أخبار مهمةالخطبة المسموعةخطبة الأسبوعخطبة الجمعةخطبة الجمعة القادمة ، خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف المصرية مكتوبة word pdfعاجل

زاد الأئمة : الإصدار (25) .. لـ خطبة الجمعة القادمة : إِدْمَانُ الْأَطْفَالِ السُّوشِيَالَ مِيدِيَا

إِدْمَانُ الْأَطْفَالِ السُّوشِيَالَ مِيدِيَا الجمعة ١٦ جمادى الأولى ١٤٤٧هـ ٠٧-١١-٢٠٢٥م

زاد الأئمة : وزارة الأوقاف تعلن رسميا عن زاد الأئمة والخطباء.. الدليل الإرشادي لـ خطبة الجمعة القادمة حول : إِدْمَانُ الْأَطْفَالِ السُّوشِيَالَ مِيدِيَا، بتاريخ 16 جمادى الأولى 1447هـ الموافق 7 نوفمبر 2025م

ننفرد بنشر زاد الأئمة والخطباء.. الدليل الإرشادي لخطب الجمعة القادمة : مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى ، بصيغة WORD

ننشر زاد الأئمة والخطباء.. الدليل الإرشادي لخطب الجمعة القادمة :  مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى ، بصيغة pdf

 
الإصدار (25) من سلسلة ” زاد الأئمة والخطباء: الدليل الإرشادي لخطب الجمعة”
استمراراً لما انتهجته وزارة الأوقاف مؤخراً من التيسير على السادة الأئمة والخطباء ودعماً لنماء زادهم العلمي والفكري والمعرفي نقدم هذا الإصدار من تلك السلسلة التي هي عبارة عن بحث موسع يجمع الشواهد والمعاني التي يمكن للخطيب أن يديم النظر فيها طوال الأسبوع، لتعينه على الإعداد الجيد لخطبته، وإتقان تناوله للموضوع، وزيادة عمقه وأصالته، وربط نصوص الشريعة بالواقع المعيش، حتى إذا صدرت الخطبة في موعدها المعتاد يوم الأربعاء من كل الأسبوع في صورتها النهائية المركزة المختصرة، يكون الخطيب قد هضم موضوعه وخالطه وعايشه، بما يحقق استيعاب الخطبة النهائية وأداءها على النحو المأمول.
وتهيب وزارة الأوقاف بكل أبنائها إلى التوسع في القراءة الواعية المستوعبة لكل ميادين الحياة واهتماماتها، وامتلاك الثقافة الواسعة التي تعينهم على أداء دورهم الديني الوطني على أكمل وجه.

 

ولقراءة زاد الأئمة والخطباء.. لـ خطبة الجمعة القادمة :

إِدْمَانُ الْأَطْفَالِ السُّوشِيَالَ مِيدِيَا

الجمعة ١٦ جمادى الأولى ١٤٤٧هـ ٠٧-١١-٢٠٢٥م

، كما يلي:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

إِدْمَانُ الْأَطْفَالِ السُّوشِيَالَ مِيدِيَا

الْهَدَفُ: التَّحْذِيرُ مِنْ خُطُورَةِ إِدْمَانِ وَسَائِلِ التَّوَاصُلِ الِاجْتِمَاعِيِّ (السُّوشِيَالَ مِيدِيَا) خُصُوصًا عَلَى الْأَطْفَالِ وَسُبُلِ مُوَاجَهَةِ ذَلِكَ.

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ الْإِنْسَانَ وَعَلَّمَهُ، وَأَكْرَمَهُ بِالْعَقْلِ وَفَهَّمَهُ، وَمَيَّزَهُ بِنِعْمَةِ التَّفْكِيرِ وَالِاخْتِيَارِ، وَجَعَلَ لَهُ سَمْعًا وَبَصَرًا وَفُؤَادًا، لِيَتَحَمَّلَ مَسْئُولِيَّةَ عِمَارَةِ الْأَرْضِ فِي هَذِهِ الدَّارِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الْمُخْتَارِ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ الطَّاهِرِينَ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ؛ أَمَّا بَعْدُ:

فَقَدْ شَهِدَتْ وَسَائِلُ التَّوَاصُلِ الِاجْتِمَاعِيِّ نُمُوًّا هَائِلًا فِي الْعَقْدَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ، وَأَصْبَحَتْ جُزْءًا لَا يَتَجَزَّأُ مِنْ حَيَاةِ الْأُسَرِ وَالْأَفْرَادِ. وَعَلَى الرَّغْمِ مِنْ أَهَمِّيَّةِ وَسَائِلِ التَّوَاصُلِ الِاجْتِمَاعِيِّ وَإِيجَابِيَّاتِهَا الْكَثِيرَةِ؛ فَإِنَّ لَهَا سَلْبِيَّاتٍ فِي مُنْتَهَى الْخُطُورَةِ.

خُطُورَةُ إِدْمَانِ السُّوشِيَالَ مِيدِيَا عُمُومًا:

الْأَصْلُ فِي الْأَشْيَاءِ الْإِبَاحَةُ مَا لَمْ يَرِدْ دَلِيلٌ عَلَى تَحْرِيمِهَا؛ وَلَا شَكَّ أَنَّ السُّوشِيَالَ مِيدِيَا الْمُعَاصِرَةَ يَنْسَحِبُ عَلَيْهَا هَذَا الْأَصْلُ؛ اسْتِصْحَابًا لِلْبَرَاءَةِ الْأَصْلِيَّةِ لَكِنْ إِذَا وَصَلَتْ إِلَى حَدِّ الْإِدْمَانِ بِحَيْثُ يَقْضِي الْإِنْسَانُ سَاعَاتٍ طَوِيلَةً خَلْفَ مُتَابَعَةِ مَا يَتَعَلَّقُ بِهَا، وَقَدْ يَنَامُ وَهَاتِفُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَيَسْتَيْقِظُ وَهُوَ بَيْنَ يَدَيْهِ؛ مِمَّا تَخِلُّ مَعَهُ أَدَاءُ الْوَاجِبَاتِ الْمَنُوطَةِ بِهِ بَلْ يَفْقِدُ تَوَازُنَهُ؛ فَلَا خِلَافَ فِي حُرْمَةِ اسْتِعْمَالِهَا؛ فَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «…، فَإِنَّ لِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِعَيْنِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقًّا» [رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ].

كَمَا أَنَّهُ يَلْزَمُ النَّظَرُ فِي عَوَاقِبِ السُّوشِيَالَ مِيدِيَا وَمَقْصِدِهَا؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ يَنْبَنِي عَلَى الْقَصْدِ؛ إِذْ “الْأُمُورُ بِمَقَاصِدِهَا”، “وَالْحُكْمُ يَدُورُ مَعَ عِلَّتِهِ وُجُودًا وَعَدَمًا” [الْأَشْبَاهُ وَالنَّظَائِرُ].

وَعَمَلًا بِقَاعِدَةِ “الْحُكْمُ عَلَى الشَّيْءِ فَرْعٌ عَنْ تَصَوُّرِهِ”، نَوَدُّ أَنْ نُشِيرَ إِلَى أَبْرَزِ الْآثَارِ السَّلْبِيَّةِ الَّتِي تَتَرَتَّبُ عَلَى إِدْمَانِ السُّوشِيَالَ مِيدِيَا:

 * ضَيَاعُ الْأَوْقَاتِ فِيمَا لَا يَنْفَعُ.

 * الْغِيبَةُ وَالنَّمِيمَةُ الْإِلِكْتُرُونِيَّةُ؛ فَالْتَّعْلِيقَاتُ السَّلْبِيَّةُ عَلَى صُوَرِ النَّاسِ، أَوْ فَضْحُ أَخْطَائِهِمْ، أَوْ إِعَادَةُ نَشْرِ فَضَائِحِهِمْ: غِيبَةٌ وَنَمِيمَةٌ.

 * نَشْرُ الْفَوَاحِشِ وَالْمُجَاهَرَةُ بِالْمَعَاصِي؛ فَبَعْضُ الْمُسْتَخْدِمِينَ يَنْشُرُونَ مَا يُغْضِبُ اللَّهَ تَعَالَى، وَهَذَا مِنَ الْمُجَاهَرَةِ الَّتِي قَالَ عَنْهَا ﷺ: «كُلُّ أُمَّتِي مُعَافًى إِلَّا الْمُجَاهِرِينَ …» [رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ].

 * التَّجَسُّسُ وَتَتَبُّعُ الْعَوْرَاتِ؛ مِثْلُ تَصَفُّحِ الصُّوَرِ الْخَاصَّةِ لِلنَّاسِ، وَالدُّخُولِ لِحِسَابَاتِهِمْ وَالتَّلَصُّصِ عَلَيْهِمْ.

 * تَفَكُّكُ الْعَلَاقَاتِ الْأُسَرِيَّةِ؛ حَيْثُ يَجْلِسُ الْأَبُ وَالْأُمُّ وَالْأَبْنَاءُ عَلَى مَائِدَةٍ وَاحِدَةٍ، لَكِنْ كُلٌّ مِنْهُمْ غَارِقٌ فِي هَاتِفِهِ، فَلَا حِوَارَ، لَا تَوَاصُلَ، لَا مَوَدَّةَ.

 * نَقْلُ الْإِشَاعَاتِ وَتَفَكُّكُ الْمُجْتَمَعِ؛ فَبِنَقْرَةٍ وَاحِدَةٍ يُنْشَرُ خَبَرٌ كَاذِبٌ، فَتَقُومُ فِتْنَةٌ، أَوْ يُتَّهَمُ بَرِيءٌ، أَوْ تُفْزَعُ النَّاسُ دُونَ دَاعٍ.

 * الْعَلَاقَاتُ الْوَهْمِيَّةُ؛ حَيْثُ الْعَلَاقَاتُ الْقَائِمَةُ عَلَى الْإِعْجَابَاتِ وَالتَّعْلِيقَاتِ، لَكِنَّهَا بِلَا وَفَاءٍ وَلَا عُمْقٍ، وَتَنْتَهِي لِأَتْفَهِ الْأَسْبَابِ.

 * الْقَلَقُ وَالِاكْتِئَابُ بِسَبَبِ الْمُقَارَنَاتِ؛ فَحِينَ يَرَى الشَّابُّ صُوَرَ الْأَثْرِيَاءِ، وَالسَّفَرِ، وَالزِّينَةِ، فَيَحْزَنُ عَلَى حَالِهِ، وَيَظُنُّ أَنَّهُ فَاشِلٌ، مَعَ أَنَّ مَا يَرَاهُ رُبَّمَا يَكُونُ “وَاجِهَةً مُزَيَّفَةً”.

 * حُبُّ الظُّهُورِ وَطَلَبُ الشُّهْرَةِ؛ حَيْثُ إِنَّ بَعْضَ النَّاسِ لَا يَعِيشُ لِنَفْسِهِ، بَلْ لِأَجْلِ مَا يُرْضِي الْمُتَابِعِينَ، يَفْرَحُ بِعَدَدِ الْإِعْجَابَاتِ أَكْثَرَ مِنْ فَرَحِهِ بِأَيِّ شَيْءٍ آخَرَ.

 * الْعُزْلَةُ وَالِانْفِصَالُ عَنِ الْوَاقِعِ؛ فَرُغْمَ أَنَّهُ رُبَّمَا يَظُنُّ الْمَرْءُ أَنَّهُ مُحَاطٌ بِالنَّاسِ، لَكِنَّهُ يَشْعُرُ بِالْوَحْدَةِ، لِأَنَّ تَوَاصُلَهُ مُجَرَّدُ “شَاشَةٍ” لَا رُوحَ فِيهَا.

 * تَصَدُّرُ رُؤُوسٍ جُهَّالٍ لِلْفَتْوَى، وَالتَّخَوُّضُ فِي الْأُمُورِ الْعِلْمِيَّةِ مِمَّنْ لَيْسُوا أَهْلًا لِلتَّخَصُّصِ، وَدُونَ فَهْمٍ لِآلِيَّاتِ النَّصِّ، وَمَعْرِفَةِ إِسْقَاطِهِ عَلَى الْوَاقِعِ الْمَعِيشِ، وَالْإِحَاطَةِ بِـ*”فِقْهِ الْمَآلَاتِ”*، وَالْإِحَاطَةِ بِالْجِهَاتِ الْأَرْبَعِ فِي الْفَتْوَى “تَغَيُّرِ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَالْأَحْوَالِ وَالْأَشْخَاصِ”.

ضَوَابِطُ عَامَّةٌ لِلتَّعَامُلِ مَعَ مَوَاقِعِ التَّوَاصُلِ الِاجْتِمَاعِيِّ:

 * التَّثَبُّتُ مِنَ الْأَخْبَارِ: قَالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} [الْحُجُرَاتِ: ٦]. وَقَالَ سُبْحَانَهُ: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا} [الْإِسْرَاءِ: ٣٦]. وَعَنْ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «وَيْلٌ لِلَّذِي يُحَدِّثُ فَيَكْذِبُ لِيُضْحِكَ بِهِ الْقَوْمَ، وَيْلٌ لَهُ وَيْلٌ لَهُ» [رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ].

 * مُرَاقَبَةُ اللَّهِ تَعَالَى فِي كُلِّ حَرَكَاتِكَ وَسَكَنَاتِكَ: قَالَ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النِّسَاءِ: ١]، وَقَالَ: {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ} [الْبَقَرَةِ: ٢٣٥].

 * اسْتِشْعَارُ أَمَانَةِ الْكَلِمَةِ: قَالَ تَعَالَى: {وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ * مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النَّحْلِ: ١١٦: ١١٧]. وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ، لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا، يَرْفَعُهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَاتٍ، وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ، لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا، يَهْوِي بِهَا فِي جَهَنَّمَ» [رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ].

 * الِالْتِزَامُ بِحُدُودِ التَّوَاصُلِ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ: فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ التَّوَاصُلُ لِغَرَضٍ مَشْرُوعٍ وَلَيْسَ بِدَافِعِ التَّسْلِيَةِ أَوِ الْفُضُولِ.

 * تَحَرِّي أَكْلِ الْحَلَالِ عَبْرَ مَوَاقِعِ التَّوَاصُلِ الِاجْتِمَاعِيِّ: فَلْيَحْذَرْ كُلُّ مَنْ يَتَصَدَّرُ عَلَى مَوَاقِعِ التَّوَاصُلِ الِاجْتِمَاعِيِّ مِنَ التَّكَسُّبِ مِنْ وَرَاءِ الْبَرَامِجِ وَالْمَقَاطِعِ الَّتِي تَسْتَهْدِفُ أَعْرَاضَ النَّاسِ، فَإِنَّ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ يَأْكُلُ حَرَامًا، وَلَا تَغُرَّنَّهُ الشُّهْرَةُ وَكَثْرَةُ الْمُتَابَعَاتِ وَالْمُشَاهَدَاتِ، فَهُوَ أَمْرٌ -لَوْ عَلِمَهُ- عَظِيمٌ! فَعَنْ وَقَّاصِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنِ الْمُسْتَوْرِدِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ أَكَلَ بِرَجُلٍ مُسْلِمٍ أَكْلَةً فَإِنَّ اللَّهَ يُطْعِمُهُ مِثْلَهَا مِنْ جَهَنَّمَ، وَمَنْ كُسِيَ ثَوْبًا بِرَجُلٍ مُسْلِمٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَكْسُوهُ مِثْلَهُ مِنْ جَهَنَّمَ» [رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ]. وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمَالَ وَالطَّعَامَ وَالْكِسْوَةَ وَسَائِرَ مَا يَمْلِكُهُ الْإِنْسَانُ، إِذَا كَانَ نَاتِجًا بِسَبَبِ الِاسْتِهْزَاءِ بِالنَّاسِ وَالسُّخْرِيَةِ مِنْهُمْ، أَوِ الْغِيبَةِ وَالنَّمِيمَةِ، أَوْ إِيغَارِ صُدُورِ النَّاسِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ، فَإِنَّ مَصِيرَ كُلِّ ذَلِكَ إِلَى جَهَنَّمَ وَالْعِيَاذُ بِاللَّهِ تَعَالَى.

 * اضْبِطْ أَوْقَاتِ اسْتِخْدَامِ الْهَاتِفِ بِأَنْ تُحَدِّدَ لِنَفْسِكَ وَأَوْلَادِكَ أَوْقَاتًا يَوْمِيَّةً لِاسْتِخْدَامِ الْهَاتِفِ، وَتَكُونَ هُنَاكَ فَتَرَاتُ “صِيَامٍ رَقْمِيٍّ” لِلْأُسْرَةِ كُلِّهَا.

 * احْذِفِ الْحِسَابَاتِ الَّتِي تَنْشُرُ مُنْكَرًا أَوْ تُضَيِّعُ وَقْتَكَ.

 * اسْتِخْدَامُ تَطْبِيقَاتِ تَقْنِينِ الْوَقْتِ؛ فَهُنَاكَ تَطْبِيقَاتٌ تُحَدِّدُ عَدَدَ دَقَائِقِ الِاسْتِخْدَامِ، وَتُغْلِقُ التَّطْبِيقَاتِ تِلْقَائِيًّا بَعْدَهَا.

 * لَا تَنْشُرْ صُوَرَكَ أَوْ حَيَاتَكَ الْخَاصَّةَ بِسُهُولَةٍ، وَلَا تَفْتَحِ الْكَامِيرَا فِي كُلِّ وَقْتٍ وَمَكَانٍ.

 * لَا تُتَابِعِ النَّاسَ فِي كُلِّ تَفَاصِيلِهِمْ، وَلَا تُرَاقِبْ حَيَاةَ الْآخَرِينَ ثُمَّ تَشْتَكِي مِنْ حَيَاتِكَ.

 * تَذَكَّرْ أَنَّ النَّاسَ يَنْشُرُونَ لَحَظَاتٍ “مُنْتَقَاةً”، وَلَيْسَتِ الْحَقِيقَةَ الْكَامِلَةَ.

 * اسْتَخْدِمِ السُّوشِيَالَ مِيدِيَا: لِلْخَيْرِ وَالْعِلْمِ، وَلِلتَّوَاصُلِ الْبَنَّاءِ، وَلِتَقْوِيَةِ الْقِيَمِ وَالْهُوِيَّةِ الدِّينِيَّةِ وَالْوَطَنِيَّةِ وَالْأَخْلَاقِيَّةِ، وَابْتَعِدْ عَنْ: تَضْيِيعِ الْوَقْتِ، وَالْعَلَاقَاتِ الْمُحَرَّمَةِ، وَمُتَابَعَةِ التَّافِهِينَ وَمُرَوِّجِي الْفَسَادِ. وَاجْعَلِ السُّوشِيَالَ مِيدِيَا وَسِيلَةً لَا غَايَةً، وَاجْعَلْهَا تُقَرِّبُكَ مِنَ اللَّهِ لَا أَنْ تُبْعِدَكَ عَنْهُ.

خُطُورَةُ إِدْمَانِ السُّوشِيَالَ مِيدِيَا عَلَى الْأَطْفَالِ خُصُوصًا:

إِنَّ مِنْ أَخْطَرِ الْقَضَايَا التَّرْبَوِيَّةِ وَالِاجْتِمَاعِيَّةِ فِي زَمَانِنَا هَذَا: انْغِمَاسُ الْأَطْفَالِ فِي مَوَاقِعِ السُّوشِيَالَ مِيدِيَا، حَتَّى أَصْبَحَ كَثِيرٌ مِنَ الْأَطْفَالِ لَا يَسْتَطِيعُونَ فِرَاقَ الْهَاتِفِ وَلَوْ دَقَائِقَ! وَهَذِهِ الظَّاهِرَةُ لَمْ تَعُدْ مُجَرَّدَ تَسْلِيَةٍ أَوْ تَرْفِيهٍ، بَلْ تَحَوَّلَتْ لَدَى كَثِيرٍ مِنْهُمْ إِلَى إِدْمَانٍ حَقِيقِيٍّ يَضُرُّ بِالدِّينِ وَالْعَقْلِ وَالْجَسَدِ وَالسُّلُوكِ.

يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا} [الْإِسْرَاءِ: ٣٦]

وَمِنْ هَذِهِ الْمَخَاطِرِ مَا يَأْتِي:

١- فِقْدَانُ شُعُورِ الْأَطْفَالِ بِالْأَمَانِ وَالدِّفْءِ الْأُسَرِيِّ، وَافْتِقَارُ الْمَهَارَاتِ الِاجْتِمَاعِيَّةِ:

إِدْمَانُ الْأَطْفَالِ تَصَفُّحَ السُّوشِيَالَ مِيدِيَا لِفَتْرَةٍ طَوِيلَةٍ يَتَسَبَّبُ فِي افْتِقَارِهِمْ لِلْمَهَارَاتِ الِاجْتِمَاعِيَّةِ الَّتِي يَكْتَسِبُونَهَا مِنْ خِلَالِ تَفَاعُلِهِمْ مَعَ الْآخَرِينَ مِمَّا يَفْقِدُونَ مَعَهُ الْقُدْرَةَ عَلَى التَّوَاصُلِ الْحَقِيقِيِّ مَعَ غَيْرِهِمْ مِنَ الْأَفْرَادِ الْمُحِيطِينَ بِهِمْ، وَبِالتَّالِي عِنْدَمَا يُوضَعُونَ فِي تَّوَاصُلٍ حَقِيقِيٍّ مَعَ غَيْرِهِمْ يُصْبِحُونَ شَخْصِيَّةً مُنْطَوِيَةً انْعِزَالِيَّةً وَمُكْتَئِبَةً، بِسَبَبِ جَهْلِهِمْ كَيْفِيَّةَ التَّوَاصُلِ مَعَ النَّاسِ.

أَضِفْ إِلَى ذَلِكَ أَنَّ الْإِغْرَاقَ فِي التَّسْلِيَةِ يَتَقَلَّصُ مَعَهُ التَّوَاصُلُ الْأُسَرِيُّ، وَالْحَدُّ مِنَ الْأُلْفَةِ وَالْعَاطِفَةِ لَدَى الْأَطْفَالِ مِمَّا يُحْدِثُ مَعَهُ حَالَةً مِنَ التَّفَسُّخِ الْأُسَرِيِّ، وَقُوَّةِ التَّمَاسُكِ بَيْنَ أَفْرَادِ الْعَائِلَةِ الْوَاحِدَةِ، وَزِيَادَةِ الْفَجْوَةِ بَيْنَ الْأَجْيَالِ نَتِيجَةَ اخْتِلَافِ نَمَطِ الِاسْتِخْدَامِ، وَالتَّفْضِيلَاتِ.

٢- تَعَرُّضُ الْأَطْفَالِ لِعَمَلِيَّاتِ التَّنَمُّرِ الْإِلِكْتُرُونِيِّ:

نَتِيجَةً لِلْمُحْتَوَى السَّيِّئِ الَّذِي اعْتَادَ الْأَطْفَالُ عَلَى مُشَاهَدَتِهِ أَوْ سَمَاعِهِ يَتَوَلَّدُ لَدَيْهِمُ الْمَيْلُ إِلَى الْعُدْوَانِيَّةِ، وَاسْتِخْدَامِ الْعُنْفِ وَالْقُوَّةِ، سَوَاءً بِغَرَضِ التَّقْلِيدِ، أَوِ التَّعْبِيرِ عَنْ مَشَاعِرَ مُخْتَزَلَةٍ دَاخِلِيًّا نَتِيجَةَ مَا طُبِعَ عَلَيْهِ؛ لِذَلِكَ يَجِبُ تَشْجِيعُ الْأَطْفَالِ عَلَى عَدَمِ الصَّمْتِ عِنْدَ التَّعَرُّضِ لِأَيِّ ضَغْطٍ أَوْ أَذًى يَلْحَقُ بِهِمْ عِنْدَ اسْتِخْدَامِهِمْ لِهَذِهِ التَّقْنِيَّاتِ.

كَمَا يُؤَدِّي إِدْمَانُ الْأَطْفَالِ إِلَى الْعَدِيدِ مِنَ الْمَخَاطِرِ نَتِيجَةَ مُشَارَكَةِ الْكَثِيرِ مِنَ الْمَعْلُومَاتِ مِمَّا قَدْ يُعَرِّضُ خُصُوصِيَّتَهُمْ لِلْخَطَرِ، فَعِنْدَ اسْتِخْدَامِ هَذِهِ الْوَسَائِلِ يُمْكِنُهُمْ تَرْكُ أَدِلَّةٍ وَرَاءَ الْمَوَاقِعِ الَّتِي زَارُوهَا يُطْلَقُ عَلَى هَذَا السِّجِلِّ الْجَمَاعِيِّ الْمُسْتَمِرِّ لِنَشَاطِ الْفَرْدِ الْإِلِكْتُرُونِيِّ “بِالْبَصْمَةِ الرَّقْمِيَّةِ” [أَثَرُ اسْتِخْدَامِ وَسَائِلِ التَّوَاصُلِ الِاجْتِمَاعِيِّ عَلَى تَنْشِئَةِ الطِّفْلِ فِي الْمُجْتَمَعِ الْعُمَانِيِّ، إِعْدَادُ: أَعْضَاءِ الْفَرِيقِ الْبَحْثِيِّ بِجَمْعِيَّةِ الِاجْتِمَاعِيِّينَ الْعُمَانِيَّةِ، ص ٦٩، ٧٠، ٧١].

٣- الْمُشْكِلَاتُ الصِّحِّيَّةُ:

شُعُورُ الْأَطْفَالِ بِالْقَلَقِ وَالِاضْطِرَابِ، وَقِلَّةُ النَّوْمِ مِمَّا يُؤَثِّرُ عَلَى تَحْصِيلِهِمُ الدِّرَاسِيِّ، وَضَيَاعُ مُسْتَقْبَلِهِمْ؛ لِأَنَّ إِدْمَانَ السُّوشِيَالَ مِيدِيَا يُؤَثِّرُ عَلَى ذَاكِرَةِ الطِّفْلِ، وَتُصِيبُهُ بِحَالَةٍ مِنْ تَشَتُّتِ الِانْتِبَاهِ، وَفَرْطِ الْحَرَكَةِ، وَالنِّسْيَانِ لِكُلِّ مَا يَتَعَلَّمُهُ بِسُهُولَةٍ، وَيَصْعُبُ عَلَيْهِمُ التَّحَلِّي بِالْهُدُوءِ.

كَمَا أَنَّ الْأَطْفَالَ يُصْبِحُ لَدَيْهِمْ حَالَةٌ مِنَ الْكَسَلِ غَيْرِ قَابِلِينَ لِلْحَرَكَةِ مِمَّا يُؤَثِّرُ بِشَكْلٍ مُبَاشِرٍ عَلَى صِحَّتِهِمْ وَلِيَاقَتِهِمْ حَيْثُ يُصَابُونَ بِزِيَادَةِ الْوَزْنِ وَالْبَدَانَةِ بَلْ قَدْ تَتَسَبَّبُ الْجُلُوسُ الدَّائِمُ فِي تَلَفِ خَلَايَا الْمُخِّ، وَتُحْدِثُ تَوَتُّرَاتٍ عَصَبِيَّةً بِالْإِفْرَازِ الْمُفْرِطِ وَالْمُتَزَايِدِ لِهَرْمُونِ الْكُورْتِيزُولِ “هَرْمُونِ الْإِجْهَادِ وَالتَّعَبِ”، وَهَرْمُونِ الْأَدْرِينَالِينِ، وَالنُّورَأَدْرِينَالِينِ، فَيُوَلِّدُ ذَلِكَ سُرْعَةَ الْغَضَبِ حَتَّى إِنَّ بَعْضَ الْعُلَمَاءِ أَطْلَقَ عَلَيْهِ اسْمَ “الْهَوَسِ النَّفْسِيِّ”، كَمَا قَدْ يُؤَدِّي إِلَى مَا يُسَمَّى “الْإِصَابَةَ بِالتَّعَبِ الْمُتَكَرِّرِ”؛ إِذِ الْأَطْفَالُ الَّذِينَ يَسْتَخْدِمُونَ لَوْحَةَ الْمَفَاتِيحِ الْمُلْحَقَةَ بِالْجِهَازِ، يَقُومُونَ بِالضَّرْبِ عَلَى لَوْحَةِ الْمَفَاتِيحِ بِمُعَدَّلٍ قَدْ يَصِلُ إِلَى [٣١٢٠٠] ضَرْبَةٍ فِي السَّاعَةِ يُعَدُّونَ حَوَالَيْ ١٣ % مِنْ إِجْمَالِيِّ نِسْبَةِ الْمُصَابِينَ بِالتَّعَبِ الْمُتَكَرِّرِ. [الْإِدْمَانُ عَلَى الْإِنْتِرْنِتِ: اضْطِرَابُ الْعَصْرِ، حَمُّودَةُ سَلِيمَةُ، ص ٢٢١].

بِالْإِضَافَةِ إِلَى ضَعْفِ الْجِهَازِ الْمَنَاعِيِّ، وَالْإِرْهَاقِ الْبَصَرِيِّ، وَآلَامِ الظَّهْرِ وَالرَّقَبَةِ، وَإِعَاقَةِ عَمَلِيَّاتِ نُضْجِ الدِّمَاغِ، وَقَدْ تُسْهِمُ فِي ضَعْفِ الذَّكَاءِ اللَّفْظِيِّ لَدَى هَؤُلَاءِ الْأَطْفَالِ، وَالْإِصَابَةِ بِالصُّدَاعِ الْمُسْتَمِرِّ، وَرُكُودِ الدَّوْرَةِ الدَّمَوِيَّةِ مِمَّا يُسَبِّبُ حُدُوثَ جَلَطَاتٍ دِمَاغِيَّةٍ وَقَلْبِيَّةٍ وَضَعْفٍ فِي أَدَاءِ الْأَجْهِزَةِ الْحَيَوِيَّةِ بِالْجِسْمِ. [أَثَرُ اسْتِخْدَامِ وَسَائِلِ التَّوَاصُلِ الِاجْتِمَاعِيِّ عَلَى تَنْشِئَةِ الطِّفْلِ فِي الْمُجْتَمَعِ الْعُمَانِيِّ، ص ٧٣، ٧٤].

٤- انْعِدَامُ الثِّقَةِ بِالنَّفْسِ، وَتَدَنِّي احْتِرَامِ الذَّاتِ:

عِنْدَمَا يُدْمِنُ الْأَطْفَالُ اسْتِعْمَالَ السُّوشِيَالَ مِيدِيَا غَالِبًا مَا يُقَارِنُوا حَيَاتَهُمُ الشَّخْصِيَّةَ بِالْآخَرِينَ مِمَّا يَتَسَبَّبُ فِي فِقْدَانِهِمْ لِثِقَتِهِمْ بِأَنْفُسِهِمْ، وَالشُّعُورِ بِالْمَزِيدِ مِنَ الْبُؤْسِ وَعَدَمِ الرِّضَا وَالْقَنَاعَةِ بِمَا هُمْ عَلَيْهِ مِمَّا يُؤَثِّرُ بِشَكْلٍ مُبَاشِرٍ عَلَى مَوْقِفِهِمْ تُجَاهَ حَيَاتِهِمْ، وَقَدْ يَضْطَرُّوا لِلسُّخْطِ عَلَى وَضْعِهِمُ الْمَادِّيِّ أَوِ التَّعْلِيمِيِّ أَوِ الْوَظِيفِيِّ … إِلَخْ.

٥- الْمُشْكِلَاتُ الِاقْتِصَادِيَّةُ وَالْأَخْلَاقِيَّةُ:

إِضَاعَةُ الْمَالِ مِمَّا يُؤَثِّرُ عَلَى مِيزَانِيَّةِ الْأُسْرَةِ، وَيُحْدِثُ خَلَلًا فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ قَدْ يَصِلُ إِلَى دَرَجَةِ الْإِفْلَاسِ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ إِنْ كَانَ الْإِدْمَانُ عَلَى مَوَاقِعِ التَّسَوُّقِ وَالْمُقَامَرَةِ وَالْأَلْعَابِ. [الْإِدْمَانُ الْإِلِكْتُرُونِيُّ لِشَرِيحَةِ الْمُرَاهِقِينَ، ص ٨، إِصْدَارَاتُ وِزَارَةِ الْأَوْقَافِ وَالشُّئُونِ الْإِسْلَامِيَّةِ، دَوْلَةُ الْكُوَيْتِ].

كَمَا أَنَّ إِدْمَانَ السُّوشِيَالَ مِيدِيَا يُعَرِّضُ الْأَطْفَالَ لِمُحْتَوَيَاتٍ غَيْرِ أَخْلَاقِيَّةٍ، أَوْ مُنَافِيَةٍ لِلتَّعَالِيمِ الدِّينِيَّةِ، وَغَالِبًا مَا يَلْجَئُونَ إِلَى التَّقْلِيدِ الْأَعْمَى لِكَثِيرٍ مِنَ السُّلُوكِيَّاتِ غَيْرِ اللَّائِقَةِ دِينِيًّا وَمُجْتَمَعِيًّا، وَيُنَمِّي أَيْضًا فِي الْأَطْفَالِ التَّهَرُّبَ مِنْ أَدَاءِ الْوَاجِبَاتِ وَالطَّاعَاتِ نَتِيجَةَ الِانْشِغَالِ الْمُسْتَمِرِّ، وَلَا بُدَّ مِنْ غَرْسِ رُوحِ الْمَسْئُولِيَّةِ فِي الطِّفْلِ.

٦- ضَيَاعُ الْهُوِيَّةِ الثَّقَافِيَّةِ وَالْعَرَبِيَّةِ، وَاسْتِبْدَالُهَا بِالْهُوِيَّةِ الْعَالَمِيَّةِ:

مَعَ ظُهُورِ الْعَوْلَمَةِ الثَّقَافِيَّةِ تَرَاجَعَ اسْتِخْدَامُ اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ الْفُصْحَى لِصَالِحِ الْعَامِّيَّةِ حَيْثُ أَضْحَى اسْتِخْدَامُ مَزِيجٍ مِنَ الْحُرُوفِ وَالْأَرْقَامِ اللَّاتِينِيَّةِ بَدَلَ الْحُرُوفِ الْعَرَبِيَّةِ الْفُصْحَى خَاصَّةً عَلَى شَبَكَاتِ السُّوشِيَالَ مِيدِيَا، فَتَحَوَّلَتْ حُرُوفُ اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ إِلَى رُمُوزٍ وَأَرْقَامٍ بَاتَتِ الْحَاءُ “٧”، وَالْعَيْنُ “٣”، وَهَذَا يُؤَثِّرُ بِشَكْلٍ مُبَاشِرٍ عَلَى الِانْتِمَاءِ الْأُسَرِيِّ وَمِنْ ثَمَّ الْعَرَبِيِّ. [مَوَاقِعُ التَّوَاصُلِ الِاجْتِمَاعِيِّ وَأَثَرُهَا عَلَى الْعَلَاقَاتِ الِاجْتِمَاعِيَّةِ – أَحْمَدُ عَلِيُّ الدَّرُوبِيُّ، ص ٨، ٩].

مِمَّا سَبَقَ تَبَيَّنَ أَنَّ إِدْمَانَ السُّوشِيَالَ مِيدِيَا يَنْطَوِي عَلَى أَضْرَارٍ كَثِيرَةٍ لِلْأَطْفَالِ؛ لِذَا يَجِبُ إِزَالَةُ هَذِهِ الْأَضْرَارِ وَرَفْعُهَا قَدْرَ الْإِمْكَانِ؛ لِأَنَّ “دَرْءَ الْمَفَاسِدِ أَوْلَى مِنْ جَلْبِ الْمَصَالِحِ”، وَلِأَنَّ “الضَّرَرَ يُزَالُ”؛ فَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» [رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ]. [الْأَشْبَاهُ وَالنَّظَائِرُ لِتَاجِ الدِّينِ السُّبْكِيِّ، ١/٤١، ١٠٥]، وَ [الْأَشْبَاهُ وَالنَّظَائِرُ لِابْنِ نُجَيْمٍ الْمِصْرِيِّ، ص ٧٢، ٧٨].

كَيْفِيَّةُ الْمُحَافَظَةِ عَلَى صِحَّةِ الْأَطْفَالِ الْعَقْلِيَّةِ مِنْ إِدْمَانِ السُّوشِيَالَ مِيدِيَا:

١- الْوَعْيُ وَإِدْرَاكُ مَخَاطِرِ إِدْمَانِ السُّوشِيَالَ مِيدِيَا، وَالضَّبْطُ الذَّاتِيُّ:

كُلَّمَا زَادَ وَعْيُ الْآبَاءِ، زَادَتْ قُدْرَتُهُمْ عَلَى الصُّمُودِ، وَالتَّصَدِّي لِلْمَخَاطِرِ الْفِكْرِيَّةِ، وَالنَّفْسِيَّةِ؛ لِأَنَّ السُّوشِيَالَ مِيدِيَا لَيْسَتْ عَدُوًّا، وَإِنَّمَا هِيَ “سِلَاحٌ ذُو حَدَّيْنِ”، يَنْبَغِي اسْتِخْدَامُهَا فِيمَا يَنْفَعُ، وَإِلَّا سَيَضِيعُ أَطْفَالُنَا فِي غَيَابَاتِ الْمَتَاهَاتِ، وَيُصْبِحُونَ عَبِيدًا لَهَا، تَتَحَكَّمُ فِيهِمْ بَدَلَ أَنْ يَتَحَكَّمُوا فِيهَا.

إِنَّ طَرِيقَ الْعَافِيَةِ مِنْ إِدْمَانِ السُّوشِيَالَ مِيدِيَا يَبْدَأُ مِنَ الْوَعْيِ حَيْثُ يُعِيدُ لِلْإِنْسَانِ ذَاتَهُ، وَيُرَبِّي أَطْفَالَهُ عَلَى التَّوْعِيَةِ بِمَخَاطِرِ اسْتِخْدَامِ السُّوشِيَالَ مِيدِيَا بِشَكْلٍ مُفْرِطٍ، وَبِهَذَا نَنْتَقِلُ مِنْ مُسْتَنْقَعِ الْإِدْمَانِ إِلَى حَالَةٍ مِنَ الْهُدُوءِ وَالسَّكِينَةِ، وَنُحْكِمُ السَّيْطَرَةَ عَلَى وَسَائِلِ التِّكْنُولُوجِيَا الْحَدِيثَةِ.

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التَّحْرِيمِ: ٦]،

وَعَنْ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أُرْسِلُ نَاقَتِي وَأَتَوَكَّلُ؟، قَالَ: «اعْقِلْهَا وَتَوَكَّلْ» [رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ].

٢- الِاسْتِعَانَةُ بِالْأَطِبَّاءِ النَّفْسِيِّينَ:

إِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ أَوْلِيَاءُ الْأُمُورِ السَّيْطَرَةَ عَلَى اسْتِخْدَامِ السُّوشِيَالَ مِيدِيَا كَمَوَاقِعِ التَّوَاصُلِ الِاجْتِمَاعِيِّ، وَالْأَلْعَابِ الْإِلِكْتُرُونِيَّةِ مَعَ ظُهُورِ عَلَامَاتٍ خَطِيرَةٍ كَتَشَتُّتِ انْتِبَاهٍ، وَصُعُوبَاتِ التَّعَلُّمِ، حِينَئِذٍ يَجِبُ الذَّهَابُ لِلطَّبِيبِ النَّفْسِيِّ؛ لِإِبْدَاءِ النَّصَائِحِ، وَتَقْدِيمِ يَدِ الْمُسَاعَدَةِ، وَالْبَدْءِ فِي عِلَاجِ هَذَا الْمَرَضِ بِشَكْلٍ عَمَلِيٍّ وَعِلْمِيٍّ، قَالَ تَعَالَى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النَّحْلِ: ٤٣]، وَإِلَّا فَالتَّفَاعُسُ عَنْ ذَلِكَ يُوجِبُ الْإِثْمَ عَلَى الْآبَاءِ، وَيَجْنُونَ مِنْ وَرَائِهِمُ الْخَيْبَةَ وَالتَّعَاسَةَ وَمِنْ ثَمَّ النَّدَمَ عَلَى مَا فَرَّطُوا.

٣- تَحْدِيدُ وَقْتٍ مُعَيَّنٍ لِاسْتِخْدَامِ السُّوشِيَالَ مِيدِيَا:

مِنَ الْمُهِمِّ وَضْعُ بَرْنَامَجٍ مُحَدَّدٍ حَوْلَ اسْتِخْدَامِ السُّوشِيَالَ مِيدِيَا بِمَا يَتَنَاسَبُ مَعَ عُمْرِ وَوَعْيِ الْأَطْفَالِ، يُسَاعِدُ بِشَكْلٍ كَبِيرٍ عَلَى الْحَدِّ مِنْ إِدْمَانِ هَذِهِ التَّقْنِيَّاتِ عَلَى حَيَاتِهِمْ، وَيُسَاهِمُ فِي مَنْعِهِمْ مِنَ الِانْغِمَاسِ الْكَامِلِ فِي عَالَمِ الْإِنْتِرْنِتِ مَعَ ضَرُورَةِ إِيقَافِ الْبَرَامِجِ الْمُزْعِجَةِ الَّتِي هِيَ سَبَبٌ رَئِيسٌ فِي إِدْمَانِ السُّوشِيَالَ مِيدِيَا عِنْدَ الْأَطْفَالِ حِينَئِذٍ سَيَنْصَبُّ تَرْكِيزُهُمْ خِلَالَ هَذِهِ الْمُدَّةِ الْمُحَدَّدَةِ عَلَى مَا فِيهِ الْخَيْرُ وَالصَّلَاحُ لَهُمْ.

الطِّفْلُ الَّذِي يُنَظِّمُ وَقْتَهُ، وَيُحَدِّدُ هَدَفَهُ، وَيُرَتِّبُ أَوْلَوِيَّاتِهِ، يُصْبِحُ أَكْثَرَ إِنْجَازًا مِنْ غَيْرِهِ، وَأَقْرَبَ إِلَى التَّوْفِيقِ وَالسَّدَادِ؛ وَعِنْدَمَا تَنْظُرُ فِي تَارِيخِ السَّابِقِينَ تَجِدُ أَنَّهُمْ قَدْ حَرَصُوا عَلَى “تَرْتِيبِ الْأَوْقَاتِ”؛ فَكَانُوا يُسَابِقُونَ السَّاعَاتِ، وَيُبَادِرُونَ اللَّحَظَاتِ؛ فَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَابِطٍ، قَالَ: “لَمَّا حَضَرَ أَبَا بَكْرٍ الْمَوْتُ، دَعَا عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَقَالَ لَهُ: “اتَّقِ اللَّهَ يَا عُمَرُ، وَاعْلَمْ أَنَّ لِلَّهِ عَمَلًا بِالنَّهَارِ لَا يَقْبَلُهُ بِاللَّيْلِ، وَعَمَلًا بِاللَّيْلِ لَا يَقْبَلُهُ بِالنَّهَارِ، وَأَنَّهُ لَا يَقْبَلُ نَافِلَةً حَتَّى تُؤَدَّى الْفَرِيضَةُ” [حِلْيَةُ الْأَوْلِيَاءِ لِلْأَصْبَهَانِيِّ].

٤- وَضْعُ حُلُولٍ بَدِيلَةٍ، وَتَشْجِيعُ الْأَنْشِطَةِ الْمُفِيدَةِ:

يَجِبُ تَشْجِيعُ الْأَطْفَالِ عَلَى الِانْخِرَاطِ فِي الْمُسَابَقَاتِ وَالْفَعَالِيَّاتِ الْمُخْتَلِفَةِ، وَمُمَارَسَةِ الْأَنْشِطَةِ الْمُتَنَوِّعَةِ كَمُمَارَسَةِ الرِّيَاضَةِ، أَوْ تَعَلُّمِ مَهَارَاتٍ جَدِيدَةٍ، أَوْ تَخْصِيصِ وَقْتٍ لِقِرَاءَةِ الْقِصَصِ الْمُخْتَلِفَةِ، هَذِهِ الْأَنْشِطَةُ الْبَدِيلَةُ تُسَاعِدُهُمْ فِي تَوْجِيهِ طَاقَاتِهِمْ نَحْوَ مَا يَنْفَعُهُمْ عِوَضًا عَنِ السَّاعَاتِ الطَّوِيلَةِ الَّتِي يَقْضُونَهَا عَلَى السُّوشِيَالَ مِيدِيَا، كَمَا تُعَزِّزُ هَذِهِ الْأَنْشِطَةُ عَلَى تَنْمِيَةِ قُدُرَاتِهِمُ الْجَسَدِيَّةِ وَالْعَقْلِيَّةِ، وَتُسَاعِدُهُمْ عَلَى الِانْدِمَاجِ مَعَ أَطْفَالٍ فِي نَفْسِ مَرْحَلَتِهِمُ الْعُمْرِيَّةِ مِمَّا يُسَهِّلُ تَكْوِينَ صَدَاقَةٍ مَعَهُمْ، وَبِالتَّالِي لَا يُصْبِحُونَ عُرْضَةً لِلْإِصَابَةِ بِأَمْرَاضِ التَّوَحُّدِ، وَالْعُزْلَةِ.

٥- الْقُدْوَةُ الْحَسَنَةُ، وَالْحِوَارُ الْمُسْتَمِرُّ مَعَ الْأَطْفَالِ:

يُرَاقِبُ الْأَطْفَالُ سُلُوكَ الْوَالِدَيْنِ دُونَ أَنْ يَشْعُرُوا، فَعَلَيْهِمْ أَنْ يَكُونُوا مِثَالًا يُحْتَذَى بِهِ فِي كَيْفِيَّةِ اسْتِخْدَامِ السُّوشِيَالَ مِيدِيَا بِشَكْلٍ آمِنٍ وَمُعْتَدِلٍ مَعَ تَجَنُّبِ اسْتِخْدَامِهَا فِي الْأَوْقَاتِ الْعَائِلِيَّةِ الَّتِي يَجْلِسُونَ فِيهَا سَوِيًّا.

وَقَدْ أَوْصَى عُتْبَةُ عَبْدُ الصَّمَدِ مُؤَدِّبُ وَلَدِهِ فَقَالَ: “لِيَكُنْ أَوَّلُ إِصْلَاحِكَ بُنَيَّ إِصْلَاحَكَ نَفْسَكَ، فَإِنَّ عُيُونَهُمْ مَعْقُودَةٌ بِعَيْنِكَ، فَالْحَسَنُ عِنْدَهُمْ مَا فَعَلْتَ، وَالْقَبِيحُ مَا تَرَكْتَ” [تَارِيخُ دِمَشْقَ لِابْنِ عَسَاكِرَ، ٣٨/ ٢٧٢].

كَمَا يَجِبُ عَلَى الْوَالِدَيْنِ إِحْكَامُ الْمُرَاقَبَةِ دُونَ أَنْ يَشْعُرَ الْأَطْفَالُ حَتَّى لَا يُؤَثِّرَ عَلَى شَخْصِيَّتِهِمْ وَمَشَاعِرِهِمْ، مَعَ الْإِنْصَاتِ الْجَيِّدِ، وَالْحِوَارِ الدَّائِمِ مَعَهُمْ حَوْلَ مَا يُشَاهِدُونَهُ وَمَا يَدُورُ فِي خَلَدِهِمْ؛ لِاكْتِشَافِ أَيِّ خَلَلٍ قَبْلَ أَنْ يَتَطَوَّرَ، وَيَصْعُبَ السَّيْطَرَةُ عَلَيْهِ.

كَمَا أَنَّ الْحِوَارَ الْمَفْتُوحَ يُسَاعِدُ الْأَطْفَالَ عَلَى تَقْوِيَةِ الْعَلَاقَةِ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ آبَائِهِمْ، وَيَشْعُرُوا بِالْأَمَانِ، وَالِاسْتِقْرَارِ النَّفْسِيِّ.

٦- تَوْجِيهُ اسْتِخْدَامِ السُّوشِيَالَ مِيدِيَا وَتَفْعِيلُ الْمُرَاقَبَةِ الْإِلِكْتُرُونِيَّةِ:

مِنْ خِلَالِ الِاسْتِفَادَةِ مِنْ إِيجَابِيَّاتِهَا بِدَمْجِهَا فِي التَّعْلِيمِ، وَاسْتِغْلَالِهَا لِمَصْلَحَةِ الْأَطْفَالِ دُونَ حَظْرِهَا، أَوْ مَنْعِهِمْ عَنْهَا -لِأَنَّهُ كَمَا يَقُولُونَ: “الْمَمْنُوعُ مَرْغُوبٌ”- وَتَشْجِيعِهِمْ عَلَى الْبَحْثِ عَنْ مَعْلُومَاتٍ بِعَيْنِهَا، وَالدُّخُولِ عَلَى صَفَحَاتِ الشَّخْصِيَّاتِ الْإِيجَابِيَّةِ الْمُؤَثِّرَةِ فِي الْمُجْتَمَعِ الَّتِي تَعْرِضُ مَعْلُومَاتٍ عَنْهُمْ، وَتَنْشُرُ أَعْمَالَهُمْ، وَإِنْجَازَاتِهِمْ، فَهَذَا يُؤَثِّرُ مُبَاشَرَةً فِي تَكْوِينِ شَخْصِيَّتِهِمْ.

وَثَمَّةَ بَعْضُ الْمَوَاقِعِ تَحْتَوِي عَلَى مَوَادَّ تَثْقِيفِيَّةٍ تُنَمِّي ثَقَافَةَ وَقُدْرَاتِ الْأَطْفَالِ مِثْلَ: الْمَوْسُوعَاتِ الْعِلْمِيَّةِ، وَالْجُغْرَافِيَّةِ أَوْ تَعْلِيمِ مَهَارَاتٍ يَدَوِيَّةٍ لِلْبَنَاتِ؛ لِذَا يَجِبُ تَحْفِيزُ الْأَطْفَالِ عَلَى مُطَالَعَةِ هَذِهِ الْمَوَاقِعِ بَدَلًا مِنَ إِهْدَارِ الْوَقْتِ فِي السُّوشِيَالَ مِيدِيَا.

كَمَا أَنَّ هُنَاكَ بَعْضَ الْمَوَاقِعِ وَالْأَلْعَابِ الْإِلِكْتُرُونِيَّةِ يُؤَدِّي إِدْمَانُهَا، وَالتَّفَاعُلُ مَعَهَا إِلَى مَخَاطِرَ جَسِيمَةٍ؛ لِأَنَّهَا قَدْ تُسَبِّبُ الِانْتِحَارَ أَوِ الْإِلْحَادَ أَوْ تُشَجِّعُ عَلَى الْإِبَاحِيَّةِ الْمُطْلَقَةِ وَالشُّذُوذِ الْجِنْسِيِّ؛ لِذَلِكَ يَجِبُ الْإِلْمَامُ التَّامُّ بِالْمَوَاقِعِ وَالْمَوَادِّ الَّتِي يَسْتَخْدِمُهَا الْأَطْفَالُ؛ لِحِمَايَتِهِمْ مِنْ أَضْرَارِهَا، وَتَجَنُّبِ تَصَفُّحِهَا.

٧- تَنْوِيعُ مَا يُسْتَغَلُّ بِهِ الْوَقْتُ لَدَى الْأَطْفَالِ:

النَّفْسُ تَسْأَمُ وَتَمَلُّ بِسُرْعَةٍ؛ لِذَا يَنْبَغِي تَقْسِيمُ الْوَقْتِ مَا بَيْنَ الْجِدِّ وَالْعَمَلِ، وَالتَّرْوِيحِ عَنِ النَّفْسِ كَيْ يَدْفَعَ الْأَطْفَالَ لِمَزِيدٍ مِنَ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ؛ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ “يَتَخَوَّلُنَا بِالْمَوْعِظَةِ فِي الْأَيَّامِ، كَرَاهَةَ السَّآمَةِ عَلَيْنَا” [رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ].

وَعَنْ حَنْظَلَةَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا حَنْظَلَةُ سَاعَةً وَسَاعَةً، وَلَوْ كَانَتْ تَكُونُ قُلُوبُكُمْ كَمَا تَكُونُ عِنْدَ الذِّكْرِ، لَصَافَحَتْكُمُ الْمَلَائِكَةُ حَتَّى تُسَلِّمَ عَلَيْكُمْ فِي الطُّرُقِ» [رَوَاهُ مُسْلِمٌ].

قَالَ الْإِمَامُ الْغَزَالِيُّ: (تَرْوِيحُ النَّفْسِ وَإِينَاسُهَا بِالْمُجَالَسَةِ، وَالنَّظَرِ وَالْمُلَاعَبَةِ، إِرَاحَةٌ لِلْقَلْبِ، وَتَقْوِيَةٌ لَهُ عَلَى الْعِبَادَةِ؛ فَإِنَّ النَّفْسَ مَلُولٌ، وَهِيَ عَنِ الْحَقِّ نَفُورٌ؛ لِأَنَّهُ عَلَى خِلَافِ طَبْعِهَا، فَلَوْ كُلِّفَتِ الْمُدَاوَمَةَ بِالْإِكْرَاهِ عَلَى مَا يُخَالِفُهَا جَمَحَتْ، وَثَابَتْ، وَإِذَا رُوِّحَتْ بِاللَّذَّاتِ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ، قَوِيَتْ وَنَشِطَتْ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لِنُفُوسِ الْمُتَّقِينَ اسْتِرَاحَاتٌ بِالْمُبَاحَاتِ قَالَ عَلِيٌّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-: “رَوِّحُوا الْقُلُوبَ سَاعَةً، فَإِنَّهَا إِذَا أُكْرِهَتْ عَمِيَتْ”) أ.هـ. [إِحْيَاءُ عُلُومِ الدِّينِ، ٢/٣٠].

الْمَسْئُولِيَّةُ الْمُجْتَمَعِيَّةُ تُجَاهَ السُّوشِيَالَ مِيدِيَا:

وَذَلِكَ مِنْ خِلَالِ مَا يَأْتِي:

١- تَكْثِيفُ النَّشَاطِ الدَّعْوِيِّ لِلْأَئِمَّةِ وَالدُّعَاةِ وَبَيَانُ أَنَّ الْإِسْلَامَ دِينُ الْوَسَطِيَّةِ وَالِاعْتِدَالِ فِي كُلِّ شَيْءٍ قَالَ تَعَالَى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} [الْبَقَرَةِ: ١٤٣]، وَقَالَ أَيْضًا: {وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا} [الْإِسْرَاءِ: ٢٩]، وَتَرْشِيدُ الِاسْتِخْدَامِ لِهَذِهِ التَّقْنِيَّاتِ، وَضَرُورَةُ التَّوْعِيَةِ بِـ*”اسْتِغْلَالِ الْوَقْتِ”* بِمَا يَعُودُ بِالنَّفْعِ عَلَى الْفَرْدِ وَالْمُجْتَمَعِ، وَأَنَّ الْوَقْتَ الْمَهْدُورَ لَا يُعَوَّضُ وَلَا يَرْجِعُ، قَالَ الْوَزِيرُ “يَحْيَى بْنُ هُبَيْرَةَ الْبَغْدَادِيُّ”:

وَالْوَقْتُ أَنْفَسُ مَا عُنِيتَ بِحِفْظِهِ … وَأَرَاهُ أَسْهَلَ مَا عَلَيْكَ يَضِيعُ

إِنَّا لَنَفْرَحُ بِالْأَيَّامِ نَقْطَعُهَا … وَكُلُّ يَوْمٍ مَضَى يُدْنِي مِنَ الْأَجَلِ

فَاعْمَلْ بِنَفْسِكَ قَبْلَ الْمَوْتِ مُجْتَهِدًا … فَإِنَّمَا الرِّبْحُ وَالْخُسْرَانُ فِي الْعَمَلِ

قَالَ الْإِمَامُ الْأَوْزَاعِيُّ: “لَيْسَ سَاعَةٌ مِنْ سَاعَاتِ الدُّنْيَا إِلَّا وَهِيَ مَعْرُوضَةٌ عَلَى الْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يَوْمًا فَيَوْمًا، وَسَاعَةً فَسَاعَةً، فَلَا تَمُرُّ بِهِ سَاعَةٌ لَمْ يَذْكُرِ اللَّهَ فِيهَا إِلَّا تَقَطَّعَتْ نَفْسُهُ عَلَيْهَا حَسَرَاتٍ، فَكَيْفَ إِذَا مَرَّتْ بِهِ سَاعَةٌ مَعَ سَاعَةٍ وَيَوْمٌ مَعَ يَوْمٍ” أ.هـ.

٢- ضَرُورَةُ تَكَاتُفِ الْمُؤَسَّسَاتِ الْمَعْنِيَّةِ وَالْمُجْتَمَعِيَّةِ بِحِمَايَةِ الْأَطْفَالِ مِنْ مَخَاطِرِ السُّوشِيَالَ مِيدِيَا، وَالْعَمَلُ عَلَى مُوَاجَهَةِ الْمَوَاقِعِ الْإِلِكْتُرُونِيَّةِ الَّتِي تُرَكِّزُ عَلَى عَرْضِ مَوْضُوعَاتٍ لَا تَتَنَاسَبُ مَعَ الْمَرَاحِلِ الْعُمْرِيَّةِ لِلْأَطْفَالِ.

٣- عَقْدُ وَرَشِ عَمَلٍ، وَنَدَوَاتٍ عِلْمِيَّةٍ؛ لِإِبْرَازِ مَخَاطِرِ إِدْمَانِ الْأَطْفَالِ لِلسُّوشِيَالَ مِيدِيَا، وَالْعَمَلُ عَلَى زَرْعِ الْقِيَمِ وَالْمَبَادِئِ دَاخِلَ نُفُوسِ الْأَطْفَالِ مُنْذُ نُعُومَةِ أَظْفَارِهِمْ، وَالْعَمَلُ عَلَى وُجُودِ مُحْتَوًى هَادِفٍ يَحْمِيهِمْ مِمَّا يُقَدَّمُ عَلَى السُّوشِيَالَ مِيدِيَا، وَيَعْمَلُ عَلَى تَدْرِيبِ الْأَطْفَالِ عَلَى مَهَارَاتِ “التَّفْكِيرِ النَّقْدِيِّ”؛ لِاخْتِيَارِ الْمُحْتَوَى الْهَادِفِ، وَالِابْتِعَادِ عَنِ الضَّارِّ وَالْمُفْسِدِ.

٤- الْإِرْشَادُ وَالتَّثْقِيفُ الْمُسْتَمِرُّ لِلْأَطْفَالِ بَدْءًا مِنَ الْمَرَاحِلِ التَّمْهِيدِيَّةِ؛

وَذَلِكَ لِتَحْذِيرِهِمْ مِنْ سَلْبِيَّاتِ كُلِّ مَا يُعْرَضُ عَلَى مَوَاقِعِ السُّوشِيَالَ مِيدِيَا، وَتَبَنِّي حَمَلَاتٍ تَثْقِيفِيَّةٍ إِعْلَامِيًّا يُقَدِّمُهَا شَخْصِيَّاتٌ مُؤَثِّرَةٌ فِي الْمُجْتَمَعِ، وَضَرُورَةُ تَأْهِيلِ الْوَالِدَيْنِ نَفْسِيًّا وَسُلُوكِيًّا؛ لِحُسْنِ التَّعَامُلِ مَعَ الْأَطْفَالِ، وَاكْتِشَافِ مَوَاهِبِهِمْ، وَالتَّوْعِيَةِ بِمَخَاطِرِ إِدْمَانِ السُّوشِيَالَ مِيدِيَا.

 _____________________________________

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

وللإطلاع علي قسم خطبة الجمعة

 

تابعنا علي الفيس بوك

 

الخطبة المسموعة علي اليوتيوب

 

وللإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات

 

للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

وللمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

اظهر المزيد

كتب: د.أحمد رمضان

الدكتور أحمد رمضان حاصل علي الماجستير من جامعة الأزهر بتقدير ممتاز سنة 2005م ، وحاصل علي الدكتوراه بتقدير مع مرتبة الشرف الأولي من جامعة الأزهر الشريف سنة 2017م. مؤسس جريدة صوت الدعاة ورئيس التحرير وكاتب الأخبار والمقالات المهمة بالجريدة، ويعمل بالجريدة منذ 2013 إلي اليوم. حاصل علي دورة التميز الصحفي، وقام بتدريب عدد من الصحفيين بالجريدة. للتواصل مع رئيس التحرير على الإيميل التالي: ahmed_dr.ahmed@yahoo.com رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) للمزيد عن الدكتور أحمد رمضان رئيس التحرير أضغط في القائمة علي رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

زر الذهاب إلى الأعلى