أخبار مهمةالخطبة المسموعةخطبة الأسبوعخطبة الجمعةخطبة الجمعة القادمة ، خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف المصرية مكتوبة word pdfعاجل

خطبة الجمعة بعنوان : مَولِدُ الهادِي البَشِير ﷺ، للدكتور خالد بدير

بتاريخ 13 ربيع الأول 1447 هـ ، الموافق 5 سبتمبر 2025م

خطبة الجمعة بعنوان : مَولِدُ الهادِي البَشِير ﷺ، للدكتور خالد بدير، بتاريخ 13 ربيع الأول 1447 هـ ، الموافق 5 سبتمبر 2025م. 

 

تحميل خطبة الجمعة القادمة 5 سبتمبر 2025م ، للدكتور خالد بدير بعنوان : مَولِدُ الهادِي البَشِير ﷺ:

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 5 سبتمبر 2025م ، للدكتور خالد بدير بعنوان : مَولِدُ الهادِي البَشِير ﷺ ، بصيغة  word أضغط هنا.

ولتحميل خطبة الجمعة القادمة 5 سبتمبر 2025م ، للدكتور خالد بدير بعنوان : مَولِدُ الهادِي البَشِير ﷺ، بصيغة  pdf أضغط هنا.

عناصر خطبة الجمعة القادمة 5 سبتمبر 2025م ، للدكتور خالد بدير ، بعنوان : مَولِدُ الهادِي البَشِير ﷺ: كما يلي:

 

أولًا: ميلادُ الرسولِ ميلادُ نورٍ وبركةٍ.

ثانيًا: منزلةُ ومكانةُ الرسولِ بينَ أمتِهِ.

ثالثًا: الاقتداءُ بالنبيِّ في حياتِنَا العمليةِ.

 

ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 5 سبتمبر 2025م ، للدكتور خالد بدير ، بعنوان : مَولِدُ الهادِي البَشِير ﷺ: كما يلي:

 

خطبةٌ بعنوان: مولدُ الهادِي البشيرِ .

13 ربيع الأول 1447هـ – 5 سبتمبر 2025م

المـــوضــــــــــوعُ

الحمدُ للهِ نحمدُهُ ونستعينُهُ ونتوبُ إليهِ ونستغفرُهُ ونؤمنُ بهِ ونتوكلُ عليهِ ونعوذُ بهِ مِن شرورِ أنفسِنَا وسيئاتِ أعمالِنَا، ونشهدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ له وأنَّ سيِّدَنَا مُحمدًا عبدُهُ ورسولُهُ . أمَّا بعدُ:

أولًا: ميلادُ الرسولِ ميلادُ نورٍ وبركةٍ.

لقد كانَ ميلادُ الرسولِ ميلادُ نورٍ وخيرٍ وبركةٍ، وهذا النورُ لم يكنْ معنويًّا فقط، بل كانَ نورًا حسيًّا رآهُ كلُّ الناسِ على السواءِ، ففِي ليلةِ مولدِهِ رأتْ أُمُّهُ نورًا خرجَ منهَا أضاءَ لهَا قصورَ الشامِ، وقد سُئِلَ عن نفسِهِ فقالَ:” أَنَا دَعْوَةُ أَبِي إبْرَاهِيمَ، وَبُشْرَى أَخِي عِيسَى، وَرَأَتْ أُمِّي حِينَ حَمَلَتْ بِي أَنَّهُ خَرَجَ مِنْهَا نُورٌ أَضَاءَ لَهَا قُصُورَ الشَّامِ، وَاسْتُرْضِعْتُ فِي بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ”.(سيرة ابن هشام).

يقولُ ابنُ رجبٍ: ” وخروجُ هذا النورِ عندَ وضعِهِ إشارةٌ إلى ما يجيءُ بهِ مِن النورٍ الذي اهتدَى بهِ أهلُ الأرضِ وأزالَ بهِ ظلمةَ الشركِ، قالَ تعالَى: {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ}(المائدة: 15)، وقالَ تعالَى: {فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}(الأعراف:157) “. (لطائفُ المعارف).

ولقد شاهدَتْ اليهودُ هذا النورَ الذي عمَّ الكونَ كلَّهُ، فعَنْ حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ، قَالَ: إِنِّي لَغُلَامٌ يَفَعَةٌ ابْنُ سَبْعِ سِنِينَ أَوْ ثَمَانٍ، أَعْقِلُ كلّما رَأَيْتُ وَسَمِعْتُ، إِذَا يَهُودِيٌّ بِيَثْرِبَ يَصْرُخُ ذَاتَ غَدَاةٍ: يَا مَعْشَرَ يَهُودَ. فَاجْتَمَعُوا إِلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ. قَالُوا: ويلك مالك؟ قَالَ: طَلَعَ نَجْمُ أَحْمَدَ الَّذِي وُلِدَ بِهِ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ.” ( دلائل النبوة للبيهقي ).

وعَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: قَالَ زَيْدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ: قَالَ لِي حَبْرٌ مِنْ أَحْبَارِ الشَّامِ:” قَدْ خَرَجَ فِي بَلَدِكَ نَبِيٌّ، أَوْ هُوَ خَارِجٌ، قَدْ خَرَجَ نَجْمُهُ، فَارْجِعْ فَصَدِّقْهُ وَاتَّبِعْهُ ” .( السيرة النبوية لابن كثير ).

لقد كانتْ مكةَ في شهرِ ربيعٍ الأولِ مِن عامِ الفيلِ على موعدٍ مع أمرٍ عظيمٍ، إنَّه ميلادُ النبيِّ مُحمدٍ خليلِ الرحمنِ، وصفوةِ الأنامِ، هو أعظمُ الناسِ أخلاقًا، وأصدقُهُم حديثًا، وأحسنُهُم وأكثرُهُم عفوًا، خيرُ مَن وطئَ الثرَى، سيِّدُ ولدِ آدمَ، ، يقولُ أميرُ الشعراءِ أحمدُ شوقِي :

وُلِدَ الهُدى فالكائناتُ ضياءُ   ……..   وفمُ الزمانِ تَبَسُّمٌ وثناءُ

الروحُ، والملأُ، الملائِكُ حولَهُ  ……..   للدينِ والدنيا بهِ بُشَراءُ

بكَ بشَّرَ اللهُ السماءَ فزينتْ   …….    وتضوعتْ مسكًا بكَ الغبراءُ

لقد امتنَّ اللهُ تعالَى على عبادهِ ببعثةِ الرّسولِ وميلادِ أمّتِهِ فقالَ سبحانَهُ: {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ} (آل عمران: 164). وهكذا كانَ ميلادُهُ ميلادَ رحمةٍ وبركةٍ وخيرٍ ونورٍ للأمةِ كلِّهَا.

ثانيًا: منزلةُ ومكانةُ الرسولِ بينَ أمَّتِهِ.

تعالوا بنَا في هذه العُجالةِ السريعةِ نعرضُ لكُم منزلةَ ومكانةَ الرسولِ ﷺ بينَ أمّتِهِ، والتي تشملُ أمورًا كثيرةً منهَا:

اصطفاءُ الآباءِ والأمهاتِ: فقد طيّبَ اللهُ تعالَى نسبَ نبيِّهِ في وقتٍ قد انتشرتْ فيهِ الرذيلةُ، وحفظَ اللهُ تعالَى نسمتَهُ الطاهرةَ فجاءتْ مِن نكاحٍ ولم تأتِ مِن سفاحٍ، وفي ذلك يقولُ :” خَرجْتُ مِن نِكاحٍ، ولَمْ أخْرجْ من سِفاحٍ، من لَدُنْ آدَمَ إلى أنْ ولَدَنِي أبِي وأمِّي، لم يُصبْنِي من سِفاحِ الجاهِليةِ شيءٌ”(الطبراني). فقد اصطفَاهُ اللهُ عزَّ وجلَّ مِن خيرةِ البيوتاتِ والقبائلِ والآباءِ والأمهاتِ، فعن وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ:” إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى كِنَانَةَ مِنْ وَلَدِ إِسْمَعِيلَ وَاصْطَفَى قُرَيْشًا مِنْ كِنَانَةَ وَاصْطَفَى مِنْ قُرَيْشٍ بَنِي هَاشِمٍ وَاصْطَفَانِي مِنْ بَنِي هَاشِمٍ”. (مسلم).

 فكان النبيُّ خيارًا مِن خيارٍ مِن خيارٍ، وأعلاهُم وأشرفَهُم نسبًا.

نسبٌ أضاءَ عمودهُ في رفعهِ…..كالصبحِ فيهِ ترفُّعٌ وضياءُ

وشمائلٌ شهدَ العدوُّ بفضلِهَا….والفضلُ ما شهدتْ بهِ الأعداءُ

فالنبيُّ كان يتقلبُ في أصلابِ الأطهارِ الأشرافِ، قال ابنُ عباسٍ رضي اللهُ تعالى عنهُمَا في قولهِ تعالَى: {وَتَقَلُّبَكَ فِي الساجدين }( الشعراء: 219)، مِن صُلبِ نبيٍّ إلى صُلبِ نبيٍّ حتى صرتَ نبيًّا.” ( تفسيرُ ابنِ كثير)؛ وعن عطاءٍ قال: «ما زالَ نبيُّ اللهِ يتقلبُ في أصلابِ الأنبياءِ حتى ولدتْهُ أُمُّه» (تفسير ابن أبي حاتم).

ومنها: اختيارُ الاسمِ: وكمَا اختارَ اللهُ له نسبَهُ فقد كرَّمَهُ اللهُ باختيارِ اسمهِ ( مُحمد ) ليكونَ محمودًا في الأرضِ وفي السماءِ، وحسبكَ أنَّ الأسماءَ في ذلكَ الوقتِ كانت عبدَ الكعبةِ وعبدَ ياغوثٍ، وصخرَ، وحربَ، ومرةَ، وغيرَ ذلك، وتخيلْ لو نزلتْ عليهِ الرسالةُ وهو يحملُ اسمًا مِن تلك الأسماءِ.

ومنها: اختيارُ مرضعتهِ: حيثُ كانت عادةُ قريشٍ وأشرافِ العربِ القُدامَى، أنْ يدفعُوا بأبنائِهِم إلى المراضعِ الأعرابياتِ في الباديةِ، حتى ينشأَ الأطفالُ شجعانًا فصحاءَ اللسانِ أصحاءَ الأجسامِ.

إنَّ البركةَ قد حلَّتْ على كلِّ شبرٍ مِن الأرضِ وطأتهَا قدمُ المولودِ الجديدِ محمدٍ . تُصورُ ذلكَ مرضعتُهُ حليمةُ السعديةُ في قولِهَا:” لَمَّا أَخَذْتُهُ، رَجَعْتُ بِهِ إلَى رَحْلِي، فَلَمَّا وَضَعْتُهُ فِي حِجْرِي أَقَبْلَ عَلَيْهِ ثَدْيَايَ بِمَا شَاءَ مِنْ لَبَنٍ، فَشَرِبَ حَتَّى رَوِيَ، وَشَرِبَ مَعَهُ أَخُوهُ حَتَّى رَوِيَ، ثُمَّ نَامَا، وَمَا كُنَّا نَنَامُ مَعَهُ قَبْلَ ذَلِكَ، وَقَامَ زَوْجِي إلَى شَارِفِنَا تِلْكَ، فَإِذَا إنَّهَا لَحَافِلٌ، فَحَلَبَ مِنْهَا مَا شَرِبَ، وَشَرِبْتُ مَعَهُ حَتَّى انْتَهَيْنَا رِيًّا وَشِبَعًا، فَبِتْنَا بِخَيْرِ لَيْلَةٍ. قَالَتْ: يَقُولُ صَاحِبِي حِينَ أَصْبَحْنَا: تَعَلَّمِي وَاَللَّهِ يَا حَلِيمَةُ، لَقَدْ أَخَذْتُ نَسَمَةً مُبَارَكَةً”. (سيرة ابن هشام).

ومنها: حادثةُ شقِّ الصدرِ: فقد تضافرتْ الرواياتُ الصحيحةُ بذكرِ حادثةِ شقِّ صدرِ النبيِّ . فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ:” أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أَتَاهُ جِبْرِيلُ وَهُوَ يَلْعَبُ مَعَ الْغِلْمَانِ، فَأَخَذَهُ فَصَرَعَهُ فَشَقَّ عَنْ قَلْبِهِ؛ فَاسْتَخْرَجَ الْقَلْبَ، فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ عَلَقَةً، فَقَالَ: هَذَا حَظُّ الشَّيْطَانِ مِنْكَ. ثُمَّ غَسَلَهُ فِي طَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ بِمَاءِ زَمْزَمَ، ثُمَّ لَأَمَهُ ثُمَّ أَعَادَهُ فِي مَكَانِهِ، وَجَاءَ الْغِلْمَانُ يَسْعَوْنَ إِلَى أُمِّهِ فَقَالُوا: إِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ قُتِلَ، فَاسْتَقْبَلُوهُ وَهُوَ مُنْتَقِعُ اللَّوْنِ. قَالَ أَنَسٌ : وَقَدْ كُنْتُ أَرْئِي أَثَرَ ذَلِكَ الْمِخْيَطِ فِي صَدْرِهِ”. (مسلم). والعبرةُ والعظةُ مِن شقِّ الصدرِ، هي تطهيرُ قلبِ النبيِّ مِن حظِّ الشيطانِ كما جاءَ في الحديثِ، وقد ذكرتْ رواياتٌ أُخرَى أنَّ شقَّ الصدرِ لم يكنْ مرةً واحدةً وإنّما كان مراتٍ ثلاثةً، يقولُ الإمامُ ابنُ حجرٍ:” وَثَبَتَ شَقُّ الصَّدْرِ أَيْضًا عِنْدَ الْبَعْثَةِ وَلكُل مِنْهَا حِكْمَةٌ. فَالْأَوَّلُ أَخْرَجَ عَلَقَةً فَقَالَ: هَذَا حَظُّ الشَّيْطَانِ مِنْكَ، وَكَانَ هَذَا فِي زَمَنِ الطُّفُولِيَّةِ، فَنَشَأَ عَلَى أَكْمَلِ الْأَحْوَالِ مِنَ الْعِصْمَةِ مِنَ الشَّيْطَانِ، ثُمَّ وَقَعَ شَقُّ الصَّدْرِ ثَانِيًا عِنْدَ الْبَعْثِ زِيَادَةً فِي إِكْرَامِهِ لِيَتَلَقَّى مَا يُوحَى إِلَيْهِ بِقَلْبٍ قَوِيٍّ فِي أَكْمَلِ الْأَحْوَالِ مِنَ التَّطْهِيرِ، ثُمَّ وَقَعَ شَقُّ الصَّدْرِ ثَالِثًا عِنْدَ إِرَادَةِ الْعُرُوجِ إِلَى السَّمَاءِ لِيَتَأَهَّبَ لِلْمُنَاجَاةِ “. ( فتح الباري).

ومنها: حفظُهُ وعصمتُهُ مِن أفعالِ الجاهليةِ: فقد حفظَ اللهُ تعالَى نبيَّهُ مِن أفعالِ الجاهليةِ القبيحةِ فلم يصبْهُ منهَا شيءٌ، وفي ذلكَ يقولُ ﷺ : ” مَا هَمَمْتُ بِقَبِيحٍ مِمَّا يَهُمُّ بِهِ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ … حَتَّى أَكْرَمَنِي اللَّهُ بِنُبُوَّتِهِ ” .( ابن حبان والحاكم وصححه ).

فكان لا يأكلُ ما ذُبِحَ على النُّصبِ، وحرّمَ شربَ الخمرِ على نفسِهِ مع شيوعِهِ في قومِهِ شيوعًا عظيمًا، وذلكَ كلُّهُ مِن الصفاتِ التي يُحلّى اللهُ بهَا أنبياءَهُ ليكونُوا على تمامِ الاستعدادِ لتلقِّى وحيهِ، فهُم معصومُون مِن الأدناسِ قبلَ النبوةِ وبعدَهَا، أمَّا قبلَ النبوةِ فليتأهلُوا للأمرِ العظيمِ الذي سيُسنَدُ إليهِم، وأمَّا بعدَهَا فليكونُوا قدوةً لأممِهِم، عليهِم مِن اللهِ أفضلُ الصلواتِ وأتمُّ التسليمات.

ومنها: أنَّ اللهَ رفعَ ذكرَهُ في العالمينَ إلى قيامِ الساعةِ: فإذَا ذُكِرَ اسمُ اللهِ ذُكِرَ معهُ اسمُ نبيِّهِ ، وقَرنَ اللهُ اسمَهُ باسمِهِ إلى قيامِ الساعةِ، فلا يقولُ قائلٌ: لا إلهَ إلّا الله، إلّا ويقولُ: مُحمدٌ رسولُ اللهِ، قالَ تعالَى: {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} “قالَ قتادةُ: رفعَ اللهُ ذكرَهُ في الدنيا والآخرةِ، فليسَ هناكَ خطيبٌ ولا مستشهدٌ ولا صاحبُ صلاةٍ إلّا يقولُ: أشهدُ أن لا إلَهَ إلّا الله، وأنَّ مُحمدًا رسولُ اللهِ. وقالَ مُجاهدٌ {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} أي: لا أُذكَرُ إلّا ذُكِرتَ معِي، ومِن مناجاةِ رسولِ اللهِ لربِّهِ: يا رب، إنّهُ لم يكنْ نبيٌّ قبلِي إلَّا وقد كرمتَهُ وجعلتَ إبراهيمَ خليلًا وموسَى كليمًا وسخرتَ لداودَ الجبالَ، ولسليمانَ الريحَ والشياطينَ، وأحييتَ لعيسَى الموتَى فمَا جعلتَ لِي؟! فقالَ: أوليسَ قد أعطيتُكَ أفضلَ مِن ذلكَ كلِّهِ إنِّي لا أُذكَرُ إلَّا ذُكرْتَ معِي.” (تفسير ابن كثير).

وضمَّ الإلهُ اسمَ النبيّ إلى اسمهِ…….إذا قَالَ في الخَمْسِ المُؤذِّنُ أشْهَدُ

وشـــــقَّ لهُ منِ اسمهِ ليــــــــــــجلَّهُ………فذُو العرشِ محمودٌ، وهذا محمدُ

ومنها: الأمرُ بالصلاةِ عليهِ في كلِّ وقتٍ وحينٍ: فاللهُ وملائكتُهُ يصلونَ على النبيِّ ، وصلاةُ الربِّ: رحمةٌ، وصلاةُ الملائكةِ: استغفارٌ. وأمرَنَا اللهُ أنْ نُصلِيَ عليهِ فقالَ: { إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا }(الأحزاب: 56)، قالَ ابنُ كثيرٍ في تفسيرِهِ لهذهِ الآيةِ: “إنَّ اللهَ سبحانَهُ أخبرَ عبادَهُ بمنزلةِ عبدِهِ ونبيِّهِ عندَهُ في الملأِ الأعلَى، بأنَّهُ يثنِي عليهِ عندَ الملائكةِ المقربين، وأنَّ الملائكةَ تُصَلِّي عليهِ. ثُمَّ أمرَ تعالَى أهلَ العالمِ السفلِي بالصلاةِ والتسليمِ عليهِ؛ ليجتمعَ الثناءُ عليهِ مِن أهلِ العالمَيَنِ العلوِيِّ والسفلِيِّ جميعًا.”

وهكذَا كانت منزلةُ ومكانةُ الرسولِ ﷺ بينَ أمّتِهِ، حيثُ كان الاصطفاءُ والإعدادُ والعصمةُ مِن أفعالِ الجاهليةِ، والمشاركاتُ الاجتماعيةُ، وكلُّ هذه دروسٌ يجبُ علينَا أنْ نغرسَهَا في أولادِنَا، احتفاءً واحتفالًابصاحبِ الذكرَى .

ثالثًا: الاقتداءُ بالنبيِّ في حياتِنَا العمليةِ.

لقد اشتهرَ الرسولُ ﷺ بحسنِ الخُلقِ في حياتهِ كلِّهَا قبلَ البعثةِ وبعدَهَا، وقد شهدَ لهُ العدوُّ قبلَ الصديقِ، فكان يلقبُ قبلَ البعثةِ بالصادقِ الأمينِ، ونحن نعلمُ قولَ السيدةِ خديجةَ فيهِ لما نزلَ عليهِ الوحيُ وجاءَ يرجفُ فؤادُهُ: ” كَلَّا وَاللَّهِ مَا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا، إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ؛ وَتَحْمِلُ الْكَلَّ، وَتَكْسِبُ الْمَعْدُومَ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ”. ( متفق عليه ). إنَّ لنَا في رسولِ اللهِ ﷺ أسوةٌ حسنةٌ، فإذا كان العالمُ كلُّهُ يحتفِي ويحتفلُ بمولدهِ، فإنَّ احتفالَنَا واحتفاءَنَا بهِ أنْ نتخذَهُ قدوةً وأسوةً في حياتِنَا كلِّهَا، قالَ تعالَى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا}. (الأحزاب: 21). يقولُ الإمامُ ابنُ كثيرٍ:” هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ أَصْلٌ كَبِيرٌ فِي التَّأَسِّي بِرَسُولِ اللَّهِ فِي أَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ وَأَحْوَالِهِ؛ وَلِهَذَا أُمِرَ النَّاسُ بِالتَّأَسِّي بِالنَّبِيِّ يَوْمَ الْأَحْزَابِ، فِي صَبْرِهِ وَمُصَابَرَتِهِ وَمُرَابَطَتِهِ وَمُجَاهَدَتِهِ وَانْتِظَارِهِ الْفَرَجَ مِنْ رَبِّهِ، عَزَّ وَجَلَّ، صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ دَائِمًا إِلَى يَوْمِ الدِّينِ”. أ.ه

 ألَا مَا أحوجنَا أنْ نرجعَ مِن جديدٍ إلى رسولِ اللهِ ﷺ؛ لنسيرَ على دربِهِ، تصديقًا لقولِهِ ﷺ: ” عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ؛ وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ؛ وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ؛ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَإِنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ” ( أبو داود والترمذي وصححه). يقولُ الإمامُ ابنُ حزمٍ – رحمَهُ اللهُ: “مَن أرادَ خيرَ الآخرةِ وحكمةَ الدنيا وعدلَ السيرةِ، والاحتواءَ على محاسنِ الأخلاقِ كلِّهَا، واستحقاقَ الفضائلِ بأسرِهَا، فليقتدْ بمحمدٍ ﷺ، وليستعملْ أخلاقَهُ وسيرَهُ ما أمكنَهُ “. (الأخلاق والسير).فيجبُ على المسلمينَ الاقتداءُ والتأسِّي برسولِ اللهِ ؛ لأنَّهُ خيرُ قدوةٍ لنَا.

قالَ ذو النونِ المصري: ” مِن علاماتِ المحبِّ للهِ عزَّ وجلَّ متابعةُ حبيبِ اللهِ في أخلاقِهِ وأفعالِهِ وأوامرِهِ وسننِهِ“. ويقولُ الباحثُ الفرنسِيُّ كليمان هوارت : “لم يكنْ مُحمداً نبيًّا عاديًّا، بل استحقَّ بجدارةٍ أنْ يكونَ خاتمَ الأنبياءِ؛ لأنَّهُ قابلَ كلَّ الصعابِ التي قابلتْ كلَّ الأنبياءِ الذينَ سبقُوهُ مضاعفةً مِن بنِي قومِهِ … نبيٌّ ليسَ عاديًّا، مَن يقسمُ أنَّهُ “لو سرقتْ فاطمةُ ابنتُهُ لقطعَ يدها” ! ولو أنَّ المسلمينَ اتخذُوا رسولَهُم قدوةً في نشرِ الدعوةِ لأصبحَ العالمُ مسلماً”

ولشدةِ اقتداءِ الصحابةِ بهِ اتبعوهُ في خلعِ نعلِهِ أثناءَ الصلاةِ، مع أنَّ هذَا الأمرَ خاصٌّ بهِ– لعارضٍ- دونَ غيرِهِ. فقد أخرجَ أبو داود والحاكمُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ يُصَلِّي إِذْ وَضَعَ نَعْلَيْهِ عَلَى يَسَارِهِ فَأَلْقَى النَّاسُ نِعَالَهُمْ، فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ الصَّلاةَ، قَالَ: ”مَا حَمَلَكُمْ عَلَى إِلْقَاءِ نِعَالِكُمْ؟ “، قَالُوا: رَأَيْنَاكَ أَلْقَيْتَ فَأَلْقَيْنَا، فَقَالَ: ” إِنَّ جِبْرِيلَ أَخْبَرَنِي أَنَّ فِيهِمَا قَذَرًا أَوْ أَذًى فَمَنْ رَأَى – يَعْنِي – فِي نَعْلِهِ قَذَرًا أَوْ أَذًى فَلْيَمْسَحْهُمَا ثُمَّ لِيُصَلِّ فِيهِمَا .”

إنَّنَا في ذكرَى مولدِهِ نحتاجُ إلى ولادةٍ مِن جديدٍ، وتغييرِ مَا بأنفسِنَا مِن عقائدَ فاسدةٍ، وقلوبٍ حاسدةٍ، وأطماعٍ حاقدةٍ، وأمراضٍ اجتماعيةٍ موجعةٍ، وحوادثَ مفجعةٍ، ووجوهٍ عابسةٍ، وأجسامٍ متفرقةٍ. وصدقَ اللهُ حيثُ يقولُ: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ} (الرعد: 11).

فعليكُم بالاقتداءِ بالرسولِ ﷺ في جميعِ أقوالِهِ وأفعالِهِ لتفوزُوا بسعادةِ العاجِلِ والآجِلِ.

نسألُ اللهَ أنْ يجعلنَا رفقاءَ النبيِّ في الجنةِ، وأنْ يسقينَا مِن حوضِ نبيِّهِ شربةً هنيئةً لا نظمأُ بعدَهَا أبدًا، وأنْ يحفظَ مصرَنَا مِن كلِّ مكروهٍ وسوءٍ .

الدعاءُ،،،،                     وأقم الصلاةَ،،،،                     كتبه : خادم الدعوة الإسلامية

د / خالد بدير بدوي

_____________________________________

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

وللإطلاع علي قسم خطبة الجمعة

 

تابعنا علي الفيس بوك

 

الخطبة المسموعة علي اليوتيوب

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

وللمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

اظهر المزيد

كتب: د.أحمد رمضان

الدكتور أحمد رمضان حاصل علي الماجستير من جامعة الأزهر بتقدير ممتاز سنة 2005م ، وحاصل علي الدكتوراه بتقدير مع مرتبة الشرف الأولي من جامعة الأزهر الشريف سنة 2017م. مؤسس جريدة صوت الدعاة ورئيس التحرير وكاتب الأخبار والمقالات المهمة بالجريدة، ويعمل بالجريدة منذ 2013 إلي اليوم. حاصل علي دورة التميز الصحفي، وقام بتدريب عدد من الصحفيين بالجريدة. للتواصل مع رئيس التحرير على الإيميل التالي: ahmed_dr.ahmed@yahoo.com رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) للمزيد عن الدكتور أحمد رمضان رئيس التحرير أضغط في القائمة علي رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

زر الذهاب إلى الأعلى