web analytics
أخبار عاجلة
خطبة الجمعة القادمة بعنوان : النبي (صلى الله عليه وسلم) كما تحدث عن نفسه ، للدكتور محمد حرز ، بتاريخ 16 صفر 1445هـ ، الموافق 1 سبتمبر 2023م
خطبة الجمعة القادمة بعنوان : النبي (صلى الله عليه وسلم) كما تحدث عن نفسه ، للدكتور محمد حرز

خطبة الجمعة القادمة بعنوان : النبي (صلى الله عليه وسلم) كما تحدث عن نفسه ، للدكتور محمد حرز

خطبة الجمعة القادمة بعنوان : النبي (صلى الله عليه وسلم) كما تحدث عن نفسه ، للدكتور محمد حرز ، بتاريخ 16 صفر 1445هـ ، الموافق 1 سبتمبر 2023م

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 1 سبتمبر 2023م بصيغة word بعنوان : النبي (صلى الله عليه وسلم) كما تحدث عن نفسه ، للدكتور محمد حرز.

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 1 سبتمبر 2023م بصيغة pdf بعنوان : النبي (صلى الله عليه وسلم) كما تحدث عن نفسه ، للدكتور محمد حرز.

عناصر خطبة الجمعة القادمة 1 سبتمبر 2023م بعنوان : النبي (صلى الله عليه وسلم) كما تحدث عن نفسه.

 

أولًا: فَضْلُ خَيْرِ البَرِيَّةِ على سَائِرِ البَشَرِيَّةِ في الدنيا.

ثانيــــًا: النبيُّ متحدثٌ عن نفسِهِ في الآخرةِ. 

ثالثــــًا وأخيرًا: ماذا تعلمنَا مِن رسولِ اللهِ ؟

 

ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 1 سبتمبر 2023م بعنوان : النبي (صلى الله عليه وسلم) كما تحدث عن نفسه : كما يلي:

 

خطبة الجمعة القادمة : النبيُّ كمَا تحدثَ عن نفسِهِ

 للدكتور محمد حرز ، 16 صفر بتاريخ  1445هـ، الموافق، 1ستبمر2023م

الْحَمْدُ للهِ الذِي جَعلَ لنَا مِنَ الأنبيَاءِ والصَّالحِينَ قُدوَةً وَمَثَلًا، الحمدُ للهِ القائلِ في محكمِ التنزيلِ ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ﴾ [الأحزاب: 21]، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وليُّ الصالحين، وَأشهدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وصفيُّهُ مِن خلقهِ وخليلُهُ القائلُ كما في صحيحِ البخاريِ ومسلمٍ مِنْ حديثِ أَبِي هريرةَ رضى الله عنه  عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ:فُضِّلْتُ على الأنبياءِ بسِتٍّ: أُعطيتُ جوامعَ الكلِمِ ونُصِرْتُ بالرُّعبِ وأُحِلَّتْ لي الغنائمُ وجُعِلت لي الأرضُ طَهورًا ومسجدًا وأُرسِلْتُ إلى الخَلقِ كافَّةً وخُتِم بي النَّبيُّونَ((

 فاللهُمَّ صلِّ وسلمْ وزدْ وباركْ على النبيِّ  المختارِ وعلى آلهِ وصحبهِ الأطهارِ  الأخيارِ وسلم تسليمًا كثيرا إلى يومِ الدينِ.

سعدتْ ببعثةِ أحمدَ الأزمـانُ *** وتعطـرتْ بعبيرِه الأكـــــــوانُ

والشركُ أنذرَ بالنهايةِ عندمـا *** جاء البشيرُ وأشرقَ الإيمانُ

يا سيدَ العقلاءِ يا خيرَ الورَى*** يا مَن أتيتَ الى الحياةِ مبشرًا

وبُعثتَ بالقرآنِ فينَا هاديًّا ***وطلعتَ في الأكوانِ بدرًا نيرًا

واللهِ ما خلقَ الإلهُ ولا برَى ***بشرًا يُرَى كمُحمدٍ بينَ الورَى

أمَّا بعدُ …..فأوصيكُم ونفسِي أيُّها الأخيارُ بتقوى العزيزِ الغفارِ(( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ } (آل عمران :102) عبادَ الله) : النبيُّ ﷺ كمَا تحدثَ عن نفسه) عنوانُ وزارتِنَا وعنوانُ خطبتِنَا.

عناصر اللقاء:

أولًا: فَضْلُ خَيْرِ البَرِيَّةِ على سَائِرِ البَشَرِيَّةِ في الدنيا.

ثانيــــًا: النبيُّ متحدثٌ عن نفسِهِ في الآخرةِ. 

ثالثــــًا وأخيرًا: ماذا تعلمنَا مِن رسولِ اللهِ ؟

أيُّها السادةُ: بدايةً ما أحوجنَا في هذه الدقائقِ المعدودةِ أنْ يكونَ حديثُنَا عن النبيِّ المختارِ متحدثًا عن نفسِهِ وهو القدوةُ الحسنةُ والمثلُ الأعلى، وخاصةً ونحن نعيشُ زمانًا فَقَدَ فيه شبابُنَا وأبناؤُنَا القدوةَ والمثلَ الأعلَى في كلِّ ميادينِ الحياة، فبحثوا عن القدوةِ في التافهين والتافهات والساقطين والساقطات ولا حولَ ولا قوةَ إلّا باللهِ. وما أجملَ أنْ يكونَ الحديثُ عن رسولِ اللهِ، وما أحلَى أنْ يكونَ الحديثُ عنه وكيف لا ؟وهو إمامُ الأنبياءِ وإمامُ الأتقياءِ وإمامُ الأصفياءِ وكيف لا وهو قدوتُنَا وأسوتُنَا ومعلمُنَا ومرشدُنَا بنصٍّ مِن عندِ اللهِ ، والحديثُ عن رسولِ اللهِ ﷺ حديثٌ جميلٌ رقيقٌ رقراقٌ طويلٌ لا حدَّ لمنتهاه وبحرٌ لا ساحلَ لهُ وكيف لا؟

مُحَمَّدٌ أَشْرَفُ الأعْرَابِ والعَجَمِ***مُحَمَّدٌ خَيْرٌ مَنْ يَمْشِي عَلَى قَدَمِ

مُحَمَّدٌ باسِطُ المَعْرُوفِ جَامِعَةً***مُحَمَّدٌ صاحِبُ الإِحْسانِ والكَرَمِ

مُحَمَّدٌ تاجُ رُسْلِ اللهِ قاطِبَةً***مُحَمَّدٌ صادِقُ الأٌقْوَالِ والكَلِمِ

مُحَمَّدٌ ثابِتُ المِيثاقِ حافِظُهُ***مُحَمَّدٌ طيِّبُ الأخْلاقِ والشِّيَمِ

مُحَمَّدٌ خَيْرُ خَلْقِ اللهِ مِنْ مُضَرٍ***مُحَمَّدٌ خَيْرُ رُسْلِ اللهِ كُلِّهِمِ

العنصر الأول من خطبة الجمعة القادمة بعنوان : النبي (صلى الله عليه وسلم) كما تحدث عن نفسه

أولًا: فَضْلُ خَيْرِ البَرِيَّةِ على سَائِرِ البَشَرِيَّةِ في الدنيا.

أيُّها السادةُ : لقد خصَّ اللهُ جلَّ وعلا نبيَّهُ ﷺ بفضائلَ كثيرةٍ لا تُحصَى في الدنيا، وهو دليلٌ على علوِّ قدرِه ،وسموِّ مقامِهِ عندَ اللهِ جلَّ وعلا، وتميِّزهِ على غيرهِ مِن بنِي البشرِ، فضلًا على الأنبياءِ والمرسلين، ولا عجبَ؛ فهو سيدُ المرسلين وإمامُ الموحدين وقائدُ الغرِّ المحجلين وهو سيدُ الخلقِ وحبيبُ الحقِّ ﷺ ،وهو حبيبُ الرحمنِ وهو خليلُ الرحمنِ، فعن ابنِ مسعودٍ رضى اللهُ عنه  قال: قال رسولُ اللهِ ﷺ: ” إنِّي أبْرَأُ إلى اللهِ أنْ يَكونَ لي مِنكُم خَلِيلٌ، فإنَّ اللهِ تَعَالَى قَدِ اتَّخَذَنِي خَلِيلًا، كما اتَّخَذَ إبْرَاهِيمَ خَلِيلًا، ولو كُنْتُ مُتَّخِذًا مِن أُمَّتي خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُ أبَا بَكْرٍ خَلِيلًا، “. رواه مسلم. وهذه الخلةُ لم ينلْهَا أحدٌ سوىَ النبيِّ ﷺ ، وسيدِنَا إبراهيمَ عليه السلامُ. ومِن هذه الفضائلِ التي أكرمَ اللهُ ـ عزَّ وجلَّ ـ بهَا نبيَّنَا ﷺ مدْحُ اللهِ ـ عزَّ وجلَّ ـ وثناؤُهُ على حسنِ صفاتِه، وعظيمِ أخلاقهِ ﷺ فقال مخاطبًا إيّاهُ: ( وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ }(القلم الآية: 4)، ومِن فضائلِه ﷺ رحمتُه التي تميزَ بهَا، وبُعِثَ لأجلِهَا، قال جلَّ وعلا)) وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ )الأنبياء: 107, لذا كان ـ صلواتُ اللهِ وسلامُه عليهِ ـ يقولُ ( إِنَّمَا أنا رحمة مُهْدَاة )(رواه الحاكم). ومِن فضائلِه ﷺ: رعايتُهُ له، وعنايتُه بهِ مِن قبلِ بعثتِه بالنبوةِ، بل منذُ ولادتِه فقالَ جلَّ وعلا (( أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآَوَى * وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى * وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى }(الضحى الآية: 6 : 8 ومِن فضائلِه ﷺ: أنَّ اللهَ ـ عزَّ وجلَّ ـ رفعَ له ذكرَهُ في الدنيا والآخرةِ، قال جل وعلا (( وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ }(الشرح : 4)، قال ابنُ كثيرٍ: ” قال مجاهدٌ: لا أُذكرُ إلّا ذكِرْتَ معي، أشهدُ ألّا إلهَ إلّا الله، وأشهدُ أنّ مُحمدًا رسولُ اللهِ ” . وقال قتادةُ: ” رفعَ اللهُ ذكرَهُ في الدنيا والآخرةِ فليس خطيبٌ ولا متشهّدٌ ولا صاحبُ صلاةٍ إلّا يُنادِي بها أشهدُ ألّا إلهَ إلّا اللهُ وأنَّ مُحمدًا رسولُ اللهِ ” .. وقال حسانُ بنُ ثابتٍ ـ رضي اللهُ عنه ـ:

ضمَ الإلهُ اسمَ النبيِّ إلى اسمهِ****إذا قال في الخمسِ المـؤذنُ: أشهـدُ
       وشـقَّ له مِـن اسـمِه لـيُـجِلَّـهُ **** فـذو العـرشِ محمودٌ وهـذا محمدُ

ومِن فضائلِه ﷺ : كما في حديثِ أبي هريرةَ ـ رضي اللهُ عنه ـ أنَّ النبيَّ ﷺ قال: فُضِّلْتُ على الأنبياء بست: أُعْطِيتُ جوامع الكلم، ونصرت بالرعب، وَأُحِلّتْ لي الغنائم، وَجُعِلَتْ لي الأرض طهوراً ومسجداً، وَأُرْسِلْتُ إلى الخلق كافة، وخُتِم بي النبيون ))رواه مسلم .ومِن فضائلِه ـ صلواتُ اللهِ وسلامُه عليهِ ـ أنه خَاتَمُ النَّبِيِّين وأفضلُهُم، لقولِ اللهِ تعالى ( مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ }(الأحزاب: 40)، وعن أبي هريرةَ ـ رضي اللهُ عنه ـ قال: قال أبو القاسمِ ﷺ: مَثَلِي وَمَثَلُ الأنبياءِ مِن قبلِي كمثلِ رجلٍ بنَى بيتًا فأحسنَهُ وأجملَهُ إلّا موضعَ لَبِنَةٍ مِن زاويةٍ مِن زواياه، فجعلَ الناسُ يطوفونَ به ويَعجبونَ لهُ ويقولونَ: هلَّا وُضِعتْ هذه اللبنةُ!، قال: فأنَا اللبنةُ، وأنَا خاتمُ النبيينَ. ) رواه مسلم ). . ومِن فضائلِه ﷺ أنَّه ﷺ أمانٌ لأمتِه، كما في صحيحِ مسلمٍ  مِن حديثِ أبي موسَى الأشعرِي رضى اللهُ عنه قال، قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: (النُّجُومُ أَمَنَةٌ لِلسَّمَاءِ، فَإِذَا ذَهَبَتِ النُّجُومُ أَتَى السَّمَاءَ ما تُوعَدُ، وَأَنَا أَمَنَةٌ لأَصْحَابِي، فَإِذَا ذَهَبْتُ أَتَى أَصْحَابِي ما يُوعَدُونَ، وَأَصْحَابِي أَمَنَةٌ لِأُمَّتِي، فَإِذَا ذَهَبَ أَصْحَابِي أَتَى أُمَّتي ما يُوعَدُونَ،( قالَ جلَّ وعلا )وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُون)[الأنفال:33). ومِن فضائلِه ﷺ أنَّه ما مِن نبيٍّ مِن الأنبياءِ إلّا وقد أخذَ اللهُ عليه العهدَ والميثاقَ أنْ يؤمنَ برسولِ اللهِ ﷺ أنْ ينصرَهُ إذ بُعثَ كما قال اللهُ جلَّ وعلا : (وَإِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّيْنَ لَمَا آتَيْناكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُواْ أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُواْ وَأَنَاْ مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ)) آل عمران : 81 وعن جابرِ بنِ عبدِ اللَّهِ أنَّ عمرَ بنَ الخطَّابِ أتَى النَّبيَّ ﷺ بِكتابٍ أصابَه مِن بعضِ أهلِ الكتابِ فقرأَهُ علَى النَّبيِّ ﷺ فغَضِبَ وقال : أمُتَهَوِّكونَ فيها يا ابنَ الخطَّابِ ؟ والَّذي نفسي بيدِه لو أنَّ موسَى كان حيًّا ما وسِعَهُ إلَّا أن يتَّبعَني .(ومِن فضائلِه ﷺ: أنَّ اللهَ سمّاهُ بأسماءَ كثيرةٍ فقالَ ﷺ: ( إِنَّ لِي خَمْسَةُ أسْماءٍ: أنا مُحَمَّدٌ، وأَحْمَدُ، وأنا الماحِي الذي يَمْحُو اللَّهُ بي الكُفْرَ، وأنا الحاشِرُ الذي يُحْشَرُ النَّاسُ علَى قَدَمِي، وأنا العاقِبُ). ومِن فضائلِه ﷺ: أنَّ اللهَ -سبحانه- نهَى المسلمين مِن أنْ يخاطبُوا النبيَّ ﷺ باسمِه، فقالَ جلَّ وعلا مخاطبًا المؤمنينَ (لا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا)، قال ابنُ عبّاسٍ ومجاهدُ وسعيدُ بنُ جبيرٍ: ((كانوا يقولون: يا محمّدٌ، يا أبا القاسِم، فنهاهُم اللهُ عزّ وجلّ عن ذلك إعظامًا لنبيِّهِ ﷺ، وأمرَهُم أنْ يقولُوا: يا نبيَّ اللهِ، يا رسولَ اللهِ). ومِن فضائلِه ﷺ: أنَّ اللهَ -سبحانه- وعدَهُ بأنْ يعطيَهُ حتّى يرضَى: (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ ربك فترضى)، وأنْ يرضيَهُ في أمتِهِ، ففي صحيحِ مسلمٍ مِن حديثِ عبدِ اللهِ بنِ عمرٍو ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ـ  قال – أنَّ النبيَّ ﷺ تَلا قَوْلَ اللهِ عزَّ وجلَّ في إبْراهِيمَ: {رَبِّ إنَّهُنَّ أضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فمَن تَبِعَنِي فإنَّه مِنِّي} (إبراهيم: 36) الآية، وقالَ عِيسَى عليه السَّلامُ: {إنْ تُعَذِّبْهُمْ فإنَّهُمْ عِبادُكَ وإنْ تَغْفِرْ لهمْ فإنَّكَ أنْتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ} )المائدة ( 118:، فَرَفَعَ يَدَيْهِ وقالَ: اللَّهُمَّ أُمَّتي أُمَّتِي، وبَكَى، فقالَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ: يا جِبْرِيلُ اذْهَبْ إلى مُحَمَّدٍ، ورَبُّكَ أعْلَمُ، فَسَلْهُ ما يُبْكِيكَ؟ فأتاهُ جِبْرِيلُ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ، فَسَأَلَهُ فأخْبَرَهُ رَسولُ اللهِ ﷺ بما قالَ، وهو أعْلَمُ، فقالَ اللَّهُ: يا جِبْرِيلُ، اذْهَبْ إلى مُحَمَّدٍ، فَقُلْ: إنَّا سَنُرْضِيكَ في أُمَّتِكَ، ولا نَسُوءُكَ))

بل اختصَّ اللهُ تعالى عبدَهُ ورسولَهُ مُحمّدًا ﷺ تشريفًا له وتكريمًا بأنْ غفرَ له ما تقدّمَ مِن ذنبهِ وما تأخّرَ وأخبرَهُ بهذه المغفرةِ وهو حيٌّ صحيحٌ يمشِي على الأرضِ، قال جلَّ وعلا ((إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً* لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ)) وعن عائشةَ- رضي اللهُ عنها- أنَّ النّبيَّ ﷺ كانَ يَقُومُ مِنَ اللَّيْلِ حتَّى تَتَفَطَّرَ قَدَمَاهُ، فَقالَتْ عَائِشَةُ: لِمَ تَصْنَعُ هذا يا رَسولَ اللَّهِ، وقدْ غَفَرَ اللَّهُ لكَ ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِكَ وما تَأَخَّرَ؟ قالَ: أفلا أُحِبُّ أنْ أكُونَ عَبْدًا شَكُورًا ). بل جعلَ اللهُ -سبحانه وتعالى- طاعةَ النبيِّ ﷺ مِن طاعتِه، وهذا فضلٌ عظيمٌ، وجعلَ طاعةَ النبيِّ معيارًا لمحبتِه، قالَ -تعالى-: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يحببكم الله)، وفي صحيحِ البخارِي مِنْ حديثِ أَبِى هُرَيْرَةَ ـ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ ـ  عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: « كُلُّ أُمَّتي يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ إِلَّا مَن أَبَى، قالوا:يا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَن يَأْبَى؟ قالَ: مَن أَطَاعَنِي دَخَلَ الجَنَّةَ، وَمَن عَصَانِي فقَدْ أَبَى)) فهو ﷺ خليلُ الرحمنِ، وصفوةُ الأنامِ، لا طاعةَ للهِ إلَّا بطاعتهِ، ﴿ مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ ﴾ النساء: 80، وخيرُ مَن وطئَ الثرَى، يقولُ شاعرُ الإسلامِ حسانُ بنُ ثابتٍ رضي اللهُ عنه في مدحِ النبيِّ ﷺ :

وأفضلُ منكَ لن ترَ قطُ عيني***     وأحسنُ منكَ لم تلدْ النساءُ

خُلِقتَ مُبرَّأً مِن كلِّ عيبٍ  ***  كأنَّك قد خُلِقتَ كما تشاءُ

العنصر الثاني من خطبة الجمعة القادمة بعنوان : النبي (صلى الله عليه وسلم) كما تحدث عن نفسه

ثانيــــًا: النبيُّ متحدثٌ عن نفسِهِ في الآخرةِ. 

أيُّها السادةُ: مِن رحمةِ اللهِ بعبادِه المؤمنين أنْ بعثَ فيهم خيرَ رسلِه وخاتمَ أنبيائِه وأفضلَ خلقِه سيِّدَ ولدِ آدمَ، وأنزلَ عليهِ القرءانَ وأيّدَهُ بالحجةِ والبرهانِ، فهو رسولٌ مصطفَى، ونبيٌّ مجتبَى، نبيٌّ عظيمٌ وإمامٌ كريمٌ، قدوةٌ للأجيالِ وأسوةٌ للرجالِ ومضربُ الأمثالِ وقائدُ الأبطالِ، معصومٌ قلبُهُ مِن الزّيغِ، ويمينُهُ مِن الخيانةِ، ويدهُ مِن الجورِ، ولسانُهُ مِن الكذبِ، ونهجهُ مِن الانحرافِ، ما سجدَ لصنمٍ ولا اتّجهَ لوثنٍ، ما مستْ يدهُ يدَ امرأةٍ لا تحلُّ لهُ، ولا شاركَ قومَهُ في لهوٍ ومجونٍ، طهّرَ اللهُ فؤادَهُ، وحفظَ رسالتَهُ، وأيّدَ دعوتَهُ، ونصرَ ملّتَهُ، وأظهرَ شريعتَهُ، ختمَ بهِ أنبياءَهُ، ونصرَ بهِ أولياءَهُ، وكبتَ بهِ أعداءَهُ, وخصَّهُ بفضائلَ كثيرةٍ لا تُحصَى يومَ القيامةِ، فيومُ القيامةِ يومٌ عصيبٌ، وكان رسولُ اللهِ ﷺ دائمَ التذكيرِ بهِ، والتقريبِ لهُ، حتّى قالَ: ((بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةُ كَهَاتَيْنِ، قَالَ: وَضَمَّ السَّبَّابَةَ وَالْوُسْطَى، وكان دومًا يوجِّهُ المسلمين إلى الاستعدادِ لهُ، ولقد جاءَهُ رجلٌ فسألَهُ عن الساعةِ قائلًا: مَتَى السَّاعَةُ؟ قَالَ: «وَمَاذَا أَعْدَدْتَ لَهَا؟» قَالَ: لاَ شَيْءَ إِلاَّ أَنِّي أُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ ﷺ ، فَقَالَ: «أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ))وكان الرسولُ ﷺ مشغولًا تمامًا بأمَّتهِ في ذلك اليومِ، حتى إنَّه ادَّخرَ دعوتَهُ الخاصَّةَ جدًّا إلى يومِ القيامةِ ليشفعَ لأمَّتهِ بها! يقولُ رسولُ اللهِ ﷺ : لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ، فَتَعَجَّلَ كُلُّ نَبِيٍّ دَعْوَتَهُ، وَإِنِّي اخْتَبَأْتُ دَعْوَتِي شَفَاعَةً لأُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَهِيَ نَائِلَةٌ -إِنْ شَاءَ اللهُ- مَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّتِي لاَ يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئًا)) وقال ((شَفَاعَتِي لأَهْلِ الْكَبَائِرِ مِنْ أُمَّتِي )) ولرسولِ اللهِ ﷺ شأنٌ خاصٌّ فريدٌ يومَ القيامةِ فهو أوَّلُ مَن تنشقُّ عنه الأرضُ يومَ القيامةِ، ويأخذُ لواءَ الحمدِ بيدِهِ ﷺ ،وهو إمامُ النبيِّين  فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ ((أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ، وَأَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الْأَرْضُ، وَأَوَّلُ شَافِعٍ وَأَوَّلُ مُشَفَّعٍ(( وفي حديثِ أبي سعيدٍ الخدرِي رضي اللهُ عنه قال: قال رسولُ اللهِ ﷺ أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ القِيَامَةِ وَلَا فَخْرَ، وَبِيَدِي لِوَاءُ الحَمْدِ وَلَا فَخْرَ، وَمَا مِنْ نَبِيٍّ يَوْمَئِذٍ آدَمَ فَمَنْ سِوَاهُ إِلَّا تَحْتَ لِوَائِي، وَأَنَا أَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الأَرْضُ وَلَا فَخْرَ)) وعن أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ ، قَالَ: «إِذَا كَانَ يَوْمُ القِيَامَةِ كُنْتُ إِمَامَ النَّبِيِّينَ وَخَطِيبَهُمْ وَصَاحِبَ شَفَاعَتِهِمْ، غَيْرُ فَخْرٍ)) وهو صاحبُ الشفاعةِ العظمَي يومَ الدينِ: كما في حديثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي اللهُ عنه: أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ أُتِيَ بِلَحْمٍ فَرُفِعَ إِلَيْهِ الذِّرَاعُ، وَكَانَتْ تُعْجِبُهُ فَنَهَشَ مِنْهَا نَهْشَةً، ثُمَّ قَالَ: «أَنَا سَيِّدُ النَّاسِ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَهَلْ تَدْرُونَ مِمَّ ذَلِكَ؟ يَجْمَعُ اللهُ النَّاسَ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ، يُسْمِعُهُمُ الدَّاعِي، وَيَنْفُذُهُمُ الْبَصَرُ، وَتَدْنُو الشَّمْسُ، فَيَبْلُغُ النَّاسَ مِنَ الْغَمِّ وَالْكَرْبِ مَا لاَ يُطِيقُونَ وَلاَ يَحْتَمِلُونَ، فَيَقُولُ النَّاسُ: أَلاَ تَرَوْنَ مَا قَدْ بَلَغَكُمْ، أَلاَ تَنْظُرُونَ مَنْ يَشْفَعُ لَكُمْ إِلَى رَبِّكُمْ، فَيَقُولُ بَعْضُ النَّاسِ لِبَعْضٍ: عَلَيْكُمْ بِآدَمَ، فَيَأْتُونَ آدَمَ عليه السلام فَيَقُولُونَ لَهُ: أَنْتَ أَبُو الْبَشَرِ، خَلَقَكَ اللهُ بِيَدِهِ، وَنَفَخَ فِيكَ مِنْ رُوحِهِ، وَأَمَرَ المَلاَئِكَةَ فَسَجَدُوا لَكَ، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ، أَلاَ تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ، أَلاَ تَرَى إِلَى مَا قَدْ بَلَغَنَا، فَيَقُولُ آدَمُ: إِنَّ رَبِّي قَدْ غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَإِنَّهُ قَدْ نَهَانِي عَنِ الشَّجَرَةِ فَعَصَيْتُهُ، نَفْسِي نَفْسِي نَفْسِي، اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِي، اذْهَبُوا إِلَى نُوحٍ، فَيَأْتُونَ نُوحًا؛ فَيَقُولُونَ: يَا نُوحُ إِنَّكَ أَنْتَ أَوَّلُ الرُّسُلِ إِلَى أَهْلِ الأَرْضِ، وَقَدْ سَمَّاكَ اللهُ عَبْدًا شَكُورًا، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ، أَلاَ تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ، فَيَقُولُ: إِنَّ رَبِّي عز وجل قَدْ غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَإِنَّهُ قَدْ كَانَتْ لِي دَعْوَةٌ دَعَوْتُهَا عَلَى قَوْمِي، نَفْسِي نَفْسِي نَفْسِي، اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِي، اذْهَبُوا إِلَى إِبْرَاهِيمَ، فَيَأْتُونَ إِبْرَاهِيمَ، فَيَقُولُونَ: يَا إِبْرَاهِيمُ أَنْتَ نَبِيُّ اللهِ وَخَلِيلُهُ مِنْ أَهْلِ الأَرْضِ، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ، أَلاَ تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ، فَيَقُولُ لَهُمْ: إِنَّ رَبِّي قَدْ غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَإِنِّي قَدْ كُنْتُ كَذَبْتُ ثَلاَثَ كَذِبَاتٍ -فَذَكَرَهُنَّ أَبُو حَيَّانَ فِي الحَدِيثِ- نَفْسِي نَفْسِي نَفْسِي، اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِي، اذْهَبُوا إِلَى مُوسَى، فَيَأْتُونَ مُوسَى، فَيَقُولُونَ: يَا مُوسَى أَنْتَ رَسُولُ اللهِ، فَضَّلَكَ اللهُ بِرِسَالَتِهِ وَبِكَلاَمِهِ عَلَى النَّاسِ، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ، أَلاَ تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ، فَيَقُولُ: إِنَّ رَبِّي قَدْ غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَإِنِّي قَدْ قَتَلْتُ نَفْسًا لَمْ أُومَرْ بِقَتْلِهَا، نَفْسِي نَفْسِي نَفْسِي، اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِي، اذْهَبُوا إِلَى عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ، فَيَأْتُونَ عِيسَى، فَيَقُولُونَ: يَا عِيسَى أَنْتَ رَسُولُ اللهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ، وَكَلَّمْتَ النَّاسَ فِي المَهْدِ صَبِيًّا، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ، أَلاَ تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ، فَيَقُولُ عِيسَى: إِنَّ رَبِّي قَدْ غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ قَطُّ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ ذَنْبًا، نَفْسِي نَفْسِي نَفْسِي، اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِي، اذْهَبُوا إِلَى مُحَمَّدٍ، فَيَأْتُونَ مُحَمَّدًا، فَيَقُولُونَ: يَا مُحَمَّدُ أَنْتَ رَسُولُ اللهِ وَخَاتِمُ الأَنْبِيَاءِ، وَقَدْ غَفَرَ اللهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ، أَلاَ تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ، فَأَنْطَلِقُ فَآتِي تَحْتَ الْعَرْشِ، فَأَقَعُ سَاجِدًا لِرَبِّي عز وجل، ثُمَّ يَفْتَحُ اللهُ عَلَيَّ مِنْ مَحَامِدِهِ وَحُسْنِ الثَّنَاءِ عَلَيْهِ شَيْئًا لَمْ يَفْتَحْهُ عَلَى أَحَدٍ قَبْلِي، ثُمَّ يُقَالُ: يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ، سَلْ تُعْطَهْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، فَأَرْفَعُ رَأْسِي فَأَقُولُ: أُمَّتِي يَا رَبِّ، أُمَّتِي يَا رَبِّ، أُمَّتِي يَا رَبِّ، فَيُقَالُ: يَا مُحَمَّدُ أَدْخِلْ مِنْ أُمَّتِكَ مَنْ لاَ حِسَابَ عَلَيْهِمْ مِنَ الْبَابِ الأَيْمَنِ مِنْ أَبْوَابِ الجَنَّةِ، وَهُمْ شُرَكَاءُ النَّاسِ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ مِنَ الأَبْوَابِ، ثُمَّ قَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّ مَا بَيْنَ المِصْرَاعَيْنِ مِنْ مَصَارِيعِ الجَنَّةِ كَمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَحِمْيَرَ[أَوْ كَمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَبُصْرَى). وهو صاحبُ الحوضِ المورودِ: عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «إِنِّي فَرَطُكُمْ عَلَى الحَوْضِ، مَنْ مَرَّ عَلَيَّ شَرِبَ، وَمَنْ شَرِبَ لَمْ يَظْمَأْ أَبَدًا، لَيَرِدَنَّ عَلَيَّ أَقْوَامٌ أَعْرِفُهُمْ وَيَعْرِفُونِي، ثُمَّ يُحَالُ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ)).

 ومِن فضائلِ النبيِّ ﷺ أنَّ اللهَ جلَّ وعلا أعطاهُ الكوثر، وهو نهرٌ عظيمٌ وعدَهُ اللهُ بهِ في الجنةِ، قال جلَّ وعلا ((إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ }(الكوثر: 1، وعن أنسٍ ـ رضي اللهُ عنه ـ قال: بيْنَا رَسولُ اللهِ ﷺ ذَاتَ يَومٍ بيْنَ أظْهُرِنَا إذْ أغْفَى إغْفَاءَةً ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ مُتَبَسِّمًا، فَقُلْنَا: ما أضْحَكَكَ يا رَسولَ اللهِ، قالَ: أُنْزِلَتْ عَلَيَّ آنِفًا سُورَةٌ فَقَرَأَ: بسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {إنَّا أعْطَيْنَاكَ الكَوْثَرَ (1) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وانْحَرْ (2) إنَّ شَانِئَكَ هو الأَبْتَرُ} [الكوثر: 1 – 3]، ثُمَّ قالَ: أتَدْرُونَ ما الكَوْثَرُ؟ فَقُلْنَا اللَّهُ ورَسولُهُ أعْلَمُ، قالَ: فإنَّه نَهْرٌ وعَدَنِيهِ رَبِّي عزَّ وجلَّ، عليه خَيْرٌ كَثِيرٌ(( وفي رواية الترمذي: الكوثَرُ نَهْرٌ في الجنَّةِ ، حافَّتاهُ من ذَهَبٍ ، ومَجراهُ على الدُّرِّ والياقوتِ ، تُربتُهُ أطيبُ مِنَ المسكِ ، وماؤُهُ أحلَى منَ العسلِ ، وأبيَضُ منَ الثَّلجِ). وهو ﷺ صاحبُ المقامِ المحمودِ: قال جلَّ وعلا مخاطبًا نبيَّهُ ﷺ في القرآنِ الكريمِ: ﴿وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا﴾ الإسراء: 79 قال ابْنُ عُمَرَ ب: إِنَّ النَّاسَ يَصِيرُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ جُثًا كُلُّ أُمَّةٍ تَتْبَعُ نَبِيَّهَا يَقُولُونَ: يَا فُلَانُ اشْفَعْ يَا فُلَانُ اشْفَعْ. حَتَّى تَنْتَهِيَ الشَّفَاعَةُ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ ، فَذَلِكَ يَوْمَ يَبْعَثُهُ اللهُ الْمَقَامَ الْمَحْمُودَ)) ومِن شرفهِ وفضلهِ ﷺ: أنَّه ﷺ صاحبُ الوسيلةِ، وهي أعلى درجةٍ في الجنةِ لا تنبغِي إلّا لعبدٍ مِن عبادِ اللهِ، وهي لهُ ﷺ ففي صحيحِ مسلمٍ أنَّ النبيَّ ﷺ قال (إذا سَمِعْتُمُ المُؤَذِّنَ، فَقُولوا مِثْلَ ما يقولُ ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ، فإنَّه مَن صَلَّى عَلَيَّ صَلاةً صَلَّى اللَّهُ عليه بها عَشْرًا، ثُمَّ سَلُوا اللَّهَ لِيَ الوَسِيلَةَ، فإنَّها مَنْزِلَةٌ في الجَنَّةِ، لا تَنْبَغِي إلَّا لِعَبْدٍ مِن عِبادِ اللهِ، وأَرْجُو أنْ أكُونَ أنا هُوَ، فمَن سَأَلَ لي الوَسِيلَةَ حَلَّتْ له الشَّفاعَةُ( وهو ﷺ أولُ مَن يفتحُ بابَ الجنةِ: كما في حديثِ أنسِ بنِ مالكٍ رضى اللهُ عنه قال، قال النبيُّ المختارُ ﷺ (أنا أكْثَرُ الأنْبِياءِ تَبَعًا يَومَ القِيامَةِ، وأنا أوَّلُ مَن يَقْرَعُ بابَ الجَنَّةِ)،  وعن أنسِ بنِ مالكٍ ـ رضي اللهُ عنه ـ قال: قال رسولُ اللهِ ﷺ: آتي باب الجنةِ يوم القيامة فأستفتِحُ، فيقولُ الخازِنُ: مَنْ أنت؟ فأقول: محمدٌ، فيقول: بك أُمرتُ لا أفتحَ لأحدٍ قبلَك ))رواه مسلم.

أحزانُ قلبي لا تزول** حتى أبشرَ بالقبول
و أرى كتابِي باليمين ** وتقرُّعينِي بالرسول

أقولُ قولِي هذا واستغفرُ اللهَ العظيمَ لي ولكم

الخطبة الثانية: الحمدُ للهِ ولا حمدَ إلا له وبسم اللهِ ولا يستعانُ إلا به، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَه وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ  … وبعد

العنصر الثالث من خطبة الجمعة القادمة بعنوان : النبي (صلى الله عليه وسلم) كما تحدث عن نفسه

ثالثــــًا وأخيرًا: ماذا تعلمنَا مِن رسولِ اللهِ ؟

أيُّها السادةّ: لقد كان المصطفَى ﷺ:  أكرمَ الناسِ ، وأشجعَ الناسِ، وأحلمَ الناسِ، وأكثرهُم برًّا ووفاءً ، وصدقًا وصبرًا وحياءً، و كان خلقُهُ القرآن ، وكان قرآنًا يمشِي على الأرضِ فماذا تعلمنا أيُّها الأحبةُ الأخيارُ مِن المصطفِى ﷺ وهو قدوتُنَا وهو أسوتُنَا ومرشدُنَا وهو معلمُنَا  بنصٍّ مِن عندِ اللهِ ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ﴾ [الأحزاب: 21 ،

هل تعلمنَا مِن النبيِّ المختارِ ﷺ الأخلاقَ ؟

هل تعلمنَا مِن النبيِّ المختارِ ﷺ الأدبَ والاحترامَ والحلمَ؟

هل تعلمنَا مِن النبيِّ المختارِ ﷺ السلوكياتِ الحسنةَ ؟

هل تعلمنَا مِن النبيِّ المختارِ ﷺ العفوَ والصفحَ والتسامحَ؟

هل تعلمنَا مِن النبيِّ المختارِ ﷺ كيفيةَ معاملةِ الجيرانِ ؟

هل تعلمنَا مِن النبيِّ المختارِ ﷺ الإحسانَ إلى الناسِ في كلِّ مكانٍ ؟

هل تعلمنَا مِن النبيِّ المختارِ ﷺ الجودَ والكرمَ ؟

هل تعلمنَا مِن النبيِّ المختارِ ﷺ الخوفَ والخشيةَ مِن اللهِ ؟

هل تعلمنَا مِن النبيِّ المختارِ ﷺ صلةَ الأرحامِ ؟

هل اقتدينَا بالنبيِّ المختارِ ﷺ في جميعِ شؤونِ حياتِن٩ا ؟

اَقتدِي بالنبيِّ ﷺ في التخلقِ بأخلاقهِ والتأسِّيِ بسنتِه والسيرِ على نهجِه واتباعِه فيمَا أمرَ واجتنابِه فيمَا نهَى وزجر، قالَ تعالى  { قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (سورة  آل عمران: 31)فكونُوا قدوةً في العفوِ والصفحِ، قدوةً في الحياءِ، قدوةً في الشفقةِ والرحمةِ كما كان نبيُّنا ﷺ، فعن مالكِ بنِ الحويرثِ قال: أتَيْنا النَّبيَّ ﷺ ونحن شَبَبةٌ مُتقارِبونَ، فأقَمْنا عندَه عِشرينَ لَيلةً، -وكان رسولُ اللهِ ﷺ رَحيمًا رَقيقًا) رواه الدار قطني)

 كونوا قدوةً في الجودِ والكرمِ كما كان نبيُّنا ﷺ، كان أجودَ الناسِ وأكرمَ الناسِ، فعن أنسِ بنِ مالكٍ قال: جاءَ رجلٌ إلى النبيِّ ﷺ فأعطاهُ غنمًا بينَ جبلين، فرجعَ إلى قومهِ، فقال: يا قوم، أسلموا، فإِنَّ مُحَمَّدًا لَيُعْطِى عَطَاءً مَا يَخَافُ الْفَقْرَ) رواه مسلم.

كونوا قدوةً في الخشيةِ والخوفِ مِن اللهِ كما كان نبيُّنَا ﷺ، فعن مُطَرِّفٍ عن أبيهِ رضي اللهُ عنهما قال: (رأيتُ رسولَ اللهِ ﷺ يصلِّي وفي صدرِه أزيزٌ كأزيزِ الرحَى مِن البكاءِ )رواه أبو داود .كونوا قدوةً في الثباتِ مع اليقينِ بوعدِ اللهِ، قدوةً في الصبرِ على الناسِ والعفوِ عن المسيءِ، قدوةً في كثرةِ الاستغفارِ والتوبةِ، قدوةً في العبادةِ، قدوةً في ذكرِ اللهِ تعالى، قدوةً  في الصلاةِ والصيامِ كما كان نبيُّنَا ﷺ.

كونوا قدوةً في المعاملاتِ مع الناسِ كما كان نبيُّنَا ﷺ : كان أحسنَ الناسِ معاملةً. باع رسولُ اللهِ ﷺ واشترَى وآجرَ واستأجرَ، وشاركَ غيرَه، ولما قَدِمَ شريكُه قال: أمَا تعرفُنِي؟ قال ﷺ  (أمَا كنتَ شريكِي، كنتَ شريكِي في الجاهليَّةِ فَكنتَ خيرَ شريكٍ لا تُداريني ولا تُماريني) رواه ابن ماجه)

كونوا كما كان رسولُ اللهِ هاديًا ومبشرًا ونذيرًا فكن أنت على أثرِه هاديًا ومبشرًا ونذيرًا، وكما كان رسولُ اللهِ رحمةً مهداةً فكنْ أنتَ رحمةً للناسِ، وكمَا كان بالمؤمنين رؤوفًا رحيمًا ، كن أنتَ بالمؤمنين رؤوفًا رحيمًا .

تابع / خطبة الجمعة القادمة بعنوان : النبي (صلى الله عليه وسلم) كما تحدث عن نفسه

فمَن يدعِي حبَّ النبيِّ ولم يفدْ*** مِن هديهِ  فسفاهةٌ وهراءُ

فالحبُّ أولُ شرطهِ وفروضهِ ***إنْ كانَ صادقًا طاعةٌ ووفاءُ

حفظَ اللهُ مصرَ قيادةً وشعبًا مِن كيدِ الكائدين، وحقدِ الحاقدين، ومكرِ الـماكرين، واعتداءِ الـمعتدين، وإرجافِ الـمُرجفين، وخيانةِ الخائنين.

كتبه العبد الفقير إلى عفو ربه

 د/ محمد حرز إمام بوزارة الأوقاف 

 

_______________________________

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة

 

تابعنا علي الفيس بوك

 

الخطبة المسموعة علي اليوتيوب

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات

 

للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

عن كتب: د.أحمد رمضان

الدكتور أحمد رمضان حاصل علي الماجستير من جامعة الأزهر بتقدير ممتاز سنة 2005م ، وحاصل علي الدكتوراه بتقدير مع مرتبة الشرف الأولي من جامعة الأزهر الشريف سنة 2017م. مؤسس جريدة صوت الدعاة ورئيس التحرير وكاتب الأخبار والمقالات المهمة بالجريدة، ويعمل بالجريدة منذ 2013 إلي اليوم. حاصل علي دورة التميز الصحفي، وقام بتدريب عدد من الصحفيين بالجريدة. للتواصل مع رئيس التحرير على الإيميل التالي: [email protected] رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) للمزيد عن الدكتور أحمد رمضان رئيس التحرير أضغط في القائمة علي رئيس التحرير

شاهد أيضاً

خطبة الجمعة القادمة 3 مايو 2024 م بعنوان : أمانة العامل والصانع وجزاؤها ، للدكتور محروس حفظي ، بتاريخ 24 شوال 1445هـ ، الموافق 3 مايو 2024م

خطبة الجمعة القادمة 3 مايو : أمانة العامل والصانع وجزاؤها ، للدكتور محروس حفظي

خطبة الجمعة القادمة خطبة الجمعة القادمة 3 مايو 2024 م بعنوان : أمانة العامل والصانع …

خطبة الجمعة القادمة 3 مايو 2024م من الأرشيف : أمانة العامل والصانع وجزاؤها ، بتاريخ 24 شوال 1445هـ – الموافق 3 مايو 2024م

خطبة الجمعة القادمة 3 مايو 2024م من الأرشيف : أمانة العامل والصانع وجزاؤها

خطبة الجمعة القادمة خطبة الجمعة القادمة 3 مايو 2024م من الأرشيف : أمانة العامل والصانع …

خطبة الجمعة القادمة : أمانة العامل والصانع وجزاؤها ، بتاريخ 24 شوال 1445هـ ، الموافق 3 مايو 2024م

أمانة العامل والصانع وجزاؤها ، خطبة الجمعة القادمة

خطبة الجمعة القادمة : أمانة العامل والصانع وجزاؤها ، بتاريخ 24 شوال 1445هـ ، الموافق 3 …

خطبة الجمعة اليوم 26 أبريل 2024م لوزارة الأوقاف - د. خالد بدير - الدكتور محمد حرز ، الدكتور محروس حفظي ، الشيخ خالد القط ، الدكتور عمر مصطفي ، word- pdf : تطبيقات حُسن الخلق ، بتاريخ 17 شوال 1445هـ ، الموافق 26 أبريل 2024م

خطبة الجمعة اليوم 26 أبريل 2024م : تطبيقات حُسن الخلق

خطبة الجمعة اليوم خطبة الجمعة اليوم 26 أبريل 2024م لوزارة الأوقاف – د. خالد بدير …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

Translate »