خطبة الجمعة القادمة 17 أكتوبر 2025 : بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ، للشيخ خالد القط
بتاريخ 25 ربيع الآخر 1447هـ ، الموافق 17 أكتوبر 2025م

خطبة الجمعة القادمة 17 أكتوبر 2025 بعنوان : بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ، للشيخ خالد القط ، بتاريخ 25 ربيع الآخر 1447هـ ، الموافق 17 أكتوبر 2025م.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 17 أكتوبر 2025 بصيغة word بعنوان : بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ، بصيغة word للشيخ خالد القط
ولتحميل خطبة الجمعة القادمة 17 أكتوبر 2025 بصيغة pdf بعنوان : بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ، للشيخ خالد القط
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 17 أكتوبر 2025 بعنوان : بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ، للشيخ خالد القط ، كما يلي:
بالتي هي أحسن
بتاريخ 25 ربيع الآخر 1447هـ – 17 أكتوبر 2025م
الحمد لله رب العالمين، نحمده تعالى حمد الشاكرين، ونشكره شكر الحامدين.
وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت، وهو على كل شيء قدير، القائل في كتابه العزيز: ((ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ)) سورة النحل (125.
وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وحبيبه، اللهم صل وسلم وزد وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، حق قدره ومقدره العظيم.
أما بعد
أيها المسلمون، فإن الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى من أفضل وأعظم القربات والأعمال التي يقوم بها المسلم فى هذه الحياة الدنيا، وذلك بأن يبلغ الإنسان دين الله لخلق الله، ويقوم فى الناس برسالة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وصدق الله العظيم إذ يقول ((وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ)) سورة فصلت (33).
ولقد شاءت إرادة الله سبحانه وتعالى، ولحكمة يعلمها هو، أن يخلق الناس مختلفين، بل إن الاختلاف هو سنة الحياة، قال تعالى ((وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً ۖ وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلَّا مَن رَّحِمَ رَبُّكَ ۚ وَلِذَٰلِكَ خَلَقَهُمْ ۗ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (119) سورة هود، فهناك فرق شاسع بين الاختلاف والخلاف، فلا يمكن لأمة أن تتقدم أو تحيا وأفرادها على خلاف وتنافر وتناحر فيما بينهم، ولكن يمكن لهم أن يتعايشوا مختلفين ، طالما أن هناك حدوداً لا يمكن لأحد تجاوزها مثل الاحترام المتبادل ومعرفة كل فرد ما له، وما عليه من حقوق وواجبات والتزامات، حتى ولو كان الاختلاف في العقيدة نفسها، فقد دعانا الإسلام إلى التعايش السلمي مع الجميع.
أيها المسلمون، إن الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى فن، لا يحسنه إلا فريق ممن وفقهم واصطفاهم الله سبحانه وتعالى لحمل مشاعل النور لهذا الدين العظيم، فالدعوة إلى الله سبحانه وتعالى تتطلب من الداعية إلى الله فقهاً بكيفية مخاطبة الآخر، بل واحتواءه مهما كانت هوة الاختلاف في الرأي، ولذلك فإن صدام الداعية بالناس والمجتمع لهو أكبر دليل على فشل هذا الداعية، ودليل على تقصير ه في تبليغ دين الله بالحكمة والموعظة الحسنة، كما أراد الله سبحانه وتعالى.
أيها المسلمون ، لقد علمنا القرآن أن لا نسئ لأحد لا بالقول ولا بالفعل ، ولا ينبغي لنا أبداً أن نسئ لعقيدة احد ، قال تعالى ((وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ ۗ كَذَٰلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِم مَّرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ )) سورة الأنعام (108)، كما أمرنا الله عز وجل أن نخاطب المخالفين لنا في العقيدة بكل لين ورفق ، وها هو ربنا تبارك وتعالى ، يضرب لنا مثلاً بنبيه موسى ، مع عدو الله فرعون , قال تعالى ((فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَىٰ)) سورة طه (44)، وفى هذا السياق أيضاً يقول تعالى: ((وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ ۖ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَٰهُنَا وَإِلَٰهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ )) سورة العنكبوت (46).
أيها المسلمون، لقد كان أسوتنا وقدوتنا صلى الله عليه وسلم يحتوي الناس بحكمة ورحمة وأسلوب راق، ما أحوجنا أن نسير عليه فى كل أمور حياتنا، فعلى سبيل المثال كما أخرج الإمام أحمد وغيره بسند صحيح، من حديث أبى أمامة الباهلى ((أنَّ فتًى من قريشٍ أتى النَّبيَّ ﷺ فقال: يا رسولَ اللهِ ائذَنْ لي في الزِّنا. فأقبَل القومُ عليه وزجَروه فقالوا: مَهْ مَهْ. فقال: ادنُهْ. فدنا منه قريبًا فقال: أتُحِبُّه لأمِّك؟ قال: لا واللهِ جعَلني اللهُ فداك. قال: ولا النّاسُ يُحبُّونَه لأمَّهاتِهم. قال: أفتُحِبُّه لابنتِك؟ قال: لا واللهِ يا رسولَ اللهِ جعَلني اللهُ فداك. قال: ولا النّاسُ يُحِبُّونَه لبناتِهم. قال: أفتُحِبُّه لأختِك؟ قال: لا واللهِ يا رسولَ اللهِ جعَلني اللهُ فداك. قال: ولا النّاسُ يُحِبُّونه لأخواتِهم. قال: أتُحِبُّه لعمَّتِك؟ قال: لا واللهِ يا رسولَ اللهِ جعَلني اللهُ فداك. قال: ولا النّاسُ يُحِبُّونَه لعمّاتِهم. قال: أتُحِبُّه لخالتِك؟ قال: لا واللهِ يا رسولَ اللهِ جعَلني اللهُ فداك. قال: ولا النّاسُ يُحِبُّونَه لخالاتِهم. قال: فوضَع يدَه عليه وقال: اللَّهمَّ اغفِرْ ذنبَه وطهِّرْ قلبَه وحصِّنْ فرجَه. قال: فلم يكُنْ بعدَ ذلك الفتى يلتَفِتُ إلى شيءٍ)) وهكذا استطاع النبي صلى الله عليه وسلم أن يحتوى هذا الشاب الذى حدثته نفسه بالزنا ، فقد جاء إليه صلى الله عليه وسلم ، ونفسه تتوق إلى الزنا ، وخرج من عنده ، وما من شيء أبغض إليه من الزنا .
وقصة الرجل الذي بال في المسجد، تجسد مدى الرحمة والحكمة منه صلى الله عليه وسلم، في كيفية تعامله مع المواقف الحرجة بلطف ولين، فقد أخرج الإمام البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: ((أنَّ أعْرابِيًّا بالَ في المَسْجِدِ، فَثارَ إلَيْهِ النّاسُ ليَقَعُوا به، فَقالَ لهمْ رَسولُ اللَّهِ ﷺ: دَعُوهُ، وأَهْرِيقُوا على بَوْلِهِ ذَنُوبًا مِن ماءٍ -أوْ سَجْلًا مِن ماءٍ- فإنَّما بُعِثْتُمْ مُيَسِّرِينَ ولَمْ تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ)).
أيها المسلمون، هناك أمور في الشريعة هي بمثابة أصول وأركان لهذا الدين، الكل متفق عليها، ولكن هناك أمور وقع اختلاف عليها حتى منذ عصر الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين، ولكن انظر كيف كان اختلافهم، لقد كان اختلافهم قمة في الرقى والأدب.
فهذا هو عبد الله بن عباس رضي الله عنه وزيد بن ثابت رضي الله عنه، كل واحد منهما كان له رأى في مسألة الجد في الميراث، فقد كان ابن عباس رضي الله عنهما يذهب كابى بكر الصديق وكثيرٍ من الصحابة إلى أن الجد في الميراث كالأب وأنه يحجب الإخوة والأخوات، وكان زيد بن ثابت كعلي وابن مسعود وفريق آخر من الصحابة رضي الله عنهم يذهب إلى توريث الإخوة مع الجد ولا يحجبهم، ورغم الاختلاف بينهما، فذات يوم يركب زيد بن ثابت، فيأخذ ابن عباس بركابه، فقال له: لا تفعل يا ابن عَمِّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: هكذا أمرنا أن نفعل بعلمائنا، فقال زيد: أرني يدك، فأخرج يده، فقبَّلها زيد وقال: هكذا أُمِرنا أن نفعل بأهل بيت نبيِّنا صلى الله عليه وسلم .
الخطبة الثانية
“””””””””
أيها المسلمون، وهكذا علمنا الإسلام أن لا نتعامل مع الغير إلا بالحسنى، أو بالتي هي أحسن، ولذلك فهو منهج إسلامي، قال تعالى ((وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا)) سورة البقرة (83)، وقال أيضاً ((وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ ۚ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنسَانِ عَدُوًّا مُّبِينًا)) سورة الاسراء (53)، وقال أيضاً ((وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ)) سورة النحل 125
فلقد كان الرعيل الأول من الفقهاء والعلماء يختلفون ولكن كانوا يقدر بعضهم بعضاً، ويعرف كل منهم لصاحبه قيمته ومكانته، ومن أروع ما يؤثر عن الإمام الشافعي، في تجسيد تواضعه واحترامه لأقرانه من العلماء، قوله: ((قولي صواب يحتمل الخطأ، وقول غيرى خطأ يحتمل الصواب))، بل انظر إلى التطبيق العملي للإمام الشافعي رحمه الله، وقد صلى الإمام الشافعي رحمه الله الصبح ذات يوم قريبا من ضريح الإمام أبي حنيفة رحمه الله فلم يقنت، علماً بأن الإمام الشافعي يقول بالقنوت في الفجر خلافاً للإمام أبى حنيفة، فقيل له في ذلك، فقال: ( كيف أخالفه وأنا في حضرته ؟).
اللهم اهدنا واهد بنا واجعلنا سبباً لمن اهتدى، واحفظ مصرنا الحبيبة من كل سوء وشر بفضلك وكرمك يا أكرم الأكرمين
بقلم: الشيخ خالد القط
_____________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
وللمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف