web analytics
أخبار عاجلة
خطبة الجمعة القادمة 10 مايو 2024م بعنوان : التنمر والسخرية وأثرهما المدمر علي الفرد والمجتمع ، للدكتور عمر مصطفي، بتاريخ 2 ذو القعدة 1445هـ ، الموافق 10 مايو 2024م
خطبة الجمعة القادمة 10 مايو 2024م بعنوان : التنمر والسخرية وأثرهما المدمر علي الفرد والمجتمع ، للدكتور عمر مصطفي

خطبة الجمعة القادمة 10 مايو 2024م بعنوان : التنمر والسخرية وأثرهما المدمر علي الفرد والمجتمع ، للدكتور عمر مصطفي

خطبة الجمعة القادمة 10 مايو 2024م بعنوان : التنمر والسخرية وأثرهما المدمر علي الفرد والمجتمع ، للدكتور عمر مصطفي، بتاريخ 2 ذو القعدة 1445هـ ، الموافق 10 مايو 2024م

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 10 مايو 2024م بصيغة word بعنوان : التنمر والسخرية وأثرهما المدمر علي الفرد والمجتمع ، للدكتورعمر مصطفي

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 10 مايو 2024م بصيغة pdf بعنوان : التنمر والسخرية وأثرهما المدمر علي الفرد والمجتمع ، للدكتورعمر مصطفي

 

عناصر خطبة الجمعة القادمة 10 مايو 2024م ، بعنوان : التنمر والسخرية وأثرهما المدمر علي الفرد والمجتمع ، للدكتور عمر مصطفي.

 

أولًا:{وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ}.

ثانيًا: أولُ جريمةٍ عرفتْهَا البشريةُ.

ثالثًا: مِن محـاسـنِ الإســلامِ.

 

ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 10 مايو 2024م ، بعنوان : التنمر والسخرية وأثرهما المدمر علي الفرد والمجتمع ، للدكتور عمر مصطفي ، كما يلي:

 

التنمُّرُ والسخرية أثرُهُما المدمرُ على الفردِ والمجتمعِ

2 ذو القعدة 1445 هـ – 10 مايو 2024م

الموضوع

الحمدُ للهِ أرشدَ الخلقَ إلي أكملِ الآدابِ، وفتحَ لهُم مِن خزائنِ رحمتِهِ وجودِهِ كلَّ بابٍ، أنارَ بصائرَ المؤمنينَ فأدركُوا الحقائقَ ونالُوا الثوابَ وأعمَي بصائرَ المعرضينَ عن طاعتِهِ فصارَ بينهُم وبينَ نورِهِ حجابٌ، هدَي أولئِكَ بفضلِهِ وأضلَّ أولئِكَ بحكمتِهِ وعدلِهِ، إنَّ في ذلِكَ لذكرَي لأولِي الألباب، وأشهدُ أنْ لا إلَهَ إلّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ الملكُ العزيزُ الوهابُ، وأشهدُ أنَّ سيدَنَا مُحمدًا عبدُهُ ورسولُهُ المبعوثُ بأجلِّ العباداتِ وأكملِ الآدابِ صلَّي اللهُ عليهِ وعلي جميعِ الآلِ والأصحابِ وعلي التابعينَ لهُم بإحسانٍ إلي يومِ المآبِ وسلِّمْ تسليمًا . أمَّا بعدُ:

العنصر الأول من خطبة الجمعة القادمة 10 مايو 2024م بعنوان : التنمر والسخرية وأثرهما المدمر علي الفرد والمجتمع 

أولًا:{وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ}.

*عبادَ الله: لقد خلقَ اللهُ الإنسانَ وكرّمَهُ غايةَ التكريمِ، قالَ تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً} [الإسراء:70]، ونفخَ فيهِ مِن روحِهِ، وأسجدَ لهُ ملائكتَهُ، وبعثَ  النبيينَ والمرسلينَ ليدلُّوهُ على الحقِّ، وأنزلَ مع الأنبياءِ والمرسلينَ الكتبَ، ووضعَ اللهُ لهُ شريعةً محكمةً تضمنُ لهُ السعادةَ في الدنيا والآخرةِ، تلكَ الشريعةُ التي تضمنُ حقوقَ الإنسانِ، وفي مقدمةِ هذه الحقوقِ حقُّ الحياةِ دونَ أنْ يعتدِيَ عليهِ أحدٌ أو يتعرضَ لهُ بأيِّ نوعٍ مِن الإيذاءِ، ولا يجوزُ لأيِّ إنسانٍ أنْ يسلبَهُ هذا الحقَّ أو يستبيحَ حِمَاهُ.

* عبادَ الله: إنَّ الشرائعَ السماويةَ أجمعتْ علي ما فيهِ خيرُ البشريةِ، وما يؤدِّي إلي سلامةِ النفسِ والمالِ والعقلِ والعرضِ، وقيمِ العدلِ والمساواةِ والصدقِ والأمانةِ والحلمِ والصفحِ وحفظِ العهودِ وأداءِ الأماناتِ وصلةِ الأرحامِ وحسنِ الجوارِ وبرِّ الوالدينِ وحُرمةِ مالِ اليتيمِ وهي مبادىءٌ  إنسانيةٌ عامةٌ لم تختلفْ عليهَا الشرائعُ السماويةْ ولم تُنسخْ في أيِّ شريعةٍ منهَا، قالَ تعالَي: {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (151) وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (152) وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }(153)(الأنعام)، فقد ذكرَ سيدُنَا عبدُاللهِ بنُ عباسٍ أنَّ هذه الآياتِ آياتٌ محكماتٌ لم تُنسخْ في أيِّ ملةٍ مِن المللِ أو شريعةٍ مِن الشرائعِ .(الكليات الست).

عبادَ الله: إنَّ اللهَ تعالي أثنَي علي بعضِ عبادِهِ ونسبَهُم إلي نفسِهِ فسماهُم عبادَ الرحمنِ؛ لاتصافِهِم بعدةِ صفاتٍ منهَا وعلي رأسِهَا: احترامُ الإنسانِ وعدمُ التعرضِ لهُ ولا لعرضِهِ بسوءٍ، قالَ اللهُ تعالي :{وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا} (الفرقان68)، إنَّهُم لا يدعونَ مع اللهِ إلهًا آخرَ، بل لا يدعونَ إلّا اللهَ وحدَهُ، ولا يعبدونَ إلّا اللهَ وحدَهُ، ولا يستعينونَ إلَّا باللهِ وحدَهُ، شعارُهُم: { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ }(5)(الفاتحة)، بهذا حافظُوا علي الهدفِ الأولِ مِن إرسالِ الرسلِ إلي الخلقِ، وهو إصلاحُ العقيدةِ، ولكنَّ الرسلَ لم يأتُوا لهذا فقط ولم تنزلْ الشرائعُ السماويةُ لحفظِ العقيدةِ فقط، ولكنْ جاءَتْ لحفظِ الدماءِ والأنفسِ والأعراضِ وصيانتِهَا وعدمِ التعرضِ لهَا، أيضًا فعلينَا أنْ نقتدِيَ بهذه الفئةِ المباركةِ لننالَ هذا الشرفَ العظيمَ.

العنصر الثاني من خطبة الجمعة القادمة 10 مايو 2024م بعنوان : التنمر والسخرية وأثرهما المدمر علي الفرد والمجتمع 

ثانيًا: أولُ جريمةٍ عرفتْهَا البشريةُ.

عبادَ الله: إنَّ أولَ جريمةٍ عرفتْهَا البشريةُ هي الاعتداءُ علي الإنسانِ، وهي جريمةٌ قديمةٌ منذُ بدايةِ البشريةِ، فمِن قديمِ الزمانِ سولتْ النفسُ الأمارةُ بالسوءِ للناسِ أنْ يقتلَ بعضُهُم بعضًا، مِن أجلِ دنيا تافهةٍ، أو مِن أجلِ غضبٍ طارىءٍ وفهمٍ خاطىءٍ، أو مِن أجلِ حسدٍ وكراهيةٍ، منذُ كانَ الناسُ أسرةً واحدةً حدثتْ هذه الجريمةُ، قتلَ قابيلُ أخاهُ هابيلَ كمَا ذكرَ اللهُ في كتابِهِ الكريمِ، قالَ اللهُ تعالي :{ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (27) لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (28) إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ (29) فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ (30) فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ قَالَ يَاوَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ }(31)(المائدة).

هذا مِن قديمِ الزمانِ، فظلمُ الإنسانِ لأخيهِ الإنسانِ قديمٌ، وأيُّ ظلمٍ أكبرُ مِن الاعتداءِ علي حقِّ الحياةِ.

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لاَ تُقْتَلُ نَفْسٌ ظُلْمًا، إِلَّا كَانَ عَلَى ابْنِ آدَمَ الأَوَّلِ كِفْلٌ مِنْ دَمِهَا، لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ سَنَّ القَتْلَ»(صحيح البخاري). أي جعلَهُ طريقةً متبعةً وسيرةً سيئةً ولم يقتلْ قبلهُ أحدٌ أحدًا كما أنَّ مَن سنَّ سنةً حسنةً فلَهُ أجرُهُا وأجرُ مَن يعملُ بهَا إلى يومِ القيامةِ، ومَن سنَّ سنةً سيئةً فعليهِ وزرُهَا ووزرُ مَن عملَ بهَا إلى يومِ القيامةِ.(فيض القدير).

عبادَ الله: إنَّ الإسلامَ وجميعَ الشرائعِ السماويةِ والمواثيقِ الدوليةِ، أعطُوا لكلِّ إنسانٍ حقَّ الحياةِ  بدونِ إيذاءٍ أو اعتداءٍ حسيٍّ أو معنويٍّ، باليدِ أو باللسانِ، أو بالإشارةِ، وهو حقٌّ مقدسٌ ولهُ أنْ يتمتعَ بهذا الحقِّ، ولا يحلُّ لأحدٍ انتهاكُ هذا الحقِّ  ولا أنْ يستبيحَ حماهُ.

إنَّ السلوكَ العدوانِيَّ لبعضِ الناسِ الذينَ أعطاهُم اللهُ قوةً ماديةً في جسدٍ أو عددًا فصارُوا كثرةً، أو قوةً معنويةً في جاهٍ أو سلطانٍ، مستقبحٌ في الفطرِ السليمةٍ، وفي جميعِ الشرائعِ، وتوعدَ اللهُ على فعلِهِ، وإذا كان العدوانُ مستقبحًا كلُّهُ، فإنَّهُ أشدُّ ما يكونُ قبيحًا وقتَ أنْ يكونَ على الضعيفِ في جسمِهِ، أو الفقيرِ في مالِهِ، أو الصغيرِ في سنِّهِ، أو المبتلَى في  عقلِهِ، ولبشاعةِ العدوانِ حينئذٍ، ولخروجِ المعتدِي حينئذٍ مِن إنسانيتِهِ إلى سلوكِ الحيواناتِ الضاريةِ، أسماهُ الناسُ باسمٍ خاصٍّ به، فأطلقُوا عليهِ (التنمُّرَ)، والتنمُّرُ صورةٌ مِن صورِ البلطجةِ، وخاصةً في وسائلِ التواصلِ الاجتماعِي، فعلينَا جميعًا أنْ نبتعدَ عن هذا السلوكِ المشينِ، ونربِّيَ أبنائَنَا علي احترمِ حقوقِ الآخرين، وعدمِ الاستقواءِ والتعدِّي عليهِم.

العنصر الثالث من خطبة الجمعة القادمة 10 مايو 2024م بعنوان : التنمر والسخرية وأثرهما المدمر علي الفرد والمجتمع 

ثالثًا: مِن محاسنِ الإسلامِ.

*عبادَ  الله: إنَّ الإسلامَ نهَي عن التعدِّي علي الإنسانِ وإيذائِهِ بأيِّ صورةٍ مِن صورِ الإيذاءِ، بل إنَّ الإسلامَ ذهبَ أبعدَ مِن هذا بكثيرٍ فنهَي عن التعدِّي علي الحيوانِ فلا تقتلهُ بلا غرضٍ صحيحٍ، وكذلك لا تذبحهُ إلّا لتأكلَهُ، أمَّا أنْ تتخذَهُ غرضًا أو تحبسَهٌ بلا طعامٍ ولا شرابٍ فهذا تعدِّي نهَي الإسلامُ عنهُ.

 عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ، فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ، فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، وَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ»(سنن ابن ماجة).

 ويقولُ اللهُ تعالي في كتابِهِ عن قصةِ سليمانَ عليهِ السلامُ مع النملةِ: {حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ} (النمل:18).

فإنَّ سليمانَ لو شعرَ بالنملةِ وبأمةِ النملِ ما داسَهَا، لذلك قالتْ النملةُ: {وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ} (النمل:18)، فكمْ مِن رجلٍ آتاهُ اللهُ قوةً فاستغلَّ قوتَهُ في البطشِ والتعدِّي على مَن لا ينبغِي لهُ أنْ يتعدَّى عليهم، إنَّ النملةَ لهَا حقُّ الحياةٍ، فلا ينبغِي أنْ يُصادرَ حقُّهَا في الحياةِ أبدًا.

وعن عَبْدِ اللَّه بن مسعود رضي اللهُ عنه ِ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي سَفَرٍ، فَانْطَلَقَ لِحَاجَتِهِ فَرَأَيْنَا حُمَرَةً مَعَهَا فَرْخَانِ فَأَخَذْنَا فَرْخَيْهَا، فَجَاءَتِ الْحُمَرَةُ فَجَعَلَتْ تَعْرِشُ، فَجَاءَ النَّبِيُّ ﷺ فَقَالَ: «مَنْ فَجَعَ هَذِهِ بِوَلَدِهَا؟ رُدُّوا وَلَدَهَا إِلَيْهَا». وَرَأَى قَرْيَةَ نَمْلٍ قَدْ حَرَّقْنَاهَا فَقَالَ: «مَنْ حَرَّقَ هَذِهِ؟» قُلْنَا: نَحْنُ. قَالَ: «إِنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُعَذِّبَ بِالنَّارِ إِلَّا رَبُّ النَّارِ»(سنن أبي داود).

مضَى النبيُّ ﷺ لحاجتِهِ، فوجدَ الصحابةُ حمرةً، وهي نوعٌ مِن الطيورِ، معهَا ولداهَا، فأخذُوا ولديهَا، فجعلتْ تعرشُ، يعنِي تحومُ حولَهُم، كما هي العادةُ أنَّ الطائرَ إذَا أُخِذَ أولادُهُ جعلَ يعرضُ ويحومُ ويصيحُ لفقدِ أولادِهِ؛ لأنَّ اللهَ سبحانَهُ وتعالى جعلَ في قلوبِ البهائمِ رحمةً لأولادِهَا، حتى أنَّ البهيمةَ لترفعُ حافرَهَا عن ولدِهَا خشيةَ أنْ تُصيبَهُ، وهذا مِن حكمةِ اللهِ عزَّ وجلَّ، فأمرَ النبيُّ ﷺ أنْ يُطلقَ ولديهَا لهَا، فأطلقُوا ولديهَا، ثمَّ مَرَّ بقريةِ نملٍ (أي: مجتمعُ النملِ في جحورِهَا) قد أُحرقتْ فقالَ: مَن أحرقَ هذا؟ قالُوا: نحنُ يا رسولَ اللهِ.

أحرقوهَا بالنارِ، فقالَ النبيُّ ﷺ: إنَّهُ لا ينبغِي أنْ يعذبَ بالنارِ إلَّا ربُّ النارِ فنهَى عن ذلك.(شرح رياض الصالحين ).

وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: لاَ تَتَّخِذُوا شَيْئًا فِيهِ الرُّوحُ غَرَضًا.(صحيح مسلم).

ورأَي ابنُ عمرَ مَن يخالفُ أمرَ رسولِ اللهِ ﷺ فنهاهُمْ وأخبرَهُم أنَّ فاعلَ هذا ملعونٌ مِن رسولِ اللهِ ﷺ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: مَرَّ ابْنُ عُمَرَ بِفِتْيَانٍ مِنْ قُرَيْشٍ قَدْ نَصَبُوا طَيْرًا، وَهُمْ يَرْمُونَهُ، وَقَدْ جَعَلُوا لِصَاحِبِ الطَّيْرِ كُلَّ خَاطِئَةٍ مِنْ نَبْلِهِمْ، فَلَمَّا رَأَوْا ابْنَ عُمَرَ تَفَرَّقُوا، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: «مَنْ فَعَلَ هَذَا لَعَنِ اللهُ، مَنْ فَعَلَ هَذَا؟ إِنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ لَعَنَ مَنِ اتَّخَذَ شَيْئًا فِيهِ الرُّوحُ غَرَضًا»(صحيح مسلم).

تابع / خطبة الجمعة القادمة 10 مايو 2024م بعنوان : التنمر والسخرية وأثرهما المدمر علي الفرد والمجتمع 

وعن هِشَامِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: دَخَلْتُ مَعَ جَدِّي أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ دَارَ الْحَكَمِ بْنِ أَيُّوبَ، فَإِذَا قَوْمٌ قَدْ نَصَبُوا دَجَاجَةً يَرْمُونَهَا، قَالَ: فَقَالَ أَنَسٌ: «نَهَى رَسُولُ اللهِﷺ أَنْ تُصْبَرَ الْبَهَائِمُ»(صحيح مسلم).

(الصبرُ) قالَ العلماءُ: صبرُ البهائِمِ أنْ تحبسَ وهي حيةٌ لتقتلَ بالرميِ ونحوِهِ.

وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو يَرْفَعُهُ قَالَ: «مَنْ قَتَلَ عُصْفُورًا فَمَا فَوْقَهَا بِغَيْرِ حَقِّهَا، سَأَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ»، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَمَا حَقُّهَا؟ قَالَ: «حَقُّهَا أَنْ تَذْبَحَهَا فَتَأْكُلَهَا، وَلَا تَقْطَعْ رَأْسَهَا فَيُرْمَى بِهَا»(سنن النسائي).

*عبادَ الله: إذا كان هذا هو حقُّ الحياةِ بدونِ تعدِّي وإيذاءٍ فقد تكفلَ اللهُ بهِ للحيوانِ، فما بالُنَا بالإنسانِ الذي كرّمَهُ اللهُ تعالي، لقد نهَي المولَي سبحانَه وتعالَي في كتابِهِ عن كلِّ صورِ التنمُّرِ ومنها السخريةُ، والهمزُ واللمزُ، والتنابزُ بالألقابِ، قالَ تعالَي: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (11) }(الحجرات ).

 ولقد سدَّ النبيُّ ﷺ كلَّ الطرقِ والأبوابِ التي تؤدِّي إلي التعرضِ للإنسانِ وإيذائِهِ، قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ: ” أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِالْمُؤْمِنِ؟ مَنْ أَمِنَهُ النَّاسُ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ، وَالْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ النَّاسُ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ، وَالْمُجَاهِدُ مَنْ جَاهَدَ نَفْسَهُ فِي طَاعَةِ اللهِ، وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ الْخَطَايَا وَالذَّنُوبَ “(مسند أحمد).

 نسألُ اللهَ تعالَي أنْ يحسِّنَ أخلاقَنَا، ويصفِّي نفوسَنَا، ويطهرَ قلوبَنَا، ربَّنَا آتنَا في الدنيا حسنةً وفي الآخرةِ حسنةً وقنَا عذَابَ النار، ربَّنَا اغفرْ لنَا ولوالِدِينَا ولِجميعِ المسلمينَ، اللهُمَّ اجعلْ مصرَ أمنًا أمانًا سلمًا سلامًا سخاءً رخاءً وسائرَ بلادِ المسلمين، اللهُمَّ احفظهَا مِن كلِّ مكروهٍ وسوءٍ، وصلَّى اللهُ وسلَّمَ على نبيِّنَا مُحمدٍ وعلى آلِهِ وصحبِهِ أجمعين.

وآخرُ دعوانَا  أنْ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين

كتبه راجي عفو ربه

دكتور/ عمر مصطفي محفوظ

_____________________________________

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة

 

تابعنا علي الفيس بوك

 

الخطبة المسموعة علي اليوتيوب

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات

 

للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

عن كتب: د.أحمد رمضان

الدكتور أحمد رمضان حاصل علي الماجستير من جامعة الأزهر بتقدير ممتاز سنة 2005م ، وحاصل علي الدكتوراه بتقدير مع مرتبة الشرف الأولي من جامعة الأزهر الشريف سنة 2017م. مؤسس جريدة صوت الدعاة ورئيس التحرير وكاتب الأخبار والمقالات المهمة بالجريدة، ويعمل بالجريدة منذ 2013 إلي اليوم. حاصل علي دورة التميز الصحفي، وقام بتدريب عدد من الصحفيين بالجريدة. للتواصل مع رئيس التحرير على الإيميل التالي: [email protected] رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) للمزيد عن الدكتور أحمد رمضان رئيس التحرير أضغط في القائمة علي رئيس التحرير

شاهد أيضاً

خطبة الجمعة القادمة 24 مايو 2024م من الأرشيف : ما علي الحاج قبل سفره ، بتاريخ 16 ذو القعدة 1445هـ – الموافق 24 مايو 2024م

خطبة الجمعة القادمة 24 مايو 2024م من الأرشيف : ما علي الحاج قبل سفره

خطبة الجمعة القادمة خطبة الجمعة القادمة 24 مايو 2024م من الأرشيف : ما علي الحاج …

خطبة الجمعة القادمة : ما علي الحاج قبل سفره ، بتاريخ 16 ذو القعدة 1445هـ ، الموافق 24 مايو 2024م

ما علي الحاج قبل سفره ، خطبة الجمعة القادمة

خطبة الجمعة القادمة : ما علي الحاج قبل سفره ، بتاريخ 16 ذو القعدة 1445هـ ، …

خطبة الجمعة اليوم 17 مايو 2024م لوزارة الأوقاف - د. خالد بدير - الدكتور محمد حرز ، الدكتور محروس حفظي ، الشيخ خالد القط ، الدكتور عمر مصطفي ، word- pdf : واجبنا تجاه المنافع المشتركة والأماكن العامة ، بتاريخ 9 ذو القعدة 1445هـ ، الموافق 17 مايو 2024م

خطبة الجمعة اليوم : واجبنا تجاه المنافع المشتركة والأماكن العامة

خطبة الجمعة اليوم خطبة الجمعة اليوم 17 مايو 2024م لوزارة الأوقاف – د. خالد بدير …

سعر الذهب في الإمارات اليوم الجمعة 28 فبراير 2020 م

سعر الذهب اليوم الجمعة 17 مايو 2024 م

سعر الذهب اليوم الجمعة 17 مايو 2024 م في مصر ، جرام عيار 21 وجرام …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

Translate »