خطبة الجمعة القادمة 21 نوفمبر 2025 : كُنْ جَمِيلًا تَرَ الْوُجُودَ جَمِيلًا، للشيخ خالد القط
كُنْ جَمِيلًا تَرَ الْوُجُودَ جَمِيلًا
خطبة الجمعة القادمة 21 نوفمبر 2025 بعنوان : كُنْ جَمِيلًا تَرَ الْوُجُودَ جَمِيلًا، للشيخ خالد القط ، بتاريخ 30 جمادي الأولي 1447هـ ، الموافق 21 نوفمبر 2025م.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 21 نوفمبر 2025 بصيغة word بعنوان : كُنْ جَمِيلًا تَرَ الْوُجُودَ جَمِيلًا، بصيغة word للشيخ خالد القط
ولتحميل خطبة الجمعة القادمة 21 نوفمبر 2025 بصيغة pdf بعنوان : كُنْ جَمِيلًا تَرَ الْوُجُودَ جَمِيلًا، للشيخ خالد القط
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 21 نوفمبر 2025 بعنوان : كُنْ جَمِيلًا تَرَ الْوُجُودَ جَمِيلًا، للشيخ خالد القط ، كما يلي:
كن جميلاً ترى الوجود جميلاً
بتاريخ 30 جمادي الأولي 1447هـ – 21 نوفمبر 2025م
الحمد لله رب العالمين، نحمده تعالى حمد الشاكرين، ونشكره شكر الحامدين. وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت، وهو على كل شيء قدير، القائل في كتابه العزيز: ((لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ)) سورة الممتحنة (8)
وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وحبيبه، اللهم صل وسلم وزد وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، حق قدره ومقدره العظيم.
أما بعد
أيها المسلمون، فإن المسلم الحق إنسان متفاءل دائماً، مقبل على الحياة، يملؤوه الأمل، مقترناً بالعمل، بلا كلل ولا ملل، يتحدى دائماً صعوبات وعقبات الحياة، لديه ثقة وأمل في الله دائماً أن القادم خير، وأن الأمور مهما تعسرت، فستيسر، وأن المسائل مهما تعقدت، فلها بدلاً من الحل حلول، وأن كل الأبواب مهما أغلقت، فلا يعرف اليأس والقنوط والإحباط إلى نفسه سبيلاً.
إن هؤلاء الذين ينظرون إلى الحياة بنظارة سوداء، تراهم متشائمين قانطين يائسين، يصدرون الإحباط لأنفسهم ولمن حولهم لا شك أنهم بذلك يخالفون ويصادمون المنهج الإسلامي الذي يدعوا إلى تجديد روح الأمل والنظرة إلى الحياة نظرة تفاؤل، قال تعالى ((وَلَا تَيْأَسُوا مِن رَّوْحِ اللَّهِ ۖ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ)) سورة يوسف (87)، وقال ((قَالَ وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ)) سورة الحجر (56)، وقال ((قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)) سورة الزمر (53)، كما أن السنة النبوية الشريفة مليئة بالأحاديث التي تبث فينا روح الأمل والتفاؤل، فعند ابن ماجة وغيره بسند صحيح من حديث أبي هريرة رضي الله عن قال : (( كانَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ يُعجبُهُ الفَألُ الحسَنُ، ويَكْرَهُ الطِّيرةَ)) والطِّيرةَ هي التشاؤم، وفى هذا السياق أيضاً، أخرج الطبراني وغيره بسند حسن، من حديث يعيش بن طخفة الغفاري قال: ((دعا رسولُ اللهِ ﷺ ناقةً يومًا فقال مَن يحلِبُها فقال رجلٌ أنا فقال ما اسمُك قال مُرَّةُ قال اقعُدْ ثُمَّ قام آخرُ فقال ما اسمُك قال مُرَّةُ قال اقعُدْ ثُمَّ قام آخرُ فقال ما اسمُك قال جَمْرةُ فقال اقعُدْ ثُمَّ قام يَعِيشُ فقال ما اسمُك قال يَعِيشُ قال احلِبْها)).
بل قمة الجمال والنظرة المملؤة بالأمل والتفاؤل تتجلى في الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، وذلك في غزوة الحديبية، حين كانت قريش تراسله، صلى الله عليه وسلم، فأرسلوا إليه في النهاية سهيلاّ بن عمرو فلما أقبل قال النبي صلى الله عليه وسلم: هذا سهيل بن عمرو وما أراه إلا قد سهل أمركم.
وفى هذا السياق جاء قول الشاعر:
وَالَّذي نَفسُهُ بِغَيرِ جَمالٍ لا يَرى في الوُجودِ شَيئاً جَميلا
لَيسَ أَشقى مِمَّن يَرى العَيشَ مُرّاً وَيَظُنُّ اللَذاتِ فيهِ فُضولا
إلى أن قال :
أَيُّهَذا الشاكي وَما بِكَ داءٌ كُن جَميلاً تَرَ الوُجودَ جَميلا
ويقول المتنبي أيضاً في هذا السياق:
فلا ترجو ثناءً مِنْ حَقُودٍ يَشُقُّ عليهِ أَنْ يَصِفَ الْجَمَالَا!
ومَنْ يَكُ ذَا فَمٍ مُرٍّ، مريضٍ يَجِدْ مُرّاً بِهِ الْمَاءَ الزُّلَالَا
مُحَالٌ أَنْ يَرَى إشراقَ فَجْرٍ جمالاً رائِقاً في الأرضِ سَالَا!
أيها المسلمون، إن الإنسان الذي يضيع وقته وعمره من أجل أن ينتصر في صراعات فكرية أو حتى عقائدية، هو في الحقيقية يضيع وقته سدى بلا فائدة، ولا يتحقق من وراء هذه الصراعات والمناقشات أي مكاسب دينية، أو دنيوية، وذلك لأن جوهر ديننا الحنيف قائم في المقام الأول، على الاعتراف بالأخر، واحترام حقه في الحياة من كل الوجوه.
ولذلك شاءت إرادة الله سبحانه وتعالى أن يخلق الناس مختلفين ومتنوعين في كل نواحي الحياة الإيمانية، والاقتصادية، والاجتماعية، فمن الناحية الإيمانية قال تعالى ((وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً ۖ وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلَّا مَن رَّحِمَ رَبُّكَ ۚ وَلِذَٰلِكَ خَلَقَهُمْ ۗ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (119) سورة هود.
ومن ناحية الرزق (الاقتصاد)، ((وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ ۚ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلَىٰ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ ۚ أَفَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ)) سورة النحل (71) ، ومن الناحية الاجتماعية، قال تعالى ((لِّلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ ۚ يَهَبُ لِمَن يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاءُ الذُّكُورَ (49) أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا ۖ وَيَجْعَلُ مَن يَشَاءُ عَقِيمًا ۚ إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ (50) سورة الشورى، وهكذا فينبغي على الجميع أن تكون المعاملة فيما بينهم برقى وبذوق عال وبأخلاق كريمة بصرف النظر عن الاختلاف فى العقيدة أو التفاضل في الرزق سواء كان اقتصادياً أو اجتماعياً.
أيها المسلمون، لقد جاءت آيات كثيرة في القرآن الكريم تدعونا إلى التعامل مع الآخرين برقى واحترام ، وعدم التجاوز فى حق المخالفين لنا فى العقيدة ، من ذلك ، قوله تعالى ((وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ ۗ كَذَٰلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِم مَّرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ )) سورة الأنعام (108)، وقال ((وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ ۖ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَٰهُنَا وَإِلَٰهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ)) سورة العنكبوت (46) ، وقال : ((لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ)) سورة الممتحنة (8).
أيها المسلمون، إن كان الإسلام قد أمرنا باحترام الأخر وهو من خالف ديننا، فكيف بالمسلمين فيما بينهم، فيجب أن يسود جو الألفة والمودة والحب بين الجميع، وإن اختلفوا في الآراء، فعلى سبيل المثال، كان هناك تباين واختلاف في وجهات النظر بين الصديق أبى بكر الخليفة الأول، والفاروق عمر بن الخطاب فى بعض المسائل، التي تخص المسلمين، فعلى سبيل المثال، فقد اختلفا في قسمة الأراضي المفتوحة: فكان أبو بكر يرى قسمتها وكان عمر يرى وقفها ولم يقسمها. ولكن انظر إلى قمة الروعة والجمال حين قال أحدهم لعمر رضي الله عنه: (أنت خير من أبي بكر. أجهش بالبكاء وقال: والله لليلة من أبي بكر خير من عمر وآل عمر)، وفى رواية أن عمر بن الخطاب، ذكر ليلة الهجرة، ألا فلتتعلم الدنيا كلها كيف يكون التعامل برقى وأدب واحترام.
الخطبة الثانية
أيها المسلمون، فقد أولى الإسلام الجار اهتماماً بالغاً، وذلك لما يمثله الجار من قيمة ومكانة كبيرة في حياة جاره، ولذلك جاءت نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة بالدعوة إلى تقدير الجار وعدم إيذائه أو الإساءة إليه، قال تعالى ((وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ۖ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا)) سورة النساء (36)، وتأمل معي جيداً قوله صلى الله عليه وسلم، كما هو مخرج فى الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها : ((ما زالَ يُوصِينِي جِبْرِيلُ بالجارِ، حتّى ظَنَنْتُ أنَّه سَيُوَرِّثُهُ))، كذلك أخرج الإمام البخاري في صحيحه من حديث، أبى شريح العدوى خويلد بن عمرو، أنه قال صلى الله عليه وسلم ((واللَّهِ لا يُؤْمِنُ، واللَّهِ لا يُؤْمِنُ، واللَّهِ لا يُؤْمِنُ. قيلَ: ومَن يا رَسولَ اللَّهِ؟ قالَ: الذي لا يَأْمَنُ جارُهُ بَوايِقَهُ)) والبوائقُ: جمعُ بائقةٍ، وهي الدَّاهيةُ والبَلِيَّةُ، والفَتْكُ والشُّرُور، والظُّلمُ، والجَورُ، والتَّعدِّي.
أيها المسلمون، إن راحة كل بيت تكمن حين يرزقك الله جاراً صالحاً، وعلى الجانب الأخر، من أعظم الابتلاءات في الحياة أن يكون لك جار سوء، ولله در القائل:
يلومونَني أن بِعْتُ بالرُّخصِ مَنزلي ولم يَعلَموا جارًا هناك يُنَغِّصُ
فقلتُ لهم كُفُّوا الملامَ فإنَّما بجيرانِها تغلو الدِّيارُ وتَرخُصُ
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يحفظ مصر وأهلها من كل سوء وشر
بقلم: الشيخ خالد القط
_____________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
وللمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف












