خطبة الجمعة القادمة 5 ديسمبر 2025 بعنوان : العقولُ المحمديّةُ ، للشيخ خالد القط
العقولُ المحمديّةُ
خطبة الجمعة القادمة 5 ديسمبر 2025 بعنوان : العقولُ المحمديّةُ ، للشيخ خالد القط ، بتاريخ 14 جمادي الثانية 1447هـ ، الموافق 5 ديسمبر 2025م.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 5 ديسمبر 2025 بصيغة word بعنوان : العقولُ المحمديّةُ، بصيغة word للشيخ خالد القط
ولتحميل خطبة الجمعة القادمة 5 ديسمبر 2025 بصيغة pdf بعنوان : العقولُ المحمديّةُ، للشيخ خالد القط
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 5 ديسمبر 2025 بعنوان : العقولُ المحمديّةُ، للشيخ خالد القط ، كما يلي:
العقولُ المحمديّةُ
بتاريخ 14 جمادي الثانية 1447هـ – 5 ديسمبر 2025م
الحمد للهِ ربِّ العالمينَ، نحمدهُ تعالى حمدَ الشاكرينَ، ونشكرهُ شكرَ الحامدينَ.
وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ، وحدهُ لا شريكَ لهُ، لهُ الملكُ ولهُ الحمدُ يحيي ويميتُ، وهو على كلِّ شيءٍ قديرٌ، القائلِ في كتابهِ العزيزِ: ((وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ ۖ لَهُمْ قُلُوبٌ لَّا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَّا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَّا يَسْمَعُونَ بِهَا ۚ أُولَٰئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ)) سورةُ الأعرافِ: 179.
وأشهدُ أن سيدنا محمداً عبدُهُ ورسولُهُ، وصفيُّهُ من خلقهِ وحبيبُهُ، اللهمَّ صلِّ وسلمْ وزدْ وباركْ عليهِ وعلى آلهِ وصحبِه أجمعينَ، حقَّ قدرهِ ومقدارِهِ العظيمِ.
أما بعدُ
أيها المسلمونَ، فلقد ميَّزَ اللهُ الإنسانَ عن سائرِ مخلوقاتِهِ بأنْ جعلَ لهُ عقلًا يعقلُ بهِ الأشياءَ، يعرفُ بهِ الخطأَ من الصوابِ، والحقَّ من الباطلِ، ويفهمُ بهِ بعضَ أسرارِ الحياةِ ومكنوناتِها. ولذلكَ فإنَّ عقلَ الإنسانِ إنْ حدثَ لهُ خللٌ أصبحَ الإنسانُ وكأنهُ معزولٌ عن الحياةِ، ومن هنا اهتمَّ الإسلامُ بالعقلِ اهتمامًا بالغًا في كلِّ نواحي الحياةِ، في المحافظةِ عليهِ من أيِّ مؤثراتٍ من شأنِها أنها تذهبُ بهِ أو تعبثُ بهِ، كما دعانا الإسلامُ إلى تنميةِ عقولِنا، والعملِ على توسيعِ مداركِنا ومعارفِنا، وتغذيةِ العقولِ بالعلومِ النافعةِ، قال تعالى: ((وَاللَّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ ۙ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ )) سورةُ النحلِ 78.
أيها المسلمونَ، وقد جاءتْ دعوةُ الإسلامِ إلى إعمالِ العقلِ في آياتٍ كثيرةٍ من القرآنِ الكريمِ، مثلَ قولِهِ تعالى: ((أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ)) الغاشيةِ (17)، وقولِهِ: ((قُلِ ٱنظُرُوا۟ مَاذَا فِی ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ وَمَا تُغۡنِی ٱلۡـَٔایَـٰتُ وَٱلنُّذُرُ عَن قَوۡمࣲ لَّا یُؤۡمِنُونَ)) سورةُ يونسَ (101)، وكمْ من آياتٍ كثيرةٍ في القرآنِ يكونُ ختامُها: ((أَفَلَا تَعۡقِلُونَ)).
أيها المسلمونَ، وقد شبَّهَ اللهُ سبحانهُ وتعالى من وهبهم عقولًا ولا يعملونَها، شبَّهَ حالَهم بحالِ الحيواناتِ، قال تعالى: ((وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ ۖ لَهُمْ قُلُوبٌ لَّا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَّا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَّا يَسْمَعُونَ بِهَا ۚ أُولَٰئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ)) سورةُ الأعرافِ 179.
ومن هنا فإنَّ شأنَ المسلمِ المحمديِّ الحقِّ أنْ يستغلَّ ويستثمرَ ما وهبَهُ اللهُ من نعمٍ، كنعمةِ العقلِ، ولذلكَ ذمَّ اللهُ سبحانهُ وتعالى من يرفضونَ إعمالَ عقولِهم ويميلونَ مباشرةً إلى تقليدِ واتباعِ غيرِهم، قال تعالى: ((وَإِذَا قِیلَ لَهُمُ ٱتَّبِعُوا۟ مَاۤ أَنزَلَ ٱللَّهُ قَالُوا۟ بَلۡ نَتَّبِعُ مَاۤ أَلۡفَیۡنَا عَلَیۡهِ ءَابَاۤءَنَاۤۚ أَوَلَوۡ كَانَ ءَابَاۤؤُهُمۡ لَا یَعۡقِلُونَ شَیۡـࣰٔا وَلَا یَهۡتَدُونَ)) سورةُ البقرةِ 170.
أيها المسلمونَ، إنَّ دعوةَ الإسلامِ إلى إعمالِ العقولِ والتفكيرِ السليمِ، هي في حقيقتِها دعوةٌ للفكرِ الإيجابيِّ المستنيرِ، وليست الأفكارَ الهدامةَ التي من شأنِها تفسِدُ حياةَ الإنسانِ، وهناكَ آياتٌ كثيرةٌ في القرآنِ الكريمِ تدعونا إلى الفكرِ الإيجابيِّ، من ذلكَ قولُهُ تعالى: (( وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ )) سورةُ آلِ عمرانَ (139)، وقال أيضًا: ((قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ )) سورةُ الزمرِ (53)، وقال أيضًا: ((وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)) سورةُ البقرةِ 216.
إننا بحاجةٍ ماسةٍ إلى التفكيرِ الإيجابيِّ الذي يبثُّ في النفوسِ الأملَ والتفاؤلَ، وينزعُ منها اليأسَ والإحباطَ، وهل تتقدمُ أمةٌ من الأممِ إلا ببثِّ روحِ الأملِ والتفاؤلِ في النفوسِ، قال تعالى: ((وَلَا تَيْأَسُوا مِن رَّوْحِ اللَّهِ ۖ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ)) سورةُ يوسفَ 87.
ومما يؤثرُ عن سيدِنا عيسى عليهِ السلامُ في التفكيرِ والنظرةِ الإيجابيةِ، أنهُ مرَّ ذاتَ يومٍ هوَ والحواريونَ على جيفةِ كلبٍ، فقالَ الحواريونَ: ما أنتَنَ ريحَ هذا الكلبِ! فقالَ عيسى: ما أشدَّ بياضَ أسنانِهِ! فقد نظرَ سيدُنا عيسى إلى جانبٍ إيجابيٍّ في المشهدِ رغمَ ما كانَ فيهِ من منظرٍ ورائحةٍ كريهةٍ، بخلافِ من كانوا معهُ فلم يتوقفوا إلا عندَ الجوانبِ السلبيةِ فقطَ.
الخطبةُ الثانيةُ
“””””””””
أيها المسلمونَ، ومن التفكيرِ الإيجابيِّ كذلكَ البُعدُ عن كلِّ ما يضرُّ بالنفسِ البشريةِ من حيرةٍ أو شكٍّ، وكذلكَ أنْ يكونَ الإنسانُ متفائلًا وأنْ يبتعدَ كلَّ البعدِ عن التشاؤمِ بكلِّ صورهِ وأشكالِهِ، والتشاؤمُ أو كما سماهُ القرآنُ الكريمُ والسنةُ بالطيرةِ لهُ جذورٌ طويلةٌ في أعماقِ التاريخِ، فقد حكى القرآنُ الكريمُ لنا تشاؤمَ اليهودِ بسيدِنا موسى عليهِ السلامُ، قال تعالى: ((فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَلَا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ)) سورةُ الأعرافِ 131.
كما حكى لنا أيضًا تشاؤمَ قومِ نبيِّ اللهِ صالحٍ من سيدِنا صالحٍ عليهِ السلامُ، قال تعالى: ((قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ قَالَ طَائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ)) سورةُ النملِ 147.
بل بيَّنَ النبيُّ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ أنَّ التشاؤمَ هوَ دربٌ من سوءِ الظنِّ باللهِ ولذلكَ ينبغي البُعدُ عنهُ تمامًا، فعندَ أبي داودَ وغيرِهِ من حديثِ عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ رضي اللهُ عنهُ، أنهُ قال صلى اللهُ عليهِ وسلمَ: ((الطيرةُ شركٌ)).
فالتشاؤمُ هوَ نوعٌ من توقعِ السوءِ والشرِّ، وهو في حقيقتِه دربٌ من التفكيرِ السلبيِّ، وأسوتُنا وقدوتُنا في ذلكَ هو سيدُنا محمدٌ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ، الذي كانَ دائمًا ما يحثُّنا على التفاؤلِ ويحذرُنا من التشاؤمِ، ففي الصحيحينِ من حديثِ أبي هريرةَ رضي اللهُ عنهُ أنهُ قال صلى اللهُ عليهِ وسلمَ: ((لا طِيَرَةَ، وخيرُها الفَأْلُ. قالوا: وما الفألُ؟ قال: الكلمةُ الصالحةُ يسمعُها أحدُكمْ)).
نسألُ اللهَ أنْ يبشرَنا جميعًا بكلِّ خيرٍ، وأنْ يحفظَ مصرَ وأهلَها من كلِّ سوءٍ وشرٍّ.
بقلم: الشيخ خالد القط
_____________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
وللمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف









