web analytics
أخبار عاجلة

الأمن في الإسلام، ومحاربة الدعوات الهدامة للشيخ عبد الناصر بليح

الأمن في الإسلام

 

         الحمد لله رب العالمين..يارب لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك..

نحمده سبحانه وتعالي  علي نعمة الأمن والإيمان والسلامة والإسلام وكفي بها نعمة..

     وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في سلطانه ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين .

     وأشهد أن سيدنا محمداً عبد الله ورسوله وصفيه من خلقه وحبيبه ..:”عن علي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” إنها ستكون فتن ” قال : فما المخرج منها يا رسول الله ؟ قال : ” كتاب الله فيه نبأ ما قبلكم وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم هو الفصل ليس بالهزل من تركه جباراَ قصمه الله ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله وهو حبل الله المتين وهو الذكر الحكيم وهو الصراط المستقيم وهو الذي لا تزيغ به الأهواء ولا تلتبس به الألسن ولا تنقضي عجائبه ولا تشبع منه العلماء من قال به صدق ومن عمل به أجر ومن حكم به عدل ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم ” (الترمذي)..

  اللهم صلي علي محمد وعلي آله وصحبه وسلم . أما بعد :

    فيا جماعة الإسلام :”

إن قضية الأمن تعد قضية جوهرية بالنسبة لكل الأمم والشعوب,فإذا انعدم الأمن في مجتمع ما لا يمكن أن يتحقق لهذا المجتمع أي تقدم أو تنمية علي أي مستوي من المستويات,ولا يمكن لأي شعب أن يبني حضارة أو يحدث تطوراَ علمياَ أو أدبياَ بدون الأمن .

والبديل للأمن هو الخوف والتوجس والريبة والفوضي والعدوان علي حقوق الإنسان فرداَ  كان أم جماعة.

ومن أجل ذلك وجدنا القرآن الكريم يهتم بإبراز قيمة الأمن لما لها من أهمية بالغة في حياة الأمم والشعوب والأفراد والجماعات .وقد ورد مفهوم الأمن في كثير من آيات القرآن الكريم في مقابل الخوف .ومن ذلك قوله تعالي:” وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْد ِخَوْفِهِمْ أَمْنًا“(النور/55).

وقوله تعالي :” وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ“(النمل/89).وقوله:”يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ“(القصص/31).

ويقول الله تعالي:”وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَو رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا”.(النساء/83).

والأمر الجدير بالذكر في هذا المقام أن مصطلح الأمن يشترك في أصله الاشتقاقي مع الإيمان والأمانة .وهذا أمر له دلالته .فالمؤمن لا يخاف إلا الله ولا يخشي أحداَ سواه.فالإيمان الحقيقي من شأنه أن يملأ القلب والعقل ثقة بالله وعونه ونصره طالما كان المؤمن أميناَ علي عقيدته وقيمه الأخلاقية ,وفي هذا الصدد يقول الله تعالي:”الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ“(الأنعام/82).         

    أخوة الإيمان والإسلام “

إن الأمن لا يعني مجرد السلامة البدنية والجسدية للفرد، بل هو حالة شعورية من الرضا النفسي الناشئ عن الإيمان بالله، والاطمئنان إلى سيادة الحق والقانون، وضمان حق التعلم والرعاية الصحية والاجتماعية، وضمان حرية التفكير والتعبير، وحفظ الكرامة الإنسانية، وضمان التساوي في الفرص بين الجميع في الحصول على المناصب والوظائف والأعمال، والقبول بدور الفرد في تحقيق التنمية لنفسه ولوطنه ولأمته، وتعزيز الانتماء للوطن، وتأكيد الثقة والأمل في النظر إلى المستقبل.

    وقد كان الإسلام واضحًا غاية الوضوح، وهو يمنع ويحرم كافة أشكال التخويف للمسلم، بدءًا من تحريم تخويفه وتهديده بالقتل، وانتهاءً بتحريم ترويعه ولو على سبيل الهزل والمداعبة، فقال صلى الله عليه وسلم: “لاَ يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُرَوِّعَ مُسْلِمًا” (أبو داود).

وهذا هو ما يدفع الشخص إلى الإيجابية، والمشاركة الفاعلة، والإبداع في عملية التنمية، وبذل أقصى الجهد، وتقديم أنْفَس التضحيات لحماية الجماعة أو الدولة التي يعيش فيها. وهذا الشعور إذا تحقَّق للأفراد والهيئات داخل دولة ما؛ كفيل بالحفاظ على السيادة الوطنية، وتحقيق التقدم العلمي والاقتصادي، وتمكين التفوق العسكري، وحريٌّ بأن يدفع الأمة إلى موقع الصدارة، ويحقق لها كل الآمال في النهضة والتقدم.

    إن الأمن والأمان نعمة من الله عزوجل ما بعدها نعمة فهي من أجل نعم الله عزوجل علي بني خلقه  حيث ذكر الله عزوجل الأمن علي لسان خليل الله إبراهيم في القرآن الكريم أكثر من مرة فتارة يقدمه علي الرزق فيقول تعالي:”وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ..”(البقرة/126).

وتارة يقدمه علي العقيدة فيقول:”وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ“(إبراهيم/35).      

وتقديم  خليل الله إبراهيم في دعائه نعمة الأمن علي غيرها من النعم لأنها أعظم أنواع النعم ولأنها إذا فقدها الإنسان اضطرب فكره وصعب عليه أن يتفرغ لأمور الدين أو الدنيا بنفس مطمئنة ، وبقلب خال من المنغصات المزعجات .

كما قدم المولي عزوجل الخوف علي الجوع والفقر وموت الأحباب وتلف الزروع  والثمار فقال تعالي :”وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ“(البقرة/155-157).           

 كما قدم المولي عز وجل نعمة الأمن علي الهداية

فالمؤمن الموحد بالله يركن إلي ركن شديد ,فلا يخاف ,فهو في أمن دائم ,وهو الأحق بالأمن ,لأنه يعلم أنه سوف يحصل علي إحدى الحسنيين :النصر أو الشهادة,وهو لم يجعل لربه نداَ ولا شريكاَ ولا شبيهاَ ولا نظيراَ قال تعالي:”الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ   الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ “(الأنعام/82).

  وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال لما نزلت الآية شق ذلك علي الناس ,وقالوا يا رسول الله ,أينا لم يظلم نفسه ؟قال :إنه ليس الذي تعنونه ,ألم تسمعوا ما قال العبد الصالح :”يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ   بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ “إنما هو الشرك “.(البخاري).

والأمن مقدم علي الصحة

      قال الإِمام الرازي:”سئل بعض العلماء : الأمن أفضل أم الصحة؟ فقال الأمن أفضل ، والدليل عليه أن شاة لو انكسرت رجلها فإنها تصح بعد زمان ، ولا يمنعها هذا الكسر من الإِقبال على الرعى والأكل والشرب .

ولو أنها ربطت – وهى سليمة – فى موضع ، وربط بالقرب منها ذئب ، فإنها تمسك عن الأكل والشرب ، وقد تستمر على ذلك إلى أن تموت .

   وذلك يدل على أن الضرر الحاصل من الخوف ، أشد من الضرر الحاصل من ألم الجسد . لذلك قال رسول الله صلي الله عليه وسلم:”من أصبح منكم آمنا في سربه معافى في جسده عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها“(الترمذي وصححه  ).‌ 

وقرن المولي عزوجل الإطعام والأمن:

فمن البديهيات التي لا يختلف عليها العقلاء؛ أنه لا يمكن أن تقوم حياة إنسانية كريمة إلا في ظلال أمنٍ وافرٍ، يطمئن الإنسان معه على نفسه وأسرته ومعاشه، ويتمكَّن في ظله من توظيف ملكاته وإطلاق قدراته للبناء والإبداع، وقد جمع الله في الامتنان على قريش بين نعمتَي الأمن والإطعام؛ ليبيِّن أن إحداهما لا تقلُّ أهمية عن الأخرى، ولا تُغني عنها،وأمرهم الله سبحانه وتعالي أمراَ جازماَ بالتوحيد ومتابعة النبي صلي الله عليه وسلم ,وأن ذلك أقل ما يكون في مقابلة نعمة الأمن التي يشعرون بها دون غيرهم من العرب فقال تعالى:”فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ (3)الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآَمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ”(قريش/4,3 ).

أيها الناس :”

لقد  أثار القرآن الكريم انتباه الإنسان بشدة إلى حاجته الملحة للشعور بالأمن ، ليس فقط من مختلف الأخطار المحدقة بحياته، بل أولاً من عذاب الله ومكره ، ومن خسف الأرض، ومن الأعاصير والفيضانات ، ومن الرياح المحملة بالحصباء ومن الجوع والخوف والنقص في الأنفس والثمرات , وأكد كتاب الله أن الأمن الحقيقي الكامل هو أمن الإنسان في الدار الآخرة ، والذي يتقرر بدءً ونهاية في هذه الدنيا فلا ينال أحد من الخلق الأمن إلا بسببين هما :

1-الإيمان بالله.

2-العمل الصالح .

فلا سعادة للإنسان بدونهما في الدارين كما قال تعالى:”الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بذكر الله تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ“(الرعد/28).

      إن الأمن النفسي الذي يتحقق بالدين الحق، يغلق منافذ الخوف كلها في نفس الإنسان المؤمن فلا يخاف إلا الله: لا يخاف من البشر ، ولا من المخلوقات الظاهر منها والخفي ، كما لا يخاف من المجهول أو الموت ولا ما بعده لأنه عرّف الحقيقة ، وانكشفت له الغاية من خلقه، وهذا ما أكده كتاب الله في قوله تعالى:”  الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ“(الأنعام/82).    

بل قد قرن كتاب الله نعمة الأمن بنعمة الطعام في قوله تعالى:” الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ”(قريش/4).    

      إن الفرد والأسرة والمجتمع يحتاجون إلى أمرين ضروريين هما الكفاية والأمن ، وقد أعطى كتاب الله الأمن درجة من الأهمية تناسب درجة الحاجة إليه والشواهد على ذلك كثيرة تتضح مع ما سبق من الآيات في الآيات الآتية : قال تعالى: مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ“(النحل/97).وقال تعالي:” وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ “(المائدة/9). وقال تعال :”وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ   بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ   بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ“(الأعراف/96). وقال تعالي:”إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ“(فصلت/40).إن هذه الآيات كلها تبين الشروط التي يمكن يحصل من خلالها الإنسان على الأمن الإلهي في الدنيا والآخرة .

إن الله جعل الإيمان سببا للأمن وطيب الحياة والتمكين والاستخلاف في الأرض ونزول البركات من السماء، والثبات في الدنيا والآخرة وحصول الأجر الوفير في الآخرة ، وحسن العافية وتكفير السيئات ، وعدم الخزي والخذلان يوم القيامة .

 

أخوة الإسلام :”  و للأمن في السنة النبوية المطهرة مكانة عظيمة فقد أولت السنة المطهرة الأمن عناية فائقة لما له من أهمية عظيمة وجليلة في حياة المسلمين خاصة والناس عامة ..

 

  وأما النصوص التي تدّل على الأمن في السنة النبوية فكثيرة منها على سبيل المثال لا الحصر . قوله صلي الله عليه وسلم :”لا يحل لمسلم أن يروع مسلما (أبو داود).

 والحديث له قصة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال حدثنا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أنهم كانوا يسيرون مع النبي صلى الله عليه وسلم فنام رجل منهم فانطلق بعضهم إلى حبل معه فأخذه ففزع فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحل لمسلم أن يروع مسلما صحيح الترغيب والترهيب – (3 / 42).

   وقال صلى الله عليه وسلم:” من أشار إلى أخيه بحديدة فإن الملائكة تلعنه حتى ينتهي وإن كان أخاه لأبيه وأمه“( مسلم).

وقوله : من نظر إلى أخيه نظرةً يخيفه بها أخافه الله يوم القيامةالبيهقي “.

وقوله:من حمل علينا السلاح فليس منا ” (البخاري ومسلم).

وقوله: “المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يكذبه ، ولا يحقره ، التقوى هاهنا ، ويشير إلى صدره ثلاث مرات، بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام : دمه وماله وعرضه(صحبح).

ومن دعائه عليه الصلاة والسلام قوله :”اللهم إني أسألك الأمن يوم الخوف“(البخاري في الأدب المفرد).

وقرن النبي صلى الله عليه وسلم الإسلام والإيمان بالأمن

 فقال صلى الله عليه وسلم: “الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ، وَالْمُؤْمِنُ مَنْ أَمِنَهُ النَّاسُ عَلَى دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ” (الترمذي وصححه).   المسلم الحقيقي الذي تظهر عليه آثار الإسلام وشعائره وأماراته، هو الذي يكف أذى لسانه ويده عن المسلمين، فلا يصل إلى المسلمين منه إلا الخير والمعروف.

  ففي هذه الأحاديث وغيرها دعوة من النبي صلي الله عليه وسلم وحث منه على كل عمل يبعث الأمن والاطمئنان في نفوس المسلمين ، كما فيها نهي عن كل فعل يبعث الخوف والرعب بين المسلمين قليلا كان ذلك أو كثيرا ، باعتبار أن الأمن من أجلّ النعم التي تفضل الله بها على عباده ، ولذلك نهى عليه والصلاة والسلام أن يروع المسلم أخاه المسلم .

  كما جعل عليه الصلاة والسلام أن تحقق الأمن للإنسان بمثابة ملك الدنيا بأسرها، فكل ما يملكه الإنسان في دنياه لا يستطيع الانتفاع به إلا إذا كان آمنا على نفسه ورزقه . عن عبدا لله بن محصن قال:”قال رسول الله صلي الله عليه وسلم:” من أصبح منكم آمنا في سربه معافى في بدنه عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها( الترمذي ). ‌ 

  ورغم ما تعرض له ووقع علي المسلمين الأوائل من إرهاب في مكة من الإيذاء والعدوان عليهم، فلقد تحمل أبو بكر الصديق صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وثاني اثنين إذ هما في الغار، الكثير من الأذى والعنف في أول الإسلام، حتى فكر في الهجرة بدينه إلى الحبشة، وقد ضربه المشركون في المسجد الحرام ومنهم عتبة بن ربيعة، حتى أدموه واستنقذه أهله.

  وممَّن تعرض للأذى والعدوان والتعذيب، عبد الله بن مسعود، ومصعب بن عمير، وعثمان بن مظعون، وآل ياسر، الذين يضرب بهم المثل فيما لقيه أوائل المؤمنين من المشركين. كما لقي بلال بن رباح، وكثير من المستضعفين من الناس، إرهاباً وتخويفاً من أهل الكفر والشرك.

وكان ذلك الإرهاب والعنف، وافتقاد الناس للأمن في حياتهم – الأمن على النفس والأمن على العقيدة وعلى المال – في زمن لم تكن فيه سلطة ولا ولاية للمسلمين، وكان أمر المجتمع بيد كبار المجرمين من أهل الشرك، فأسرفوا في حرمان المسلمين الأوائل من الأمن في بلدهم، حتى اضطَروا كثيرا منهم إلى الهجرة إلى بلاد بعيدة، وهي بلاد الحبشة، حيث ملك عادل يضمن للناس أمنهم وسلامتهم، حتى وإن كانت عقيدتهم تخالف عقيدة أهل ملكه من النصارى.

وهكذا ظل كفار مكة من وقت بدء الإسلام ومبعث نبيه صلى الله عليه وسلم، يقاومون دين الحق، وينالون أهله والمؤمنين به بالعذاب، ولا يأمن فيها مسلم على دينه. حتى أذن الله بقيام دولة الإسلام في المدينة المنورة بعد الهجرة الشريفة إليها، حيث قامت دولة الإسلام الأولى، وأصبح السلطان بيد المسلمين وتحت الولاية الكاملة للرسول صلى الله عليه وسلم.

ورغم كل هذه القسوة والعنف والإرهاب فلم يقابل الرسول صلي الله عليه وسلم هذا الإرهاب والعنف بمثله ولكنه صلي الله عليه وسلم أراد أن يؤسس دولته علي الأمن والأمان للناس جميعاً ..

 فحذر من كفر هذه النعمة وجحودها والتفريط فيها فقال تعالي :”وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ“(النحل/112).   

كما عمل الإسلام علي إقامة الحدود وإقامة العدل في المجتمع وحرص علي أن يكون القضاء نزيهاَ شامخاَ حتي إذا ما أخذ المظلوم حقه من الظالم أطمئن وشعر بالأمن والأمان .. فلا يثور ولا يغضب وإذا ما ثار سرعان ما يهدأ بسبب شعوره بالعدل..

   كما عمل الإسلام علي محاربة الفساد بكل أشكاله وألوانه فنظر إلي الموظف علي أنه  بشر يصيب ويخطيء ولابد من رعايته خلقياَ ومعيشياَ وصحياَ وتأمينياَ.

   كما اهتم الإسلام بالجيوش والقوات التي تؤمن الحدود وتحمي البلاد في الخارج والداخل .

كما اهتم الإسلام بحماية العقيدة من الزيغ والشطط والغلو فدعي إلي الوسطية وعدم المغالاة وحذر من الفرق الضالة ..فعن أنس. يقول صلي الله عليه وسلم :”إن بني إسرائيل افترقت على إحدى وسبعين فرقة وإن أمتي ستفترق على اثنتين وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة وهي الجماعة“.(صححه الألباني). ‌  

    و عن عوف بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة فواحدة في الجنة وسبعون في النار وافترقت النصارى على ثنتين وسبعين فرقة فإحدى وسبعون في النار وواحدة في الجنة والذي نفس محمد بيده لتفترقن أمتي على ثلاث وسبعين فرقة واحدة في الجنة وثنتان وسبعون في النار قيل يا رسول الله من هم قال الجماعة“(صحيح ).

 

الخطبة الثانية :

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي أشرف المرسلين .. وبعد

    فيا جماعة الإسلام “

قد شدد الإسلام في دعوته  لتحقيق الأمن والأمان لذلك وقف بحزم تجاه هؤلاء الذين يروعون الآمنين ويخربون في الأرض”إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُواأَوْيُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ  لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ” (المائدة/33).

ونهي الإسلام عن الفتنة: بكل صورها وأشكالها “وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِين ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ“(الأنفال/25).

كما أمر بالتصدي لها فقال تعالي :” وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ “(الأنفال /39).

 كما حذر الإسلام من إشاعة الفتنة في المجتمع لأنها ستفرق المجتمع وتشيع فيه الفوضي فعن أهبان بن صيفي.عن النبي صلي الله عليه وسلم :” إنه ستكون فرقة واختلاف فإذا كان كذلك فاكسر سيفك واتخذ سيفا من خشب واقعد في بيتك حتى تأتيك يد خاطئة أو منية قاضية.(أحمد).

وكان رسول الله صلي الله عليه وسلم يستعيذ بالله من الفتنة دائماَ ” اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل والجبن والبخل والهرم وأعوذ بك من عذاب القبر وأعوذ بك من عذاب النار وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات .”(أحمد وصححه  ).

وكان رسول الله صلي الله عليه وسلم يستعيذ بالله من الفتنة دائماَ ” اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل والجبن والبخل والهرم وأعوذ بك من عذاب القبر وأعوذ بك من عذاب النار وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات .”(أحمد وصححه  ).

وقال صلي الله عليه وسلم :”إنها ستكون فتنة القاعد فيها خير من القائم والقائم خير من الماشي والماشي خير من الساعي قيل أفرأيت إن دخل علي بيتي قال كن كابن آدم”(صحيح الجامع).‌وورد أيضاَ عن أنس رضي الله عنه “الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها.(تخريج السيوطي). 

وقال صلي الله عليه وسلم :”إنها ستكون فتنة القاعد فيها خير من القائم والقائم خير من الماشي والماشي خير من الساعي قيل أفرأيت إن دخل علي بيتي قال كن كابن آدم”(صحيح الجامع).‌وورد أيضاَ عن أنس رضي الله عنه “الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها.(تخريج السيوطي).

 

 

 

 

عن admin

مجلس إدارة الجريدة الدكتور أحمد رمضان الشيخ محمد القطاوي رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) تليفون (phone) : 01008222553  فيس بوك (Facebook): https://www.facebook.com/Dr.Ahmed.Ramadn تويتر (Twitter): https://twitter.com/DRAhmad_Ramadan الأستاذ محمد القطاوي: المدير العام ومسئول الدعم الفني بالجريدة. الحاصل علي دورات كثيرة في الدعم الفني والهندسي للمواقع وإنشاء المواقع وحاصل علي الليسانس من جامعة الأزهر.

شاهد أيضاً

 حرمة الزمان والأشهر الحرم، للدكتور خالد بدير

 حرمة الزمان والأشهر الحرم، للدكتور خالد بدير

 حرمة الزمان والأشهر الحرم، للدكتور خالد بدير. لتحميل المقال بصيغة word أضغط هنا لتحميل المقال …

خطبة الجمعة القادمة 10 مايو 2024م بعنوان : التنمر والسخرية وأثرهما المدمر علي الفرد والمجتمع ، للدكتور عمر مصطفي، بتاريخ 2 ذو القعدة 1445هـ ، الموافق 10 مايو 2024م

خطبة الجمعة القادمة 10 مايو 2024م بعنوان : التنمر والسخرية وأثرهما المدمر علي الفرد والمجتمع ، للدكتور عمر مصطفي

خطبة الجمعة القادمة 10 مايو 2024م بعنوان : التنمر والسخرية وأثرهما المدمر علي الفرد والمجتمع ، …

خطبة الجمعة القادمة بعنوان : التنمر والسخرية وأثرهما المدمر على الفرد والمجتمع ، للدكتور محمد حرز ، بتاريخ 2 ذو القعدة 1445هـ ، الموافق 10 مايو 2024م

خطبة الجمعة القادمة بعنوان : التنمر والسخرية وأثرهما المدمر على الفرد والمجتمع ، للدكتور محمد حرز

خطبة الجمعة القادمة بعنوان : التنمر والسخرية وأثرهما المدمر على الفرد والمجتمع ، للدكتور محمد …

خطبة الجمعة القادمة 10 مايو 2024م بعنوان : التنمر وأثره المدمر للفرد والمجتمع ، للشيخ خالد القط ، بتاريخ 2 ذو القعدة 1445هـ ، الموافق 10 مايو 2024م

خطبة الجمعة القادمة 10 مايو 2024م : التنمر والسخرية وأثرهما المدمر علي الفرد والمجتمع ، للشيخ خالد القط

خطبة الجمعة القادمة 10 مايو 2024م بعنوان : التنمر والسخرية وأثرهما المدمر علي الفرد والمجتمع ، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

Translate »