أخبار مهمةالخطبة المسموعةخطبة الأسبوعخطبة الجمعةخطبة الجمعة القادمة ، خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف المصرية مكتوبة word pdfعاجل

خطبة الجمعة بعنوان : صَحِّحْ مَفَاهِيمَكَ ، للدكتور خالد بدير

صَحِّحْ مَفَاهِيمَكَ ، للدكتور خالد بدير ، بتاريخ 18 ربيع الآخر 1447هـ ، الموافق 10 أكتوبر 2025م

خطبة الجمعة بعنوان : صَحِّحْ مَفَاهِيمَكَ ، للدكتور خالد بدير ، بتاريخ 18 ربيع الآخر 1447هـ ، الموافق 10 أكتوبر 2025م

 

تحميل خطبة الجمعة القادمة 10 أكتوبر 2025م ، للدكتور خالد بدير بعنوان : صَحِّحْ مَفَاهِيمَكَ :

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 10 أكتوبر 2025م ، للدكتور خالد بدير بعنوان : صَحِّحْ مَفَاهِيمَكَ ، بصيغة  word أضغط هنا.

ولتحميل خطبة الجمعة القادمة 10 أكتوبر 2025م ، للدكتور خالد بدير بعنوان : صَحِّحْ مَفَاهِيمَكَ، بصيغة  pdf أضغط هنا.

عناصر خطبة الجمعة القادمة 3 أكتوبر 2025م ، للدكتور خالد بدير ، بعنوان : صَحِّحْ مَفَاهِيمَكَ : كما يلي:

 

أَوَّلًا: ظَاهِرَةُ الغِشِّ فِي الِامْتِحَانَات.

ثانيًا: ظَاهِرَةُ تَخْرِيبِ المُمتَلَكَاتِ العَامَّةِ.

ثالثًا: ظَاهِرَةُ الخِلَافَاتِ الأُسْرِيَّةِ وَكَوْنُهَا سَبَبًا مِنْ أَسْبَابِ الطَّلَاق

 

ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 10 أكتوبر 2025م ، للدكتور خالد بدير ، بعنوان : صَحِّحْ مَفَاهِيمَكَ : كما يلي:

 

صَحِّحْ مَفَاهِيمَكَ

بتاريخ: 18 ربيع الثاني 1447هـ – 10 أكتوبر 2025م

المـــوضــــــــــوع

الحمدُ للهِ نَحْمَدُهُ ونَسْتَعِينُهُ ونَتُوبُ إِلَيْهِ ونَسْتَغْفِرُهُ ونُؤْمِنُ بِهِ ونتوكَّلُ عَلَيْهِ ونعوذُ بِهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، ونشهدُ أنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وأنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا عبدُهُ وَرَسُولُهُ ﷺ. أمَّا بَعْدُ:

فَإِنَّ وَزَارَةَ الأَوْقَافِ المِصْرِيَّةَ قَدْ أَطْلَقَتْ مُبَادَرَةَ (صَحِّحْ مَفَاهِيمَكَ)، وَهَذِهِ المُبَادَرَةُ مَشْرُوعٌ وَطَنِيٌّ جَلِيلٌ، يَهْدِفُ إِلَى بِنَاءِ إِنْسَانٍ مِصْرِيٍّ قَوِيٍّ، مِنْ خِلَالِ تَصْحِيحِ المَفَاهِيمِ الدِّينِيَّةِ وَالسُّلُوكِيَّاتِ المُجْتَمَعِيَّةِ الخَاطِئَةِ، وَتَعْزِيزِ قِيَمِ الانْتِمَاءِ وَالانْضِبَاطِ، وَذَلِكَ بِمُعَالَجَةِ قَضَايَا تَمَسُّ الوَاقِعَ اليَوْمِيَّ لِلْمُوَاطِنِ، بِرُؤْيَةٍ عِلْمِيَّةٍ وَتَرْبَوِيَّةٍ مُنْضَبِطَةٍ، تَسْتَنِدُ إِلَى خِطَابٍ دِينِيٍّ رَشِيدٍ، يُعَالِجُ الظَّوَاهِرَ السَّلْبِيَّةَ بِالتَّوْعِيَةِ وَالرَّحْمَةِ دُونَ إِدَانَةٍ أَوْ إِقْصَاءٍ.

وَفِي هَذَا اللِّقَاءِ نَتَكَلَّمُ مَعَ حَضْرَاتِكُمْ عَنْ ثَلَاثِ ظَوَاهِرَ اجْتِمَاعِيَّةٍ هَامَّةٍ تَمَسُّ الوَاقِعَ المُعَاصِرَ وَهِيَ:

أَوَّلًا: ظَاهِرَةُ الغِشِّ فِي الِامْتِحَانَاتِ.

مِن أَهَمِّ الظَّواهِرِ الاجتِماعِيَّةِ وَالمَفاهِيمِ المَغلُوطَةِ (ظاهِرَةُ الغِشِّ فِي الامتِحانَاتِ)، حَيثُ يُسَوِّلُ لِلطُّلّابِ وَالطّالِباتِ صُعُوبَةَ الِاختِباراتِ، وَأَنَّ الَّذِي أَقَلَّ مِنهُ تَعلِيمًا سَيَتَفَوَّقُ عَلَيهِ لِأَنَّهُ ماهِرٌ فِي الغِشِّ، فَلَابُدَّ أَن يَغُشَّ هُوَ كَذلِكَ، وَهَذا فَهمٌ خاطِئٌ مَغلُوطٌ، لِأَنَّ الغايَةَ لَا تُبَرِّرُ الوَسِيلَةَ، وَمَا كَانَ أَصلُهُ حَرامٌ، لَا يَجُوزُ حِلُّهُ بِأَيِّ حالٌ.

إِنَّ ظاهِرَةَ الغِشِّ فِي التَّعلِيمِ لَهَا أَثَرُهَا السَّيِّئُ عَلَى تَقَدُّمِ الأُمَمِ؛ فَالغِشُّ بَلاءٌ ابتُلِيَ بِهِ طُلّابُ العِلمِ صِغارًا وَكِبارًا، فَهُوَ لَيسَ عَلَى مُستَوَى المَراحِلِ الِابتِدائِيَّةِ فَحَسبُ، بَل تَجاوَزَهَا إِلَى الثَّانَوِيَّةِ وَالجَامِعَةِ وَالدِّراسَاتِ العُليا، فَكَم مِن طالِبٍ قَدَّمَ بَحثًا لَيسَ لَهُ فِيهِ إِلَّا أَنَّ اسمَهُ عَلَى غِلافِهِ!! وَكَم مِن طالِبٍ قَدَّمَ مَشروعًا وَلَا يَعرِفُ عَمَّا فِيهِ شَيئًا!! وَكَم مِن طالِبٍ حَصَلَ عَلَى مَجموعٍ عالٍ فِي الشَّهادَةِ الثَّانَوِيَّةِ عَن طَرِيقِ الغِشِّ وَهُوَ لَا يُحسِنُ القِراءَةَ وَالكِتابَةَ!!

هَذِهِ الظَّاهِرَةُ الَّتِي أَنتَجَهَا الفِصامُ النَّكدُ الَّذِي يَعِيشُهُ كَثِيرٌ مِنَّا فِي مَجالاتٍ شَتَّى، نَعَمْ لَمَّا عاشَ كَثِيرٌ مِن طُلّابِنَا فِصامًا نَكدًا بَينَ العِلمِ وَالعَمَلِ، تَرى كَثِيرًا مِنهُم يُحاوِلُ أَن يَغُشَّ فِي الامتِحانَاتِ، وَهُوَ قَد قَرَأَ حَديثَ الرَّسُولِ ﷺ الَّذِي تَبَرَّأَ فِيهِ مِن الغِشّاشِ قائِلًا: مَن غَشَّ فَلَيسَ مِنِّي(مُسلِمٌ)، بَل رُبَّمَا يَقرَأُهُ عَلَى وَرَقَةِ الأَسئِلَةِ، وَلَكِن ذَلِكَ لَا يُحَرِّكُ فِيهِ سَاكِنًا؛ لِأَنَّهُ قَدِ استَقَرَّ فِي ذِهنِهِ أَنَّهُ لَا عَلاقَةَ بَينَ العِلمِ الَّذِي يَتَعَلَّمُهُ وَبَينَ العَمَلِ الَّذِي يَجِبُ أَن يَأتِيَ بِهِ بَعدَ هَذا العِلمِ، لِذَلِكَ حَرَّمَ الإِسلامُ كُلَّ صُوَرِ الغِشِّ، وَتَبَرَّأَ الرَّسُولُ ﷺ مِن كُلِّ الغِشَّاشِين.

إِنَّ الغِشَّ لَهُ أَثَرُهُ السَّيِّئُ عَلَى المُجتَمَعِ، فَهُوَ سَبَبٌ لِتَأَخُّرِ الأُمَّةِ، وَعَدمِ تَقَدُّمِهَا وَرُقِيِّهَا، وَذَلِكَ لِأَنَّ الأُمَمَ لَا تَتَقَدَّمُ إِلَّا بِالعِلمِ وَبِالشَّبابِ المُتَعَلِّمِ، فَإِذَا كَانَ شَبابُهَا لَا يَحصُلُ عَلَى الشَّهاداتِ العِلمِيَّةِ إِلَّا بِالغِشِّ، فَقُول لِي بِرَبِّكَ: مَاذَا سَوفَ يُنتِجُ لَنَا هَؤُلَاءِ الطَّلَبَةُ الغِشَّاشُون؟! مَا هُوَ الهَمُّ الَّذِي يَحمِلُهُ الوَاحِدُ مِنهُم؟! مَا هُوَ الدَّورُ الَّذِي سَيَقُومُ بِهِ فِي بِنَاءِ الأُمَّةِ؟! لَا شَيءَ، بَل غَايَةُ هَمِّهِ وَظِيفَةٌ بِتِلكَ الشَّهادَةِ المُزَوَّرَةِ، لَا هَمَّ لَهُ فِي تَقدِيمِ شَيءٍ يَنفَعُ الأُمَّةَ، أَو حَتَّى يُفَكِّرُ فِي ذَلِكَ؛ وَهَكَذَا تَبقَى الأُمَّةُ لَا تَتَقَدَّمُ بِسَبَبِ أُولَئِكَ الغِشَّشَةِ بَينَهَا، وَنَظرَةُ تَأَمُّلٍ لِلوَاقِعِ: نَرَى ذَلِكَ وَاضِحًا جَلِيًّا، فَعَدَدُ الطُّلّابِ المُتَخَرِّجِين فِي كُلِّ عَامٍ بِالآلافِ وَلَكِن قُول بِرَبِّكَ مَن مِنهُم يَختَرِعُ لَنَا؟! أَو يَكتَشِفُ؟! أَو يُقَدِّمُ مَشروعًا نَافِعًا لِلأُمَّةِ؟! قِلَّةٌ قَلِيلَةٌ لَا تَكَادُ تُذكَرُ!!

إِنَّ هَذا الغَاشَّ غَدًا سَيَتَوَلَّى مَنصِبًا، أَو يَكُونُ مُعَلِّمًا وَبِالتَّالِي سَوفَ يُمَارِسُ غِشَّهُ لِلأُمَّةِ، بَل رُبَّمَا عَلَّمَ طُلّابَهُ الغِشَّ، بَل إِنَّ الوَظِيفَةَ الَّتِي يَحصُلُ عَلَيهَا بِهَذِهِ الشَّهادَةِ المُزَوَّرَةِ، أَو الَّتِي حَصَلَ عَلَيهَا بِالغِشِّ سَوفَ يَكُونُ رَاتِبُهَا حَرامًا؛ لِأَنَّهُ بُنِيَ عَلَى حَرامٍ، وَأَيَّمَا جَسَدٌ نَبَتَ مِن حَرامٍ فَالنَّارُ أَولَى بِهِ.

إِنَّ الَّذِي يَغُشُّ قَدِ ارتَكَبَ عِدَّةَ مُخالَفاتٍ إِضافَةً إِلَى جَريمَةِ الغِشِّمِنهَا السَّرِقَةُ، وَالخِداعُ، وَالكَذِبُ، وَأَعظَمُهَا الِاستِهانَةُ بِاللهِ، وَتَركُ الإِخلاصِ، وَتَركُ التَّوَكُّلِ عَلَى اللهِ إِلخ.

فَعَلَينَا جَمِيعًا أَن نَتَعَاوَنَ فِي مُقاوَمَةِ هَذِهِ الظَّاهِرَةِ، كُلٌّ بِحَسَبِ استِطاعَتِهِ وَجُهدِهِ، فَالأَبُّ فِي بَيتِهِ، وَالمُعَلِّمُ وَالمُرشِدُ فِي المَدرَسَةِ وَالجَامِعَةِ كُلٌّ يَقُومُ بِالوَعضِ وَالإِرشادِ، وَكَذَلِكَ الدَّاعِيَةُ فِي خُطَبِهِ وَدُرُوسِهِ، وَالإِعلامُ بِوَسائِلِهِ المُختَلِفَةِ.

ثَانِيًا: ظَاهِرَةُ تَخْرِيبِ المُمتَلَكَاتِ العَامَّةِ.

بعضُ الناسِ بفهمِهِمُ المغلوطِ يستحلُّونَ المالَ العامَّ، ويقومونَ بتخريبِ الممتلكاتِ العامةِ، بحجَّةِ أنَّ لهم حقوقًا في هذه الأموالِ، ويستحلُّونَ بذلك الأموالَ العامةَ، وهذا من المفاهيمِ المغلوطةِ الخاطئةِ، لأنَّ المالَ العامَّ أعظمُ خطرًا من المالِ الخاصِّ الذي يمتلكُهُ أفرادٌ أو هيئاتٌ محددةٌ، ذلك لأنَّ المالَ العامَّ ملكُ الأمةِ وهو ما اصطلحَ الناسُ على تسميتِه “مالَ الدولةِ”، ويدخلُ فيهِ: الأرضُ التي لا يمتلكُها الأشخاصُ، والطرقُ والمرافقُ، ومياهُ البحارِ والأنهارِ والترعِ، والمعاهدُ والمدارسُ، والمستشفياتُ، والجامعاتُ غيرُ الخاصةِ، وكلُّ هذا مالٌ عامٌّ يجبُ المحافظةُ عليهِ، ومن هنَا تأتي خطورةُ هذا المالِ، فالسارقُ لهُ سارقٌ للأمةِ لا لفردٍ بعينِه، فإذا كان سارقُ فردٍ محددٍ مجرمًا تُقطعُ يدُهُ إنْ كان المسروقُ من حرزٍ وبلغَ ربعَ دينارٍ فصاعدًا، فكيفَ بمن يسرقُ الأمةَ ويبددُ ثرواتِها أو ينهبُها؟! كيفَ تكونُ صورتُهُ في الدنيا وعقوبتُهُ في الآخرةِ؟!

اعلموا أنَّ الأمرَ جدُّ خطيرٍ، إياكم إياكم من التعدي على المالِ العامِّ بجميعِ صورِ التعدي، قولوا لكلِّ من أخذَ المالَ العامَّ واستحلَّهُ، أنَّهُ يأتي بهِ حاملًا على رقبتِه يومَ القيامةِ، يقولُ تعالى: {وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ}. (آل عمرانَ: 161). وروى الشيخانِ عن أبي هريرةَ رضي اللهُ عنهُ قالَ: “قام فينا النبيُّ ﷺ فذكرَ الغلولَ، فعظمَهُ وعظمَ أمرَهُ، قال: لا ألفينَّ أحدَكم يومَ القيامةِ على رقبتِه شاةٌ لها ثغاءٌ، على رقبتِه فرسٌ له حمحمةٌ، يقولُ: يا رسولَ اللهِ، أغثني، فأقولُ: لا أملكُ لكَ شيئًا؛ قد أبلغتُك، وعلى رقبتِه بعيرٌ له رغاءٌ، يقولُ: يا رسولَ اللهِ، أغثني، فأقولُ: لا أملكُ لكَ شيئًا؛ قد أبلغتُك، وعلى رقبتِه صامتٌ، فيقولُ: يا رسولَ اللهِ، أغثني، فأقولُ: لا أملكُ لكَ شيئًا؛ قد أبلغتُك، أو على رقبتِه رقاعٌ تخفقُ، فيقولُ: يا رسولَ اللهِ، أغثني، فأقولُ: لا أملكُ لكَ شيئًا؛ قد أبلغتُك“.

فمن غلَّ شاةً جيءَ بها يومَ القيامةِ تيعرُ وهي على كتفِه، ومن غلَّ بعيرًا جاءَ يحملُهُ يومَ القيامةِ ولهُ رغاءٌ يسمعُهُ أهلُ الموقفِ على كتفِه، ومن غلَّ فرسًا جاءَ يحملُهُ يومَ القيامةِ ولهُ حمحمةٌ، ومن غلَّ شيئًا قليلًا أو كثيرًا إلا جُعلَ ناطقًا أمامَهُ، حتى الذهبِ والفضةِ، من غلَّ صامتًا، أي ذهبًا أو فضةً جاءَ بهِ يومَ القيامةِ يحملُهُ!!

إنَّ الكثيرَ منا قد تساهلَ في أمرِ المالِ العامِّ تساهلًا عظيمًا في هذا الزمانِ:

أحدُهم يضعُ هاتفَهُ الجوالَ جانبًا ثم يتكلمُ من هاتفِ العملِ في أمورِه الشخصيةِ!! وآخرُ يستخدمُ سيارةَ العملِ في قضاءِ حاجياتِه وحاجةِ أولادِه!! وثالثٌ لا يأبهُ من الخروجِ مبكرًا من العملِ بحجةِ أنَّهُ لا يوجدُ تقديرٌ للموظفِ من حيثُ الراتبِ أو العلاواتِ فهو ينتقمُ بطريقتِه الخاصةِ!! ورابعٌ يستخدمُ حاسوبَ العملِ في طباعةِ أوراقِه الخاصةِ!! وخامسٌ يستخدمُ فاكسَ الدائرةِ الحكوميةِ في إرسالِ سيرتِه الذاتيةِ هنا وهناك!! وسادسٌ يحملُ معهُ أقلامَ وأدواتِ العملِ إلى البيتِ ليوزعَها على أطفالِه!! وغيرُ ذلك من صورِ التعدي على المالِ العامِّ!! فأينَ نحنُ جميعًا من منهجِ سلفِنا الصالحِ في أعمالِهم وورعِهم وتقواهُم؟!!

ألا فبادرْ بالتوبةِ، فبابُ التوبةِ مفتوحٌ لكلِّ من أخذَ مالًا خاصًا من أخيهِ، أو عامًّا من الدولةِ، أنْ يردَّ ما أخذَ من مظالمِ أهلِها، قبلَ أنْ يحملَ مظلمتَهُ على رقبتِه في الآخرةِ، ويُفضحَ بها على رؤوسِ الخلائقِ يومَ القيامةِ.

ثالثًا: ظاهرة الخلافات الأسرية وكونها سببا من أسباب الطلاق.

لقد اهتمَّ الإسلامُ بالأسرةِ اهتمامًا كبيرًا؛ لأنَّ الأسرةَ هي قوامُ المجتمعِ، وجعلَ الزواجَ بناءَ هذه الأسرةِ، وأحاطَهُ بسياجِ السكنِ والمودةِ والرحمةِ، وأخذَ الميثاقَ الغليظَ على الزوجينِ في استمراريةِ العلاقةِ الزوجيةِ، فقالَ تعالَى: {وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا} (النساء: 21)، يقولُ القاسميُّ: ” وَأَخَذْنَ مِنكُم ميثَاقاً غَلِيظاً ” أي : عهداً وثيقاً مؤكداً مزيدَ تأكيدٍ، يعسرُ معَهُ نقضُهُ، كالثوبِ الغليظِ يعسرُ شقُّهُ. وقالَ الزمخشريُّ: الميثاقُ الغليظُ حقُّ الصحبةِ والمضاجعةِ، ووصفَهُ بالغلظِ لقوتِهِ وعظمِهِ “.  ( محاسن التأويل).

وَنَظَرًا لِضُغُوطِ الْحَيَاةِ وَالْمَسْئُولِيَّةِ الْمُلْقَاةِ عَلَى عَاتِقِ الزَّوْجَيْنِ، فَإِنَّ الزَّوْجَيْنِ يَعْتَقِدَانِ أَنَّ إِنْهَاءَ الْعَلَاقَةِ الزَّوْجِيَّةِ بِالطَّلَاقِ، هُوَ الْمَلَاذُ الْآمِنُ وَنِهَايَةُ الْمَطَافِ بِالْحَيَاةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ الْجَدِيدَةِ السَّعِيدَةِ، وَذَلِكَ مِنْ خِلَالِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا﴾ (النِّسَاء: 130). وَهَذَا فَهْمٌ خَاطِئٌ، لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَهُ آثَارُهُ الْمُدَمِّرَةُ لِلْفَرْدِ وَالْمُجْتَمَعِ، فَهُوَ مُشْكِلَةٌ أُسْرِيَّةٌ عَظِيمَةٌ، بِسَبَبِهَا تَفَرَّقَتِ الْأُسَرُ، وَتَهَدَّمَتِ الْبُيُوتُ، وَضَاعَتِ الذُّرِّيَّةُ وَتَأَخَّرُوا فِي التَّعْلِيمِ وَالدِّرَاسَةِ، وَقُطِعَتِ الْأَرْحَامُ وَالصِّلَاتُ، وَكَثُرَتِ الْآثَامُ، وَانْعَدَمَتِ الرَّحْمَةُ وَالشَّفَقَةُ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنَ الْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ، وَانْتَشَرَتِ الْجَرَائِمُ فِي الْمُجْتَمَعِ، وَكَثُرَتِ الْأَمْرَاضُ النَّفْسِيَّةُ عِنْدَ الْأَبْنَاءِ وَالْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ، وَتَزَعْزَعَ الْأَمْنُ وَالِاسْتِقْرَارُ، وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنَ الْمَخَاطِرِ وَالْآثَارِ السَّيِّئَةِ عَلَى الْفَرْدِ وَالْمُجْتَمَعِ.

لِهَذَا فَإِنَّ إِبْلِيسَ يَبْعَثُ جُنُودَهُ فِي الْأَرْضِ، وَيَجْعَلُ الْجُنْدِيَّ الْبَارِعَ الَّذِي فَرَّقَ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ وَهَدَمَ الْأُسْرَةَ أَقْرَبَهُمْ مِنْهُ مَنْزِلَةً. فَعَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِنَّ إِبْلِيسَ يَضَعُ عَرْشَهُ عَلَى الْمَاءِ، ثُمَّ يَبْعَثُ سَرَايَاهُ، فَأَدْنَاهُمْ مِنْهُ مَنْزِلَةً أَعْظَمُهُمْ فِتْنَةً، يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ: فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا، فَيَقُولُ: مَا صَنَعْتَ شَيْئًا، قَالَ ثُمَّ يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ: مَا تَرَكْتُهُ حَتَّى فَرَّقْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ، قَالَ: فَيُدْنِيهِ مِنْهُ وَيَقُولُ: نِعْمَ أَنْتَ». قَالَ الْأَعْمَشُ: أُرَاهُ قَالَ: «فَيَلْتَزِمُهُ» (مسلم). فَعَلَيْنَا أَنْ نَتَنَبَّهَ لِذَلِكَ، وَأَنْ نَتَذَكَّرَ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا﴾. وَقَوْلَ الرَّسُولِ ﷺ: «لَا يَفْرَكْ [أَيْ لَا يُبْغِضْ] مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً، إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ» (مسلم).

 وكما قالَ الشاعرُ: إِذَا أَنْتَ لَمْ تَصْبِرْ مِرَارًا عَلَى الْقَذَى …… ظَمِئْتَ وَأَيُّ النَّاسِ تَصْفُو مَشَارِبُهْ

وأخيرًا: نداءٌ ورسالةٌ إلى الزوجينِ:

فأقولُ للزوجِ: أيُّها الزوجُ، يا مَن تريدُ طلاقَ زوجَتِكِ، كيفُ هي حياتُكَ بعدَهَا؟ وكيف سيكونُ أبناؤُكَ وبناتُكَ؟ وإلى أيِّ مآلٍ ستتجهُ حياتُكَ واهتماماتُكَ؟ فاللهَ اللهَ في الحكمةِ والصبر، والتدرجِ في معالجةِ الأمورِ، وجَرِّبِ النُّصْحَ لِزَوْجِكَ، وامتثلْ قولَهُ تعالى: { وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا }.(النساء: ) وَحَاوِلِ الصُّلْحَ بِحَكَمٍ مِنْ أَهْلِهَا وَحَكَمٍ مِنْ أَهْلِكَ. { وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا }.(النساء: ). وكنْ لزوجِكَ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: ” خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لأَهْلِي” .(الترمذي وحسنه). واحذرْ من الغفلةِ والغضبِ التي توردُكَ مواردَ الندمِ والحسرةِ.

وأقولُ للزوجةِ: أيّتُها الزوجةُ، يا مَن تريدينَ الطلاقَ، استشعرِي ما هو حالُكِ بعدَ أنْ تفقدِي نعمةَ الزوجِ، سيئولُ للعنوسةِ والوحدةِ والانطواءِ، وحملِ لقبٍ منبوذٍ في المجتمعِ (مطلقة)، وقد لا يقدرُ اللهُ لكِ زواجًا آخرَ، واصبرِي على علّاتِ زوجِكِ، واحتسبِي الأجرَ على ذلك، وانظرِي إلى مواطنِ الإيجابيةِ فيه، واعلمِي أنّ طاعتكِ لزوجكِ وخدمتكِ لأولادكِ طريقٌ إلى الجنة، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:  «إِذَا صَلَّتِ الْمَرْأَةُ خُمُسَهَا، وَصَامَتْ شَهْرَهَا، وَحَصَّنَتْ فَرْجَهَا، وَأَطَاعَتْ بَعْلَهَا دَخَلَتْ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شَاءَتْ».( ابن حبان وصححه الأرنؤوط)، واحذرِي أنْ تطلُبِي منهُ الطلاقَ من غيرِ سببٍ واضحٍ، فذلك ذنبٌ عظيمٌ وعقوبتُهُ عظيمةٌ. فعَنْ ثَوْبَانَ رضي اللهُ عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: ” أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا الطَّلاَقَ فِي غَيْرِ مَا بَأْسٍ فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّةِ “(ابن ماجة بسند صحيح).

فما أجملَ أنْ يعيشَ الزوجانِ في عشِّ الزوجيةِ تحتَ ظلالِ الحبِّ والسكنِ والمودةِ والرحمةِ، حتى يسودَ الأمنُ والاستقرارُ بينَ الأسرِ وأفرادِ المجتمعِ.

فعليكُم التحملَ والصبرَ والرضا، فالميثاقُ الغليظُ الذي بين الزوجينِ يقتضِي أنْ يتحملَ كلٌّ منهما هفواتِ الآخر، يقولُ أبو الدرداءِ -رضي اللهُ عنه- لزوجتِهِ أمِّ الدرداء: ” إذا رأيتنِي غاضبًا فرضِّينِي، وإذا رأيتُكِ غضبَى رضَّيتُكِ. وإلّا لم نصطحبْ”. فبالودِّ والمسامحةِ والمحبةِ تدومُ العشرةُ، وبدونِهَا لا توجدُ ألفةٌ ولا عشرةٌ.

ولو أنّ كِلَا الزوجينِ وقفَ عندَ هفواتِ الآخرِ، ما استمرتْ الحياةُ، بل صارتْ إلى هدمٍ وزوالٍ، وما صارَ أحدٌ مع زوجتِهِ في المجتمعِ كلِّه، فلابدَّ لكلٍّ منهُمَا أنْ يتحملَ صاحبَهُ، حتى تستقرَّ الأسرُ والمجتمعُ.

نسألُ اللهَ أنْ  يلهمنا رشدنا وصوابنا ،  وأنْ يحفظَ مصرَنَا مِن كلِّ مكروهٍ وسوءٍ .

الدعاء،،،،،،،      وأقم الصلاة،،،،،        كتبه : خادم الدعوة الإسلامية  د / خالد بدير بدوي

_____________________________________

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

وللإطلاع علي قسم خطبة الجمعة

 

تابعنا علي الفيس بوك

 

الخطبة المسموعة علي اليوتيوب

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

وللمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

اظهر المزيد

كتب: د.أحمد رمضان

الدكتور أحمد رمضان حاصل علي الماجستير من جامعة الأزهر بتقدير ممتاز سنة 2005م ، وحاصل علي الدكتوراه بتقدير مع مرتبة الشرف الأولي من جامعة الأزهر الشريف سنة 2017م. مؤسس جريدة صوت الدعاة ورئيس التحرير وكاتب الأخبار والمقالات المهمة بالجريدة، ويعمل بالجريدة منذ 2013 إلي اليوم. حاصل علي دورة التميز الصحفي، وقام بتدريب عدد من الصحفيين بالجريدة. للتواصل مع رئيس التحرير على الإيميل التالي: ahmed_dr.ahmed@yahoo.com رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) للمزيد عن الدكتور أحمد رمضان رئيس التحرير أضغط في القائمة علي رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

زر الذهاب إلى الأعلى