خطبة الجمعة القادمة 26 ديسمبر : مظاهر عناية الإسلام بالطفولةِ ، للدكتور محروس حفظي
خطبة الجمعة القادمة
خطبة الجمعة القادمة 26 ديسمبر 2025م بعنوان : مظاهر عناية الإسلام بالطفولةِ ، للدكتور محروس حفظي بتاريخ 6 رجب 1447هـ ، الموافق 26 ديسمبر 2025م.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 26 ديسمبر 2025م ، للدكتور محروس حفظي بعنوان : مظاهر عناية الإسلام بالطفولةِ .
ولتحميل خطبة الجمعة القادمة 26 ديسمبر 2025م ، للدكتور محروس حفظي بعنوان : مظاهر عناية الإسلام بالطفولةِ، بصيغة word أضغط هنا.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 26 ديسمبر 2025م ، للدكتور محروس حفظي بعنوان : مظاهر عناية الإسلام بالطفولةِ، بصيغة pdf أضغط هنا.
___________________________________________________________
عناصر خطبة الجمعة القادمة 26 ديسمبر 2025م بعنوان:مظاهر عناية الإسلام بالطفولةِ، للدكتور محروس حفظي :
(١) رعايةُ الإسلامِ للطفلِ، وعنايتُهُ بهِ.
(٢) خطواتٌ على طريقِ بناءِ الأطفالِ.
(٣) الآثارُ السلبيةُ التي تترتبُ على إدمانِ الألعابِ الالكترونيةِ.
(٤) واجبُ الوالدينِ في توجيهِ الأطفالِ للابتعادِ عن الألعابِ غيرِ المفيدةِ.
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 26 ديسمبر 2025م بعنوان: مظاهر عناية الإسلام بالطفولةِ ، للدكتور محروس حفظي : كما يلي:
مظاهر عناية الإسلام بالطفولةِ
بِتَارِيخِ 6 رجب 1447 ه = المُوَافِقِ 26 ديسمبر 2025 م
الحمدُ للهِ حمداً يوافي نعمَهُ، ويكافىءُ مزيدَهُ، لكَ الحمدُ كما ينبغي لجلالِ وجهِكَ، ولعظيمِ سلطانِكَ، والصلاةُ والسلامُ الأتمانِ الأكملانِ على سيدِنا محمدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أما بعدُ ،،،
(١) رعايةُ الإسلامِ للطفلِ، وعنايتُهُ بهِ: – أولى الإسلامُ بالأطفالِ عنايةً فائقةً، واهتمَّ بهم اهتماماً خاصاً؛ لما لهم من دورٍ حيويٍّ في بقاءِ النسلِ البشريِّ، واستمرارِ الحياةِ على هذهِ البسيطةِ، فهي بمثابةِ اللبنةِ الأولى في إعدادِ المجتمعِ القويمِ، بل تمتدُّ حتى بعدَ الموتِ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النبيَّ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ قَالَ: «إِذَا مَاتَ ابنُ آدمَ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ: صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أو عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ» [رواهُ مسلمٌ].
صلاحُ الأبناءِ شفاعةٌ للآباءِ، وقرةٌ لأعينِهم {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ} [الفرقانِ: 74]، بل رفقاءُ لهم في الجنةِ {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ} [الطورِ: 21].
قالَ ابنُ كثيرٍ: (يُخْبِرُ تَعَالَى عَنْ فَضْلِهِ وَكَرَمِهِ وَامْتِنَانِهِ وَلُطْفِهِ بِخَلْقِهِ وَإِحْسَانِهِ أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا اتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّاتُهُمْ فِي الْإِيمَانِ يُلْحِقُهُمْ بِآبَائِهِمْ فِي الْمَنْزِلَةِ، وَإِنْ لَمْ يَبْلُغُوا عَمَلَهُمْ لِتَقَرَّ أَعْيُنُ الْآبَاءِ بِالْأَبْنَاءِ عِنْدَهُمْ فِي مَنَازِلِهِمْ، فَيَجْمَعُ بَيْنَهُمْ عَلَى أَحْسَنِ الْوُجُوهِ بِأَنْ يَرْفَعَ النَّاقِصَ الْعَمَلِ بِكَامِلِ الْعَمَلِ، وَلَا يَنْقُصَ ذَلِكَ مِنْ عَمَلِهِ وَمَنْزِلَتِهِ لِلتَّسَاوِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ ذَاكَ؛ عنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضيَ اللهُ عنهُما قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ لَيَرْفَعُ ذُرِّيَّةَ الْمُؤْمِنِ فِي دَرَجَتِهِ وَإِنْ كَانُوا دُونَهُ فِي الْعَمَلِ لِتَقَرَّ بِهِمْ عَيْنُهُ»). [تفسيرُ القرآنِ العظيمِ].
أعطى الإسلامُ للأطفالِ حقوقاً لا حصرَ لها بدءً من حقِّه في الحياةِ، فلا يملكُ أحدٌ إزهاقَ روحِه أو سلبَ حياتِه قالَ تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا} [الإسراءِ: 31]، ثم أوجبَ على الوالدِ الإنفاقَ عليهم والاهتمامَ بهِ {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرةِ: 233].
كما أوجبَ على الوالدينِ العدلَ بينَ الأطفالِ وعدمَ تمييزِ أحدِهما على الآخرِ، وهو من أكبرِ عواملِ الطمأنينةِ النفسيةِ، أما المعاملةُ الظالمةُ فإنها من عواملِ زراعةِ الحقدِ بينَ الأطفالِ الأبرياءِ، كما ينبغي أن نلاطفَهم ونتوددَ إليهم وقد كانَ ذلكَ سمتَ نبينا صلى اللهُ عليهِ وسلمَ فقد كانَ يطيلُ السجودَ عندما يأتيهِ الحسنُ أو الحسينُ رضيَ اللهُ عنهُما؛ فيحملُهما على ظهرِه حتى
«قَالَ النَّاسُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ سَجَدْتَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ صَلَاتِكَ سَجْدَةً أَطَلْتَهَا حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ قَدْ حَدَثَ أَمْرٌ أَوْ أَنَّهُ يُوحَى إِلَيْكَ، قَالَ: كُلُّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ وَلَكِنَّ ابْنِي ارْتَحَلَنِي فَكَرِهْتُ أَنْ أُعَجِّلَهُ حَتَّى يَقْضِيَ حَاجَتَهُ» [رواهُ النسائيُّ].
اقتدى الصحابةُ بهِ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ فسارعوا إلى ممازحةِ أطفالِهم، فكانوا ينـزلونَ إلى منازلِهم ويتصابونَ لهم ويلاعبونَهم حتى أنَّ عمرَ رضيَ اللهُ عنهُ ليعزلُ أحدَ عمالِه عن الرئاسةِ؛ لأنه وجدَ منهُ دليلاً واضحاً على قسوةِ قلبِه تجاهَ أولادِه، فعن محمدِ بنِ سلامٍ قالَ: «استعملَ عمرُ بنُ الخطابِ رجلاً على عملٍ، فرأى الرجلُ عمرَ يقبلُ صبياً لهُ، فقالَ الرجلُ: تقبلهُ وأنتَ أميرُ المؤمنـينَ!، لو كنتُ أنا ما فعلتُهُ؟ قالَ عمرُ: فما ذنبي إن كانَ نزعَ من قلبِكَ الرحمةَ، إنَّ اللهَ لا يرحمُ من عبادِه إلا الرحماءَ، ونزعَهُ من عملِه، فقالَ: أنتَ لا ترحمُ ولدَكَ فكيفَ ترحمُ الناسَ؟!» [رواهُ الدينوريُّ في “المجالسةِ”].
ومن مظاهرِ الاهتمامِ بالطفلِ: حسنُ اختيارِ الزوجِ: رغبَ الشارعُ الرجلَ أن يحسنَ اختيارَهُ الزوجةَ الصالحةَ، وكذا المرأةُ؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ: لِمَالِهَا، وَلِحَسَبِهَا، وَلِجَمَالِهَا، وَلِدِينِهَا، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ» [متفقٌ عليهِ]، فحددَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أهمَّ الأُسسِ التي بها يختارُ الإنسانُ شريكَ حياتِه كي تُحسنَ تربيةَ الأطفالِ مستقبلاً، وترعى مصالحَ الأسرةِ على أكملِ وجهٍ، وذمَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من يرفضُ صاحبَ الأخلاقِ الفاضلةِ؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا خَطَبَ إِلَيْكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ، وَفَسَادٌ عَرِيضٌ» [رواهُ الترمذيُّ].
الجمالُ قد يبلى مع مرورِ الأيامِ، والمالُ قد يذهبُ مع تقلباتِ الأحوالِ، والفخرُ بالنسبِ لا دخلَ للإنسانِ في اختيارِه؛ عَنْ ابْنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَزَوَّجُوا النِّسَاءَ لِحُسْنِهِنَّ، فَعَسَى حُسْنُهُنَّ أَنْ يُرْدِيَهُنَّ، وَلَا تَزَوَّجُوهُنَّ لِأَمْوَالِهِنَّ، فَعَسَى أَمْوَالُهُنَّ أَنْ تُطْغِيَهُنَّ، وَلَكِنْ تَزَوَّجُوهُنَّ عَلَى الدِّينِ، وَلَأَمَةٌ خَرْمَاءُ سَوْدَاءُ ذَاتُ دِينٍ أَفْضَلُ» [رواهُ ابنُ ماجهَ].
(٢) خطواتٌ على طريقِ بناءِ الأطفالِ: الأطفالُ قادةُ المستقبلِ، همُ الأملُ المنشودُ، اليومَ نقودُهم ونوجهُهم، وغدًا سيقودونَنا، فالطفولةُ مستودعُ الآمالِ والآلامِ، هي طريقُ القممِ العليةِ، لا تحتقرنَّ طفلًا؛ لصغرهِ، فإنَّ الأيامَ دولٌ؛ ولذا حرصَ الإسلامُ على بناءِ الأطفالِ من جميعِ النواحي:
أولًا: إعدادُ جيلٍ على الإيمانِ الكاملِ: – الإيمانُ يورثُ الراحةَ والطمأنينةَ، ويقضي على الخوفِ والقلقِ الذي قد ينجرفُ بصاحبهِ نحوَ اليأسِ؛ ولذا حرصَ نبينا – صلى اللهُ عليهِ وسلمَ – على تربيةِ الأطفالِ تربيةً إيمانيةً، فأنبتهم بالقرآنِ إنباتًا، وأنشأهم على عينِهِ، فكانوا ذلكَ الجيلَ الفريدَ الذي لم يعرفْ لهُ التاريخُ مثيلًا، ويظهرُ ذلكَ في مواقفَ مختلفةٍ؛ فعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ :«كُنْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا، فَقَالَ: يَا غُلَامُ إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ، احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ، إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ، وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ، رُفِعَتِ الأَقْلَامُ وَجَفَّتْ الصُّحُفُ» [رواهُ الترمذيُّ].
ما أحوجَنا إلى هذا الفقهِ في عصرٍ كثرتْ فيهِ المغرياتُ، والذي أوجبَ علينا الالتفاتَ والالتفافَ حولَ أطفالِنا، والحنوَّ عليهم، وغرسَ القيمِ الإيمانيةِ والأخلاقيةِ في نفوسِهم مثلما ربى سيدُنا – صلى اللهُ عليهِ وسلمَ– الرعيلَ الأولَ؛ فعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: «أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَدَحٍ، فَشَرِبَ مِنْهُ، وَعَنْ يَمِينِهِ غُلَامٌ أَصْغَرُ الْقَوْمِ، وَالْأَشْيَاخُ عَنْ يَسَارِهِ، فَقَالَ لِلْغُلَامِ: ائْذَنْ لِي أَنْ أُعْطِيَ الْأَشْيَاخَ، فَقَالَ: مَا كُنْتُ لِأُوثِرَ بِفَضْلِي مِنْكَ أَحَدًا، يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ» [رواهُ البخاريُّ]، فانظرْ إلى ثقةِ الغلامِ بنفسِهِ، وكيفَ نماها فيهِ نبينا صلى اللهُ عليهِ وسلمَ فلم يمنعْهُ حقَّهُ، وإنما تصرفَ معهُ كتصرفِ الكبارِ.
ثانيًا: حسنُ تأديبِ الطفلِ وتعليمِهِ: وجهَ الإسلامُ الأسرةَ إلى حسنِ اختيارِ اسمِ الطفلِ الذي سيحملهُ طيلةَ حياتِهِ؛ فعَنْ أَنَسٍ، قَالَ: «ذَهَبْتُ بِعْبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ الْأَنْصَارِيِّ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ وُلِدَ، وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عَبَاءَةٍ يَهْنَأُ بَعِيرًا لَهُ، فَقَالَ: «هَلْ مَعَكَ تَمْرٌ؟» فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَنَاوَلْتُهُ تَمَرَاتٍ، فَأَلْقَاهُنَّ فِي فِيهِ فَلَاكَهُنَّ، ثُمَّ فَغَرَ فَا الصَّبِيِّ فَمَجَّهُ فِي فِيهِ، فَجَعَلَ الصَّبِيُّ يَتَلَمَّظُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «حُبُّ الْأَنْصَارِ التَّمْرَ» وَسَمَّاهُ عَبْدَ اللهِ». [رواهُ مسلمٌ].
ولم يقفْ الأمرُ عندَ هذا الحدِّ بل أوجبَ تعليمَ الولدِ ما يصلحُهُ ويقومُهُ؛ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مُرُوا أَوْلَادَكُمْ بِالصَّلَاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا، وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ». [رواهُ أبو داودَ].
قالَ ابنُ حزمٍ: (ومهما بلغَ سِنُّ التمييزِ، فينبغي ألَّا يُسامحْ في تركِ الطهارةِ والصلاةِ، ويُؤمَرْ بالصومِ في بعضِ أيامِ رمضانَ).
والأخلاقُ العامةُ؛ فعن عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ قالَ: «كُنْتُ غُلاَمًا فِي حَجْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَتْ يَدِي تَطِيشُ فِي الصَّحْفَةِ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا غُلاَمُ، سَمِّ اللَّهَ، وَكُلْ بِيَمِينِكَ، وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ» فَمَا زَالَتْ تِلْكَ طِعْمَتِي بَعْدُ». [متفقٌ عليهِ].
عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: «أَتَى عَلَيَّ النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَا أَلْعَبُ مَعَ الْغِلْمَانِ، قَالَ: فَسَلَّمَ عَلَيْنَا، فَبَعَثَنِي إِلَى حَاجَةٍ، فَأَبْطَأْتُ عَلَى أُمِّي، فَلَمَّا جِئْتُ قَالَتْ: مَا حَبَسَكَ؟ قُلْتُ بَعَثَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِحَاجَةٍ، قَالَتْ: مَا حَاجَتُهُ؟ قُلْتُ: إِنَّهَا سِرٌّ، قَالَتْ: لَا تُحَدِّثَنَّ بِسِرِّ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَدًا قَالَ أَنَسٌ: وَاللهِ لَوْ حَدَّثْتُ بِهِ أَحَدًا لَحَدَّثْتُكَ يَا ثَابِتُ». [رواهُ مسلمٌ].
وكذا تأديبُهُ بما يناسبُ حالَهُ من الرياضةِ والشعرِ والتاريخِ وغيرها؛ لِأَنَّهُ عونٌ لَهُ على الدينِ والدنيا، وَكَذَا يُعلمُهُ الْقُرْآنَ والآدابَ الحسنةَ، وكلَّ مَا يضْطَرُّ إِلَى مَعْرفَتِهِ؛ فعَنْ أَبِي رَافِعٍ قَالَ: قُلْتُ: «يَا رَسُولَ اللهِ، أَلِلْوَلَدِ عَلَيْنَا حَقٌّ كَحَقِّنَا عَلَيْهِمْ؟ قَالَ: “نَعَمْ، حَقُّ الْوَلَدِ عَلَى الْوَالِدِ أَنْ يُعَلِّمَهُ الْكِتَابَةَ وَالسِّبَاحَةَ وَالرَّمْيَ، وَأَنْ يُؤَدِّبَهُ طَيِّبًا» [رواهُ البيهقيُّ في “شعبِ الإيمانِ”].
وقد روى ابنُ خلدونَ: «أنَّ هارونَ الرشيدَ لما أرادَ أن يوجهَ ولدَهُ الأمينَ أرسلهُ إلى معلمِهِ، فقالَ للمعلمِ: “يا أحمرُ إنَّ أميرَ المؤمنينَ قد دفعَ إليكَ مهجةَ نفسِهِ، وثمرةَ قلبِهِ، فصيرْ يدَكَ عليهِ مبسوطةً، وطاعتُهُ لكَ واجبةٌ، فكنْ لهُ بحيثُ وضعكَ أميرُ المؤمنينَ، أقرئْهُ القرآنَ، وعلمْهُ الأخبارَ، وروهُ الأشعارَ، وعلمْهُ السُّننَ، وبصرْهُ بمواقعِ الكلامِ وبدئِهِ، وامنعْهُ من الضحكِ إلا في أوقاتِهِ، وخذْهُ بتعظيمِ مشايخِ بني هاشمَ إذا دخلوا عليهِ، ورفعِ مجالسِ القوادِ، إذا حضروا مجلسَهُ، ولا تمرنَّ بكَ ساعةٌ إلا وأنتَ مغتنمٌ فائدةً تفيدهُ إياها، من غيرِ أن تحزنهُ، فتميتَ ذهنَهُ، ولا تمعنْ في مسامحتِهِ، فيستحليَ الفراغَ ويألفَهُ، وقومْهُ ما استطعتَ بالقربِ والملاينةِ، فإنْ أباهُما فعليكَ بالشدةِ والغلظةِ». [ديوانُ المبتدأِ والخبرِ في تاريخِ العربِ والبربرِ].
الأطفالُ إن أُهملوا ولم يُوجَّهوا نحوَ البرِّ والخيرِ، يصيرونَ أيتامًا رغمَ وجودِ الآباءِ؛ وللهِ درُّ “أميرِ الشعراءِ” أحمدَ شوقي:
ليسَ اليتيمُ من انتهى أبواهُ *** من هَمِّ الحياةِ وخلَّفاهُ ذليلًا
إنَّ اليتيمَ هو الذي تَلْقَى لهُ *** أُمًّا تخلَّتْ أو أبًا مشغولًا
ثالثاً: الحوارُ الهادئُ معَ الأطفالِ: – الحوارُ الجادُّ الراقيُ، والمناقشةُ البناءةُ، والتزامُ آدابِ الحديثِ من خفضِ الصوتِ، والإنصاتِ الجيدِ لهوَ أقربُ سبيلٍ لحلِّ مشاكلِ الأطفالِ، أما رفعُ الأصواتِ، وتراشقُ الألفاظِ، بل قد يصلُ الأمرُ إلى حدِّ الضربِ، فهوَ مذمومٌ شرعاً وطبعاً؛ عَنْ أَنَسِ قَالَ: «مَا رَأَيْتُ أَحَدًا كَانَ أَرْحَمَ بِالْعِيَالِ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» [رواهُ مسلمٌ].
فلا بدَّ من الإصغاءِ للطفلِ، ولا بدَّ من إعطائِهِ فرصا للتعبيرِ والتفسيرِ؛ وقد كانَ رسولُنا صلى اللهُ عليهِ وسلمَ يطرحُ أسئلةً على صحابتِهِ من بابِ توفيرِ البيئةِ المناسبةِ لنموِّ القدراتِ العقليةِ نمواً سليماً، وتشجيعِهم على ممارسةِ التفكيرِ المتوازنِ فعن ابْنِ عُمَرَ قالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ مِنَ الشَّجَرِ شَجَرَةً لَا يَسْقُطُ وَرَقُهَا، وَإِنَّهَا مَثَلُ الْمُسْلِمِ، فَحَدِّثُونِي مَا هِيَ؟ فَوَقَعَ النَّاسُ فِي شَجَرِ الْبَوَادِي، قَالَ عَبْدُ اللهِ: وَوَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ، فَاسْتَحْيَيْتُ، ثُمَّ قَالُوا: حَدِّثْنَا مَا هِيَ؟ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ فَقَالَ: «هِيَ النَّخْلَةُ» قَالَ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعُمَرَ، قَالَ: لَأَنْ تَكُونَ قُلْتَ: هِيَ النَّخْلَةُ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كَذَا وَكَذَا» [متفقٌ عليهِ].
رابعاً: إشعارُ الأطفالِ بالمحبةِ، والحنوِّ عليهم: ينبغي إشعارُ الطفلِ بأنهُ محلُّ عنايةٍ وعطفٍ إن أرادوا تكوينَ شخصياتِ أطفالِهم على الحبِّ والإيثارِ، وتحريرِهم من الحقدِ والأثرةِ والأنانيةِ، وهذا ما كانَ يوجهُ إليهِ المربي الأعظمُ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ الْأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ، أَبْصَرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُ الْحَسَنَ فَقَالَ: إِنَّ لِي عَشَرَةً مِنَ الْوَلَدِ مَا قَبَّلْتُ وَاحِدًا مِنْهُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّهُ مَنْ لَا يَرْحَمْ لَا يُرْحَمْ» [رواهُ مسلمٌ].
-عن أَبِي بُرَيْدَةَ، يَقُولُ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُنَا إِذْ جَاءَ الحَسَنُ وَالحُسَيْنُ عَلَيْهِمَا قَمِيصَانِ أَحْمَرَانِ يَمْشِيَانِ وَيَعْثُرَانِ، فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ المِنْبَرِ فَحَمَلَهُمَا وَوَضَعَهُمَا بَيْنَ يَدَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: صَدَقَ اللَّهُ: {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ} [التغابنِ: 15]، نَظَرْتُ إِلَى هَذَيْنِ الصَّبِيَّيْنِ يَمْشِيَانِ وَيَعْثُرَانِ فَلَمْ أَصْبِرْ حَتَّى قَطَعْتُ حَدِيثِي وَرَفَعْتُهُمَا»[رواهُ الترمذيُّ وحسنهُ].
عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: «جَاءَتْنِي مِسْكِينَةٌ تَحْمِلُ ابْنَتَيْنِ لَهَا، فَأَطْعَمْتُهَا ثَلَاثَ تَمَرَاتٍ، فَأَعْطَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا تَمْرَةً، وَرَفَعَتْ إِلَى فِيهَا تَمْرَةً لِتَأْكُلَهَا، فَاسْتَطْعَمَتْهَا ابْنَتَاهَا، فَشَقَّتِ التَّمْرَةَ، الَّتِي كَانَتْ تُرِيدُ أَنْ تَأْكُلَهَا بَيْنَهُمَا، فَأَعْجَبَنِي شَأْنُهَا، فَذَكَرْتُ الَّذِي صَنَعَتْ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «إِنَّ اللهَ قَدْ أَوْجَبَ لَهَا بِهَا الْجَنَّةَ، أَوْ أَعْتَقَهَا بِهَا مِنَ النَّارِ» [رواهُ مسلمٌ].
مداعبةُ وممازحةُ الطفلِ: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: «لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ، اسْتَقْبَلَتْهُ أُغَيْلِمَةُ بَنِي عَبْدِ المُطَّلِبِ، فَحَمَلَ وَاحِدًا بَيْنَ يَدَيْهِ، وَآخَرَ خَلْفَهُ» [رواهُ البخاريُّ].
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ: «كَانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ تُلُقِّيَ بِصِبْيَانِ أَهْلِ بَيْتِهِ، قَالَ: وَإِنَّهُ قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ فَسُبِقَ بِي إِلَيْهِ، فَحَمَلَنِي بَيْنَ يَدَيْهِ ثُمَّ جِيءَ بِأَحَدِ ابْنَيْ فَاطِمَةَ، فَأَرْدَفَهُ خَلْفَهُ، قَالَ: فَأُدْخِلْنَا الْمَدِينَةَ ثَلَاثَةً عَلَى دَابَّةٍ» [مسلمٌ].
خامساً: تعويدُ الطفلِ على سلامةِ الصدرِ، وتركِ الأحقادِ: تحققُ توازناً نفسياً لدى الإنسانِ، وتعودهُ على حبِّ الخيرِ للمجتمعِ، وتطلقُ عنانَ قوةِ الخيرِ للنفسِ البشريةِ إلى أعالي القيمِ، وقد وجهَ النبيُّ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ نداءً إلى الطفلِ الناشيءِ أنسِ بنِ مالكٍ يسامحُ من أساءَ إليهِ، ويفرغُ قبلهُ من أي بقايا من وساوسِ الشيطانِ؛ فعن أَنَسٍ قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا بُنَيَّ إِنْ قَدَرْتَ أَنْ تُصْبِحَ وَتُمْسِيَ لَيْسَ فِي قَلْبِكَ غِشٌّ لِأَحَدٍ فَافْعَلْ»، ثُمَّ قَالَ لِي: «يَا بُنَيَّ وَذَلِكَ مِنْ سُنَّتِي، وَمَنْ أَحْيَا سُنَّتِي فَقَدْ أَحَبَّنِي، وَمَنْ أَحَبَّنِي كَانَ مَعِي فِي الجَنَّةِ». [رواهُ الترمذيُّ وحسنهُ].
سادساً: بناءُ شخصيةِ الطفلِ على كبيرِ المعاني، وضخامةِ الحدثِ: فيشبُّ مهتماً لذلكَ؛ وقلبُهُ معلقٌ بمعالي الأمورِ لا بحقيرِها وسفسافِها، ومثلَ ذلكَ ما كانَ يفعلهُ عروةُ بنُ الزبيرِ بنُ العوامِ مع أبنائِهِ كما روى هشامُ بنُ عروةَ قَالَ: «كَانَ أَبِي يَجْمَعُنَا، فَيَقُولُ: «يَا بَنِيَّ، كُنَّا صِغَارَ قَوْمٍ وَإِنَّا الْيَوْمَ كِبَارُ قَوْمٍ، وَإِنَّكُمُ الْيَوْمَ صِغَارٌ وَإِنَّكُمْ سَتَكُونُونَ كِبَارَ قَوْمٍ إِنْ بَقِيتُمْ، وَإِنَّهُ لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ لا عِلْمَ لَهُ» [رواهُ البيهقيُّ في “المدخلِ إلى السننِ الكبرى”]، هذا يجعلُ همةَ الطفلِ عاليةً، وتشوفَهُ إلى طلبِ العلمِ والسؤددِ متجددًا، كي نحصدَ فيما بعدَ شخصيةً عظيمةً تنفعُ الدينَ والوطنَ.
سابعاً: تربيةُ الطفلِ على الحلالِ والحرامِ: حينَ تقرأُ في الدراساتِ الحديثةِ للتربيةِ تجدُهم يقولونَ: إنَّ كلامَ الأمِّ معَ طفلِها وهوَ في بطنِها يكونُ لهُ من الأثرِ الإيجابيِّ عليهِ بعدَ ذلكَ بل إنَّ من الدراساتِ ما تحدثَ عن تمييزِ الجنينِ للأصواتِ التي تغضبُ الأمَّ، وتشعرُها بالاضطرابِ، فلا عجبَ إذا ما جاءَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: «أَنَّ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ أَخَذَ تَمْرَةً مِنْ تَمْرِ الصَّدَقَةِ فَجَعَلَهَا فِي فِيهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ: «كِخْ كِخْ أَمَا تَعْرِفُ أَنَّا لَا نَأْكُلُ الصَّدَقَةَ» [رواهُ البخاريُّ]، والحسنُ في ذلكَ الوقتِ كانَ طفلاً صغيراً ربما لم يكملْ عامينِ أو ثلاثةِ ولكن فعلُهُ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ فيهِ تدريبٌ للكفلِ على تحري الحلالِ والورعِ.
ثامناً: جعلُ المسؤولية مشتركةً بينَ الوالدينِ في تربيةِ الأطفالِ: ضبطَ الإسلامُ إنجابَ الأولادِ بضوابطٍ محكمةٍ تضمنُ إخراجَ ذريةٍ طيبةٍ تَقَرُّ بها الأعينُ، ويتقدمُ بها الوطنُ، وذلكَ بوجودِ نسلٍ قويٍّ خالياً من الأمراضِ الوراثيةِ، والعُقدِ النفسيةِ، والمشاكلِ الاجتماعية فإنَّ هذا يكونُ سبباً قوياً في برِّ الأطفالِ لآبائِهم وأمهاتِهم؛ فعن الشعبيِّ قَالَ، قالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «رَحِمَ اللَّهُ وَالِدًا أَعَانَ وَلَدَهُ عَلَى بِرِّهِ بِالْإِفْضَالِ عَلَيْهِ» [رواهُ ابنُ أبي شيبةَ في “مصنفِهِ”].
أمرَ دينُنا الزوجينِ معاً المشاركةَ في تربيةِ الأولادِ سواءً كانَ ذلكَ خلقياً، أو علمياً، أو بدنياً، أو اجتماعياً، ولم يجعلِ المسئوليةَ ملقاةً على عاتقِ أحدِهما دونَ الآخرِ؛ فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، أَنَّهُ: سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالإِمَامُ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ فِي أَهْلِهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالمَرْأَةُ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَاِ» [رواهُ البخاريُّ].
وعن مَعْقِلَ بْنَ يَسَارٍ الْمُزَنِيَّ قالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «ما مِنْ عبدٍ يسترْعيه اللهُ رعيَّةً، يموتُ يومَ يموتُ وهوَ غاشٌّ لرعِيَّتِهِ إلَّا حرّمَ اللهُ عليْهِ الجنَّةَ» [رواهُ مسلمٌ].
يجبُ عليهما تنشئةُ الأولادِ على القيمِ، والأخلاقِ الرفيعةِ، والعاداتِ والتقاليدِ النافعةِ، وغرسُ المعانى الساميةِ كحبِّ الخيرِ، والأعمالِ الصالحةِ، وأهميةِ الوقتِ وتنظيمِهِ، وحبِّ الأوطانِ والنهوضِ بها، والبعدِ عن رفقاءِ السوءِ، وإذا كانَ الطفلُ في حاجةٍ إلى تقديمِ هذهِ النماذجِ فهوَ في حاجةٍ أشدَّ إلى أن يجدَ في أبويه أنموذجاً متكاملاً، فالطفلُ مقلدٌ بطبيعتِهِ؛ ولأنَّ الصراعَ اليومَ هوَ صراعُ النماذجِ، فالغربُ يسعى إلى التأثيرِ في أطفالِ غيرِه بأسلوبينِ: الأولُ: تقديمُ النماذجِ الحيةِ والخياليةِ بما فيها النماذجِ التاريخيةِ، وأصبحَ أطفالُنا يتعاملونَ معَ هذهِ النماذجِ كما لو كانت حقيقةً حسيةً وواقعيةً. الثانيُ: تشويهُ الأنموذجِ الذي تصوغهُ الشريعةُ الغراءُ سواءً أكانَ هذا الأنموذجُ تاريخياً أو واقعياً، وتقديمُها في أقبحِ الأمثلةِ والصورِ.
ويؤكدُ علماءُ الاجتماعِ أنَّ الطفلَ تتشكلُ أخلاقُهُ بنسبةِ 80% داخلَ الأسرةِ، وانظرْ كيفَ حرصَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على أن يعلمَ الطفلَ الصغيرَ الصدقَ؛ فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ أَنَّهُ قَالَ: «أَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِنَا وَأَنَا صَبِيٌّ قَالَ: فَذَهَبْتُ أَخْرُجُ لِأَلْعَبَ، فَقَالَتْ أُمِّي: يَا عَبْدَ اللَّهِ تَعَالَ أُعْطِكَ، فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَمَا أَرَدْتِ أَنْ تُعْطِيَهُ؟ قَالَتْ: أُعْطِيهِ تَمْرًا، قَالَ: فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«أَمَا إِنَّكِ لَوْ لَمْ تَفْعَلِي كُتِبَتْ عَلَيْكِ كُذْبَةٌ» [رواهُ أبو داودَ، وأحمدُ].
تاسعاً: العدلُ بينَ الأطفالِ: عن النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ قالَ: وَهُوَ عَلَى المِنْبَرِ: «أَعْطَانِي أَبِي عَطِيَّةً، فَقَالَتْ عَمْرَةُ بِنْتُ رَوَاحَةَ: لاَ أَرْضَى حَتَّى تُشْهِدَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: إِنِّي أَعْطَيْتُ ابْنِي مِنْ عَمْرَةَ بِنْتِ رَوَاحَةَ عَطِيَّةً، فَأَمَرَتْنِي أَنْ أُشْهِدَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «أَعْطَيْتَ سَائِرَ وَلَدِكَ مِثْلَ هَذَا؟»، قَالَ: لاَ، قَالَ: «فَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلاَدِكُمْ»، قَالَ: فَرَجَعَ فَرَدَّ عَطِيَّتَهُ» [رواهُ البخاريُّ].
بل إنهُ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ ليزيدُ الأمرَ تأكيدا حتى ينبهَ إلى العدلِ حتى في القبلةِ بينَ الصبيِّ والبنتِ؛ عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: «لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أَشْبَهَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، وَكَانَ رَجُلٌ جَالِسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَاءَهُ وَلَدٌ لَهُ فَأَخَذَهُ وَأَجْلَسَهُ فِي حِجْرِهِ وَجَاءَتِ ابْنَةٌ لَهُ فَأَخَذَهَا فَأَجْلَسَهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” فَهَلَّا عَدَلْتَ بَيْنَهُمَا» [رواهُ البيهقيُّ في “شعبِ الإيمانِ”].
(3) الآثارُ السلبيةُ التي تترتبُ على إدمانِ الألعابِ الالكترونيةِ:
أولاً: فقدانُ شعورِ الأطفالِ بالأمانِ والدفءِ الأسريِ، وافتقارُ المهاراتِ الاجتماعيةِ: إدمانُ الأطفالِ الألعابَ الالكترونيةَ لفترةٍ طويلةٍ يتسببُ في افتقارِهم للمهاراتِ الاجتماعيةِ التي يكتسبونَها من خلالِ تفاعلِهم معَ الآخرينَ مما يفقدونَ معهُ القدرةَ على التواصلِ الحقيقيِ معَ غيرِهم من الأفرادِ المحيطينَ بهم، وبالتالي عندما يوضعونَ في تواصلٍ حقيقيٍ معَ غيرِهم يصبحونَ شخصيةً منطويةً انعزاليةً ومكتئبةً، بسببِ جهلِهم كيفيةَ التواصلِ معَ الناسِ.
أضفْ إلى ذلكَ أنَّ الإغراقَ في التسليةِ يتقلصُ معهُ التواصلُ الأسريُ، والحدُ من الألفةِ والعاطفةِ لدى الأطفالِ مما يحدثُ معهُ حالةٌ من التفسخِ الأسريِ، وقوةُ التماسكِ بينَ أفرادِ العائلةِ الواحدةِ، وزيادةُ الفجوةِ بينَ الأجيالِ نتيجةَ اختلافِ نمطِ الاستخدامِ، والتفضيلاتِ.
ثانياً: تعرَّضُ الأطفالِ إلى عملياتِ التنمرِ الإلكترونيِ: نتيجةً للمحتوى السيءِ الذي اعتادَ الأطفالُ على مشاهدتِهِ أو سماعِهِ من خلالِ بعضِ الألعابِ الالكترونيةِ يتولَّدُ لديهم الميلُ إلى العدوانيةِ، واستخدام العنفِ والقوةِ، سواءً بغرضِ التقليدِ، أو التعبيرِ عن مشاعرَ مختزلةٍ داخلياً نتيجةَ ما طُبِعَ عليهِ؛ لذلكَ يجبُ تشجيعُ الأطفالِ على عدمِ الصمتِ عندَ التعرضِ لأي ضغطٍ أو أذى يلحقُ بهم عندَ استخدامِهم لهذهِ التقنياتِ.
كما يؤدي إدمانُ الأطفالِ إلى العديدِ من المخاطرِ نتيجةَ مشاركةِ الكثيرِ من المعلوماتِ مما قد يعرضُ خصوصيتَهم للخطرِ، فعندَ استخدامِ هذهِ الوسائلِ يمكنهم تركُ أدلةٍ وراءَ المواقعِ التي زاروها يطلقُ على هذا السجلِ الجماعيِ المستمرِ لنشاطِ الفردِ الإلكترونيِ “بالبصمةِ الرقميةِ “. [أثرُ استخدامِ وسائلِ التواصلِ الاجتماعيِ على تنشئةِ الطفلِ في المجتمعِ العُمانيِ، إعدادُ: أعضاءُ الفريقِ البحثيِ بجمعيةِ الاجتماعيينَ العُمانيةِ، ص 69، 70، 71].
ثالثاً: المشاكلُ الصحيةُ: شعورُ الأطفالِ بالقلقِ والاضطرابِ، وقلةُ النومِ مما يؤثرُ على تحصيلِهم الدراسيِ، وضياعِ مستقبلِهم ؛ لأنَّ إدمانَ الألعابِ الالكترونيةِ يؤثرُ على ذاكرةِ الطفلِ، وتصيبهُ بحالةٍ من تشتتِ الانتباهِ، وفرطِ الحركةِ، والنسيانِ لكلِّ ما يتعلمهُ بسهولةٍ، ويصعبُ عليهم التحلي بالهدوءِ.
كما يصبحُ الأطفالُ عندَهم حالةٌ من الكسلِ غيرَ قابلينَ للحركةِ مما يؤثرُ بشكلٍ مباشرٍ على صحتِهم ولياقتِهم حيث يصابونَ بزيادةِ الوزنِ والبدانةِ بل قد تتسببُ الجلوسُ الدائمُ في تلفِ خلايا المخِ، وتحدثُ توتراتٌ عصبيةٌ بالإفرازِ المفرطِ والمتزايدِ لهرمونِ الكورتيزولِ “هرمونِ الإجهادِ والتعبِ”، وهرمونِ الأدرينالينِ، والنورادرينالينِ، فيولدُ ذلكَ سرعةَ الغضبِ حتى إنَّ بعضَ العلماءِ أطلقَ عليهِ اسمَ “الهوسِ النفسيِ”، كما قد يؤدي إلى ما يسمى “الإصابةِ بالتعبِ المتكررِ”؛ إذ الأطفالُ الذين يستخدمونَ لوحةَ المفاتيحِ الملحقةَ بالجهازِ، يقومونَ بالضربِ على لوحةِ المفاتيحِ بمعدلٍ قد يصلُ إلى [31200] ضربةً في الساعةِ يعدونَ حوالي 13 % من إجمالي نسبةِ المصابينَ بالتعبِ المتكررِ. [الإدمانُ على الانترنتِ: اضطرابُ العصرِ، حمودةُ سليمةُ، ص 221].
علاوةً على ضعفِ الجهازِ المناعيِ، والإرهاقِ البصريِ، وآلامِ الظهرِ والرقبةِ، وإعاقةِ عملياتِ نضجِ الدماغِ، وقد تسهمُ في ضعفِ الذكاءِ اللفظيِ لدى هؤلاءِ الأطفالِ، والإصابةِ بالصداعِ المستمرِ، وركودِ الدورةِ الدمويةِ مما يسببُ حدوثَ جلطاتٍ دماغيةٍ وقلبيةٍ وضعفٍ في أداءِ الأجهزةِ الحيويةِ بالجسمِ. [أثرُ استخدامِ وسائلِ التواصلِ الاجتماعيِ على تنشئةِ الطفلِ في المجتمعِ العُمانيِ، ص 73، 74].
رابعاً: انعدامُ الثقةِ بالنفسِ، وتدني احترامِ الذاتِ: عندما يدمنُ الأطفالُ استعمالَ الألعابِ الالكترونيةِ غالباً ما يقارنوا حياتَهم الشخصيةَ بالآخرينَ مما يتسببُ في فقدانِهم لثقتِهم بأنفسِهم، والشعورِ بالمزيدِ من البؤسِ وعدمِ الرضا والقناعةِ بما هم عليهِ مما يؤثرُ بشكلٍ مباشرٍ على موقفِهم تجاهَ حياتِهم، وقد يضطروا للسخطِ على وضعِهم الماديِ أو التعليميِ أو الوظيفيِ… إلخ.
خامساً: المشاكلُ الاقتصاديةُ والأخلاقيةُ: إضاعةُ المالِ مما يؤثرُ على ميزانيةِ الأسرةِ، ويحدثُ خللاً في بعضِ الأوقاتِ قد یصلُ إلى درجةِ الإفلاسِ في بعضِ الأحیانِ إن كانَ الإدمانُ على مواقعِ التسوقِ والمقامرةِ والألعابِ. [الإدمانُ الإلكترونيُ لشریحةِ المراهقينَ، ص 8، إصداراتُ وزارةِ الأوقافِ والشئونِ الإسلاميةِ، دولةُ الكويتِ].
كما أنَّ إدمانَ الألعابِ الالكترونيةِ يعرضُ الأطفالَ لمحتوياتٍ غيرِ أخلاقيةٍ، أو منافيةٍ للتعاليمِ الدينيةِ، وغالباً ما يلجأونَ إلى التقليدِ الأعمى لكثيرٍ من السلوكياتِ غيرِ اللائقةِ دينياً ومجتمعياً، وينمي أيضاً في الأطفالِ التهربَ من أداءِ الواجباتِ والطاعاتِ نتيجةَ الانشغالِ المستمرِ.
سادساً: ضياعُ الهويةِ الثقافيةِ والعربيةِ، واستبدالُها بالهويةِ العالميةِ: معَ ظهورِ العولمةِ الثقافيةِ تراجعَ استخدامُ اللغةِ العربيةِ الفصحى لصالحِ العاميةِ حيث أضحى استخدامُ مزيجٍ من الحروفِ والأرقامِ اللاتينيةِ بدلَ الحروفِ العربيةِ الفصحى خاصةً على شبكاتِ التواصلِ، فتحولتْ حروفُ اللغةِ العربيةِ إلى رموزٍ وأرقامٍ باتتِ الحاءُ ” “7”، والعينُ ” 3″، وهذا يؤثرُ بشكلٍ مباشرٍ على الانتماءِ الأسريِ ومن ثم العربيِ. [مواقعُ التواصلِ الاجتماعيِ وأثرُها على العلاقاتِ الاجتماعيةِ- أحمدُ علي الدروبي، ص 8].
(4) واجبُ الوالدينِ في توجيهِ الأطفالِ للابتعادِ عن الألعابِ غيرِ المفيدةِ:
الآباءُ والأمهاتُ مأمورينَ شرعاً أن يوجهوا أطفالَهم الذين يدمنونَ الألعابَ بأن تكونَ فيما يفيدُهم وينفعُهم – كما سبقَ بيانهُ- خاصةً فيما يخصُّ تحصيلَهم الدراسيَ أو التعليميَ، أما إن تركوا الأطفالَ وما يرغبونَ فإنَّ الوالدينِ يحاسبانَ أمامَ اللهِ – عزَّ وجلَّ- قالَ تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريمِ: 6].
قالَ عليُّ بنُ أبي طالبٍ، ومجاهدٌ، وقتادةُ: “معناهُ: عَلِّمُوهُمْ مَا يَنْجُونَ بِهِ مِنْ النَّارِ”. [المجموعُ شرحُ المهذبِ، 1/26].
وعَنْ أَنَسٍ أَنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ اللَّهُ سَائِلٌ كُلَّ رَاعٍ عَمَّا اسْتَرْعَاهُ أَحَفَظَ أَمْ ضَيَّعَ؟!» [رواهُ ابنُ حبانَ].
إنَّ هذا الوقتَ الذي يُضِّعيه الأطفالُ في “الألعابِ غيرِ المفيدةِ”، وكذا المالُ الذي ينفقونَهُ على هذهِ المُلهياتِ الغيرِ نافعةِ؛ لهوَ جنايةٌ عظيمةٌ تستحقُ من الوالدينِ الوقوفَ عليها، ومعالجتَها سريعاً قبلَ أن يندمانَ، ولاتَ ساعةَ مَنْدَمٍ؛ فعَنْ أَبِي بَرْزَةَ الأَسْلَمِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ القِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ عُمُرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ، وَعَنْ عِلْمِهِ فِيمَ فَعَلَ، وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ، وَعَنْ جِسْمِهِ فِيمَ أَبْلَاهُ». [رواهُ الترمذيُّ وحسنهُ].
من هنا وجبَ على الآباءِ أن يربوا أطفالَهم على قوةِ العزيمةِ، والتقليلِ من هذهِ الألعابِ شيئاً فشيءٍ، وشغلِ أوقاتِهم فيما يفيدُهم كحفظِ القرآنِ الكريمِ أو مطالعةِ قصصٍ متنوعةٍ تناسبُ أعمارَهم، وأن يضعوا لهم برنامجاً يومياً يسيرونَ عليهِ، وِفقَ خُطةٍ محكمةٍ؛ قالَ أَبِي الدَّرْدَاءِ: «الْعِلْمُ بِالتَّعَلُّمِ، وَالْحِلْمُ بِالتَّحَلُّمِ، وَمَنْ يَتَحَرَّ الْخَيْرَ يُعْطَهُ وَمَنْ يَتَوَقَّ الشَّرَّ يُوقَهُ». [رواهُ البيهقيُّ في “شعبِ الإيمانِ”].
كما أنَّ هناكَ بعضَ الألعابِ الإلكترونيةِ يؤدي إدمانُها، والتفاعلُ معها إلى مخاطرَ جسيمةٍ؛ لأنها قد تسببُ الانتحارَ أو الإلحادَ أو تشجعُ على الإباحيةِ المُطلقةِ والشذوذِ الجنسيِ؛ لذلكَ يجبُ الإلمامُ التامُ بالمواقعِ والموادِ التي يستخدمُها الأطفالُ؛ لحمايتِهم من أضرارِها، وتجنبِ تصفحِها.
نسألُ اللهَ أن يرزقَنا حسنَ العملِ، وفضلَ القبولِ، إنهُ أكرمُ مسؤولٍ، وأعظمُ مأمولٍ، وأن يجعلَ بلدَنا مِصْرَ سخاءً رخاءً، أمناً أماناً، سلماً سلاماً وسائرَ بلادِ العالمينَ، ووفقْ ولاةَ أُمورِنا لما فيهِ نفعُ البلادِ والعبادِ .
أَعَدَّهُ: الفَقِيرُ إِلَى عَفْوِ رَبِّهِ الحَنَّانِ المَنَّانِ د/ مَحْرُوسُ رَمَضَانُ حِفْظِي عَبْدُ العَالِ
مُدَرِّسُ التَّفْسِيرِ وَعُلُومِ القُرْآنِ ـ كُلِّيَّةُ أُصُولِ الدِّينِ وَالدَّعْوَةِ ـ أَسْيُوطُ
_____________________________________
للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
وللمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف






