أخبار مهمةالخطبة المسموعةخطبة الأسبوعخطبة الجمعةخطبة الجمعة القادمة ، خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف المصرية مكتوبة word pdfعاجل

خطبة الجمعة بعنوان : حق العمل وقتًا وأداءً ومخاطر الإخلال به ، للدكتور خالد بدير

خطبة الجمعة بعنوان : حق العمل وقتًا وأداءً ومخاطر الإخلال به ، للدكتور خالد بدير، بتاريخ 6 محرم 1446 هـ ، الموافق 12 يوليو 2024م. 

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 12 يوليو 2024م ، للدكتور خالد بدير بعنوان : حق العمل وقتًا وأداءً ومخاطر الإخلال به :

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 12 يوليو 2024م ، للدكتور خالد بدير بعنوان : حق العمل وقتًا وأداءً ومخاطر الإخلال به ، بصيغة word  أضغط هنا.

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 12 يوليو 2024م ، للدكتور خالد بدير بعنوان : حق العمل وقتًا وأداءً ومخاطر الإخلال به ، بصيغة  pdf أضغط هنا.

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

للمزيد عن الدروس الدينية

 

للمزيد علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

عناصر خطبة الجمعة القادمة 12 يوليو 2024م ، للدكتور خالد بدير ، بعنوان : حق العمل وقتًا وأداءً ومخاطر الإخلال به : كما يلي:

 

أولًا: العملُ والكسبُ درسٌ مِن دروسِ الهجرةِ.

ثانيًا: حثُّ الإسلامِ على إتقانِ العملِ.

ثالثًا: بينَ إتقانِ العملِ والإخلالِ بهِ.

 

ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 12 يوليو 2024م ، للدكتور خالد بدير ، بعنوان : حق العمل وقتًا وأداءً ومخاطر الإخلال به : كما يلي:

 

  حقُّ العملِ وقتًا وأداءً ومخاطرُ الإخلالِ بهِ

6 محرم 1446هـ – 12 يوليو 2024م

المـــوضــــــــــوع

الحمدُ للهِ نحمدُهُ ونستعينُهُ ونتوبُ إليهِ ونستغفرُهُ ونؤمنُ بهِ ونتوكلُ عليهِ ونعوذُ بهِ مِن شرورِ أنفسِنَا وسيئاتِ أعمالِنَا، ونشهدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ له، وأنَّ سيِّدَنَا مُحمدًا عبدُهُ ورسولُهُ . أمَّا بعدُ:

العنصر الأول من خطبة الجمعة بعنوان : حق العمل وقتًا وأداءً ومخاطر الإخلال به

أولًا: العملُ والكسبُ درسٌ مِن دروسِ الهجرةِ.

لقد حثّنَا الإسلامُ على العملِ والكسبِ مِن أجلِ الرزقِ، وإنَّ مِن أروعِ الأمثلةِ – على طريقِ الهجرةِ – في العملِ والسعيِ والضربِ في الأرضِ مِن أجلِ الرزقِ، ما حدثَ بينَ عبدِالرحمنِ بنِ عوفٍ وسعدِ بنِ الربيعِ، ” فعن أنسٍ قال: قدمَ عبدُالرحمنِ بنُ عوفٍ فآخَى النبيُّ بينَهُ وبينَ سعدِ بنِ الربيعِ الأنصارِي، فعرضَ عليهِ أنْ يناصفَهُ أهلَهُ ومالَهُ، فقالَ عبدُالرحمنِ: باركَ اللهُ لكَ في أهلِكَ ومالِكَ، دُلنِي على السوقِ، فخرجَ إلى السوقِ وتاجرَ حتى أصبحَ مِن أغنَى أغنياءِ المدينةِ، يقولُ عبدُالرحمنِ بنُ عوفٍ: فلقد رأيتُنِي ولو رفعتُ حجرًا لرجوتُ أنْ أصيبَ ذهبًا وفضةً.” (السيرة النبوية لابن كثير)، فقد ضربَ لنَا سعدُ بنُ الربيعِ أروعَ الأمثلةِ في الإيثارِ والمواساةِ، وضربَ لنَا عبدُالرحمنِ بنُ عوفٍ أروعَ الأمثلةِ في العفةِ والأخذِ بالأسبابِ والسعيِ والضربِ في الأرضِ مِن أجلِ الرزقِ، وهذا تصديقٌ لقولِهِ :” وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللهُ، وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللهُ.”(البخاري ومسلم) .

لذلك حثَّ الإسلامُ على اتخاذِ المهنةِ للكسبِ مهمَا كانتْ دنيئةً، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ:” لَأَنْ يَغْدُوَ أَحَدُكُمْ فَيَحْتَطِبَ عَلَى ظَهْرِهِ فَيَتَصَدَّقَ مِنْهُ فَيَسْتَغْنِيَ بِهِ عَنْ النَّاسِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ رَجُلًا أَعْطَاهُ أَوْ مَنَعَهُ ذَلِكَ فَإِنَّ الْيَدَ الْعُلْيَا أَفْضَلُ مِنْ الْيَدِ السُّفْلَى وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ” (الترمذي وحسنه).

وإنّنَا لو نظرنَا إلى جميعِ الأنبياءِ لوجدنَا أنَّ لهُم دورًا بارزًا في العملِ والكسبِ والاحترافِ، فقد كان لكلِّ واحدٍ مِن الأنبياءِ عليهمُ السلامُ حرفةٌ يعيشُ بهَا، فهذا آدمُ – عليهِ السلامُ – كان حراثًا وحائكًا، وكانتْ حواءُ تغزلُ القماشَ، وكان إدريسُ خياطًا وخطاطًا، وكان إلياسُ – عليهِ السلامُ – نسَّاجًا، وكان نوحُ وزكريَّا نجارينِ، وكان هودٌ وصالحٌ تاجرينِ، وكان إبراهيمُ زارعًا وبناءً، وكان أيوبُ زراعًا، وكان داودُ زرادًا – أي يصنعُ الزردَ – وهو درعٌ مِن حديدٍ يلبسُهُ المحاربُ، وكان سليمانُ خواصًا، وكان موسَى وشعيبٌ ومُحمدٌ وسائرُ الأنبياءِ يعملونَ بمهنةِ رعيِ الأغنامِ.

 فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنْ النَّبِيِّ قَالَ:” مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا إِلَّا رَعَى الْغَنَمَ. فَقَالَ أَصْحَابُهُ: وَأَنْتَ؟! فَقَالَ: نَعَمْ كُنْتُ أَرْعَاهَا عَلَى قَرَارِيطَ لِأَهْلِ مَكَّةَ “( البخاري). ومع أنّهُم رسلٌ ودعاةٌ حملُوا مشاعلَ الهدايةِ والنورِ للأممِ، إلّا أنّهُم سعُوا للكسبِ والاحترافِ مِن أجلِ بناءِ المجتمعِ. فأينَ نحنُ مِن ذلكَ؟!

فالإسلامُ لا يعرفُ سنًّا للتقاعدِ، بل يجبُ على المسلمِ أنْ يكونَ وحدةً إنتاجيةً ما دامَ قادرًا على العملِ، بل إنَّ قيامَ الساعةِ لا ينبغِي أنْ يحولَ بينَهُ وبينَ القيامِ بعملٍ منتجٍ، وفي ذلك يدفعُنَا النبيُّ دفعًا إلى حقلِ العملِ وعدمِ الركودِ والكسلِ، فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيَّ قَالَ: ” إِنْ قَامَتِ السَّاعَةُ وَفِي يَدِ أَحَدِكُمْ فَسِيلَةٌ ؛ فَإِنِ اسْتَطَاعَ أَنْ لَا يَقُومَ حَتَّى يَغْرِسَهَا، فليغرسها”. [ أحمد والبخاري في الأدب المفرد بسند صحيح ].

لذلك كان سيدُنَا عمرُ بنُ الخطابِ يهتمُّ بالعملِ والترغيبِ فيهِ فيقولُ: ما مِن موضعٍ يأتينِي الموتُ فيهِ أحبّ إلىَّ مِن موطنٍ أتسوقُ فيهِ لأهلِي أبيعُ وأشترِي، وكان إذا رأَي فتًى أعجبَهُ حالهُ سألَ عنهُ: هل لهُ مِن حرفةٍ؟ فإنْ قِيلَ: لا. سقطَ مِن عينيهِ. وكان  كلّمَا مرَّ برجلٍ جالسٍ في الشارعِ أمامَ بيتهِ لا عملَ لهُ أخذَهُ وضربَهُ بالدّرةِ وساقَهُ إلى العملِ وهو يقولُ: إنَّ اللهَ يكرَهُ الرجلَ الفارغَ لا في عملِ الدنيَا ولا في عملِ الآخرةِ.(إحياء علوم الدين للإمام الغزالي).

إنَّ المسلمَ لا يعملُ لنفعِ المجتمعِ الإنسانِي فحسب، بل يعملُ لنفعِ جميعِ الكائناتِ الحيّةِ، حتى الحيوانِ والطيرِ، والنبيُّ يقولُ: ” مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا أَوْ يَزْرَعُ زَرْعًا فَيَأْكُلُ مِنْهُ طَيْرٌ أَوْ إِنْسَانٌ أَوْ بَهِيمَةٌ إِلَّا كَانَ لَهُ بِهِ صَدَقَةٌ” [البخاري]. وبذلك يعمُّ الرخاءُ ليشملَ البلادَ والعبادَ والطيورَ والدوابَّ.

العنصر الثاني من خطبة الجمعة بعنوان : حق العمل وقتًا وأداءً ومخاطر الإخلال به

ثانيًا: حثُّ الإسلامِ على إتقانِ العملِ.

إنَّ قيمةَ إتقانِ العملِ في الإسلامِ قيمةٌ عُليَا، توصلُ العبدَ إلى محبةِ اللهِ تعالَي، يقولُ :” إِنَّ اللهَ يُحبُّ إذا عَملَ أَحدكمْ عَملاً أَنْ يُتقنهُ.”( الطبراني )، ولقد أحسنَ مَن قالَ:

إذا عملَ المرءُ المكلفُ مرةً  …. عملًا فإنّ العيبَ ألّا يحسنَهُ

فقـــــدْ ذكرَ المختارُ أنّ إلهنَا ….. يحــــــبُّ لعبدٍ خافَهُ أنْ يتقنَه

وليسَ هذَا فحسب، بل إنَّ الرسولَ صلواتُ ربِّي وتسليماتُهُ عليهِ حثّنَا على إتقانِ وإحسانِ الذبحِ؛ رأفةً ورحمةً بالطيرِ والحيوانِ، فقالَ : «إِنَّ اللهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، فَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ». ( مسلم) .

وفي مجالِ العبادةِ حثّنَا الإسلامُ على إتقانِهَا وأدائِهَا كاملةَ الأركانِ والشروطِ والواجباتِ، وإلّا كانتْ هباءً منثورًا، فعن أبي هريرةَ رضي اللهُ عنهُ:” أنَّ رسولَ اللهِ دخَلَ المسجدَ ، فدَخَلَ رجلٌ فصلَّى، ثم جاءَ فسلَّمَ على رسولِ اللهِ ، فرَدَّ رسولُ اللهِ السلامَ . قال: ارجِعْ فصَلِّ؛ فإنك لم تُصَلِّ . فرَجَعَ الرجلُ فصلَّى كما كان صلَّى ، ثم جاءَ إلى النبيِّ فسلَّم عليه. فقال رسولُ اللهِ : وعليك السلامُ، ثم قال: ارجِعْ فصَلِّ ؛ فإنك لم تُصَلِّ. حتى فَعَلَ ذلك ثلاثَ مراتٍ، فقال الرجلُ: والذي بعَثَك بالحقِّ ! ما أُحْسِنُ غيرَ هذا، عَلِّمْني. قال: إذا قُمْتَ إلى الصلاةِ فكَبِّرْ، ثم اقرأْ ما تَيَسَّرَ معك مِن القرآنِ، ثم اركَعْ حتى تَطْمَئِنَّ راكعًا، ثم ارْفَعْ حتى تَعْتَدِلَ قائمًا، ثم اسجُدْ حتى تَطْمَئِنَّ ساجدًا، ثم ارفَعْ حتى تَطْمَئِنَّ جالسًا، ثم افعلْ ذلك في صلاتِك كلِّها.” (متفق عليه).

إنَّ الإتقانَ مطلوبٌ حتى في الأمورِ التي لا يتوقفُ عليهَا نفعٌ أو ضررٌ للميتِ، فقد قالَ : ” إِذَا كَفَّنَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيُحَسِّنْ كَفَنَهُ “( مسلم) ،حتى في الدفنِ واللحدِ أُمرَنَا بالإتقانِ، ففي دفنِ أحدِ الصحابةِ جعلَ رسولُ اللهِ يقولُ: « سَوُّوا لَحْدَ هَذَا ، حَتَّى ظَنَّ النَّاسُ أَنَّهُ سُنَّةٌ، فَالْتَفَتَ إِلَيْهِمْ، فَقَالَ: أَمَا إِنَّ هَذَا لَا يَنْفَعُ الْمَيِّتَ وَلَا يَضُرُّهُ، وَلَكِنَّ اللهَ يُحِبُّ مِنَ الْعَامِلِ إِذَا عَمِلَ أَنْ يُحْسِنَ ». ( رواه البيهقي ) .

فانظرُوا كيفَ أمرَ بالإتقانِ حتى في هذا الموضعِ الذي لا يُضَرُّ الميتُ فيهِ سقطَ عليهِ الترابُ أم لا، ولكنّهُ التوجيهُ بالإتقانِ وتنميتِهِ لدى الضميرِ المسلمِ الواعِي؛ ليكونَ دافعًا قويًّا للدعوةِ إلى إحسانِ العملِ وإجادتِهِ أيًّا كان.

إنَّ الإتقانَ والحثَّ عليهِ ليس مقتصرًا على أمورِ العبادةِ فحسب، بل يمتدُّ حتى يصلَ للأمورِ الدنيويةِ، ومِن هنَا نعلمُ أنَّ سببَ تأخرِ المجتمعاتِ المسلمةِ في أهمِّ مجالاتِ الحياةِ إنَّمَا هو بسببِ فقدانِ الإتقانِ وضحالةِ المهارةِ والعجزِ عن ملاحقةِ السباقِ الحديثِ في ميادينِ الثقافةِ والصناعةِ والمهارةِ، التي تعودُ بالنفعِ العامِّ على المسلمينَ وتجعلُهُم في مقدمةِ أُممِ الأرضِ بعدَ أنْ تأخرُوا عن سبقِهِم الذي كانوا عليهِ في القرونِ الأُولَى؛ لأنَّ العصرَ الحديثَ يتطلبُ مستوىً رفيعًا مِن التخصصِ المكملِ الإتقانِ، إذ فاقدُ الشيءِ لا يعطيهِ، بل لا يحسنُ الشيءَ مَن لا يفهمُهُ أو يعيه!!

العنصر الثالث من خطبة الجمعة بعنوان : حق العمل وقتًا وأداءً ومخاطر الإخلال به

ثالثًا: بينَ إتقانِ العملِ والإخلالِ بهِ.

إنَّ هناكَ انفصامًا وانفصالًا كبيرًا بينَ الواقعِ والمأمولِ في إتقانِ العملِ، فتجدُ أنَّ الفردَ يعملُ بجدٍ وإخلاصٍ وجودةٍ وإتقانٍ إذا كان يعملُ لنفسِهِ، إمَّا إذا كان يعملُ في شركةٍ أو وظيفةٍ أو مؤسسةٍ أو وزارةٍ، فإنَّهُ لا يُبالِي بعملِهِ، ولا يهمهُ مخاطرَ الإخلالِ بهِ، وإنَّ شغلَهُ الشاغلَ التوقيعُ في دفترِ الحضورِ والانصرافِ ( شاهد الزور )، ولا يهمُّهُ بعدَ ذلك جودةً أو خدمةً أو إتقانًا أو قيامَ مجتمعٍ أو سقوطَهُ أو مراقبةً أو غيرَ ذلك!! وأسوقُ لكُم قصةً واقعيةً تدلُّ على ذلك:  يُروى أنَّ هناكَ رجلًا بناءً يعملُ في إحدَى الشركاتِ لسنواتٍ طويلةٍ، فبلغَ بهِ العمرُ وأرادَ أنْ يقدمَ استقالتَهُ؛ ليتفرغَ لعائلتِهِ، فقالَ له رئيسُهُ: سوف أقبلُ استقالتَكَ بشرطِ أنْ تبنِي منزلًا أخيرًا، فقبِلَ البنَّاءُ العرضَ، وأسرعَ في تخليصِ المنزلِ دونَ (( تركيزٍ وإتقانٍ))، ثمّ سلّمَ مفاتيحَهُ لرئيسِهِ، فابتسمَ رئيسُهُ وقالَ لهُ: هذا المنزلُ هديةٌ منِّي لكَ بمناسبةِ نهايةِ خدمتِكَ للشركةِ طولَ السنواتِ الماضيةِ، فَصُدِمَ رجلُ البناءِ، وندمَ بشدةٍ أنّهُ لم يتقنْ بناءَ منزلِ العمرِ!!

أقولُ: لماذا تَرضَى للآخرينَ ما لا ترضاهُ لنفسِكَ؟!! لماذا تهتمُّ بعملِكَ الخاصِّ ونفعُهُ خاصٌّ غيرُ متعدٍّ، ولا تهتمُّ بأعمالِ الآخرينَ والوظائفِ العامةِ ونفعُهَا يعمُّ الآخرينَ؟!! فاللهُ غنيٌّ عن أعمالِكَ وعبادتِكَ وليس بحاجةٍ إليهَا، فأنت الذي بحاجةٍ إليهَا وإلى أجرِهَا العظيمِ ..وكلُّ عملٍ تقدمُهُ – خيرًا أو شرًّا مُتقَنًا أو غيرَ متقنٍ – فهو لك .

ألَا راقبُوا ربَّكُم في أعمالِكُم، راقبُوا اللهَ في وظائفِكُم، راقبُوا اللهَ في تجارتِكُم وزراعتِكُم وتجارتِكُم، إنّكُم إنْ فعلتُم ذلك عاشَ الجميعُ في سعادةٍ ورخاءِ، وإلَّا عمَّ القحطُ والجدبُ والفقرُ البلادَ والعبادَ.  

وإليكُم هذه القصةَ في هذا المضمونِ: يُحكَى أنّهُ حدثتْ مجاعةٌ بقريةٍ، فطلبَ الوالي مِن أهلِ القريةِ طلبًا غريبًا كمحاولةٍ منهُ لمواجهةِ خطرِ القحطِ والجوعِ، وأخبرَهُم بأنّهُ سيضعُ قِدرًا كبيرًا في وسطِ القريةِ، وأنّ على كلِّ رجلٍ وامرأةٍ أنْ يضعَ في القِدرِ كوبًا مِن اللبنِ بشرطِ أنْ يضعَ كلُّ واحدٍ الكوبَ متخفيًّا دونَ أنْ يشاهدَهُ أحدٌ، فهرعَ الناسُ لتلبيةِ طلبِ الوالِي، فكلٌّ منهُم تخفَّى بالليلِ وسكبَ الكوبَ الذي يخصُّهُ، وفي الصباحِ فتحَ الوالِي القدرَ وماذا شاهدَ؟ شاهدَ القدرَ وقد امتلأَ بالماءِ! أينَ اللبنُ؟! ولماذا وضعَ كلُّ واحدٍ مِن الرعيةِ الماءَ بدلًا مِن اللبنِ؟!

 الإجابةُ: أنَّ كلَّ واحدٍ مِن الرعيةِ قالَ في نفسِهِ: ” إنَّ وضعِي لكوبٍ واحدٍ مِن الماءِ لن يؤثرَ على كميةِ اللبنِ الكبيرةِ التي سيضعُهَا أهلُ القريةِ “، وكلُّ منهُم اعتمدَ على غيرِهِ، وكلٌّ منهُم فكّرَ بالطريقةِ نفسِهَا التي فكّرَ بهَا أخوهُ، وظنَّ أنَّهُ هو الوحيدُ الذي سكبَ ماءً بدلًا مِن اللبنِ، والنتيجةُ التي حدثتْ: أنَّ الجوعَ عمَّ هذه القريةَ وماتَ الكثيرونَ منهُم ولم يجدُوا ما يعينهُم وقتَ الأزماتِ!!

هل تصدقُ أنَّكَ تملأُ الأكوابَ بالماءِ في أشدِّ الأوقاتِ التي نحتاجُ منكَ أنْ تملأَهَا باللبنِ؟! عندما لا تتقنُ عملَكَ بحجةِ أنّهُ لن يظهرَ وسطَ الأعمالِ الكثيرةِ التي سيقومُ بهَا غيرُكَ مِن الناسِ فأنتَ تملأُ الأكوابَ بالماءِ!!! حين تملكُ العلمَ وتبخلُ بهِ عن الآخرينَ فأنتَ تملأُ الكوبَ بالماءِ!! حين تبيعَ للناسِ الوهمَ والخزعبلاتِ فأنتَ تملأُ الكوبَ بالماءِ!! حينَ تطلقُ على نفسِكَ الألقابَ المزيفةَ بدونِ حقٍّ فأنتَ تملأُ الكوبَ بالماءِ!! حين تُعلِّمُ الآخرينَ ( فضائلَ ) أنت لا تملكُهَا ولا تعملُ بهَا فأنتَ تملأُ الكوبَ بالماءِ!! حين تَعْمَدُ لزرعِ الفتنِ وسطِ المجتمعِ مِن أجلِ مصالحِكَ الشخصيةِ فأنتَ تملأُ الكوبَ بالماءِ!! حين تسفكُ دماءَ الأبرياءِ بغيرِ حقٍّ فأنتَ تملأُ الكوبَ بالماءِ!!

إنّنَا في حاجةٍ ماسةٍ إلي إتقانِ العملِ، وخاصةً في عصرٍ ضاعتْ فيهِ القيمُ، وضاعتْ الثقةُ بينَ الناسِ، والعاملُ لا يهمُّهُ إلَّا جمعَ المادةِ وتعدادَ ساعاتِ العملِ، دونَ النظرِ إلى جودةٍ أو إتقانٍ.

إنَّ الالتزامَ بالإتقانِ والجودةِ يحققُ الصمودَ والاستقرارَ والتطورَ والنموَّ، كمَا أنَّ الإتقانَ والجودةَ في المنظورِ الإسلامِي عبادةٌ وطاعةٌ، فإذا حافظَ عليهمَا رجلُ الأعمالِ بهذهِ النيةِ تحققتْ لهُ البركةُ والخيرُ والنماءُ.

فما أجملَ أنْ يتخلّقَ المجتمعُ بهذا الخُلقِ القويمِ النبيلِ خُلقِ إتقانِ العملِ وجودتِهِ، حتى يتحققَ الأمنُ والرخاءُ والسلامُ والمودةُ، ونلحقَ بركبِ الأممِ المتقدمةِ.

اللهُمَّ ارزقنَا الإخلاصَ في القولِ والعملِ، واجعلْ هذا البلدَ أمنًا رخاءً سخاءً يا ربَّ العالمين؛؛

الدعاء……..                                                 وأقم الصلاة،،،،

كتبه : خادم الدعوة الإسلامية

                                                                                                                                  د / خالد بدير بدوي

_____________________________________

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة

 

تابعنا علي الفيس بوك

 

الخطبة المسموعة علي اليوتيوب

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات

 

للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

 

اظهر المزيد

كتب: د.أحمد رمضان

الدكتور أحمد رمضان حاصل علي الماجستير من جامعة الأزهر بتقدير ممتاز سنة 2005م ، وحاصل علي الدكتوراه بتقدير مع مرتبة الشرف الأولي من جامعة الأزهر الشريف سنة 2017م. مؤسس جريدة صوت الدعاة ورئيس التحرير وكاتب الأخبار والمقالات المهمة بالجريدة، ويعمل بالجريدة منذ 2013 إلي اليوم. حاصل علي دورة التميز الصحفي، وقام بتدريب عدد من الصحفيين بالجريدة. للتواصل مع رئيس التحرير على الإيميل التالي: [email protected] رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) للمزيد عن الدكتور أحمد رمضان رئيس التحرير أضغط في القائمة علي رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »