web analytics
أخبار عاجلة
خطبة الجمعة القادمة بعنوان : الأبعاد الإنسانية ومخاطر تجاهلها ، للدكتور محمد حرز ، بتاريخ 26 ربيع الآخر 1445هـ ، الموافق 10 نوفمبر 2023م
خطبة الجمعة القادمة بعنوان : الأبعاد الإنسانية ومخاطر تجاهلها ، للدكتور محمد حرز

خطبة الجمعة القادمة للدكتور محمد حرز بعنوان : الأبعاد الإنسانية ومخاطر تجاهلها

خطبة الجمعة القادمة بعنوان : الأبعاد الإنسانية ومخاطر تجاهلها ، للدكتور محمد حرز ، بتاريخ 26 ربيع الآخر 1445هـ ، الموافق 10 نوفمبر 2023م

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 10 نوفمبر 2023م بصيغة word بعنوان : الأبعاد الإنسانية ومخاطر تجاهلها ، للدكتور محمد حرز.

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 10 نوفمبر 2023م بصيغة pdf بعنوان : الأبعاد الإنسانية ومخاطر تجاهلها ، للدكتور محمد حرز.

عناصر خطبة الجمعة القادمة 10 نوفمبر 2023م بعنوان : الأبعاد الإنسانية ومخاطر تجاهلها.

 

أولًا: غزةُ تحتَ القصفِ ولا عزاءَ للإنسانيةِ والضميرِ العالمِي.

ثانيًا: أين الأبعادُ الإنسانيةُ في المجتمعِ الدولِي؟

ثالثــــًا: الإسلامُ دينُ السلامِ والقوةِ.

 

ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 10 نوفمبر 2023م بعنوان : الحق في الحياة بين الشرائع السماوية والمواثيق الدولية : كما يلي:

خطبةُ الجمعةِ القادمةِ: الأبعادُ الإنسانيةُ ومخاطرُ تجاهلِهَا  محمد حرز

بتاريخ: 26 ربيع الآخر  1445هــ – 10 نوفمبر 2023م

الحمدُ للهِ القائلِ في محكمِ التنزيلِ ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ  ﴾ (النساء: 1) ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وليُّ الصالحين وَأشهدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وصفيُّهُ من خلقهِ وخليلُهُ ؛ اِعْتَزَّ بِاللهِ تَعَالَى ربًّا، وَفَاخَرَ بِالْإِسْلَامِ دينًا، وَعَلَّمَ أَصْحَابَهُ الْفَخْرَ بِهِ، وَلَمَّا قَالَ قَائِلُ الْمُشْرِكِينَ أبو سفيان يومًا بعدَ غزوةِ أُحدٍ: اُعْلُ هُبَلْ، قَالَ: اللهُ أَعْلَى وَأَجَلُّ ، وَلَمَّا قَالُوا: لَنَا الْعُزَّى وَلَا عُزَّى لَكُمْ، قَالَ: “اللهُ مَولَانَا وَلَا مَوْلَى لَكُمْ “(البخاري) فاللهم صلِّ وسلمْ وزدْ وباركْ على النبيِ  المختارِ وعلى آلهِ وأصحابِهِ الأطهارِ الأخيارِ وسلمْ تسليمًا كثيرًا إلى يومِ الدينِ.   أما بعدُ

               يا خيرَ مَن دُفنتْ في التربِ أعظمهُ *** فطابَ مِن طيبهنَّ القاعُ والأكمُ

            نفسِي الفداءُ لقبرٍ أنتَ ساكنهُ *** فيهِ العفافُ وفيهِ الجودٌ والكرمُ

            أنتَ الحبيبُ الذي تُرجَى شفاعتُهُ *** عندَ الصراطٍ إذا ما زلتْ القدمُ

أمَّا بعدُ …..فأوصيكُم ونفسِي أيُّها الأخيارُ بتقوى العزيزِ الغفارِ{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ } (سورة  أل عمران :102) 

عبادَ الله): الابعادُ الإنسانيةُ ومخاطرُ تجاهلِهَا  (عنوانُ وزارتِنَا وعنوانُ خطبتِنَا .

عناصرُ اللقاءِ:

أولًا: غزةُ تحتَ القصفِ ولا عزاءَ للإنسانيةِ والضميرِ العالمِي.

ثانيًا: أين الأبعادُ الإنسانيةُ في المجتمعِ الدولِي؟

ثالثــــًا: الإسلامُ دينُ السلامِ والقوةِ.

أيُّها السادةُ: ما أحوجنَا في هذه الدقائقِ المعدودةِ إلي أنْ يكونَ حديثُنَا عن الابعادِ الإنسانيةِ ومخاطرِ تجاهلِهَا، وخاصةً ونحن نعيشُ زمانًا أصبحَ الإنسانُ  المسلمُ فيهِ بلا قيمةٍ ولا وزنٍ ولا احترامٍ ولا رحمةٍ ولا شفقةٍ إلّا ما رحمَ اللهُ جلّ وعلا، وخاصةّ وأنّ الإنسانَ مِن أهمّ قيمِ ومبادئِ ومظاهرِ الحضارةِ الإسلاميةِ، وخاصةً وأنَّ أحداثَ غزةَ لا تزالُ تُألمُ القلبَ وتُبكِي العينَ بدلَ الدموعِ دمًا لمِن كان له قلبٌ أو ألقَى السمعَ وهو شهيدٌ، مِن قتلٍ للأطفالِ وسفكٍ للدماءِ وقتلٍ للنساءِ والشيوخِ وهدمٍ للمساجدِ والكنائسِ والمستشفياتِ، فأين مَن يتغنونَ بحقوقِ الإنسانِ بالليلِ والنهارِ؟ أين مَن صدَّعُوا رؤوسَنَا بالحرياتِ وحقِّ الحياةِ؟ أين مَن صدعونَا بالرفقِ بالحيوانِ فأين الرفقُ بالأطفالِ في غزةَ. وأين المنظماتُ العالميةُ مِن سفكِ الدماءِ؟ وللهِ درُّ القائلِ

أطفالُنَا على احلامِهِم نامُوا*** وعلى لهيبِ القاذفاتِ أفاقُوا

أطفالُنَا قُتلِوا في بيوتِهِم ***والعالمُ كلُّهُ خسةٌ وخيانةٌ ونفاقُ

العنصر الأول من خطبة الجمعة القادمة بعنوان : الأبعاد الإنسانية ومخاطر تجاهلها

أولًا: غزةُ تحتَ القصفِ ولا عزاءَ للإنسانيةِ والضميرِ العالمِي.

أيُّها السادة : لا زلنا وإياكُم مع غزةَ الأبيةِ، غزةَ الصمودِ ،غزةَ الثباتِ ،غزةَ التحدِّي، غزةَ المقاومةِ ، لكِ اللهُ يا غزّةُ الجريحةُ، كم في أثوابِكِ الداميةِ مِن أحزانٍ وآلامٍ وأوجاعٍ وذكرياتٍ تفيضُ بالأسَى والكربِ، ما تكادُ ترحلُ المصيبةُ بأثقالِهَا وكَرْبِهَا إلّا وتخلفُهَا مصائبُ تتكاثرُ كالسرطانِ في جسدِ هذا الجزءِ المـُنهكِ المـُنتهكِ مِن جسدِ أمتِنَا الغافلِ، فمناظرُ الدمِ، والخرابِ، والحزنِ، وصرخاتُ الوجعِ والألمِ، ومشاعرُ الحزنِ والبكاءِ، أصبحتْ روحًا ساكنةً في جسدِ كلِّ مسلمٍ ومسلمةٍ مِن سكّانِ غزّةَ المجاهدةِ الصامدةِ، فالحربُ على غزةَ بلا استراتيجيةٍ حقيقيةٍ سوى الانتقامِ الأعمَى وبلا أفقٍ زمنِيٍّ معلومٍ ،وهل فقدتْ الإنسانيةُ ضميرَهَا، وماتتْ وقُبرتْ في غزةَ؟ وهل أصيبَ الضميرُ العالمِيُّ بشللٍ وباتَ الصمتُ الدولِي سمةً لِمَا يحدثُ في غزةَ؟ فالغربُ يكيلُ بمكيالينِ، ويرى الأمورَ بعيونِ أهوائِهِم وميولِهِم التي تنحازُ تمامًا للصهاينةِ المجرمينَ الذين لا يرقبونَ في مؤمنٍ إلّا ولا ذمة، والتي هي بعيدةٌ كلّ البُعدِ عن الحقِّ الفلسطينِي بإقامةِ دولتِهِم والعيشِ بسلامٍ، وهذا أبسطُ حقوقٍ الإنسانِ التي نصّتْ عليها المواثيقُ الدوليةُ، لكنْ ما يحدثُ في غزةَ معركةٌ مفصليةٌ سواءً على المؤمنينَ أو على الكيانِ الصهيونِي وأذنابِه المنافقين، ( وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلاَّ إِيمَاناً وَتَسْلِيماً ) وانظرْ لوصفِ الهجومِ الذي حدثَ يومَ الخندقِ، ( إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتْ الأَبْصَارُ وَبَلَغَتْ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَ *هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالاً شَدِيداً ) هذا وصفٌ دقيقٌ لحالِ إخوانِنَا هناك في غزةَ، فالقصفُ مِن البرِّ والبحرِ والجوِّ، وصدقَ اللهُ إذْ يقولُ: ( أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمْ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ ) بلى يا رب ! نصرُكَ قريبٌ قريبٌ قريبٌ جدًا.عبادَ الله :ألَا فَلْيَحذَرِ المُسلِمُ مِن خُذلانِ إِخوَانِهِ بِأَيِّ نَوعٍ مِن أَنوَاعِ الخُذلانِ، قَالَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: ((مَا مِنِ امرِئٍ يَخذُلُ امرَأً مُسلِمًا في مَوطِنٍ يُنتَقَصُ فِيهِ مِن عِرضِهِ وَيُنتَهَكُ فِيهِ مِن حُرمَتِهِ إِلاَّ خَذَلَهُ اللهُ تَعَالى في مَوطِنٍ يُحِبُّ فِيهِ نُصرَتَهُ)).

واعلمُوا – أيُّها السادة- أَنَّ جَمِيعَ المُسلِمِينَ في مَشَارِقِ الأَرضِ وَمَغَارِبِهَا إِخوَةٌ، لا تَفصِلُ بَينَهُم حُدُودٌ وَلا تُفَرِّقُهُم جِنسِيَّاتٌ، وَاللهُ جل وعلا هُوَ الَّذِي رَبَطَ بَينَهُم بِرِبَاطِ الأُخُوَّةِ الإِسلامِيَّةِ، قَالَ جلَّ وعلا: ( إِنَّمَا المُؤمِنُونَ إِخوَةٌ ) وَقَالَ المصطفَى ﷺ: ( المُسلِمُ أَخُو المُسلِمِ؛ لا يَظلِمُهُ وَلا يُسلِمُهُ وَلا يَخذُلُهُ وَلا يَحقِرُهُ )، وفي الصحيحين مِن حديثِ النعمانِ بنِ بشيرٍ أنَّ البشيرَ النذيرَ ﷺ قال: ( مَثَلُ المُؤمِنِينَ في تَوَادِّهِم وَتَرَاحُمِهِم وَتَعَاطُفِهِم كَمَثَلِ الجَسَدِ الوَاحِدِ؛ إِذَا اشتَكَى مِنهُ عُضوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالحُمَّى ). ويَقُولُ اللهُ سُبْحَانَه: { وَالمُؤْمِنُونَ وَالمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْض}، وَيَقُولُ النَّبِيُّ ﷺ: «المُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا». أَخْرَجَهُ البُخَارِيّ، فالخذلانُ خزيٌّ وعارٌ وهلاكٌ ودمارٌ وحسابٌ وعقابٌ يومَ القيامةِ يومَ الحسرةِ والندامةِ. أَلا فَلْيَهبَّ المُسلِمُونَ لِنُصرَةِ إِخوَانِهِم مَا استَطَاعُوا، العَالِمُ بِجَاهِهِ وَعِلمِهِ، وَالسِّيَاسِيُّ بِثِقَلِهِ وَوَزنِهِ، وَالكَاتِبُ بِقَلَمِهِ وَالخِطِيبُ بِلِسَانِهِ، لِنَحتَسِبْ مَا فِيهِ إِغَاظَةُ العَدُوِّ وَالنَّيلُ مِنهُ، وَلْنَحذَرِ التَّخَلُّفَ عَن الرَّكبِ، فَقَد قَالَ سُبحَانَهُ: ﴿مَا كَانَ لأَهلِ المَدِينَةِ وَمَن حَولَهُم مِنَ الأَعرَابِ أَن يَتَخَلَّفُوا عَن رَسُولِ اللهِ وَلاَ يَرغَبُوا بِأَنفُسِهِم عَن نَفسِهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُم لاَ يُصِيبُهُم ظَمَأٌ وَلاَ نَصَبٌ وَلاَ مَخمَصَةٌ في سَبِيلِ اللهِ وَلاَ يَطَؤُونَ مَوطِئًا يَغِيظُ الكُفَّارَ وَلاَ يَنَالُونَ مِن عَدُوٍّ نَيلًا إِلاَّ كُتِبَ لَهُم بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللهَ لاَ يُضِيعُ أَجرَ المُحسِنِينَ﴾[التوبة:120].

 واعلمُوا أيُّها الأخيارُ أنَّ الأمةَ منصورةٌ بوعدِ اللهِ وصدقِ نبيِّهِ ﷺ، وأنَّ دولةَ الباطلِ ساعةٌ ودولةَ الحقِّ إلى قيامِ الساعةِ، قالَ جلَّ وعلا: ( إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ )، وقالَ ربُّنَا: ( كَتَبَ اللَّهُ لأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ ).هذا وعدُ اللهِ قاطعٌ جازمٌ بأنْ ينصرَ رسلَهُ والذين آمنوا معه. فلقد كان النبيُّ ﷺ في قمةِ النصرِ وهو يكررُ بكلِّ عزةٍ: ( قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ *لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ ).

فاللهُ جلَّ وعلا قادرٌ على نصرِ عبادِهِ وإهلاكِ الكفرةِ، ولكنْ مِن حكمتِه أنْ جعلَ للنصرِ ثمنًا، ( ذَلِكَ وَلَو يَشَاءُ اللهُ لانتَصَرَ مِنهُم وَلَكِنْ لِيَبلُوَ بَعضَكُم بِبَعضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا في سَبِيلِ اللهِ فَلَن يُضِلَّ أَعمَالَهُم سَيَهدِيهِم وَيُصلِحُ بَالَهُم وَيُدخِلُهُمُ الجَنَّةَ عَرَّفَهَا لهم ).مِن أجلِ هذا كلِّهِ، قد يُبطئُ النصرُ، فتتضاعفُ التضحياتُ، وتتضاعفُ الآلامُ .. وفي النهايةِ يأتِي النصرُ بإذنِ اللهِ جلَّ وعلا. فاللهُمّ إنّا نسألُكَ أنْ تنصرَ إخوانَنَا على أرضِ غزةَ، اللهُمّ ثبتْ أقدامَهُم وانصرْهُم نصرًا مؤزرًا وافتحْ لهم فتحًا مُبينًا واجعلَ اليهودَ وما يملكونَ غنيمةً للإسلامِ والمسلمين.

العنصر الثاني من خطبة الجمعة القادمة بعنوان : الأبعاد الإنسانية ومخاطر تجاهلها

ثانيًا: أينَ الأبعادُ الإنسانيةُ في المجتمعِ الدولِي؟

أيُّها السادة: لقد كرَّمَ اللهُ الإنسانَ تكريمًا كبيرًا خلقَهُ بيدِهِ ونفخَ فيهِ مِن روحِهِ وأسجدَ لهُ ملائكتَهُ وسخرَ لهُ ما في السمواتِ وما في الأرضِ جميعًا منه. وصورَهٌ فأحسنَ تصويرَهُ فتبارَكَ اللهُ أحسنُ الخالقين، قال ربُّنَا  { وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلا  } (سورة  الإسراء(70( فأين المجتمعُ الدوليُّ مِن إنسانيةِ الإنسانِ كإنسانٍ لهُ كلُّ الاحترامِ والتقديرِ فضلًا عن حقِّهِ في الحياةِ بلا قتلٍ ولا سفكٍ للدماءِ ولا طمسٍ للهوياتِ والحرياتِ ؟أين المجتمعُ الدوليُّ مِمّا يحدثُ للمسلمين في فلسطينَ بالليلِ والنهارِ؟ أين المجتمعُ الدوليُّ مِن حقوقِ الأطفالِ والنساءِ؟ أين المجتمعُ الدوليُّ مِن حقوقِ المرضَى وضربِ المستشفياتِ بالطيرانِ على مرئَ ومسمعٍ للعالمِ كلِّه؟ فالنبيُّ المختارُ ﷺ كان إذا أرسلَ جيشًا مخاطبًا إياهُم برعايةِ الإنسانيةِ مهمَا كانت الأجواءُ والظروفُ، ( فكان النَّبيُّ إذا بعَث جيشًا أو سَريَّةً دعا صاحبَهم فأمَره بتقوى اللهِ وبمَنْ معه مِن المُسلِمينَ خيرًا ثمَّ قال اغْزُوا بسمِ اللهِ وفي سبيلِ اللهِ قاتِلوا مَن كفَر باللهِ لا تغُلُّوا ولا تغدِروا ولا تُمثِّلوا ولا تقتُلوا وليدًا ولا شيخًا كبيرًا )، اللهُ أكبرُ إنَّها الإنسانيةُ في أبهَى صورِهَا وكيف لا؟ والإسلامُ حضارةٌ إنسانيةْ، تكرمُ الإنسانَ وتخدمُهُ، قالَ ربُّنا  { وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلا }(سورة  الإسراء:70)، وروى ابنُ ماجةَ في سننهِ أنّ عَبْدَ اللَّهِ بْن عُمَرَ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ وَيَقُولُ: «مَا أَطْيَبَكِ وَأَطْيَبَ رِيحَكِ مَا أَعْظَمَكِ وَأَعْظَمَ حُرْمَتَكِ وَالَّذِى نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَحُرْمَةُ الْمُؤْمِنِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ حُرْمَةً مِنْكِ مَالِهِ وَدَمِهِ وَأَنْ نَظُنَّ بِهِ إِلاَّ خَيْرًا)، وكيف لا؟ والإسلامُ قضَى على الفروقاتِ الجنسيّةِ والتفريقِ العنصريِّ لتحلَّ محلهُا الأخوَّةُ الإنسانيّةُ، فلا فرقَ بينَ شرقيٍّ أو غربيٍّ أو عربيٍّ أو أعجمي، فجاءت رسالةُ الإسلامِ عالميةً لجميعِ الأُممِ والشعوبِ، ودعتْ إلى عالمٍ تسودُ فيه العدالةُ، والحريةُ، والطمأنينةُ، والسلامُ. فالناسُ سواسيةٌ كأسنانِ المشطِ، وإنما معيارُ التفاضلِ التقوى والعملُ الصالحُ، قال اللهُ جلّ وعلا: ﴿ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ﴾ (سورة الحجرات : 13). وعن جابرِ بنِ عبدِاللهِ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ـ  أنّ رسولَ الهدى ﷺ قال: “يا أيُّها النَّاسُ إنَّ ربَّكُمْ واحدٌ، وإنَّ أباكُمْ واحدٌ، ألَا لا فَضلَ لعربيٍّ على عَجميٍّ، ولا لعَجميٍّ على عَربيٍّ، ولا لأحمرَ على أسوَدَ، ولا لأسوَدَ على أحمرَ، إلَّا بالتَّقوَى، إنَّ أكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أتْقاكُمْ، ألا هل بلَّغتُ؟ قالوا: بلَى يا رسولَ اللهِ قال: فلْيُبلِّغِ الشاهدُ الغائبَ)، ولما مرَّتْ جنازةٌ على النبيِّ ﷺ فقام، فقيل: إنّه يهوديٌّ؟!‏ فقال: أليسَتْ نفسًا؟( رواه مسلم، إنّها حضارةُ الإسلامِ يا سادة ؟فأين المجتمعُ الدوليُّ مِن حضارةِ الإسلامِ ونبيِّ الإسلامِ ﷺ؟، وكيف لا؟ والحقوقُ في الإسلامِ مصانةٌ والأعراضُ في الإسلامِ مصانةٌ والدماءُ في الإسلامِ مصانةٌ، هكذا أعلنَهَا نبيُّنَا ﷺ: أتَدْرُونَ أيُّ يَومٍ هذا؟، قُلْنَا: اللَّهُ ورَسولُهُ أعْلَمُ، فَسَكَتَ حتَّى ظَنَنَّا أنَّه سَيُسَمِّيهِ بغيرِ اسْمِهِ، قالَ: أليسَ يَومَ النَّحْرِ؟ قُلْنَا: بَلَى، قالَ: أيُّ شَهْرٍ هذا؟، قُلْنَا: اللَّهُ ورَسولُهُ أعْلَمُ، فَسَكَتَ حتَّى ظَنَنَّا أنَّه سَيُسَمِّيهِ بغيرِ اسْمِهِ، فَقالَ أليسَ ذُو الحَجَّةِ؟، قُلْنَا: بَلَى، قالَ أيُّ بَلَدٍ هذا؟ قُلْنَا: اللَّهُ ورَسولُهُ أعْلَمُ، فَسَكَتَ حتَّى ظَنَنَّا أنَّه سَيُسَمِّيهِ بغيرِ اسْمِهِ، قالَ: أليسَتْ بالبَلْدَةِ الحَرَامِ؟ قُلْنَا: بَلَى، قالَ: فإنَّ دِمَاءَكُمْ وأَمْوَالَكُمْ علَيْكُم حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَومِكُمْ هذا، في شَهْرِكُمْ هذا، في بَلَدِكُمْ هذا، إلى يَومِ تَلْقَوْنَ رَبَّكُمْ، ألَا هلْ بَلَّغْتُ؟ قالوا: نَعَمْ، قالَ: اللَّهُمَّ اشْهَدْ)(متفق عليه(، و كيف لا؟ والإسلامُ ضمنَ للإنسانِ العيشَ بحريةٍ  وكرامةٍ وإنْ اختلفتَ معهُ في المعتقدِ والدينِ، فلم  يستجبْ الرسولُ ﷺ إلى دعوةِ طفيلِ بنِ عمرٍو الدوسِي حين رغبَ أنْ يرسلَ معه قوةً محاربةً لحملِ قومِهِ على الإسلامِ بالقوةِ وقال: (عُدْ إلى قومِكَ فادعُهُمْ وأرفقْ بهِم)،وعندما جاءَهُ ﷺ صحابِيٌّ مِن أهلِ المدينةِ يسألُهُ أنْ يحملَ ولديهِ على الإسلامِ بالقوةِ. فنزلَ قولُ اللهِ تعالِى: ﴿ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنْ الغَيِّ ﴾ وقال جلَّ وعلا مخاطبًا رسولَهُ الكريمَ ﷺ: ﴿ فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ * لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ ﴾ (الغاشية: 22، 23)وقال جلّ وعلا: ﴿ فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ ﴾ الكهف: 29،وقال جلّ وعلا: ﴿ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ﴾ يونس: 99.وبدلًا مِن الإكراهِ أمرَ سبحانَهُ وتعالى أنْ يدعوَ المسلمون غيرَ المسلمينَ لاعتناقِ الإسلامِ بالعقلِ والاستدلالِ والمنطقِ والحكمةِ والموعظةِ الحسنةِ، فقالَ جلَّ جلالُهُ: ﴿ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ﴾ (النحل: 125 (، وكتبَ رسولُ اللهِ ﷺ إلى عمرَ بنِ حزمٍ (رسولِهِ إلى بنِي الحارثِ باليمنِ) أوصاهُ فيهِ بتقوَى اللهِ في أمرِهِ كلِّهِ، فإنَّ اللهَ مع الذين اتقوا والذين هم محسنون …. وأمرَهُ أنْ يأخذَ بالحقِّ كمَا أمرَهُ اللهُ …. وأنْ يخبرَ الناسَ بالذي لهم، والذي عليهم، ويلينَ للناسِ في الحقِّ، ويشتدَّ عليهم في الظلمِ. وأنَّه مَن كرهَ الظلمَ، ونهَى عنه، فقال:﴿ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ ﴾ [هود: 18]…. وأنَّه مَن أسلمَ مِن يهودِي أو نصرانِي إسلامًا خالصًا مِن نفسِه، ودانَ بدينِ الإسلامِ، فإنَّه مِن المؤمنين، له مثلُ مالَهُم، وعليهِ مثلُ ما عليهم … ومَن كان على نصرانيتِه أو يهوديتِه، فإنَّهُ لا يُردُّ عنهَا(( وكيف لا؟ ومِن وصايا القرآنِ الكريمِ أنَّ الدفاعَ في الحروبِ يجبُ أنْ يكونَ بقدرِ العدوانِ … وقد نصَّ على هذا قولُهُ جلَّ وعلا: ﴿ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ ﴾ [البقرة: 194]. لأنَّ الحربَ للضرورةِ والضروراتُ تقدرُ بقدرِهَا. وكيف لا؟ ولقد ضربَ رسولُ اللهِ ﷺ المثلَ الأعلَى في الوفاءِ بالعهودِ حتى مع الأعداءِ … فحين رجعَ مِن الطائفِ حزينًا كئيبًا مهمومًا بسببِ إعراضِهِم عن دعوتِهِ، وما ألحقوهُ بهِ مِن أذَى، لم يدخلْ النبيُّ ﷺ مكةَ إلّا في حمايةِ  المُطْعِمِ بنِ عَديٍّ ،روى مُحَمَّدٌ بْنُ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ فِي أُسَارَى بَدْرٍ) لَوْ كَانَ الْمُطْعِمُ بْنُ عَدِيٍّ حَيًّا، ثُمَّ كَلَّمَنِي فِي هَؤُلاَءِ النَّتْنَى، لَتَرَكْتُهُمْ لَهُ)رواه البخاري… يا لعظمةِ هذه الأخلاقِ ويا لروعةِ هذا الوفاءِ. فانظروا إلى الوفاءِ حتى مع المشركين…. وهــذا أبو البُحْترِي بنُ هشام؟ إنَّه أحدُ الرجالِ القلائلِ مِن المشركين الذين سعوا في نقضِ صحيفةِ الحصارِ والمقاطعةِ الظالمةِ التي تعرضَ لها رسولُ اللهِ وأصحابُهُ في شِعْبِ أبي طالبٍ، فعرفَ لهُ الرسولُ جميلَهُ وحفظَهُ له، فلمَّا كان يومُ بدرٍ قال ﷺ: «مَن لقِيَ أبا البحتري بنَ هشامٍ فلا يقتلْهُ»، اللهَ اللهً في الوفاءِ، اللهَ اللهَ في ردِّ الجميلِ مِن سيدِ الأوفياءِ ﷺ . ومِن ذلك …  فَبَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَكْتُبُ الْكِتَابَ …
هُوَ وَسُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو، إذْ جَاءَ أَبُو جَنْدَلِ بْنُ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرِو يَرْسُفَ فِي الْحَدِيدِ، قَدْ انْفَلَتَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجُوا وَهُمْ لَا يَشُكُّونَ فِي الْفَتْحِ، لِرُؤْيَا رَآهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَلَمَّا رَأَوْا مَا رَأَوْا مِنْ الصُّلْحِ وَالرُّجُوعِ، وَمَا تَحَمَّلَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي نَفْسِهِ دَخَلَ عَلَى النَّاسِ مِنْ ذَلِكَ أَمْرٌ عَظِيمٌ، حَتَّى كَادُوا يُهْلِكُونَ، فَلَمَّا رَأَى سُهَيْلٌ أَبَا جَنْدَلٍ قَامَ إلَيْهِ فَضَرَبَ وَجْهَهُ، وَأَخَذَ بِتَلْبِيبِهِ، ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، قَدْ لَجَّتْ الْقَضِيَّةُ بَيْنِي وَبَيْنَكَ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكَ هَذَا، قَالَ: “صَدَقْتَ“، فَجَعَلَ يَنْتُرُهُ بِتَلْبِيبِهِ، وَيَجُرُّهُ لِيَرُدَّهُ إلَى قُرَيْشٍ، وَجَعَلَ أَبُو جَنْدَلٍ يَصْرُخُ بِأَعْلَى صَوْتِهِ: يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ، أَأُرَدُّ إلَى الْمُشْرِكِينَ يَفْتِنُونِي فِي دِينِي؟ فَزَادَ ذَلِكَ النَّاسَ إلَى مَا بِهِمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: “يَا أَبَا جَنْدَلٍ، اصْبِرْ وَاحْتَسِبْ، فَإِنَّ اللَّهَ جَاعِلٌ لَكَ وَلِمَنْ مَعَكَ مِنْ الْمُسْتَضْعَفِينَ فَرَجًا وَمَخْرَجًا، إنَّا قَدْ عَقَدْنَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ صُلْحًا، وَأَعْطَيْنَاهُمْ عَلَى ذَلِكَ، وَأَعْطَوْنَا عَهْدَ اللَّهِ، وَإِنَّا لَا نَغْدِرُ بِهِمْ“، قَالَ: فَوَثَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ مَعَ أَبِي جَنْدَلٍ يَمْشِي إلَى جَنْبِهِ، وَيَقُولُ: اصْبِرْ يَا أَبَا جَنْدَلٍ، فَإِنَّمَا هُمْ الْمُشْرِكُونَ، وَإِنَّمَا دَمُ أَحَدِهِمْ دَمُ كَلْبٍ. قَالَ: وَيُدْنِي قَائِمَ السَّيْفِ مِنْهُ. قَالَ: يَقُولُ عُمَرُ: رَجَوْتُ أَنْ يَأْخُذَ السَّيْفَ فَيَضْرِبُ بِهِ أَبَاهُ، قَالَ: فَضَنَّ الرَّجُلُ بِأَبِيهِ، وَنَفَذَتْ الْقَضِيَّةُ.

فأين المجتمعُ الدوليُّ مِن الإسلامِ ونبيِّ الإسلامِ ﷺ الذي علَّمَ الدنيا كلَّهَا احترامَ الإنسانيةِ وتقديرَهَا والمحافظةَ عليها مع اختلافِ ألوانِهِم وأجناسِهِم ومعتقداتِهِم، إنّه الإسلامُ يا سادة …..وللهِ درُّ القائلِ

أنا مُسلمٌ والسِّلمُ فِي وِجْدَانِي *** سِلْمًا مِن الإرهابِ والعُدْوَانِ

رَبِّي السَّلامُ تقَدَّسَتْ أسمَاؤُهُ *** ذُو الفَضلِ والإكرامِ والإحسَانِ

أقولُ قولِي هذا واستغفرُ اللهَ العظيمَ لي ولكم

الخطبةُ الثانية الحمدُ للهِ ولا حمدَ إلّا لهُ وبسمِ اللهِ ولا يُستعانُ إلّا بهِ وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَه وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ  …………………… وبعدُ

العنصر الثالث من خطبة الجمعة القادمة بعنوان : الأبعاد الإنسانية ومخاطر تجاهلها

ثالثــــًا: الإسلامُ دينُ السلامِ والقوةِ.

أيُّها السادة: دينُنَا هو دينُ السلامِ، ونبيُّنَا هو نبيُّ السلامِ، وشريعتُنَا هي السلامُ، وقرآنُنَا هو قرآنُ السلامِ، واللهُ جلَّ وعلَا هو السلامُ، والجنةُ هي دارُ السلامِ، وتحيتُنَا هي السلامُ، وشعارُ أهلِ الإيمانِ السلامُ. وحاجةُ الإنسانيَّةِ إلى السلامِ غرِيزةٌ فِطريَّة، وضرورةٌ بشريَّة، ومصلَحةٌ شرعيَّة؛ إذ لا بِناءَ ولا إعمارَ، ولا رُقِيَّ ولا ازدِهارَ، ولا تنمِيةَ ولا ابتِكارَ إلَّا بالسلامِ، والسلامُ هو الشعارُ الأولُ للإسلامِ بنصِّ القرآنِ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ)) البقرة: 208 والسلامُ هو الطُّمأنينةُ والسكينةُ والاستقرارُ والراحةُ والهدوءُ، والسلامُ هو أمانُ الفردِ على النفسِ والمالِ، بل إنَّ للسلامِ العالمِي شأنًا عظيمًا في الإسلامِ، فما كان أمرًا شخصيًّا ولا هدفًا قوميًّا أو وطنيًّا بل كان عالميًّا وشموليًّا، فالسلامُ هو الأصلُ الذي يجبُ أنْ يسودَ العلاقاتِ بينَ الناسِ جميعًا. فالمولَى جلَّ وعلَا عندما خلقَ البشرَ لم يخلقْهُم ليتعادُوا أو يتناحرُوا ويستعبد بعضُهُم بعضًا، وإنَّما خلقَهُم ليتعارفُوا ويتآلَفوا ويعينَ بعضُهُم بعضًا، فالإسلامُ يدعو الى استقرارِ المسلمينَ واستقرارِ غيرِهِم مِمّن يعيشُون على هذه الأرضِ، ويكشفُ لنا التاريخُ أنَّ جميعَ الحضاراتِ كانتْ تواقةً مِن أجلِ تحقيقِ السلامِ العالمِي.

والإسلامُ دينُ القوةِ ومنعُ العدوانِ، وإيثارُ السلمِ على الحربِ إلَّا للضرورةِ وإقامةِ العدلِ والإنصافِ، ودفعِ الظلمِ، مِن القواعدِ الأساسيةِ لتحقيقِ السلامِ بينَ الشعوبِ والمجتمعاتِ، فلا يعتدِي أحدٌ على حقِّ أحدٍ، ولا يظلمُ أحدٌ أحدًا، فالإسلامُ يسعَى دائمًا إلى استقرارِ الأمةِ الإسلاميةِ، كمَا يسعَى إلى استقرارِ علاقاتِ المسلمينَ بالأممِ الأُخرى. قال جلَّ وعلا مخاطبًا نبيَّهُ ﷺ ((وإِن جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ )) الانفال61هذا في حالةِ السلامِ، لكنْ في حالةِ الاعتداءِ على أرضِنَا وعلى أطفالِنَا وشبابِنَا ونسائِنَا وشيوخِنَا ومساجدِنَا فالقوةُ أولَى مِن السلامِ، والقوةُ العسكريةُ مطلبٌ في الشريعةٍ معلومٌ، وفي التنزيلِ ﴿ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ﴾، إنَّها القوةُ التي تحفظُ الإسلامَ وأهلَ الإسلامِ وتوجهُ للمعتدينَ الكفار. قال جلَّ وعلا ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ ﴾ [النِّسَاء: 71، وعن عُقبةَ بنِ عامرٍ الجُهنِي، قال: سمعتُ رسولَ اللهِ يقولُ  وهو على المنبرِ {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ ﴾ [الأنفال: 60]، (ألَا إنَّ القوَّةَ الرميُ، ألَا إنَّ القوةَ الرميُ، ألَا إنَّ القوةَ الرميُ)، رواه مسلم.

فالإسلامُ دينُ القوةِ وأَمَرَ أتباعَهُ أنْ يكونُوا أقوياءَ، (المؤمِنُ القويُّ خيرٌ وأحبُّ إلى اللهِ مِن المؤمِنِ الضعيفِ، وفي كلٍّ خير) كما قال خاتمُ الرُّسلِ – عليه الصلاةُ والسلامُ – وأَمَرَهُم أنْ يضعُوا المصحفَ في يَدٍ، والسيفَ في اليدِ الأخرى، فلا يكونونَ أذلاَّءَ ولا مُمتهَنينَ، وإنَّمَا أعزَّةً كُرماءَ، يدافعون عن الحقِّ، وفي سبيلِ الحقِّ.والإسلامُ هو دينُ الحَنِيفيَّةِ السَّمْحةِ، لم يغفلْ ما للقوَّةِ مِن أثَرٍ فعَّالٍ في حِمايةِ الحقِّ، والدِّفاعِ عن المظلومين، ونشْرِ العدلِ والخيرِ في ربوعِ العالَمِ، حتى يطمئنَّ ويَسعْدَ، ﴿ لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴾ الحديد: 25

دِينِي هو الإسلامُ دينُ محبَّةٍ *** دِينُ السلامَةِ سَالِمُ البُنيَانِ

دِينُ المَودَّةِ والتسامُحِ والهُدَى *** شَتَّانَ بين الحَقِّ والبُهتَانِ

حفظَ اللهُ مصرَ قيادةً وشعبًا مِن كيدِ الكائدين، وشرِّ الفاسدين وحقدِ الحاقدين، ومكرِ الـماكرين، واعتداءِ الـمعتدين، وإرجافِ الـمُرجفين، وخيانةِ الخائنين.

                    كتبه العبد الفقير إلى عفو ربه

د/ محمد حرز إمام بوزارة الأوقاف

 

_______________________________

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة

 

تابعنا علي الفيس بوك

 

الخطبة المسموعة علي اليوتيوب

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات

 

للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

عن كتب: د.أحمد رمضان

الدكتور أحمد رمضان حاصل علي الماجستير من جامعة الأزهر بتقدير ممتاز سنة 2005م ، وحاصل علي الدكتوراه بتقدير مع مرتبة الشرف الأولي من جامعة الأزهر الشريف سنة 2017م. مؤسس جريدة صوت الدعاة ورئيس التحرير وكاتب الأخبار والمقالات المهمة بالجريدة، ويعمل بالجريدة منذ 2013 إلي اليوم. حاصل علي دورة التميز الصحفي، وقام بتدريب عدد من الصحفيين بالجريدة. للتواصل مع رئيس التحرير على الإيميل التالي: [email protected] رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) للمزيد عن الدكتور أحمد رمضان رئيس التحرير أضغط في القائمة علي رئيس التحرير

شاهد أيضاً

خطبة الجمعة بعنوان : أمانة العامل والصانع وإتقانهما ، للدكتور خالد بدير، بتاريخ 24 شوال 1445 هـ ، الموافق 3 مايو 2024م

خطبة الجمعة بعنوان : أمانة العامل والصانع وإتقانهما ، للدكتور خالد بدير

خطبة الجمعة بعنوان : أمانة العامل والصانع وإتقانهما ، للدكتور خالد بدير، بتاريخ 24 شوال …

خطبة الجمعة القادمة 3 مايو 2024 م بعنوان : أمانة العامل والصانع وجزاؤها ، للدكتور محروس حفظي ، بتاريخ 24 شوال 1445هـ ، الموافق 3 مايو 2024م

خطبة الجمعة القادمة 3 مايو : أمانة العامل والصانع وجزاؤها ، للدكتور محروس حفظي

خطبة الجمعة القادمة خطبة الجمعة القادمة 3 مايو 2024 م بعنوان : أمانة العامل والصانع …

خطبة الجمعة القادمة 3 مايو 2024م من الأرشيف : أمانة العامل والصانع وجزاؤها ، بتاريخ 24 شوال 1445هـ – الموافق 3 مايو 2024م

خطبة الجمعة القادمة 3 مايو 2024م من الأرشيف : أمانة العامل والصانع وجزاؤها

خطبة الجمعة القادمة خطبة الجمعة القادمة 3 مايو 2024م من الأرشيف : أمانة العامل والصانع …

خطبة الجمعة القادمة : أمانة العامل والصانع وجزاؤها ، بتاريخ 24 شوال 1445هـ ، الموافق 3 مايو 2024م

أمانة العامل والصانع وجزاؤها ، خطبة الجمعة القادمة

خطبة الجمعة القادمة : أمانة العامل والصانع وجزاؤها ، بتاريخ 24 شوال 1445هـ ، الموافق 3 …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

Translate »