ طَعَامًا قَطُّ، خَيْرًا مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ، وَإِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ، كَانَ يَأْكُلُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ»(صحيح البخاري).
وكذلك يسعي علي مَن جعلَهُم اللهُ في أمانتِه وتحتَ مسئوليتِهِ ولا يضيعهُم، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «السَّاعِي عَلَى الأَرْمَلَةِ وَالمِسْكِينِ، كَالْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَوِ القَائِمِ اللَّيْلَ الصَّائِمِ النَّهَارَ»(صحيح البخاري).
فيكونُ المسلمُ بذلكَ أشبَهَ براهبٍ لكنْ ليس له صومعةٌ ينقطعُ فيها للعبادةِ، وإنَّمَا صومعتُهُ الحياةُ بأكملِهَا وهكذا كان النبيُّ ﷺ، و أصحابُهُ رضي اللهُ عنهم، ومَن سارَ علي هديهِم ونهجهِم .
فاللهُمَّ وفقنَا إلى طاعتِكَ وباعدْ بينَنَا وبينَ معاصيكَ كما باعدتَ بينَ المشرقِ والمغربِ، اللهُمَّ إنَّا نسألُكَ التقوَى ومِن العملِ ما ترضَي، اللهُمَّ أعنَّا علي ذكرِكَ وشكرِكَ وحسنِ عبادتِكَ، اللهُمَّ اجعلْ مصرَ أمنًا أمانًا سلمًا سلامًا سخاءً رخاءً وسائرَ بلادِ المسلمين ، اللهُمَّ احفظهَا مِن كلِّ مكروهٍ وسوءٍ برحمتِكَ يا أرحمَ الراحمين، وصلَّى اللهُ وسلَّمَ على نبيِّنَا مٌحمدٍ وعلى آلِهِ وصحبِهِ أجمعين.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
كتبه راجي عفو ربه عمر مصطفي
_____________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف