خطبة الجمعة القادمة 24 ديسمبر 2021م : “صفات المؤمنين في القرآن الكريم” ، للدكتور خالد بدير، بتاريخ: 20 جمادي الأول 1443هـ – 24 ديسمبر 2021م.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 24 ديسمبر 2021م ، للدكتور خالد بدير : صفات المؤمنين في القرآن الكريم”:
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 24 ديسمبر 2021م ، للدكتور خالد بدير: “صفات المؤمنين في القرآن الكريم”، بصيغة word أضغط هنا.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 24 ديسمبر 2021م ، للدكتور خالد بدير : “صفات المؤمنين في القرآن الكريم” ، بصيغة pdf أضغط هنا.
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف
للمزيد علي قسم خطبة الجمعة القادمة
عناصر خطبة الجمعة القادمة 24 ديسمبر 2021م ، للدكتور خالد بدير : “صفات المؤمنين في القرآن الكريم” : كما يلي:
أولًا: الفرقُ بين الإيمانِ والإسلامِ.
ثانيًا: صفاتُ المؤمنينَ في القرآنِ الكريمِ.
ثالثًا: عواملُ زيادةِ الإيمانِ.
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 24 ديسمبر 2021م ، للدكتور خالد بدير : “صفات المؤمنين في القرآن الكريم” : كما يلي:
الحمدُ للهِ نحمدُهُ ونستعينُهُ ونتوبُ إليهِ ونستغفرُهُ ونؤمنُ بهِ ونتوكلُ عليهِ ونعوذُ بهِ مِن شرورِ أنفسِنَا وسيئاتِ أعمالِنَا، ونشهدُ أنْ لا إلهَ إِلّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ له، وأنّ محمدًا عبدُهُ ورسولُهُ، صلى اللهُ عليه وسلم. أما بعدُ:
العنصر الأول من خطبة الجمعة القادمة
أولًا: الفرقُ بين الإيمانِ والإسلامِ.
أيُّها الإخوةُ المؤمنون: تعالوا بنَا لنعرفَ الفرقَ بينَ الإسلامِ والإيمانِ، وهل أنتَ مسلمٌ أم مؤمنٌ؟!! ولماذا يُكْتَبُ في البطاقةِ الشخصيةِ والمستنداتِ عامةً ، الديانةُ: مسلمٌ ، ولا يُكْتَبُ مؤمنٌ؟!!
إنّ الإسلامَ معناه: الاستسلامُ والخضوعُ والانقيادُ لأوامرِ اللهِ تباركَ وتعالى، فهو الانقيادُ الظاهريُّ.
وأمّا الإيمانُ فمعناه: التصديقُ بالقلبِ، فهو الانقيادُ الباطنيُّ، فَخُصّ الإسلامُ بالأعمالِ الظاهرةِ، والإيمانُ بالأعمالِ القلبيةِ التي لا يطلعُ عليها إلا اللهُ. ففي حديثِ جبريلَ عليه السلامُ، لما سَألَ النبيَّ صلى اللهُ عليه وسلم: ” وَقَالَ يَا مُحَمَّدٌ: أَخْبِرْنِي عَنْ الْإِسْلَامِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْإِسْلَامُ: أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ؛ وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ، وَتَصُومَ رَمَضَانَ، وَتَحُجَّ الْبَيْتَ إِنْ اسْتَطَعْتَ إِلَيْهِ سَبِيلًا، قَالَ صَدَقْتَ: قَالَ فَعَجِبْنَا لَهُ يَسْأَلُهُ وَيُصَدِّقُهُ. قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنْ الْإِيمَانِ؟ قَالَ: أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ. قَالَ: صَدَقْتَ” (مسلم)؛ فنحنُ نرى أنّ أعمالَ الإسلامِ كلَّهَا ظاهرةٌ، وتُؤَدَّى وتُحَسُّ بإحدى الحواسِ الخمسةِ، كالشهادتينِ والصلاةِ والزكاةِ والصيامِ والحجِّ وغيرِهَا، أمّا أعمالُ الإيمانِ فكلُّهَا أعمالٌ اعتقاديةٌ قلبيةٌ لا يطلعُ عليها إلا اللهُ، كالإيمانِ باللهِ والملائكةِ واليومِ الآخرِ بما فيه مِن حسابٍ وصراطٍ وميزانٍ وجنةٍ ونارٍ وغيرِ ذلك، لذلك قيدَ اللهُ الإيمانَ بأنّه لا يكونُ إلا بالغيبِ، قال تعالي: { الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ }.(البقرة: 3).
فالعبدُ بنطقِهِ الشهادتينِ يكونُ مسلمًا أمامَ الجميعِ، أما دخولُ الإيمانِ قلبَهُ فلا يعلمُ بهِ إلا اللهُ، فقد يكونُ مسلمًا ومع ذلك هو منافقٌ معلومُ النفاقِ، كعادةِ المنافقين في عهدِ النبيِّ صلى اللهُ عليه وسلم، فنحنُ لنا الظاهرُ واللهُ يتولى السرائرَ ، وبهذا المبدأِ كان يتعاملُ النبيُّ صلى اللهُ عليه وسلمَ مع المنافقين، وقد عاتبَ النبيُّ صلى اللهُ عليه وسلم أسامةَ بنَ زيدٍ رضي اللهُ عنه على قتلِهِ رجلاً بعدَمَا نَطَقَ بالشهادتينِ، فعَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ:” بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَرِيَّةٍ فَصَبَّحْنَا الْحُرَقَاتِ مِنْ جُهَيْنَةَ، فَأَدْرَكْتُ رَجُلًا فَقَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ؛ فَطَعَنْتُهُ، فَوَقَعَ فِي نَفْسِي مِنْ ذَلِكَ؛ فَذَكَرْتُهُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَقَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَقَتَلْتَهُ؟! قَالَ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّمَا قَالَهَا خَوْفًا مِنْ السِّلَاحِ، قَالَ: أَفَلَا شَقَقْتَ عَنْ قَلْبِهِ حَتَّى تَعْلَمَ أَقَالَهَا أَمْ لَا؟!! فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا عَلَيَّ حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنِّي أَسْلَمْتُ يَوْمَئِذٍ لذلك!” (مسلم). وقد نفىَ النبيُّ صلى اللهُ عليه وسلم الإيمانَ عن الأعرابِ حينما ادَّعَوْهُ وهُمْ لم يَمْتَثِلُوا بهِ أو يَعتقدُوه في قلوبِهِم؛ قال تعالى: { قَالَتِ الْأَعْرَابُ آَمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ }(الحجرات: 14)؛ ولهذا يُكتَبُ في البطاقةِ ( مسلمٌ )، ولا يُكتَبُ (مؤمنٌ)؛ لأنّ الإيمانَ في القلبِ ولا يعلمُهُ إلا اللهُ!!
العنصر الثاني من خطبة الجمعة القادمة
ثانيًا: صفاتُ المؤمنينَ في القرآنِ الكريمِ.
لقد وصفَ اللهُ – سبحانَهُ وتعالى – المؤمنينَ بصفاتٍ عديدةٍ في القرآنِ الكريمِ ، مِن هذه الصفاتِ: –
إصلاحُ ذاتِ البينِ، وطاعةُ اللهِ ورسولِهِ، وذكرُ اللهِ ، والخوفُ والوجلُ، والتوكلُ على اللهِ، وتلاوةُ القرآنِ الكريمِ، وإقامةُ الصلاةِ، والإنفاقُ في وجوهِ الخيرِ : كما في قولِهِ تعالى: { فَاتَّقُوا اللهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ} [الأنفال: 1-4].
ومنها: عمارةُ المساجدِ : كما في قولِهِ تعالى:{ إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ}(التوبة: 18).
ومنها: الأمرُ بالمعروفِ والنهيُ عن المنكرِ : كما في قولِهِ تعالى: { وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (التوبة: 71) .
ومنها: الخشوعُ في الصلاةِ، والإعراضُ عن اللغوِ، وأداءُ الزكاةِ، وحفظُ الفروجِ، وأداءُ الأماناتِ، والمحافظةُ على الصلواتِ: وقد جاءَ كلُّ ذلك في سورةٍ تُسَمّى بسورةِ ( المؤمنون ) تَصَدَّرتْ بصفاتِهِم، قال تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [المؤمنون:1-11].
وغيرُ ذلكَ من الصفاتِ التي وردتْ في ثنايَا القرآنِ الكريمِ والتي ذُكِرَتْ صراحةً أو ضمنًا !!
لذلك ينبغي على العبدِ أنْ يَتَحلَّى بجميعِ هذه الصفاتِ ؛ حتى يكونَ في زمرةِ المؤمنينَ حقًا .
العنصر الثالث من خطبة الجمعة القادمة
ثالثًا: عواملُ زيادةِ الإيمانِ.
إنّ الإيمانَ يزيدُ وينقصُ، يزيدُ بالطاعةِ وينقصُ بالمعصيةِ، فهو شُعَبٌ، وكلما ارتقيتَ شُعْبَةً، ارتفعتْ درجةُ إيمانِكَ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:” الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنْ الطَّرِيقِ وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنْ الْإِيمَانِ (البخاري ومسلم).
وقد يقولُ قائلٌ: إنّي أحبُّ أنْ يزدادَ إيمانِي؛ فما هي عواملُ زيادةِ الإيمانِ؟ أقولُ: هذه العواملُ تتلخصُ فيما يلي:
أولاً: المداومةُ على تلاوةِ القرآنِ : ففي قراءتِهِ وتلاوتِهِ يزدادُ الإيمانُ ويدلُّ على ذلك قولُ اللهِ عزّ وجلّ في وصفِ المؤمنينَ الصادقينَ : {وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا} ( الأنفال: ٢ ) .
ثانيًا : الإكثارُ من ذكرِ اللهِ تعالى: ويدلُ على ذلك قولُه ُتعالى : { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ }(الأنفال: 2). فذكرُ اللهِ فيه طمأنينةٌ للقلبِ، ويصحبُهُ زيادةٌ في الإيمانِ، قال تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}. ( الرعد: ٢٨ ). لذلك كان السلفُ الصالحُ – رضي اللهُ عنهم – يحرصونَ على الذكرِ، ففي شعبِ الإيمانِ للبيهقِي : ” عن عطاءِ بنِ يسارٍ أنّ عبدَ اللهِ بنَ رواحه قال لصاحبٍ لهُ : ” تعال حتى نؤمنَ ساعةً ” قال أو لسنَا مؤمنين ؟ قال : ” بلى ولكنّا نذكرُ اللهَ فنزدادُ إيمانًا ” . وقال عميرُ بنُ حبيبٍ: ” الإيمانُ يزيدُ وينقصُ . فقِيلَ فما زيادتُهُ وما نقصانُهُ ؟ قال : إذا ذكرنَا ربَّنَا وخشينَاه فذلك زيادتُهُ ، وإذا غفلنَا ونسينَاه وضيعنَا فذلك نقصانُهُ ” [ انظر الإيمان لابن أبي شيبة ] .
وذلك لأنّ القلبَ يموتُ، وينقصُ إيمانُ العبدِ كلما كان بعيدًا عن ذكرِ ربِّهِ ، وفي هذا علامةٌ على الغفلةِ والنفاقِ، قال تعالى في وصفِ المنافقين: {وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا }.( النساء: ١٤٢ ).
ثالثًا : حضورُ مجالسِ العلمِ والوعظِ والتذكيرِ والحرصُ عليها: فكلما كان الإنسانُ حريصًا على حضورِ مجالسِ الوعظِ والتذكيرِ والخطبِ والدروسِ كلما ازدادَ إيمانُه، ولذلك تجدُ الرجلَ عند سماعِ درسِ الجنازةِ – مثلًا – يزدادُ إيمانًا وخشوعًا وتقوى، فإذا خرجَ وانشغلَ بمتطلباتِ الحياةِ نسي كثيرًا، وهذا ما وجدَهُ الصحابةُ في عهدِ الرسولِ – صلى اللهُ عليه وسلم -، فعَنْ حَنْظَلَةَ الْأُسَيِّدِيِّ قَالَ:” لَقِيَنِي أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ: كَيْفَ أَنْتَ يَا حَنْظَلَةُ؟ قَالَ قُلْتُ: نَافَقَ حَنْظَلَةُ. قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ مَا تَقُولُ؟! قَالَ قُلْتُ: نَكُونُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُذَكِّرُنَا بِالنَّارِ وَالْجَنَّةِ حَتَّى كَأَنَّا رَأْيُ عَيْنٍ فَإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَافَسْنَا الْأَزْوَاجَ وَالْأَوْلَادَ وَالضَّيْعَاتِ فَنَسِينَا كَثِيرًا، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَوَاللَّهِ إِنَّا لَنَلْقَى مِثْلَ هَذَا، فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْتُ: نَافَقَ حَنْظَلَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَمَا ذَاكَ؟ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ نَكُونُ عِنْدَكَ تُذَكِّرُنَا بِالنَّارِ وَالْجَنَّةِ حَتَّى كَأَنَّا رَأْيُ عَيْنٍ فَإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِكَ عَافَسْنَا الْأَزْوَاجَ وَالْأَوْلَادَ وَالضَّيْعَاتِ نَسِينَا كَثِيرًا. فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنْ لَوْ تَدُومُونَ عَلَى مَا تَكُونُونَ عِنْدِي وَفِي الذِّكْرِ لَصَافَحَتْكُمْ الْمَلَائِكَةُ عَلَى فُرُشِكُمْ وَفِي طُرُقِكُمْ، وَلَكِنْ يَا حَنْظَلَةُ سَاعَةً وَسَاعَةً ثَلَاثَ مَرَّاتٍ”( مسلم). والضيعاتُ : هي معاشُ الرجلِ من مالٍ أو حرفةٍ أو صناعةٍ .
رابعًا : تقديمُ حبِّ اللهِ ورسولِهِ على هوىَ النفسِ: فعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:” ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ: أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ.”(متفق عليه). وقال أيضًا صلى اللهُ عَلَيْهِ وَسلم قَالَ :” مَن أحبَّ للهِ ، وَأبْغضَ للهِ ، وَأعْطىَ للهِ ، وَمنعَ للهِ ، فقد اسْتكْملَ الْإِيمَانَ ” .(أبوداود).
لذلك نفيَ النبيُّ صلى اللهُ عليه وسلم كمالَ الإيمانِ عمَّن لم يرتقِ إلى درجةِ حبِّ الخيرِ لأخيهِ ما يحبُّهُ لنفسِهِ، فعَنْ أَنَسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:” لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ”(متفق عليه)؛ قال ابنُ بطالٍ:” معناه: لا يؤمنُ أحدكُم الإيمانَ التامَّ، حتى يحبَّ لأخيهِ ما يحبُّ لنفسِهِ ”.
خامسًا: سؤالُ اللهِ تعالى زيادةَ الإيمانِ وتجديدَهُ: فنحنُ نعلمُ أنّ القلبَ سُمِّيَ قلبًا لِتَقَلُبِهِ ؛ وأنّ الإيمانَ يحتاجُ إلى المداومةِ والثباتِ على الطاعةِ والعبادةِ، لذلك يُستحبُّ كثرةُ الدعاءِ وسؤالُ اللهِ الثباتَ على الإيمانِ ودوامَ تجديدِهِ، فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :” إِنَّ الْإِيمَانَ لَيَخْلَقُ فِي جَوْفِ أَحَدِكُمْ كَمَا يَخْلَقُ الثَّوْبُ الْخَلِقُ، فَاسْأَلُوا اللَّهَ أَنْ يُجَدِّدَ الْإِيمَانَ فِي قُلُوبِكُمْ “. (الطبراني والحاكم وصححه ووافقه الذهبي). لذلك كان السلفُ يحرصونَ على هذا الجانبِ فيسألون اللهَ عزّ وجلّ زيادةَ الإيمانِ، فهذا عبدُ اللهِ بنُ مسعودٍ رضي اللهُ عنه يقولُ: ” اللهم زدْنَا إيمانًا ويقينًا وفقهًا” (فتح الباري).
هذه هي أسبابُ زيادةِ الإيمانِ، وبضدِّ أسبابِ زيادةِ الإيمانِ نعرفُ أسبابَ نقصانِهِ، ومن ذلك: سوءُ الأخلاقِ وأذىَ الجيرانِ. كما في قولِهِ صلى اللهُ عليه وسلم: ” وَاللَّهِ لَا يُؤْمِنُ وَاللَّهِ لَا يُؤْمِنُ وَاللَّهِ لَا يُؤْمِنُ ” قِيلَ : وَمَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : ” الَّذِي لَا يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَايِقَهُ ”. [ البخاري ]. لذلك قال رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: ” مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ” . (متفق عليه).
كما أنّ الكذبَ ينافِي الإيمانَ؛ لأنّ الكذبَ والإيمانَ لا يجتمعان في قلبِ رجلٍ واحدٍ، فَعَنْ صَفْوَانَ بْنِ سَلِيمٍ؛ أَنَّهُ قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيَكُونُ الْمُؤْمِنُ كَذَّابًا؟ قَالَ: «لَا».(مالك والبيهقي في الشعب).
إنّ العبدَ المؤمنَ كاملَ الإيمانِ حقًا يعيشُ حياةً طيبةً في الدارين . قال تعالى: { مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} .(النحل: 97).
نسألُ اللهَ أنْ يثبتَ قلوبَنَا على الإيمانِ ، وأنْ يحفظَ مصرَنَا مِن كلِّ مكروهٍ وسوءٍ،،
الدعاءُ،،،،،،، وأقم الصلاةَ،،،،، كتبه : خادمُ الدعوةِ الإسلاميةِ
د / خالد بدير بدوي
_____________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف