أخبار مهمةالخطبة المسموعةخطبة الأسبوعخطبة الجمعةخطبة الجمعة القادمة ، خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف المصرية مكتوبة word pdfعاجل

زاد الأئمة : وزارة الأوقاف الإصدار (15) لـ خطبة الجمعة القادمة : سَمَاحَةُ الإِسْلَامِ 

زاد الأئمة : وزارة الأوقاف تعلن رسميا عن زاد الأئمة والخطباء.. الدليل الإرشادي لـ خطبة الجمعة القادمة حول : سَمَاحَةُ الإِسْلَامِ  ، بتاريخ 6 ربيع الأول 1447هـ ، الموافق 29 أغسطس 2025م.

ننفرد بنشر زاد الأئمة والخطباء.. الدليل الإرشادي لخطب الجمعة القادمة : سَمَاحَةُ الإِسْلَامِ  ، بصيغة WORD

ننشر زاد الأئمة والخطباء.. الدليل الإرشادي لخطب الجمعة القادمة : إنَّ سَمَاحَةُ الإِسْلَامِ ، بصيغة pdf

 

الإصدار الخامس عشر من سلسلة ” زاد الأئمة والخطباء: الدليل الإرشادي لخطب الجمعة”
استمراراً لما انتهجته وزارة الأوقاف مؤخراً من التيسير على السادة الأئمة والخطباء ودعماً لنماء زادهم العلمي والفكري والمعرفي نقدم هذا الإصدار من تلك السلسلة التي هي عبارة عن بحث موسع يجمع الشواهد والمعاني التي يمكن للخطيب أن يديم النظر فيها طوال الأسبوع، لتعينه على الإعداد الجيد لخطبته، وإتقان تناوله للموضوع، وزيادة عمقه وأصالته، وربط نصوص الشريعة بالواقع المعيش، حتى إذا صدرت الخطبة في موعدها المعتاد يوم الأربعاء من كل الأسبوع في صورتها النهائية المركزة المختصرة، يكون الخطيب قد هضم موضوعه وخالطه وعايشه، بما يحقق استيعاب الخطبة النهائية وأداءها على النحو المأمول.
وتهيب وزارة الأوقاف بكل أبنائها إلى التوسع في القراءة الواعية المستوعبة لكل ميادين الحياة واهتماماتها، وامتلاك الثقافة الواسعة التي تعينهم على أداء دورهم الديني الوطني على أكمل وجه.

 

ولقراءة زاد الأئمة والخطباء.. لـ خطبة الجمعة القادمة : سَمَاحَةُ الإِسْلَامِ  ، كما يلي:

بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ 

الخُطْبَةُ الأُولَى: سَمَاحَةُ الإِسْلَامِ

الهَدَفُ المُرَادُ تَوْصِيلُهُ: التَّوْعِيَةُ بِمَظَاهِرِ وَصُوَرِ سَمَاحَةِ الإِسْلَامِ وَوُجُوبُ نَشْرِ ذَلِكَ بِشَكْلٍ عَمَلِيٍّ بَيْنَ النَّاسِ، فِي ضَوْءِ سِيرَةِ وَهَدْيِ نَبِيِّ السَّمَاحَةِ بِمُنَاسَبَةِ مَوْلِدِهِ الشَّرِيفِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ,

الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ: وَافَى رَبِيعٌ فَمَرْحَبًا بِهِلَالِهِ

الهَدَفُ المُرَادُ تَوْصِيلُهُ: بَيَانُ مَشْرُوعِيَّةِ الِاحْتِفَالِ بِالمَوْلِدِ النَّبَوِيِّ الشَّرِيفِ وَكَيْفِيَّةُ ذَلِكَ.

الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ، المُتَفَضِّلِ عَلَى الخَلْقِ بِإِحْسَانِهِ، وَالمُسْبِغِ عَلَيْهِمْ مِنْ نِعَمِهِ وَآلَائِهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، سَيِّدِ المُتَسَامِحِينَ، وَأَرْحَمِ خَلْقِ اللَّهِ بِخَلْقِ اللَّهِ أَجْمَعِينَ، اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

أَمَّا بَعْدُ:

فَإِنَّ مِنْ أَعْظَمِ مَا تَتَمَيَّزُ بِهِ الرِّسَالَةُ المُحَمَّدِيَّةُ أَنَّهَا رِسَالَةُ سَمَاحَةٍ وَرَحْمَةٍ وَإِكْرَامٍ لِخَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى أَجْمَعِينَ، تِلْكَ السَّمَاحَةُ الَّتِي عَامَلَ بِهَا الإِسْلَامُ الخَلْقَ عَلَى اخْتِلَافِ أَجْنَاسِهِمْ وَلُغَاتِهِمْ وَمُعْتَقَدَاتِهِمْ دُونَ تَفْرِقَةٍ بَيْنَهُمْ، وَالسَّمَاحَةُ لَيْسَتْ مُجَرَّدَ قِيمَةٍ أَخْلَاقِيَّةٍ عَابِرَةٍ فِي الإِسْلَامِ، بَلْ هِيَ جَوْهَرُهُ وَرُوحُهُ، وَأَصْلٌ مِنْ أُصُولِهِ، تَتَجَلَّى فِي كُلِّ أَحْكَامِهِ وَتَشْرِيعَاتِهِ وَتَعَامُلَاتِهِ مَعَ المُسْلِمِينَ وَغَيْرِ المُسْلِمِينَ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ.

مَعْنَى السَّمَاحَةِ

إِنَّ السَّمَاحَةَ فِي الإِسْلَامِ خُلُقٌ جَامِعٌ يَقُومُ عَلَى اللِّينِ، وَاليُسْرِ، وَحُسْنِ المُعَامَلَةِ، وَالتَّجَاوُزِ عَنِ الزَّلَّاتِ، وَتَرْكِ التَّعْسِيرِ عَلَى النَّاسِ فِي الأَقْوَالِ وَالأَفْعَالِ وَالمُعَامَلَاتِ، وَهِيَ شَامِلَةٌ لِكُلِّ جَوَانِبِ الحَيَاةِ.

قَالَ الإِمَامُ الطَّاهِرُ بْنُ عَاشُورٍ: «السَّمَاحَةُ: هِيَ سُهُولَةُ المُعَامَلَةِ فِيمَا اعْتَادَ النَّاسُ فِيهِ المُشَادَّةَ، وَقَدِ اعْتَبَرُوا السَّمَاحَةَ أَكْمَلَ وَصْفٍ لِاطْمِئْنَانِ النَّفْسِ، وَأَعْوَنَ عَلَى قَبُولِ الهُدَى وَالإِرْشَادِ، وَجَعَلُوهَا مِنْ أَكْبَرِ صِفَاتِ الإِسْلَامِ؛ لِوُقُوعِهَا طَرَفًا بَيْنَ الإِفْرَاطِ وَالتَّفْرِيطِ، وَنَعَتُوهَا بِالتَّيْسِيرِ المُعْتَدِلِ الَّذِي شَهِدَ لَهُ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البَقَرَة: 185]. وَيُؤَكِّدُ هَذَا المَعْنَى مَا تَرْجَمَ بِهِ البُخَارِيُّ لِأَحَدِ أَبْوَابِهِ فِي «الصَّحِيحِ» مِنْ قَوْلِهِ: بَابُ الدِّينِ يُسْرٌ، وَمَا ذَكَرَهُ غَيْرَ مَرَّةٍ الإِمَامُ مَالِكٌ فِي «مُوَطَّئِهِ» عِنْدَ تَنْوِيهِهِ بِهَذَا الوَصْفِ الكَرِيمِ: وَدِينُ اللَّهِ يُسْرٌ، وَذَلِكَ بَعْدَ اسْتِخْلَاصِهِ لِهَذِهِ الحَقِيقَةِ مِنِ اسْتِقْرَاءِ الشَّرِيعَةِ». [مَقَاصِدُ الشَّرِيعَةِ الإِسْلَامِيَّةِ].

نَبِيُّ السَّمَاحَةِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

إِنَّنَا نَعِيشُ أَيَّامًا مُبَارَكَةً نَسْتَحْضِرُ فِيهَا ذِكْرَى مَوْلِدِ سَيِّدِ الخَلْقِ، سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الَّذِي أَرْسَلَهُ اللَّهُ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ، وَمَنْ تَدَبَّرَ سِيرَتَهُ العَطِرَةَ، وَجَدَ أَنَّ مِنْ أَهَمِّ مَا يُمَيِّزُ شَخْصِيَّةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السَّمَاحَةُ، تِلْكَ السَّمَاحَةُ الَّتِي كَانَتْ مَنْهَجًا ثَابِتًا فِي مُعَامَلَاتِهِ، فِي بَيْتِهِ، مَعَ أَصْحَابِهِ، مَعَ أَعْدَائِهِ، وَمَعَ مَنْ أَسَاءَ إِلَيْهِ. وَكَانَ سَمْحًا فِي الدَّعْوَةِ إِلَى اللَّهِ، فَلَمْ يُكْرِهْ أَحَدًا عَلَى الإِسْلَامِ، بَلْ دَعَا بِالحِكْمَةِ وَالمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ؛ إِنَّهُ نَبِيُّ السَّمَاحَةِ؛ فِي القَوْلِ وَالعَمَلِ، فِي العِبَادَةِ وَالمُعَامَلَةِ، فِي السِّلْمِ وَالحَرْبِ.

لَقَدْ كَانَ سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لَيْسَ بِفَظٍّ وَلَا غَلِيظٍ، وَلَا صَخَّابٍ فِي الأَسْوَاقِ، وَلَا يَدْفَعُ بِالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَغْفِرُ، بَعَثَهُ اللَّهُ مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا، وَجَعَلَ السَّكِينَةَ لِبَاسَهُ، وَالبِرَّ شِعَارَهُ، وَالتَّقْوَى ضَمِيرَهُ، وَالحِكْمَةَ مَقُولَهُ، وَالصِّدْقَ وَالوَفَاءَ طَبِيعَتَهُ، وَالعَفْوَ وَالمَعْرُوفَ خُلُقَهُ، وَالعَدْلَ سِيرَتَهُ، وَالحَقَّ شَرِيعَتَهُ، وَالهُدَى إِمَامَهُ، وَالإِسْلَامَ مِلَّتَهُ». [الشِّفَا بِتَعْرِيفِ حُقُوقِ المُصْطَفَى].

السَّمَاحَةُ فِي الإِسْلَامِ طَرِيقٌ إِلَى الجَنَّةِ

إِنَّ العِبَادَاتِ وَالقُرُبَاتِ لَيْسَتْ مَحْصُورَةً فِي الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّيَامِ وَالحَجِّ وَالذِّكْرِ وَقِرَاءَةِ القُرْآنِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنَ الأُمُورِ العَظِيمَةِ، بَلْ إِنَّ العَفْوَ وَالمُسَامَحَةَ أَيْضًا مِنْ أَفْضَلِ العِبَادَاتِ وَالقُرُبَاتِ الَّتِي يَتَقَرَّبُ بِهَا العَبْدُ إِلَى خَالِقِهِ سُبْحَانَهُ.

فَعَنْ سَيِّدِنَا جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ الأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «الصَّبْرُ وَالسَّمَاحَةُ». [رَوَاهُ البَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الإِيمَانِ].

وَعَنْ سَيِّدِنَا عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: مَا الإِيمَانُ؟ قَالَ: «الصَّبْرُ وَالسَّمَاحَةُ». [رَوَاهُ البَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الإِيمَانِ].

وَعَنْ سَيِّدِنَا أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَقُولُ اللَّهُ: انْظُرُوا فِي النَّارِ هَلْ فِيهَا مِنْ أَحَدٍ عَمِلَ خَيْرًا قَطُّ، فَيَجِدُونَ فِي النَّارِ رَجُلًا، فَيُقَالُ لَهُ: هَلْ عَمِلْتَ خَيْرًا قَطُّ؟ فَيَقُولُ: لَا؛ غَيْرَ أَنِّي كُنْتُ أُسَامِحُ النَّاسَ فِي البَيْعِ، فَيَقُولُ اللَّهُ: اسْمَحُوا لِعَبْدِي كَإِسْمَاحِهِ إِلَى عَبِيدِي». [رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ].

وَعَنْ سَيِّدِنَا حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أُتِيَ اللَّهُ بِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِهِ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا، فَقَالَ لَهُ: مَاذَا عَمِلْتَ فِي الدُّنْيَا؟ قَالَ: وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا، قَالَ: يَا رَبِّ آتَيْتَنِي مَالَكَ، فَكُنْتُ أُبَايِعُ النَّاسَ، وَكَانَ مِنْ خُلُقِي الجَوَازُ، فَكُنْتُ أَتَيَسَّرُ عَلَى المُوسِرِ، وَأُنْظِرُ المُعْسِرَ، فَقَالَ اللَّهُ: أَنَا أَحَقُّ بِذَا مِنْكَ، تَجَاوَزُوا عَنْ عَبْدِي». [رَوَاهُ مُسْلِمٌ].

السَّمَاحَةُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ

كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرَاعِي مَشَاعِرَ زَوْجَاتِهِ الكَرِيمَاتِ، وَيُعَامِلُهُنَّ بِاللِّينِ وَالرِّفْقِ، وَيُلَاطِفُهُنَّ بِالكَلِمَةِ الطَّيِّبَةِ، وَكَانَ يُسَاعِدُ أَهْلَهُ فِي شُؤُونِ البَيْتِ، وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُضْفِي رُوحَ المَوَدَّةِ وَالسَّعَادَةِ فِي بَيْتِهِ بِالمِزَاحِ وَالمُلَاطَفَةِ.

لَقَدْ أَمَرَ الإِسْلَامُ بِغَضِّ الطَّرْفِ عَنْ عُيُوبِ شَرِيكِ الحَيَاةِ، وَالبَحْثِ عَنْ جَمِيلِ المَحَاسِنِ فِيهِ، مَعَ التَّقْوِيمِ وَالإِرْشَادِ وَالتَّوْجِيهِ بِرِفْقٍ وَلِينٍ، لِيَكُونَ ذَلِكَ دَافِعًا لِلنَّفْسِ عَلَى تَقَبُّلِ مَا يَصْدُرُ عَنْهُ مِنْ أَخْطَاءٍ تَصْدُرُ بِحُكْمِ البَشَرِيَّةِ، فَلَا مَعْصُومَ إِلَّا مَنْ عَصَمَ اللَّهُ تَعَالَى، فَيَجِبُ عَلَى الزَّوْجَيْنِ أَنْ يَبْحَثَا عَنِ المَحَاسِنِ لَا أَنْ يَتَرَبَّصَا لِأَخْطَاءِ بَعْضِهِمَا، فَمِنَ السَّمَاحَةِ حَمْلُ كَلَامِ الغَيْرِ أَوْ فِعْلِهِ عَلَى المَحْمَلِ الحَسَنِ، وَبِهَذَا تَسُودُ الأُلْفَةُ وَالمَحَبَّةُ، وَيَذْهَبُ الكَيْدُ وَتَصَيُّدُ الأَخْطَاءِ.

عَنْ سَيِّدِنَا أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً، إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا، رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ». [رَوَاهُ مُسْلِمٌ].

وَالمَعْنَى: لَا يَنْبَغِي أَنْ يُبْغِضَ زَوْجٌ زَوْجَتَهُ بُغْضًا شَدِيدًا يُؤَدِّي إِلَى ظُلْمِهَا وَتَرْكِهَا؛ لِأَنَّهَا لَا تَخْلُو مِنْ خَيْرٍ، فَإِنْ رَأَى شَرًّا مِنْهَا فَلْيَذْكُرْ مَا فِيهَا مِنْ خَيْرٍ، وَلْيُحَارِبِ البُغْضَ الَّذِي دَاخَلَهُ، لِأَنَّهُ إِنْ وَجَدَ فِيهَا خُلُقًا يَكْرَهُهُ، وَجَدَ فِيهَا خُلُقًا يَرْضَى عَنْهُ، فَقَدْ تَكُونُ شَرِسَةَ الخُلُقِ لَكِنَّهَا مُتَدَيِّنَةٌ أَوْ جَمِيلَةٌ أَوْ عَفِيفَةٌ، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ. [فَتْحُ المُنْعِمِ].

وَيُرْوَى أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يَشْكُو زَوْجَتَهُ، فَسَمِعَ وَهُوَ عَلَى بَابِ عُمَرَ أَنَّ زَوْجَهُ تُعَاتِبُهُ وَتُجَادِلُهُ، فَرَجَعَ هَذَا الرَّجُلُ بَعْدَ أَنْ أَعْلَمَهُ الفَارُوقُ أَنَّ المَرْأَةَ لَا تَدَّخِرُ وُسْعًا فِي صِيَانَةِ البَيْتِ وَخِدْمَةِ الزَّوْجِ وَرِعَايَةِ الأَبْنَاءِ، وَهَذَا كَافٍ فِي التَّذَرُّعِ بِالصَّبْرِ حِيَالَ مَا يَصْدُرُ مِنْهَا. [الزَّوَاجِرُ عَنْ اقْتِرَافِ الكَبَائِرِ].

وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا} [النِّسَاء: 19]. وَمَعْنَاهَا: إِنْ كَرِهْتُمْ شَيْئًا مِنَ الأَخْلَاقِ أَوْ غَيْرِهَا فِي زَوْجَاتِكُمْ، فَلَرُبَّمَا تُرْزَقُ بِسَبَبِهَا مَالًا يَنْفَعُكَ، أَوْ وَلَدًا صَالِحًا، أَوْ بَرَكَةً فِي نَفْسِكَ … إِلَخ، فَلَا تَفْتَحُوا بَابَ الخِلَافِ وَالشِّقَاقِ دَائِمًا، فَكَمْ مِنْ زَوْجٍ كَرِهَ مِنْ زَوْجَتِهِ أَشْيَاءً فَجَعَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي بَقَاءِ زَوْجَتِهِ الخَيْرَ الكَثِيرَ.

السَّمَاحَةُ بَيْنَ الأَهْلِ وَالأَقَارِبِ

إِذَا بَدَأْنَا الحَدِيثَ عَنِ التَّسَامُحِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ، فَلَا بُدَّ مِنْ تَوْسِيعِ دَائِرَةِ التَّسَامُحِ لِتَشْمَلَ كُلَّ الأَقَارِبِ، وَكَثِيرًا مَا يَتَعَرَّضُ الإِنْسَانُ إِلَى أَذِيَّةِ أَحَدِ أَقَارِبِهِ، بَلْ رُبَّمَا يَأْتِي الأَذَى مِنَ القَرِيبِ دُونَ البَعِيدِ، وَمَبْدَأُ الشَّرِيعَةِ هُوَ تَقْوِيمُ المُخْطِئِ بِرِفْقٍ، مَعَ مُسَامَحَتِهِ عِنْدَ الخَطَأِ بَلْ وَالإِحْسَانِ إِلَيْهِ بَعْدَ الخَطَأِ، وَهَذَا مَسْلَكُ الأَنْبِيَاءِ وَأَعْلَى دَرَجَاتِ الصَّالِحِينَ، وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذَا مِنْ أَشَقِّ الأُمُورِ عَلَى النَّفْسِ، وَلَكِنَّ أَذِيَّةَ النَّاسِ تَهُونُ عَلَيْكَ إِذَا عَلِمْتَ أَنَّ الجَزَاءَ مِنْ جِنْسِ العَمَلِ، فَكَمَا تُسَامِحُ الخَلْقَ يُسَامِحُكَ اللهُ، وَكَمَا تَعْفُو عَنْهُمْ يَعْفُو عَنْكَ اللهُ، وَإِنْ عَامَلْتَ الخَلْقَ بِالعَدْلِ عَامَلَكَ اللهُ تَعَالَى بِالعَدْلِ، وَإِنْ عَامَلْتَهُمْ بِالإِحْسَانِ عَامَلَكَ اللهُ تَعَالَى بِالإِحْسَانِ، فَالمُتَفَضِّلُ عَلَى الخَلْقِ مُتَفَضَّلٌ عَلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ.

وَقَدْ صَحَّ عَنْ سَيِّدِنَا ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اسْمَحْ، يُسْمَحْ لَكَ». [رَوَاهُ أَحْمَدُ].

قَالَ العَلَّامَةُ المُنَاوِي: «أَيْ: عَامِلِ الخَلْقَ الَّذِينَ هُمْ عِيَالُ اللهِ وَعَبِيدُهُ بِالمُسَامَحَةِ وَالمُسَاهَلَةِ، يُعَامِلْكَ سَيِّدُهُمْ بِمِثْلِهِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ». وَقَالَ بَعْضُ الحُكَمَاءِ: «أَحْسِنْ إِنْ أَحْبَبْتَ أَنْ يُحْسَنَ إِلَيْكَ، وَمَنْ قَلَّ وَفَاؤُهُ كَثُرَ أَعْدَاؤُهُ». [فَيْضُ القَدِيرِ].

وَعَنْ سَيِّدِنَا أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ «إِنَّ لِي قَرَابَةً أَصِلُهُمْ وَيَقْطَعُونِي، وَأُحْسِنُ إِلَيْهِمْ وَيُسِيئُونَ إِلَيَّ، وَأَحْلُمُ عَنْهُمْ وَيَجْهَلُونَ عَلَيَّ»، فَقَالَ: «لَئِنْ كُنْتَ كَمَا قُلْتَ، فَكَأَنَّمَا تُسِفُّهُمُ المَلَّ، وَلَا يَزَالُ مَعَكَ مِنَ اللهِ ظَهِيرٌ عَلَيْهِمْ مَا دُمْتَ عَلَى ذَلِكَ». [رَوَاهُ مُسْلِمٌ].

قَالَ العُلَمَاءُ: وَمَعْنَاهُ: «كَأَنَّمَا تَضَعُ الرَّمَادَ الحَارَّ فِي أَفْوَاهِهِمْ، وَهُوَ تَشْبِيهٌ لِمَا يَلْحَقُهُمْ مِنَ الأَلَمِ بِمَا يَلْحَقُ آكِلَ الرَّمَادِ الحَارِّ مِنَ الأَلَمِ، وَلَا شَيْءَ عَلَى هَذَا المُحْسِنِ بَلْ يَنَالُهُمُ الإِثْمُ العَظِيمُ فِي قَطِيعَتِهِ، وَإِدْخَالِهِمُ الأَذَى عَلَيْهِ، وَهُوَ مَأْجُورٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ”.

فَاسْلُكْ مَعَ أَقَارِبِكَ أَعْلَى صُوَرِ التَّسَامُحِ وَالعَفْوِ وَالإِكْرَامِ وَإِنْ أَسَاءُوا إِلَيْكَ، وَقَدْ صَحَّ فِي الحَدِيثِ: عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ أَفْضَلَ الصَّدَقَةِ عَلَى ذِي الرَّحِمِ الكَاشِحِ». [رَوَاهُ أَحْمَدُ]. أَيْ: أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ تَكُونُ لِلقَرِيبِ القَاطِعِ لِلرَّحِمِ المُبْغِضِ المُعَادِي لَكَ.

إِنَّمَا جَزَاءُ مَنْ عَصَى اللهَ فِينَا أَنْ نُطِيعَ اللهَ فِيهِ

المُؤْمِنُ مُبْتَلًى مِنَ القَرِيبِ وَالبَعِيدِ، وَعَلَى المُسْلِمِ أَنْ يُظْهِرَ مَعْدِنَهُ بِالعَفْوِ عَنِ المُخْطِئِ وَالتَّجَاوُزِ عَنِ المُسِيءِ، وَكَانَ سَيِّدُنَا أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحِ بْنِ أُثَاثَةَ وَهُوَ قَرِيبٌ لَهُ، فَلَمَّا خَاضَ فِي عِرْضِ السَّيِّدَةِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا فِي حَادِثَةِ الإِفْكِ حَلَفَ سَيِّدُنَا أَبُو بَكْرٍ أَلَّا يُنْفِقَ عَلَيْهِ جَزَاءً مَا فَعَلَ، وَهَذَا فِي مَنْطِقِ الحَقِّ وَالعَدْلِ وَالعَقْلِ لَا غُبَارَ عَلَيْهِ، وَمِنْ حَقِّ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، بَلْ هَذَا أَقَلُّ أَنْوَاعِ العُقُوبَةِ لِمَنْ خَاضَ فِي عِرْضِكَ، وَلَكِنْ مَنْطِقُ الشَّرْعِ لَهُ وِجْهَةٌ أُخْرَى، فَهُوَ يُغَلِّبُ جَانِبَ الإِحْسَانِ وَالتَّسَامُحِ عَلَى جَانِبِ العَدْلِ وَالعِقَابِ، فَنَزَلَ قَوْلُ اللهِ تَعَالَى: {وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي القُرْبَى وَالمَسَاكِينَ وَالمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} النُّور 22 فَقَالَ سَيِّدُنَا الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: بَلَى، فَعَفَا عَنْهُ سَيِّدُنَا الصِّدِّيقُ وَعَادَ يُنْفِقُ عَلَيْهِ مَرَّةً أُخْرَى.

وَقَدْ قَالَ بَعْضُ البُلَغَاءِ: «لَيْسَ مِنْ عَادَةِ الكِرَامِ سُرْعَةُ الانْتِقَامِ، وَلَا مِنْ شُرُوطِ الكَرَمِ إِزَالَةُ النِّعَمِ”.

وَلَمَّا شَتَمَ رَجُلٌ سَيِّدَنَا عُمَرَ بْنَ عَبْدِ العَزِيزِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ فَقِيلَ لَهُ: مَا يَمْنَعُكَ مِنْهُ؟ فَقَالَ: «إِنَّ التَّقِيَّ مُلْجَمٌ لَا يَفْعَلُ كُلَّ مَا يُرِيدُ”.

فَهَذَا شَأْنُ المُسْلِمِ مَعَ أَذِيَّةِ الخَلْقِ، لَا يَرُدُّ السَّيِّئَةَ بِمِثْلِهَا، بَلْ يَتَحَلَّى بِالصَّبْرِ، وَيَرُدُّ الإِسَاءَةَ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ، وَلَيْسَ ذَلِكَ عَنْ ضَعْفٍ وَلَا هَوَانٍ، بَلِ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللهِ تَعَالَى. وَيُرْوَى أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى سَيِّدِنَا ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَقَالَ لَهُ: «إِنَّ لِي جَارًا يُؤْذِينِي، وَيَشْتِمُنِي، وَيُضَيِّقُ عَلَيَّ؟» فَقَالَ: «اذْهَبْ، فَإِنْ هُوَ عَصَى اللهَ فِيكَ فَأَطِعِ اللهَ فِيهِ». [إِحْيَاءُ عُلُومِ الدِّينِ].

وَعَنْ سَيِّدِنَا أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: «جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ إِذَا أَنَا عَمِلْتُ بِهِ دَخَلْتُ الجَنَّةَ». قَالَ: «كُنْ مُحْسِنًا». قَالَ: «كَيْفَ أَعْلَمُ أَنِّي مُحْسِنٌ؟» قَالَ: «سَلْ جِيرَانَكَ، فَإِنْ قَالُوا: إِنَّكَ مُحْسِنٌ فَأَنْتَ مُحْسِنٌ، وَإِنْ قَالُوا: إِنَّكَ مُسِيءٌ فَأَنْتَ مُسِيءٌ». [رَوَاهُ البَيْهَقِيُّ فِي “شُعَبِ الإِيمَانِ”].

السَّمَاحَةُ مَعَ غَيْرِ المُسْلِمِينَ مِنَ المُعَاهَدِينَ وَأَهْلِ الكِتَابِ

وَمَعْنَى المُعَاهَدِينَ: أَيْ غَيْرُ المُسْلِمِينَ الَّذِينَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ عَهْدٌ وَمِيثَاقٌ، وَهُمْ فِي ذِمَّتِنَا وَأَمَانِنَا، وَمَنْ قَصَّرَ فِي حَقِّهِمْ فَقَدْ خَانَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَذِمَّةَ الإِسْلَامِ.

وَلَمَّا قَدِمَ وَفْدُ نَجْرَانَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، دَخَلُوا عَلَيْهِ مَسْجِدَهُ بَعْدَ العَصْرِ، فَحَانَتْ صَلَاتُهُمْ فَقَامُوا يُصَلُّونَ فِي مَسْجِدِهِ، فَأَرَادَ النَّاسُ مَنْعَهُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «دَعُوهُمْ فَاسْتَقْبَلُوا المَشْرِقَ فَصَلُّوا صَلَاتَهُمْ». [رَوَاهُ ابْنُ إِسْحَاقَ كَمَا فِي دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ لِلْبَيْهَقِيِّ].

وَتَسَامُحُ المُسْلِمِينَ مَعَ أَهْلِ العَهْدِ وَالذِّمَّةِ أَمْرٌ بَالِغُ العَظَمَةِ، وَقَدْ قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «أَلَا مَنْ ظَلَمَ مُعَاهَدًا، أَوِ انْتَقَصَهُ، أَوْ كَلَّفَهُ فَوْقَ طَاقَتِهِ، أَوْ أَخَذَ مِنْهُ شَيْئًا بِغَيْرِ طِيبِ نَفْسٍ، فَأَنَا حَجِيجُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ». [رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ].

وَبَعْدَمَا طُعِنَ أَمِيرُ المُؤْمِنِينَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَلَى يَدِ رَجُلٍ مِنْ غَيْرِ المُسْلِمِينَ، قَالَ يُوصِي الخَلِيفَةَ مِنْ بَعْدِهِ: «وَأُوصِيهِ بِذِمَّةِ اللهِ وَذِمَّةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُوَفِّيَ إِلَيْهِمْ بِعَهْدِهِمْ، وَأَنْ يُقَاتِلَ مِنْ وَرَائِهِمْ، وَلَا يُكَلَّفُوا إِلَّا طَاقَتَهُمْ”.

وَعَنْ سَيِّدِنَا سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، وَقَيْسِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، أَنَّهُمَا كَانَا قَاعِدَيْنِ بِالقَادِسِيَّةِ، فَمَرُّوا عَلَيْهِمَا بِجَنَازَةٍ، فَقَامَا، فَقِيلَ لَهُمَا: إِنَّهَا مِنْ أَهْلِ الأَرْضِ أَيْ: مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ، فَقَالَا: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّتْ بِهِ جَنَازَةٌ فَقَامَ، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّهَا جَنَازَةُ يَهُودِيٍّ، فَقَالَ: «أَلَيْسَتْ نَفْسًا؟». [مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ].

وَعَنْ سَيِّدِنَا مُجَاهِدٍ بْنِ جَبْرٍ المَكِّيِّ رَحِمَهُ اللهُ، أَنَّ سَيِّدَنَا عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرٍو رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، ذُبِحَتْ لَهُ شَاةٌ فِي أَهْلِهِ، فَلَمَّا جَاءَ قَالَ: «أَهْدَيْتُمْ لِجَارِنَا اليَهُودِيِّ؟ أَهْدَيْتُمْ لِجَارِنَا اليَهُودِيِّ؟ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: مَا زَالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي بِالجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ». [رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ].

وَعَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَتْ: «قَدِمَتْ عَلَيَّ أُمِّي وَهِيَ مُشْرِكَةٌ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاسْتَفْتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قُلْتُ: قَدِمَتْ عَلَيَّ أُمِّي وَهِيَ رَاغِبَةٌ، أَفَأَصِلُ أُمِّي؟ قَالَ: «نَعَمْ صِلِي أُمَّكِ». [مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ].

وَكُلُّ هَذَا مِنْ صُوَرِ إِحْسَانِ المُسْلِمِ مَعَ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَالعَهْدِ مِمَّنْ يَعِيشُونَ مَعَنَا فِي الوَطَنِ الوَاحِدِ، وَلَمْ يَقِفْ حَدُّ السَّمَاحَةِ إِلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ مِنَ المُعَاهَدِينَ، بَلْ تَجَاوَزَ إِلَى أَمْرِ المُحَارِبِ المُعْتَدِي.

العَفْوُ عَنِ المُحَارِبِ عِنْدَ القُدْرَةِ عَلَيْهِ

لَمْ يَقِفْ حَدُّ التَّسَامُحِ الإِسْلَامِيِّ عِنْدَ الزَّوْجَيْنِ وَالأَهْلِ وَالأَقَارِبِ وَالمُسْلِمِينَ وَغَيْرِ المُسْلِمِينَ مِنَ المُعَاهَدِينَ، بَلْ تَجَاوَزَ حَدَّ السَّمَاحَةِ إِلَى العَفْوِ عَنِ المُحَارِبِ بَعْدَ القُدْرَةِ عَلَيْهِ، فَعَنْ سَيِّدِنَا جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: «كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَاتِ الرِّقَاعِ، فَإِذَا أَتَيْنَا عَلَى شَجَرَةٍ ظَلِيلَةٍ تَرَكْنَاهَا لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ المُشْرِكِينَ وَسَيْفُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُعَلَّقٌ بِالشَّجَرَةِ فَاخْتَرَطَهُ، فَقَالَ: تَخَافُنِي؟ قَالَ: «لَا». فَقَالَ: فَمَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟ قَالَ: «اللهُ». فَسَقَطَ السَّيْفُ مِنْ يَدِهِ، فَأَخَذَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السَّيْفَ، فَقَالَ: «مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟». فَقَالَ: كُنْ خَيْرَ آخِذٍ. فَقَالَ: «تَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللهِ؟». قَالَ: لَا، وَلَكِنِّي أُعَاهِدُكَ أَنْ لَا أُقَاتِلَكَ وَلَا أَكُونَ مَعَ قَوْمٍ يُقَاتِلُونَكَ». فَخَلَّى سَبِيلَهُ، فَأَتَى أَصْحَابَهُ فَقَالَ: جِئْتُكُمْ مِنْ عِنْدِ خَيْرِ النَّاسِ». [مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ].

وَقَدْ أَمَرَ الإِسْلَامُ بِحِمَايَةِ دُورِ عِبَادَةِ غَيْرِ المُسْلِمِينَ مِنَ المُحَارِبِينَ، وَلَمْ يُجِزْ هَدْمَهَا أَوِ الاعْتِدَاءَ عَلَيْهَا، بَلْ جَعَلَ مِنْ وَاجِبَاتِ الدَّوْلَةِ حِمَايَتَهَا وَضَمَانَ حُرِّيَّةِ مُمَارَسَةِ شَعَائِرِهِمُ الدِّينِيَّةِ بَعْدَ التَّغَلُّبِ عَلَيْهِمْ حَالَ الحَرْبِ، وَهَذَا مَا تَجَلَّى فِي وَصَايَا الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ وَقَادَةِ الفُتُوحَاتِ الإِسْلَامِيَّةِ، كَوَصِيَّةِ سَيِّدِنَا أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ لِيَزِيدَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: «وَلَا تُخَرِّبَنَّ عَامِرًا، وَلَا تَعْقِرَنَّ شَجَرًا مُثْمِرًا، وَلَا دَابَّةً عَجْمَاءَ، وَلَا بَقَرَةً، وَلَا شَاةً إِلَّا لِمَأْكَلَةٍ، وَلَا تُحْرِقَنَّ نَخْلًا، وَلَا تُغْرِقَنَّهُ، وَلَا تَغُلُلْ وَلَا تُجْبِنْ”.

وَصَدَقَ الشَّاعِرُ حِينَ قَالَ:

مَلَكْنَا فَكَانَ العَدْلُ فِينَا سَجِيَّةً *** فَلَمَّا مَلَكْتُم سَالَ بِالدَّمِ أَبْطَحُ

وَحَلَّلْتُم قَتْلَ الأُسَارَى وَطَالَمَا *** غَدَوْنَا عَلَى الأَسْرَى نَمُنُّ وَنَصْفَحُ

فَحَسْبُكُمُ هَذَا التَّفَاوُتُ بَيْنَنَا *** فَكُلُّ إِنَاءٍ بِالَّذِي فِيهِ يَنْضَحُ

السَّمَاحَةُ لَا تَعْنِي مُخَالَفَةَ القَانُونِ أَوِ التَّهَاوُنَ مَعَ المُخْطِئِ

إِنَّ السَّمَاحَةَ فِي الإِسْلَامِ لَيْسَتْ ضَعْفًا وَلَا تَنَازُلًا عَنِ الحَقِّ، بَلْ هِيَ قُوَّةٌ نَابِعَةٌ مِنَ القَلْبِ، مَمْزُوجَةٌ بِالرَّحْمَةِ وَالحِكْمَةِ، تَجْعَلُ المُسْلِمَ مَحْبُوبًا بَيْنَ النَّاسِ وَمَأْجُورًا عِنْدَ اللهِ.

فَالتَّسَامُحُ لَا يَعْنِي مُخَالَفَةَ القَوَانِينِ أَوِ الشَّرَائِعِ بَلْ هُوَ مِنْ صَمِيمِ الشَّرِيعَةِ فِيمَا يَسْتَطِيعُ الإِنْسَانُ وَيَكُونُ تَحْتَ قُدْرَتِهِ، قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «أَقِيلُوا ذَوِي الهَيْئَاتِ عَثَرَاتِهِمْ إِلَّا الحُدُودَ». [رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ].

فَلَيْسَتْ مُحَاسَبَةُ المُخَالِفِينَ عَلَى أَخْطَائِهِمْ خِلَافَ التَّسَامُحِ، وَلَا يُعْتَبَرُ ذَلِكَ مِنَ الغِلْظَةِ أَوْ عَدَمِ التَّسَامُحِ، وَيُمْكِنُ أَنْ تُخَفَّفَ العُقُوبَةُ عَنِ المُخَالِفِينَ لِلْمَرَّةِ الأُولَى إِنْ أُمْكِنَ ذَلِكَ، فَمَنْ تَكَرَّرَ مِنْهُ ذَلِكَ جُوزِيَ بِعُقُوبَةٍ مُغَلَّظَةٍ تَرْدَعُهُ عَنِ المُخَالَفَةِ، وَقَدْ خَصَّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ جَمَاعَةً بِالعُقُوبَةِ دُونَ غَيْرِهِمْ عِنْدَ فَتْحِ مَكَّةَ لِفَظَاعَةِ جَرَائِمِهِمْ.

وَقَدْ قَالَ الإِمَامُ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ:

إِذَا شِئْتَ أَنْ تَحْيَا سَلِيمًا مِنَ الأَذَى *** وَحَظُّكَ مَوْفُورٌ وَعِرْضُكَ صَيَّنُ

لِسَانُكَ لَا تَذْكُرْ بِهِ عَوْرَةَ امْرِئٍ *** فَكُلُّكَ عَوْرَاتٌ وَلِلنَّاسِ أَلْسُنُ

وَعَيْنُكَ إِنْ أَبْدَتْ إِلَيْكَ مَسَاوِئًا *** فَصُنْهَا وَقُلْ يَا عَيْنُ لِلنَّاسِ أَعْيُنُ

وَعَاشِرْ بِمَعْرُوفٍ وَسَامِحْ مَنْ اعْتَدَى *** وَفَارِقْ وَلَكِنْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ

فَالسَّمَاحَةُ لَيْسَتْ مُجَرَّدَ مَفَاهِيمَ نَظَرِيَّةٍ تُلْقَى عَلَى المَنَابِرِ، بَلْ هِيَ مَنْهَجُ حَيَاةٍ يَجِبُ أَنْ يَتَجَسَّدَ فِي سُلُوكِ كُلِّ مُسْلِمٍ، لِيَكُونَ قُدْوَةً حَسَنَةً تَعْكِسُ الصُّورَةَ الحَقِيقِيَّةَ لِدِينِنَا العَظِيمِ.

إِنَّ مَسْؤُولِيَّتَنَا اليَوْمَ أَنْ نَكُونَ خَيْرَ سُفَرَاءَ لِهَذَا الدِّينِ العَظِيمِ، وَأَنْ نُجَسِّدَ سَمَاحَتَهُ فِي أَقْوَالِنَا وَأَفْعَالِنَا، وَأَنْ نَكُونَ قُدْوَةً حَسَنَةً لِلنَّاسِ أَجْمَعِينَ.

تَطْبِيقَاتٌ عَمَلِيَّةٌ لِمَظَاهِرِ السَّمَاحَةِ فِي الإِسْلَامِ

السَّمَاحَةُ فِي العِبَادَةِ: تَكُونُ بِالتَّيْسِيرِ عَلَى النَّفْسِ وَالغَيْرِ، وَعَدَمِ التَّكْلِيفِ بِمَا لَا يُطَاقُ، وَعَدَمِ الإِنْكَارِ فِي مَوَاطِنِ السَّعَةِ وَالخِلَافِ.

السَّمَاحَةُ فِي المُعَامَلَةِ: تَكُونُ بِالصِّدْقِ، وَاللِّينِ، وَعَدَمِ المُغَالَاةِ فِي البَيْعِ وَالشِّرَاءِ، وَالعَفْوِ عَنِ المُعْسِرِ.

السَّمَاحَةُ فِي الحُقُوقِ: تَكُونُ بِالصَّفْحِ وَالتَّجَاوُزِ عَنِ الزَّلَّاتِ، مَا لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهِ ظُلْمٌ أَوْ ضَيَاعٌ لِلْحُقُوقِ العَامَّةِ.

السَّمَاحَةُ مَعَ غَيْرِ المُسْلِمِينَ: تَكُونُ بِالبِرِّ، وَالإِحْسَانِ، وَحُسْنِ الجِوَارِ، وَتَهْنِئَتِهِمْ فِي مُنَاسَبَاتِهِمْ، وَالقِيَامِ بِكُلِّ حُقُوقِ وَوَاجِبَاتِ المُوَاطَنَةِ فَهُمْ شُرَكَاءُ الوَطَنِ.

فَاللَّهُمَّ ارْزُقْنَا سَمَاحَةً تُذْهِبُ بِهَا وَغْرَ صُدُورِنَا، وَارْزُقْنَا رَحْمَةً وَإِحْسَانًا بِمَنْ أَسَاءَ إِلَيْنَا، وَشُدَّ عَزْمَنَا بِالتَّغَلُّبِ عَلَى نُفُوسِنَا، وَأَمِدَّنَا بِمَدَدِ رَحْمَتِكَ وَإِحْسَانِكَ القَدِيمِ حَتَّى لَا نَكْرَهَ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ، وَاجْعَلْ حَظَّ مَنْ أَسَاءَ إِلَيْنَا كَحَظِّ مَنْ أَحْسَنَ إِلَيْنَا، إِنَّكَ جَوَادٌ كَرِيمٌ.

الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ: وَافَى رَبِيعٌ فَمَرْحَبًا بِهِلالِهِ

الحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللهِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ وَالَاهُ، أَمَّا بَعْدُ:

فَإِنَّ الاِحْتِفَالَ بِذِكْرَى المَوْلِدِ النَّبَوِيِّ الشَّرِيفِ مِنْ أَفْضَلِ الأَعْمَالِ وَأَعْظَمِ القُرُبَاتِ؛ لِمَا فِيهِ مِنَ التَّعْبِيرِ عَنِ الحُبِّ وَالفَرَحِ بِسَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الَّذِي هُوَ أَصْلٌ مِنْ أُصُولِ الإِيمَانِ.

المُرَادُ بِالاِحْتِفَالِ وَكَيْفِيَّتُهُ

وَالمُرَادُ مِنَ الاِحْتِفَالِ بِذِكْرَى المَوْلِدِ النَّبَوِيِّ الشَّرِيفِ: تَجَمُّعُ النَّاسِ عَلَى ذِكْرِهِ، وَالإِنْشَادُ فِي مَدْحِهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، وَقِرَاءَةُ سِيرَتِهِ العَطِرَةِ، وَالتَّأَسِّي بِهِ، وَإِطْعَامُ الطَّعَامِ عَلَى حُبِّهِ، وَالتَّصَدُّقُ عَلَى الفُقَرَاءِ وَالمَسَاكِينِ، وَالتَّوْسِعَةُ عَلَى الأَهْلِ وَالجِيرَانِ؛ إِعْلَانًا لِمَحَبَّتِهِ، وَفَرَحًا بِظُهُورِهِ وَشُكْرًا لِلهِ تَعَالَى عَلَى مَنَّتِهِ بِوِلَادَتِهِ.

قَالَ الحَافِظُ ابْنُ كَثِيرٍ: «إِنَّ لَيْلَةَ مَوْلِدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ لَيْلَةً شَرِيفَةً عَظِيمَةً مُبَارَكَةً، سَعِيدَةً عَلَى المُؤْمِنِينَ، ظَاهِرَةَ الأَنْوَارِ، جَلِيلَةَ المِقْدَارِ”.

وَقَالَ شَيْخُ الإِسْلَامِ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ: «وَأَيُّ نِعْمَةٍ أَعْظَمُ مِنَ النِّعْمَةِ بِبُرُوزِ هَذَا النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ اليَوْمِ». [حَسَنُ المَقْصِدِ].

مَشْرُوعِيَّةُ الاِحْتِفَالِ بِالمَوْلِدِ النَّبَوِيِّ

١- قَالَ الإِمَامُ الحَافِظُ شَمْسُ الدِّينِ السَّخَاوِيُّ: «سُئِلْتُ عَنْ أَصْلِ عَمَلِ المَوْلِدِ الشَّرِيفِ، فَأَجَبْتُ: لَمْ يُنْقَلْ عَنْ أَحَدٍ مِنَ السَّلَفِ الصَّالِحِ فِي القُرُونِ الثَّلَاثَةِ الفَاضِلَةِ، وَإِنَّمَا حَدَثَ بَعْدُ، ثُمَّ مَا زَالَ أَهْلُ الإِسْلَامِ، فِي سَائِرِ الأَقْطَارِ وَالمُدُنِ العِظَامِ، يَحْتَفِلُونَ فِي شَهْرِ مَوْلِدِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّفَ وَكَرَّمَ؛ يَعْمَلُونَ الوَلَائِمَ البَدِيعَةَ، المُشْتَمِلَةَ عَلَى الأُمُورِ البَهْجَةِ الرَّفِيعَةِ، وَيَتَصَدَّقُونَ فِي لَيَالِيهِ بِأَنْوَاعِ الصَّدَقَاتِ، وَيُظْهِرُونَ السُّرُورَ وَيَزِيدُونَ فِي المَبَرَّاتِ، بَلْ يَعْتَنُونَ بِقِرَاءَةِ مَوْلِدِهِ الكَرِيمِ، وَتَظْهَرُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَرَكَاتِهِ كُلُّ فَضْلٍ عَمِيمٍ؛ بِحَيْثُ كَانَ مِمَّا جُرِّبَ”.

ثُمَّ قَالَ: «بَلْ خَرَّجَ شَيْخُنَا شَيْخُ مَشَايِخِ الإِسْلَامِ، خَاتِمَةُ الأَئِمَّةِ الأَعْلَامِ [الحَافِظُ يَقْصِدُ ابْنَ حَجَرٍ]: فِعْلَهُ عَلَى أَصْلٍ ثَابِتٍ؛ وَهُوَ مَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ المَدِينَةَ فَوَجَدَ اليَهُودَ يَصُومُونَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، فَسَأَلَهُمْ فَقَالُوا: هُوَ يَوْمٌ أَغْرَقَ اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِيهِ فِرْعَوْنَ وَنَجَّى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَنَحْنُ نَصُومُهُ شُكْرًا لِلهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَأَنَا أَحَقُّ بِمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْكُمْ، فَصَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ، وَقَالَ: إِنْ عِشْتُ إِلَى قَابِلٍ… الحَدِيثُ”.

قَالَ شَيْخُنَا: «فَيُسْتَفَادُ مِنْهُ فِعْلُهُ الشُّكْرَ لِلهِ تَعَالَى عَلَى مَا مَنَّ بِهِ فِي يَوْمٍ مُعَيَّنٍ مِنْ إِسْدَاءِ نِعْمَةٍ أَوْ دَفْعِ نِقْمَةٍ، وَيُعَادُ ذَلِكَ فِي نَظِيرِ ذَلِكَ اليَوْمِ مِنْ كُلِّ سَنَةٍ، وَالشُّكْرُ لِلهِ تَعَالَى يَحْصُلُ بِأَنْوَاعِ العِبَادَةِ، كَالسُّجُودِ وَالصِّيَامِ وَالتِّلَاوَةِ، وَأَيُّ نِعْمَةٍ أَعْظَمُ مِنَ النِّعْمَةِ بِبُرُوزِ هَذَا النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ اليَوْمِ”.

وَعَلَى هَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُقْتَصَرَ فِيهِ عَلَى مَا يُفْهَمُ الشُّكْرُ لِلهِ تَعَالَى مِنْ نَحْوِ مَا ذُكِرَ، أَمَّا مَا يَتْبَعُهُ مِنَ السَّمَاعِ وَاللَّهْوِ وَغَيْرِهِمَا فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: مَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ مُبَاحًا بِحَيْثُ يُعِينُ السُّرُورَ بِذَلِكَ اليَوْمِ، فَلَا بَأْسَ بِإِلْحَاقِهِ، وَمَهْمَا كَانَ حَرَامًا أَوْ مَكْرُوهًا فَيُمْنَعُ، وَكَذَا مَا كَانَ خِلَافَ الأُولَى». [الأَجْوِبَةُ المَرْضِيَّةُ]

٢- وَصَنَّفَ الحَافِظُ الإِمَامُ جَلَالُ الدِّينِ السُّيُوطِيُّ رِسَالَةً سَمَّاهَا: «حَسَنُ المَقْصِدِ فِي عَمَلِ المَوْلِدِ» قَالَ فِي أَوَّلِهَا: «وَقَعَ السُّؤَالُ عَنِ المَوْلِدِ النَّبَوِيِّ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الأَوَّلِ، مَا حُكْمُهُ مِنْ حَيْثُ الشَّرْعُ؟ وَهَلْ مَحْمُودٌ؟ أَوْ مَذْمُومٌ؟ وَهَلْ يُثَابُ فَاعِلُهُ أَمْ لَا؟

وَالجَوَابُ عِنْدِي: أَنَّ أَصْلَ عَمَلِ المَوْلِدِ؛ الَّذِي هُوَ اجْتِمَاعُ النَّاسِ، وَقِرَاءَةُ مَا تَيَسَّرَ مِنَ القُرْآنِ، وَرِوَايَةُ الأَخْبَارِ الوَارِدَةِ فِي مَبْدَإِ أَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَا وَقَعَ فِي مَوْلِدِهِ مِنَ الآيَاتِ، ثُمَّ يُمَدُّ لَهُم سِمَاطٌ يَأْكُلُونَهُ، وَيَنْصَرِفُونَ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ عَلَى ذَلِكَ، هُوَ مِنَ البِدَعِ الحَسَنَةِ الَّتِي يُثَابُ عَلَيْهَا صَاحِبُهَا، لِمَا فِيهِ مِنْ تَعْظِيمِ قَدْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِظْهَارِ الفَرَحِ وَالاِسْتِبْشَارِ بِمَوْلِدِهِ الشَّرِيفِ”.

ثُمَّ قَالَ: «وَقَدْ سُئِلَ شَيْخُ الإِسْلَامِ حَافِظُ العَصْرِ أَبُو الفَضْلِ ابْنُ حَجَرٍ عَنْ عَمَلِ المَوْلِدِ فَأَجَابَ بِمَا نَصُّهُ: أَصْلُ عَمَلِ المَوْلِدِ بِدْعَةٌ لَمْ تُنْقَلْ عَنْ أَحَدٍ مِنَ السَّلَفِ الصَّالِحِ مِنَ القُرُونِ الثَّلَاثَةِ، وَلَكِنَّهَا مَعَ ذَلِكَ قَدِ اشْتَمَلَتْ عَلَى مَحَاسِنَ وَضِدِّهَا، فَمَنْ تَحَرَّى فِي عَمَلِهَا المَحَاسِنَ، وَتَجَنَّبَ ضِدَّهَا كَانَ بِدْعَةً حَسَنَةً، وَإِلَّا فَلَا». [حَسَنُ المَقْصِدِ]

٣- وَمَدَحَ الإِمَامُ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ: السُّلْطَانَ (كُوكْبُرِي بْنَ عَلِيٍّ التُّرْكْمَانِيَّ)؛ مِنْ أَجْلِ احْتِفَالِهِ بِالمَوْلِدِ الشَّرِيفِ، فَقَالَ: «صَاحِبُ إِرْبِلَ، السُّلْطَانُ الدَّيِّنُ، المَلِكُ المُعَظَّمُ، مُظَفَّرُ الدِّينِ… وَأَمَّا احْتِفَالُهُ بِالمَوْلِدِ، فَيَقْصُرُ التَّعْبِيرُ عَنْهُ؛ كَانَ الخَلْقُ يَقْصِدُونَهُ مِنَ العِرَاقِ وَالجَزِيرَةِ، وَتُنْصَبُ قِبَابُ خَشَبٍ لَهُ وَلأُمَرَائِهِ وَتُزَيَّنُ، وَفِيهَا جُوقُ المَغَانِي وَاللَّعِبِ، وَيَنْزِلُ كُلَّ يَوْمٍ العَصْرَ، فَيَقِفُ عَلَى كُلِّ قُبَّةٍ وَيَتَفَرَّجُ، وَيَعْمَلُ ذَلِكَ أَيَّامًا، وَيُخْرِجُ مِنَ البَقَرِ وَالإِبِلِ وَالغَنَمِ شَيْئًا كَثِيرًا، فَتُنْحَرُ، وَتُطْبَخُ الأَلْوَانُ، وَيُعْمَلُ عِدَّةُ خِلَعٍ لِلصُّوفِيَّةِ، وَيَتَكَلَّمُ الوُعَّاظُ فِي المَيْدَانِ، فَيُنْفِقُ أَمْوَالًا جَزِيلَةً”.

وَقَدْ جَمَعَ لَهُ ابْنُ دِحْيَةَ كِتَابَ «المَوْلِدِ»، فَأَعْطَاهُ أَلْفَ دِينَارٍ.

وَكَانَ مُتَوَاضِعًا، خَيْرًا، سُنِّيًّا، يُحِبُّ الفُقَهَاءَ وَالمُحَدِّثِينَ، وَرُبَّمَا أَعْطَى الشُّعَرَاءَ، وَمَا نُقِلَ أَنَّهُ انْهَزَمَ فِي حَرْبٍ، وَقَدْ ذَكَرَ هَذَا وَأَمْثَالَهُ ابْنُ خَلِّكَانَ، وَاعْتَذَرَ مِنَ التَّقْصِيرِ. [سِيرُ أَعْلَامِ النُّبَلَاءِ]

ذِكْرُ بَعْضِ المُؤَلَّفَاتِ فِي المَوْلِدِ الشَّرِيفِ

لَقَدْ أَلَّفَ الأَئِمَّةُ مِنَ المُحَدِّثِينَ وَالحُفَّاظِ تَآلِيفَ خَاصَّةً بِمَوْلِدِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

فَأَلَّفَ الإِمَامُ الحَافِظُ الكَبِيرُ ابْنُ أَبِي عَاصِمٍ (ت ٢٨٧): «مَوْلِدُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا مَعَهُ».

وَأَلَّفَ الحَافِظُ الرَّحَّالُ، أَبُو الخَطَّابِ ابْنُ دِحْيَةَ (ت ٦٣٣): «التَّنْوِيرُ فِي مَوْلِدِ السِّرَاجِ المُنِيرِ».

وَأَلَّفَ الحَافِظُ عِمَادُ الدِّينِ ابْنُ كَثِيرٍ (ت ٧٧٤): «مَوْلِدُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ».

وَأَلَّفَ الإِمَامُ الحَافِظُ زَيْنُ الدِّينِ العِرَاقِيُّ (ت ٨٠٦): «المَوْرِدُ الهَنِيُّ فِي المَوْلِدِ السَّنِيِّ».

وَأَلَّفَ الإِمَامُ الحَافِظُ شَيْخُ القُرَّاءِ شَمْسُ الدِّينِ ابْنُ الجَزَرِيِّ (ت ٨٣٣): «التَّعْرِيفُ بِالمَوْلِدِ الشَّرِيفِ»، وَاخْتَصَرَهُ فِي «عَرْفِ التَّعْرِيفِ».

وَأَلَّفَ الإِمَامُ الحَافِظُ ابْنُ نَاصِرِ الدِّينِ الدِّمَشْقِيُّ (ت ٨٤٢): «المَوْرِدُ الصَّادِي فِي مَوْلِدِ الهَادِي»، وَ«اللَّفْظُ الرَّائِقُ فِي مَوْلِدِ سَيِّدِ الخَلَائِقِ».

وَأَلَّفَ شَيْخُ الإِسْلَامِ وَأَمِيرُ الحُفَّاظِ ابْنُ حَجَرٍ العَسْقَلَانِيُّ (ت ٨٥٢): مَوْلِدًا.

وَأَلَّفَ الإِمَامُ الحَافِظُ شَمْسُ الدِّينِ السَّخَاوِيُّ (ت ٩٠٢): «الفَخْرُ العَلَوِيُّ فِي المَوْلِدِ النَّبَوِيِّ».

وَأَلَّفَ الحَافِظُ السُّيُوطِيُّ (ت ٩١١): «حَسَنُ المَقْصِدِ فِي عَمَلِ المَوْلِدِ».

وَأَلَّفَ عَالِمُ بِلَادِ الحِجَازِ فِي زَمَانِهِ، الإِمَامُ المُحَدِّثُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلَّانٍ الصِّدِّيقيُّ الشَّافِعِيُّ (ت ١٠٥٧): «مَوْرِدُ الصَّفَا فِي مَوْلِدِ المُصْطَفَى».

وَأَلَّفَ مُحَدِّثُ الشَّامِ فِي زَمَانِهِ؛ الإِمَامُ عَبْدُ الغَنِيِّ النَّابُلُسِيُّ (ت ١١٤٣): «تُحْفَةُ ذَوِي العِرْفَانِ فِي مَوْلِدِ سَيِّدِ بَنِي عَدْنَانَ».

وَقَدْ جَمَعَ الإِمَامُ الحَافِظُ مُحَمَّدُ عَبْدُ الحَيِّ الكَتَّانِيُّ (ت ١٣٨٢) أَسْمَاءَ المُؤَلَّفَاتِ فِي المَوْلِدِ النَّبَوِيِّ فِي جُزْءٍ لَطِيفٍ حَافِلٍ: «التَّآلِيفُ المَوْلِدِيَّةُ؛ فِي التَّعْرِيفِ بِمَا أُفْرِدَ بِالتَّأْلِيفِ فِي المَوْلِدِ الشَّرِيفِ». حَتَّى قَامَ بِجَمْعِ هَذَا وَتَتَبُّعِهِ العَلَّامَةُ المُسْنِدُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الحَيِّ الكَتَّانِيُّ المَغْرِبِيُّ فِي كِتَابِهِ القَيِّمِ: «التَّآلِيفُ المَوْلِدِيَّةُ» فَأَحْصَى فِيهِ قُرَابَةَ ١٢٥ كِتَابًا.

وَيُمْكِنُ أَنْ يُسْتَدْرَكَ عَلَيْهِ مِثْلُ هَذَا العَدَدِ وَزِيَادَةً، لِتُدْرِكَ كَيْفَ أَنَّ أَئِمَّةَ الحَدِيثِ الشَّرِيفِ وَأَهْلَ العِلْمِ قَدِ اهْتَمُّوا بِيَوْمِ مَوْلِدِهِ المُبَارَكِ عَبْرَ التَّارِيخِ، وَجَمَعُوا لَهُ النَّاسَ، وَارْتَضَوْا ذَلِكَ، وَدَعَوْا إِلَيْهِ.

بَعْضُ الإِجْرَاءَاتِ العَمَلِيَّةِ لِلاِحْتِفَالِ بِمَوْلِدِ خَيْرِ البَرِيَّةِ

إِنَّ الاِحْتِفَالَ بِالمَوْلِدِ النَّبَوِيِّ الشَّرِيفِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ إِحْيَاءً لِمَعَانِي سِيرَةِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِلَيْكَ بَعْضَ الإِجْرَاءَاتِ العَمَلِيَّةِ فِي هَذَا الجَانِبِ:

الإِكْثَارُ مِنَ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَى سَيِّدِنَا النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فُرَادَى وَجَمَاعَاتٍ.

قِرَاءَةُ القُرْآنِ الكَرِيمِ فِي البُيُوتِ وَالمَسَاجِدِ.

عَقْدُ مَجَالِسِ السِّيرَةِ النَّبَوِيَّةِ وَقِرَاءَةُ الشَّمَائِلِ المُحَمَّدِيَّةِ فِي البُيُوتِ وَالمَسَاجِدِ، وَكَذَلِكَ عَنْ طَرِيقِ زُومْ أَوْ جُوجِلْ مِيتْ لِلأُسْرَةِ أَوِ الأَصْدِقَاءِ لِقِرَاءَةِ الشَّمَائِلِ المُحَمَّدِيَّةِ أَوِ الاِسْتِمَاعِ لِلمَدَائِحِ.

حِكَايَةُ قَصَصِ السِّيرَةِ لِلأَطْفَالِ بِأُسْلُوبٍ مُبَسَّطٍ يُغْرِسُ فِيهِمْ حُبَّ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

إِطْعَامُ الطَّعَامِ وَتَوْزِيعُ الحَلْوَى فَرَحًا وَسُرُورًا بِمِيلَادِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ.

إِطْلَاقُ مُبَادَرَاتٍ خَيْرِيَّةٍ (كِسْوَةٌ، عِلَاجٌ، قَوَافِلُ طَعَامٍ) بِنِيَّةِ إِدْخَالِ السُّرُورِ عَلَى النَّاسِ فِي ذِكْرَى مَوْلِدِهِ الشَّرِيفِ.

مُبَادَرَاتُ إِصْلَاحِ ذَاتِ البَيْنِ بَيْنَ المُتَخَاصِمِينَ إِحْيَاءً لِرِسَالَةِ الرَّحْمَةِ.

غَرْسُ شَجَرَةٍ أَوْ تَنْظِيفُ مَكَانٍ عَامٍّ.

تَنْظِيمُ أُمَسِيَاتِ إِنْشَادٍ وَمَدِيحٍ نَبَوِيٍّ.

إِطْلَاقُ حَمَلَاتٍ عَلَى وَسَائِلِ التَّوَاصُلِ لِلتَّعْرِيفِ بِسِيرَتِهِ العَطِرَةِ بِلُغَةٍ تُنَاسِبُ الشَّبَابَ.

نَشْرٌ يَوْمِيٌّ لِمَوَاقِفَ مِنَ السِّيرَةِ بِأُسْلُوبٍ قَصِيرٍ وَجَذَّابٍ (بُوسْتَاتٌ، مَقَاطِعُ رِيلْزْ).

عَمَلُ بُودْكَاسْتٍ شَبَابِيٍّ يُنَاقِشُ دُرُوسًا حَيَاتِيَّةً مِنْ حَيَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

عَمَلُ مُسَابَقَاتٍ أُونْلايْنْ: أَسْئِلَةٌ يَوْمِيَّةٌ عَنِ السِّيرَةِ، وَأَوَّلُ مَنْ يُجِيبُ يَفُوزُ بِجَائِزَةٍ رَمْزِيَّةٍ.

دَعْوَةُ المُتَابِعِينَ لِمُشَارَكَةِ أَجْمَلَ مَا يُحِبُّونَهُ فِي شَخْصِيَّةِ سَيِّدِنَا النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بُوسْتٍ جَمَاعِيٍّ.

تَصْمِيمُ بَطَاقَاتِ تَهْنِئَةٍ إِلِكْتُرُونِيَّةٍ بِالمَوْلِدِ يُمْكِنُ مُشَارَكَتُهَا فِي الجُرُوبَاتِ العَائِلِيَّةِ وَالصَّفَحَاتِ.

مَرَاجِعُ لِلاِسْتِزَادَةِ

«الشِّفَا بِتَعْرِيفِ حُقُوقِ المُصْطَفَى»، القَاضِي عِيَاضٌ.

«المُوسُوعَةُ فِي سَمَاحَةِ الإِسْلَامِ»، مُحَمَّدُ الصَّادِقُ عَرْجُونُ.

«التَّعَايُشُ مَعَ الآخَرِ فِي ضَوْءِ السِّيرَةِ النَّبَوِيَّةِ»، د. عَلِي جُمَعَةُ.

 _____________________________________

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

وللإطلاع علي قسم خطبة الجمعة

 

تابعنا علي الفيس بوك

 

الخطبة المسموعة علي اليوتيوب

 

وللإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات

 

للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

وللمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

اظهر المزيد

كتب: د.أحمد رمضان

الدكتور أحمد رمضان حاصل علي الماجستير من جامعة الأزهر بتقدير ممتاز سنة 2005م ، وحاصل علي الدكتوراه بتقدير مع مرتبة الشرف الأولي من جامعة الأزهر الشريف سنة 2017م. مؤسس جريدة صوت الدعاة ورئيس التحرير وكاتب الأخبار والمقالات المهمة بالجريدة، ويعمل بالجريدة منذ 2013 إلي اليوم. حاصل علي دورة التميز الصحفي، وقام بتدريب عدد من الصحفيين بالجريدة. للتواصل مع رئيس التحرير على الإيميل التالي: ahmed_dr.ahmed@yahoo.com رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) للمزيد عن الدكتور أحمد رمضان رئيس التحرير أضغط في القائمة علي رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

زر الذهاب إلى الأعلى