web analytics
أخبار عاجلة
خطبة الجمعة القادمة 23 فبراير 2024 م بعنوان : تحويل القبلة دروس وعبر ، للدكتور محروس حفظي ، بتاريخ 13 شعبان 1445هـ ، الموافق 23 فبراير 2024 م
خطبة الجمعة القادمة 23 فبراير 2024 م بعنوان : تحويل القبلة دروس وعبر ، للدكتور محروس حفظي

خطبة الجمعة 23 فبراير : تحويل القبلة دروس وعبر ، للدكتور محروس حفظي

خطبة الجمعة القادمة

خطبة الجمعة القادمة 23 فبراير 2024 م بعنوان : تحويل القبلة دروس وعبر ، للدكتور محروس حفظي ، بتاريخ 13 شعبان 1445هـ ، الموافق 23 فبراير 2024م. 

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 23 فبراير 2024 م ، للدكتور محروس حفظي بعنوان : تحويل القبلة دروس وعبر .

 

ولتحميل خطبة الجمعة القادمة 23 فبراير 2024 م ، للدكتور محروس حفظي بعنوان : تحويل القبلة دروس وعبر ، بصيغة word أضغط هنا.

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 23 فبراير 2024 م ، للدكتور محروس حفظي بعنوان : تحويل القبلة دروس وعبر ، بصيغة  pdf أضغط هنا.

 

___________________________________________________________

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

و للمزيد عن مسابقات الأوقاف

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

و للمزيد عن الدروس الدينية

 

عناصر خطبة الجمعة القادمة 23 فبراير 2024 م بعنوان : تحويل القبلة دروس وعبر ، للدكتور محروس حفظي :

 

(1) مقصدُ الصلاةِ نحوَ بيتِ المقدسِ قبلَ الهجرةِ.

(2) إثباتُ الوسيطةِ للأمةِ المحمديةِ، وبيانُ فضلِ رسولِهِ .

(3) الوحدةُ والاجتماعُ وعدمُ التفرقِ، وعدمُ الذوبانِ في شخصيةِ الآخرين.

(4) الامتثالُ لأمرِ اللهِ تعالَى والخضوعُ لأحكامِهِ.

(5) عدمُ الاعتدادِ بالسفهاءِ والمغرضينَ وأهلِ الشرِّ.

(6) محبةُ الخيرِ والنفعِ للجميعِ، والتخلِّي عن الأنانيةِ وحبِّ الذاتِ.

 

ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 23 فبراير 2024 م بعنوان : تحويل القبلة دروس وعبر ، للدكتور محروس حفظي : كما يلي: 

«تحويلُ القبلةِ دروسٌ وعبرٌ»

بتاريخ 13 شعبان 1445 هـ = الموافق 23 فبراير 2024 م

 

الحمدُ للهِ حمدًا يُوافِي نعمَهُ، ويُكافِىءُ مزيدَهُ، لكَ الحمدُ كمَا ينبغِي لجلالِ وجهِكَ، ولعظيمِ سلطانِكَ، والصلاةُ والسلامُ الأتمانِ الأكملانِ على سيدِنَا مُحمدٍ ﷺ، أمَّا بعدُ.

العنصر الأول من خطبة الجمعة 23 فبراير : تحويل القبلة دروس وعبر 

(1) مقصدُ الصلاةِ نحو بيتِ المقدسِ قبلَ الهجرةِ:

نستذكرُ ونحن على في شَهْرِ شعبانَ حَدثًا مِن الأحداثِ المهمةِ التي غيّرتْ مجرَى التشريعِ الإسلامِي ألَا وهو حادثُ «تحويلِ القبلةِ» لقد كان رسولُنَا والمسلمونَ معهُ يتوجهونَ في صلاتِهِم إلى بيتِ المقدسِ قبلَ الهجرةِ ثُمّ بعدَ الهجرةِ ستةَ عشرَ شهرًا أو سبعةَ عشرَ شهرًا فعَنْ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: «لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ المَدِينَةَ صَلَّى نَحْوَ بَيْتِ المَقْدِسِ سِتَّةَ، أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا» (الترمذي وحسنه)، ولعلَّ الغرضَ مِن ذلك تأليفُ قلوبِ أهلِ الكتابِ للإسلامِ، فنبيُّنَا كان يحبُّ أنْ يدخلَ في دينِ اللهِ جميعُ الخلائقِ، ولذا كان يحزنُ عندمَا يعرضُ الناسُ عن دعوتِهِ فعاتبَهُ ربُّهُ فقالَ: ﴿فَلَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ عَلى آثارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا﴾، وقالَ: ﴿فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ﴾، وصدقَ اللهُ حيثُ قالَ في وصفِهِ: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾، ويعضددُ هذا المعنَى أعنِي – تأليفَ أهلِ الكتابِ – ما جاءَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «أَوَّلُ مَا نُسِخَ مِنَ الْقُرْآنِ فِيمَا ذُكِرَ لَنَا شَأْنُ الْقِبْلَةِ قَالَ اللَّهُ: ﴿وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ﴾، فَاسْتَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ فَصَلَّى نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَتَرَكَ الْبَيْتَ الْعَتِيقَ فَقَالَ اللَّهُ: ﴿سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا﴾ يَعْنُونَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ فَنَسَخَتْهَا، وَصَرَفَهُ اللَّهُ إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ فَقَالَ اللَّهُ: ﴿وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ﴾» (الحاكم وصححه ووافقه الذهبي) .

العنصر الثاني من خطبة الجمعة 23 فبراير : تحويل القبلة دروس وعبر 

(2) أبرزُ مقاصدِ حادثِ تحويلِ القبلةِ وكيف نسترشدُ بهَا في حياتِنَا المعاصرةِ:

لقد حوى حادثُ «تحويلِ القبلةِ» عدةَ أهدافٍ ومقاصدَ لعلَّ أبرزَهَا ما يلي:

*إثباتُ الوسيطةُ للأمةِ المحمديةِ، وبيانُ فضلِ رسولِه : إنَّ أهمَّ مقصدٍ نتعلمُهُ مِن «تحويلِ القبلةِ» هو الوسطيةُ التي هي ميزانُ الإسلامِ، وقد جاءَ الحديثُ عن تلك الوسطيةِ في سياقِ الكلامِ عن هذا الحدثِ، قالَ تعالَى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا﴾، حيثُ وصفَ الأمةَ بأنَّها أمةٌ خيرةٌ عادلةٌ مُزكاةٌ بالعلمِ والعملِ، وكأنَّهُ يقولُ: “فكمَا جعلنَا الكعبةَ التي هي بمثابةِ الأمانِ للناسِ حيثُ لهَا خصوصيةٌ وقدسيةٌ عن غيرِهَا مِن بقاعِ الأرضِ، فهي وسطُ العالمِ، حتى قِيلَ إنَّها سرُّ الأرضِ، إشارةٌ إلى توسطِهَا، فكذلك أنتم يجبُ عليكُم أنْ تكونُوا خيارًا عدولًا وسطًا”؛ ليتحققَ التناسبُ بينكُم وبينَ القبلةِ التي تتوجهونَ إليهَا في صلواتِكُم.

*الوحدةُ والاجتماعُ وعدمُ التفرقِ، وعدمُ الذوبانِ في شخصيةِ الآخرين: لقد أرادَ اللهُ مِن «تحويلِ القبلةِ» أنْ يجمعَ الصفَّ، ويلمَّ الشملَ بينَ المسلمينَ أجمعينَ إلى يومِ القيامةِ، فهم يعبدونَ ربًّا واحدًا، ويتجهونَ نحوَ قبلةٍ واحدةٍ، وهذا يوجبُ أنْ تتلاقَى النفوسُ والقلوبُ على وجهةٍ واحدةٍ كمَا قالَ ربُّنَا: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾، وقال أيضًا: ﴿إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً﴾ وعَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ، قَالَ رَسُولُ اللهِ : «مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ، وَتَرَاحُمِهِمْ، وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى»(مسلم).

إنَّ المجتمعَ المتفرقَ لن يستطيعَ الدفاعَ عن دينهِ وعرضهِ ووطنهِ، ولقد ذمَّ اللهُ التفرّقَ في كتابهِ العزيزِ فقالَ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّما أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِما كانُوا يَفْعَلُونَ﴾، ولذا يحسدُنَا اليهودُ على القبلةِ، روى الإمامُ أحمدُ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ النَّبِيُّ : «إِنَّهُمْ لَا يَحْسُدُونَا عَلَى شَيْءٍ كَمَا يَحْسُدُونَا عَلَى يَوْمِ الْجُمُعَةِ الَّتِي هَدَانَا اللَّهُ لَهَا وَضَلُّوا عَنْهَا، وَعَلَى الْقِبْلَةِ الَّتِي هَدَانَا اللَّهُ لَهَا وَضَلُّوا عَنْهَا، وَعَلَى قَوْلِنَا خَلْفَ الْإِمَامِ: آمِينَ» (صحيح) .

لقد توجَّهَ نبيُّنَا نحو بيتِ المقدسِ قبلةِ الأنبياءِ قبلَهُ، لكن شاءتْ إرادةُ الخالقِ أنْ يتجهَ نحو بيتِ اللهِ الحرامِ قبلةِ إبراهيمَ عليهِ السلامُ، فجمعَ بينَ ما كان عليهِ الأنبياءُ قبلَهُ مِن الأصولِ، لكنَّهُ جعلَ لأُمتهِ شخصيةً مستقلةً في عبادتِهَا عن غيرِهَا مِن الأممِ السابقةِ حتى لا تذوبَ في شخصيةِ الآخرين، والإسلامُ أمرَنَا بالانفتاحِ على الناسِ جميعًا دونَ أنْ ننسَى هويتَنَا وثقافتَنَا الأصيلةَ ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾ قال محمدُ القرظِي: «ما خالفَ نبيٌّ نبيًّا قط في قبلةٍ ولا في سنةٍ، إلَّا أنَّ رسولَ اللهِ استقبلَ بيتَ المقدسِ حينَ قدمَ المدينةَ ستةَ عشرَ شهرًا، ثمَّ قرأَ: ﴿شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ﴾».

*الامتثالُ لأمرِ اللهِ تعالى والخضوعُ لأحكامِهِ: إنَّ العربَ في الجاهليةِ كانتْ تُعظمُ البيتَ الحرامَ، وتفتخرُ قريشٌ أنَّهَا تقومُ على خدمةِ حجيجهِ، فلمَّا جاءَ الإسلامُ أرادَ أنْ يخلصَهُم مِن تلك العلائقِ البغيضةِ وتلك الرواسبِ والنعراتِ الجاهليةِ المقيتةِ، ليكونَ إرتباطُهُم باللهِ وحدَهُ، وليُبَيِّنَ لهم أنَّ العبرةَ ليس بالتوجهِ نحو البيتِ فقط، وإنَّمَا بانضمامِ العملِ والسلوكِ الموافقِ لهديِ السماءِ، ﴿لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمالَ عَلى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقابِ وَأَقامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذا عاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ﴾

تابع / خطبة الجمعة 23 فبراير : تحويل القبلة دروس وعبر 

لقد كان «تحويلُ القبلةِ» درسًا عمليًّا للمسلمِ في حسنِ الخضوعِ والتسليمِ والانقيادِ لأمرِ اللهِ، لذا مهّدَ اللهُ لهُ بما يطمئنُ النفوسَ، ويثبتُ الإيمانَ في القلوبِ، ويهيئُ الأفئدةَ لتقبلِ هذا الأمرِ العظيمِ حيثُ أنزلَ قبلَ آياتِ القبلةِ قولَهُ تعالى: ﴿مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾، ولذا بادرَهُ الصحابةُ بالسمعِ والطاعةِ حينمَا أمرَهُم بالتوجهِ ناحيةِ المسجدِ الأقصَى فانقادُوا ولبثُوا على ذلك مدةً، فلمَّا أُمِرُوا بالتوجهِ ناحيةِ البيتِ الحرامِ سارعُوا وامتثلُوا، بل إنَّ بعضَهُم لمَّا عَلِمَ بتحويلِ القبلةِ وهُم في صلاتِهِم توجهُوا إلى القبلةِ الجديدةِ، فعَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: «فَصَلَّى مَعَ النَّبِىِّ رَجُلٌ ثُمَّ خَرَجَ بَعْدَ مَا صَلَّى، فَمَرَّ عَلَى قَوْمٍ مِنَ الأَنْصَارِ فِى صَلاَةِ الْعَصْرِ نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَقَالَ هُوَ يَشْهَدُ أَنَّهُ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ، وَأَنَّهُ تَوَجَّهَ نَحْوَ الْكَعْبَةِ فَتَحَرَّفَ الْقَوْمُ حَتَّى تَوَجَّهُوا نَحْوَ الْكَعْبَةِ» (البخاري)، أمّا المنفاقونَ والمذبذبونَ وضعافُ الإيمانِ فقد انتابَهُم الشكُّ والحيرةُ: “كيف نُصلِّي نحوَ المسجدِ الأقصَى ثم نتجهُ للبيتِ الحرامِ” ﴿وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ﴾، وما أكثرَ هؤلاءِ في كلِّ زمانٍ ومكانٍ يرتدُّ أحدُهُم لأقلِّ شبهةٍ، وأدنَى ملابسةٍ، يتعاملُ مع اللهِ بمبدأِ المنفعةِ المجردةِ، والمصلحةِ البغيضةِ فهو كما أخبرَنَا﴿مِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلى حَرْفٍ فَإِنْ أَصابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيا وَالْآخِرَةَ﴾

*عدمُ الاعتدادِ بالسفهاءِ والمغرضينَ وأهلِ الشرِّ: لقد أظهرَ «تحويلُ القبلةِ» صحةَ نبوةِ رسولِنَا حيثُ أخبرَ اللهُ بمَا سيقولُهُ هؤلاءِ اليهودُ عندَ تحولِ القبلةِ قبلَ أنْ يتمَّ هذا الحدثُ، فدلَّ على صحةِ قولِهِ ؛ إذ هو أمرٌ غيبيٌّ قالَ تعالَى: ﴿سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾، لقد شنَّ اليهودُ ومِن على شاكلتِهِم حملةً إعلاميةً بشعةً استخدمُوا فيها كلَّ أساليبِ الخداعِ والتمويهِ، وقلبِ الحقائقِ حيثُ قابلُوا «تحويلَ القبلةِ» بالاستهزاءِ والجحودِ، وإثارةِ الشبهاتِ، وبلبلةِ الأفكارِ، وتشكيكِ المسلمين في عقيدَتِهِم، فقالُوا: «تركَ قبلةَ الأنبياءِ قبلَهُ»، وقال مشركُو العربِ: «توجَّهَ إلى قبلتِنَا ويوشكُ أنْ ينقلبَ بكليتِهِ إلى دينِنَا»، وقال المنافقون: «إن كانت القبلةُ التي توجَّهَ إليهَا أولًا هي الحقُّ فقد تركَ الحقَّ، وإن كانت التي توجَّهَ إليها ثانيًا هي الحقُّ فقد كان على الباطلِ قبلَ ذلك»، لكنَّ اللهَ أفسدَ عليهم خطتَهُم، وأحبطَ مكرَهُم، ولقَّنَ نبيَّهُ الجوابَ الذي يخرسُ بهِ ألسنةَ المعترضينَ وهؤلاء السفهاءِ الجاهلين الذين لم يعتد القرآنُ بذكرِ أسمائِهِم، فهم فريقٌ خفتْ أحلامُهُم، وضعفتْ عقولُهُم قالَ تعالَى: ﴿قُل لِّلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾، وهذا الأسلوبُ وتلك الحيلةُ إحدى أدواتِ الحربِ النفسيةِ التي يستخدمُهَا خصومُنَا في كلِّ زمانٍ ومكانٍ لتحقيقِ أهدافٍ مختلفةٍ سواءٌ في أوقاتِ السلمِ أو الحربِ، لكنَّ المسلمَ اليقظَ الفطنَ اللبيبَ يقفُ مِن تلك الشائعاتِ إحدَى الحسنيين: أحدُها: موقفُ المتجاهلِ الذي لا يعبأُ بمَا يقولُهُ أو ينشرُهُ أهلُ الشرِّ والمرجفون، ولذا حكمَ اللهُ على هؤلاءِ بالطردِ مِن رحمتِهِ إنْ لم ينتهُوا فقالَ: ﴿لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لا يُجاوِرُونَكَ فِيها إِلاَّ قَلِيلاً * مَلْعُونِينَ أَيْنَما ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً * سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً﴾، وللهِ درُّ الإمامِ الشافعِي حيثُ قال:

إِذا نَطَقَ السَفيهُ فَلا تَجِبهُ … فَخَيرٌ مِن إِجابَتِهِ السُكوتُ

 فَإِن كَلَّمتَهُ فَرَّجتَ عَنهُ … وَإِن خَلَّيتَهُ كَمَداً يَموتُ

ثانيها: موقفُ المتثبتِ الناقدِ لِمَا يسمعُ ويُبثُّ ويذاعُ مِن الأخبارِ والأراجيفِ حسبمَا قالَ ربُّنَا: ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى مَا فَعَلْتُمْ نادِمِينَ﴾، فاللهُ إذا أرادَ بعبدٍ خيرًا وفقَهُ لمواصلةِ العملِ والبناءِ والتنميةِ فلا يلتفتُ لِمَا يُقالُ هنا وهناك، أمَّا مَن أرادَ خذلانَهُ فيشغلُهُ بالجدلِ والمخاصمةِ، يقول مَعْرُوف الْكَرْخِي: «إِنَّ اللَّهَ إِذَا أَرَادَ بِعَبْدٍ خَيْرًا فَتَحَ لَهُ بَابَ عَمَلٍ, وَأَغْلَقَ عَنْهُ بَابَ الْجَدَلِ, وَإِذَا أَرَادَ بِعَبْدٍ شَرًّا فَتَحَ عَلَيْهِ بَابَ الْجَدَلِ, وَأَغْلَقَ عَنْهُ بَابَ الْعَمَلِ» (شعب الإيمان) .

تابع / خطبة الجمعة 23 فبراير : تحويل القبلة دروس وعبر 

*محبةُ الخيرِ والنفعِ للجميعِ، والتخلِّي عن الأنانيةِ وحبِّ الذاتِ: كمَا أنَّك تلحظُ – أخي الحبيب – أنَّ الصحابةَ في «تحويلِ القبلةِ» كانوا حريصينَ على مَن سبقَهُم مِن أهلِ الإيمانِ الذين ماتُوا وهم يصلونَ نحو بيتِ المقدسِ فسألُوا عن مصيرِهِم كأسعدِ بنِ زرارةَ، وأبي أمامةَ الباهلِي وغيرِهِم، فعَنْ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: «وكان الذي ماتَ على القبلةِ قَبلَ أنْ تحولَ قِبل البيتِ رجالٌ قتلُوا لم ندرِ ما نقولُ فيهِم فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ﴾»(البخاري)، وهذا يرشدُكَ إلى حسنِ صفاءِ النفوسِ، وصلاحِ القلوبِ، وحبِّ الخيرِ للغيرِ، خاصةً ونحنُ نعيشُ ليلةَ النصفِ مِن شعبانَ، فعَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ أن رَسُولِ اللَّهِ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ لَيَطَّلِعُ فِي لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَيَغْفِرُ لِجَمِيعِ خَلْقِهِ إِلَّا لِمُشْرِكٍ أَوْ مُشَاحِنٍ» (ابن ماجه) .

نسألُ اللهَ أنْ يجعلَ بلدَنَا مِصْرَ سخاءً رخاءً، أمنًا أمانًا، سلمًا سلامًا وسائرَ بلادِ العالمين، وأنْ يوفقَ ولاةَ أُمورِنَا لِمَا فيهِ نفعُ البلادِ والعبادِ.

                           كتبه: الفقير إلى عفو ربه الحنان المنان

                         د / محروس رمضان حفظي عبد العال

                    مدرس التفسير وعلوم القرآن – كلية أصول الدين والدعوة – أسيوط

_____________________________________

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

وللإطلاع علي قسم خطبة الجمعة

 

تابعنا علي الفيس بوك

 

الخطبة المسموعة علي اليوتيوب

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات

 

وللإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

وللمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

عن كتب: د.أحمد رمضان

الدكتور أحمد رمضان حاصل علي الماجستير من جامعة الأزهر بتقدير ممتاز سنة 2005م ، وحاصل علي الدكتوراه بتقدير مع مرتبة الشرف الأولي من جامعة الأزهر الشريف سنة 2017م. مؤسس جريدة صوت الدعاة ورئيس التحرير وكاتب الأخبار والمقالات المهمة بالجريدة، ويعمل بالجريدة منذ 2013 إلي اليوم. حاصل علي دورة التميز الصحفي، وقام بتدريب عدد من الصحفيين بالجريدة. للتواصل مع رئيس التحرير على الإيميل التالي: [email protected] رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) للمزيد عن الدكتور أحمد رمضان رئيس التحرير أضغط في القائمة علي رئيس التحرير

شاهد أيضاً

خطبة الجمعة القادمة 3 مايو 2024 م بعنوان : أمانة العامل والصانع وجزاؤها ، للدكتور محروس حفظي ، بتاريخ 24 شوال 1445هـ ، الموافق 3 مايو 2024م

خطبة الجمعة القادمة 3 مايو : أمانة العامل والصانع وجزاؤها ، للدكتور محروس حفظي

خطبة الجمعة القادمة خطبة الجمعة القادمة 3 مايو 2024 م بعنوان : أمانة العامل والصانع …

خطبة الجمعة القادمة 3 مايو 2024م من الأرشيف : أمانة العامل والصانع وجزاؤها ، بتاريخ 24 شوال 1445هـ – الموافق 3 مايو 2024م

خطبة الجمعة القادمة 3 مايو 2024م من الأرشيف : أمانة العامل والصانع وجزاؤها

خطبة الجمعة القادمة خطبة الجمعة القادمة 3 مايو 2024م من الأرشيف : أمانة العامل والصانع …

خطبة الجمعة القادمة : أمانة العامل والصانع وجزاؤها ، بتاريخ 24 شوال 1445هـ ، الموافق 3 مايو 2024م

أمانة العامل والصانع وجزاؤها ، خطبة الجمعة القادمة

خطبة الجمعة القادمة : أمانة العامل والصانع وجزاؤها ، بتاريخ 24 شوال 1445هـ ، الموافق 3 …

خطبة الجمعة اليوم 26 أبريل 2024م لوزارة الأوقاف - د. خالد بدير - الدكتور محمد حرز ، الدكتور محروس حفظي ، الشيخ خالد القط ، الدكتور عمر مصطفي ، word- pdf : تطبيقات حُسن الخلق ، بتاريخ 17 شوال 1445هـ ، الموافق 26 أبريل 2024م

خطبة الجمعة اليوم 26 أبريل 2024م : تطبيقات حُسن الخلق

خطبة الجمعة اليوم خطبة الجمعة اليوم 26 أبريل 2024م لوزارة الأوقاف – د. خالد بدير …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

Translate »