أخبار مهمةالخطبة المسموعةخطبة الأسبوعخطبة الجمعةخطبة الجمعة القادمة ، خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف المصرية مكتوبة word pdfعاجل

خطبة الجمعة القادمة 20 يونيو : إذا أردت السلامة من غيرك فاطلبها في سلامة غيرك منك ، للدكتور محروس حفظي

 إذا أردتَ السلامةَ مِن غيرِكَ؛ فاطلبهَا في سلامةِ غيرِكَ منكَ

خطبة الجمعة القادمة

خطبة الجمعة القادمة 20 يونيو 2025 م بعنوان : إذا أردت السلامة من غيرك فاطلبها في سلامة غيرك منك ، للدكتور محروس حفظي بتاريخ 24 ذو الحجة 1446هـ ، الموافق 20 يونيو 2025م. 

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 20 يونيو 2025م ، للدكتور محروس حفظي بعنوان : الأوطانُ ليست حفنةً مِن ترابٍ.

ولتحميل خطبة الجمعة القادمة 20 يونيو 2025م ، للدكتور محروس حفظي بعنوان : إذا أردتَ السلامةَ مِن غيرِكَ؛ فاطلبهَا في سلامةِ غيرِكَ منكَ ، بصيغة  word أضغط هنا.

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 20 يونيو 2025م ، للدكتور محروس حفظي بعنوان : إذا أردتَ السلامةَ مِن غيرِكَ؛ فاطلبهَا في سلامةِ غيرِكَ منكَ ، بصيغة  pdf أضغط هنا.

___________________________________________________________

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

و للمزيد عن مسابقات الأوقاف

.

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

و للمزيد عن الدروس الدينية

عناصر خطبة الجمعة القادمة 20 يونيو 2025م بعنوان : إذا أردتَ السلامةَ مِن غيرِكَ؛ فاطلبهَا في سلامةِ غيرِكَ منكَ ، للدكتور محروس حفظي :

 

(1) احترامُ خصوصياتِ الآخرينَ مقصدٌ مِن مقاصدِ الشريعةِ.

(2) عقوبةُ تتبعِ عوراتِ الخلقِ في الدنيا والآخرةِ.

(3) إجراءاتٌ عمليّةٌ في النهيِ عن تتبعِ عوراتِ الغيرِ.

(4) فقهُ التعاملِ مع مواقعِ التواصلِ الاجتماعِي.

 

ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 20 يونيو 2025م بعنوان: إذا أردتَ السلامةَ مِن غيرِكَ؛ فاطلبهَا في سلامةِ غيرِكَ منكَ ، للدكتور محروس حفظي : كما يلي: 

 

 إذا أردتَ السلامةَ مِن غيرِكَ؛ فاطلبهَا في سلامةِ غيرِكَ منكَ

بتاريخ 24 ذو الحجة 1446هـ = الموافق 20 يونيو 2025 م»

 

الحمدُ للهِ حمداً يُوافِي نعمَهُ، ويُكافِىءُ مزيدَهُ، لك الحمدُ كما ينبغِي لجلالِ وجهِكَ، ولعظيمِ سلطانِكَ، والصلاةُ والسلامُ الأتمانِ الأكملانِ على سيدِنَا مُحمدٍ ﷺ، أمّا بعدُ ،،،

العنصر الأول من خطبة الجمعة القادمة 20 يونيو : إذا أردت السلامة من غيرك فاطلبها في سلامة غيرك منك ، للدكتور محروس حفظي

(1) احترامُ خصوصياتِ الآخرينَ مقصدٌ مِن مقاصدِ الشريعةِ:

إنَّ احترامَ “خصوصيةِ الغيرِ” داخلٌ تحتَ مقصدِ “حفظِ العرضِ” الذي هو أحدُ المقاصدِ الكبرَى للشريعةِ الغراءِ، فعن عبدِ الرحمنِ بنِ عوفٍ قال خرجتُ مع عمرَ- رضي اللهُ عنهمَا- ليلةً في المدينةِ، فبينمَا نحنُ نمشِي إذْ ظهرَ لنَا سراجٌ، فانطلقنَا نؤمَهُ، فلمَّا دنونَا منهُ، إذا بابٌ مغلقٌ على قومٍ لهُم أصواتٌ ولغطٌ، فأخذَ عمرُ بيدِي، وقال: أتدرِي بيتُ مَن هذا، قلتُ: لا فقال، هذا بيتُ ربيعةَ بنِ أميةَ بنِ خلفٍ، وهُم الآنَ شربٌ، فمَا ترَى قلتُ أرَى أنَّا قد أتينَا ما نهانَا اللهُ عنهُ، قال اللهُ تعالى: {وَلَا تَجَسَّسُوا} [الحجرات: 12]، فرجعَ عمرُ- رضي اللهُ عنه- وتركَهُم” وهذا يدلُّ على وجوبِ السترِ، وتركِ التتبعِ. (إحياء علوم الدين، 2/ 200).

لقد بلغَ الإسلامُ النهايةَ في احترامِ خصوصياتِ الآخرين، فنهَى عن تتبعِ عوراتِ الناسِ، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا} [الحجرات: 12]، وعَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِ اللَّهِ: {وَلَا تَجَسَّسُوا} [الحجرات: 12]، قَالَ: “خُذُوا مَا ظَهَرَ، وَدَعُوا مَا سَتَرَ اللَّهُ- عَزَّ وَجَلَّ-“. (الاستذكار لابن عبد البر، 8/ 291).

رُوِيَ أنَّ عمرَ- رضي اللهُ عنه- كان يعسُّ بالمدينةِ مِنَ اللَّيْلِ، فَسَمِعَ صَوْتَ رَجُلٍ فِي بَيْتٍ يتغنَّى، فتسورَ عليهِ فوجدَهُ عِنْدَهُ امْرَأَةً، وَعِنْدَهُ خَمْرٌ، فَقَالَ يَا عَدُوَّ اللَّهِ أَظْنَنْتَ أَنَّ اللَّهَ يَسْتُرُكَ، وَأَنْتَ عَلَى معصيتِهِ، فقال: وأنت يا أميرَ المؤمنينَ فلا تعجل، فإنْ كنتُ قد عَصَيْتُ اللَّهَ وَاحِدَةً، فَقَدْ عَصَيْتَ اللَّهَ فِيَّ ثلاثاً، قال اللهُ تعالى: {وَلَا تَجَسَّسُوا} [الحجرات: 12]، وَقَدْ تَجَسَّسْتَ، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا} [البقرة: 189]، وَقَدْ تَسَوَّرْتَ عَلَيَّ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا} [النور: 27]، وَقَدْ دَخَلْتَ بَيْتِي بِغَيْرِ إِذْنٍ وَلَا سلام، فقال عمرُ: هَلْ عِنْدَكَ مِنْ خَيْرٍ إِنْ عَفَوْتُ عَنْكَ، قال: نعم واللهِ يا أميرَ المؤمنينَ لَئِنْ عَفَوْتَ عَنِّي لَا أَعُودُ إِلَى مِثْلِهَا أبداً، فعفَا عنهُ، وخرجَ وتركَهُ” (إحياء علوم الدين، 2/ 201).

إذا كان الإسلامُ نهَى عن دخولِ البيوتِ دونَ إذنِ أصحابِهَا فقالَ تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَّكَّرُونَ * فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلاَ تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} [النور: 27: 28]، ففي هذا العصرِ هناكَ مَن يطلعُ على أسرارِ الآخرينَ دونَ علمِهِم، ويحاولُ استراقَ النظرِ في متابعةِ أحوالِهِم مِن خلالِ مواقعِ التواصلِ الاجتماعِي وغيرِهَا؛ وهذا عملٌ دنيءٌ يتعارضُ مع مقاصدِ الشريعةِ بل مع المروءةِ، والاستئذانُ إنّمَا شُرعَ مِن أجلِ النظرِ، قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إِنَّمَا جُعِلَ الْإِذْنُ مِنْ أَجْلِ الْبَصَرِ» (رواه مسلم)، والنظرُ يتناولُ الأمورَ الماديةَ والمعنويةَ.

فلتعلمْ أخي الكريم: أنَّ تتبعَ عوراتِ الغيرِ مِن أعظمِ صورِ الأذَى المُحرمِ، قالَ تعالى:{وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} [الأحزاب: 58].

قال ابنُ عطيةَ في “تفسيرِه”: (وإذايةُ المؤمنينَ والمؤمناتِ هي أيضاً بالأفعالِ، والأقوالِ القبيحةِ، والبهتانِ والكذبِ الفاحشِ المختلقِ) أ.ه. (المحرر الوجيز، 4/ 398).

وقد جمعَ- سبحانَهُ- في ذمِّهِم في الآيةِ بينَ “البهتانِ والإثمِ المبينِ”؛ “للدلالةِ على فظاعةِ ما ارتكبوهُ في حقِّ المؤمنينَ والمؤمنات؛ إذ البهتانُ هو الكذبُ الصريحُ الذي لا تقبلُهُ العقولُ، بل يحيرُهَا ويدهشُهَا؛ لشدتهِ وبعدهِ عن الحقيقةِ”. (التفسير الوسيط أ.د/ محمد سيد طنطاوي، 11/ 245).

قال ابنُ رجبٍ: (تَضَمَّنَتْ النُّصُوص كُلُّهَا أَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَحِلُّ إِيصَالُ الْأَذَى إِلَيْهِ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} [الأحزاب: 58] [الْأَحْزَابِ: 58]، وَإِنَّمَا جَعَلَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ إِخْوَةً لِيَتَعَاطَفُوا وَيَتَرَاحَمُوا) أ.ه. (جامع العلوم والحكم، 3/ 999).

العنصر الثاتي من خطبة الجمعة القادمة 20 يونيو : إذا أردت السلامة من غيرك فاطلبها في سلامة غيرك منك ، للدكتور محروس حفظي

(2) عقوبةُ تتبعِ عوراتِ الخلقِ في الدنيا والآخرةِ:

إنَّ تتبعَ حياةِ الآخرينَ بهدفِ نشرِ مثالبِهِم منكرٌ يعاقبُ عليهِ فاعلُهُ؛ لأنّهُ يشيعُ الفوضَى في المجتمعاتِ، ويعلنُ المنكراتِ، واللهُ علّقَ الوعيدَ الشديدَ في الدارينِ على محبةِ انتشارِ الفاحشةِ في الذينَ آمنُوا، فقالَ تعالَى: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النور: 19]، ولذا إذا نظرَ الإنسانُ في بيتِ الرجلِ ليطلعَ على عورتِه فرماهُ بحصاةٍ ففقأَ عينَهُ، فإنّهُ لا يضمنُ ذلكَ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «لَوْ أَنَّ رَجُلًا اطَّلَعَ عَلَيْكَ بِغَيْرِ إِذْنٍ، فَخَذَفْتَهُ بِحَصَاةٍ، فَفَقَأْتَ عَيْنَهُ مَا كَانَ عَلَيْكَ مِنْ جُنَاحٍ» (رواه مسلم).

إنَّ فاعلَ ذلكَ مهمَا أخذَ احتياطاتِه، وحصّنَ نفسَهُ بالتدابيرِ، ووسائلِ الحفظِ المختلفةِ، فاللهُ فاضحُهُ لا محالة، فكمَا تدينُ تُدانُ، فعَنْ أَبِي بَرْزَةَ، قَالَ: قَالَ ﷺ: «يَا مَعْشَرَ مَنْ آمَنَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يَدْخُلِ الْإِيمَانُ قَلْبَهُ، لَا تَغْتَابُوا الْمُسْلِمِينَ، وَلَا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ، فَإِنَّهُ مَنْ تَتَّبَعَ عَوْرَاتِ الْمُسْلِمِينَ تَتَّبَعَ اللَّهُ عَوْرَتُهُ حَتَّى يَفْضَحَهُ فِي بَيْتِهِ» (رواه أبو يعلى في “مسنده”).

ولا يحيقُ المكرُ السيءُ إلّا بأهلِه، قال أنسٌ: “ثلاثٌ قد فرغَ اللهُ مِن القضاءِ فيهنَّ:- ومنهَا- لا يبغِينَّ أحدُكُم، فإنَّ اللهَ يقولُ: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ} [يونس: 23]، ولا يمكرنَّ أحدُكُم، فإنَّ اللهَ يقولُ: {وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ} [فاطر: 43]. (الديلمي في “مسنده”).

يا مَن ينتهكُ حياةَ الناسِ، فتفسدَ عليهِم معيشتَهُم، وتخربَ بيوتَهُم، وتقطعَ أرحامَهُم، كُنْ على يقينٍ أنَّ فعلَكَ هذا مِن جملةِ حقوقِ العبادِ، وهي ديونٌ سيستوفيهَا اللهُ منكَ عاجلاً أو آجلاً، فتلك حقوقٌ تعتمدُ على “المقاصةِ والمؤاخذةِ”، ولا تسقطُ إلّا بالأداءِ أو الإبراءِ، وهذا يستلزمُ التحلل منها قدرَ المستطاعِ، فعَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ ﷺ: “الدَّوَاوِينُ عِنْدَ اللهِ ثَلَاثَةٌ: دِيوَانٌ لَا يَعْبَأُ اللهُ بِهِ شَيْئًا، وَدِيوَانٌ لَا يَتْرُكُ اللهُ مِنْهُ شَيْئًا، وَدِيوَانٌ لَا يَغْفِرُهُ اللهُ …، وَأَمَّا الدِّيوَانُ الَّذِي لَا يَتْرُكُ اللهُ مِنْهُ شَيْئًا: فَظُلْمُ الْعِبَادِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا، الْقِصَاصُ لَا مَحَالَةَ” (رواه أحمد في “مسنده”).

العنصر الثالث من خطبة الجمعة القادمة 20 يونيو : إذا أردت السلامة من غيرك فاطلبها في سلامة غيرك منك ، للدكتور محروس حفظي

 (3) إجراءاتٌ عمليةٌ في النهيِ عن تتبعِ عوراتِ الغيرِ:

وضعَ الشارعُ الحكيمُ بعضَ الإجراءاتِ العمليةِ التي تحمِي الإنسانَ مِن كشفِ سوءَتِه، ومِن ذلكَ:

أولاً: يجبُ على العبدِ السترُ، وإبداءُ النصيحةِ لا التشهيرِ وإظهارِ المساوىءِ والعيوبِ، عَنْ مُعَاوِيَةَ قَالَ: سَمِعْتُ النبي ﷺ يَقُولُ: «إِنَّكَ إِنِ اتَّبَعْتَ عَوْرَاتِ النَّاسِ أَفْسَدْتَهُمْ، أَوْ كِدْتَ أَنْ تُفْسِدَهُمْ» (رواه أبو داود).

وكتبَ رجلٌ إلى ابنِ عمرَ– رضي اللهُ عنهمَا- أنْ اكتبْ إليَّ بالعلمِ كلِّهِ، فكتبَ إليهِ: “إِنَّ العِلمَ كَثِيْرٌ، وَلَكِنْ إِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَلقَى اللهَ خَفِيفَ الظَّهْرِ مِنْ دِمَاءِ النَّاسِ، خَمِيْصَ البَطنِ مِنْ أَمْوَالِهِم، كَافَّ اللِّسَانِ عَنْ أَعْرَاضِهِم، لاَزماً لأَمرِ جَمَاعَتِهِم فَافعَلْ” (كنز العمال)، فتداركْ أمرَكَ قبلَ حلولِ أجلِكَ.

ثانياً: إذا أطلعتَ على شيءٍ يتعلقُ بعوراتِ الناسِ، عليكَ أنْ تحفظهَا ولا تذيعهَا؛ لأنّهَا مِن الأمانةِ التي ستسألُ عنهَا يومَ القيامةِ، قالَ تعالَى: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ} [الأحزاب: 72].

قال القرطبيُّ: (وَالْأَمَانَةُ تَعُمُّ جَمِيعَ وَظَائِفِ الدِّينِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنَ الْأَقْوَالِ، وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ) أ.ه. (الجامع، 14/ 253).    

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «كَفَى بِالْمَرْءِ كَذِبًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ» (رواه مسلم).

ثالثاً: أحسنْ الظنَّ بالخلقِ، ولا تتدخلْ في خصوصياتِهِم، قالَ تعالَى: { لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ} [النور: 12]، وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ ﷺ: “فِي الْإِنْسَانِ ثَلَاثَةٌ: الطِّيَرَةُ، وَالظَّنُّ، وَالْحَسَدُ، فَمَخْرَجُهُ مِنَ الطِّيَرَةِ أَنْ لَا يَرْجِعَ، وَمَخْرَجُهُ مِنَ الظَّنِّ أَلَا يُحَقِّقَ، وَمَخْرَجُهُ مِنَ الْحَسَدِ أَنْ لَا يَبْغِيَ” (شعب الإيمان).

رابعاً: القرآنُ أدَّبَ المؤمنينَ، فأمرَ الخدمَ والأطفالَ أنْ يحترمُوا خصوصياتِ مَن يعيشونَ تحتَ إمرتِهِم، وبيّنَ أنَّ ثمةَ أوقاتٍ لا ينبغِي أنْ نخترقَ فيهَا حجبَ الغيرِ، فقالَ تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ} [النور: 58]، فالآيةُ تأمرُهُم بالاستئذانِ عندَ إرادةِ الدخولِ في هذه الأوقاتِ؛ لأنّهَا يغلبُ فيهَا اختلاءُ الرجلِ بأهلِه، ويغلبُ فيهَا انكشافُ ما يجبُ سترهُ، وهكذا يعيشونَ عيشةً فاضلةً، عامرةً بالعفافِ والحياءِ، والنقاءِ مِن كلِّ ما يجرحُ الشعور، ومِن كلِّ تصورٍ يتنافَى مع الخُلقِ الكريمِ.

خامساً: مِن أجلِّ احترامِ الخصوصيةِ أمرُ اللهِ المؤمنينَ أنّهُم إذا بلغَ أولادُهُم سنَّ البلوغِ، فعليهِم أنْ يستأذنُوا في الدخولِ عليهِم في كلِّ الأوقاتِ، فقالَ تعالى:{وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} [النور: 59].

سادساً: تجنبُ أصدقاءِ السوءِ، ورفقاءِ الباطلِ، والمجاملةِ لهُم: تؤكدُ الدراساتُ أنَّ أكثرَ الذينَ وقعُوا في الأذَى المادِي والمعنوِي وقعُوا بسببِ صحبةِ السوءِ، فيجبُ على الأبِّ أنْ يتابعَ عن كثبٍ ابنَهُ ويعرفَ أصحابَهُ ولا بُدَّ للأمِّ أنْ تعرفَ صويحباتِ بنتِهَا، أمَّا أنْ نتركَ الحبلَ على الغاربِ فلا، قبلَ أنْ يقعَ الندمُ ولاتَ ساعةَ مندمِ! وإيَّاكُم وصحبةَ السوءِ، ﴿الْأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ﴾ وقال ﷺ: “إِنَّمَا مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ، وَالْجَلِيسِ السَّوْءِ كَحَامِلِ الْمِسْكِ، وَنَافِخِ الْكِيرِ، فَحَامِلُ الْمِسْكِ إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً، وَنَافِخُ الْكِيرِ إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً“(البخاري).

العنصر الرابع من خطبة الجمعة القادمة 20 يونيو : إذا أردت السلامة من غيرك فاطلبها في سلامة غيرك منك ، للدكتور محروس حفظي

(4) فقهُ التعاملِ مع مواقعِ التواصلِ الاجتماعِي:

غدَا العالمُ اليومَ قريةً صغيرةً بفضلِ التقدمِ التكنولوجِي الهائلِ، وصارَ الإنسانُ يستطيعُ أنْ يحصلَ على ما يريدُ بلمسةٍ واحدةٍ، وهذا ما أومأتْ إليهِ السنةُ المشرفةُ، فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُكَلِّمَ السِّبَاعُ الإِنْسَ، وَحَتَّى تُكَلِّمَ الرَّجُلَ عَذَبَةُ سَوْطِهِ، وَشِرَاكُ نَعْلِهِ، وَتُخْبِرَهُ فَخِذُهُ بِمَا أَحْدَثَ أَهْلُهُ مِنْ بَعْدِهِ» (الترمذي وحسنه)، وأصبحَ قضاءُ حوائجِ الناسِ بنوعٍ مِن السهولةِ والسرعةِ، وقلةِ الجهدِ والتكلفةِ مِن غيرِ ترحالٍ، وهو تطبيقٌ عمليٌّ لحديثِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ، فَقَالَ: أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَى اللهِ؟ وَأَيُّ الْأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللهِ؟ فَقَالَ ﷺ: «أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللهِ تَعَالَى أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ، وَأَحَبُّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللهِ تَعَالَى سُرُورٌ تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ،…، وَمَنْ مَشَى مَعَ أَخِيهِ فِي حَاجَةٍ حَتَّى يَتَهَيَّأَ لَهُ أَثْبَتَ اللهُ قَدَمَهُ يَوْمَ تَزُولُ الْأَقْدَامِ» (المعجم الكبير للطبراني).

ومِن أعظمِ سلبياتِ وسائلِ التواصلِ أنّهُ يمكنُ للشخصِ أنْ يطلعَ على حسابِ الآخرينَ، ويكشفَ ما بهِ مِن معلوماتٍ دونَ علمٍ مسبقٍ مِن أجلِ مآربَ دنيئةٍ، وأغراضٍ خسيسةٍ، وأهدافٍ وضيعةٍ بحيثُ يجعلُ ما تحتَ يدهِ مِن أسرارٍ سيفاً مسلطاً على رقابِ الخلقِ، وخنجراً يطعنُ بهِ أعراضَهُم أو وسيلةَ ضغطٍ على أفرادِ العائلةِ، ولا شكَّ أنَّ فعلَ ذلكَ محرمٌ شرعاً، ولا يتفقُ مع أعرافِنَا، وثقافةِ مجتمعِنَا؛ لِمَا يترتبُ عليهِ مِن أضرارٍ فادحةٍ، وآثارٍ سلبيةٍ عظيمةٍ قد تصلُ– أحياناً- إلى انتحارِ الشخصِ المتتبعُ حياتَهُ، والتخلصِ مِن حياتِه المهددةِ بالفضيحةِ والعارِ، وإنْ لم يُقْتَلْ فعلاً فقد يُقْتَلُ نفسياً ومعنوياً؛ لهذا حرّمَ الإسلامُ التجسسَ بكلِّ أشكالِهِ أخذاً بقاعدةٍ: «الوسائلُ لهَا أحكامُ المقاصدِ».

أضفْ إلى ذلكَ الجرأةَ في الفتوَى، والخوضَ في دينِ اللهِ بلا علمٍ: لقد ابتلينَا بتصدُّرِ رؤوسٍ جهالٍ للفتوى، والتخوضِ في الأمورِ العلميةِ مِمّن ليسوا أهلاً للتخصصِ، ودونَ فهمٍ لآلياتِ النصِّ، ومعرفةِ إسقاطِه على الواقعِ المعيشِ، والإحاطةِ ب “فقهِ المآلاتِ”، والإحاطةِ بالجهاتِ الأربعِ في الفتوى “تغيرِ الزمانِ والمكانِ والأحوالِ والأشخاصِ”، قال تعالى: {وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ * مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النحل: 116: 117].

وفيمَا يلي بيانُ فقهِ التعاملِ مع هذه الوسائلِ:

أولاً: المحافظةُ على الوقتِ، والحذرُ مِن تفلتِ الواجباتِ المنوطةِ بالإنسانِ: أولَى القرآنُ الوقتَ أهميةً كبيرةً، فأقسمَ بهِ، وسمَّى بعضَ السورِ ببعضِ الأزمانِ، وهي ستُّ سورٍ: «الجمعةُ، الفجرُ، الليلُ، الضحَى، القدرُ، العصرُ»، وما هذا إلا برهانٌ ساطعٌ على ضرورةِ استغلالِ الوقتِ استغلالًا نافعًا، وقد خُتمت تلك السورُ ب «العصرِ» حيثُ أقسمَ اللهُ فيها على أنَّ الإنسانَ في خسرانٍ إنْ لم يعمرْ وقتَهُ بالعملِ الصالحِ، وبمَا ينفعُ ويثمرُ فقالَ تعالَى: {وَالْعَصْرِ* إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خَسِرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} [العصر: 2]، فلنتخذْ مِن وسائلِ التواصلِ سبيلًا لنشرِ الخيرِ، قال تعالى: {فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ} [الرعد: 17]، وقال ابْن مَسْعُودٍ: «إِنِّي لَأَمْقُتُ الرَّجُلَ أَنْ أَرَاهُ فَارِغًا لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ عَمَلِ الدُّنْيَا، وَلَا عَمَلِ الْآخِرَةِ» (ابْن أَبِي شَيْبَة) .

ثانياً: علينَا أنْ نُحْكِمَ قبضةَ المراقبةِ الأسريةِ داخلَ بيوتِنَا عملاً بقولِهِ تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم: 6]، وأخذاً بحديثِ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِلنَّبِيِّ ﷺ: أُرْسِلُ نَاقَتِي وَأَتَوَكَّلُ؟، قَالَ: «اعْقِلْهَا وَتَوَكَّلْ» (رواه ابن حبان في “صحيحه”).

وعَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «إِنَّ اللَّهُ سَائِلٌ كُلَّ رَاعٍ عَمَّا اسْتَرْعَاهُ أَحَفَظَ أَمْ ضَيَّعَ؟!» (رواه ابن حبان في “صحيحه”).

وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَقُوتُ» (رواه أبو داود).

فقد خلَصت الدراساتُ إلى أنَّ الاستخدامَ المفرِطَ لمواقعِ التواصُلِ الاجتماعِي، قد يضعُ الشخصَ تحتَ ضغطٍ وتوتُّرٍ زائدينِ، ليُصبِحَ بذلكَ أكثرَ عُرْضةً للإصابةِ بنوباتِ الاكتئابِ والقَلَقِ، ومِن ثَمَّ يؤثرُ على حياةِ الأسرةِ ككلٍّ.

ثالثاً: ترشيدُ الزمنِ وتنظيمُهُ أثناءَ الجلوسِ على مواقعِ التواصلِ الاجتماعِي: يقضِي المرءُ الساعاتِ الطوالَ بل قد ينامُ وهاتفُهُ بينَ يديهِ، ويستيقظُ وهو بينَ يديهِ، فعن ابْنِ عَمْرِو بْنِ العَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «…. فَإِنَّ لِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِعَيْنِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِزَوْرِكَ عَلَيْكَ حَقًّا» (رواه البخاري)، وقال تعالى: {وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا} [الإسراء: 29].

إنَّ الشخصَ الذي ينظمُ وقتَهُ، ويحددُ هدفَهُ، ويرتبُ أولوياتِه، يصبحُ أكثرَ إنجازاً مِن غيرِه، وأقربَ إلى التوفيقِ والسدادِ؛ لأنّهُ أخذَ بالأسبابِ، وعندمَا تنظرُ في تاريخِ السابقينَ تجدُ أنّهُم قد حرصُوا على “ترتيبِ الأولوياتِ”؛ فكانُوا يسابقونَ الساعاتِ، ويبادرونَ اللحظاتِ، ضنًّا منهُم بالوقتِ، وحرصاً على أنْ لا يذهبَ منهم هدراً، فعن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَابِطٍ، قَالَ: “لَمَّا حَضَرَ أَبَا بَكْرٍ الْمَوْتُ دَعَا عُمَرَ- رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- فَقَالَ لَهُ: “اتَّقِ اللهَ يَا عُمَرُ، وَاعْلَمْ أَنَّ لِلَّهِ عَمَلًا بِالنَّهَارِ لَا يَقْبَلُهُ بِاللَّيْلِ، وَعَمَلًا بِاللَّيْلِ لَا يَقْبَلُهُ بِالنَّهَارِ، وَأَنَّهُ لَا يَقْبَلُ نَافِلَةً حَتَّى تُؤَدَّى الْفَرِيضَةُ” (حلية الأولياء للأصبهاني).

وكان الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ يَقُولُ: «أَدْرَكْتُ أَقْوامًا كَانُوا عَلَى أَوْقَاتِهِمْ أَشَدَّ حِرْصًا مِنْكُمْ عَلَى دَرَاهِمِكُمْ وَدَنَانِيرِكُمْ، يا ابنَ آدم، إنّمَا أنت أيامٌ، فإذا ذهبَ يومٌ ذهبَ بعضُكَ» (قيمة الزمن عند العلماء لعبد الفتاح أبو غدة).

رابعاً: التعاملُ مع شائعاتِ مواقعِ التواصلِ الاجتماعِي: نشرُ الشائعاتِ الكاذبةِ مِن أدواتِ الحربِ النفسيةِ التي يستخدمُهَا الغيرُ؛ لتحقيقِ أهدافٍ دنيئةٍ، لكن اليقظُ الفطنُ اللبيبُ يقفُ مِن تلكَ الشائعاتِ إحدَى الحسنيين: أحدُهَا: موقفُ المتجاهلِ الذي لا يعبأُ بمَا يُقالُ أو ينشرهُ المرجفونَ، قالَ تعالى: {وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ} [النور: 16]، وقد حكمَ اللهُ عليهِم باللعنِ إنْ لم ينتهُوا فقال: { لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا * مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا} [الأحزاب: 60: 61] ، وللهِ درُّ الشافعِي حيثُ قال:

إِذا نَطَقَ السَفيهُ فَلا تَجِبهُ … فَخَيرٌ مِن إِجابَتِهِ السُكوتُ

 فَإِن كَلَّمتَهُ فَرَّجتَ عَنهُ … وَإِن خَلَّيتَهُ كَمَداً يَموتُ

ثانيها: موقفُ المتثبتِ الناقدِ لِمَا يسمعُ، ويذاعُ مِن الأخبارِ والأراجيفِ حسبمَا أمرَنَا ربُّنَا في كتابِه العزيزِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} [الحجرات: 6].

وقال سبحانه: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا} [الإسراء: 36].

عَنْ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ عن أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «وَيْلٌ لِلَّذِي يُحَدِّثُ فَيَكْذِبُ لِيُضْحِكَ بِهِ الْقَوْمَ، وَيْلٌ لَهُ وَيْلٌ لَهُ» (رواه أبو داود).

وعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ، كَانَ «يُحَدِّثُ حَدِيثًا لَوْ عَدَّهُ العَادُّ لَأَحْصَاهُ» (متفق عليه).

خامساً: القولُ الطيبُ، والبعدُ عن السبابِ والتراشقِ بالألفاظِ: قالَ تعالى:{وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا} [الإسراء: 53]. وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ ﷺ فَقَالَ:«فَأَنْبِئْنِي بِعَمَلٍ إِنْ عَمِلْتُ بِهِ دَخَلْتُ الْجَنَّةَ، قَالَ:«أَفْشِ السَّلَامَ، وَأَطِبِ الْكَلَامَ وَصِلِ الْأَرْحَامَ وَقُمْ  بِاللَّيْلِ، وَالنَّاسُ نِيَامٌ، تَدْخُلِ الْجَنَّةَ بِسَلَامٍ» (رواه أحمد في “مسنده”).

وقد كان الصالحونَ يتعهدونَ ألسنتَهُم، فيحرصونَ على اختيارِ الألفاظِ التي لا يندمونَ عليهَا، فرأينَا منهُم عجباً، فهذا الأحنفُ بنُ قيسٍ يخاصمُهُ رجلٌ فيقولُ لهُ: “لئن قلتَ واحدةً لتسمعنَّ عشراً، فقال الأحنفُ: لكنّكَ واللهِ لو قلتَ عشراً ما سمعتَ واحدةً”.

سادساً: ضرورةُ الالتزامِ بحدودِ التواصلِ بينَ الرجالِ والنساءِ: قال تعالَى مخاطباً نساءَ النبيِّ ﷺ فمِن بابِ أولَى نساءُ العالمينَ: { يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا} [الأحزاب: 32].

نسألُ اللهَ أنْ يرزقنَا حسنَ العملِ، وفضلَ القبولِ، إنّهُ أكرمُ مسؤولٍ، وأعظمُ مأمولٍ، وأنْ يجعلَ بلدَنَا مِصْرَ سخاءً رخاءً، أمناً أماناً، سلماً سلاماً وسائرَ بلادِ العالمينَ، ووفقْ ولاةَ أُمورِنَا لِمَا فيهِ نفعُ البلادِ والعبادِ.

كتبه: الفقير إلى عفو ربه الحنان المنان   د / محروس رمضان حفظي عبد العال

مدرس التفسير وعلوم القرآن – كلية أصول الدين والدعوة – أسيوط

_____________________________________

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

وللإطلاع علي قسم خطبة الجمعة

 

تابعنا علي الفيس بوك

 

الخطبة المسموعة علي اليوتيوب

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات

 

وللإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

وللمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

اظهر المزيد

كتب: د.أحمد رمضان

الدكتور أحمد رمضان حاصل علي الماجستير من جامعة الأزهر بتقدير ممتاز سنة 2005م ، وحاصل علي الدكتوراه بتقدير مع مرتبة الشرف الأولي من جامعة الأزهر الشريف سنة 2017م. مؤسس جريدة صوت الدعاة ورئيس التحرير وكاتب الأخبار والمقالات المهمة بالجريدة، ويعمل بالجريدة منذ 2013 إلي اليوم. حاصل علي دورة التميز الصحفي، وقام بتدريب عدد من الصحفيين بالجريدة. للتواصل مع رئيس التحرير على الإيميل التالي: ahmed_dr.ahmed@yahoo.com رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) للمزيد عن الدكتور أحمد رمضان رئيس التحرير أضغط في القائمة علي رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

زر الذهاب إلى الأعلى