خطبة الجمعة القادمة 12 ديسمبر : التطرفُ ليسَ في التدينِ فقطْ ، للدكتور محروس حفظي
خطبة الجمعة القادمة
خطبة الجمعة القادمة 12 ديسمبر 2025م بعنوان : التطرفُ ليسَ في التدينِ فقطْ ، للدكتور محروس حفظي بتاريخ 21 جمادي الثانية 1447هـ ، الموافق 12 ديسمبر 2025م.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 12 ديسمبر 2025م ، للدكتور محروس حفظي بعنوان : التطرفُ ليسَ في التدينِ فقطْ .
ولتحميل خطبة الجمعة القادمة 12 ديسمبر 2025م ، للدكتور محروس حفظي بعنوان : التطرفُ ليسَ في التدينِ فقطْ، بصيغة word أضغط هنا.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 12 ديسمبر 2025م ، للدكتور محروس حفظي بعنوان : التطرفُ ليسَ في التدينِ فقطْ، بصيغة pdf أضغط هنا.
___________________________________________________________
عناصر خطبة الجمعة القادمة 12 ديسمبر 2025م بعنوان: التطرفُ ليسَ في التدينِ فقطْ، للدكتور محروس حفظي :
(1) الإسلامُ يحثُّ على الألفةِ والوحدةِ لا التنازعِ والفرقةِ.
(2) حثُّ الإسلامِ على ممارسةِ الرياضةِ.
(3) التعصبُ الكرويُّ منهيٌّ عنه شرعًا.
(4) علاجُ التعصبِ الكرويِّ.
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 12 ديسمبر 2025م بعنوان: التطرفُ ليسَ في التدينِ فقطْ ، للدكتور محروس حفظي : كما يلي:
التطرفُ ليسَ في التدينِ فقطْ
بِتَارِيخِ 21 جمادي الثانية 1447 ه = المُوَافِقِ 12 ديسمبر 2025 م
الحمدُ للهِ حمدًا يوافي نعمَهُ، ويكافىءَ مزيدَهُ، لكَ الحمدُ كما ينبغي لجلالِ وجهِكَ، ولعظيمِ سلطانِكَ، والصلاةُ والسلامُ الأتمانِ الأكملانِ على سيدِنا محمدٍ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، أما بعدُ ،،،
(1) الإسلامُ يحثُّ على الألفةِ والوحدةِ لا التنازعِ والفرقةِ: الحفاظُ على الوَحدةِ مقصدٌ شرعىٌّ حثَّ عليه الإسلامُ قال تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا} [آلُ عمرانَ: 103].
قال قتادةُ عند قولهِ تعالى:{وَلَا تَفَرَّقُوا}: “إنَّ اللهَ قد كرهَ لكمُ الفرقةَ، وقدَّمَ إليكم فيها، وحذركموها، ونهاكم عنها، ورضيَ لكمُ السمعَ والطاعةَ، والألفةَ والجماعةَ، فارضوا لأنفسِكم ما رضيَ اللهُ لكم إن استطعتم، ولا قوةَ إلا باللهِ”.[جامعُ البيانِ لابنِ جريرٍ].
قال الشيخُ/ الطاهرُ بنُ عاشورَ: (ومن المقاصدِ المعلنِ عنها في الكتابِ “التمسكُ بالوحدةِ، ومحاربةُ التفرقِ والانقسامِ”؛ ومما يدلُّ على هذا المقصدِ الجليلِ ورودُ آياتٍ وأحاديثَ تدعو إلى “الاتحادِ”؛ ليصبحَ لهم عنوانًا ومكرمةً قولهُ تعالى: {وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ}، وقولهُ: {وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ}، وقولُ النبيِّ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ يحرِّضُ معاذَ بنَ جبلٍ وأبا موسى الأشعريَّ على الوفاءِ: “وتطاوعا ولا تختلفا”، والأمثلةُ على هذا المقصدِ وما يتفرعُ عنه متوافرةٌ في الشريعةِ؛ لحرصِها على حمايةِ كلِّ المصالحِ الأساسيةِ الضروريةِ والحاجيةِ والتحسينيةِ). أ.ه. [مقاصدُ الشريعةِ الإسلاميةِ، 1/681، و 2/286].
وقد حذرتِ الشريعةُ الغراءُ من عواقبِ الفرقةِ والتنازعِ؛ لما يترتبُ عليه من تبددِ الطاقاتِ، وانتزاعِ البركاتِ فقال تعالى: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [الأنفالِ: 46].
عن أبي الدرداءِ قالَ: سمعتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يقولُ: «فعليكَ بالجماعةِ، فإنما يأكلُ الذئبُ القاصيةَ» [رواه أبو داودَ والترمذيُّ].
قال الإمامُ الطيبيُّ: (هذا من الخطابِ العامِّ الذي لا يختصُّ بسامعٍ دون آخرَ تفخيمًا للأمرِ، شبهَ من فارقَ الجماعةَ التي يدُ اللهِ عليهم، ثم هلاكهُ في أوديةِ الضلالِ المؤديةِ إلى النارِ بسببِ تسويلِ الشيطانِ بشاةٍ منفردةٍ عن القطيعِ، بعيدةٍ عن النظرِ، ثم سلطَ الذئبُ عليها، وجعلَها فريسةً له) أ.ه. [شرحُ الطيبيِّ على مشكاةِ المصابيحِ المسمى، 4/ 1133].
حذر منها النبيُّ -صلى اللهُ عليهِ وسلمَ- أشدَّ التحذيرِ من التعصبِ بكافةِ أشكالهِ وصورهِ؛ فعن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ قالَ: «كنا مع النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ في غزاةٍ، فكسعَ رجلٌ من المهاجرينَ، رجلًا من الأنصارِ، فقال الأنصاريُّ: يا للأنصارِ، وقال المهاجريُّ: يا للمهاجرينَ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ: «ما بالُ دعوى الجاهليةِ؟» قالوا: يا رسولَ اللهِ كسعَ رجلٌ من المهاجرينَ، رجلًا من الأنصارِ، فقالَ: «دعوها، فإنها منتنةٌ» [متفقٌ عليه].
قال الإمامُ النوويُّ: (وأما تسميتُهُ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ ذلك “دعوى الجاهليةِ”، فهو كراهةٌ منه لذلكَ، فإنه مما كانتْ عليهِ الجاهليةُ من التعاضدِ بالقبائلِ في أمورِ الدنيا، ومتعلقاتِها، وكانتْ الجاهليةُ تأخذُ حقوقَها بالعصباتِ والقبائلِ، فجاء الإسلامُ بإبطالِ ذلك، وفصلِ القضايا بالأحكامِ الشرعيةِ، فإذا اعتدى إنسانٌ على آخرَ حكمَ القاضي بينهما، وألزمه مقتضى عدوانِه كما تقررَ من قواعدِ الإسلامِ). [شرحُ النوويِّ على صحيحِ مسلمٍ].
(2) حثُّ الإسلامِ على ممارسةِ الرياضةِ: ممارسةُ الرياضةِ من الأمورِ المباحةِ شرعًا إذا كانتْ في ظلِّ الضوابطِ المسموحِ بها، ولم تخرجْ عن المقصدِ الذى أنشئتْ من أجلهِ، مثلها في ذلك مثل “الرميِ” الذي شجعَ عليهِ النبيُّ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ؛ فعن سلمةَ بنِ الأكوعِ قالَ: مرَّ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ على نفرٍ من أسلمَ ينتضلون، فقال رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ: «ارموا بني إسماعيلَ، فإن أباكم كان راميًا ارموا، وأنا مع بني فلانٍ» قالَ: فأمسكَ أحدُ الفريقينِ بأيديهم، فقالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ: «ما لكم لا ترمون»، فقالوا: يا رسولَ اللهِ نرمي وأنتَ معهم، قالَ: «ارموا وأنا معكم كلكم» [رواه البخاريُّ].
الرياضةُ تساعدُ على تنميةِ العقولِ، وسلامةِ الأبدانِ، وهي وسيلةٌ في الترويحِ عن النفسِ، ودفعِ المللِ والكسلِ عنها، وهذا مما ندبَ إليه الشارعُ الحكيمُ؛ فعن أنسٍ، أن النبيَّ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ قالَ: «روحوا القلوبَ ساعةً بساعةٍ» [رواه الشهابُ القضاعيُّ في “مسنده”].
الرياضةُ وسيلةٌ لذلك ولم تكنْ هدفًا يسعى الناسُ لتحقيقِ الانتصاراتِ، وإهانةِ الآخرين، ومعاداةِ بعضِهم بعضًا، وقد وضعَ النبيُّ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ قاعدةً عريضةً في عدمِ تعلقِ العبدِ بأمورِ الدنيا، بل عليهِ أن يسعى فيما يفيدُه وينفعُه عاجلًا أو آجلًا؛ فعن أنسٍ رضيَ اللهُ عنهُ، قالَ: «كان للنبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ ناقةٌ تُسمى العضباءَ، لا تُسبقُ – قال حميدٌ: أو لا تكادُ تُسبقُ- فجاء أعرابيٌّ على قعودٍ فسبقها، فشقَّ ذلك على المسلمين حتى عرفه، فقالَ: «حقٌّ على اللهِ أن لا يرتفعَ شيءٌ من الدنيا إلا وضعه» [رواه البخاريُّ].
الرياضةُ تهذبُ الأخلاقَ، وتدعو إلى التسامحِ: وهو ما حثَّ عليه الإسلامُ من حسنِ الخلقِ، وعدمِ التعصبِ، وجعلَ الفيصلَ بين الناسِ الأخلاقَ والتقوى فقالَ تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجراتِ: 13].
وعن أبي نضرةَ قالَ حدثني من سمعَ خطبةَ رسولِ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ في وسطِ أيامِ التشريقِ فقالَ: «يا أيها الناسُ، ألا إن ربكم واحدٌ، وإن أباكم واحدٌ، ألا لا فضلَ لعربيٍّ على عجميٍّ، ولا لعجميٍّ على عربيٍّ، ولا لأحمرَ على أسودَ، ولا لأسودَ على أحمرَ، إلا بالتقوى أبلغتُ» [رواه أحمدُ].
(4) التَّعَصُّبُ الكُرَوِيُّ مُنْهِيٌّ عَنْهُ شَرْعًا: لِأَنَّهُ قَدْ يَتَضَمَّنُ أَلْفَاظًا نَابِيَةً، وَأَوْصَافًا مُشِينَةً مِنْ سُخْرِيَةٍ، أَوْ تَنَابُزٍ بِالْأَلْقَابِ، أَوْ سِبَابٍ، أَوْ عُنْفٍ لَفْظِيٍّ أَوْ بَدَنِيٍّ، فَيُمْكِنُ أَنْ يَغِيبَ عَقْلُ الْمُتَعَصِّبِ لِدَرَجَةِ أَنَّهُ يَنْسَى أَنَّ خَصْمَهُ فِي التَّشْجِيعِ قَدْ يَكُونُ قَرِيبَهُ، أَوْ جَارَهُ، أَوْ صَدِيقَهُ، فَهَذِهِ السُّلُوكِيَّاتُ لَا تَتَنَاسَبُ مَعَ تَارِيخِ ثَقَافَتِنَا وَحَضَارَتِنَا، وَأَدِلَّةُ الشَّرْعِ عَلَى تَحْرِيمِهَا أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُحْصَى.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَّمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [الْحُجُرَاتِ: 11].
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ الْمُؤْمِنُ بِالطَّعَّانِ وَلَا اللَّعَّانِ وَلَا الْفَاحِشِ وَلَا الْبَذِيءِ» [رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَأَحْمَدُ].
فَلَا تَعْدُو هَذِهِ الْأَفْعَالُ سِوَى انْحِرَافَاتٍ وَاضِحَةٍ عَنْ جَادَّةِ الطَّرِيقِ الْمُسْتَقِيمِ، وَانْحِيَادٍ عَنْ قِيَمِنَا الْأَصِيلَةِ، وَأَعْرَافِنَا الْمُجْتَمَعِيَّةِ؛ لِذَا يَجِبُ عَلَى الرِّيَاضِيِّينَ أَنْ يَكُونُوا أُسْوَةً حَسَنَةً لِأَبْنَائِهِمْ، وَجَمَاهِيرِ لُعْبَتِهِمْ، وَأَنْ يُوَاجِهُوا هَذَا التَّعَصُّبَ بِكُلِّ مَا أُوتُوا مِنْ قُوَّةٍ، وَأَنْ يَغْرِسُوا فِي النَّشْءِ الْانْتِمَاءَ الْخَالِصَ لِلْوَطَنِ الْأُمِّ.
التَّعَصُّبُ الْكُرَوِيُّ: مَذْمُومٌ شَرْعًا وَعُرْفًا؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى إِثَارَةِ الْفُرْقَةِ وَالْبَغْضَاءِ بَيْنَ النَّاسِ، وَيُحِيدُ بِالرِّيَاضَةِ عَنْ مَقْصِدِهَا السَّامِي مِنَ الْمُنَافَسَةِ الشَّرِيفَةِ، وَالتَّقَارُبِ، وَإِسْعَادِ الْخَلْقِ؛ فَالتَّعَصُّبُ خُلُقٌ شَيْطَانِيٌّ بَغِيضٌ حَذَّرَنَا مِنْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فَعَنْ جَابِرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ أَيِسَ أَنْ يَعْبُدَهُ الْمُصَلُّونَ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ، وَلَكِنْ فِي التَّحْرِيشِ بَيْنَهُمْ» [رَوَاهُ مُسْلِمٌ].
“التَّحْرِيشُ”: الْإِغْرَاءُ عَلَى الشَّيْءِ بِنَوْعٍ مِنَ الْخِدَاعِ أَيْ: إِيقَاعُ الْفِتْنَةِ، وَالْعَدَاوَةِ، وَالْخُصُومَةِ.
يُؤَدِّي التَّعَصُّبُ الْكُرَوِيُّ إِلَى الِاحْتِقَانِ، وَتَوْظِيفِ حَمَاسَةِ الْجَمَاهِيرِ مِمَّا يَنْتُجُ عَنْهُ أَعْمَالُ شَغَبٍ قَدْ يَسْتَغِلُّهَا الْبَعْضُ فِي تَهْدِيدِ أَمْنِ وَسَلَامَةِ الْوَطَنِ؛ فَعَنْ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ قَالَ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «دَبَّ إِلَيْكُمْ دَاءُ الْأُمَمِ قَبْلَكُمْ: الْحَسَدُ وَالْبَغْضَاءُ، هِيَ الْحَالِقَةُ، لَا أَقُولُ تَحْلِقُ الشَّعَرَ وَلَكِنْ تَحْلِقُ الدِّينَ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، أَفَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِمَا يُثَبِّتُ ذَلِكَ لَكُمْ؟ أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ» [رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَأَحْمَدُ].
الْإِنْسَانُ لَيْسَ كَائِنًا عَبَثِيًّا؛ لِذَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مِحْوَرُ قَضَايَاهُ الْحَيَاتِيَّةِ مُؤَثِّرًا، إِمَّا فِي دُنْيَاهُ أَوْ فِي آخِرَتِهِ قَالَ تَعَالَى: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ} [الْمُؤْمِنُونَ: 115]، وَقَالَ أَيْضًا: {أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى} [الْقِيَامَةِ: 36]، فَحِينَ تَتَحَوَّلُ الرِّيَاضَةُ إِلَى مِحْوَرٍ لِلْحَيَاةِ، وَيَتَعَصَّبُ الْإِنْسَانُ بَلْ يَتَشَاجَرُ مَعَ زَوْجِهِ وَرِفْقَائِهِ، وَيُضَيِّعُ يَوْمَ عَمَلِهِ أَوْ عِبَادَتِهِ بِسَبَبِ مُبَارَاةٍ، فَهَذَا لَا يَتَّفِقُ مَعَ مَقَاصِدِ الشَّرْعِ الْحَنِيفِ {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذَّارِيَاتِ: 56].
قَدْ يُسْتَغَلُّ الْمَوْقِفُ بِإِدَانَةِ الْفَرِيقِ الْآخَرِ الْمُضَادِّ، بَيْنَمَا لَوْ كَانَ الْخَطَأُ مِنْ مُنَافِسِي فَرِيقِهِ لَوَجَدْتَهُ يَزْمَجِرُ مُدَافِعًا، فَهُوَ لَا يَنْطِقُ بِالْحَقِّ، وَلَا يَحْكُمُ بِالْعَدْلِ إِلَّا حَالَ فَوْزِ فَرِيقِهِ، وَقَدْ يَمْدَحُهُ بِمَا لَيْسَ فِيهِ، أَوْ لَيْسَ أَهْلًا لَهُ، وَتِلْكَ صِفَاتُ أَهْلِ النِّفَاقِ الَّتِي أَخْبَرَ اللَّهُ عَنْهَا فَقَالَ تَعَالَى: {وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ * أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [النُّورِ: 49: 50]. وَقَالَ أَيْضًا: {فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى} [النَّجْمِ: 32].
شَأْنُ أَهْلِ الْإِيمَانِ أَنْ يَتَكَلَّمُوا دَوْمًا بِالْخَيْرِ وَإِلَّا فَلْيَسْكُتُوا؛ فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ» [مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ].
عَلَيْنَا أَنْ نَظْهَرَ بِمَظْهَرٍ حَضَارِيٍّ رَاقٍ بَيْنَ الشُّعُوبِ وَنَحْنُ نُشَاهِدُ الْكُورَةَ قَالَ تَعَالَى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [الْمَائِدَةِ: 8]، وَلْنَحْذَرْ كُلَّ الْحَذَرِ مِنَ التَّعَصُّبِ الْكُورِيِّ؛ وَمَا يَحْمِلُهُ مِنْ مُغَالَطَاتٍ؛ فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَحَاسَدُوا وَلَا تَنَاجَشُوا وَلَا تَبَاغَضُوا وَلَا تَدَابَرُوا وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا. الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يَخْذُلُهُ وَلَا يَحْقِرُهُ» [رَوَاهُ مُسْلِمٌ].
بَلْ قَدْ يُؤَدِّي هَذَا التَّعَصُّبُ إِلَى تَدْمِيرٍ وَتَخْرِيبِ الْمُنْشَآتِ الْعَامَّةِ أَوِ الْخَاصَّةِ بِالْإِحْرَاقِ، أَوِ التَّكْسِيرِ؛ وَهَذَا يَتَعَارَضُ مَعَ مَقَاصِدِ الْإِسْلَامِ الْعَامَّةِ؛ فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ النَّاسُ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ، وَالْمُؤْمِنُ مَنْ أَمِنَهُ النَّاسُ عَلَى دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ» [رَوَاهُ النَّسَائِيُّ، وَأَحْمَدُ].
(4) عِلَاجُ التَّعَصُّبِ الكُرَوِيِّ:
تَوْجِيهُ الشَّبَابِ إِلَى مَعَالِي الأُمُورِ كَالْعِلْمِ، وَالعَمَلِ وَالإِنْتَاجِ، وَإِدْرَاكِ الوَاقِعِ، وَالظُّرُوفِ المُحِيطَةِ، وَوَضْعِ خُطَطًا يَرْسُمُونَ فِيهَا أَهْدَافَهُمْ، وَطُمُوحَاتَهُمْ.
تَعْوِيدُ الأَطْفَالِ مُنْذَ صِغَرِهِمْ عَلَى تَقَبُّلِ ثَقَافَةِ الِاخْتِلَافِ، وَالتَّنَوُّعِ، وَغَرْسِ قِيَمِ التَّسَامُحِ، وَالِاحْتِرَامِ المُتَبَادَلِ.
تَسْلِيطُ الضَّوْءِ عَلَى بَعْضِ النَّمَاذِجِ الرِّيَاضِيَّةِ؛ لِيَقْتَدِيَ بِهِمُ الشَّبَابُ فِي أَفْعَالِهِمْ وَأَقْوَالِهِمْ.
تَرْبِيَةُ الأَوْلَادِ عَلَى اخْتِيَارِ النَّادِي المُحَبَّبِ إِلَيْهِمْ دُونَ الإِسَاءَةِ لِلنَّوَادِي الأُخْرَى.
تَشْجِيعُ الشَّبَابِ عَلَى التَّنَافُسِ الشَّرِيفِ المُوصِّلِ لِرِضْوَانِ اللَّهِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ.
سَنُّ عُقُوبَاتٍ رَادِعَةٍ، فَمَنْ لَمْ يَنْصَعْ نَحْوَ الأَوَامِرِ وَالتَّوْجِيهَاتِ، وَلَمْ يَرْدَعْهُ الِخَوْفُ عَنِ الوُقُوعِ فِي التَّعَصُّبِ الكُرَوِيِّ، يَأْتِي دَوْرُ الوَازِعِ وَالقَانُونِ لِمَنْ تُسَوِّلُ لَهُ نَفْسُهُ إِظْهَارَ هَذِهِ الظَّاهِرَةِ المَقِيتَةِ، وَمَا تَحْمِلُهُ مِنْ عُنْفٍ وَعُدْوَانٍ، وَتَعَدٍّ عَلَى مُنْظُومَةِ الأَخْلَاقِ.
نَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يَرْزُقَنَا حُسْنَ العَمَلِ، وَفَضْلَ القَبُولِ، إِنَّهُ أَكْرَمُ مَسْؤُولٍ، وَأَعْظَمُ مَأْمُولٍ، وَأَنْ يَجْعَلَ بَلَدَنَا مِصْرَ سَخَاءً رَخَاءً، أَمْنًا أَمَانًا، سِلْمًا سَلَامًا وَسَائِرَ بِلَادِ العَالَمِينَ، وَوَفَّقَ وُلَاةَ أُمُورِنَا لِمَا فِيهِ نَفْعُ البِلادِ وَالعِبَادِ.
أعدَّهُ: الفقيرُ إلى عفوِ ربِّهِ الحنانِ المنانِ د / محروسُ رمضانَ حفظي عبد العالِ
مدرِّسُ التفسيرِ وعلومِ القرآنِ – كليةُ أصولِ الدينِ والدعوةِ – أسيوطُ
_____________________________________
للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
وللمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف










