خطبة الجمعة القادمة 5 ديسمبر : العقولُ المحمديّةُ ، للدكتور محروس حفظي
خطبة الجمعة القادمة
خطبة الجمعة القادمة 5 ديسمبر 2025م بعنوان : العقولُ المحمديّةُ ، للدكتور محروس حفظي بتاريخ 14 جمادي الثانية 1447هـ ، الموافق 5 ديسمبر 2025م.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 5 ديسمبر 2025م ، للدكتور محروس حفظي بعنوان : العقولُ المحمديّةُ .
ولتحميل خطبة الجمعة القادمة 5 ديسمبر 2025م ، للدكتور محروس حفظي بعنوان : العقولُ المحمديّةُ، بصيغة word أضغط هنا.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 5 ديسمبر 2025م ، للدكتور محروس حفظي بعنوان : العقولُ المحمديّةُ، بصيغة pdf أضغط هنا.
___________________________________________________________
عناصر خطبة الجمعة القادمة 5 ديسمبر 2025م بعنوان: العقولُ المحمديّةُ، للدكتور محروس حفظي :
(1) أقسامُ وصورٌ للعقولِ البشريةِ. (2) التفكيرُ السلبيُّ، وأسبابُهُ.
(3) علاجُ التفكيرِ السلبيِّ في الإسلامِ. (4) مجالاتُ التفكيرِ الإيجابيِّ.
(5) التفكيرُ الإيجابيُّ في السنةِ المشرفةِ. (6) أساليبُ تنميةِ “التفكيرِ الإيجابيِّ”.
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 5 ديسمبر 2025م بعنوان: العقولُ المحمديّةُ ، للدكتور محروس حفظي : كما يلي:
العقولُ المحمديةُ
بِتَارِيخِ 14 جمادي الثانية 1447 ه = المُوَافِقِ 5 ديسمبر 2025 م
الحمدُ للهِ حمدًا يوافي نعمَهُ، ويكافئُ مزيدَهُ، لك الحمدُ كما ينبغي لجلالِ وجهِكَ، ولعظيمِ سلطانِكَ، والصلاةُ والسلامُ الأتمانِ الأكملانِ على سيدِنا محمدٍ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، أمَّا بعدُ ،،،
- أقسامُ وصورٌ للعقولِ البشريةِ:
أجمعَ الفلاسفةُ والحكماءُ أنَّ الإنسانَ أعظمُ ثروةٍ في الوجودِ، من أحسنَ التعاملَ معهُ وجدتِ الحضارةُ والتقدمُ والرقيُّ، ومن أساءَ إليهِ حلَّ التخلفُ والانهيارُ، وإنْ كانَ موجودًا لكنهُ وجودٌ شكليٌّ لا قيمةَ لهُ بينَ أممِ العالمِ، وصدقَ الإمامُ عليُّ بنُ أبي طالبٍ رضيَ اللهُ عنهُ عندما قالَ:
أتحسبُ أنــك جــرمٌ صغـيــرٌ ** وفيــك انطوى العـالـــمُ الأكـــبرُ** [ديوان الإمام علي بن أبي طالب ص 57].
فأيُّ أمةٍ تهدفُ إلى الصدارةِ والمكانةِ بينما تجعلُ بناءَ عقلِ الإنسانِ آخرَ أولوياتِها، ستظلُّ في ذيلِ الركبِ؛ لأنها أخطأتْ ترتيبَ أوراقِها، وهذا الإنسانُ لا يرقى بلباسهِ المنمقِ، وجمالِ شعرهِ، وفخامةِ بيتِهِ، وسيارتِهِ، بل يرقى بشيءٍ واحدٍ ألا وهو: “إذا عرفنا كيف نصنعُ عقلَ هذا الإنسانِ”، وكيف نُشيِّدُ بهِ حضارةً تشعُّ النورَ والهدى للعالمينَ أجمعينَ. أولئك الذين وهبهم اللهُ عقولًا فذّةً، وعبقريةً متقدةً، يمكنُ أن تقسيمَهم إلى ثلاثةِ أقسامٍ:
القسم الأول: العقول الربانيةُ:
الذين استخدموا عقولَهم، وسخروها فيما يرضي اللهَ، وجعلوا تفكيرَهم فيما ينفعُ البشريةَ، ويصلحُ من أمرِها، ويغيِّرُ مصيرَها للأحسنِ، وهذه الفئةُ لا شكَّ أنهم أعظمُ الخلقِ للخلقِ، إنهم لا يعيشونَ لأنفسِهم فحسبُ، إنما يهبونَ حياتَهم لغيرِهم {إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ * وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ} [ص: 46: 47].
عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ رضيَ اللهُ عنها أنها قالتْ: “تَفَكُّرُ لحظةٍ خيرٌ من قيامِ ليلةٍ”. [التبصرة لابن الجوزي]. عَنْ سالمِ بنِ أبي الجعدِ، قيلَ لأمِّ الدرداءِ: “ما كانَ أفضلَ أعمالِ أبي الدرداءِ؟ قالتْ: “التفكُّرُ”. [شعب الإيمان].
القسم الثاني: العقول الحيوانيةُ:
وهؤلاء قد مُنحوا عقلًا وتفكيرًا، وذكاءً لكن جلَّ شغلِهم الأكلُ، واللهوُ اللعبُ، وهذه العقولُ تعيشُ لنفسِها، ولا تفكرُ إلا في ذاتِها، تفاعلاتُها سلبيةٌ مع أوضاعِ وأحداثِ الأمةِ. {أُولَئِكَ كَالأنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ} [الأعراف: 179].
القسم الثالث: العقول المجرمةُ:
أولئك سخروا عقولَهم ونباهتَهم في محاربةِ الصدِّ عن سبيلِ اللهِ، ووقفوا أمامَ الخيرِ والبرِّ، فهم مع ما أُعطوا من ذكاءٍ وفراسةٍ، فإن عقولَهم لم تكشفْ لهم بعدُ بأن دينَ اللهِ لا يُغالبُ، وأن مكرَهم سينقلبُ عليهم {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [الأنفال: 30].
(2) التفكيرُ السلبيُّ، وأسبابُهُ.
هو التشاؤمُ في رؤيةِ الأشياءِ، فيضعُ الإنسانُ لنفسهِ من العقباتِ التي تعيقُهُ عن التقدمِ والبناءِ.
ومن أعظمِ مسبباتِ هذا النوعِ من التفكيرِ:
البعدُ عن اللهِ – عزَّ وجلَّ –: {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضُ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ} [الزخرف: 36]. وقالَ: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى} [طه: 125].
فقدانُ الأملِ واليأسُ: {وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ} [هود: 9].
التشاؤمُ والطيرةُ: تضعفُ الروحَ المعنويةَ، وتصيبُ الإنسانَ بالقلقِ والاضطرابِ؛ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضيَ اللهُ عنهما: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لاَ عَدْوَى وَلاَ طِيَرَةَ، وَالشُّؤْمُ فِي ثَلاَثٍ: فِي المَرْأَةِ، وَالدَّارِ، وَالدَّابَّةِ» [رواه البخاري].
وقتُ الفراغِ: ولذا كانَ النبيُّ – صلى اللهُ عليهِ وسلمَ – يحثُّ على المبادرةِ بالأعمالِ الصالحةِ خوفًا من تغيرِ الأحوالِ، وإقبالِ الأهوالِ؛ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ الْأَوْدِيِّ قالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِرَجُلٍ: «اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ: شَبَابكَ قَبْلَ هَرِمِكَ، وَصِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ، وَغِنَاكَ قَبْلَ فَقْرِكَ، وَفَرَاغَكَ قَبْلَ شُغْلِكَ، وَحَيَاتَكَ قَبْلَ مَوْتِكَ». [رواه النسائي في “السنن الكبرى”].
التفكيرُ السلبيُّ المبنيُّ على التقليدِ الأعمى: حذَّرَنا رسولُنا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من التَّقليدِ الأعمى؛ فعَنْ حُذَيْفَةَ قالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: «لَا تَكُونُوا إِمَّعَةً، تَقُولُونَ: إِنْ أَحْسَنَ النَّاسُ أَحْسَنَّا، وَإِنْ ظَلَمُوا ظَلَمْنَا، وَلَكِنْ وَطِّنُوا أَنْفُسَكُمْ، إِنْ أَحْسَنَ النَّاسُ أَنْ تُحْسِنُوا، وَإِنْ أَسَاءُوا فَلَا تَظْلِمُوا» [رواه الترمذي وحسنه]، فهو لمْ يرتضِ للمسلمينَ أنْ يكونوا مُقلِّدينَ يسيرونَ وراءَ كلِّ ناعقٍ، فيصبحوا كالرِّيشةِ في مهبِّ الرِّياحِ تميلُها حيثُ شاءتْ، بل عليهم أنْ يُحكِّموا عقولَهم حتى يصبحَ لهم سبقٌ إيجابيٌّ في حركةِ الحياةِ، حيثُ ذهبتْ بعضُ الدراساتِ إلى أنَّ العقلَ البشريَّ لمْ يُستثمرْ منهُ حتى الآنَ إلَّا نحوَ 15%، مما يدفعُ المسلمَ لاكتشافِ كلِّ جديدٍ في شتى المجالاتِ.
يقولُ الإمامُ المباركفورى في الحديثِ السابقِ: “وفيه إشعارٌ بالنهيِ عن التقليدِ المجرَّدِ حتى في الأخلاقِ فضلًا عن الاعتقاداتِ والعباداتِ”. أ.ه. [تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي].
عن عائشةَ قالَ ابنُ عميرٍ: «أَخْبِرِينَا بِأَعْجَبِ شَيْءٍ رَأَيْتِهِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قالَ: فَسَكَتَتْ ثمَّ قالتْ: لمَّا كانَ ليلةٌ من الليالي، قالَ: «يا عائشةُ ذريني أَتَعَبَّدُ الليلةَ لِرَبِّي»، قلتُ: واللهِ إنِّي لأُحِبُّ قُرْبَكَ، وأُحِبُّ ما سَرَّكَ، قالتْ: فقامَ فتطهَّرَ، ثمَّ قامَ يُصلِّي، قالتْ: فلمْ يزلْ يبكي حتى بلَّ حِجْرَهُ، قالتْ: ثمَّ بكى فلمْ يزلْ يبكي حتى بلَّ لِحْيَتَهُ، قالتْ: ثمَّ بكى فلمْ يزلْ يبكي حتى بلَّ الأرضَ، فجاءَ بلالٌ يؤذنهُ بالصلاةِ، فلما رآهُ يبكي، قالَ: يا رسولَ اللهِ، لِمَ تبكي وقد غفرَ اللهُ لكَ ما تقدَّمَ وما تأخَّرَ؟ قالَ: «أفلا أكونُ عبدًا شكورًا، لقد نزلتْ عليَّ الليلةَ آيةٌ، ويلٌ لمن قرأها ولمْ يتفكَّرْ فيها: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِأُولِي الأَلْبَابِ} [آل عمران: 190]». [رواه ابن حبان في “صحيحه”].
الأفكارُ السلبيةُ: تمنعُ صاحبَها من التمتعِ بحياتِه، وتفقدُه السيطرةَ على مواجهةِ المشكلاتِ مما يصعبُ معهُ اتخاذَ القراراتِ، فهي أساسُ الانحطاطِ والتخلفِ عن ركبِ الحضارةِ؛ ولذا نهى الإسلامُ عن التفكرِ أو السؤالِ فيما لا يعودُ بالخيرِ على الإنسانِ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْئَلُوا عَنْها حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْها وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ * قَدْ سَأَلَها قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُوا بِها كافِرِينَ} [المائدة: 101: 102].
عن أبي هريرةَ، قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: “رأيتُ ليلةَ أُسْرِيَ بي، لمَّا انتهينا إلى السماءِ السابعةِ ..، نظرتُ أسفلَ منِّي فإذا أنا برهْجٍ ودخانٍ وأصواتٍ، فقلتُ: ما هذا يا جبريلُ؟ قالَ: هذه الشياطينُ يُحرِّفونَ على أعينِ بني آدمَ، أنْ لا يتفكَّروا في ملكوتِ السماواتِ والأرضِ، ولولا ذلكَ لرأوا العجائبَ”. [رواه أحمد في “المسند”].
يقولُ الإمامُ الشاطبيُّ: (إنَّ اللهَ جعلَ للعقولِ في إدراكِها حدًّا تنتهي إليهِ لا تتعدَّاهُ، ولمْ يجعلْ لها سبيلًا إلى الإدراكِ في كلِّ مطلوبٍ، ولو كانتْ كذلكَ لاستوتْ مع الباري في إدراكِ جميعِ ما كانَ وما يكونُ وما لا يكونُ؛ إذ لو كانَ كيفَ كانَ يكونُ؛ فمعلوماتُ اللهِ لا تتناهى، ومعلوماتُ العبدِ متناهيةٌ، والمتناهي لا يساوي ما لا يتناهى) أ.ه. [الموافقات].
(3) علاجُ التفكيرِ السلبيِّ في الإسلامِ.
أولًا: يُسْلِمُ الإنسانُ نفسَهُ للهِ مع الثقةِ في حُكْمِهِ وقضائِهِ: {وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ} [لقمان: 22]، وقالَ: {وَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} [البقرة: 216]. عن أبي هريرةَ، قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يقولُ اللهُ عزَّ وجلَّ: «أنا عندَ ظنِّ عبدِي بي، وأنا معَهُ حينَ يذكُرُني، إنْ ذكرَني في نفسِهِ، ذكرتُهُ في نفسي، وإنْ ذكرَني في ملإٍ، ذكرتُهُ في ملإٍ همْ خيرٌ منهم» [متفقٌ عليه]. وعن صهيبٍ، قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عجبًا لأمرِ المؤمنِ، إنَّ أمرَهُ كلَّهُ خيرٌ، وليسَ ذاكَ لأحدٍ إلَّا للمؤمنِ، إنْ أصابتْهُ سرَّاءُ شكرَ، فكانَ خيرًا لهُ، وإنْ أصابتْهُ ضرَّاءُ، صبرَ فكانَ خيرًا لهُ» [رواهُ مسلمٌ].
ثانيًا: الإكثارُ من ذكرِ اللهِ، والصلاةِ على سيدِنا النبيِّ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد: 28].
عن أبي سعيدٍ الخدريِّ، قالَ: «دخلَ النبيُّ صَلَّى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذاتَ يومٍ المسجدَ، فإذا هو برجلٍ من الأنصارِ، يُقالُ لهُ: أبو أمامةَ، فقالَ: «يا أُمامةُ، ما لي أراكَ جالسًا في المسجدِ في غيرِ وقتِ الصلاةِ؟»، قالَ: همومٌ لزمتْني، وديونٌ يا رسولَ اللهِ، قالَ: «أفلا أعلِّمُكَ كلامًا إذا أنتَ قلتَهُ أذهبَ عزَّ وجلَّ همَّكَ، وقضى عنكَ دينَكَ؟»، قالَ: قلتُ: بلى، يا رسولَ، قالَ: قلْ إذا أصبحتَ، وإذا أمسيتَ: “اللهمَّ إنِّي أعوذُ بكَ منَ الهمِّ والحزَنِ، وأعوذُ بكَ منَ العجزِ والكسلِ، وأعوذُ بكَ منَ الجبنِ والبخلِ، وأعوذُ بكَ منْ غلبةِ الدَّيْنِ، وقهرِ الرجالِ”، قالَ: ففعلتُ ذلكَ، فأذهبَ اللهُ همِّي، وقضى عنِّي دَينِي» [رواهُ أبو داودَ]. وعن أُبَيِّ بنِ كعبٍ قالَ: «قلتُ: أجعلُ لكَ صلاتي كلَّها، فقالَ: صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إذًا تُكْفَى همَّكَ، ويُغْفَرُ لكَ ذنبُكَ» [رواهُ الترمذيُّ وحسَّنَهُ].
ثالثًا: حُسْنُ التوكُّلِ على اللهِ معَ الأخذِ بالأسبابِ: {وَكَأَيِّنٍ مِنْ دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [العنكبوت: 60]، وقالَ: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا} [الطلاق: 2: 3].
عن عمرَ، قالَ: سمعتُ رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقولُ: «لو أنَّكمْ توكلتُّم على اللهِ حقَّ توكلِهِ، لرزقَكم كما يرزقُ الطيرَ، تغدو خماصًا، وتروحُ بطانًا» [رواهُ ابنُ ماجهْ، وأحمدُ].
رابعًا: فتحُ بابِ الأملِ والتفاؤلِ: عن يعيشَ الغفاريِّ قالَ: «دعا النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بناقةٍ يومًا فقالَ: «من يحلبُها»، فقالَ رجلٌ: أنا، قالَ: «ما اسمُكَ؟»، قالَ: مُرَّةُ، قالَ: «اقعدْ»، ثمَّ قامَ آخرُ، فقالَ: «ما اسمُكَ؟»، قالَ: مُرَّةَ، قالَ: «اقعدْ»، ثمَّ قامَ آخرُ، فقالَ: «ما اسمُكَ؟»، قالَ: جمرةُ، قالَ: «اقعدْ»، ثمَّ قامَ يعيشُ، فقالَ: «ما اسمُكَ؟» قالَ: يعيشُ، قالَ: «احلبْها» [رواهُ الطبرانيُّ في “المعجمِ الكبيرِ”].
قالَ الإمامُ القرطبيُّ: (هذا عندي – واللهُ أعلمُ – من بابِ الفألِ الحسنِ؛ فإنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كانَ يطلبُهُ ويُعجِبُهُ، وليسَ منْ بابِ الطِّيَرَةِ في شيءٍ؛ لأنَّهُ مُحالٌ أنْ ينهى عنِ الطِّيَرَةِ ويأتيَها، بل هو بابُ الفألِ، فإنَّهُ كانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتفاءلُ بالاسمِ الحسنِ). أ.ه. [الاستذكارُ].
عن أبي هريرةَ رضيَ اللهُ عنهُ قالَ: قالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لا طِيَرَةَ، وخيرُها الفألُ» قالوا: وما الفألُ يا رسولَ اللهِ؟ قالَ: «الكلمةُ الصالحةُ يسمعُها أحدُكمْ» [رواهُ البخاريُّ].
خامسًا: التركيزُ على الإيجابياتِ دونَ السلبياتِ: عن أبي هريرةَ، قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لا يَفْرَكْ مؤمنٌ مؤمنةً، إنْ كرهَ منها خُلقًا، رضيَ منها آخرَ» [رواهُ مسلمٌ].
قالَ الإمامُ الهرويُّ: (وفيهِ إشارةٌ إلى أنَّ الصاحبَ لا يُوجَدُ بدونِ عيبٍ، فإنْ أرادَ الشخصُ بريئًا منَ العيبِ يبقَ بلا صاحبٍ، ولا يخلو الإنسانُ سيما المؤمنُ عن بعضِ خصالٍ حميدةٍ، فينبغي أنْ يراعيَها ويسترَ ما بقيَها). [مرقاةُ المفاتيحِ].
سادسًا: تجنُّبُ مجالسةِ المثبِّطينَ والمحبطينَ: لأنَّهم يضعِفُونَ الهممَ، ويوهنونَ العزائمَ، ويُعينونَ الشيطانَ {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا} [البقرة: 268].
عن أبي سعيدٍ، عنِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قالَ: «لا تُصاحِبْ إلَّا مؤمنًا، ولا يأكلْ طعامَكَ إلَّا تقيٌّ» [رواهُ أبو داودَ]. عن أبي هريرةَ أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ: «الرجلُ على دينِ خليلِهِ، فلينظرْ أحدُكمْ منْ يُخالِلُ» [رواهُ الترمذيُّ، وأحمدُ].
سابعًا: انشرِ الابتسامةَ، وتحلَّ بالصبرِ والمثابرةِ: عن أبي ذرٍّ قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تبسُّمُكَ في وجهِ أخيكَ لكَ صدقةٌ» [رواهُ ابنُ حبانَ]. عن أبي ذرٍّ قالَ: قالَ ليَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لا تَحْقِرَنَّ منَ المعروفِ شيئًا، ولو أنْ تلقى أخاكَ بوجهٍ طلقٍ» [رواهُ مسلمٌ]. عن أَبي سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ قال: قال رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَمَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللَّهُ، وَلَنْ تُعْطَوْا عَطَاءً خَيْرًا وَأَوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ» [رواه البخاري].
(4) مجالاتُ التفكيرِ الإيجابيِّ.
حثَّ القرنُ الكريمُ على استنفارِ العقلِ البرهانيِّ؛ للبحثِ عن حجَّتِهِ من غيرِ التفاتٍ إلى الأمانيِّ والظنونِ الباطلةِ؛ ولمْ يقبلْ إلَّا الدليلَ الناصعَ الذي لا يقبلُ الشكَّ أو الترددَ خاصةً في القضايا العقديةِ {أَمَّنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [النمل: 64]، {وَنَزَعْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا فَقُلْنَا هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ، فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ، وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ} [القصص: 75].
*وقد شملَ التفكيرُ مجالاتٍ متعدِّدةً منها: “السننُ الاجتماعيةُ” التي تتعلَّقُ بتاريخِ الأممِ السالفةِ، والنظرِ في عواقبِها، وما طرأ عليها من تغييرٍ {قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ} [آل عمران: 137].
وهذه السننُ قوانينُ ثابتةٌ لا تتخلَّفُ ولا تتبدَّلُ، ممَّا يبعثُ في النفسِ الالتزامَ بالخيرِ، والبعدَ عن الشرِّ؛ فيحفظُ المجتمعَ منَ الانحلالِ، والغرورِ {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [الأنفال: 53]، {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [الرعد: 11].
عن ابنِ عمرَ قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأصحابِ الحِجْرِ: «لا تدخلوا على هؤلاءِ القومِ المعذَّبينَ، إلَّا أن تكونوا باكينَ، فإنْ لم تكونوا باكينَ فلا تدخلوا عليهم، أنْ يصيبَكم مثلُ ما أصابَهم» [متفقٌ عليه].
كما شملَ “الآياتِ الكونيةَ في الأرضِ والسماءِ”: {إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ذَلِكُمُ اللَّهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ فالِقُ الْإِصْباحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْباناً ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ * وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِها فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} [الأنعام: 95: 97].
*وشملَ أيضًا “الآياتِ في النفسِ، والخلقِ والنشأةِ”: {وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ} [الذاريات: 21]، {فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ} [الطارق: 5].
قالَ الإمامُ الغزاليُّ: (فمنْ آياتِهِ: “الإنسانُ المخلوقُ منَ النطفةِ”، وأقربُ شيءٍ إليكَ نفسُكَ، وفيكَ منَ العجائبِ الدالَّةِ على عظمةِ اللهِ ما تنقضي الأعمارُ في الوقوفِ على عشرِ عشيرِهِ، وأنتَ غافلٌ عنهُ، فيا منْ هو غافلٌ عن نفسِهِ، وجاهلٌ بها كيفَ تطمعُ في معرفةِ غيرِكَ، وقد أمرَكَ اللهُ بالتدبُّرِ في نفسِكَ في كتابِهِ العزيزِ، وذكرَ أنَّكَ مخلوقٌ من نطفةٍ قذرةٍ …، فارجعِ الآنَ إلى النطفةِ، وتأمَّلْ حالَها أوَّلًا وما صارتْ إليهِ ثانيًا، وتأمَّلْ أنَّهُ لو اجتمعَ الجنُّ والإنسُ على أنْ يخلقوا للنطفةِ سمعًا أو بصرًا أو عقلًا أو قدرةً أو علمًا أو روحًا أو يخلقوا فيها عظمًا أو عِرْقًا أو عَصَبًا أو جلدًا أو شعرًا، هل يقدرونَ على ذلكَ؟! بل لو أرادوا أنْ يعرفوا كنهَ حقيقتِهِ، وكيفيةَ خلقتِهِ بعد أنْ خلقَ اللهُ ذلكَ لعجزوا عنهُ). [إحياءُ علومِ الدينِ].
التفكيرُ الإيجابيُّ يحقِّقُ النفعَ في الآجِلِ والعاجِلِ: لهُ دورٌ مهمٌّ خاصةً في ظلِّ الانفجارِ المعرفيِّ، والتطورِ التقنيِّ السريعِ، ولهُ آثارٌ إيجابيةٌ منها: الردُّ على الأفكارِ المنحرفةِ والضالَّةِ، والتمييزُ بينَ الحقائقِ والأكاذيبِ، واتخاذُ القراراتِ الصائبةِ في مختلفِ جوانبِ الحياةِ ممَّا يسهمُ في حلِّ المشكلاتِ، وإيجادِ حلولٍ مبتكرةٍ؛ لمعالجةِ التحدياتِ العالميةِ كالبيئةِ والإلحادِ .. إلخ، ويعزِّزُ القدرةَ على التواصلِ مع الآخرينَ، وفهمِ وجهاتِ نظرِهم ممَّا يخلقُ بناءَ مجتمعٍ قويٍّ ومتماسكٍ، قائمٍ على العلمِ والمعرفةِ.
إشغالُ العقلِ بالأفكارِ الشريفةِ لهُ أثرُهُ في الارتقاءِ بالمجتمعاتِ، فهذا العصرُ لا مجالَ فيهِ للخاملينَ والعاجزينَ؛ عن أبي هريرةَ، قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «احرصْ على ما ينفعُكَ» [رواهُ مسلمٌ].
(5) التفكيرُ الإيجابيُّ في السنةِ المشرفةِ.
الإيجابيةُ نحوَ المجتمعِ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِذَا قَالَ الرَّجُلُ: هَلَكَ النَّاسُ فَهُوَ أَهْلَكُهُمْ» [رواهُ مسلمٌ]. قالَ الإمامُ الخطابيُّ: (معناهُ: أنْ لا يزالَ الرجلُ يعيبُ الناسَ، ويذكرُ مساويهم، ويقولُ قد فسدَ الناسُ وهلكوا ونحوَ ذلكَ من الكلامِ، فإذا فعلَ الرجلُ ذلكَ فهو أهلكُهم وأسوأُهم حالًا مما يلحقُهُ من الإثمِ في عيبِهم، والازراءِ بهم، والوقيعةِ فيهم، وربما أدَّاهُ ذلكَ إلى العجبِ بنفسهِ فيرى أنَّ لهُ فضلًا عليهم، وأنَّهُ خيرٌ منهم فيهلكُ). أ.ه. [معالمُ السننِ].
رسَّخَ النبيُّ صلى اللهُ عليه وسلمَ الفكرةَ الإيجابيةَ بذكرِهِ قصةَ نبيٍّ من الأنبياءِ – عليهمُ السلامُ-؛ ليعلِّمَ الأمةَ كيفَ تكونُ علاقةُ الإنسانِ إيجابيةً مع مجتمعِهِ حتى ولو حصلَ لهُ الأذى في سبيلِ نشرِ الخيرِ والصلاحِ الذي يحملُهُ لمن حولَهُ؛ فعن عبدِ اللَّهِ بنِ مسعودٍ: «كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَحْكِي نَبِيًّا مِنَ الأَنْبِيَاءِ، ضَرَبَهُ قَوْمُهُ فَأَدْمَوْهُ، وَهُوَ يَمْسَحُ الدَّمَ عَنْ وَجْهِهِ وَيَقُولُ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِقَوْمِي فَإِنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ» [متفقٌ عليه].
قالَ الإمامُ النوويُّ: (فيهِ ما كانوا عليهِ صلواتُ اللهِ وسلامُهُ عليهم من الحلمِ والتصبرِ والعفوِ، والشفقةِ على قومِهم، ودعائِهم لهم بالهدايةِ والغفرانِ، وعذرِهم في جنايتِهم على أنفسِهم بأنَّهم لا يعلمونَ، وهذا النبيُّ المشارُ إليهِ من المتقدمينَ، وقد جرى لنبينا صلى اللهُ عليه وسلمَ مثلُ هذا يومَ أُحدٍ). أ.ه. [شرحُ النوويِّ على مسلمٍ].
النظرُ إلى حقيقةِ الأمرِ والفاعلِ لا إلى ظاهرِ فعلِهِ: كلما كانَ الشخصُ على معرفةٍ بمزايا الذي ينتقدُهُ، يعطيهِ الفرصةَ للنظرِ إلى ذلكَ الشخصِ بصورةٍ أكثرَ إيجابيةً، وهذا يساعدُهُ على التحكمِ في الغضبِ والإحباطِ؛ ففي قصةِ حاطبِ بنِ أبي بلتعةَ: «..، قالَ سيدُنا عُمَرُ: دَعْنِي، يَا رَسُولَ اللهِ أَضْرِبْ عُنُقَ هَذَا الْمُنَافِقِ، فَقَالَ: “إِنَّهُ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا، وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللهَ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ، فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ» [متفقٌ عليه].
كما يشملُ أيضًا التفكيرُ الإيجابيُّ “العلومَ الشرعيةَ”: لتخرجَ عن نمطِ الحفظِ والتلقينِ إلى أفقِ التدبرِ، والخوضِ في أسرارِ ومقاصدِ الشريعةِ بما يخدمُ الأفرادَ والمجتمعاتِ {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [محمد: 24]؛ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ مَقَالَتِي فَبَلَّغَهَا، فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ غَيْرِ فَقِيهٍ، وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ». [رواهُ أبو داودَ والترمذيُّ وابنُ ماجهَ].
وجَّهَ الرسولُ – صلى اللهُ عليه وسلمَ– أصحابَهُ، وشجَّعهم على التفكيرِ فيما يستجدُّ من مشكلاتِ الحياةِ مما لم يردْ فيه حكمٌ في القرآنِ والسنةِ، وأوصى بالاجتهادِ، ورغَّبهم في ذلكَ بالثوابِ في الآخرةِ؛ فعَنْ عَمْرِو بْنِ العَاصِ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِذَا حَكَمَ الحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ، وَإِذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ» [متفقٌ عليه].
أطلقَ – صلى اللهُ عليه وسلمَ– للإنسانِ العنانَ؛ ليفكرَ في كلِّ شيءٍ إلَّا الغيبياتِ التي لا يستطيعُ إدراكَها؛ لقصورِ عقلِهِ، وأمرَهُ بتفويضِ العلمِ فيها للهِ وحدَهُ، فعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: «تَفَكَّرُوا فِي آلَاءِ اللَّهِ، وَلَا تَفَكَّرُوا فِي اللَّهِ»، وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قالَ: «تَفَكَّرُوا فِي كُلِّ شَيْءٍ، وَلَا تَفَكَّرُوا فِي ذَاتِ اللَّهِ». [رواهُ الطبرانيُّ في “المعجمِ الأوسطِ”، والبيهقيُّ في “الأسماءِ والصفاتِ”]، وقالَ ابنُ حجرٍ: «مَوْقُوفٌ وَسَنَدُهُ جَيِّدٌ». [فتحُ الباري 13/ 383].
(6) أساليبُ تنميةِ “التفكيرِ الإيجابيِّ:
أولًا: الحِوَارُ الإِيجَابِيُّ مَعَ الذَّاتِ: عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ خَبُثَتْ نَفْسِي، وَلَكِنْ لِيَقُلْ لَقِسَتْ نَفْسِي» [متفقٌ عليه].
قالَ ابْنُ أَبِي جَمْرَةَ: (ويُؤْخَذُ مِنَ الحديثِ استحبابُ مُجانبةِ الألفاظِ القبيحةِ والأسماءِ، والعدولُ إلى ما لا قُبْحَ فيه ….. وفيه أنَّ المرءَ يطلبُ الخيرَ حتى بالفألِ الحسنِ، ويضيفُ الخيرَ إلى نفسِهِ ولو بنسبةٍ ما، ويدفعُ الشرَّ عن نفسِهِ مهما أمكنَ، ويقطعُ الوصلةَ بينَهُ وبينَ أهلِ الشرِّ حتى في الألفاظِ المشتركةِ، ويلتحقُ بهذا أنَّ الضعيفَ إذا سُئِلَ عن حالِهِ لا يقولُ لستُ بطيبٍ بل يقولُ ضعيفٌ ولا يخرجُ نفسَهُ من الطيبينَ، فيلحقُها بالخبيثينَ). أ.ه. [فتحُ الباري شرحُ صحيحِ البخاريِّ].
ثانيًا: حِفْظُ القُرآنِ الكريمِ بما فيهِ من شواهدَ واستدلالاتٍ، يُحفِّزُ العقلَ، وعاملٌ رئيسٌ من عواملِ تنميةِ مهاراتِ “التفكيرِ” حسبما دلَّتْ عليهِ الدراساتُ العلميةُ المعاصرةُ، والوسائلُ التجريبيةُ الحديثةُ؛ لذا يجبُ ربطُ النشءِ بالقرآنِ الكريمِ، والحرصُ على تحفيظِهم إيّاهُ بتدبرٍ وتفكرٍ، وفهمٍ لمعانيهِ، وضرورةُ عدمِ الاكتفاءِ بمجردِ إتقانِهم تلاوتَهُ وحفظَهُ؛ عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ مَسْعُودٍ، فَقَالَ: إِنِّي قَرَأْتُ الْبَارِحَةَ الْمُفَصَّلَ فِي رَكْعَةٍ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: أَنَثْرًا كَنَثْرِ الدَّقَلِ– أي: رديءُ التمرِ-، وَهَذًّا كَهَذِّ الشِّعْرِ؟ «إِنِّي لَأَعْلَمُ النَّظَائِرَ الَّتِي كَانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرِنُ بَيْنَهُنَّ سُورَتَيْنِ فِي رَكْعَةٍ» [رواهُ أحمدُ في “المسندِ”].
قالَ الإمامُ النوويُّ: (معناهُ أنَّ هذا الرجلَ أخبرَهُ بكثرةِ حفظِهِ وإتقانِهِ، فقالَ ابنُ مسعودٍ: “أتهذهُ هذا”: وهو بتشديدِ الذالِ، وهو شدةُ الإسراعِ والإفراطِ في العجلةِ، ففيه النهيُ عن الهذِّ، والحثُّ على الترتيلِ والتدبرِ، وبه قالَ جمهورُ العلماءِ. إذا وقعَ في القلبِ رسخَ فيهِ، ونفعَ معناهُ، وثمَّ قومٌ ليس حظُّهم من القرآنِ إلا مرورُهُ على اللسانِ، فلا يُجاوزُ تراقيهم ليصلَ قلوبَهم، وليس ذلك هو المطلوبُ، بل المطلوبُ تعقُّلُهُ وتدبُّرُهُ بوقوعهِ في القلبِ) أ.ه. [شرحُ النوويِّ على مسلمٍ].
ثالثًا: “الحِوَارُ والمُنَاقَشَةُ”: استخدمَ القرآنُ الكريمُ أسلوبَ الحِوارِ والنِّقاشِ كأداةٍ من أدواتِ “التفكيرِ الإيجابيِّ”، سواءٌ كانَ هذا الحوارُ بينَ اللهِ وملائكتهِ، أو بينَ رُسلِهِ وأنبيائِهِ، أو بينَ الرُّسلِ وأقوامِهِم، أو بينَ المؤمنينَ والكافرينَ والمُنافقينَ، أو بينَ الآباءِ والأبناءِ أو العكسِ، أو بينَ أصحابِ الجَنَّةِ والنَّارِ.
الحوارُ والمناقشةُ يساعدانِ على وضوحِ التفكيرِ وسلامتِهِ، والتخلصِ من العوائقِ التي تحولُ دونَ الوصولِ إلى الحقيقةِ حيثُ تتضحُ جوانبُ المشكلةِ، وتتحددُ معالمُها؛ ولذا كانَ النبيُّ – صلى اللهُ عليه وسلمَ– يُناقشُ أصحابَهُ، ويستشيرُهم، ففي معركةِ بدرٍ اطمأنَّ إلى موافقةِ الأنصارِ على القتالِ، كما استشارَهم حولَ موقعِ المعركةِ وفي أمرِ الأسرى، وتشاورَ مع أصحابِهِ أيضًا في غزوةِ الخندقِ، وقَبِلَ رأيَ سلمانَ الفارسيِّ بحفرِ الخندقِ حولَ المدينةِ.
رابعًا: «أُسْلُوبُ التَّعَلُّمِ بِالِاسْتِكْشَافِ» أو «العَصْفُ الذِّهْنِيُّ»: يعتمدُ على إثارةِ ذهنِ السامعِ وعدمِ تلقينِهِ المعلومةَ معلبةً جاهزةً، بل يُتركُهُ فترةً يفكرُ ويراجعُ مخزونَهُ الفكريَّ؛ لتتهيأَ نفسُهُ للإصغاءِ لما يُقالُ لهُم بعدَ ذلكَ؛ فهو أسلوبٌ تعليميٌّ يُستخدمُ من أجلِ توليدِ أكبرِ عددٍ من الأفكارِ للمشاركينَ في حلِّ مشكلةٍ مفتوحةٍ خلالَ فترةٍ زمنيةٍ محددةٍ، في جوٍّ تسودُهُ الحريةُ والأمانُ في طرحِ الأفكارِ بعيدًا عن المصادرةِ.
عَنْ عَائِشَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «أَتَدْرُونَ مَنِ السَّابِقُونَ إِلَى ظِلِّ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟» قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: «الَّذِينَ إِذَا أُعْطُوا الْحَقَّ قَبِلُوهُ، وَإِذَا سُئِلُوهُ بَذَلُوهُ، وَحَكَمُوا لِلنَّاسِ كَحُكْمِهِمْ لِأَنْفُسِهِمْ» [رواهُ أحمدُ].
قالَ أ.د/ موسى شاهين لاشينَ: (أرقى أساليبِ التربيةِ تحصرُ طرقَ التدريسِ في طريقتينِ: الطريقةِ الإلقائيةِ، والطريقةِ الاستنباطيةِ، وقد استعملهما – صلى اللهُ عليه وسلمَ- في التدريسِ لأمتهِ، فاستعملَ الطريقةَ الإلقائيةَ في خطبةِ الجمعةِ والعيدينِ والاستسقاءِ وفي الحجِّ وفي المناسباتِ، واستعملَ طريقةَ الاستنباطِ والسؤالِ والجوابِ في دروسِ العلمِ، وكانَ تارةً يقولُ: “اسألوني”، ويجيبُ على أسئلتِهم، وتارةً يسألُ، وينتظرُ جوابَهم؛ ليثيرَ فيهم حبَّ البحثِ، والفهمَ كما في هذا الحديثِ، وتارةً يسألُ ولا ينتظرُ الجوابَ بل يجيبُ هو، وفائدةُ سؤالِهِ في هذه الحالةِ؛ إثارةُ انتباهِهم للجوابِ؛ ليتمكّنَ في نفوسِهم.
ثمَّ إنَّهُ صلى اللهُ عليه وسلمَ كثيرًا ما يُشبِّهُ المعقولَ بالمحسوسِ، مستخدمًا وسائلَ الإيضاحِ الميسورةِ في البيئةِ، وأكثرَ ما يشدُّ انتباهَهم، ويعمِّقُ استفادتَهم، واستيعابَهم، فيُمثِّلُ المؤمنَ في أنهُ خيرٌ لمجتمعِهِ ولنفسِهِ من وجوهٍ كثيرةٍ بالنخلةِ، ويقلبُ التشبيهَ المقصودَ، فيُشبِّهُ النخلةَ بالمؤمنِ؛ ليجعلَ المؤمنَ أصلًا وأقوى في وجهِ الشبهِ) أ.ه. [فتحُ المنعم شرحُ صحيحِ مسلمٍ].
خامسًا: تنميةُ القدرةِ على التخيلِ “التفكيرُ خارجَ الصندوقِ”: من أقوى الأساليبِ التي استُعملتْ في تنميةِ التفكيرِ، فيرى الإنسانُ بعينِ الخيالِ مشاهدَ حيَّةً ذاتَ أبعادٍ مختلفةٍ، فيتولدُ عندهُ إحساسٌ ذاتيٌّ، فتترجمُ المشاهدُ إلى معانٍ وأفكارٍ، فيشعرُ بالتجاوبِ، فيُنمِّي الفكرَ، ويُوقِدُ القريحةَ، وينمِّي الذوقَ الأدبيَّ لديهِ.
وقد صوَّرَ القرآنُ أشياءَ كأنَّها مُشاهدةٌ محسوسةٌ، وواقعةٌ ملموسةٌ، وأطلقَ العنانَ فيها للخيالِ {ذلِكَ خَيْرٌ نُزُلًا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ *إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ * إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ * طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُؤُسُ الشَّيَاطِينِ} [الصافاتِ: 62: 65].
العربُ كانوا لا يعرفون رؤوسَ الشياطينِ، وإنَّما شُبِّهَتْ بها؛ “لِأَنَّهُ قَدِ اسْتَقَرَّ فِي النُّفُوسِ أَنَّ الشَّيَاطِينَ قَبِيحَةُ الْمَنْظَرِ، كَأَنَّهُ قِيلَ: إِنَّ أَقْبَحَ الأَشْيَاءِ فِي الْوَهْمِ وَالْخَيَالِ هُوَ رُؤُوسُ الشَّيَاطِينِ، فَهَذِهِ الشَّجَرَةُ تُشْبِهُهَا فِي قُبْحِ النَّظَرِ، وَتَشْوِيهِ الصُّورَةِ، وَالَّذِي يُؤَكِّدُ هَذَا أَنَّ الْعُقَلَاءَ إِذَا رَأَوْا شَيْئًا شَدِيدَ الاِضْطِرَابِ، مُنْكَرَ الصُّورَةِ، قَبِيحَ الْخِلْقَةِ، قَالُوا إِنَّهُ شَيْطَانٌ، وَإِذَا رَأَوْا شَيْئًا حَسَنَ الصُّورَةِ وَالسِّيرَةِ، قَالُوا إِنَّهُ مَلَكٌ”. [مفاتيحُ الغيبِ للفخرِ الرازيِّ].
سادسًا: أسلوبُ “لفتِ الأنظارِ إلى ما ألفهُ الناسُ، واعتادوا عليهِ”: الألفةُ عشاوةٌ تحجبُ عن الإنسانِ ما يبعثُ على التفكيرِ والتأملِ {وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ * وَبِاللَّيْلِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} [الصافاتِ: 138]، {أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ * وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ * وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ * وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ} [الغاشيةِ: 17: 20].
سابعًا: تنميةُ ثقافةِ القدرةِ على التغييرِ والتجديدِ: المجتمعُ بحاجةٍ إلى عقولٍ مبدعةٍ، لا عقولٍ تفكرُ فحسبُ حيثُ سئمَ الناسُ الروتينَ والتكرارَ، وافتقدَ التجديدَ والإبداعَ في الطرحِ، وقد يعتقدُ الإنسانُ أنَّ الإبداعَ إنَّما هو من نصيبِ الأذكياءِ والموهوبينَ، ويخافُ من الإخفاقِ، لن يكونَ مبدعًا من لم يكن شجاعًا في تفكيرِهِ، والانهزامُ المؤقتُ ليس فشلًا، وقد قيلَ: “لولا المشقةُ لسادَ الناسُ كلُّهم”، ويُذكرُ أنَّ “إديسونَ” اخترعَ المصباحَ الكهربائيَّ بعدَ أن أجرى أكثرَ من ألفِ تجربةٍ غيرِ ناجحةٍ، وأنَّ ابنَ سينا قال: “قرأتُ كتابَ “ما بعد الطبيعةِ” لأرسطو فما فهمتُهُ حتى قرأتُهُ أربعينَ مرةً”، ويكادُ المبدعونَ أن يجمعوا أنهم واجهوا في بداياتِهم إخفاقاتٍ كادت أن تقعدَهم عن الاستمرارِ”، فهل لنا في هؤلاءِ الأسوةُ والعبرةُ؟!
نسألُ اللهَ أن يرزقَنا حسنَ العملِ، وفضلَ القبولِ، إنه أكرمُ مسؤولٍ، وأعظمُ مأمولٍ، وأن يجعلَ بلدَنا مِصْرَ سخاءً رخاءً، أمنًا أمانًا، سلمًا سلامًا وسائرَ بلادِ العالمينَ، ووفَّقَ ولاةَ أُمورِنا لما فيه نفعُ البلادِ والعبادِ.
أعدَّهُ: الفقيرُ إلى عفوِ ربِّهِ الحنانِ المنانِ د / محروسُ رمضانَ حفظي عبد العالِ
مدرِّسُ التفسيرِ وعلومِ القرآنِ – كليةُ أصولِ الدينِ والدعوةِ – أسيوطُ
_____________________________________
للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
وللمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف







