web analytics
أخبار عاجلة
خطبة الجمعة القادمة 17 فبراير 2023م بعنوان : الإسراء والمعراج وطلاقة القدرة الإلهية ، للدكتور محروس حفظي ، بتاريخ 26 رجب  1444هـ ، الموافق 17 فبراير 2023م
خطبة الجمعة القادمة 17 فبراير 2023م بعنوان : الإسراء والمعراج وطلاقة القدرة الإلهية ، للدكتور محروس حفظي

خطبة الجمعة القادمة 17 فبراير 2023م بعنوان : الإسراء والمعراج وطلاقة القدرة الإلهية ، للدكتور محروس حفظي

خطبة الجمعة القادمة

خطبة الجمعة القادمة 17 فبراير 2023م بعنوان : الإسراء والمعراج وطلاقة القدرة الإلهية ، للدكتور محروس حفظي ، بتاريخ 26 رجب  1444هـ ، الموافق 17 فبراير 2023م. 

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 17 فبراير 2023م ، للدكتور محروس حفظي بعنوان : الإسراء والمعراج وطلاقة القدرة الإلهية.

ولتحميل خطبة الجمعة القادمة 17 فبراير 2023م ، للدكتور محروس حفظي بعنوان : الإسراء والمعراج وطلاقة القدرة الإلهية ، بصيغة word  أضغط هنا.

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 17 فبراير 2023م ، للدكتور محروس حفظي بعنوان : الإسراء والمعراج وطلاقة القدرة الإلهية ، بصيغة  pdf أضغط هنا.

 

 

___________________________________________________________

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

و للمزيد عن مسابقات الأوقاف

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

و للمزيد عن الدروس الدينية

عناصر خطبة الجمعة القادمة 17 فبراير 2023م بعنوان : الإسراء والمعراج وطلاقة القدرة الإلهية ، للدكتور محروس حفظي :

 

(1) إمكانيةُ وقوعِ الإسراءِ والمعراجِ.

(2) أهمُّ الدروسِ المستفادةِ مِن حادثِ الإسراءِ والمعراجِ.

(3) آياتٌ كُبرىَ وقعتْ ليلةَ المعراجِ.  

(4) فرضيةُ الصلاةِ ليلةَ الإسراءِ والعراجِ.

 

ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 17 فبراير 2023م بعنوان : الإسراء والمعراج وطلاقة القدرة الإلهية ، للدكتور محروس حفظي : كما يلي: 

 

 خطبة بعنوان: « معجزةُ الإسراءِ والمعراجِ  دروسٌ وعِبرٌ» بتاريخ 26 رجب 1444 هـ = الموافق 17 فبراير 2023 م

الحمدُ للهِ حمدًا يُوافِي نعمَهُ، ويكافىءُ مزيدَهُ، لك الحمدُ كما ينبغِي لجلالِ وجهِكَ، ولعظيمِ سلطانِك، والصلاةُ والسلامُ الأتمانِ الأكملانِ على سيدِنَا مُحمدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أمَّا بعدُ ،،

العنصر الأول من خطبة الجمعة القادمة 17 فبراير 2023م

(1) إمكانيةُ وقوعِ الإسراءِ والمعراجِ.

إنَّ الإيمانَ بمعجزةِ الإسراءِ والمعراجِ جزءٌ لا يتجزأُ مِن عقيدةِ المسلمِ؛ إذ أيّدَ اللهُ بهَا نبيَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وثبتَ بهَا فؤادَهُ، ونصرَهُ على مَن كذَّبَهُ، فالإسراءُ وقعَ على الأرضِ مِن مكَّةَ المكرمة إلى الأقصَى، والمعراجُ حدثَ في السماءِ مِن بيتِ المقدسِ ثُمّ إلى السمواتِ العُلا، وبعدَ ذلك إلى سدرةِ المُنتهَى حتى لقائِهِ باللهِ تبارَكَ وتعالى، حيثُ جيءَ بالبراقِ وهي دابةٌ بيضاءُ تضعُ حافرَهَا عندَ منتهَى طَرْفِهَا، فركبَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ورافقَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ حتى وصلَا المسجدَ الأقصَى، وقد سمَّى اللهُ إحدَى سورِ القرآنِ الكريمِ ب «الإسراء»، وافتتحَهَا بقولهِ تعالى: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾، وهذا التعجبُ يدلُّكَ على العجائبِ التى  رأَهَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وعلى عظمِ تلك الرحلةِ، ولذا جمهورُ العلماءِ قديمًا وحديثًا على أنَّ «الإسراءَ والمعراجَ» قد وقعَ بالروحِ والجسدِ معًا حسبمَا دلَّ عليهِ قولُهُ تعالى: ﴿أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ﴾، وإلّا فما وجهُ الإعجازِ إذا كان ذلك بالروحِ لا بالجسدِ؟، وإذا كانت مجردَ رؤيَا رأهَا فلِمَا أخبرَ بهَا قومَهُ، والحقائقُ العلميةُ تشيرُ أنَّ القوةَ تتناسبُ تناسبًا عكسيًّا مع الزمنِ، فكلما زادتْ القوةُ قلَّ الزمنُ، فكيفَ إذا كانتْ القوةُ هنا هي قوةُ الحقِّ سبحانَهُ التي تطيشُ معها كلُّ القوىَ والقُدر ؟ قال تعالى: ﴿اللَّهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ﴾، وإذا كان الإنسانُ في هذا العصرِ بعلمهِ وقدرتهِ المحدودتين أمكنَهُ مِن خلالِ المخترعاتِ والمكتشفاتِ الحديثةِ اختراقَ حجبِ الأرضِ، وغزوَ السماءِ وهو المخلوقُ الضعيفُ، فكيف يستبعدُ عن الخالقِ جلَّ وعلَا أنْ يسري بمصطفاهُ وحبيبهِ؛ فقدرةٌ صالحةٌ لإحداثِ تلك المعجزةِ كما قال ربُّنَا: ﴿إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ * فَسُبْحانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾، وللهِ درُّ أحمد شوقي:

مَشيئَةُ الخالِقِ البارى وَصَنعَتُهُ … وَقُدرَةُ اللَهِ فَوقَ الشَكِّ وَالتُهَمِ

العنصر الثاني من خطبة الجمعة القادمة 17 فبراير 2023م

(2) أهمُّ الدروسِ المستفادةِ مِن حادثِ الإسراءِ والمعراجِ.

العاقلُ الفَطِنُ هو مَن يعتبرُ بالمواقفِ التي تجرِي حولَهُ، والأحداثِ والمشاهدِ التي تقعُ خلفَهُ، فينظرَ الخيرَ فيأتيَهُ، ويحذرَ الشرَّ فيتجنبَهُ؛ لئلَّا يكونَ عبرةً ومحلَّ سخريةٍ مِن غيرِهِ، «فالسعيدُ مَن اتعظَ بغيرهِ، والشقيُّ مَن وُعظَ بهِ غيرهُ»، وقد حوى حادثُ «الإسراءِ والمعراجِ» الكثيرَ مِن العِبرِ والفوائدِ التي لا يُحصيهَا عدٌّ، ولا يحويهَا قلمٌ ومدٌّ، وها أنا أقتطفُ مِن ثمارِهَا وأريجِ أزهارِهَا كي تنيرَ حياتَنَا، وننتفعَ بدروسِهَا, ونُحيي بها ما اندرسَ في نفوسِنَا، علَّنَا نفوز في آخرتِنَا:

*عقبُ المحنِ تأتِي المنحُ: لم يجدْ رسولُنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في مكةَ – بعدَ موتِ زوجهِ ورفيقةِ دربهِ خديجةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها، وعمهِ أبي طالبٍ – آذانًا صاغيةً، وقلوبًا واعيةً فاضطرَّ للخروجِ إلى الطائفِ كي يعرضَ دعوتَهُ على أهلِ ثقيفٍ، لكن لم يلقَ منهُم استجابةً، بل آذوهُ ونالُوا منهُ، وأغرُوا به سفهاءَهُم وعبيدَهُم يرمونَهُ بالحجارةِ حتى دميتْ قدماهُ الشريفتانِ، فينصرفُ مهمومًا حزينًا على عدمِ إيمانِ هؤلاء، فإذا به يجدُ نفسَهُ في «قرنِ الثعالبِ»، فأخذَ يناجِي ربَّهُ، ويتضرعُ إليهِ مبتهلًا قائلًا: «اللَّهم إلَيْكَ أَشْكُو ضَعْفَ قُوَّتِي، وَقِلَّةَ حِيلَتِي، وَهَوَانِي عَلَى النَّاسِ، يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، أَنْتَ رَبُّ الْمُسْتَضْعَفِينَ، وَأَنْتَ رَبِّي، إلَى مَنْ تَكِلُنِي؟ إلَى بَعِيدٍ يَتَجَهَّمُنِي ؟ أَمْ إلَى عَدُوٍّ مَلَّكْتَهُ أَمْرِي؟ إنْ لَمْ يَكُنْ بِكَ عَلَيَّ غَضَبٌ فَلَا أُبَالِي، وَلَكِنَّ عَافِيَتَكَ هِيَ أَوْسَعُ لِي، أَعُوذُ بِنُورِ وَجْهِكَ الَّذِي أَشْرَقَتْ لَهُ الظُّلُمَاتُ، وَصَلُحَ عَلَيْهِ أَمْرُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ مِنْ أَنْ تُنْزِلَ بِي غَضَبَكَ، أَوْ يَحِلَّ عَلَيَّ سُخْطُكَ، لَكَ الْعُتْبَى حَتَّى تَرْضَى، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِكَ» (دلائل النبوة، وأحمد)، ثم يعودُ إلى مكةَ في جوارِ «الْمُطْعِمِ بْنِ عَدِي»، وفي ظلِّ هذه الأجواءِ الكالحةِ، والظروفِ المظلمةِ، والمحنِ المتعاقبةِ، تأتِي المنحُ الإلهيةُ بدعوةِ سيدِ البريةِ للقاءِ الذاتِ العليةِ، فيسليَهُ ربُّنَا، ويثبتَهُ على الحقِّ، فيمنَّ عليهِ برحلةٍ لم ينلْ شرفَهَا قبلَهُ لا نبيٌّ مرسلٌ ولا ملكٌ مقربٌ ألَا وهي رحلةُ «الإسراءِ والمعراجِ»، وهكذا لطفُ اللهِ بعبادهِ، ورحمتُهُ بأوليائهِ، وعنايتُهُ بخلقهِ، فالإنسانُ مهمَا اشتدتْ عليهِ خطوبُ الحياةِ، وضاقتْ عليهِ سبلُ النجاةِ، لا سبيلَ سوى الاعتصامِ باللهِ عزَّ وجلَّ، ورفعِ أكفّ الضراعةِ إلى مولاه، لعلَّهُ ينجِّيه مِن بلواه، ويكشِفُ عن كربَاه، ويُذهبُ عنهُ همَّهُ وغمَّهُ فعَنْ سَعْدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «دَعْوَةُ ذِي النُّونِ إِذْ دَعَا وَهُوَ فِي بَطْنِ الحُوتِ: ﴿لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾، فَإِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ» (أبو داود والترمذي)، فما على المسلمِ إلَّا أنْ يصبرَ، ويأخذَ بالأسبابِ، ويتوكلَ على ربِّه، ويوقنَ بأنَّ فرجَهُ آتٍ لا محالة، وأنَّ نصرَهُ قريبٌ لا مريةَ فيهِ، وقد قالَ ربُّنَا في محكمِ كتابِهِ: ﴿فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً﴾، وقد كَتَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إلى أَبي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ قائلًا: «فَإِنَّهُ مَهْمَا يَنْزِلْ بِعَبْدٍ مُؤْمِنٍ مِنْ مُنْزَلِ شِدَّةٍ يَجْعَلْ اللَّهُ بَعْدَهُ فَرَجًا، وَإِنَّهُ لَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَيْنِ» . (الحاكم وصححه ووافقه الذهبي) .

*بيانُ فضلِ رسولهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وفضلِ أمتهِ:  لقد شاءتْ إرادةُ اللهِ منذُ الأزلِ أنْ يصطفِي رسولَهُ مِن خلقهِ، وأمتَهُ مِن بين الأُممِ كما قالَ تعالى: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ﴾، وقد جمعَ اللهُ لنبيِّهِ ومصطفاه – دونَ غيرهِ مِن الرسلِ والأنبياءِ- بينَ المعجزاتِ المعنويةِ المتمثلةِ في معجزةِ القرآنِ، والمعجزاتِ الحسيةِ كرحلةِ الإسراءِ والمعراجِ، وقد كانتْ إمامةُ نبيِّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالأنبياءِ جميعًا إشارةً إلى فضلهِ، وسموِ مزلتهِ، ورفعةِ قدرهِ، وعلوِّ شأنهِ عندَ ربِّهِ، فلو كان الأنبياءُ أحياءً ما وسعَهُم إلّا اتباعَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والجلوسَ بينَ يديهِ عنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ قَالَ: «مَثَلِي وَمَثَلُ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِي كَمَثَلِ رَجُلٍ بَنَى بُنْيَانًا فَأَحْسَنَهُ وَأَجْمَلَهُ، إِلَّا مَوْضِعَ لَبِنَةٍ مِنْ زَاوِيَةٍ مِنْ زَوَايَاهُ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَطُوفُونَ بِهِ وَيَعْجَبُونَ لَهُ وَيَقُولُونَ: هَلَّا وُضِعَتْ هَذِهِ اللَّبِنَةُ قَالَ فَأَنَا اللَّبِنَةُ، وَأَنَا خَاتَمُ النَّبِيِّينَ» (متفق عليه)، وصدق أحمد شوقي:

أَسرى بِكَ اللَهُ لَيلاً إِذ مَلائِكُهُ … وَالرُسلُ فى المَسجِدِ الأَقصى عَلى قَدَمِ

لَمّا خَطَرتَ بِهِ اِلتَفوا بِسَيِّدِهِم… كَالشُهبِ بِالبَدرِ أَو كَالجُندِ بِالعَلَمِ

صَلّى وَراءَكَ مِنهُم كُلُّ ذى خَطَرٍ… وَمَن يَفُز بِحَبيبِ اللَهِ يَأتَمِمِ

جُبتَ السَماواتِ أَو ما فَوقَهُنَّ بِهِم… عَلى مُنَوَّرَةٍ دُرِّيَّةِ اللُجُمِ

حَتّى بَلَغتَ سَماءً لا يُطارُ لَها… عَلى جَناحٍ وَلا يُسعى عَلى قَدَمِ

وَقيلَ كُلُّ نَبِى عِندَ رُتبَتِهِ … وَيا مُحَمَّدُ هَذا العَرشُ فَاِستَلِمِ

وقد ظهرَ فضلُ أمتهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في رحلةِ المعراجِ عندمَا اختارَ اللبنَ على الخمرِ فبشرَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بقولِهِ كما جاء عن مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ قَالَ: «…، ثم أتيتُ بإناءٍ مِن خمرٍ، وإناءٍ مِن لبنٍ، وإناءٍ مِن عسلٍ، فأخذتُ اللبنَ فقالَ: هي الفطرةُ التي أنت عليهَا وأمتُكَ» وفي روايةٍ: «أَمَّا إِنَّكَ لَوْ أَخَذْتَ الْخَمْرَ غَوَتْ أُمَّتُكَ» (متفق عليه)، فالإسلامُ لا ترفضهُ العقولُ الأبيةُ؛ لأنَّه دينُ الفطرةِ النقيةِ، وصدقَ ربُّ البريةِ حيثُ قالَ: ﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَالا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ﴾، وعلى قدرِ الريادةِ والمكانةِ تكونُ المشقةُ والمسؤوليةُ.

* تبادلُ الخبراتِ، وتلاقحُ الأفكارِ بينَ البشريةِ جمعاء: عندما فرضَ اللهُ الصلاةَ خمسينَ صلاةً أمرَ موسَى عليه السلامُ رسولَنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقالَ لهُ: «ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ فَإِنَّ أُمَّتَكَ لَا يُطِيقُونَ ذَلِكَ، فَإِنِّي قَدْ بَلَوْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَخَبَرْتُهُمْ» (مسلم)، لقد ازدادَ موسَى عليهِ السلامُ خبرةً وممارسةً في دعوتهِ، ورسالةِ ربِّهِ، مِمّا جعلَهٌ ينقلُهَا إلى مَن بعدَهُ حتى لا تقع أمةُ سيدِنَا مُحمدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيمَا وقعَ فيهِ قومهُ عليه السلامُ، وهكذا كلُّ متخصصٍ أو عالمٍ عليهِ أنْ يورثَ علمَهُ وخبرتَهُ غيرَهُ، ولا يكتنزَهَا لنفسِه، ويضنَّ بها على غيرهِ كي يعمَّ النفعُ الجميعَ، ولذا أخبرَ ربُّنَا أنَّ مَن يكتمُ علمَهُ سيطردُ مِن رحمتهِ، وسيخرجُ عن محلِّ عفوهِ قالَ تعالَى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالْهُدى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتابِ أُولئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاَّعِنُونَ﴾ والآيةُ وإنْ كان لها سببُ نزولِ لكنَّ «العبرةَ بعمومِ اللفظِ لا بخصوصِ السببِ»، كما توعّدَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أيضًا مَن يباشرُ هذا الصنيعَ بأنَّ لهُ النارَ خاصةً إذا كانت البشريةُ في حاجةٍ ماسةٍ إليهِ فيمَا يتعلقُ مِن غذاءٍ أو علاجٍ أو غيرِ ذلك فعنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ سُئِلَ عَنْ عِلْمٍ عَلِمَهُ ثُمَّ كَتَمَهُ أُلْجِمَ يَوْمَ القِيَامَةِ بِلِجَامٍ مِنْ نَارٍ» (الترمذي وحسنه وابن ماجه)،  فهو لمَّا سكتَ في وقتٍ يتعينُ عليهِ فيه الكلامُ أشبَهَ العجماوات، والحيوانُ يحتاجُ إلى لجامٍ، وكذا مَن يمنعُ علمَهُ يحتاجُ إلى أنْ يُلجمَ بلجامٍ مِن نارٍ مكافأةً لهُ على فعلِهِ، ليكونَ الجزاءُ مِن جنسِ العملِ، أمَّا مَن ينشرُ علمَهُ وخبرتَهُ فله الفضلُ الجزيلُ، والثناءُ العظيمُ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ قَالَ: «إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ» (مسلم) .

*بناءُ الرجالِ، والرجالُ لا يمكنُ بناؤهُم إلّا مِن خلالِ المواقفِ: عندما أخبرَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأمرِ الإسراءِ والمعراجِ طفقَ قومُهُ بينَ مصفقٍ وبينَ واضعٍ يدَهُ على رأسِهِ تعجبًا؛ إذ الأمرُ يحتاجُ إلى يقينٍ بقدرةِ ربِّ العالمين، وحسنِ صدقٍ بسيدِ العالمين، فالشدةُ تفرزُ معادنَ الرجالِ، فكمَا كشفَ الإسراءُ المنافقين، أفرزَ أيضًا رجالًا مِن المتقين كأبِي بكرٍ الصديق: فقد «أَصْبَحَ يَتَحَدَّثُ النَّاسُ بِذَلِكَ فَارْتَدَّ نَاسٌ مِمَّنْ كَانُوا آمَنُوا بِهِ وَصَدَّقُوهُ وَسَعَوْا بِذَلِكَ أَبِي بَكْرٍ فَقَالُوا: هَلْ لَكَ فِي صَاحِبِكَ يَزْعُمُ أَنَّهُ أُسْرِيَ بِهِ فِي اللَّيْلِ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ قال: أو قال ذَلِكَ؟ قَالُوا: نَعَمْ قَالَ لَئِنْ كَانَ قَالَ ذَلِكَ لَقَدْ صَدَقَ، قَالُوا وَتُصَدِّقُهُ أَنَّهُ ذَهَبَ اللَّيْلَةَ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَجَاءَ قَبْلَ أَنْ يُصْبِحَ، قَالَ: نَعَمْ إِنِّي لَأُصَدِّقُهُ بِمَا هُوَ أَبْعَدُ مِنْ ذَلِكَ: أُصَدِّقُهُ بِخَبَرِ السَّمَاءِ فِي غَدْوَةٍ أَوْ رَوْحَةٍ »، (دلائل النبوة)، إنَّه إيمانٌ ثابتٌ لا تزعزعهُ زخارفُ الحياةِ، ولا تقلبهُ رياحُ المصلحةِ، ولا تثنيه المنفعةُ، فما أحوجنَا إليهِ في زمنٍ عزَّ فيه الصديقُ، وندرَ فيهِ الحبيبُ، وصدقَ الإمامُ الشافعيُّ:

جَزَى اللهُ الشَّدَائِدَ كُلَّ خَيْرٍ … وَإنْ كانت تُغصّصُنِي بِرِيقِي

وَمَا شُكْرِي لهَا حمْداً وَلَكِن … عرفتُ بها عدوّي من صديقي

 

العنصر الثالث من خطبة الجمعة القادمة 17 فبراير 2023م

(3) آياتٌ كُبرىَ وقعتْ ليلةَ المعراجِ.  

ذكرتْ كتبُ السنةِ بعضَ ما رأهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليلةَ المعراجِ، وهي أكثرُ مِن أنْ تُحصَى قالَ ربُّنَا: ﴿لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى﴾، وتلك الأشياءُ التي أبصرَهَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تعالجُ بعضَ السلوكياتِ في حياتِنَا، فحريٌّ بالعاقلِ أنْ ينتبهَ لهَا، وينتهِي عنهَا، فقد رأىَ «حَجَرًا صَغِيرًا يَخْرُجُ مِنْهُ ثَوْرٌ عَظِيمٌ، فَجَعَلَ الثَّوْرُ يُرِيدُ أَنْ يَرْجِعَ مِنْ حَيْثُ خَرَجَ فَلَا يَسْتَطِيعُ، فَقَالَ: مَا هَذَا يَا جِبْرِيلُ؟، قَالَ: هَذَا الرَّجُلُ يَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ الْعَظِيمَةِ، ثُمَّ يَنْدَمُ عَلَيْهَا فَلَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَرُدَّهَا» (البزار وَرِجَالُهُ مُوَثَّقُونَ)، وهذا يدلُّكَ على عظمِ الكلمةِ وخطرِهَا في المجتمعِ خاصةً إذا ترتبَ عليهَا إشاعةُ الفوضَى، ونشرُ الاضطرابِ،، وإثارةُ القلاقلِ بينَ الناسِ، كما رأِى «رَجُلًا قَدْ جَمَعَ حُزْمَةً عَظِيمَةً لاَ يَسْتَطِيعُ حَمْلَهَا وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَزِيدَ عَلَيْهَا، فَقَالَ: يَا جِبْرِيلُ، مَا هَذَا؟ قَالَ: هذَا رَجُلٌ مِنْ أُمَّتِكَ عَلَيْهِ أَمَانَةُ النَّاسِ لاَ يَسْتَطِيعُ أَدَاءَهَا، وَهُوَ يَزِيدَ عَلَيْهَا»، وفي هذا دلالةٌ على عظمِ مَن استأمنَهُ الناسُ على أموالِهِم وأسرارِهِم، فالكلمةُ أمانةٌ، وأدءُ حقِّ الوطنِ، والمحافظةُ عليهِ أمانةٌ، وحفظُ أرضهِ وعرضهِ أمانةٌ، وردعُ المعتدين عليهِ أمانةٌ، وقد مرَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أيضاً «بقَوْمٍ لَهُمْ أَظْفَارٌ مِنْ نُحَاسٍ، يَخْمُشُونَ وُجُوهَهُمْ وَصُدُورَهُمْ، فَقُلْتُ: مَنْ هَؤُلَاءِ يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ لُحُومَ النَّاسِ، وَيَقَعُونَ فِي أَعْرَاضِهِمْ » (أبو داود وأحمد)، وهذا يشيرُ إلى جرمِ مَن يخوضُ في أعراضِ الناسِ، ويتتبعُ عوراتِهِم، ويتجسسُ عليهِم، ويشهرُ بهِم ويفضحُهُم، ويتهمُهُم بالباطلِ دونَ دليلٍ أو بينةٍ، ألَا فلنحذرْ مثلَ هذه الأفعالِ، لننالَ رضَا الرحمنِ، ونسعدَ بمجاورةِ سيّدِ الأنامِ.

العنصر الرابع من خطبة الجمعة القادمة 17 فبراير 2023م

(4) فرضيةُ الصلاةِ ليلةَ الإسراءِ والعراجِ.

دلتْ السيرةُ  النبويةُ على أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يُصلِّي هو ومَن آمنَ معهُ أولَ الإسلامِ، وكانتْ الصلاةُ ركعتين رَكْعَتَيْن ثم أُتمتْ صلاةُ الحضرِ إلى أربع، وبقيتْ صلاةُ السفرِ ركعتين فعن عَائِشَةَ قالت: «فُرِضَتْ الصَّلاةُ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ في الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ فَأُقِرَّتْ صَلاةُ السَّفَرِ وَزِيدَ في صَلاةِ الْحَضَرِ» (متفق عليه)، ثم كان تتويجُ الصلاةِ ليلةَ المعراجِ ففرضَهَا اللهُ على خلقهِ مِن فوقِ سبعِ سمواتٍ بدونِ واسطةٍ، فلم يرسلْ بِفَرْضِيَّتِهَا جِبْرِيلَ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- وإنما فَرَضَهَا كِفَاحًا منه إِلَى نبيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ إذ صعدَ إلى ما فوقَ السماءِ السابعةِ حتى سمعَ صريفَ الأقلامِ تكتبُ القدرَ فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كَانَ أَبُو ذَرٍّ يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «ثُمَّ عَرَجَ بِي حَتَّى ظَهَرْتُ لِمُسْتَوًى أَسْمَعُ فِيهِ صَرِيفَ الْأَقْلَامِ، فَفَرَضَ اللهُ عَلَى أُمَّتِي خَمْسِينَ صَلَاةً، قَالَ: فَرَجَعْتُ بِذَلِكَ حَتَّى أَمُرَّ بِمُوسَى، فَقَالَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ: مَاذَا فَرَضَ رَبُّكَ عَلَى أُمَّتِكَ؟ قَالَ: قُلْتُ: فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسِينَ صَلَاةً، قَالَ لِي مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ: فَرَاجِعْ رَبَّكَ، فَإِنَّ أُمَّتَكَ لَا تُطِيقُ ذَلِكَ، قَالَ: فَرَاجَعْتُ رَبِّي، فَوَضَعَ شَطْرَهَا، قَالَ: فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَأَخْبَرْتُهُ قَالَ: رَاجِعْ رَبَّكَ، فَإِنَّ أُمَّتَكَ لَا تُطِيقُ ذَلِكَ، قَالَ: فَرَاجَعْتُ رَبِّي، فَقَالَ: هِيَ خَمْسٌ وَهِيَ خَمْسُونَ لَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ، قَالَ: فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى، فَقَالَ: رَاجِعْ رَبَّكَ، فَقُلْتُ: قَدْ اسْتَحْيَيْتُ مِنْ رَبِّي» (متفق عليه)، فهي خمسٌ في الأداءِ، خمسونَ في الأجرِ والثوابِ والعطاءِ، وإذا كان رسولُنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد كلّمَهُ اللهُ كفاحًا ليلةَ المعراجِ، فإنَّ اللهَ جعلَ الصلواتِ الخمسَ معراجَ الإنسانِ إلى ربِّهِ، ففيهَا يناجيه ويسألُهُ قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:«إِنَّ أَحَدَكُمْ إذا قام في صَلاتِهِ فإنه يُنَاجِي رَبَّهُ أو إِنَّ رَبَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ» (البخاري)

، ولهذا أُمِرَ المسلمُ فيها بالخشوعِ للهِ قال ربُّنَا: ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ﴾، ونهَي عن الالتفاتِ في الصلاةِ، والعبثِ بثوبهِ وجسدهِ، وتقليبِ الحصَى، وعن كلِّ ما ليسَ مِن جنسِهَا، وعن رفعِ بصرهِ إلى السماءِ خشيةَ أنْ يذهبَ بصرُهُ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ عَنْ رَفْعِهِمْ أَبْصَارَهُمْ عِنْدَ الدُّعَاءِ فِي الصَّلَاةِ إِلَى السَّمَاءِ، أَوْ لَتُخْطَفَنَّ أَبْصَارُهُمْ» (مسلم)، فالعبدُ عندمَا يقرأُ فاتحةَ الكتابِ في كلِّ ركعةٍ فإنَّهُ يُناجِي مولاهُ ويدعوهُ كما جاءً عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «قال الله: قَسَمْتُ الصَّلاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ وَلِعَبْدِي ما سَأَلَ، فإذا قال الْعَبْدُ ﴿الْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾، قال اللهُ حَمِدَنِي عَبْدِي وإذا قال ﴿الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ قال اللهُ أَثْنَى عَلَيَّ عَبْدِي وإذا قال ﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾ قال مَجَّدَنِي عَبْدِي، وقال مَرَّةً فَوَّضَ إلي عَبْدِي، فإذا قال ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ قال هذا بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي وَلِعَبْدِي ما سَأَلَ، فإذا قال ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عليهم غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عليهم ولا الضَّالِّينَ﴾، قال هذا لِعَبْدِي وَلِعَبْدِي ما سَأَلَ» (مسلم)، ألا فليعطهَا المسلمُ جلَّ عنايتهِ، ويجعلْهَا محطَّ اهتمامهِ ورعايتهِ، ويستحضرْ فيها عظمةَ ربِّهِ كما كان الصالحون يصنعون ذلك، ألَا ما أحوجَ العبدُ إليهَا عندما تضيقُ بهِ السبلُ، وتنسدُّ في وجهِ الأبوابُ، ويهجرهُ الصديقُ، يقرعُ بابَ خالقهِ فيجدُهُ أقربَ إليهِ مِن حبلِ الوريدِ قالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَجُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلَاةِ» (النسائي)، وهناكَ حقيقةٌ علميةٌ هامةٌ هى أنَّ الإنسانَ كلمَا كان في حالةِ خشوعٍ فإنَّ الموجاتِ الكهرومغناطيسيةَ التي يصدرُهَا الدماغُ تصبحُ أقلَّ ذبذبة، وهذا يريحُ الدماغَ ويقويه، وصدقَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حيثُ قالَ: «يَا بِلَالُ، أَقِمِ الصَّلَاةَ، وَأَرِحْنَا بِهَا» (أبو داود) .

إنَّ المسلمَ عندمَا يواضبُ على الصلاةِ، ويجددُ العهدَ بهَا، تحصلُ له مِن السلامةِ والطمأنينةِ ما لا يقادرُ قدرهَا إلّا مَن ذاقَ وعرفَ وعاشَ ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾، وقد أكدَ العلمُ الحديثُ أنَّ حالةَ الخشوعِ تفيدُ حالاتِ الاكتئابِ والقلقِ والإحباطِ، وتزيدُ مِن الثقةِ بالنفسِ، أمَّا في الآخرةِ فيحصلُ له النورُ التامُّ على الصراطِ فعَنْ بُرَيْدَةَ الأَسْلَمِي عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «بَشِّرِ المَشَّائِينَ فِي الظُّلَمِ إِلَى المَسَاجِدِ بِالنُّورِ التَّامِّ يَوْمَ القِيَامَةِ» (ابن ماجه والحاكم وصححه ووافقه الذهبي) .

نسألُ اللهَ أنْ يرزقنَا حسنَ العملِ، وفضلَ القبولِ، إنَّهُ أكرمُ مسؤولٍ، وأعظمُ مأمولٍ، وأنْ يجعلَ بلدنَا مِصْرَ سخاءً رخاءً، أمنًا أمانًا، سلمًا سلامًا وسائرَ بلادِ العالمين، ووفق ولاةَ أُمورِنَا لِمَا فيهِ نفعُ البلادِ والعبادِ.

 الدعاء ،،،                         وأقم الصلاة،،،،،،،        كتبه: د / محروس رمضان حفظي عبد العال                                                                                                  

                                             عضو هيئة التدريس بجامعة الأزهر

_____________________________________

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

وللإطلاع علي قسم خطبة الجمعة

 

تابعنا علي الفيس بوك

 

الخطبة المسموعة علي اليوتيوب

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات

 

وللإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

وللمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

عن كتب: د.أحمد رمضان

الدكتور أحمد رمضان حاصل علي الماجستير من جامعة الأزهر بتقدير ممتاز سنة 2005م ، وحاصل علي الدكتوراه بتقدير مع مرتبة الشرف الأولي من جامعة الأزهر الشريف سنة 2017م. مؤسس جريدة صوت الدعاة ورئيس التحرير وكاتب الأخبار والمقالات المهمة بالجريدة، ويعمل بالجريدة منذ 2013 إلي اليوم. حاصل علي دورة التميز الصحفي، وقام بتدريب عدد من الصحفيين بالجريدة. للتواصل مع رئيس التحرير على الإيميل التالي: [email protected] رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) للمزيد عن الدكتور أحمد رمضان رئيس التحرير أضغط في القائمة علي رئيس التحرير

شاهد أيضاً

خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف pdf و word : تطبيقات حُسن الخلق ، بتاريخ 17 شوال 1445 هـ ، الموافق 26 أبريل 2024م

خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف pdf و word : تطبيقات حُسن الخلق

خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف pdf و word : تطبيقات حُسن الخلق ، بتاريخ 17 شوال …

خطبة الجمعة القادمة 26 أبريل 2024م بعنوان : تطبيقات حُسن الخلق ، للشيخ خالد القط ، بتاريخ 17 شوال 1445هـ ، الموافق 26 أبريل 2024م

خطبة الجمعة 26 أبريل 2024م بعنوان : تطبيقات حُسن الخلق ، للشيخ خالد القط

خطبة الجمعة القادمة 26 أبريل 2024م بعنوان : تطبيقات حُسن الخلق ، للشيخ خالد القط ، …

خطبة الجمعة القادمة 26 أبريل 2024م بعنوان : تطبيقات حُسن الخلق ، للدكتور عمر مصطفي، بتاريخ 17 شوال 1445هـ ، الموافق 26 أبريل 2024م

خطبة الجمعة القادمة 26 أبريل 2024م بعنوان : تطبيقات حُسن الخلق ، للدكتور عمر مصطفي

خطبة الجمعة القادمة 26 أبريل 2024م بعنوان : تطبيقات حُسن الخلق ، للدكتور عمر مصطفي، بتاريخ 17 …

خطبة الجمعة بعنوان : تطبيقات حُسن الخلق ، للدكتور خالد بدير، بتاريخ 17 شوال 1445 هـ ، الموافق 26 أبريل 2024م

خطبة الجمعة بعنوان : تطبيقات حُسن الخلق ، للدكتور خالد بدير

خطبة الجمعة بعنوان : تطبيقات حُسن الخلق ، للدكتور خالد بدير، بتاريخ 17 شوال 1445 …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

Translate »