أخبار مهمةالخطبة المسموعةخطبة الأسبوعخطبة الجمعةخطبة الجمعة القادمة ، خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف المصرية مكتوبة word pdfعاجل

خطبة الجمعة بعنوان : فتراحموا ، للدكتور خالد بدير

بتاريخ 25 ذو القعدة 1446 هـ ، الموافق 23 مايو 2025م

خطبة الجمعة بعنوان : فتراحموا ، للدكتور خالد بدير، بتاريخ 25 ذو القعدة 1446 هـ ، الموافق 23 مايو 2025م. 

 

تحميل خطبة الجمعة القادمة 23 مايو 2025م ، للدكتور خالد بدير بعنوان : فتراحموا :

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 23 مايو 2025م ، للدكتور خالد بدير بعنوان : فتراحموا ، بصيغة  word أضغط هنا.

ولتحميل خطبة الجمعة القادمة 23 مايو 2025م ، للدكتور خالد بدير بعنوان : فتراحموا ، بصيغة  pdf أضغط هنا.

عناصر خطبة الجمعة القادمة 23 مايو 2025م ، للدكتور خالد بدير ، بعنوان : فتراحموا : كما يلي:

 

أولًا: منزلةُ الرحمةِ في الإسلامِ.

ثانيًا: عواملُ وأسبابُ غرسِ الرحمةِ بينَ الزوجينِ.

ثالثًا: استوصُوا بالنساءِ خيرًا.

 

ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 23 مايو 2025م ، للدكتور خالد بدير ، بعنوان : فتراحموا : كما يلي:

 

خطبةٌ بعنوان: فتراحمُوا (التوعيةُ بقيمةِ الرحمةِ بينَ الزوجينِ)

25 ذو القعدة 1446هـ – 23 مايو 2025م

المـــوضــــــــــوع

الحمدُ للهِ نحمدُهُ ونستعينُهُ ونتوبُ إليهِ ونستغفرُهُ ونؤمنُ بهِ ونتوكلُ عليهِ ونعوذُ بهِ مِن شرورِ أنفسِنَا وسيئاتِ أعمالِنَا، ونشهدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ له وأنَّ سيِّدَنَا مُحمدًا عبدُهُ ورسولُهُ . أمَّا بعدُ:

العنصر الأول من خطبة الجمعة بعنوان : فتراحموا ، للدكتور خالد بدير

أولًا: منزلةُ الرحمةِ في الإسلامِ.

للرحمةِ منزلةٌ عظيمةٌ في الإسلامِ،  والرحمةُ صفةٌ مِن صفاتِ الخالقِ عزَّ وجلَّ، واشتقَّ اللهُ مِن الرحمةِ اسمَ الرحمنِ الرحيمِ، ونقرأُهَا في كلِّ ركعةٍ مِن ركعاتِ الصلاةِ كلَّ يومٍ، قالَ القرطبيُّ: ” وذهبَ جمهورٌ مِن الناسِ إلى أنَّ الرحمنَ مشتقٌ مِن الرحمةِ”، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ، قَالَ: ” لَمَّا قَضَى اللَّهُ الخَلْقَ، كَتَبَ عِنْدَهُ فَوْقَ عَرْشِهِ: إِنَّ رَحْمَتِي سَبَقَتْ غَضَبِي ” (البخاري). ولقد انفردتْ صفةُ الرحمةِ في القرآنِ الكريمِ بالصدارةِ، وبفارقٍ كبيرٍ عن أيِّ صفةٍ أُخرَى، فبينمَا تكررتْ صفةُ الرحمةِ بمشتقاتِهَا ثلاثَ مائةٍ وخمسَ عشرةَ مرةً، جاءتْ صفةُ الصدقِ مثلًا مائةً وخمسًا وأربعينَ مرةً، وجاءتْ صفةُ الصبرِ تسعينَ مرةً، وجاءتْ صفةُ العفوِ ثلاثًا وأربعينَ مرةً، وجاءتْ صفةُ الأمانةِ أربعينَ مرةً، وجاءتْ صفةُ الوفاءِ تسعًا وعشرينَ مرةً، وهكذا! وهذا ليس مصادفةً بحالٍ مِن الأحوالِ، وحاشَ للهِ أنْ تكونَ هناكَ أمورٌ عشوائيةٌ في كتابِهِ تعالى، فهو الحقُّ الذي لا باطلَ فيهِ، وكلُّ كلمةٍ وحرفٍ فيه نزلَ لهدفٍ.

لذلك اهتمَّ نبيُّ الرحمةِ ﷺ بذكرِ هذا الخلقِ العظيمِ والتأكيدِ عليهِ في أحاديثَ عدةٍ، فعن عبدِ اللهِ بنِ عمرِو بنِ العاص رضي اللهُ عنهما أنَّهُ ﷺ قال: ” الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمْ الرَّحْمَنُ، ارْحَمُوا مَنْ فِي الْأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ” (البخاري)، وعن أَبَي هُرَيْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: “جَعَلَ اللَّهُ الرَّحْمَةَ مِائَةَ جُزْءٍ، فَأَمْسَكَ عِنْدَهُ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ جُزْءًا وَأَنْزَلَ فِي الْأَرْضِ جُزْءًا وَاحِدًا، فَمِنْ ذَلِكَ الْجُزْءِ يَتَرَاحَمُ الْخَلْقُ حَتَّى تَرْفَعَ الْفَرَسُ حَافِرَهَا عَنْ وَلَدِهَا خَشْيَةَ أَنْ تُصِيبَهُ” (البخاري)، وتوعدَ ﷺ أولئكَ الذين لا يرحمونَ أنَّهُم أبعدُ الناسِ عن رحمةِ اللهِ سبحانَهُ وتعالَى فقالَ:” لَا يَرْحَمُ اللَّهُ مَنْ لَا يَرْحَمُ النَّاسَ”(متفق عليه)، وقالَ في أهلِ الجنةِ:” أَهْلُ الْجَنَّةِ ثَلَاثَةٌ: ذُو سُلْطَانٍ مُقْسِطٌ مُتَصَدِّقٌ مُوَفَّقٌ، وَرَجُلٌ رَحِيمٌ رَقِيقُ الْقَلْبِ لِكُلِّ ذِي قُرْبَى وَمُسْلِمٍ، وَعَفِيفٌ مُتَعَفِّفٌ ذُو عِيَالٍ”(مسلم).

والرحمةُ تشملُ جميعَ أفرادِ المجتمعِ رجالًا ونساءً صغارًا وكبارًا ذكورًا وإناثًا، وشملت كذلك البهائمَ والدوابَّ والطيورَ.

وحديثُنَا اليومَ عن الرحمةِ بينَ الزوجينِ خاصةً، وذلكَ مِن خلالِ قولِهِ تعالَى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}. (الروم: 21)، يقولُ الإمامُ البغويُّ رحمَهُ اللهُ: ” أيْ جعلَ بينَ الزَّوجينِ مودَّةً ورحمةً، فهمَا يتراحَمانِ ويتوادَّانِ، وما مِن شيءٍ أحبُّ إلى أحدِهمَا مِن الآخرِ مِن غيرِ رَحِمٍ بينهمَا”، ويقولُ الإمامُ الطبريُّ في تفسيرِ الآيةِ: ”جعلَ بينكُم بالمصاهرةِ والختونةِ مودةً تتوادُّونَ بهَا، وتتواصلونَ مِن أجلِهَا، ورحمةً رحمكُم بهَا؛ فعطفَ بعضكُم بذلكَ على بعضٍ” أ.ه

العنصر الثاني من خطبة الجمعة بعنوان : فتراحموا ، للدكتور خالد بدير

ثانيًا: عواملُ وأسبابُ غرسِ الرحمةِ بينَ الزوجينِ.

هناكَ عدةُ عواملٍ وأسبابٍ تجلبُ الرحمةَ والمودةَ بينَ الزوجينِ والأولادِ والأسرةِ عامةً، ومِن هذهِ العواملِ:

الاجتمـاعُ علـى الطعـامِ: فالاجتمـاعُ علـى مائـدةِ الطعامِ، مظهـرٌ مـن مظاهـرِ الترابطِ الُأسَـريِّ، وفيـه فرصـةُ تبسُّـطِ الوالـدِ مـع أولادِهِ والاقـترابِ منهـم، وتبسُّـطِ الـزوجِ مـع زوجتِـهِ والتـوددِ إليها، ونشر الرحمة بين الجميع، فضلا عن بركة الطعام. فعَنْ وَحْشِيِّ بْنِ حَرْبٍ قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّا نَأْكُلُ وَلَا نَشْبَعُ، قَالَ: لَعَلَّكُمْ تَتَفَرَّقُونَ. قُلْنَا: نَعَمْ، قَالَ: ” اجْتَمَعُوا عَلَى طَعَامِكُمْ، وَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، يُبَارَكْ لَكُمْ فِيهِ “. (أبـو داو وابن حبان بسند حسن).

ومنها: التشاورُ والنقاشُ وقبولُ رأيِ الآخرِ واحترامُهُ: قالَ تعالَى: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ}. (آل عمران: 159)، وقالَ جلَّ شأنهُ: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ } (الشورى: 38)، وكان النبـيُّ ﷺ يستشـيرُ أزواجَـُه، فنتذكرُ جميعًا استشـارتَهُ للسيدةِ أمِّ سلمةَ رضي اللهُ عنهَا في صلـحِ الحديبيـةِ حينمَا امتنعُوا عن الذبحِ والتحللِ والرجوعِ إلى المدينةِ، فقالت لـهُ: «اخـرُجْ ولا تُكلِّمَـنَّ أحـدًا منهُـم كلمـةً حتَّـى تنحَـرَ بُدنَـكَ وتدعـوَ حالقَكَ، فقـام النَّبـيُّ ﷺ فخرَج ولـم يُكلِّمْ أحـدًا منهُم، حتَّى نحَـر بُدْنَـه ثـمَّ دعـا حالقَـهُ فحلَقـهُ، فلمَّـا رأى ذلـك النَّـاسُ جعَـل بعضُهـم يحلِـقُ بعضًـا حتَّـى كاد بعضُهـم يقتُـلُ بعضًـا.» (البخاري)، فكانـت مشـورةُ أمِّ المؤمنيـنَ أمِّ سـلمةَ فيهَـا الحـلُّ لِمَـا أهـمَّ النبيّ ﷺ.

ومنها: حسنُ العشرةِ: والمرادُ بهِ إحسانُ الصحبةِ، وكفُّ الأذَى، وعدمُ مَطلِ الحقوقِ مع القدرةِ، وإظهارُ البِشرِ والطلاقةِ والانبساطِ، وهي واجبةٌ على الزوجِ، والأصلُ فيهَا قولُهُ تعالَى: { وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ }. [النساء: 19]. قال ابنُ كثيرٍ في تفسيرِ هذه الآيةِ: “أي: طيِّبُوا أقوالَكُم لهنَّ، وحسِّنُوا أفعالَكُم وهيئاتِكُم بحسبِ قدرتِكُم كمَا تحبُّ منها، فافعلْ أنتَ بهَا مثلَهُ”. فيطيبُ لهَا الكلامُ، وهي كذلكَ حتى لو بالكذبِ تألفًا للقلوبِ، فعَنْ أُمِّ كُلْثُومٍ بِنْتِ عُقْبَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: رَخَّصَ النَّبِيُّ ﷺ مِنَ الْكَذِبِ فِي ثَلاَثٍ: فِي الْحَرْبِ، وَفِي الإِصْلاَحِ بَيْنَ النَّاسِ، وَقَوْلِ الرَّجُلِ لاِمْرَأَتِهِ (مسند أحمد). وقد سـألَ رجـلٌ زوجتَـهُ هـل تُبغضيننِـي؟ فأجابـتْ: نعـمْ أُبغِضُـكَ، فانطلـقَ الرجـلُ بها إلـى عمرَ بـنِ الخطابِ يشـكو إليـه، فقالـتْ المـرأةُ لعمـرَ: إنّـهُ اسـتحلفنِي فكرهـتُ أنْ أكـذبَ، فقـالَ عمـرُ: بلـى فلتكـذبْ إحداكـنَّ ولتُجَمِّـلْ، فليـسَ كلُّ البيـوتِ تُبنـٰى علـٰى الحُـبِّ، ولكـنْ معاشـرةٌ علـى الأحسـابِ والإسـلامِ. [كنـز العمـال.]

ومنها: الملاطفةُ والمداعبةُ: كما كان الرسولُ ﷺ يقضِي بعضَ أوقاتِهِ لملاعبةِ الزوجةِ وممازحتِهَا وملاطفتِهَا، فعن عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَنَّهَا كَانَتْ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ فِي سَفَرٍ وَهِيَ جَارِيَةٌ، فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: ” تَقَدَّمُوا ” فَتَقَدَّمُوا , ثُمَّ قَالَ: ” تَعَالِ أُسَابِقْكِ ”، فَسَابَقْتُهُ، فَسَبَقْتُهُ عَلَى رِجْلِيَّ “، فَلَمَّا كَانَ بَعْدُ، خَرَجْتُ أَيْضًا مَعَهُ فِي سَفَرٍ، فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: ” تَقَدَّمُوا “، ثُمَّ قَالَ: “تَعَالِ أُسَابِقْكِ”، وَنَسِيتُ الَّذِي كَانَ، وَقَدْ حَمَلْتُ اللَّحْمَ “، فَقُلْتُ: وَكَيْفَ أُسَابِقُكَ يَا رَسُولَ اللهِ، وَأَنَا عَلَى هَذِهِ الْحَالِ؟ فَقَالَ: ” لَتَفْعَلِنَّ ” فَسَابَقْتُهُ، فَسَبَقَنِي”، فَقَالَ: ” هَذِهِ بِتِلْكَ السَّبْقَةِ “. (أبو داوود والنسائي بسند صحيح)، وعَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: ” كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَرَسُولُ اللهِ ﷺ مِنْ إِنَاءٍ بَيْنِي وَبَيْنَهُ وَاحِدٍ، فَيُبَادِرُنِي حَتَّى أَقُولَ: دَعْ لِي، دَعْ لِي. قَالَتْ: وَهُمَا جُنُبَانِ “. (مسلم). وعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «كُنْتُ أَشْرَبُ وَأَنَا حَائِضٌ، ثُمَّ أُنَاوِلُهُ النَّبِيَّ ﷺ فَيَضَعُ فَاهُ عَلَى مَوْضِعِ فِيَّ فَيَشْرَبُ، وَأَتَعَرَّقُ الْعَرْقَ وَأَنَا حَائِضٌ، ثُمَّ أُنَاوِلُهُ النَّبِيَّ ﷺ فَيَضَعُ فَاهُ عَلَى مَوْضِعِ فِيَّ». (مسلم).  ومعنى: (أتعرق العرق) :أي العظم الذي عليه بقية من لحم .

ففي هذه الأحَاديثِ: تَواضُعُ النَّبيِّ ﷺ ولُطْفُه مع أَهْلِه، وبيانُ ما كان عليهِ مِنْ حُسْنِ العِشْرةِ والرحمةِ.

ومنها: إحساسُ كلٍّ مِن الزوجينِ بالآخر: فقد كان ﷺ حريصًا على دراسةِ نفسيةِ زوجاتِهِ وما يدورُ في أذهانِهِنَّ. فعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِنِّي لَأَعْلَمُ إِذَا كُنْتِ عَنِّي رَاضِيَةً، وَإِذَا كُنْتِ عَلَيَّ غَضْبَى» قَالَتْ: فَقُلْتُ: مِنْ أَيْنَ تَعْرِفُ ذَلِكَ؟ فَقَالَ:” أَمَّا إِذَا كُنْتِ عَنِّي رَاضِيَةً، فَإِنَّكِ تَقُولِينَ: لاَ وَرَبِّ مُحَمَّدٍ، وَإِذَا كُنْتِ عَلَيَّ غَضْبَى، قُلْتِ: لاَ وَرَبِّ إِبْرَاهِيمَ، قَالَتْ: قُلْتُ: أَجَلْ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَهْجُرُ إِلَّا اسْمَكَ” (متفق عليه).

كما كان ﷺ حريصًا على رعايةِ مرضَى أهلهِ وتوفيرِ سبلِ العلاجِ والراحةِ لهم، وعلاجِهِم بالرقيةِ، فعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ إِذَا مَرِضَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِهِ نَفَثَ عَلَيْهِ بِالْمُعَوِّذَاتِ، فَلَمَّا مَرِضَ مَرَضَهُ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، جَعَلْتُ أَنْفُثُ عَلَيْهِ وَأَمْسَحُهُ بِيَدِ نَفْسِهِ، لِأَنَّهَا كَانَتْ أَعْظَمَ بَرَكَةً مِنْ يَدِي» (مسلم).

كما كان ﷺ حريصًا على مواساةِ الزوجةِ ومسحِ دموعِهَا وتطييبِ خاطرِهَا، فعَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَتْ صَفِيَّةُ مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ فِي سَفَرٍ، وَكَانَ ذَلِكَ يَوْمَهَا فَأَبْطَأْتُ فِي الْمَسِيرِ، فَاسْتَقْبَلَهَا رَسُولُ اللهِ ﷺ وَهِيَ تَبْكِي وَتَقُولُ: «حَمَلْتَنِي عَلَى بَعِيرٍ بَطِيءٍ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يَمْسَحُ بِيَدَيْهِ عَيْنَيْهَا وُيُسْكِتُهَا (النسائي في الكبرى).

ومنها: التحملُ والصبرُ والرضَا: فالميثاقُ الغليظُ الذي بينَ الزوجينِ يقتضِي أنْ يتحملَ كلٌّ منهمَا هفواتِ الآخر، يقولُ أبو الدرداءِ -رضي اللهُ عنه- لزوجتِهِ أمِّ الدرداء: ” إذا رأيتنِي غاضبًا فرضِّينِي، وإذا رأيتُكِ غضبَى رضَّيتُكِ. وإلّا لم نصطحبْ”. فبالودِّ والمسامحةِ والمحبةِ تدومُ العشرةُ، وبدونِهَا لا توجدُ ألفةٌ ولا عشرةٌ.

ولو أنّ كِلَا الزوجينِ وقفَ عندَ هفواتِ الآخرِ، ما استمرتْ الحياةُ، بل صارتْ إلى هدمٍ وزوالٍ، وما صارَ أحدٌ مع زوجتِهِ في المجتمعِ كلِّه، فلابدَّ لكلٍّ منهُمَا أنْ يتحملَ صاحبَهُ، حتى تستقرَّ الأسرُ والمجتمعُ.

فهذه مجموعةٌ مِن العواملِ والوسائلِ التي تجلبُ الرحمةَ والمودةَ بينَ الزوجينِ والأسرةِ جميعًا، والتي لو تحققت فيها لعمَّ الاستقرارُ والسعادةُ والرفقُ والرحمةُ والسلامةُ والاطمئنانُ.

العنصر الثالث من خطبة الجمعة بعنوان : فتراحموا ، للدكتور خالد بدير

ثالثًا: استوصُوا بالنساءِ خيرًا.

هذه هي وصيةُ النبيِّ ﷺ بالنساءِ في قولِهِ: «اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ، فَإِنَّ المَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ، وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلاَهُ، فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ، فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ» (متفق عليه)، وفي روايةِ مسلمٍ: «إِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ لَنْ تَسْتَقِيمَ لَكَ عَلَى طَرِيقَةٍ، فَإِنِ اسْتَمْتَعْتَ بِهَا اسْتَمْتَعْتَ بِهَا وَبِهَا عِوَجٌ، وَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهَا، كَسَرْتَهَا وَكَسْرُهَا طَلَاقُهَا»، وعندَ ابنِ حبان: «إِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ فَإِنْ أَقَمْتَهَا كَسَرْتَهَا فَدَارِهَا تَعِشْ بِهَا». قال الإمامُ النووي: “فيه الحثُّ على الرفقِ بالنساءِ والإحسانِ إليهِنَّ والصبرِ على عوجِ أخلاقهِنَّ، واحتمالِ ضعفِ عقولهِنَّ وكراهةِ طلاقهِنَّ بلا سببٍ، وأنَّه لا مطمعَ في استقامتِهِنَّ”، وقال القسطلانِيُّ: “في الحديثِ الندبُ إلى المداراةِ لاستمالةِ النفوسِ وتألفِ القلوبِ، وفيه سياسةُ النساءِ بأخذِ العفوِ عنهنَّ والصبرِ على عوجهِنَّ، فإنَّ مَن رامَ تقويمَهُنَّ فاتَهُ الانتفاعُ بهنَّ، مع أنَّه لا غنَى للإنسانِ عن امرأةٍ يسكنُ إليهَا ويستعينُ بهَا على معاش”.

وفي حجةِ الوداعِ يقولُ ﷺ: ” اتَّقُوا اللهَ فِي النِّسَاءِ، فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانِ اللهِ، وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللهِ”. (مسلم). كما أوصانَا ﷺ بالرفقِ بالقواريرِ حيثُ قالَ: «يَا أَنْجَشَةُ رُوَيْدَكَ سَوْقًا بِالْقَوَارِيرِ» (متفق عليه)، «قال العلماءُ: سمَّى النساءَ قواريرَ؛ لضعفِ عزائمهِنَّ، تشبيهًا بقارورةِ الزجاجِ لضعفِهَا، وإسراعِ الانكسارِ إليهَا» [شرح النووي على مسلم]. لذلك نهانَا الشرعُ الحكيمُ عن التعاملِ بعنفٍ مع الزوجةِ والأولادِ؛ لأنَّ ذلكَ فيهِ دمارٌ وهلاكٌ وخرابٌ للبيوتِ والأسرِ، فعَـنْ مُعَاوِيَـةَ الْقُشَـيْرِيِّ، قَـالَ: قُلْتُ: يَا رَسُـولَ الِله، مَا حَقُّ زَوْجَةِ أَحَدِنَا عَلَيْهِ؟، قَـالَ: «أَنْ تُطْعِمَهَا إِذَا طَعِمْتَ، وَتَكْسُـوَهَا إِذَا اكْتَسَـيْتَ، أَوِ اكْتَسَـبْتَ، وَلَا تَضْرِبِ الْوَجْهَ، وَلَا تُقَبِّحْ، وَلَا تَهْجُرْ إِلَّا فِي الْبَيْتِ.» ( أبو داود والنسائي بسند حسن.] فاتقوا اللهُ في أهليكُم وأزواجِكُم وأولادِكُم؛ فأنتُم مسئولونَ عنهم أمامَ اللهِ يومَ القيامةِ، فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّهُ: سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ فِي أَهْلِهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالمَرْأَةُ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالخَادِمُ فِي مَالِ سَيِّدِهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ؛ فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ». ( متفق عليه). وعَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «إِنَّ اللهَ سَائِلٌ كُلَّ رَاعٍ عَمَّا اسْتَرْعَاهُ، أَحَفِظَ ذَلِكَ أَمْ ضَيَّعَ؟ حَتَّى يُسْأَلَ الرَّجُلُ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ».(النسائي وابن حبان بسند صحيح).

فعلينَا أنْ نتنبَّهَ لذلكَ، وأنْ نتَذَكَّرَ قَوْلَ اللهِ تَعَالَى: { وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا }.(سورة النساء: 19). وقولَ الرسولِ ﷺ: «لَا يَفْرَكْ [أَيْ لاَ يُبْغِضْ] مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً، إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ» (مسلم).  فاستوصُوا بالنساءِ خيرًا، واتقُوا اللهَ في نسائِكُم وأهلِيكُم وأولادِكُم.

أيُّهَا المسلمون: بعدَ أيامٍ قلائل نستقبلُ أفضلَ أيامِ الدنيا على الإطلاقِ، فقد أخرجَ البخاريُّ عن ابنِ عباسٍ، قال رسولُ اللهِ ﷺ: ” ما مِن أيَّامٍ العملُ الصَّالحُ فيها أحبُّ إلى اللَّهِ من هذِهِ الأيَّام يعني أيَّامَ العشرِ، قالوا: يا رسولَ اللَّهِ، ولا الجِهادُ في سبيلِ اللَّهِ؟ قالَ: ولا الجِهادُ في سبيلِ اللَّهِ، إلَّا رَجلٌ خرجَ بنفسِهِ ومالِهِ، فلم يرجِعْ من ذلِكَ بشيءٍ.” فعلينَا أنْ نغتنمَ هذه الأيامَ المباركةَ بالصيامِ والقيامِ والقرآنِ والإنفاقِ؛ حتى نفوزَ بسعادةِ العاجلِ والآجلِ.

نسألُ اللهَ أنْ يباركَ لنَا في أزواجِنَا وأبنائِنَا، وأنْ يوفقنَا إلى العملِ الصالحِ في عشرِ ذِي الحجةِ،  وأنْ يحفظَ مصرَنَا وشَعْبَهَا مِن كلِّ مكروهٍ وسوءٍ.

الدعاء،،،،                    وأقم الصلاة،،،،                       كتبه : خادم الدعوة الإسلامية

د / خالد بدير بدوي

_____________________________________

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

وللإطلاع علي قسم خطبة الجمعة

 

تابعنا علي الفيس بوك

 

الخطبة المسموعة علي اليوتيوب

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات

 

وللإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

وللمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

اظهر المزيد

كتب: د.أحمد رمضان

الدكتور أحمد رمضان حاصل علي الماجستير من جامعة الأزهر بتقدير ممتاز سنة 2005م ، وحاصل علي الدكتوراه بتقدير مع مرتبة الشرف الأولي من جامعة الأزهر الشريف سنة 2017م. مؤسس جريدة صوت الدعاة ورئيس التحرير وكاتب الأخبار والمقالات المهمة بالجريدة، ويعمل بالجريدة منذ 2013 إلي اليوم. حاصل علي دورة التميز الصحفي، وقام بتدريب عدد من الصحفيين بالجريدة. للتواصل مع رئيس التحرير على الإيميل التالي: ahmed_dr.ahmed@yahoo.com رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) للمزيد عن الدكتور أحمد رمضان رئيس التحرير أضغط في القائمة علي رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

زر الذهاب إلى الأعلى