web analytics
أخبار عاجلة
خطبة الجمعة القادمة 1 مارس 2024 م بعنوان : مجالس العلم والذكر والاستعداد لرمضان ، للدكتور محروس حفظي ، بتاريخ 20 شعبان 1445هـ ، الموافق 1 مارس 2024م
خطبة الجمعة القادمة 1 مارس 2024 م بعنوان : مجالس العلم والذكر والاستعداد لرمضان ، للدكتور محروس حفظي ، بتاريخ 20 شعبان 1445هـ ، الموافق 1 مارس 2024م

خطبة الجمعة القادمة 1 مارس : مجالس العلم والذكر والاستعداد لرمضان ، للدكتور محروس حفظي

خطبة الجمعة القادمة

خطبة الجمعة القادمة 1 مارس 2024 م بعنوان : مجالس العلم والذكر والاستعداد لرمضان ، للدكتور محروس حفظي ، بتاريخ 20 شعبان 1445هـ ، الموافق 1 مارس 2024م. 

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 1 مارس 2024 م ، للدكتور محروس حفظي بعنوان : مجالس العلم والذكر والاستعداد لرمضان.

 

ولتحميل خطبة الجمعة القادمة 1 مارس 2024 م ، للدكتور محروس حفظي بعنوان : مجالس العلم والذكر والاستعداد لرمضانر ، بصيغة word أضغط هنا.

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 1 مارس 2024 م ، للدكتور محروس حفظي بعنوان : مجالس العلم والذكر والاستعداد لرمضان ، بصيغة  pdf أضغط هنا.

 

___________________________________________________________

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

و للمزيد عن مسابقات الأوقاف

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

و للمزيد عن الدروس الدينية

 

عناصر خطبة الجمعة القادمة 1 مارس 2024 م بعنوان : مجالس العلم والذكر والاستعداد لرمضان ، للدكتور محروس حفظي :

 

(1) أهميةُ مجالسِ العلمِ وحلقِ الذكرِ في المساجدِ.

(2) فضلُ مجالسِ الذكرِ والعلمِ.

(3) كيفَ نستقبلُ شهرَ رمضانَ المعظمِ.

 

ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 1 مارس 2024 م بعنوان : مجالس العلم والذكر والاستعداد لرمضان ، للدكتور محروس حفظي : كما يلي: 

 «مجالسُ العلمِ والذكرِ والاستعدادُ لرمضانَ»

بتاريخ 20 شعبان 1445 هـ = الموافق 1  مارس 2024 م

 

الحمدُ للهِ حمدًا يُوافِي نعمَهُ، ويُكافِىءُ مزيدَهُ، لك الحمدُ كما ينبغِي لجلالِ وجهِكَ، ولعظيمِ سلطانِكَ، والصلاةُ والسلامُ الأتمانِ الأكملانِ على سيدِنَا مُحمدٍ ﷺ، أمَّا بعدُ:

العنصر الأول من خطبة الجمعة القادمة 1 مارس : 

(1) فضلُ مجالسِ العلمِ وحلقِ الذكرِ في المساجدِ:

إنّ مجالسَ العلمِ وحلقَ الذكرِ تُشْحَنُ فِيهَا الْقُلُوبُ بِالْإِيمَانِ، وَتُشْرَحُ فِيهَا الصُّدُورُ بِذِكْرِ الرَّحْمَنِ،  وتذكرُ المسلمينَ وتحثهُمْ على الأخلاقِ الفاضلةِ حتى يكونُوا أهلًا لتنزلِ الرحماتِ قَالَ ﷺ:«وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللهِ، يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ، وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمِ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ» (مسلم)، لذا يَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ إِذَا صَادَفَ مَوْعِظَةً بَعْدَ الصَّلَاةِ أَنْ يَجْلِسَ وَيُنْصِتَ لَهَا؛ فَإِنَّهَا مِنْ مَجَالِسِ الذِّكْرِ، فعن الأسودِ بنِ هلالٍ قال: «كان معاذٌ يقولُ لرجلٍ مِن إخوانِه: «اجلسْ بِنَا فلنؤمنْ ساعةً»، فيجلسانِ فيذكرانِ اللهَ ويحمدانِهِ» (ابن أبي شيبة)، فهي بحقٍّ رياضٌ كرياضِ الجنةِ، فعَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ:«إِذَا مَرَرْتُمْ بِرِيَاضِ الجَنَّةِ فَارْتَعُوا» قَالُوا: وَمَا رِيَاضُ الجَنَّةِ؟ قَالَ: «حِلَقُ الذِّكْرِ» (أحمد).

ومِن صورِ مجالسِ الذكرِ “مُدَارَسَةُ الْقُرْآنِ”: بِأَنْ يَتْلُوَ أَحَدُهُمْ وَالْبَقِيَّةُ يَسْتَمِعُونَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ: كَانَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِذَا رَأَى أَبَا مُوسَى قَالَ: «ذَكِّرْنَا رَبَّنَا يَا أَبَا مُوسَى، فَيَقْرَأُ عِنْدَهُ» (الدارمي) .

إنَّ حلقَ الذكرِ خيرُ ما يُكتسبُ مِن القرباتِ، وأولَى ما تُرفعُ به الدرجاتُ، بل أفضلُ العباداتِ، قال ﷺ:«أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرِ أَعْمَالِكُمْ، وَأَزْكَاهَا عِنْدَ مَلِيكِكُمْ، وَأَرْفَعِهَا فِي دَرَجَاتِكُمْ وَخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ إِنْفَاقِ الذَّهَبِ وَالوَرِقِ، وَخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ أَنْ تَلْقَوْا عَدُوَّكُمْ فَتَضْرِبُوا أَعْنَاقَهُمْ وَيَضْرِبُوا أَعْنَاقَكُمْ»؟ قَالُوا: بَلَى، قَالَ:«ذِكْرُ اللَّهِ» (الترمذي)، ولا شكَّ أنَّ حلقاتِ العلمِ لها فضلٌ عظيمٌ في تاريخِ الأمةِ ولولاهَا لمَا وصلنَا كثيرٌ مِن أمورِ الدينِ، فهي طريقُ الأصفياءِ، وميراثُ الأنبياءِ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّهُ مَرَّ بِسُوقِ الْمَدِينَةِ فَوَقَفَ عَلَيْهَا، فَقَالَ: يَا أَهْلَ السُّوقِ مَا أَعْجَزَكُمْ؟ قَالُوا: وَمَا ذَاكَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ؟ قَالَ: ذَاكَ مِيرَاثُ رَسُولِ اللَّهِ يُقَسَّمُ وَأَنْتُمْ هَاهُنَا، أَلَا تَذْهَبُونَ فَتَأْخُذُونَ نَصِيبَكُمْ مِنْهُ؟ قَالُوا: وَأَيْنَ هُوَ؟ قَالَ: فِي الْمَسْجِدِ، فَخَرَجُوا سِرَاعًا، وَوَقَفَ أَبُو هُرَيْرَةَ لَهُمْ حَتَّى رَجَعُوا، فَقَالَ لَهُمْ: مَا لَكُمْ؟ قَالُوا: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، فَقَدْ أَتَيْنَا الْمَسْجِدَ فَدَخَلْنَا، فَلَمْ نَرَ فِيهِ شَيْئًا يُقَسَّمُ، فَقَالَ: وَمَا رَأَيْتُمْ فِي الْمَسْجِدِ أَحَدًا؟ قَالُوا: بَلَى، رَأَيْنَا قَوْمًا يُصَلُّونَ، وَقَوْمًا يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ، وَقَوْمًا يَتَذَاكَرُونَ الْحَلَالَ وَالْحَرَامَ، فَقَالَ لَهُمْ أَبُو هُرَيْرَةَ: وَيْحَكُمْ فَذَاكَ مِيرَاثُ مُحَمَّدٍ ﷺ» (الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ) .

العنصر الثاني من خطبة الجمعة القادمة 1 مارس : 

(2) فضلُ مجالسِ الذكرِ والعلمِ: لتلكَ المجالسِ فضلٌ كبيرٌ وأثرٌ عظيمٌ على أصحابِهَا في الدنيا والآخرةِ:

-هذه المجالسُ تحفُّهَا الملائكةُ وتحضرُهَا: إيذانًا بعظمِهَا، وشرفِ أهلِهَا قالَ ﷺ: “إِنَّ لِلَّهِ مَلَائِكَةً سَيَّارَةً، فُضُلًا يَتَتَبَّعُونَ مَجَالِسَ الذِّكْرِ، فَإِذَا وَجَدُوا مَجْلِسًا فِيهِ ذِكْرٌ قَعَدُوا مَعَهُمْ، وَحَفَّ بَعْضُهُمْ بَعْضًا بِأَجْنِحَتِهِمْ، حَتَّى يَمْلَئُوا مَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَإِذَا تَفَرَّقُوا عَرَجُوا وَصَعِدُوا إِلَى السَّمَاءِ، قَالَ: فَيَسْأَلُهُمُ اللهُ، وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ: مِنْ أَيْنَ جِئْتُمْ؟ فَيَقُولُونَ: جِئْنَا مِنْ عِنْدِ عِبَادٍ لَكَ فِي الْأَرْضِ، يُسَبِّحُونَكَ وَيُكَبِّرُونَكَ وَيُهَلِّلُونَكَ وَيَحْمَدُونَكَ وَيَسْأَلُونَكَ، قَالَ: وَمَاذَا يَسْأَلُونِي؟ قَالُوا: يَسْأَلُونَكَ جَنَّتَكَ، قَالَ: وَهَلْ رَأَوْا جَنَّتِي؟ قَالُوا: لَا، أَيْ رَبِّ قَالَ: فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْا جَنَّتِي؟ قَالُوا: وَيَسْتَجِيرُونَكَ، قَالَ: وَمِمَّ يَسْتَجِيرُونَنِي؟ قَالُوا: مِنْ نَارِكَ يَا رَبِّ، قَالَ: وَهَلْ رَأَوْا نَارِي؟ قَالُوا: لَا، قَالَ: فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْا نَارِي؟ قَالُوا: وَيَسْتَغْفِرُونَكَ، قَالَ: فَيَقُولُ: قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ فَأَعْطَيْتُهُمْ مَا سَأَلُوا، وَأَجَرْتُهُمْ مِمَّا اسْتَجَارُوا، قَالَ: فَيَقُولُونَ: رَبِّ فِيهِمْ فُلَانٌ عَبْدٌ خَطَّاءٌ، إِنَّمَا مَرَّ فَجَلَسَ مَعَهُمْ، قَالَ: فَيَقُولُ: وَلَهُ غَفَرْتُ هُمُ الْقَوْمُ لَا يَشْقَى بِهِمْ جَلِيسُهُمْ” (مسلم).

– تبديلُ سيئاتِ أهلِهَا إلى حسناتٍ: تكرمًا منهُ سبحانَهُ عليهِم، وثوابًا منهُ لهُم على حضورِهِم لهذهِ المجالسِ الزاكياتِ، فعَنْ أَنَسٍ عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ قَالَ: ” مَا مِنْ قَوْمٍ اجْتَمَعُوا يَذْكُرُونَ اللهَ، لَا يُرِيدُونَ بِذَلِكَ إِلَّا وَجْهَهُ، إِلَّا نَادَاهُمْ مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ: أَنْ قُومُوا مَغْفُورًا لَكُمْ، قَدْ بُدِّلَتْ سَيِّئَاتُكُمْ حَسَنَاتٍ” (أحمد) .

– إيواءُ اللهِ لأصحابِهَا، ويقربُهُم إليهِ، ويحفظُ أصحابَهَا مِن كلِّ سوءٍ وخذلانٍ: فعن أَبِي وَاقِدٍ «أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ بَيْنَمَا هُوَ جَالِسٌ فِي الْمَسْجِدِ وَالنَّاسُ مَعَهُ، إِذْ أَقْبَلَ نَفَرٌ ثَلَاثَةٌ، فَأَقْبَلَ اثْنَانِ إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ، وَذَهَبَ وَاحِدٌ، قَالَ فَوَقَفَا عَليه ﷺ، فَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَرَأَى فُرْجَةً فِي الْحَلْقَةِ فَجَلَسَ فِيهَا وَأَمَّا الْآخَرُ فَجَلَسَ خَلْفَهُمْ، وَأَمَّا الثَّالِثُ فَأَدْبَرَ ذَاهِبًا فَلَمَّا فَرَغَ ﷺ قَالَ:أَلَا أُخْبِرُكُمْ عَنِ النَّفَرِ الثَّلَاثَةِ؟ أَمَّا أَحَدُهُمْ فَأَوَى إِلَى اللهِ، فَآوَاهُ اللهُ، وَأَمَّا الْآخَرُ فَاسْتَحْيَا، فَاسْتَحْيَا اللهُ مِنْهُ، وَأَمَّا الْآخَرُ فَأَعْرَضَ، فَأَعْرَضَ اللهُ عَنْهُ» (البخاري).

– يُبعَثُ أهلُهُا وفي وجوهِهِم النورُ: عن أبي الدرداء قال: «قال رسولُ اللهِ ﷺ: «ليبعثنَّ اللهُ أقوامًا يومَ القيامةِ في وجوهِهِمُ النورُ على منابرِ اللؤلؤِ، يغبطُهم الناسُ، ليسوا بأنبياءَ ولا شهداءَ، قال: فجثَا أعرابيٌّ على ركبتيهِ فقال: يا رسولَ اللهِ، جَلِّهِم لنَا نعرِفْهُم، قال: هم المتحابونَ في اللهِ، مِن قبائلَ شتَّى، وبلادٍ شتَّى، يجتمعونَ على ذكرِ اللهِ يذكرونَهُ» (الطبراني، وإسناده حسن).

وَهَذَا الْوَصْفُ يُوجَدُ كَثِيرًا فِي حِلَقِ الْعِلْمِ وَحِلَقِ الْقُرْآنِ؛ إِذْ جَمَعَهُمْ تَعَلُّمُ الْعِلْمِ وَالْقُرْآنِ وَلَوْ تَنَاءَتْ بُلْدَانُهُمْ، وَتَبَايَنَتْ أَجْنَاسُهُمْ، وَمَا هُمْ فِيهِ يُقَرِّبُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ، وَيَتَبَادَلُونَ الْحُبَّ فِي اللَّهِ؛ إِذْ لَمْ يَجْتَمِعُوا عَلَى مَصَالِحَ دُنْيَوِيَّةٍ ﴿فَإِنْ أُعْطُوا مِنْها رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْها إِذا هُمْ يَسْخَطُونَ﴾ .

العنصر الثالث من خطبة الجمعة القادمة 1 مارس : 

(3) كيفَ نستقبلُ شهرَ رمضانَ المعظمِ:

ها هو قد أقبلَ شهرُ البركاتِ والخيراتِ، شهرُ الصيامِ والقيامِ، والرحمةِ والإنعامِ والعتقِ مِن النيرانِ، شهرُ الجودِ والكرمِ والإحسانِ، والتقربِ إلى الرحمنِ للفوزِ بأعلَى الجنانِ، وقد أرشدَنَا دينُنَا أنْ نستقبلَهُ أيَّمَا استقبالٍ:

أولًا: الفرحُ والبشرُ والسرورُ: ينقسمُ الخلقُ حيالَ استقبالِ شهرِ رمضانَ إلى أصنافٍ شتَّى كما قالَ ربُّنَا ﴿إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى﴾، فمنهُم مَن يفرحُ بقدومِهِ ويستبشرُ برؤيةِ هلالِهِ، يُقبلونَ عليهِ إقبالَ الظمآنِ على الماءِ الباردِ، قد أعدُّوا لهُ العدةَ، وهيَّؤُوا أنفسَهُم لهُ؛ إذ يعلمونَ أنّ أيامَهُ معدودةٌ، وأنّه سوقٌ عمّا قريبٍ سينفضُّ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ﴾، ولِمَا لا يفرحونَ وهو شهرٌ تُفتَّحُ فيه الجنانُ وتُغلقُ فيهِ أبوابُ النيرانِ، ﴿قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ﴾، ومنهم مَن يغتمُّ بقدومِه، ويستثقلُ صيامَهُ؛ إذ يحرمهُ لذتَهُ، ويكبحُ جماحَ شهوتِه، ولو علمَ ما فيهِ مِن الخيرِ والنفحاتِ وجزاءِ البرِّ والطاعاتِ لسارعَ إلى رضَا ربِّ الأرضِ والسمواتِ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ، الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعمِائَة ضِعْفٍ، قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِلَّا الصَّوْمَ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ: فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ، وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ» (مسلم) .

 لقد أرشدَنَا سيدُنَا ﷺ أنْ نستقبلَ رمضانَ بالفرحِ والبشرِ، فعن طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ إِذَا رَأَى الْهِلالَ قَالَ:«اللَّهُمَّ أَهِلَّهُ عَلَيْنَا بِالْيُمْنِ وَالْإِيمَانِ، وَالسَّلامَةِ وَالْإِسْلامِ، رَبِّي وَرَبُّكَ اللَّهُ» (أحمد وإسناده حسن) .

ثانيًا: التوبةُ الصادقةُ والإقلاعُ عن الذنوبِ: رمضانُ فرصةٌ عظيمةٌ لتطهيرِ النفسِ مِن أمراضِ القلوبِ وفتحِ صفحةٍ جديدةٍ مشرقةٍ مع اللهِ سبحانَهُ وتعالى بالتوبةِ الصادقةِ والإقلاعِ عن الذنوبِ صغيرِهَا وكبيرِهَا وجليلِهَا وحقيرِهَا، ﴿وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾، والإقلاعُ عن بعضِ أمراضِ الأبدانِ كالتدخينِ والعاداتِ السيئةِ في الأكلِ والشرابِ حتى يخرجَ الإنسانُ نظيفَ الظاهرِ والباطنِ معًا، سليمَ النفسِ معافَى البدنِ، كما أنّهُ فرصةٌ مع الأهلِ والأحبابِ والأقاربِ والجيرانِ الذين نهجرُهُم طوالَ العامِ، ونقطعُ أواصرَ صلتِهِم أنْ نزورَهُم ونودَّهُم، وننسَى ما جرَى بينَنَا وبينهُم .

وفرصةٌ أيضًا أنْ نصلحَ أنفسَنَا مع المجتمعِ الذي نعيشُ فيهِ بأنْ نكونَ نافعينَ جادينَ في إيصالِ الخيرِ للناسِ أجمعين، فعَنِ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ، وَأَيُّ الْأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ، وَأَحَبُّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ سُرُورٌ تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ، أَوْ تَكْشِفُ عَنْهُ كُرْبَةً، أَوْ تَقْضِي عَنْهُ دَيْنًا، أَوْ تَطْرُدُ عَنْهُ جُوعًا، وَلَأَنْ أَمْشِيَ مَعَ أَخٍ لِي فِي حَاجَةٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتَكِفَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ شَهْرًا فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ، وَمَنْ كَفَّ غَضَبَهُ سَتَرَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ كَظَمَ غَضَبَهُ وَلَوْ شَاءَ أَنْ يُمْضِيَهُ أَمْضَاهُ، مَلَأَ اللَّهُ قَلْبَهُ رَخَاءً يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ مَشَى مَعَ أَخِيهِ فِي حَاجَةٍ حَتَّى تَتَهَيَّأَ لَهُ ثَبَّتَ اللَّهُ قَدَمَهُ يَوْمَ تَزُولُ الْأَقْدَامُ» (الطبراني) .

ثالثًا: عقدُ العزمِ الصادقِ على اغتنامِهِ، وعمارةِ أوقاتِهِ بالأعمالِ الصالحةِ: الواقعُ يشيرُ إلى أنَّ هناكَ مَن يظنُّ أنَّ رمضانَ شهرٌ تُعطَّلُ فيه الأعمالُ، وتتوقفُ فيهِ عجلةُ الحياةِ؛ فالبعضُ يؤخرُ أعمالَهُ وإنْ أداهَا لا يؤديهَا على الوجهِ الأكملِ، وهذا ينامُ النهارَ كلَّهُ، ويسهرُ الليلَ بطولِه، وذاكَ يتأخرُ عن العملِ، وآخرُ يتهربُ مِن وظيفتِه فيعطلَ مصالحَ العبادِ، فإذا حدثتَهُم قالُوا: نحنُ في رمضانَ!

لقد كان الأوائلُ مِن الصالحينَ يجعلونَ رمضانَ شهرَ الجدِّ والاجتهادِ والنهوضِ لا الخمولِ و الكسلِ، ولا أدلَّ على ذلك مِن أنَّ أعظمَ الفتوحاتِ كانت في رمضانَ، فقد كانوا عُبّادًا قائمينَ الليلَ فرسانًا يجبونَ الأرضَ نهارًا، فهم حرصُوا كلَّ الحرصِ على تحقيقِ الغايةِ التي مِن أجلِهَا فرضَ اللهُ الصيامَ، ألَا وهي تحقيقُ التقوَى بكلِّ ما تحملُهُ مِن معانٍ ومقاصدَ دنيويةٍ وأخرويةٍ حسبمَا قالَ ربُّنَا ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾

يجبُ على المسلمِ أنْ يحددَ أهدافَهُ منذُ بدايةِ شهرِ رمضانَ قبلَ أنْ يفوتَهُ هذا الخيرَ العظيمَ فهو أشبَهُ ما يكونُ بالسوقِ القائمةِ إذا لم يحددْ الشخصُ ما سيشتريهِ فإنّ السوقَ رُبَّما تنفضُّ وهو ما زالَ يتجولُ على الباعةِ ولم يشترِ شئيًا، وشهرُ رمضانَ أحقُّ ما تشمرُ السواعدُ لاغتنامِه، وتتعبُ فيهِ الأبدانُ لتحصيلِ الطاعةِ فيهِ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ:«إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ، وَمَرَدَةُ الجِنِّ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ، فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ، وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الجَنَّةِ، فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ، وَيُنَادِي مُنَادٍ: يَا بَاغِيَ الخَيْرِ أَقْبِلْ، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ، وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ، وَذَلكَ كُلُّ لَيْلَةٍ» (ابن حبان) .

رابعًا: نعِي ونفقَهُ مقاصدَ الصيامِ وما يتعلقُ بهِ مِن سننٍ وآدابٍ: إذا كان الإنسانُ قبلَ شراءِ سلعةٍ يطلعُ على محاسنِهَا، ويعرفُ كيفَ يتعاملُ معهَا، ويتفحصُ مفاتيحَ تشغيلِهَا، فكيف بما يتعلقُ بطاعةِ ربِّنَا عزّ وجلّ، فالمسلمُ كي يؤدِّي العبادةَ على الوجهِ المسنونِ ينبغِي عليهِ أنْ يتعرَّفَ على ما يتعلقُ بهَا مِن سننٍ ومستحباتٍ وآدابٍ، وفي فريضةِ الصيامِ يجبُ على المسلمِ أنْ يقفَ على ما يستوجبُ الفطرَ وما يمنعُهُ، ويقفَ على أركانِهِ وآدابِهِ، ويُستَحَبُّ فيهِ تعجيلُ الفطرِ، فعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ النَّبِيَّﷺ قَالَ: «لَا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الْإِفْطَارَ» (ابن ماجه)، وتناولُ وجبةِ السحورِ ولو على جرعةِ ماءٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تَسَحَّرُوا، فَإِنَّ فِي السُّحُورِ بَرَكَةً» (متفق عليه)، يقولُ ابنُ حجرٍ مبينًا فوائدَ السحورِ: «وَقِيلَ الْبَرَكَةُ مَا يُتَضَمَّنُ مِنَ الِاسْتِيقَاظِ وَالدُّعَاءِ فِي السَّحَرِ وَالْأَوْلَى أَنَّ الْبَرَكَةَ فِي السُّحُورِ تَحْصُلُ بِجِهَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ وَهِيَ اتِّبَاعُ السُّنَّةِ، وَالتَّقَوِّي بِهِ عَلَى الْعِبَادَةِ، وَالزِّيَادَةُ فِي النَّشَاطِ، وَمُدَافَعَةُ سُوءِ الْخُلُقِ الَّذِي يُثِيرُهُ الْجُوعُ، وَالتَّسَبُّبُ بِالصَّدَقَةِ عَلَى مَنْ يَسْأَلُ إِذْ ذَاكَ أَوْ يَجْتَمِعُ مَعَهُ عَلَى الْأَكْلِ وَالتَّسَبُّبُ لِلذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ وَقْتَ مَظِنَّةِ الْإِجَابَةِ، وَتَدَارُكُ نِيَّةِ الصَّوْمِ لِمَنْ أَغْفَلَهَا قَبْلَ أَنْ يَنَامَ أ.ه» (فتح الباري) .

لقد جعلَ اللهُ رمضانَ شهرَ تحصيلِ الطاعاتِ، وأداءِ النوافلِ، والإكثارِ مِن الصدقاتِ، وليحذرْ المسلمُ مِن الإسرافِ في الطعامِ والشرابِ حيثُ يؤثرُ على مقصدِ الصيامِ الذي هو فيهِ معنَى احترامِ النعمةِ التي ملَّككَ اللهُ إيّاهَا، وحُرِمَ منها الآخرون حيثُ ينتشرُ في رمضانَ – خاصةً على مواقعِ التواصلِ الاجتماعِي – ظاهرةُ تكبيرِ الموائدِ وتزيينِهَا مِن أجلِ التقاطِ الصورةِ، وباتَ ارتباطُ شهرِ المغفرةِ بالأكلِ والشربِ ارتباطًا وثيقًا، وهذا سلوكٌ غيرُ حضارِي وتصورٍ مغلوطٍ يعكسُ سوءَ الفهمِ لمقاصدِ الشريعةِ في جانبِ العباداتِ، وطبيعةِ غايةِ خلقِ الإنسانِ في هذا الوجودِ، ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾، فالإسرافُ يفقدُ لذةَ الطاعةِ، والأُنسِ باللهِ عَزَّ وجلَّ، فيؤدِّي صلاةَ التراويحِ مثلًا على هيئةِ حركاتٍ دونَ أنْ ينعكسَ ذلك على أخلاقِه ومعاملاتِه اليوميةِ، وصدقَ لُقْمَانُ الحَكِيْمُ حينمَا قالَ لِابْنِهِ: «إِذَا امْتَلَأَتِ الْمَعِدَة نَامَتِ الْفِكْرَة، وَخَرِسَتِ الْحِكْمَة، وَقَعَدَتِ الْأَعْضَاء عَنِ الْعِبَادَةِ» .

نسألُ اللهَ أنْ يجعلَ بلدَنَا مِصْرَ سخاءً رخاءً، أمنًا أمانًا، سلمًا سلامًا وسائرَ بلادِ العالمين، وأنْ يوفقَ ولاةَ أُمورِنَا لِمَا فيهِ نفعُ البلادِ والعبادِ.

 كتبه: الفقير إلى عفو ربه الحنان المنان

د / محروس رمضان حفظي عبد العال

  مدرس التفسير وعلوم القرآن – كلية أصول الدين والدعوة – أسيوط

_____________________________________

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

وللإطلاع علي قسم خطبة الجمعة

 

تابعنا علي الفيس بوك

 

الخطبة المسموعة علي اليوتيوب

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات

 

وللإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

وللمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

عن كتب: د.أحمد رمضان

الدكتور أحمد رمضان حاصل علي الماجستير من جامعة الأزهر بتقدير ممتاز سنة 2005م ، وحاصل علي الدكتوراه بتقدير مع مرتبة الشرف الأولي من جامعة الأزهر الشريف سنة 2017م. مؤسس جريدة صوت الدعاة ورئيس التحرير وكاتب الأخبار والمقالات المهمة بالجريدة، ويعمل بالجريدة منذ 2013 إلي اليوم. حاصل علي دورة التميز الصحفي، وقام بتدريب عدد من الصحفيين بالجريدة. للتواصل مع رئيس التحرير على الإيميل التالي: [email protected] رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) للمزيد عن الدكتور أحمد رمضان رئيس التحرير أضغط في القائمة علي رئيس التحرير

شاهد أيضاً

خطبة الجمعة القادمة 3 مايو 2024 م بعنوان : أمانة العامل والصانع وجزاؤها ، للدكتور محروس حفظي ، بتاريخ 24 شوال 1445هـ ، الموافق 3 مايو 2024م

خطبة الجمعة القادمة 3 مايو : أمانة العامل والصانع وجزاؤها ، للدكتور محروس حفظي

خطبة الجمعة القادمة خطبة الجمعة القادمة 3 مايو 2024 م بعنوان : أمانة العامل والصانع …

خطبة الجمعة القادمة 3 مايو 2024م من الأرشيف : أمانة العامل والصانع وجزاؤها ، بتاريخ 24 شوال 1445هـ – الموافق 3 مايو 2024م

خطبة الجمعة القادمة 3 مايو 2024م من الأرشيف : أمانة العامل والصانع وجزاؤها

خطبة الجمعة القادمة خطبة الجمعة القادمة 3 مايو 2024م من الأرشيف : أمانة العامل والصانع …

خطبة الجمعة القادمة : أمانة العامل والصانع وجزاؤها ، بتاريخ 24 شوال 1445هـ ، الموافق 3 مايو 2024م

أمانة العامل والصانع وجزاؤها ، خطبة الجمعة القادمة

خطبة الجمعة القادمة : أمانة العامل والصانع وجزاؤها ، بتاريخ 24 شوال 1445هـ ، الموافق 3 …

خطبة الجمعة اليوم 26 أبريل 2024م لوزارة الأوقاف - د. خالد بدير - الدكتور محمد حرز ، الدكتور محروس حفظي ، الشيخ خالد القط ، الدكتور عمر مصطفي ، word- pdf : تطبيقات حُسن الخلق ، بتاريخ 17 شوال 1445هـ ، الموافق 26 أبريل 2024م

خطبة الجمعة اليوم 26 أبريل 2024م : تطبيقات حُسن الخلق

خطبة الجمعة اليوم خطبة الجمعة اليوم 26 أبريل 2024م لوزارة الأوقاف – د. خالد بدير …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

Translate »