web analytics
أخبار عاجلة

رسالة دكتوراه في فقه اللغة العربية لإمام وخطيب بوزارة الأوقاف

في إطار الجهود العلمية التي يقوم بها أئمة وزارة الأوقاف؛ وفي ضوء الحث على البحث العلمي؛ نوقشترسالة العالمية ( الدكتوراه ) في فقه اللغة ومعانيها ومراميها ومقاصدها بكلية الآداب جامعة طنطا- قسم اللغة العربية وآدابها. تحت عنوان: الاشتقاق الدلالي في كتاب جمهرة اللغة لابن دريد (ت:321ه) دراسة وصفية.

للباحث: عنتر بلتاجي بلتاجي رزق العشري.

إمام وخطيب بوزارة الأوقاف

وبعد المناقشة العلنية والمداولة قررت لجنة المناقشة والحكم على الرسالة منح الباحث درجة العالمية الدكتوراه في فقه اللغة بمرتبة الشرف الأولى مع التوصية بالطبع والتداول بين الجامعات.

– أهمية الرسالة:

    الرسالة مهمة ومفيدة لكُلِّ مَن يعمل في مجال: التَّفسير، وعلوم القرآن، والحديث الشريف, وعلوم اللغة العربية، فهي مفيدة للغوي, والإمام, والواعظ, وغيرهم. ويتجلى ذلك فيما يأتي:

أولًا- سعى الباحث إلى تحرير المعنى الدقيقِ لألفاظِ القرآن الكريم, والحديث الشريف, وغيرهما من خلالِ ربطِهَا بأصولِها الاشتقاقيةِ.

  فاللفظ الواحد قد يكون له أكثر من معنى, فكيف يرجح القارئ بين هذه الألفاظ, فالاشتقاق الدلالي يضع أيدينا على المعنى الدقيق للفظ. فلا تكاد تجد لفظة قرآنية بلا أصل اشتقاقي.

ثانيًا- استحداث ألفاظ ودلالات جديدة:

    فالاشتقاق الدلالي من أهم خصائص اللغة العربية؛ حيث إنَّه يمنحها دائمًا النّمو، والسَّعة، والمرونة، والقدرة على استعمال المعاني المناسبة لكُلِّ العصور، فهو يُمِد المجتمع بكُلّ ما يحتاج إليه من الألفاظ, والمعاني المواكبة للتطور في مختلف المجالات، فالاشتقاق من أهمِّ عوامل توليد واستحداث الألفاظ.

ثالثا- ضوابط الاشتقاق الدلالي:

    وضع الباحث جملة من الضوابط استخلصها من كتب اللغة للقدامى, بتوفرها يكون الربط الاشتقاقي الدلالي صحيحا, وهي:

أ- اشتراك (المأخذ والمشتق) في جذر لغوي واحد.

ب- أن يكون المأخذ حسيًّا(يدرك بالحواس)

ج- الرَّبط بين الألفاظ من جهة المعنى= معنى (المشتق) مأخوذ من معنى (المأخذ).

د- إضافة اللفظ (المشتق) معنى جديدًا.

هـ- أنْ يتفق المعنيان (المأخذ والمشتق) مع المعنى المحوري للجذر.

و- التفسير الاشتقاقي للمعنى المستحدث، وهو ربطه جزئيًّا بالمعنى الأصلي مباشرة, أو بشقيق له في الجذر، بأداة تفيد ذلك، كقولهم: مشتق, أو مأخوذ، أو سُمِّي به؛ لكذا، ونحو ذلك.

– بتحقيق هذه الضَّوابط يمكن لنا:

أ- تحرير المعنى الدَّقيق للفظ المستعمل (التَّطور التلقائي).

ب- استحداث ألفاظ محكمة (التَّطور الصِّناعي).

بعض الأمثلة على فصول الرسالة:

1- الربط الجزئي:

   هو ربط اشتقاقي بين لفظين, ويشترط فيه أن ينتميان إلى جذر لغوي واحد مع المناسبة بينهما في المعنى.

أمثلة:

   كلمة (الْمُنَافِق) لم يكن يعرفها العرب، وكذا (الفاسق)، فهذان اللفظان من الألفاظ الإسلامية التي استُحدثت من الأصول العربية؛ لتناسب الحياة الإسلامية.

   فـ(الْمُنَافِق): مَأْخُوذ من (نافقاء اليربوع) وَهُوَ جُحر يكتمه اليربوع ويُظهر غيره؛ ليعمّي على طَالبه، فنلاحظ أن لفظ المنافق متولد عن (نافقاء اليربوع) وهما يشتركان في جذر لغوي واحد (ن ف ق), وبينهما مناسبة في المعنى, فالمنافق الذي يظهر الإيمان ويبطن الكفر مأخوذ من نافقاء اليربوع الذي يظهر جحرًا لا يكون فيه ويبطن الجحر الذي يمكث فيه.

     وكذا (الفاسْق) أَصله من قَوْلهم: (انفسقتِ الرُّطَبَة)، إِذا خرجت من قشرها،  فاشتق (الْفَاسِق)؛ لانفساقه من الْخَيْر، أَي انسلاخه مِنْهُ , بجامع الانسلاخ في كل.

2- التعليل الاشتقاقي للمُسمَّى:

وهو أن يكون في المُسمَّى ملحظ اشتقاقي سُمِّي الاسم لأجله.

ومثال ذلك:

    لماذا سميت الملائكة (جِنَّة), قال ابن دريد:” كَانَ أهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يُسَمُّون الْمَلَائِكَة: جِنَّة؛ لاسْتِتَارِهم عَنِ الْعُيُون”.

      فملحظ تسميةِ الملائكة (جِنَّة) من باب تسمية المُسمَّى بصفة أساسيَّة فيه، وهي:(السِّتر والتَّغطية)، فمن أبرز صفات الملائكة بالنِّسبة للبشر أنَّهم من عالم الغيبيَّات، وهي الأمور المستورة التي لا يطَّلع عليها أحد من البشر إلا من ارتضى الله تعالى- له ذلك

3- الاشتقاق التطوري:

وهو أن يُستعمل لفظ لمعنى من المعاني, فيتطور هذا المعنى فيُطلق نفس اللفظ على معنى جديد.  

مثال ذلك:

كلمة (الشَّريعة) كانت تطلق سابقًا على شريعة النهر, وهي المدخل الذي يُنحدر إِلَى المَاء مِنْهُ , فتطورت معنى (الشَّريعة) ؛ لتناسب الدِّين الإسلامي, فصارت اللفظةتطلق على مَا شَرَعَه اللَّهُ – تعالى- لِعِبَادِهِ مِنَ الدِّينِ. 

والعلاقة الاشتقاقية لهذا التطور هي تشابه الدَّلالتين في كونهما يدلان على: (المدخل إلى الشَّيء النَّافع)، فشريعة الدِّين تشبه شريعة الماء في كونها المدخل إليه كما أنَّ شريعة الماء هي المورد إليه. والماء والدين نافعان لا يُستغنى عنهما.

4- الاشتقاق المحوري:

  اشتراك جميع فروع الجذر المستعملة في معنى محوري تدور حوله.

مثال:

 جذر: ( ب ت ر ): يدور اشتقاقه المحوري حول معنى: (الْقَطْع)، وعلى ذلك لابد أنْ يتحقَّق هذا المعنى في جميع استعمالات الجذر، وهذا ما ثبت. فمنه قولهم: 

– (السَّيْفُ الْبَاتِرُ): الْقَطَّاعُ.

– (الأَبْتَرُ): الرَّجُلُ الَّذِي لَا عَقِبَ لَهُ.

– (الأَبْتَرُ): كُلُّ مَنِ انْقَطَعَ مِنَ الْخَيْرِ أَثَرُهُ.

– (الأَبْتَرُ): المقطوعُ الذَّنَب مِنْ أَيّ مَوْضِعٍ كَانَ مِنْ جَمِيعِ الدَّوَابِّ.

– (الْبَتْرَاءُ ): خُطْبَةُ زِيَاد بن أبِيهِ، سُمِّيت بذلك؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَفْتَتِحْهَا بِحَمْدِ الله – تَعَالَى- وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

– (رَجُلٌ أُباتِرٌ): يَقْطَعُ رَحِمَهُ.

– (الأَبْتَران): العَيْرُ والعَبْدُ، سُمِّيا أَبْتَرَيْنِ؛ لِقِلَّةِ خَيْرِهِمَا.

– (الأُباتِرُ): الَّذِي لَا نَسْلَ لَه.

– (البَتْراءُ): دِرْعٌ لرسولُ الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِقِصَرِهَا.

 فنُلاحظ من خلال هذا المثال اتفاق جميع الفروع السَّابقة في الحروف الأصلية، وترتيبها، مع الرَّبط والاتِّصال بينها في المعنى، حيث تشترك في معنى محوريّ واحدٍ تدور حوله وترجع إليه, وهو (القطع).

ومن منافع الاشتقاق المحوري أنَّنا نفسر معاني ألفاظ القرآن الكريم, والسنة النبوية التابعة لكل حذر في ضوء هذا المعنى المحوري, مثل قوله تعالى:” إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُ” أصل الأبتر: الحيوان المقطوعُ الذَّنَب, فكان المشركون يقولون بعد موت إبراهيم: إنما محمد أبتر، أي: مقطوع الصلة ليس له ولد يعقبه, فأنزل الله – تعالى:” إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُ” أي : إن عدوك هو (المقطوع) ذكره من خير الدنيا والآخرة. فنلاحظ أن معنى (القطع), وعلى ذلك يمكن توجيه جميع النصوص. 

كما أنَّ اللفظ المستحدث لابد أن يتناسب مع المعنى المحوري حتى يمكن القول بفصاحته, أو بصحة استعماله.  

  وقد أكثر الباحث من الشواهد التوضيحية على الاشتقاق الدلالي, كما أكثر من الأشكال الهندسية والرسوم التوضيحية التي تسهل فهمه علي جميع الفئات (متخصص في فقه اللغة- غير متخصص).

والله ولي التوفيق؛؛؛

 

عن كتب: د.أحمد رمضان

الدكتور أحمد رمضان حاصل علي الماجستير من جامعة الأزهر بتقدير ممتاز سنة 2005م ، وحاصل علي الدكتوراه بتقدير مع مرتبة الشرف الأولي من جامعة الأزهر الشريف سنة 2017م. مؤسس جريدة صوت الدعاة ورئيس التحرير وكاتب الأخبار والمقالات المهمة بالجريدة، ويعمل بالجريدة منذ 2013 إلي اليوم. حاصل علي دورة التميز الصحفي، وقام بتدريب عدد من الصحفيين بالجريدة. للتواصل مع رئيس التحرير على الإيميل التالي: [email protected] رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) للمزيد عن الدكتور أحمد رمضان رئيس التحرير أضغط في القائمة علي رئيس التحرير

شاهد أيضاً

سلسلة الدروس الرمضانية، الدرس السابع والعشرون: الاستقامة علي الطاعة، للدكتور خالد بدير

الدرس السابع والعشرون: الاستقامة علي الطاعة، للدكتور خالد بدير

سلسلة الدروس الرمضانية، الدرس السابع والعشرون: الاستقامة علي الطاعة، للدكتور خالد بدير. لتحميل الدرس بصيغة word …

سلسلة الدروس الرمضانية، الدرس السادس والعشرون: الأعمال بالخواتيم، للدكتور خالد بدير

الدرس السادس والعشرون: الأعمال بالخواتيم، للدكتور خالد بدير

سلسلة الدروس الرمضانية، الدرس السادس والعشرون: الأعمال بالخواتيم، للدكتور خالد بدير. لتحميل الدرس بصيغة word أضغط …

سلسلة الدروس الرمضانية، الدرس الخامس والعشرون: العظة والعبرة من مرور الأيام والأعوام، للدكتور خالد بدير

الدرس الخامس والعشرون: العظة والعبرة من مرور الأيام والأعوام، للدكتور خالد بدير

سلسلة الدروس الرمضانية، الدرس الخامس والعشرون: العظة والعبرة من مرور الأيام والأعوام، للدكتور خالد بدير. لتحميل …

سلسلة الدروس الرمضانية، الدرس الرابع والعشرون: ليلة القدر فضائل وخصائص، للدكتور خالد بدير

الدرس الرابع والعشرون: ليلة القدر فضائل وخصائص، للدكتور خالد بدير

سلسلة الدروس الرمضانية، الدرس الرابع والعشرون: ليلة القدر فضائل وخصائص، للدكتور خالد بدير. لتحميل الدرس بصيغة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

Translate »